حقوق الإنسان السودانية : دراسة عن (ثيولوجيا التعليم في السودان )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 00:55 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-13-2005, 08:10 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حقوق الإنسان السودانية : دراسة عن (ثيولوجيا التعليم في السودان )

    ثيولوجية التعليم في السودان
    دراسة الأمين العام محمد حسن داوود

    مدخل:
    يتعين على التعليم أن يؤدي لوظيفتين في حياة الفرد والمجتمع، الأولى هي المنفعة والثانية هي الثقافة. ويراد من التعليم أن يمكّن الفرد من أن يصبح أكثر قدرة على تحقيق الأهداف المشروعة لحياته.
    كما يتعيّن على التعليم أن يدرّب الفرد أيضاً على التفكير السريع، الحاسم والفعّال للتحرر من أنصاف الحقائق والتحامل والدعاية، إلى جانب تمكين الفرد من تمحيص وتقييم الدليل، تمييز الصواب من الخطأ، وما هو حقيقي من ما هو زائف.
    بالتالي فان الهدف من التعليم هو تمكين الفرد من التفكير بعمق وبشكل ناقد.
    ينظر الناس للتعليم، على امتداد العالم، باعتباره يمهّد الطريق لنظام اجتماعي أكثر إنسانية وعدلاً، على أساس أن التعليم النوعي يغرس في النشء قيم إنسانية هامة من نحو العدالة، التحمّل، والسلام. كما ينظر للتعليم باعتباره عاملاً حاسماً للتنمية المستدامة، الحماية البيئية، تحسين الصحة والمشاركة في العمليات الاجتماعية والسياسية الديمقراطية. ويعتبر التعليم، وفقاً للبنك الدولي، العنصر المساهم الأكثر أهمية للنمو الاقتصادي الوطني.
    لقد شهد العالم في النصف الثاني من القرن العشرين إهتماماً متزايداً بالتعليم. كما يحظى الدعم السياسي للتعليم بزخم متعاظم على المستوى الدولي. وعقب تبنّيها بواسطه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989 وحظيانها بمصادقة دولية واسعة، فان معاهدة حقوق الطفل تمثل نقطة إلتقاء مهمّة للحكومات في ما يتعلق بسياسات التعليم والتدخلات.
    تدعو المادة 28 من المعاهدة للتعليم كحق أساسي، ولتعليم أساسي إلزامي مجاني كأولوية قصوى. وتشجّع المعاهدة على تطوير أشكال مختلفة من التعليم الثانوي، بما فيه التعليم العام والمهني، مشيرة إلى ضرورة توفرهما لكافة الأطفال.
    وتقول المادة 29 من معاهدة حقوق الطفل بالآتي:
    "1- توافق الدول الأعضاء على أن التعليم يتعيّن توجيهه للآتي:
    (أ) تنمية شخصية الطفل، مواهبه، وقدراته العقلية والنفسية لأقصى حدودها،
    (ب) تنمية الاحترام لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وللمباديء المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة،
    (ج) تنمية الإحترام لوالدي الطفل، وللهوية، واللغة والقيم الخاصة به أو بها، وللقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه الطفل، والبلد الأصلي الذي تحدّر منه، وللحضارات التي تختلف عن حضارته أو حضارتها،
    (د) تهيئة الطفل لحياة مسئولة في مجتمع حر، في روح التفهّم، السلام، التحمّل، المساواة بين الجنسين، والصداقة بين كل الشعوب، والمجموعات العرقية، الوطنية والدينية والأشخاص المتحدّرين من المجموعات الأصلية للسكان،
    (هـ) تنمية الاحترام للبيئة الطبيعية".
    وتشير المادة 30 من المعاهدة لما يلي:
    "في الدول ذات الأقليات العرقية، الدينية أو اللغوية أو التي يعيش فيها أشخاص يتحدّرون من مجموعات سكان أصليين، فان الطفل الذي ينتمي لمثل هذه الأقلية أو يتحدّر من مجموعات سكان أصليين لا ينبغي حرمانه من الحق، بالمشاركة مع الأفراد الآخرين لمجموعته أو مجموعتها، في التمتع بثقافته أو ثقافتها الخاصة، اعتناق أو ممارسة دينه أو دينها الخاص، أو استخدام لغته أو لغتها الخاصة".
    وتتضمن المادة 38 من المعاهدة على إشارة خاصة لإلتزام الدول الأعضاء باحترام وتأكيد احترام القانون الإنساني الدولي على نحو ما ينطبق على الطفل.
    ليس من السهل تحديد مواصفات خاصة للتعليم النوعي، إذ أن الثقافات المختلفة وأنظمة التعليم المختلفة تنطوي على قيم ومهارات ومناهج مختلفة. غير أنه، وأنّى كان معيار التعليم النوعي، فمن الواضح أن الأطفال يتعلمون من خلال "عملية" التعليم وليس فقط من خلال محتوياته. ولمّا كان الأمر كذلك، فان قيماً من نحو العدالة والسلام واللا-تمييز واحترام سلامة وتكامل الفرد لا تحتاج إلى تضمينها في المنهج الدراسي وحسب، بل وأيضاً في سياسات القبول، أساليب التدريس والتعلّم وفي كافة السياسات والإجراءات المتعلقة بالتعليم.
    ينظر بعض المعلّمين للتعليم على أنه يساعد في إحداث تغيير اجتماعي واسع، عن طريق إعانة الأطفال لكي يصبحوا أكثر وعياً بالعوامل الشخصية والاجتماعية التي تشكّل حياتهم ومنحهم المزيد من التحكّم في مصيرهم. إن التعليم غير السلطوي، المتمحور حول المتعلّم وليس المعلّم، أو المناهج التعليمية الفعّالة هي خير ما يوصى به بغية تطوير هذه المهارات بشكل أمثل.
    في التعليم الذي يتمحوّر حول المتعلّم، فان المعلّم يقوم بتسهيل العملية التعليمية أكثر من قيامه بمهمّة التدريس، ويعين التلاميذ في تحديد خطى التعلّم -- التي تتحدّد أكثر بقدرة الفرد وحماسه مفضلاً عن الإذعان لمعايير مفروضة بعامل السن. يستطيع التلاميذ في هذه الحالة المساعدة في تطوير المشروعات التعليمية بل وحتّى في مراقبة البرنامج التعليمي في بعض الأحيان. وفي هذه الحالة أيضاً، يتم إيلاء الإهتمام لكافة مجالات التنمية الشخصية والاجتماعية. إن الأطفال يتم تشجيعهم على إمتلاك فهم كامل للمجتمع المدني والأنشطة المدنية وعلى المشاركة في شئون المجتمع كوسيلة للوصول للمواطنة الفعّالة والكريمة. إن محط الاهتمام في ممارستهم الشخصية هو التعاون، الثقة المشتركة، الاحترام والكرامة.
    على النقيض من ذلك فان التعليم المتحوّر حول المعلّم، يكون تعليماً من إتجاه واحد لا يأخذ في اعتباره احتياجات الطرف الآخر الذي يتحول إلى متلقّي سلبي. وينتج عن ذلك في النهاية جيل مسلوب القدرة من التفكير والتعبير عن الرأي.
    ثابر التيار الديني المتشدد في السودان لعقود طويلة على تسخير خطابه الديني لقهر وابتزاز وإرهاب خصومه والمخالفين له في الرأي وحملهم على الإنصياع لإطروحاته. وعن طريق إغراق المناهج التعليمية بالخطاب الديني يهدف التيار المتشدد إلى خلق جيل ينشأ على الخضوع والتسليم المطلق، دون جدال أو إعمال للفكر.
    من ثم، فإن المادة الدينية البحتة تشغل جانباً كبيراً من المنهج التعليمي وساعات التحصيل الدراسي. ومنذ مرحلة مبكرة (الصف الثالث الابتدائي) يحصل التلاميذ على مادتين دراسيتين دينيتين منفصلتين، هما مادتي "الفقه والعقيدة" و "القرآن الكريم" -مصحوبا بالتجويد- اللتين يتم تخصيصهما كمواد مستقلة في الجدول ولكل منهما كتاب خاص ودرجة في الامتحان منفصلة عن بقية الفروع الأخرى.
    أكثر من ذلك، فان بعض فروع مادة التربية الإسلامية مثل حديث الآداب والسيرة والتهذيب تم تحويلها إلى محاور أخرى مثل "اللغة العربية" و"الإنسان والكون" و"الفنون التطبيقية"، والأخيرتان مادتان مستحدثتان.
    واللغة العربية لا يتم تدريسها فقط باعتبارها وسيلة تخاطب تتحدث بها الغالبية -في وجود لغات ولهجات أخرى- بل لكونها لغة القرآن التي يتعيّن إتقانها. وتتجه كافة فروع اللغة التي يتم معالجتها في كتب مادة اللغة العربية" -القراءة بنوعيها الجهرية والصامتة،النحو، الأناشيد، المحفوظات، الإملاء، الخط، والتعبير- بشكل مباشر أو غير مباشر إلى ترسيخ قيم وإتجاهات دينية بعينها.
    وتعرّف مقدمة "الانسان والكون" الكتاب بكونه "جديد في اهدافه ومراميه، وفي محتواه وأسلوب عرضه." وتشير المقدمة إلى أن تدريس هذا الكتاب في مرحلة التعليم الأساسي، الهدف منه أن: (يعرّف بالإنسان، خلقه، غايات خلقه، مكانته بين المخلوقين، وتكريمه بالرسالة، وتسخير الكون له واستخلافه عليه.) أمّا في محتواه فإنه يقوم على: (دراسة الإنسان والكون، والعلاقة بينهما، في نسق متناغم متناولاً هذه العلاقة في بعدها الزماني، والمكاني، والاجتماعي، والعلمي في تفسير يستصحب المنحى الإيماني التي ينأى بأجيالنا عن مزالق التفسير المادي.) ويحل هذا الكتاب محل أربع مواد كان يسبق تدريسها كمواد مستقلة في السابق هي: التاريخ، والجغرافيا، والعلوم، والاجتماع.
    وتهدف مادة "الفنون التطبيقية"، وهي مادة مستحدثة أخرى في مرحلة التعليم الأساسي إلى (تزويد التلميذ والتلميذة بالمعارف والمفاهيم المرتبطة) بموضوع ما، بجانب ما يتصل به من مهارات وقيم واتجاهات، وتحديد الموقف (الشرعي) منه. فعلى سبيل المثال يتناول كتاب "الفنون التطبيقية" للصف الخامس (الملبس) لينتهي إلى تحديد مواصفاته (شرعاً وعرفاً) كما تشير مقدمته.
    وبجانب ما سبق استحدث القائمون على أمر التعليم مادة جديدة في المرحلة الثانوية هي مادة "العلوم العسكرية". وتهدف المادة كما تقول إلى (تطوير مفاهيم الأسرة والمجتمع) وغرس التربية العسكرية فيهما، وتحبيب العسكرية للطلاب. وتأتي هذه الخطوة في الواقع استكمالاً لخطوات أخرى جرى اتخاذها في ذات الإتجاه ومنها تخصيص مقاعد دراسية للعسكريين في الجامهات والمعاهد العليا، وتوثيق العلاقات التعاونية والمعرفية بين المؤسسات العسكرية والحكومية وغير ذلك.
    وفيما يلي إستعراض لبعض محتويات المنهج الدراسي في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي.

    الصف الأول:
    يدرس تلاميذ وتلميذات الصف الأول من مرحلة التعليم الأساسي كتاب "الأساس في القراءة" بجزأيه الأول والثاني. وجرى إعداد الكتاب على أساس "التكامل المعرفي بين المواد وفقاً لما يجري في مواقف الحياة المحتلفة، وما يتلقاه الإنسان فيها من معارف وما يكتسبه من مهارات، وما ينمو لديه من اتجاهات نحو القيم الفاضلة"، كما تقول مقدمته. ولمّا كان الكتاب ينظر للغة العربية والرياضيات باعتبار كليهما "أداة تعبير"، فهو يدمج مادة الرياضيات في مادة اللغة العربية، كما أنه يعتبر "الأنشطة معززات لتعليم اللغة بجانب ما تنفرد به من خصوصية تقتضيها طبيعة النشاط، فالنشاط المسرحي والموسيقا، التربية الفنية والتربية الرياضية كلها تعزّز -بأقدار متفاوتة- مهارات نطق الأصوات والإلقاء، والقراءة والكتابة والتعبير، وحفظ الأناشيد، والمهارات الخاصة بالرياضيات".
    روعي في محتوى كتاب "الأساس في القراءة" "أن يشتمل على موضوعات تعالج في ظلها القيم والاتجاهات المرغوب فيها والمخصصة في هذه الحلقة، كما روعي أن تعالج المفاهيم الأسرية والبيئية التي تعين التلميذ على التكيف مع نفسه وأسرته وبيئته". وتضيف مقدمة الكتاب "روعي في حصيلة التلميذ من الألفاظ ألا تقل عن أربعمائة كلمة تشمل الأسماء والأفعال والأدوات ومصطلحات الرياضيات والألفاظ التي يستخدمها التلميذ في مجال العبادات".
    والكتاب يستخدم أسماء أعلام من تلك التي يتم وصفها ب "خير الأسماء" فهي من نوع أحمد وأمين وخالد وزينب ومريم، دون أن يرد فيها إسم تخالطة العجمة. وللدقة فقد وردت ثلاثة أسماء أعجمية في الدرس التاسع والعشرين بعنوان "تجميل الحي". وفيه يقول خالد إن أهل الحي تعاونوا في يوم الجمعة على تنظيف وتجميل الحي (هذا حمد، وهذا شول وهذا آدم وهذا أدروب وهذا كوّة. قام الجميع بنظافة الحي وإحراق الأوساخ وردم الحفر وغرس الأشجار). وتفضح الأمثلة التدريبية الواردة فيه التمييز على أساس الجنس. فعلى سبيل المثال يقول أحد الأمثلة التدريبية: (تسابق حسن وخالد وأمين، وحضر السباق بنتان اثنتان) ص 41، الجزء الأول. ويكرس الكتاب الأدوار التقليدية المخصصة لكل من الذكور والأناث، ومن هذا ما يرد في درس "المطبخ" الذي يرد فيه ما يلي: (قالت زينب: حضر أبي من السوق ومعه اللحم والخضر. ذهب حسن إلى الدكان واشترى الزيت ودفع ثمنه وأحضر باقي النقود. أخذت أمي الزيت واللحم والخضر، ودخلت المطبخ. قال حسن: أمي تصنع الطعام. قالت زينب: أنا أساعد أمي. أنا أغسل أواني المطبخ) ص 149، 150، الجزء الثاني. وفي التدريبات الملحقة بالدرس يقول حسن (أنا أساعد أبي في إصلاح الشبك).
    وتأخذ الأناشيد والمحفوظات الواردة في الكتاب توجهاً دينياً، ومن بين الأمثلة على ذلك نشيد "تحية رمضان" شهر الصوم والقيام، ونشيد "الصلاة" - ونشيد "العام الهجري". كما أن الأناشيد والمحفوظات الأخرى التي يتضمن عليها الكتاب لا تخلو من قيم ومفاهيم دينية. وعلى سبيل المثال يأتي من ضمن نشيد بعنوان "نحن نمشي للدروس" ما يلي: (نحن نمشي للدروس ... ومن الله النجاح، نحن نمشي للدروس ... ومن الله الفلاح).
    ويتم تكريس عدد من موضوعات القراءة للتعبد، منها درسا "نحن نتوضأ ونصلي" (ص 155 و160، الجزء الأول)، ودرس "الولد النشيط" (ص 149 و150، الجزء الثاني) الذي يصلي وقت الصلاة. كما يتم تكريس البعض الآخر لخدمة آداب دينية بعينها، ومنها على سبيل المثال درس "أدب الطعام" (ص 157، الجزء الثاني) الذي يقول فيه حسن (أقول بسم الله عند الطعام. وأتناول الطعام بيميني. وأمسك كوب الماء بيميني. وأقول بعد الأكل، الحمد لله الشكر لله).

    الصف الرابع: من بين 53 موضوعاً يتضمنه كتاب مادة اللغة العربية "المنهل" فان 13 منها ذات محنوى ديني بحت، سواء أكانت تتحدث عن شروح لنصوص قرآنية أو أمجاد إسلامية (من نحو غزوات بدر، أحد، الخندق إلخ) أو تعاليم وآداب إسلامية. ويتحدث عدد مماثل من الموضوعات عن قدرة الله وما سخّره لعباده من مخلوقات، كما تتجه مجموعة أخرى من الموضوعات نحو بث روح الحماسة والجهاد والإستشهاد في سبيل الدين والوطن. غير أن المواد المضمّنة في كتاب "المنهل في اللغة العربية" لا تكاد تخلو في مجملها من الإتجاه لترسيخ قيم واتجاهات دينية.
    شأنه شأن كافة مقررات المنهج الدراسي بمرحلتي التعليم، الأساسي والثانوي، يبدأ كتاب "المنهل" وينتهي بنص ديني. فالكتاب يبدأ بدرس عنوانه "من كتاب الله" وينتهي بدرس عنوانه "أم المسيح" الذي يتناول مولد المسيح حسب الرواية الإسلامية بالطبع.
    يتحدث درس "من كتاب الله" عن القراءة ويشير إلى أهمية القراءة في التدريبات المصاحبة له بما يلي (بمعرفتي للقراءة استطعت أن أؤدي عبادتي مثل الوضوء والصلاة أداءً صحيحاً، وأن أعرف كثيراً من الآداب). ويتعيّن على التلميذ الإجابة عن أسئلة التدريبات المصاحبة للدرس -وجل الدروس الأخرى- بشواهد واستدلالات قرأنية.
    يتحدث الدرس الثالث وعنوانه "المسجد المدرسة الأولى" عن دور المسجد الذي يتجاوز كونه مكاناً للعبادة. فهو يقول في الصفحة 12 (لم يكن المسجد مكاناً لأداء الصلوات فقط، ولكنه كان مدرسة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام . . . مكاناً للصلاة، وساحة للعبادة، ومدرسة للعلم). وتوجه التدريبات المصاحبة للدرس التلميذ لمعرفة عدد المساجد في بلدته، وارتيادها. كما تحرص التدريبات على تأكيد أهمية الفصل بين الجنسين من خلال الإشارة إلى أن امام المسجد يخصص في تدريسه وتدريبه للناس أياماً للرجال وأياماً للنساء، ص 18.
    تتجلى الدعوة لإحياء روح الجهاد والرغبة في الإستشهاد دفاعاً عن الدين والوطن في دروس عديدة. فالدرس التاسع، وعنوانه "لجندي" يصف الجندي ب "المجاهد الصنديد" و"المقاتل العنيد" الذي يطرب لصوت الدبابة والمدفع ويفرح بالموت. ويؤكد الدرس السادس عشر هذا التوجه في الصفحة 88 فيقول (إن للوطن حقاً عليك أن تؤديه، فأنت ترى سماءه قد أظلتك، وماءه قد أرواك، فأقل ما تكافئه به أن تكون فداءه، وتلبي نداءه . . . وسلام على الذين استشهدوا في سبيله في قدير وشيكان وفي كرري وأم درمان وفي كل مكان وزمان). ويتم التأكيد على روح الجهاد في دروس أخرى منها مثلاً الدرس الخامس والعشرون بعنوان "الأمير عثمان دقنة" والذي يتم تعريفه في الصفحة 121 بكونه قاد (حركة الجهاد في السودان فتمكن من تحرير البلاد بعد أن حرر الخرطوم ... وبنى المهدي دولته وأقام أحكام الشريعة الإسلامية فيها)، وفي الصفحة 127 بكونه (صورة مشرّفة من صور الفداء والتضحية، جاهد في سبيل الله فما ضعف ولاقى العدو فثبت واستبسل ... فسلام عليه في الخالدين). ومنها أيضاً الدرس السابع والثلاثون وعنوانه "نشيد العودة" -أي العودة إلى المسجد الأقصى- والدرسين الثاني والأربعون والثالث والأربعون حول مصعب بن عمير الذي كان باستشهاده (مثالاً للشباب المسلم، فقد كان متفقهاً في الدين حافظاً لكتاب الله داعياً لدينه مضحّياً بالمال والثراء في سبيل عقيدته) -ص 207.
    ويشير الدرس التاسع عشر وعنوانه "أنا الفتاة المسلمة" لضرورة الحجاب وأهميته فيقول على لسان الفتاة المسلمة (أعتز بالحجاب، وسابغ الثياب، فضائل الآداب). وتحدّد التدريبات المصاحبة للدرس ملبس ومسلك الفتاة المسلمة في عبارات يكملها التلميذ/التلميذة بكلمة أحب أو لا أحب لتقرأ على النحو التالي: أحب أن يكون ثوبي طويلاً واسعاً، لا أحب أن يكون ثوبي قصيراً ضيّقاً، لا أحب أن يرى الناس ما ألبسه من حلي، أحب أن أسير في طريقي دون تلفّت، لا أحب أن أقف مع صديقتي في الطريق نتحدث، أحب أن ألبس حذاءً لا يحدث صوتاً، باعتبار أن صوت حذاء الأنثى أو أي صوت آخر يصدر منها هو فعل مشين.
    تأتي كافة التدريبات التي يؤديها التلميذ/التلميذة على الخط متضمنة قيم وتعاليم إسلامية وتدعو للزود عنها. فهو/هي مطلوب منه أن يكتب خمس مرات عند نهاية كل درس عبارات من نحو: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) وهي الآية التي يتم الإستناد إليها في مشروعية الجهاد، "نشيدي الموقّع - دبّابة ومدفع"، "كانت غزوة أحد درساً للمسلمين تعلّموا منه أن طاعة القائد مهمّة"، "قاد الإمام المهدي حركة الجهاد في السودان"، "الله أكبر فوق كيد المعتدي"، "إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم"، "ديننا يبني الرجال الأقوياء".
    وللغرابة فان كتاب "المنهل" يتضمن قصيدة معروفة عنوانها "صديقنا منقو" تتحدث عن ضرورة التآخي بين أبناء شمال السودان وجنوبه باعتبارهما شركاء في وطن واحد، في الوقت الذي يتم تكريس المنهج بكامله لصالح هويّة واحدة وثقافة واحدة وعقيدة واحدة.
    لا يتخّذ كتاب الفنون التطبيقية للصف الرابع وعنوانه "مسكننا" اتجاهاً مختلفاً، فهو يأتي متسقاً مع مقرر اللغة العربية "المنهل" ومقرري مادتي التربية الإسلامية "الفقه" و "القرآن الكريم" الخاصين بالصف. الكتاب الذي حل محل العلوم الإنسانية والطبيعية في المنهج السابق، يتضمن موضوعات حول الأسرة وما يتعلق بها من مأوى وأثاث وصحّة. غير أن هذه الموضوعات يتم تناولها في سياق إسلامي، من خلال الحض على آداب وتعاليم إسلامية، والإستدلال والإستشهاد بنصوص من القرآن أو السنّة، والحث على شكر الخالق الذي سخّر لنا كل ذلك.

    الصف السادس:
    يتضمن كتاب "الينبوع في اللغة العربية" المقرر على الصف 41 درساً جرى تكريس أكثر من نصفها لموضوعات دينية بحتة أو تتعلق بالتراث الإسلامي، ومن بين 11 نشيداً يتضمنه الكتاب فإن ستاً تدعو للحماسة والجهاد، فيما يحث أثنان منها على قيم وتعالم إسلامية.
    تأتي الأمثلة والتدريبات ضمن سياق ديني في الغالب، حتّى وإن كان موضوع الدرس علمياً، ومن الأمثلة على ذلك: ردّدت أصوات الجماهير التكبير والتهليل ابتهاجاً بالإستقلال، ص 20 - حفظت عائشة سورة البقرة، ص 31 - لن تُهزم الأمة ما أحيت سنّة الجهاد، ص 41 - عامر حفظ القرآن وأجاد تلاوته وتفهّم معانيه وعمل بما فيه، ص 61 - "عينان لا تمسهما النار قط: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"، ص 67 - كانت غاية المجاهدين الشهادة أو النصر، ص 122.
    ومن أمثلة الموضوعات التي تحض على الجهاد الدرس الرابع وعنوانه "الخنساء تحثّ أبناءها على الجهاد"، ويرد من ضمن أسئلة التدريبات المصاحبة للدرس أسئلة من نحو: ما واجب الأمهات نحو أبنائهن عندما يُدعون إلى الخدمة الوطنية الإلزامية؟ ص 16، وكيف تقابل المسلمات نبأ إصابة أبنائهن أو استشهادهم في سبيل الله؟ ص 91. ومن أمثلة الدعوة للجهاد أيضاً أبيات من الشعر ترد ضمن التدريبات تقول:
    الله غايتنا وهل من غاية ... أسمى وأغلى من رضا الرحمن
    وزعيم دعوتنا الرسول وما لنا غير الرسول محمدٍ من ثان
    دستورنا القرآن وهو منزّل ... والعدل كل العدل في القرآن
    وسبيل دعوتنا الجهاد وإنه ... إن ضاع ضاعت حرمة الأوطان

    يتناول كتاب التربية الإسلامية "الفقه والتوحيد" المقرر على الصف موضوعات تتعلق بالعبادات وأخرى بالمعاملات، غير أن أكثر ما فيه إثارة للقلق إنه يحض الأفراد على مراقبة سلوك الآخرين وتولي مسئولية تقويمه. وعلى سبيل المثال يحدّد الدرس 33 وعنوانه "الاستعفاف" الشروط الشرعية للملبس ويقول (اللبس الشرعي الذي اشترطته الشريعة الإسلامية هو اللبس الذي لا يصف الجسم ولا يشف ما تحته)، ثم يمضي للقول (وستر المرأة جسمها، والاحتشام في لبسها ليس أمر يرجع تنفيذه إلى المرأة وحدها، وإنما هو من مهمة المجتمع المسلم، وهو الذي يقوم بتنفيذه والمحافظة عليه، والمراقبة له، والأخذ على العابثين والعابثات، لأنه أمر صادر من الله سبحانه وتعالى، وهو واجب التنفيذ فالخطاب في الآية موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم: "يا أيها النبي قل لأزواجك ... إلخ" ومن بعده إلى المؤمنين) ص 112، 113.

    كتاب الفنون التطبيقية بعنوان "سلامتنا" المقرر على الصف يتناول السلامة الشخصية من الأذى في البيت وخارجه، بجانب الممارسات التي تهدّد السلامة من نحو التدخين والمخدرات وخلافه. ورغم أن الهدف من المادة هو تبصير التلاميذ بإجراءات السلامة التي يتعيّن عليهم معرفتها والإلتزام بها دفعاً للأذى إلا أن المؤلفين يقدّمون للكتاب بمقدمة تبدأ بآية من القرآن الكريم تقول (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون). وفي أحايين كثيرة يتم التدليل على قواعد السلامة بنصوص من القرآن أو السنة، حتّى وإن كان الاستدلال بها إقحاماً لا معنى له. فعلى سبيل المثال، فعند التحذير من مخاطر الحرائق يورد الكتاب حديثاً للرسول يقول (إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فاطفئوها) ص 24، وعند التحذير من حوادث السيارات التي تنجم بسبب السرعة يستشهد الكتاب بقول الرسول (الأناة من الله والعجلة من الشيطان) ص 59، عند التحذير من تعاطي المخدرات يستشهد الكتاب بقوله تعالى (إن الله يأمركم بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون) ص 99، وعند الحث على الرياضة يكون الاستشهاد بقول عمر بن الخطاب (علّموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل) ص 68.
    ورغم الطبيعة العلمية للمادة، فان كثيراً من الأسئلة والتدريبات المصاحبة للدروس تكون ذات طبيعة دينية، ومن هذا مثلاً: أذكر آية من الآيات الكريمة التي تحرّم الخمر، ص 103 - أذكر الآية الكريمة التي تتحدث عن فضل كظم الغيظ، ص 111 - كيف يمكن المحافظة على النفس؟ ص 126 والإجابة المتوقعة من التلميذ عن هذا السؤال الأخيرهي: بتعزيزها وتقويتها وتغذيتها بالسلوك والآداب الحسنة وبتقوى الله وذكره.

    كتاب الإنسان والكون بعنوان "الموارد" المقرر على الصف يهدف -كما يقول في مقدمته- للتعريف بالإنسان (خلقه، غايات خلقه، مكانته بين المخلوقين، وتكريمه بالرسالة، وتسخير الكون له واستخلافه عليه) ص 6. ويشير الكتاب إلى غنى السودان بالموارد لينتهى إلى القول (إن تلك الموارد والثروات قد لفتت أنظار العالم الخارجي للسودان، وجعلت البعض يطمع في الحصول عليها) ص 291.


    الصف السابع:
    يدور جل كتاب "الفقه والعقيدة" المقرّر على الصف حول طرق المحافظة على الدين بالدعوة والجهاد وقتل المرتدين، والتعريف بالشريعة الإسلامية ووجوب الحكم بها. ويشير الكتاب إلى طرق المحافظة على الدين في الصفحة 19 بما يلي: (الدعوة إلى الله، مشروعية الجهاد في سبيل الله بالأنفس والأموال، مشروعية قتل المرتدين، محاربة الابتداع في الدين ومعاقبة المبتدعين والسحرة، وتحريم المعاصي ومعاقبة من يقترفونها بالحد أو التعزير). وهو يعرّف الجهاد بما يلي: (الجهاد هو بذل الجهد والطاقة لإعلاء كلمة الله ونشر دينه، وتخليص الناس من العبودية لغير الله تعالى، والجهاد ثلاثة أنواع:- جهاد بالنفس وهو أعلاها، جهاد بالمال، وجهاد باللسان) ص 20. ويعرّف الكتاب الردة بشكل واسع فيقول (الردة هي كفر المسلم، أو الرجوع من الإسلام إلى الكفر ويكون بصريح القول كقوله:"كفر أو أشرك"، أو إنكار ما جاء به الدين من أحكام، كوجوب الصلاة والزكاة، وحرمة الزنى والقتل، أو بفعل شيء يستلزم الكفر، كإلقاء المصحف في القذر، أو الاستخفاف بآياته، كل ذلك يعتبر ارتداداً عن الدين يستحق صاحبه القتل) ص21، 22. ويشرح الكتاب سبب قتل المرتد بالقول (كفر المسلم بعد إسلامه أخطر على الإسلام من الكفر الأصلي ... لما فيه من إدخال للشكوك في قلوب البسطاء تجاه الدين، ويكون إرتداده ذريعة إلى إدخال الخلل في صفوف المسلمين وفي تفكّك جبهتهم الداخلية وفي ذلك فساد كبير وشر مستطير) ص 22. ويقول الكتاب في تعريف الشريعة بأنها (اسم للنظم والأحكام التي شرعها الله، أو شرع أصولها ليأخذ الإنسان بها نفسه في علاقته بربه وعلاقته بالناس ... وهي تتمثّل في العبادات والمعاملات) ص 126. ويقدّم الكتاب تعريفاً للمعاملات لا يغفل شيئاً فيقول (المعاملات هي التشريعات التي تنظم حياة المجتمع وتحفظ مصالحهم، وتدفع الضرر عنهم في جميع نواحي الحياة، بحيث تشمل كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس سواء أكانوا أفراداً أم جماعات أم أمماً) ص 130. ويضيف (إن الله أنزل هذه الشريعة لتحكم بين الناس جميعاً، وتوجّه الحياة كلها) ص 149، و(تطبيق أحكام الله وشريعته لا يتم فردياً، وإنما تقيمها الدولة ويطبقها الحاكم) ص 150. ويحذر الكتاب من عدم إقامة الشريعة فيقول (ولا يجوز لمسلم أن يعرض عن حكم من أحكام هذه الشريعة ويحكم بغيره أبداً، ومن يفعل ذلك كان كافراً أو فاسقاً أو ظالماً) ص 149. ويقول الكتاب (إن تطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة، هو الذي يجعل المسلمين ينظرون إلى مشاكلهم، ويضعون لها الحلول من خلال النصوص الشرعية .... أما إذا لم تكن الشريعة مطبّقة وليس لها دور في الحياة، فان البحث عن حلول للمشاكل التي تطرأ، ستتجه وجهة أخرى ويتم البحث عنها في مصادر أخرى، مما يزيد الجهل بحقائق الدين) ص 161. ويحذّر الكتاب من الولاء لغير المسلمين باعتبار ذلك ولاءً محرّماً ويعرّف الولاء المحرّم بكونه (تقريب الكفار وإكرامهم وإتخاذهم بطانة من دون المؤمنين، وكذلك التشبه بهم وتقليدهم في شؤون الحياة، وأخذ قوانينهم في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، لتحل محل الأنظمة الإسلامية التي شرعها الله سبحانه) ص 167.

    تعتمد مادة كتاب "النبراس في اللغة العربية" المقرر على الصف بشكل أساسي على نصوص من القرآن والسنة والمأثورات الإسلامية سواء في شرح قواعد اللغة أو في التدريبات المصاحبة لها. ويتم توظيف النصوص والأمثلة المستخدمة فيه لغرس قيم واتجاهات دينية وبث روح الحماسة.
    وتأتي موضوعات التعبير المطلوب من التلاميذ/التلميذات كتابتها لخدمة ذات الإتجاه ومنها مثلاً: (ضللت طريقك - إذ كنت عائداً من القرية المجاورة، ورحت تمشي على غير هدى، وأصابك تعب شديد. سألت الله أن يأخذ بيدك، وينّجيك من الشرور. فماذا قلت في دعائك؟) ص 138، أو (فتاة تحدثت في حفل خطاب للنساء دعتهم إلى تعلّم أمور دينهن، وأهمية ذلك ... فماذا قالت؟) ص 169، أو (قم خطيباً في أهل قرتك بعد صلاة الجمعة لتحثهم على التبرع لبناء منزل لأسرة فقيرة حطّمه النيل في أثناء فيضانه) ص 217.
    ومن الأمثلة على الحماسة قصيدة (يا أخي الإنسان) التي تنتهي بقول الشاعر: (أنا مؤمن بعقيدتي ... أنا واثق بطلوع فجري) ص 40، أو قصيدة طارق بن زياد في طريقه للأندلس ص 67، أو قصيدة (هذا الفتى) التي تتحدث عن أطفال الحجارة ص 81، أو قصيدة المعتمد بن عباد التي تنتهي بقوله (ما سرتُ قط إلى القتال ... وكان من همي الرجوع) ص 96.
    وتأتي التدريبات في دروس اللغة أقرب إليها تدريبات في العقيدة أكثر منها تدريبات في اللغة، ومنها على سبيل المثال: الليل والنهار نعمتان من نعم الله، ففيم نصرّف نهارنا؟ وفيم نستغل ليلنا؟ ص 3 - وضّح معنى ما تحته خط: افترض الله الصوم على عباده ص 12، أدركتُ مع المصلين صلاة الفجر ص17، أسلم المؤمن أمره إلى الله ص 99 - استخدم صيغة التعجب للتعبير عن: عظمة القرآن بوصفه دستوراً، كرم الإسلام بوصفه مبدأً ص 30.

    يأتي الكتاب الآخر للغة "قواعد النحو" المقرر على الصف السابع على نفس النمط، إذ تتضمن الأمثلة والتدريبات الواردة فيه القيم والاتجاهات السابق الإشارة لها. كما يجرى استخدام لغة تحض على الحماسة والجهاد والدفاع عن العقيدة. ومن بين الأمثلة: هذا هو الفدائي الذي دمّر معسكر الأعداء، ص 9 - الموت في شأن الإله حياة، ص 49 - سيظل المسلمون أمة قوية ماداموا متمسكين بدينهم، كنتم خير أمة أُخرجت للناس، ص 57 - لم نزل مستعدين للدفاع عن وطننا وعقيدتنا، ص 58 - يفوز المجاهد بإحدى الحسنيين، وفضَل الله المجاهدين على القاعدين اجراً، ص 63 - ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يُرزقون، ص 68 - تدرّب مجتبى على استخدام السلاح، ص 100. ويخصّص كتاب "قواعد النحو" درساً عن الخدمة العسكرية الإلزامية (الدرس الثاني عشر، ص 61) يتم استهلاله بخلفية دينية حول (إعداد الشباب المؤمن المتسلّح بالعلم، المتدرّب على فنون الحرب والقتال، المؤهل للنهوض بواجبه في الدفاع عن دينه وأمته المسلمة). ويقول الدرس (تهدف الخدمة الوطنية إلى غرس صفات الإقدام والثبات والاستعداد للإستشهاد في سبيل العقيدة والوطن، كما ترمي إلى إشاعة روح الإنضباط والإلتزام، والتعاون، وتمكين روح العطاء والولاء والانتماء للجماعة والوطن والدين).

    وفي غير ما مكان، يدعو المنهج للقبول بالأمر الواقع والاستسلام له باعتباره اختياراً إلهياً لا يتعيّن التذمّر منه، فهو يقول مثلاً: ارض بما قسم الله لك، ص35 "كتاب النحو"- أو القبول بالفقر بالقول: ليس الفقر من الدرهم والدينار وإنما الفقر من الدين، ص 8 "كتاب النبراس في اللغة العربية. كما يصوّر العزلة المفروضة على البلاد بسبب سوء ممارسات حكومتها باعتبارها كرامة فيقول (نصون كرامتنا باعتمادنا على أنفسنا) ص 13، أو (كرامتنا في اعتمادنا على أنفسنا، وتقدّمنا في قيامنا بواجبنا مع مراقبة الله) ص 47، ويحث الناس للتنازل عن حقوقهم لصالح الحاكمين فيقول (حق الوطن فوق حقوق الأفراد والله مع العاملين) ص 47.

    ويشتمل كتاب مادة الانسان والكون وعنوانه "نحن والعالم الإسلامي" المقرّر على الصف السابع على ثمانية وحدات، أولها عن السودان القديم الذي (كان مركزاً من مراكز الحضارة العالمية)، والثانية عن شبه الجزيرة العربية (مهد الدعوة الإسلامية)، والثالثة عن (الدعوة الإسلامية وبناء الدولة). ويدور موضوع الوحدة الرابعة حول (دولة المدينة) والخامسة عن (انتشار الإسلام) والسادسة عن (الحضارة الإسلامية) والسابعة عن (الممالك الإسلامية في إفريقيا) والأخيرة عن (نماذج لدول إسلامية في السودان). ويتم تدريس مادة الإنسان والكون، التي حلّت محل العلوم الإنسانية والطبيعية، دراسة نظرية وتطبيقية، فعلي سبيل المثال حين يدرس التلاميذ النشيد الذي أُستقبل به الرسول (ص) عند دخول المدينة المنّورة فإن عليهم أداء النشيد بشكل جماعي بالتلحين القديم، ومحاولة إبتكار لحن جديد له (ص 2. كما يتم تدريس المادة لغرس قيم ومفاهيم محدّدة، فمن خلاله يتعلّم التلاميد أن المسجد (مكان للصلاة والعبادة وملتقي للمسلمين يتدارسون فيه أمور دينهم ودنياهم) وأنه (مكان تدار منه كل شؤون الدولة) ص 29، وأن وثيقة المدينة المنورة التي أصدرها الرسول هي (دستور للأمة ... ينظم أوضاع الدولة المدنية والسياسية والاجتماعية) ص 30، وأن نظام التعبئة هو الذي يصون البلاد من الأعداء ويهييء للمسلمين (الإنتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم) ص 38. كما يتعلّم التلاميذ أن (القرآن الكريم دستور للحكم والمعاملات) وأن الإسلام (ذو هدف إنساني ورسالة عالمية) ص 55. ويشير الكتاب إلى أن المساواة هي بين المسلمين فقط غيرهم، وإن كان للمسلم أن يفضل على المسلم الآخر بتقواه، ص 55.


    الصف الثامن:
    يتجه كتاب "الفقه"، وهي مادة مستقلة عن مادة "القرآن الكريم"، لتأكيد مقاصد الشريعة الإسلامية وتوضيح الأحكام الشرعية للتلاميذ. ويتعرف التلاميذ من خلاله أيضاً على المباح والمحرّم من الملبس والمأكل والمشرب والمسلك. فالدرس الثالث منه مثلاً، ص 10 وما بعدها، يحدّد الأحكام المتصلة باللباس فيقول إنه يجب على المسلم/المسلمة أن يستر عورته، ويعرّف العورة ب (كل ما حرّم الله إظهاره أمام من لا يحل له النظر إليه، وعورة الرجل ما بين السرّة والركبة، وعورة المرأة جميع جسمها إلا الوجه والكفين). ويضيف (منعت الشريعة الإسلامية تشبّه كل من الرجل والمرأة بالآخر في اللباس) وأن الشريعة الإسلامية منعت أيضاً (لبس الملابس الخاصة بالكفار، التي تميّزهم عن غيرهم ... أو السير على نهجهم، أو كان اللباس مختصاً بهم)، وأنها -أي الشريعة الإسلامية- أباحت (لبس الحرير والذهب للمرأة وحرمتهما على الرجل).
    ويتناول الكتاب العقوبات الإسلامية المفروضة على الجرائم ومنها قطع يد السارق والسارقة (ص 86)، جلد أو رجم الزاني والزانية (ص70)، جلد شارب الخمر (ص 54)، القتل أو الصلب أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي عقوبة للحرابة، وهي تهمة تتوسع الحكومة في استخدامها في مواجهة خصومها. ويعرّف الكتاب الحرابة بكونها محاربة الله ورسوله (بالإعتداء على أمن الدولة الإسلامية، وزعزعة السلام فيها، وإشاعة الخوف والرعب بين الناس) ص 89. ويقول إنه (ليس للحاكم أن يعفو في حد من هذه الحدود) ص 90 بإعتبارها حدود لله.
    ويحدّد كتاب الفقه للصف الثامن، ص 71، تسعة شروط يتعيّن توفرها في الشهود -على الزنا وغيره- منها الإسلام، سواء كانت الشهادة على مسلم أو غير مسلم، ما يعني أن شهادة غير المسلم لا يؤخذ بها، وإن كان طرفاً أو ضحية في الدعوى. كما يحدّد الذكورة شرطاً في بعضها فيقول (ويشترط في شهود الزنا أن يكونوا جميعاً من الرجال، ولا تقبل شهادة النساء).
    وفي ما يتعلّق بالزكاة، وهي (حق ثابت مقرّر فريضة من الله، وهذا الحق ليس حقاً مكفولاً للأفراد ... وإنما هو تنظيم إجتماعي تشرف عليه الدول) ص 108، يقول الكتاب بلزوم أن يكون المنتفعون بها من المسلمين، ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم الذين يعرفّهم بكونهم (كفار يرجى إسلامهم، أو مسلمون ضعفاء في دينهم) ص 108. ويقول الكتاب إن صرف الزكاة (ليس مقصوراً على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل -من المسلمين بالطبع، من الباحث- فمن الجهات التي تصرف فيها الزكاة مصالح عامة للمسلمين، لا يقدرها الأفراد وإنما يقدرها أولو الأمر، وأهل الشورى في الجماعة المسلمة، كإعطاء المؤلفة قلوبهم وإعداد العدة للجهاد في سبيل الله وتجهيز الدعاة لتبليغ رسالة الإسلام إلى الناس كافة) ص 110. وفي الجهاد يقول الكتاب إنه (باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه والجهاد سنام الإسلام وبه عزة الدين وعزة المسلمين، وقد رفع السودان لواء الجهاد وتدافع إليه شباب الإسلام وبه الفلاح في الدنيا والآخرة) ص 90.

    يتناول كتاب الإنسان والكون "نحن والعالم المعاصر" المقرر على الصف الثامن ثلاثة أبواب أولها خاص بالعالم الإسلامي وأوروبا، والثاني بالإستعمار الأوروبي، والثالث بميلاد السودان الحديث بدءًا من سلطنات القرن السادس عشر وإنتهاءً بالوقت الراهن والمستقبل الذي سيصبح فيه السودان (دولة عظمى). وفي تناوله للإستعمار، يقول (من أخطر أشكال الاستعمار ما يعرف بالاستعمار الثقافي أو الفكري) ص 26، لأنه (يقوم على التبعية الفكرية والثقافية وفرض هيمنة الحضارة الغربية وطمس هوية الأمم الضعيفة لضمان تبعيتها وهذا ما يعرف حديثاً بالعولمة) ص 34، ويصف الكتاب الولايات المتحدة بكونها (رائدة التسلّط والاستعمار المعاصر) ص 34.
    ويجعل الكتاب لفترة حكم المهدية مكانة سامية -رغم كون ذلك مثار خلاف- فيقول (تمثّل فترة حكم المهدي وخليفته من بعده فترة ذات مثل عليا في حياة أهل السودان - مثل دينية وجهادية عملت على تنقية النفوس ووجهتها نحو فضيلة الجهاد) ص 67، وينتهي الكتاب إلى أن (السودان مؤهل لاحتلال موقعه بين الدول العظمى) وإلى أن (شعوب الأمة الإسلامية والافريقية تسعى لإسترداد موقعها الحضاري المتميّز الذي شغلته في العصور الإسلامية المزدهرة. وسيكون السودان بإذن الله رأس الرمح في القيادة) ص 110.

    على الرغم من أن كتاب الفنون التطبيقية (الغذاء والصحة) المقرر على الصف يتناول مادة علمية تتعلق بأهمية الغذاء ومكوناته ومجموعاته، إلا أن التناول يتم بمرجعيات وإشارات وأدلة دينية، ووفق المفهوم القائل بأن كل ما في الكون من نعم تلزم الإنسان بالتأمل في خالقها وشكره وثنائه. وعلى سبيل المثال، فعند تناول عملية الزراعة والإنبات فالكتاب يستدله بقوله تعالى (فلينظر الإنسان إلى طعامه، انا صببنا الماء صباً، ثم شققنا الأرض شقاً) ص 4 داعياً التلاميذ للتأمل في بديع قدرة الخالق. وعند تناول الغذاء فالكتاب يستدل بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم وأشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) ويعرّف الغذاء الصحي (أو الطيب من الغذاء) بأنه (كل غذاء مفيد للإنسان يعينه على نشاطاته الحياتية ويكون مكتمل الصحة لعبادة الله سبحانه وتعالي على الوجه المرجو) ص67. وهو حين يتحدث مثلاً عن أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل أو فطامه أو غير ذلك فالاستناد لنص قرأني.

    يشتمل كتاب "القبس في اللغة العربية" على 15 وحدة دراسة تضم كل منها موضوعاً للقراءة وآخر للأناشيد والمحفوظات، بجانب الإملاء والتعبير. وتعبّر عشرة موضوعات من بين موضوعات القراءة ال 15 عن نصوص دينية أو خاصة بالتراث الإسلامي. كما أن نحو نصف الأناشيد والمحفوظات الواردة في الكتاب هو في الحماسة والفخر والدعو لإعلاء روح الجهاد. ويكرّس الكتاب الأمثلة والتدريبات اللغوية لما يعزّز قيم الجهاد والقتال. وتأتي الأمثلة المستخدمة من نحو: حمل المقاتلون سلاحهم بإيمانهم، ص5 - أنا مستل سيفي لمقاومة كل عدوان، ص 33 - استشهد المجاهد وهو يدافع عن أرضه، ص 55 - ليس لأعدائنا مكان يفرون إليه من بأسنا، ص 61 - بشرى لمن بذل نفسه في سبيل عقيدته، ص 97 - سنجنّد كل من كان قادراً على حمل السلاح، ص 105. وحين يتحدث الكتاب عن الألوان المستخدمة في العلم السوداني يقول إن اللون الأسود في العلم يدل على "الحروب المهلكة لأعدائنا" وإن اللون الأحمر يدل على "السيوف التي تخضّبت بدماء الأعداء" ص 45.
    من بين الأناشيد والمحفوظات الواردة في الكتاب فان نشيد "جروح فلسطين" ص 35، يدعو إلى نبذ التفاوض اسلوباً لتحرير الأرض ويقول بأن علينا أن نتذكر (أن السبيل إلى التحرير هو القوّة وحدها، لأن ما أُخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة) ص 36. وفي التدريبات المصاحبة للنشيد يطرح الكتاب السؤال التالي الذي يتعيّن على الطالب إنتقاء الإجابة عنه من بين أربعة إجابات مقدّمة:
    لتسترد أمتنا أرضها السليبة وتمتلك حرية الإرادة، عليها:
    - أن تجلس للتفاوض مع أعدائها
    - أن تلجأ إلى مجلس الأمن
    - أن تستخدم القوة
    - أن تسترحم أعداءها
    ويتعيّن على التلميذ اختيار الإجابة الثالثة التي تقول بوجوب استخدام القوّة.
    في الوحدة السابعة يعرض الكتاب جانباً من خطبة أبي بكر الصديق عند توليه الخلافة، ويشير إلي الخطبة باعتبارها تصوغ (دستور الخلافة في عبارات موجزة، وهو دستور مستمد من مباديء الإسلام وهديه الذي رسم للإنسانية طريق سعادتها في الدارين) ص 92. وفي مكان آخر يشير للحاكم أو أمير المؤمنين باعتباره (ظل الله في الأرض) ص 182.

    ويستخدم كتاب اللغة الآخر المقرر على الصف "قواعد النحو" ذات اللغة الدينية، كما يستخدم الأمثلة والأسئلة التدريبية التي تتضمن مفاهيم دينية وجهادية.


    المرحلة الثانوية:
    الصف الأول:
    يتم تدريس مادة اللغة العربية، بفروعها المختلفة، من مطالعة ونحو وبلاغة وتعبير، لا باعتبارها مجرد لغة ووسيلة للتخاطب بل بإعتبارها (من أجمل لغات العالم إن لم تكن أجملها قاطبة) -مقدمة كتاب المطالعة والأدب، ولأنها لغة القرآن الكريم (بها نزل، وبها يُتلى) ص 21. وتقول مقدمة الكتاب (كلمة نسوقها للزملاء الكرام المعلمين والمعلمات أن نذكّرهم -وهم غير غافلين- بأنهم حماة هذه اللغة، وحرّاسها الأمناء، وهم القابضون على لسان الأمة وضميرها).
    وتتّجه موضوعات الكتاب لترسيخ القيم والمفاهيم الدينية والتقليدية، ومنها أن الفتاة مكانها البيت أولاً، وخدمته. وكما يقول الدرس (الفتيات الناجحات هن اللائي يتربّين على حب العمل، ويتدرّبن منذ الصغر على أعمال المنزل، فيساعدن أمهاتهن فيها، أمّا حين تترفّع الفتاة عن الأعمال أنفة أو كسلاً، فانها ستكون عندما تتزوج -عبئاً ثقيلاً على زوجها .... فتضطرب الحياة الأسرية) ص 106. كما يتضمن الكتاب موضوعات في الحماسة والجهاد، منها الموضوع السادس والعشرين بعنوان (ذو الشهادتين) الذي يحث الأمّهات على تقديم أبنائهن فداءً للدين دون جزع.
    تأتي موضوعات كتابي "البلاغة والتعبير" و "قواعد اللغة العربية" على ذات النهج. وعلى سبيل المثال ثمانية نصوص للقراءة من بين عشرة تضمن عليها كتاب البلاغة والتعبير هي نصوص دينية أو في الحماسة والفخر.

    يتضمن كتاب الدراسات الإسلامية المقرّر على الصف على أكثر الآراء الدينية تشدّداً وتزمتّاً ورجعية. ففي أمر اختيار الزوجة مثلاً يحدّد الكتاب مواصفات دينية وجسدية بعينها أساساً للإختيار. وفي أركان الزواج -ص 52- يقول بعدم شرعية زواج الفتاة دون موافقة الولي، باعتبار (الولاية شرطاً من شروط النكاح). ويشترط الكتاب في الولي شروطاً لا بد من توفرها منها الذكورة والإسلام. كما يشترط وجود شاهدين عدلين مسلمين بجانب الولي وإلا كان الزواج (بغياً) ص 53.
    ويقول الكتاب إن من حق الزوج أن يضرب زوجته تأديباً لها (ص 59)، ويقول إن الشريعة فرضت على الزوجة أن تطيع زوجها، وأن (لا تخرج من منزل الزوج بدون ضرورة إلا بإذنه) وأن عليها (أن تعمل على إرضائه، وإدخال السرور على نفسه) ص 60. ويقول إن على الزوج متى رأى نشوزاً منها (أن يعظها، فإن لم ينفع الوعظ فليهجرها في المضجع، فإن لم ينفع الهجر فله أن يضربها ضرباً غير مبرح) ص 63. ويقول الكتاب بأنه يُحبّذ طلاق الزوجة (إذا كانت لا تؤدي الفرائض الدينية وتصر على تركها، ولم تنجح معها الموعظة الحسنة والإرشاد الحكيم) ص 64. ويقول الكتاب إن (الطلاق من حق الرجل وحده) ص 69، وإن كان يمكن للمرأة أن تخلع عنها الزوج برضائه متى قبلت (أن تفتدي نفسها بمال تبذله لزوجها) ص 67.
    ومن "حقوق" الطفل على الأب أن يعلّمه، (كما أن برنامج تعليم الطفل لا بد أن يحتوي على قدر من التدريب على الجهاد في سبيل الله ليكون مهيأً في المستقبل للزود عن عقيدته ووطنه وحرماته) ص 78.
    ويوجب الكتاب على الأفراد القيام بمهمة مراقبة سلوك الآخرين وتولّي مهمة تقويمه، ويقول (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أوجب على الأمة مجتمعة على وجه الواجب الكفائي أن يكون من بينها من يتولى الإرشاد العام، ليمتنع الأشرار عن شرورهم، ويسير الخير في مجراه. فتكون الجماعة في فضيلة ظاهرة، وإن الإرشاد العام فرض كفائي إذا فعله بعض الأخيار يسقط عن الجماعة. ولكن هناك فرض عيني على كل فرد رأى شراً أن يمنعه) ص 113، 114.
    ويقول كتاب "القرآن الكريم وعلومه" المقرّر على الصف بأن موالاة غير المسلمين ينقض الإيمان وأنه (كُفر، ولو كان السبب في التولي هو الخوف على المصالح أو الطمع فيما عندهم) ص 71، ويقول إن (الطمع فيما عند الكافرين يقابله الإستغناء بالله تعالى، وأن الخوف منهم والوهن أمامهم يقابله التوكّل على الله والقوّة به.)
    يضم كتاب التاريخ المقرّر على الصف ثلاثة أبواب، يتحدث أوّلها عن الجزيرة العربية قبل الإسلام، ويتناول الباب الثاني مسيرة الدولة الإسلامية وإنطلاق راياتها الجهادية، فيما يتناول الباب الثالث تاريخ إفريقيا وحضارتها وفيه تمّ تناول تاريخ السودان القديم وإنتشار الإسلام في إفريقيا عامة والسودان بشكل خاص قبل أن يختتم بنماذج للحركات والثورات الإسلامية.

    الصف الثاني:
    يتضمن كتاب "الدراسات الإسلامية" المقرر على الصف على ستة أبواب تتناول دراسة في السيرة توضح مكانة الصحابة ودورهم في نشر الإسلام، ودراسة تاريخية لتطوّر الفقه الإسلامي والمذاهب الفقهية تهدف -كما أشارت مقدمة الكتاب- لإظهار (عظمة الفقه الإسلامي كفقه مميّز على سائر الأحكام السائدة بين بني البشر). كما يتضمن أيضاً دروساً في فقه المعاملات الإسلامية، ويفرد باباً خاصاً لفقه الجهاد. يسلّط الباب الأول الضوء على سيرة (الفدائيين من الصحابة) و(مواقفهم الجهادية)، فيما يتجه الباب الثاني للتأكيد على وجوب تطبيق وإنفاذ الشريعة الإسلامية. ويؤكد الكتاب وجوب تطبيقها على الكافة، حتّى وإن كانوا من غير المسلمين مستدّلاً في ذلك بأنه في عهد الدولة الإسلامية الأولى في عهد الرسول ص (وجدت مجموعات من أهل العهد والذمة تحاكموا إلى الأحكام الشرعية، فان الإسلام جاء لإصلاح حال الناس جميعاً سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين ممن يقيمون في الدولة الإسلامية) ص 84. ويقول الكتاب إن حق المواطنة الذي يجمع بين المسلمين وغيرهم في وطن واحد لا يعطي غير المسلمين حقوق متساوية (ولغير المسلمين في الدولة بحكم المواطنة المشاركة في الأمور كلها التي لا تخص المسلمين فقط كالولاية العامة لأنها تفرض على المسلمين أن يلتزموا بأحكام الشرع في المسئولية العامة) ص 84. وفي فصل الدعاوى والبيّنات، يحدّد الكتاب شروطاً للشهادة تقصي غير المسلمين إذ أن من شروط الشهادة (الإسلام: فلا تجوز شهادة الكافر على المسلم) ص 91. كما تستثنى الشروط شهادة الإناث -وإن كن مسلمات- حسب ما يتضّح من الصياغة التي تشير إلى الذكورة. ويميّز الكتاب أنواع مختلفة من الشهادات (والشهادة إما أن تكون شهادة زنا أو شهادة غير الزنا أو شهادة أموال أو شهادة أحكام أو هو متعلّق بأمر خاص بالنساء) ص 91. ويحدّد الكتاب ما يباح للمرأة الشهادة فيه (شهادة الأموال ويكتفى فيها بشهادة رجلين أو رجل وإمرأتين) أو الشهادة حول أمور خاصة بالنساء (مثل الحمل والحيض وكل ما لا يطلع عليه غير النساء فيكتفى فيها بشهادة إمرأتين فقط) ص 92.
    ويعرّف الكتاب في بابه الرابع بجرائم الحدود في الإسلام، ومنها حد القتل، وحد قطع يد السارق والسارقة، وحد الرجم أو الجلد للزاني، وحد الجلد لشرب الخمر (80 جلدة) أو القذف (80 جلدة) وغير ذلك من حدود.
    وفى فقه الجهاد يقول الكتاب إن(التطوّع للجهاد من أفضل العبادات، وهو أفضل من التطوع في العبادات الأخرى، لأن فيه إعلاء لكلمة الله وتمكين لهدايته في الأرض) ص 144. ويقول بأنه (فرض كفاية .. إذا قام به بعض المسلمين سقط عن باقيهم) ص 141، لكن من يسقط عنهم يتعيّن عليهم القيام ب (مهمة حماية ظهر المقاتلين وتوفير الضروريات) ص 142. لكن الكتاب يجعل من الجهاد فرض عين واجب على الكافة في ثلاثة أحوال منها: (إذا استنفر الحاكم المكلفين للخروج لقتال العدو) ص 142. ويقول الكتاب (لا يشترط في الجهاد أن يكون الحاكم عادلاً، إذا كان الأمر يتعلّق بحماية الدين وأعراض المسلمين ومصالحهم، بل الجهاد واجب في كل هذه الأحوال) ص 148. كما يحث الدرس على (الرباط) باعتباره أفضل أنواع الجهاد، فيقول (الرباط هو حماية ثغور المسلمين. والثغور تشمل حدود دولة الإسلام التي يمكن أن يدخل منها العدو. وهناك منشآت هامة في دولة الإسلام تعتبر من الثغور الهامة، مثل مناطق البترول والخزانات والمصانع وغيرها. وكل هذه الأماكن من الممكن أن تكون هدفاً للعدو ولعملائه داخل دولة الإسلام. ولذلك يعتبر التطوع لحماية الثغور من أفضل أنواع الجهاد) ص 144، 145.

    يضم كتاب "التاريخ" المقرر على الصف أربعة أبواب، الأول منها حول الحكم التركي المصري للسودان، والثاني حول دولة المهدية، والثالث حول تاريخ أوروبا الحديث، والرابع حول الصراع الأوروبي من أجل التوسع الجغرافي والتجاري. وتحدّد مقدمة الكتاب الأهداف من وراء تدريس هذه المادة، ويبتدرها ب (ترسيخ العقيدة الدينية وتعميق روح الوحدة الوطنية، وتنمية الشعور بالولاء للوطن والتضحية والجهاد في سبيله).

    تأتي كتب مادة اللغة العربية المقرّرة على الصف على النسق الذي تمّت الإشارة إليه، أي ترسيخ قيم ومفاهيم دينية بعينها. وعلى سبيل المثال، تزخر كتب المادة بالدروس والأمثلة والأناشيد التي تثير الحماسة وتحض على الجهاد والقتال دفاعاً عن الوطن والعقيدة. ومن بين الأمثلة على ذلك: (ونحن أناس لا توسّط عندنا .. لنا الصدر دون العالمين أو القبر) ص 15، (لا والله لن نخضع لغير الله) ص 25، (ألا كلّ شعب ضائع حقه سدىً .. إذا لم يُؤيد حقه المدفع الضخم) ص 27، (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد) ص 59. وتأتي موضوعات التعبير التي يّطلب من التلاميذ والتلميذات كتابتها على ذات النهج، ومن ذلك مثلاً: (أكتب موضوعاً عنوانه: الإسلام دين سماحة في الحرب والسلم) ص 47، أو أكتب موضوعاً عن (السودان البّوابة التي نفذت منها الحضارة الإسلامية إلى افريقيا) ص 77.
    ومن ما يثير الدهشة تضمين كتاب "البلاغة والتعبير" نصوصاً عديدة لحكّام وولاة إتسّموا بالعنف والجبروت، ومن الذين عرفوا بقمعهم وإخضاعهم للناس كرها. ومن ذلك ما جاء في خطبة زياد (وإني أقسم بالله لآخذنّ الوليّ بالمولى والمقيم بالظاعن، والمقبل بالمدبر، والصحيح بالسقيم، حتى يلقى الرجل أخاه فيقول: اُنج سعد فقد هلك سعيد أو تستقم لي قناتكم) ص 20، أو ما جاء في خطبة الحجاج مهدّداً أهل العراق (أيها الناس، من أعياه داؤه فعندي دواؤه، ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله، ومن استطال ماضي عمره قصّرت عليه باقيه. إن للشيطان طيفاً، وللسلطان سيفاً) ص 27.

    الصف الثالث:
    يتناول كتاب "التربية الإسلامية المقرر على الصف أحكام تتعلق بأمور التشريع والتوجيه والأخلاق، بجانب موضوعات في أحكام الميراث والفقه الإسلامي وخصائص الأمة الإسلامية، والهدف كما تحدّده مقدمة الكتاب هو (غرس روح الإعتزاز بالدين والإنتماء لأمته في نفوس الطلاب والطالبات.)
    من بين الأحكام التي يتناولها الكتاب تلك المتعلقة بالزنا، ويقول إن عقوبي جلد غير المحصن مائة جلدة ورجم المحصن ينبغي تنفيذه (بدون تعطيل أو رحمة أو رأفة على الجاني) ص 15. ويضيف الكتاب بأنه (لا يليق بالمؤمن أن يتزوج من الزانية ... لأن الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) ص 15.
    ويتناول الكتاب موضوع "الحجاب" وضرورة التزام النساء به وإخفاء مواضع الزينة (مثل الشعر والعنق والصدر، حتى لا يرى منها شيء) والنساء منهيات أيضاً (عن ضرب أرجلهن بالأرض حتى لا يسمع صوت ما يلبسن من الحلي، كالخلخال وما شابهه مما تلبسه النساء ومثله ما يلبس في العنق أو يشم من بعيد مما يثير الحواس ويهيج الأعصاب) ص 35.
    وفي توضيحه ل "أدب الجماعة المؤمنة مع قائدها" ينهى الكتاب عن الخروج على الحاكم في ما يتم التوافق عليه (فمتى اجتمع المسلمون لغاية اجتماعية -في السلم أو الحرب- فإنهم لا يحل لهم أن يرجعوا عنه، أو أن ينتشروا بدون إذن أميرهم) ص 60. وينهي الكتاب المسلمين من مصادقة غير المسلمين أو الاستنصار بهم، فالمؤمنين منهون من (أن يتخذ أحد منهم أحداً من اليهود والنصارى، ولياً ونصيراً) ص 81، ويشرح ذلك بالقول (أي لا تصافوهم مصافاة الأحباب، ولا تستنصروا بهم، فإنهم جميعاً يداً واحدة عليكم، يبغونكم الغوائل، ويتربصون بكم الدوائر، فكيف يُتوهم بينكم وبينهم موالاة؟).
    ويحض الكتاب المسلمين للتكاثر وذلك بغية (تمكينهم من نشر دينهم) ص 98، بل إنه يجعل التكاثر في النسل أحد الأهداف السامية من زواجهم. ويضيف (القول بأن كثرة النسل يضر بصحة الأم غير صحيح ... وتحديد النسل لا يجوز لما فيه من مخالفة التوجيهات الإسلامية) ص 99.
    ويقول كتاب التربية الإسلامية أن المسلمين منهمون عن الخروج على الحاكم (ولا يحق لأي من المسلمين أن يخرج عن طاعة الإمام لأنه ينفذ أمر الله وحكمه) ص 109. كما أنه يحذر من البغي -أي الخروج عن طاعة الإمام- ويقول (البغاة هم الجماعة ذات القوة التي تخرج عن طاعة الإمام بتأويل، فيعتبرونه ظالماً ويرفضون طاعته ويخرجون عليه، وعند ذلك يجب قتالهم حتى يرجعوا إلى العدل وينتظموا في سلك الجماعة) ص 110. والقوة المشار إليها في النص السابق ليست محدّدة، وهي تشمل من ثم أي نوع من القوة سواء أكانت قوة سياسية أو اقتصادية أو غيرها.

    يتمحوّر كتاب "الدراسات الإسلامية" المقرّر على الصف كما تقول مقدمته (حول الجهاد في سبيل الله) وهو يبيّن (أن التمسك بشريعة الله، ونصرة دينه هو السبيل إلى الإنتصار والعزة والرفعة والسمو). كما يتناول الكتاب موضوعات أخرى من نحو دراسة أصول الفقه الإسلامي، وعلوم القرآن، والاقتصاد الإسلامي. والكتاب يبدأ بسورة "محمد" والتي تسمّى أيضاً كما يقول الكتاب ب "سورة القتال" ص 6.
    وفي تعريفه للاقتصاد الإسلامي يقول إنه يقوم على أسس من بينها أن (المال مال الله، ولا بد أن يوجه إلى ما يرضي الله) ص 57. ويقول إن الحرية الفردية مقيّدة بمصلحة الجماعة و(الفقهاء متفقون في الجملة على جواز نزع الملكية للمنفعة العامة كتوسعة مسجد أو شق طريق) ص 57. ويقول (حق الدولة في التدخل في النشاط الاقتصادي -بما فيه حق الملكية- هو أمر مشروع وثابت) ص 58.
    وفي استعراضه للموارد المالية للدولة يورد الكتاب "الجزية" باعتبارها أحد الموارد، وهو يعرّفها "بأنها ما لزم الكافر من مال لأمنه واستقراره تحت حكم الإسلام وصونه) وهي بمفردات أخرى (ضريبة شخصية تفرض على الشخص الذمي لإقامته في الدولة الإسلامية) ص 73، والمستهدفون بالجزية ليسوا بالطبع أجانب يقيمون في الدولة الإسلامية بل مواطنين لا يدينون بالإسلام.

    تتضمن كتب اللغة العربية المقررة على الصف على ذات القيم والمفاهيم التي تضمنتها كتب الصفوف الأخرى، وهي تتجه كسابقاتها للتعبئة والحث على الجهاد والدفاع عن الوطن والعقيدة. ويتم توظيف معظم النصوص المقررة والتدريبات الملحقة لخدمة هذا الإتجاه. وفي غير ما مكان يستحث المنهج الطلاب للعصبية والزود عن اللغة العربية باعتبارها (الهدف الأول للمستعمرين) ويحذّر من الاستجابة لإغواء اللغات الأخرى لأن (الذين يتعلّقون باللغات الأجنبية -إن لم تكن عصبيتهم للغتهم قوية- تراهم إذا وهنت فيهم هذه العصبية يخجلون من قوميتهم، ويتبرأون من سلفهم وينسلخون من تاريخهم، وتقوم بأنفسهم الكراهية للغتهم وآداب لغتهم، ولقومهم وأشياء قومهم، فلا يستطيع وطنهم أن يوحي إليهم أسرار روحه، إذ ينقادون بالحب لغيره) ص 85 و86 من كتاب "المطالعة والأدب". وفي استعراضه لأنواع الخطب والرسائل يحرص المقرر على تدريب الطلاب على النموذج الديني منها أي ما يتم استهلاله (بالحمد والاستقامة والاستغفار وطلب الهداية والاستعاذة من الضلال، ثم الشهادة بأن الله واحد لا إله غيره) ص 136، ويستشهد بالعديد من الأمثلة التي تفيد بعالمية الإسلام وحضارته ووجوب بلوغهما الكافة (إنها حضارة عالمية الأفق والرسالة) ص 143، وأن من لا يستجيب لها فلن يكون له نصيب من الأمن والسلام. وعبارة (أسلم تسلم) التي يكثر ورودها في الرسائل القديمة التي أعتاد الحكام توجيهها للدول غير المسلمة، يشرحها الكتاب فيقول بأنها تتضمن (الدعوة الهادئة والتهديد الواضح، فتسلم أي تسلم مما يترتب على عدم الإسلام) ص 119.
    والكتاب يحدّد مقاييس أخلاقية للآداب والفنون، ومنه الشعر مثلاً، فيرفض (الغزل الفاحش الذي لا يتعفّف عن وصف محاسن المرأة ومفاتنها الجسدية) ويدعو للعفيف منه ص 172.
    وتتجه جل النصوص والتدريبات لمضامين جهادية، منها مثلاً في كتاب "البلاغة والتعبير": الموت في شأن الإله حياة، ص 1 - الشهداء أحياء لا أموات، ص 26 - السيف أصدق أنباءً من الكتب، ص 33 - إلى متى تتخلف عن الجهاد والعدو بالمرصاد، ص 38 . وتتجه موضوعات التعبير التي يتعيًن على الطلاب كتابتها وجهة دينية أو تعبوية، ومنها مثلاً: (أكتب بأسلوبك قصة موسى مع العبد الصالح) ص 43، أو (لو طُلب منك أن تكتب تقريراً عن فرقتك العسكرية التي تنتمي إليها فأي أسلوب تستخدم" الأسلوب الأدبي أم العلمي، وما الأشياء التي تضمنها تقريرك) ص 68.
    ويأتي كتاب "قواعد اللغة العربية" المقرر على الصف في ذات النسق، فالأمثلة المستخدمة فيه تحث بدورها على القتال والجهاد من نحو: النصر تحت ظلال السيوف، ص 1 - لن نُهزم إن قاتلنا لنصرة دين الله، ص 23 - أبي الإسلام لا أب لي سواه، ص 44 - سقط الشهيد حاملاً رايته، ص 70 .

    ومن المواد المستحدثة في المرحلة الثانوية مادة "العلوم العسكرية". ويكمل الكتاب المقرر على الصف الثالث حلقات سبق بدأها في الصفين الأول والثاني. ويحوي كتاب العلوم العسكرية المقرر للصف الثالث -كما تقول مقدمته- على (موضوعات ذات أهمية خاصة، تزود الطالب بثقافة عسكرية تعينه على فهم ما يجري على الساحة الدولية من صراعات بين الدول في سبيل تحقيق مكاسب اقتصادية، وسياسية، وعسكرية تضمن لها مكاناً مرموقاً بين رصيفاتها من دول العالم). وقد قام بوضع كتاب الصف الثالث إثنان من العسكريين هما: فريق محمد بشير سليمان، نائب رئيس هيئة الأركان توجيه، وعميد مجذوب رحمة البدوي، موجه بكلية الحرب العليا.
    يعلّم الكتاب الطلاب فنون الحرب، والاستراتيجية العسكرية والعقيدة العسكرية بما فيها العقيدة العسكرية الإسلامية، ويتجاوز ذلك لتناول موضوعات من نحو حرب النجوم وأسلحة الدمار الشامل. ويهتم الكتاب بتحبيب العسكرية لنفوس الطلاب، ويقول بأن ذلك يتحقق من خلال (تطوير مفاهيم الأسرة والمجتمع .. وزرع القيم الوطنية في الأسرة والمجتمع ... حتى تتفاعل مع قضايا الوطن وتدفع بأبنائها للإلتحاق بالمؤسسات العسكرية ... ومن خلال تضمين المناهج الدراسية قدراً من موضوعات التدريب العسكري) ص 67، 68.
    ويتناول الكتاب سبل تربية الجندي المسلم، ويقول إن التربية الروحية عظيمة الأهمية إذ أن (الاهتمام بها هو الذي يدفع بالمجاهد إلى ساحة القتال تاركاً أسرته ومتاع الدنيا حباً في لقاء الله وليعيش حياً في جنّة عرضها السماوات والأرض) ص 70. ويقول أيضاً بأهمية الإعداد الفكري للجندي المسلم والذي يرتكز (على ضرورة فهم الجندي لواقع الأمة المسلمة وحاضرها، ويدرك المهدّدات الفكرية والاستعمارية التي تحيط بها وتهدد وجودها وكيانها ليكون أكثر استعداداً للتصدي لها ... مهما تكالب الأعداء من قوى النظام العالمي الجديد والصهيونية العالمية) ص 71.
    ويفرد الكتاب فصلاً خاصاً عن إعداد الدولة والشعب للحرب، وفصلاً خاصاً بنماذج من القادة العسكريين وآخر بنماذج من المعارك التاريخية تشمل "غزو بدر الكبرى" و"معركة شيكان" ثم "معركة العلمين.
                  

07-13-2005, 08:32 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق الإنسان السودانية : دراسة عن (ثيولوجيا التعليم في السودان ) (Re: فتحي البحيري)

    نص الدراسة على موقع حقوق الإنسان السودانية القاهرية الإلكتروني
    ويمكن تحميله من هذا الرابط

    www.shro-cairo.org/Arabicsite/ arabic_quarterly/issue16docs/theology.doc
                  

07-13-2005, 08:36 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق الإنسان السودانية : دراسة عن (ثيولوجيا التعليم في السودان ) (Re: فتحي البحيري)

    موضوعات ذات صلة من ذات الجهة
    .....
                  

07-13-2005, 08:37 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق الإنسان السودانية : دراسة عن (ثيولوجيا التعليم في السودان ) (Re: فتحي البحيري)

    افتتاحية

    ما الذي تقوم حكومة السودان بإبلاغه للجنة الخاصة بحقوق الطفل؟

    محجوب التجاني، رئيس المنظمة السودانية لحقوق الإنسان، القاهرة


    خُلق الناس "شعوباً وقبائل لتعارفوا" (و) "لا إكراه في الدين" يجعل من القرآن الكريم في إنسجام
    موضوعي مع المجتمع السوداني المتنوّع، ميثاق الأمم المتحدة، ومواثيق حقوق الإنسان الدولية.

    وقّعت حكومة السودان على اتفاقية حقوق الطفل منذ عام 1990. بالنظر إلى إلتزام الدول الأطراف بعرض تقارير "إلى اللجنة (حول حقوق الطفل)، عبر الأمين العام للأمم المتحدة، حول الإجراءات التي قامت بتبنّيها لتنفيذ الحقوق المعترف بها وفي شأن التقدم الذي تمّ إحرازه في ما يختص بالتمتّع بهذه الحقوق" وفقاً للمادة 44 من الاتفاقية، فانه يثير بالفعل قلق المنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة أن تلاحظ على ضوء التقارير والتحليلات الواقعية المضمّنة في هذا العدد من الدورية الخاص بالحق في التعليم في السودان، الانتهاكات الشنيعة من قبل حكومة السودان للاتفاقية، وأيضاً للمعايير الدواية الأخرى. وبنفس القدر من الأهمية، فان التعليم السياسي المتحيّز للإسلام، العقيدة والفقه - بدلاً عن تقديم عرض أكاديمي متوازن للإسلام والأديان الأخرى أو نظم الإيمان بالنسبة للطفل من أجل معرفة مدرسية في مجال التعليم الابتدائي، الثانوي والمراحل العليا - سوف تتم مناقشته بجدّية في هذه الدورية من خلال دراسة شاملة أعدّها الأمين العام للمنظمة، محمد حسن داوود، وكتّاب آخرون حول اللاهوت، المنهج الدراسي، وإدارة تعليم السودان.
    إن الإسلام هو أحد أعظم الديانات في العالم. يشير مصطلح "الشريعة" إلى المصادر الأصلية للإسلام المقيّدة تماماً بالقرآن الكريم والسنّة النبوية الموثوقة (القولية والفعلية). إلى جانب أصول الإسلام، هناك موروث هائل من الشريعة تراكم طوال 16 قرناً من التديّن المتواصل، المستوعب لتفسيرات عديدة من قبل أصحاب النبي، بما فيهم أفراد أسرته، وأيضاً الفقهاء والعلماء الآخرين الذين طوّروا أفكار وإتجاهات ومدارس مختلفة للفقه (قانون الشريعة). بجانب نظام الإيمان هذا، فان عدة مفاهيم للشريعة قد نشأت كنتيجة للظروف الفكرية والمادية المتغيّرة للمناخ الاجتماعي عبر المساحة الشاسعة للمجتمعات المسلمة في كافة أنحاء العالم. بالتالي، فان الشريعة الإسلامية لا يمكن إطلاقاً النظر إليها كمبدأ أو نظرية مركزية يمكن لدولة واحدة أو مجموعة -أنّى كانت- أن تقوم باحتكارها، ناهيك عن فرضها على مجتمع مسلم أو أمة إسلامية بأسرها.
    تراثاً فكرياً بشرياً وتقليداً معاصراً، تواصل الشريعة مراكمة المعرفة والمنهج التطبيقي الذي يمثّل بالضرورة وظيفة للتغيير الاجتماعي والتحوّلات المجتمعية. إن ما هو بشري من تعاليم وأوامر وفروض الشريعة هو بالطبع محل خلاف بين المسلمين، وأيضاً المهتمين من غير المسلمين لأسباب عديدة: أكاديمية، سياسية أو مجرّد فكرية. إن تقاليد صوفية عديدة، على سبيل المثال، تشير إلى الشريعة باعتبارها "تأويل الأولياء" أي التفسيرات الشخصية للأصول بواسطة الزعماء المسلمين الذين يجلّون "الجهاد الأكبر" (التجويد السلمي للروح والعقل، كما حضّ عليه بشدة النبي) في حين يعتبرون جهاد قتال الآخرين مسموحاً به فقط في حالة الدفاع عن النفس، والذي يتعيّن أن يكون في جوهره جنوحاً متواصلاً نحو صنع السلام.
    آمن ملايين من المسلمين باحترام عظيم بإسلام السلام، العدل، والتعايش السلمي مع غير المسلمين، على نحو ما تمّ الحث عليه باستمرار بواسطة المئات من الزعماء المسلمين، وبصفة خاصة أولياء الصوفة (عباد الله المخلصين) الذين يعتقد أتباعهم بفضلهم أنهم خير من يقومون بتفسير وتطبيق الشريعة (أنظر للمناقشات الدقيقة والمستفيضة حول مفاهيم الشريعة، التطبيق، الإبدال، التأويل والتفسير، والموضوعات الأخرى والمؤلفات التعليمية لمحمود شلتوت، سيد قطب، عبد الخالق محجوب، نصر حامد أبوزيد، العشماوي، محمود محمد طه، كارولين فلوهر - لبنان، وعبد الله النعيم، بين عديدين آخرين).
    على نقيض الإسلام الشعبي الصوفي، فان مجموعات إسلامية متشدّدة بعينها، لاسيما الأخوان المسلمين (بشقّهم المحلي أو الدولي)، تتمسك بأن عقيدة الإسلام هي في الأساس حرب جهاد مقدّسة من قبل المجتمع يتعيّن شنّها باستمرار ضد غير المسلمين جميعاً، وأيضاً ضد المسلمين الذين يرفضون تعاليمهم المتشدّدة القائمة على تفسيرات أصولية ضيّقة الأفق للشريعة بأسلوب فاشي لترويع خصومهم، مسلمين وغير مسلمين، بالتخويف، الذي يُفضّل إنفاذه من خلال استغلال سلطة الدولة، حتّى يصبحوا أتباع بالقسر والقوّة. لتطبيق هذا الفهم البائس للإسلام، خطّط الإخوان المسلمين بصبر للسيطرة على الدولة في السودان ، الأمر الذي تحقّق في النهاية بحكومة الانقاذ العسكرية في يونيو 1989.
    وفّر الحكم العسكري المتسلّط لانقلاب يونيو فرصة ذهبية لجماعة الإخوان المسلمين لتجريب كل مذاهبها في ظل الغياب الكامل لنظام كفء للمراقبة والموازنة، على نحو ما حظيت به البلاد باستمرار في ظل حكومات ديمقراطية وحكم انتقالي. ومع ذلك، فان الدولة البوليسية لاستبداد الإخوان المسلمين (الجبهة القومية الإسلامية) لن تكون أبداً قادرة على أن تسكت قرون الاختلاف حول الشريعة، كجزء هام من التنوع الديني والسياسي للسودان. كمساهمة في حق السودانيين في التعبير الحر وتقرير مصير الكيفية التي ينبغي أن يتعلّموا بها، فان دورية حقوق الإنسان السوداني تسهم في النزاع المستمر حول النظم المناسبة للمجتمع والدولة السودانية بنقد خاص للتعليم في السودان الذي حوّله حكم الجبهة القومية الإسلامية لشكل شائه من التجنيد "التعليمي" لصالح النخبة الحاكمة عن طريق تزييف الروح الدينية والأهداف الاجتماعية للشريعة.
    إن المنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة لشديدة القلق من الإتجاه الواضح لحكومة السودان لتسييس الإسلام في التعليم لتعزيز النظام الإرهابي الديكتاتوري للجبهة القومية الإسلامية، والتي تعتبر في الواقع حزباً سياسياً صغيراً مقارنة مع الأحزاب الأخرى الكبيرة التي يعتبر بعضها أعرق وأوسع جماهيرية منها وأكثر إهتماماً بالإسلام والمجتمع المسلم في ما يتعلّق بالإيمان والتوجيه مقارنة مع مجموعات الإخوان المسلمين في الجبهة القومية الإسلامية. بجانب ذلك، توجد المئات من منظمات المجتمع المدني في البلاد التي تؤمن بأيديولوجيات سياسية متنوعة - ومع ذلك فهي تحمل ذات الأجندة الوطنية المشتركة الخاصة بالبلاد كمجتمع ذي تعدّدية دينية، عرقية وسياسية. في هذا المقام، فان المنظمة تذكّر القرّاء بالنظام التعليمي في السودان -السابق للجبهة القومية الإسلامية- والذي كان مزيجاً متفردّاً من تراكم خبرات تجارب التعليم السودانية والدولية لآلاف المعلّمين، الأكاديميين، والخبراء التعليميين من مختلف مشارب المعرفة في كافة أنحاء العالم.
    تخريب التراث التعليمي السوداني
    إن غنى التراث الوطني التعليمي للسودان، ، الذي راكم نصوص دينية -إسلامية ومسيحية- منتقاة بحرص، بجانب محاولات عديدة لإدراج القيم والديانات الروحية الإفريقية في المنهج بشكل مناسب - قد اجتذب بشدّة الطلاب من كل أنحاء العالم، وبخاصة من إفريقيا والمنطقة العربية، للدراسة في مدارس السودان، جامعاتها، وغيرها من مؤسسات التعليم الأخرى التي تضم الأكاديميات والكلّيات المهنية، المدنية والنظاميّة.
    إن أجيال من الخريجين قد تخصّصت في العلوم، الدراسات الإنسانية، والدراسات الدينية المقارنة، كمجالات معرفة مختلفة يتم،من خلال الحريات الأكاديمية، الحصول عليها عبر أفضل البرامج التعليمية ومناهج التدريس السودانية. إن جامعة الخرطوم التي أُعتبرت، ضمن مؤسسات تعليم عالي أخرى، بحق فخراً للتعليم الافريقي والعربي، بخت الرضا، المعلمات، التمريض، الزراعة، الصحة، وكليّات أخرى عديدة متخصّصة بجانب الكلية الحربية، كلية الشرطة كلية السجون والأكاديمية العسكرية الوطنية قد استفادت بشكل كبير من التراكم المتميّز السوداني لتجارب التعليم كما ينعكس في الكفاءة القوّية للخريجين الذين طوّروا بحق الجودة النوعية للتعليم بالشهادات المميّزة للمؤسسات التعليمية السودانية، عالمياً، من خلال البروتوكولات المتبادلة مع أنظمة التعليم الأمريكية والأوروبية والافريقية والعربية.
    إن ما أحدثته الجبهة القومية الإسلامية في التعليم السوداني عن طريق الإستبدال المباشر، الإلغاء، التدمير، والتشويه لهذا الإرث اللامع كانت نتيجته فادحة وعظيمة: بدلاً من الحفاظ على هذا التراث القيّم والإضافة إليه وترقيته بمزيد من الإحترام لحق المعلّم، المتعلّم، والمجتمع بكل تنوّعه، قرّر حكّام الجبهة القومية الإسلامية أن يجعلوا من التجربة والحرفية السودانية المتراكمة أثراً من الماضي. خطّط حكّام الجبهة القومية الإسلامية لتنمية شخصية الطفل السوداني كمحارب انتحاري، فدائي (شهيد) يقتل نفسه / نفسها والوطنيين السودانيين الآخرين لقضية دينية (من أجل الله) هي، في الواقع، دافع إسلامي حقيقي في ظاهره، تم تزييفه على امتداد المنهج لمناصرة الرغبة السياسية لإرهاببي الجبهة القومية الإسلامية في حكم السودان بالحرب الأهلية وإراقة الدماء بأي ثمن.
    إن المنهج الدراسي للجبهة القومية الإسلامية يهدف باستهتار إلى تنشئة الطفل على التضحية بروحه/ روحها من أجل حكم الجبهة القومية الإسلامية الرجعي والمتخلف من خلال الإستهزاء بالملكةالفكرية وحقوق وحرياتات الفكر والتعبير، وتعطيل التوجّه البشري للبحث عن واستكشاف المعرفة ومن ثم الإضافة إليها بالإبداع والفردية. إن المنهج التعليمي للجبهة القومية الإسلامية يحوّل بالتالي إمكانيات الطفل السوداني وطاقاته نحو مادة جوفاء يتم تجنيدها لخدمة إرهابيي السودان، جماعة الإخوان المسلمين المراوغة.
    إن المذبحة الفكرية للتعليم السوداني ليست منفصلة عن الإرهاب الديكتاتوري للديكتاتورية العسكرية للجبهة القومية الإسلامية، التي مضت دون تردّد إلى فصل اآلاف من خيرة المعلّمين وغيرهم من المهنيين والعمال المهرة في تطهير قومي غير مسبوق ضد الأعراف السودانية والدولية. إن هذا القضاء المبرم على للتعليم كان قد تمّ التخطيط له وتنفيذه بواسطة ديماجوجيي الجبهة القومية الإسلامية، حسن الترابي وعلى عثمان محمد طه وشركائهم، في غيبة الإهتمام الحازم والمتابعة اليقظة من قبل الحكومة الانتقالية (1985)، وأيضاً الحكومة الديمقراطية (1986 - 1989)، لتقويض خطط سياسيي الجبهة القومية الإسلامية وأنصارها في المجال التعليمي، بما فيهم الاستراتيجيين، الوزراء، المعلّمين، وروابط الطلاب بهدف تخريب النظام التعليمي بكل السبل.
    مع ذلك، فان اللوم يقع كاملاً على قيادة الجبهة القومية الإسلامية وعضويتها في الحط من قيمة التراث التعليمي السوداني بهذه الطريقة البشعة، بجانب الإساءة للإسلام بالتوجه الانتقائي لجهاد العنف، خيانة الوطن بتفخيم الانقلاب وزعماء الحزب كأئمة "مسلّم بهم" للإسلام، وحرمان الملايين من الأطفال السودانيين من أفضل محتوى وشكل تعليمي تمتّعت به الأجيال السابقة منذ الطفولة، ومن بينهم قادة الجبهة القومية الإسلامية أنفسهم.
    في الدراسة التي أعدّها داوود، والتي لا تقصد على الإطلاق تبنّي موقف سلبي من الإسلام، كدين أو إيمان، أو أي نظام اعتقادي آخر بعينه، هناك تساؤلات رئيسية مشروعة حول صحة وإستقامة إعطاء وجهة دينية لمجمل المنهج الدراسي الابتدائي والثانوي في التعليم العام السوداني مع حاجات وحقوق الطفل في ضوء الاستبدال الكامل للمنهج الدراسي السابق في العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية بفقه الإخوان المسلمين.
    هنا، يتعيّن علينا التأكيد على أسئلة حرجة تتعلّق بالالتزامات الواقعة على حكومة السودان تجاه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل بخصوص: (1) مدى اتفاق تديين كافة مراحل التعليم السوداني مع الإتفاقية، (2) مدى اتفاق عملية التديين مع تنوّع وتعدّد القيم الروحية، المجتمعية والثقافية السودانية، والحقوق والاهتمامات، (3) مدى قيام حكّام الدولة والحزب (الأحزاب) السياسي بما يتعيّن عليهم في إنصاف قضايا التعليم التي يشارك فيها بقدر متساوي المعلّمون، الأسر، المجتمعات و، قبل هذا وذاك، الأطفال. سوف نقوم من جانبنا بمحاولة مخاطبة هذه الأسئلة استناداً إلى العرض المفصّل للحال الراهن للتعليم السوداني في ظل الديكتاتورية العسكرية للجبهة الإسلامية.
    لقد أولى الأمين العام للمنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة اهتماماً كبيراً لمحنة التعليم الإبتدائي والثانوي، في ما يختص بالمنهج الدراسي. في وقت سابق، طال تربيون ونشطاء حقوق إنسان آخرون بانتقادهم مرحلة التعليم العالي، بجانب وضع التعليم في الجنوب كمثال محدّد للمخاوف الاقليمية السودانية. جرى نشر أثنتين من هذه الدراسات في إعداد سابقة من الدورية. تعلّقت هاتان الدراستان ب "محنة التعليم العالي" لوزير التعليم العالي الأسبق، عبد الوهاب عبد الرحيم، و "انتهاك حقوق الجنوب في الابداع والتعليم" لأكول ميان كوال. نعيد في هذه الدورية نشر أجزاء هامة من هاتين المادتين المهنيتين عوناً في تقييم وضع التعليم بشكل كلّي. تمّت مناقشة الإهتمام بالتعليم كقضية تنمية إجتماعية في منتدى عام من قبل الأكاديمية سعاد إبراهيم أحمد التي تحدثت في المنتدي عن حزبها المعارض بتركيز خاص على الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، والايديولوجية للحق في التعليم.
    من وجهة نظرها، توضح سعاد إبراهيم أحمد تدهور الحالة التعليمية في البلاد بهذه الكلمات "إن الديكتاتورية التي تفرض القرارات الفوقية لتحقيق أهدافها التحكمية وبالتالي هي تذبح المناخ الملائم للتعليم العالي الذي يفترض فيه أن يفتح آفاق المعرفة لا أن يكبل مؤسساتها بالقيود المتسلطة فيجعل مناخها خانقاً للفكر المتسائل والناقد، وقاتلاً للابداع الحر السامق نحو النجوم في علاها بدلاً عن الترديد الأجوف والحفظ الأعمى والقبول الخانع. إن الديكتاتورية هي أساس البلاء ليس للتعليم العالي وحده وإنما لمستقبل الوطن بكامله: تمزيقاً لوحدته الوطنية، واضطهاداً لقومياته بثقافاتها المتنوعة وأديانه المتعددة، وتبديداً لموارده لصالح الموالين لها، وتخلياً عن توفير التعليم والرعاية الصحية للمواطنين، واحتكاراً للنشاط الاقتصادي والاجتماعي والنقابي وكل أشكال وتنظيمات المجتمع المدني الزاخر إمعاناً في الانفراد بحق اتخاذ القرار في كل أوجه الحياة."
    لقد جرى إخضاع التعليم في السودان تماماً للرؤية المتحيّزة والمتصلبة للتفسير والإستغلال السياسي للدين من قبل الإخوان المسلمين، والذي ظلت الجبهة القومية الإسلامية تنفّذه بشكل كامل منذ 30 يونيو 1989، وإلى الوقت الراهن بسلطان الدولة دون إية مراجعة سياسية أو موازنة مهنية من قبل أي كيان شعبي أو رسمي. إن النتيجة الفورية لهذا التديين المفروض على النظام التعليمي السوداني ليحتاج في الواقع إلى نقاش مسهب وتفصيلي. سوف نحاول في افتتاحية هذه الدورية التعليق على الموضوعات الهامة بمرجعية خاصة للإتفاقية التي تلتزم بها بإخلاص المنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة، تماماً كالتزامها بغيرها من مواثيق حقوق الإنسان الدولية.
    محتوى الاتفاقية يعزّز السلام والتقدّم الاجتماعي:
    حكومة السودان تدعو للموت وأعمال العنف
    في هذه الدورية، ندعو بود قارئنا إلى قراءة مواد منتقاة من الاتفاقية يتعارض معها بشدة -روحاً ومحتوى- تديين التعليم في السودان. يمثّل هذا بالتأكيد إنتهاكاً جسيماً للمعايير الدولية من قبل حكومة السودان.
    إشارة لبعض الأمثلة القليلة، فان ديباجة الاتفاقية تقر بأن "الطفل، بغية النمو المتوافق والكامل لشخصيته/ شخصيتها، يتعيّن أن ينشأ في بيئة عائلية، في جو من السعادة، الحب والتفهّم." وتعتبر الديباجة "أن الطفل يتعيّن إعداده بشكل كامل ليحيا كفرد في مجتمع وأن تتم تنشئته وفق روح المثل المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة وبشكل خاص في روح السلام، الكرامة، التسامح، الحريّة، المساواة والتضامن." والديباجة أيضاً "تولي عناية خاصة لأهمية التقاليد والقيم الثقافية لأي شعب بغرض حماية النمو المتوافق للطفل"، وأكثر من ذلك تعترف ب "أهمية التعاون الدولي في تطوير الظروف المعيشية للأطفال في كل بلد، وبشكل خاص في البلدان النامية."
    بإلقاء نطرة متأنية على المنهج العتليمي لمرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي، يتّضح تناقض جلي بين توجيه المنهج لكافة الصفوف الدراسية في كافة المواد، سواء أكانت لغة عربية، فقه إسلامي، أو علوم تطبيقية (التي أصبحت بديلاً للكتب الدراسية المنفصلة سابقاً في التاريخ، الجغرافيا، العلوم الطبيعية وعلم الاجتماع) من ناحية، وبين التأكيد السابق ذكره للديباجة على الشروط الواجبة لبلوغ شخصية معافاة لدى الطفل عن طريق "جو من السعادة، الحب، والتفهّم"، "الحياة كفرد في مجتمع"، في روح "السلام، الكرامة، التسامح، الحرية، المساواة، والتضامن"، و "أهمية التعاون الدولي بغية تطوير الظروف المعيشية للأطفال في كل بلد، وبوجه خاص في البلدان النامية."
    بالمثابرة والمواصلة في إعداد الأطفال للتبنّي النظري والعملي لحرب الجهاد (التي لم تكن أبداً الهدف الأوحد للديانة الإسلامية) والقتال العبثي المتواصل (المنهي عنه تماماً من قبل القرآن الكريم، من حيث المبدأ) باستخدام مرجعية خادعة (لقضية الله والدفاع عن الوطن)، في الوقت الذي يتم فيه غض الطرف تماماً عن الأسباب الحقيقية للحرب الأهلية في السودان والموقف المخزي للحكومات المركزية في السودان، وبصفة خاصة حكومة الجبهة القومية الإسلامية القائمة، تجاه الجنوب، جبال النوبة، دارفور، والمناطق الأخرى المهمّشة في البلاد، في الواقع لا مكان للإشارة إلى أن التوجيه الرئيسي للإسلام، وفقاً للمصادر الأصلية المتمثّلة في القرآن الكريم والسنّة الموثّقة، يحثّ البشرية بقوة على إحترام السلام، تجنّب الصراع المسلّح، كرامة كافة البشر، مسلمين وغير مسلمين، وحق الناس في اختيار ما يريدون من دين لأنفسهم ولأطفالهم. "لا إكراه في الدين" كما تنص سورة البقرة في القرآن الكريم.
    إن إصرار المنهج الدراسي للجبهة القومية الإسلامية فقط على تأكيد ضرورة، أولوية، وفضل الشهادة (الموت أثناء مقاتلة العدو) للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشر لهو انتهاك جسيم لمواد الاتفاقية التي تؤكد "لكل طفل الحق المكفول في الحياة - المادة 6، الفقرة 1-"، "المصلحة المُثلى للطفل ينبغي أن تكون محل الاهتمام الرئيسي - المادة 3، الفقرة 1-"، "حق الطفل في الاحتفاظ بهويته/ هويتها - المادة 8-"، "حماية الطفل من كافة أشكال العنف الجسدي أو العقلي - المادة 19-"، "إتخاذ جميع الإجراءات العمليّة لضمان أن أي أشخاص لم يبلغوا من العمر 15 عاماً لا يتعيّن مشاركتهم في القتال - المادة 2/38 -"الطفل المعاق جسدياً أو عقلياً يتعيّن أن يتمتّع بحياة كريمة - المادة 23-"، "التمتّع بأرفع مستوى متاح من الرعاية الصحية وتيسير العلاج من المرض وإعادة التأهيل الصحي . . . (أ) لخفض معدلات الوفاة بين الرضّع والأطفال . . . (ج) لمحاربة المرض وسوء التغذية، ومن ذلك داخل إطار الرعاية الصحيّة الأولية، ضمن أشياء أخرى، إستخدام التكنلوجيا المتوفرة ومن خلال توفير المواد الغذائية الكافية ومياه الشرب الصحيّة، أخذاً في الاعتبار أخطار التلوّث البيئي - المادة 24-" ضمن مواد هامة عديدة أخرى.
    إن النظرة الأحادية الجانب في المنهج التعليمي التي تحول دون تنظيم الأسرة يتعارض بشكل مباشر مع المادة 24 من الاتفاقية التي تدعو "(ف) لتطوير الرعاية الصحيّة الوقائية، توفير الإرشادات للآباء والأمهات والتعليم الخاص بتنظيم الأسرة والخدمات - المادة 24-". وكحقيقة مسلّمة، فان علماء مسلمين متميّزين من صنو البروفسيور عمران، من دراسات السكّان التابعة للأمم المتحدة، يدعون المجتمعات المسلمة لتوسيع برامج تنظيم الأسرة كوسيلة ناجحة لتعزيز المساواة بين الجنسين، حقوق المرأة، وعديد غيرها من الفوائد الروحية، الاجتماعية والاقتصادية. لقد عرف المجتمع السوداني البرامج المفيدة لتنظيم الأسرة قبل وقت طويل من إستيلاء الجبهة الإسلامية للسلطة السياسية. يعتبر د. عبد السلام المغربي، وهو مؤسس بارز وقائد لبرامج تنظيم الأسرة في السودان، أحد الأمثلة المتميّزة لعالم نجح لعقود طويلة في إدراج المفاهيم الثقافية والدينية في الدعوة النشطة لتنظيم الأسرة.
    بمصادقتها على نظام جنسي متعصّب بسفور، التمييز على أساس النوع، وإزدراء حقوق المرأة، فان حكومة السودان يتعيّن اعتبارها أسوأ منتهك للاتفاقية التي تُلزم بقوة "وجوب احترام وكفالة الدول الأطراف للحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية القائمة لكل طفل داخل سلطاتها دون تمييز من أي شكل، غض النظر عن عرق، لون، جنس، لغة، دين الطفل أو أبويه، الرأي السياسي أو خلافه أصل جهوي، عرقي أو ثقافي، الملكية، الإعاقة، المولد أو أية حالة أخرى - المادة 2 (1)-". إن انتهاكات حكومة السودان لحقوق الطفل تسوء أكثر بإهمال حق الفتيات في التمتّع بوضع مساوي في النشاط المدرسي والحياة المجتمعية وفقاً لمنصوص "المادة 31 (2): "يتعيّن على الدول الأطراف إحترام وترقية حق الطفل في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والأدبية، ويتعيّن عليها تشجيع اعتماد فرص مناسبة ومتساوية للأنشطة الثقافية، الأدبية والأنشطة الاستجمامية وأنشطة أوقات الفراغ."
    بالاطلاع على دراسة داوود حول الطريقة التي تتم بها تنشئة الفتيات من خلال المنهج التعليمي الابتدائي والثانوي، فمن الواضح أن الفتاة السودانية لن يتسنى النهوض بها في المدارس كشريك متساوي للفتى السوداني حتّى في المراحل المبكّرة من الاختلاط الاجتماعي. إن هذا التمييز القبيح القائم على أساس الجنس لهو أمر لا يمكن قبوله من أولئك الذين يؤمنون في المساواة بين الجنسين، بما فيهم المسلمين الذين يؤمنون بالحديث النبوي القائل بأن "النساء شقائق الرجال"، "خذوا نصف دينكم من عائشة (زوجة النبي)،" والعديد غيرهما من الأحاديث الموثّقة حول حقوق المرأة، بجانب الآيات القرآنية الواضحة في شأن الحقوق المتساوية للنساء والرجال في "التفكير، العمل، واكتساب المصالح (الدنيوية والدينية)."
    إن التناقضات الأخرى بين تحريض التعليم على شن الحرب الجهادية الدينية كما يتم إنتقاؤه وفرضه بواسطة حزب الجبهة القومية الإسلامية الحاكم والأشكال السلمية للتعاون الاجتماعي والثقافي التي يتم التشجيع عليها بواسطة كل من المعايير الدولية والتفسيرات الصحيحة للدين (على سبيل المثال، تأكيد التعاليم السلمية، الإنسانية والبنّاءة للقرآن الكريم والحديث مجتمعين مع الإنجيل والمعتقدات الروحية الافريقية) لأمر مفيد تجاه تشديد المنهج التعليمي في السودان بشكله الراهن على "الطاعة الكاملة للجماعة المسلمة للإمام الديني، المسجد باعتباره المكان اللائق الوحيد للاجتماع الشرعي والتعبير الحر مع الخضوع الكامل أيضاً للإمام،" إضافة إلى "تمثيل القادة السياسيين الأحاديين للأمة باعتبارهم أئمة دينيين للأمة الإسلامية" بشكل مغلوط، بهدف ماكر يتمثل في "ضمان الخضوع المطلق للنظام السياسي الراهن (الخاص بالجبهة القومية الإسلامية)"، والمزيد من الحرمان لحق الفرد في تنمية الفردية للحصول على التفكير والعمل الخلاّق من أجل الحياة الطيبة.
    إن النظام التعليمي للجبهة القومية الإسلامية لا يعلّم التلاميذ فقط "التدخّل في خصوصية الآخر وتقويمه" متى انتهك الشريعة. إن هذا المنهج التجسّسي، الذي ينظر للناس كأرواح مذنبة أو أجساد ظالمة إستناداً على الشكّ والتخمين، لمنهي عنه بالقرآن الكريم والحديث. مع ذلك، فإن استراتيجيي حكومة السودان في مجال التعليم يخطّطون بشكل إجرامي لتوظيف الأطفال في العمليات الأمنية ضد زملائهم في الدراسة وضد أفراد عائلاتهم. إن أعمال التعذيب والقتل الفعلي ضد الخصوم السياسيين كانت مراراً وتكراً ذات صلة بمجندي أمن الجبهة القومية الإسلامية تحت القيادة العليا للمسئولين العسكريين والمدنيين للجبهة القومية الإسلامية. إن هذا الأسلوب الإجرامي لتدمير أخلاقيات الأطفال بتوظيف السلطة من خلال الحياة المدرسية لهو مرفوض بقوة بنص المادة 16: "1- لا يتعيّن إخضاع أي طفل للتدخّل الاعتباطي وغير القانوني في خصوصيته، أسرته، منزله، أو مراسلاته، أو أية اعتداءات غير مشروعة على شرفه أو سمعته. 2- للطفل الحق في الحماية بالقانون ضد مثل هذا التدخّل أو الاعتداءات."
    إن النظام التعليمي للجبهة القومية الإسلامية لم يراعي مسائل التعاون الدولي التي تُلزم بها المعاهدة حكومة السودان. فبينما يدعو المنهج الدراسي لمرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي بقسوة "بالإبتلاء للدول الأوروبية والولايات المتحدة،" بشكل خاص، فان حكومة السودان، في الماضي والحاضر، لم تتوقف في الواقع عن السعي الدبلوماسي لترقية التعاون مع الدول غير المسلمة في أوروبا، آسيا، و، بصفة أخص، من البلاد الأخرى، الولايات المتحدة! إن هذا التوجّه المنافق لهو مربك ولا قيمة عملية له إستناداً على التحليل الأكاديمي، ولا يأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية للبلاد.
    إن التأكيد من جانب آخر على "حضارة الإسلام" السودانية والإفريقية دون ذكر لحضارات السودان وإفريقيا السابقة للإسلام، غير الإسلامية، واللاحقة للإسلام، وأيضاً تلك الخاصة بالقارات الأخرى للعالم، لهو شديد الضرر لعقلية الطفل الذي ربما يكتشف بسهولة - في بعض الحالات في ثقافة العائلة أو الانترنت العالمي ووسائل الاتصالات الحديثة الأخرى - أن الإسلام والموروث الإسلامي يمثّل فقط جزءاً مميّزاً من التراث والتراكم الهائل للمعرفة البشرية التي جاءت من مختلف أنحاء العالم عبر مسيرة طويلة للإنسانية.
    السطو على دولة المدينة والحط من إنسانية غير المسلمين
    من المعروف جيداً أن نبي الإسلام كانت له دائرة واسعة من العلاقات الاقليمية والدولية، كما دعا القرآن الكريم أيضاً إلى الإقرار ب "إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا". إن الموقف الأصيل للنبي في دولة المدينة تجاه غير المسلمين، أفراداً، مجموعات، أو دولاً تضمّن على الاعتراف بالتعاون الاقليمي والدولي ضمن الإطار التاريخي لذلك العصر.
    إن سياسات وممارسات المدينة لجدير بالتأكيد بالدراسة الأكاديمية. غير أنها لا تتكرّر بشكل تلقائي في مجتمع اليوم: "أنتم أدرى بشئون دنياكم"، كما يعلّم النبي. مع ذلك، يركّز الاستراتيجيون التعليميون للجبهة القومية الإسلامية فقط على الوقت الذي كانت ترسي فيه المدينة سلطتها السياسية في خضم عدائيات غير مسلمة. لم تكن هذه الفترة على الإطلاق وضعاً دائماً ونهائياً للدولة. كان هناك وقت للسلام والعلاقات الأخوية، وفي الأزمنة التالية أصبحت المجتمعات المسلمة وثيقة المشاركة في تعاون مشترك للمصالح، التجارة، والتعاون العلمي والأدبي والتكنلوجي مع المجتمعات غير المسلمة في كافة أنحاء العالم. كبلد نامي، فالسودان ليس في حاجة إلى عدائيات، ناهيك عن حروب الجهاد داخل البلاد وخارجها.
    إن تصوير دولة المدينة كنظام معاصر "مسلّم به" للحكم بتركيز خاص على الحكّام الحاليين للسودان "كأئمة" لهم ولاء مقدّس ومباركة من عند الله "لقضية الله" لهو تحريف للعلوم السياسية وتزييف بشع لحقائق الحياة المعاصرة بالنسبة للأطفال. كان من الأحرى على الأقل توضيح الطبيعة غير الجازمة لهذه القضايا حتّى في أوساط العلماء المسلمين، ومن ثم، ربما طرح النظريات الدنيوية والدينية والتجارب الأخرى وإخضاعها للاستفسارات والتساؤلات الفكرية الفردية للأطفال بمرجعية كاملة للاتفاقية التي تقول، "يتعيّن على الدول الأطراف ترقية وتشجيع التعاون الدولي في المسائل المتعلقة بالتعليم، وبشكل خاص بقصد المساهمة في إستئصال الجهل والأميّة على امتداد العالم وتيسير سبل الوصول للمعرفة العلمية والتقنية والسبل الأخرى الحديثة للوصول إلى الآخرين." في هذا الصدد، يتعيّن إعطاء اعتبار خاص لحاجات الدول النامية - المادة 28 (3)."
    إن المواد الملزمة للاتفاقية فيما يختص بحريات الطفل في التعبير، التجمع، الحصول على الإعلام، وغيرها من الحقوق أو الأنشطة الأساسية الأخرى جرى تقييدها بشدة أو إهمالها بواسطة النظام التعليمي للجبهة القومية الإسلامية. لإيراد أمثلة قليلة، "يتعيّن حماية الطفل ضد جميع أشكال التمييز أو العقاب على أساس الوضع، الأنشطة، الآراء المعبّر عنها، أو معتقدات أبوي الطفل، الأوصياء الشرعيين، أو أفراد الأسرة - المادة 3 (1)." إن المرء ليتعجّب كيف يمكن الاعتراف بهذه المادة أو الوفاء بها بأي شكل بينما تقوم الكتب المدرسية للجبهة القومية الإسلامية بالتمييز الحاد بين الأطفال المسلمين وغير المسلمين في الدولة بأكثر الطرق سفوراً وشمولاً.
    إن هذا النظام التمييزي الكريه يقوم على مرجعية مذهب الإخوان المسلمين للمنهج الدراسي - إتجاه متخلّف لقانون الشريعة يميّز بشكل أساسي بين مسلم يخضع لمذهبه (مثال الرئيس الحالي والمسئولين الكبار في حكومة السودان) وجميع المسلمين الآخرين من جانب، وأيضاً يميّز بين المسلمين (عموماً) والسكّان غير المسلمين جميعاً. الأكثر سوءاً، أن نفس المذهب يدعو بوضوح الطفل في مجمل المقرر الدراسي والتدريبات إلى الكراهية والحط من الإنسانية، وشن الجهاد ضد غير المسلمين.
    إن العملية التعليمية للملايين من أطفال السودان من غير المسلمين يتم زعزعته وترويعه بشكل خطير، وإهداره في الأساس إذ يتم تعليمهم لينظروا إلى أنفسهم "كأقلية غير مرغوب فيها وعديمة القيمة" في مقابل الأغلبية المستحسنة للأطفال المسلمين، إن حقوقهم في التعليم والاعتقاد الديني منتهكة بشكل جسيم، ويجري تقييد نمو شخصيتهم وقدرتهم العقلية بشكل كامل. حيث أن "أفضل مصالح الطفل يتعيّن إيلاؤها الاهتمام الرئيسي - المادة 3-1"، فان الإسلوب التعليمي لكافة مراحل التعليم يتناقض مع حث الاتفاقية للدول الأطراف على "احترام مسئوليات، حقوق وواجبات الأبوين أو، أينما كان وارداً، أفراد الأسرة الممتدة أو المجتمع، وتوفير - بشكل يتوافق مع قدرات الطفل المتطوّرة- التوجيه والإرشاد المناسب لممارسة الحقوق المعترف بها في الاتفاقية الحالية، بواسطة الطفل - المادة 5".
    إن الدولة مسئولة وفقاً للدستورعن إحترام التنوّع الثقافي والاجتماعي للبلاد. مع ذلك، فان المنهج التعليمي يحقّق فقط حقوق المسلمين. بهذا، فهناك مخاوف عظيمة حول مصير الأطفال غير المسلمين وأيضاً أطفال المسلمين الذين لم يكون آباؤهم، أوصياؤهم الشرعيون، أو أسرهم الممتدة جزءاً من شريعة الجبهة القومية الإسلامية. يتناقض هذا الوضع بشكل مباشر مع مع المادة 12 (1): "يتعيّن على الدول الأطراف التأكيد للأطفال القادرين على تشكيل الآراء الخاصة بهم على حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في كافة المسائل التي تؤثر على الطفل، إعطاء آراء الطفل ما تستحقه من قيمة حسب عمر ونضوج الطفل."
    إن قانون الطواريء الدائمة للجبهة القومية الإسلامية، المراسيم الجمهورية القمعية، فرض قبضة حديدية على المجتمع المدني بواسطة الأجهزة الأمنية للنظام غير المساءلة تجاه أية جهة باستثناء كبار قادة الجبهة القومية الإسلامية، والرقابة المنتظمة على حق التعبير الحر، الصحافة، والأنشطة الفكرية يجعل من الحياة تحت حكم الجبهة القومية الإسلامية جحيماً لا يطاق، ما يعتبر أبعد شيء عن ضمان أدنى مناخ تعليمي سليم. في ظل هذه الظروف، فمن المستحيل على حكومة السودان تحقيق المادة 13: "1- يتعيّن على الطفل الحصول على حق حرية التعبير، هذا الحق ينبغي أن يتضمن حرية البحث، تلقّي ونقل المعلومات والأفكار من كل نوع، غض النظر عن الحدود، سواء شفاهة، مكتوبة أو مطبوعة، بكافة الأشكال، أو من خلال أية وسيلة أخرى من اختيار الطفل. 2- قد يمكن تقييد هذا الحق بضوابط معيّنة، لكن يتعيّن أن تكون هذه الضوابط مستندة للقانون وضرورية: (أ) لإحترام حقوق السكّان الآخرين، أو (ب) لحماية الأمن الوطني أو النظام العام، أو الصحة والأخلاق العامة."
    بنفس القدر، من المستحيل على حكومة السودان الاعتراف بالمادة 14: "1- يتعيّن على الدول الأطراف احترام حق الطفل في حرية الفكر، الضمير والدين. 2- يتعيّن على الدول الأطراف احترام حقوق وواجبات الآباء والأمهات و، أينما كان وارداً، الأوصياء الشرعيين، لتوفير التوجيه للطفل لممارسة حقه / حقها. 3- حرية الممارسة العلنية للدين أو المعتقدات يمكن تقييدها فقط إلى الحدود المنصوص عليها قانوناً والضرورية لحماية السلامة، النظام، الصحة والأخلاق العامة، أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين" أو المادة 15: "تعترف الدول الأعضاء بحقوق الطفل في حرية تكوين الروابط والاتحادات وحرية التجمع السلمي."
    مع إستمرار التقييد الأمني للحق في حرية التعبير، فان حكومة السودان لن تستطيع أن تقول كلمة واحدة في ما يتعلّق بتطبيق المادة 17: "تعترف الدول الأعضاء بالدور الهام الذي تؤديه وسائل الإعلام وتضمن أن تتوفر للطفل السبل للحصول على المعلومات والمواد من مصادر متنوّعة وطنية ودولية، لاسيما تلك الهادفة إلى ترقية السلامة الاجتماعية، الروحية، والأخلاقية والصحة الجسدية والعقلية . . . (د) تشجيع وسائل الإعلام لإيلاء اعتبار خاص للحاجات اللغوية للطفل الذي ينتمي لمجموعة أقلية أو هو/ هي من المواطنين الأصليين."
    بالتحريض المستهتر للتعليم في كافة مراحل التعليم على رؤية جهادية متعطشة للدماء بدلاً عن الجهاد الأكبر الذي يعتبر الكمال الأعظم للروح والعقل الإنساني المسالم، على نحو ما حثّ بشدّة نبي الإسلام المسلمين الأوائل عليه، فان حكومة السودان تنتهك دون خجل المادة 19 في الوقت الذي تتفاوض فيه بمكر من أجل السلام: "يتعيّن على الدول الأطراف إتخاذ كافة التدابير القانونية، الإدارية، الاجتماعية والتعليمية المناسبة لحماية الطفل من جميع أشكال العنف الجسدي والعقلي، الإصابة أو الإساءة، الإهمال أو المعاملة اللامسئولة، سوء المعاملة أو الاستغلال، بما يتضمّن الاعتداء الجنسي، أثناء وجوده تحت رعاية والده (والديه)، الوصي الشرعي (الأوصياء)، أو أي شخص آخر له حق رعاية الطفل." تأكيد احترام أحكام القانون الإنساني الدولي التي تتعلّق بهم في النزاعات المسلحة ذات الصلة بالطفل، المادة 38 (2) تُلزم بأنه "يتعيّن على الدول الأطراف اتخاذ جميع التدابير العملية لضمان عدم مشاركة الأشخاص الذين لم يبلغوا بعد سن الخامسة عشر بدور مباشر في الأعمال العدائية . . . (4) وفقاً لألتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي بحماية السكّان المدنيين في النزاعات المسلّحة، يتعيّن على الدول الأطراف اتخاذ تدابير عملية لضمان حماية ورعاية الأطفال الذين يتأثرون بالنزاع المسلّح."
    إن انتهاكات أخرى للمعايير الدولية من جراء المنهج الضار لحكومة السودان بالسلامة والنمو الصحي للأطفال ترتبط بالمادة 23: "تعترف الدول الأطراف بأن يتمتّع الطفل المعاق عقلياً أو جسدياً بحياة كريمة وكاملة، في الظروف التي تضمن الكرامة، تعزّز الاعتماد على النفس وتيسّر مشاركة الطفل النشطة في المجتمع". وكذا، المادة 24، التي تقول "تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في الاستمتاع بأعلى قدر ممكن إحرازه من الصحة وتيسير العلاج من المرض وإعادة تأهيل الصحة . . . (أ) لخفض معدّل الوفاة بين الرضّع والأطفال، . . . (ج) لمحاربة المرض وسوء التغذية، بما في ذلك ضمن إطار الرعاية الصحية الأولية، ضمن أمور أخرى، إستخدام التكنلوجيا المتاحة ومن خلال توفير مواد تغذية كافية ومياة شرب نقية، مع الأخذ في الاعتبار أخطار التلوّث البيئي . . . (ف) تطوير رعاية صحية وقائية، الإرشاد للآباء والأمهات والخدمات والتعليم المتعلّق بتنظيم الأسرة . . . 4- تتعهد الدول الأطراف بترقية وتشجيع التعاون الدولي بقصد الوصول تدريجياً للإحراز الكامل للحق المعترف به في هذه المادة."
    إن إهمال المنهج التعليمي للجبهة القومية الإسلامية لهذه الشروط الجوهرية التي تتطلب تعليماً يستند تماماً على العلم في المقام الأول، بالإضافة إلى فرض نصوص دينية لم يُقصد بها في الأصل أغراض طبيّة أو صحيّة في مكانها، لهو تفسير خاطيء آخر من قبل الاستراتيجيين التعليميين للجبهة القومية الإسلامية.

    حاجة ملحّة لإصلاح التعليم في السودان
    من التزييف الديني إلى الديمقراطية الحقيقية
    ليس هناك شك في أن النظام التعليمي القائم للجبهة القومية الإسلامية يعني فقط بتوظيف أطفال السودان في سلك حزب الجبهة القومية الإسلامية الفاشي. هذه العملية التجنيدية كما يتم ممارستها في مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي يجرى اعتماده أيضاً في المرحلة العليا من التعليم. في كل الأحوال، إن أحد أكبر عمليات التلقين في البرامج التعليمية تمّ فرضه بوحشية في المدارس على حساب المصالح الوطنية للسودان والاتفاقية، وأيضاً الدين، بشكل عام، والمعرفة الإسلامية، بشكل خاص.
    لقد خلصت سعاد إبراهيم أحمد إلى إن "حصادنا كان الحرب المدمرة والتبشير الكاذب بأن قتل المواطنين السودانيين هو جهاد ديني من أجل العقيدة!! حصادنا كان الافقار المطرد للشعب بكل فئاته والإذلال المتزايد لسودان العزة والكرامة. حصادنا كان العزلة الاقليمية والدوليةالتي ما شهد الوطن شبيهاً لها عبر تاريخه الطويل . . . غير مجدٍ الحديث عن اصلاح التعليم بكل مراحله ومستوياته بمعزل عن كل ذلك."
    بالنسبة للمنظمة السودانية لحقوق الإنسان - القاهرة، فان الطريق لتقويم خداع الدولة هذا يستلزم عملية طويلة مستنفذة للوقت باستراتيجية بعيدة النظر. على كل حال، يتعيّن الشروع في الاصلاح والتطوير بعناية لتجهيز البديل الصحيح لنظام التعليم الراهن الذي يتم صبغه بخبث سياسياً. بإحداث الديمقراطية في المجتمع والدولة، وتوفير الحريات الأكاديمية، فان التخصّص الواضح في العملية التعليمية يوفر الضمانة المثلى لأعلى قدر ممكن من الحيادية العلمية والنشاط المدرسي عبر روح التساؤل والإبتكار، والإبداع الفكري.
    أولاً: إعاد هيكلة وتشكيل المنهج التعليمي بمجموعة جديدة منتقاة من النصوص التي تهدف بوضوح إلى تشجيع وتحقيق تعايش سلمي لهجين علمي لتنوّع المجتمع السوداني كمجتمع متعدّد دينياً، عرقياً ولغوياً.
    ثانياً: إعادة توجيه المنهج الدراسي بطريقة تفصل أكاديمياً العقائدية، الروحانية، والعلوم الدينية المقارنة من العلوم الإنسانية، العلوم الاجتماعية، والفنون والآداب، والعلوم الطبيعية والتكنلوجيا كمجالات محدّدة للمعرفة الإنسانية.
    ثالثاً: التكامل مع النصوص المتوفرة لمعايير حقوق الإنسان الدولية، التراث البشري (التاريخ، الفنون والآداب، اللغات، الجغرافيا، العلوم السياسية، علم الاجتماع والأنثربولوجيا)، والمواد الأخرى الأكاديمية والعلمية في مراحل التعليم الابتدائي، الثانوي والعالي بالتركيز المتساوي على مغزي، عمق، واتساع كل مادة بأقصى قدر.
                  

07-13-2005, 08:41 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق الإنسان السودانية : دراسة عن (ثيولوجيا التعليم في السودان ) (Re: فتحي البحيري)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de