رؤية حول قناة الجزيرة الاسلامية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 08:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-27-2005, 01:57 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رؤية حول قناة الجزيرة الاسلامية

    نطرح السؤال بهذا الشكل للتأكيد على شرعية محاسبة قناة الجزيرة القطرية، ومعها وسائل الاعلام العربية الأخرى. وتقف الجزيرة في المقدمة لأنها طرحت نفسها كقناة مستقلة وعملت بأساليب جديدة وحصلت على متابعة واسعة الانتشار، ثم اتضح أنها لا تختلف عن غيرها في التعامل مع الرأي العام والانحياز لمصالح مؤسسيها، لذلك يكتسب دورها خطورة كبيرة في الوضع المتردي الذي تعيشه المجتمعات العربية ووسائل اعلامها، وأيضاً في تخريب المعنويات وتشجيع الارهاب في العراق.
    يتهم الكثيرون قناة الجزيرة بمحاباتها خلال السنوات الماضية للشبكات الارهابية، بل وتشجيعها، من خلال برامجها وطريقة عرضها للاخبار وبثها المتكرر لبعض شرائط الفيديو المحرضة على الارهاب. وفي مواجهة خصومها ومعاييرهم الاخلاقية، تشبثت الجزيرة دوماً بأنها ملتزمة بمبدأ الرأي والرأي الآخر وبعرض الحقائق وادعت أن هذا هو سبب الهجوم عليها... ولكن، بعد ان نشرت جريدة السن البريطانية صور صدام حسين وهو في سجنه وبدون رتوش، استفاقت الجزيرة فجأة وامتنعت عن عرض الصور "لاعتبارات اخلاقية ومهنية" (21 آيار/مايو 2005). وبغض النظر عن مدى صحة نشر الصور من قبل الجريدة المذكورة، فان السؤال هو عن مغزى موقف الجزيرة "الملتزم" ازاء حرمة دكتاتور دموي قتل او تسبب في قتل الملايين من ابناء شعبه والشعوب المجاورة، بينما تتجاهل هذه الاعتبارات عندما يتعلق الأمر بحرمة وسلامة الالاف من المدنيين وهم ضحايا محتملون او فعليون لجرائم الخطف والاذلال والقتل العمد؟ ولكن السؤال الذي يفرض نفسه أكثر هو ألم يحن الوقت بعد لانهاء هذا الوضع المأساوي وايقاف الدعاية العلنية للمارسات الاجرامية؟ أما آن الوقت لكي تحاسب الجزيرة ومثيلاتها على سياساتها المغرضة والبعيدة عن مهمة الاعلام النبيلة؟ سنحاول الاجابة على هذا السؤال بعد عرض سياسة الجزيرة ازاء العراق الديمقراطي وتواطئها مع الارهابيين الصداميين والتكفيريين، ليس بهدف التشهير بها بل بقصد المطالبة باصلاح الاعلام العربي وتنقية الجزيرة.
    إذن، كيف اصبحت حرية الاعلام لدى أرباب الجزيرة ملتزمة ازاء صور صدام ومنفلتة عندما يتعلق الأمر بتسجيلات الدعاية للقتل العشوائي وارتكاب الجرائم الارهابية. ان هذه المفارقة تبين خط تحرير او سياسة الجزيرة بالنسبة للعراق: تبييض نظام صدام حسين من جهة وتبرير الجرائم بل وشرعنة الخطاب الارهابي في العراق، من جهة اخرى. وفي اطار مهمة الشرعنة، تم التركيز على تشجيع العنف بحجة مقاومة الوجود الامريكي وضرب شرعية الوضع الجديد بحجة ارتباطه بالوجود الأجنبي والمبالغة في اظهار الجوانب السلبية، ونعرف أن الارهاب تسبّب في الكثير منها، توصلاً الى تبييض صورة صدام ونظام حكمه. وقد لعبت هيئة علماء المسلمين في العراق دوراً كبيراً في هذه العملية، وذلك منذ بداية ظهورها وبشكل منتظم على شاشة الجزيرة، حيث اكّدت هذه الهيئة على الحق في مقاومة الاحتلال، متجاوزة العراقيين، من شخصيات ومراجع وجماهير غفيرة واحزاب عريقة، ارتأوا ان الحل السياسي هو اصلح لاعادة البناء وتحرير البلد. هذه الغالبية الساحقة ظهرت في اطار خطاب الهيئة التحريضي وكأنها متواطئة مع عدو خارجي جاء ليحتل البلد وينتهك الاعراض. وقد لعبت الجزيرة ومنذ سقوط صدام وبشكل عام دوراً خطيراً في تردي الأوضاع القائمة في العراق الآن، لا سيما وأن المشهد الاعلامي العراقي افتقر لقنوات تلفزيونية عراقية، اذ لم يكن امام العراقيين، ربيع 2003 ولفترة طويلة، الا متابعة الفضائيات العربية وكانت الجزيرة في مقدمتها.
    وبسبب مصالح العديد من الحكومات العربية في مناهضة الوضع الجديد في العراق، اتخذت وسائل الاعلام العربية مواقف مشابهة لترسم صورة بائسة لمصداقية الاعلام العربي ولدوره المتوقع في عملية النهوض بالواقع العربي المتدهور على مختلف الأصعدة. ويفرض علينا هذا الواقع التنبيه الى خطورة استمرار مثل هذه الظواهر الاعلامية وتفاقم نتائجها على الذهنية وعلى الثقافة في العالم العربي والتحذير بشدة من أنباء أفادت بأن عائلة الدكتاتور الدموي المخلوع تتهيأ لشراء اكثر من 50% من اسهم الجزيرة خلال الشهور القادمة. فينبغي على الجميع العمل على منع هذه الصفقة المريبة، لتفادي المزيد من التعقيدات السلبية بالنسبة للمشهد الاعلامي العربي، والذي يطمح الكثير من القائمين عليه ومن المهتمين بتطويره الى تخليصه مما يعانيه من روابط الخطاب السلطوي وقيود التسلط (اي التجهيل) الثقافي. وقد يتساءل المرء أليس من الأفضل تحويل حملة التواقيع العالمية الجارية حالياً بهدف ادانة هذه القناة معنوياً وقضائيا، الى مقصدها الصحيح، أي الى حكومة قطر الموقرة للطلب منها بتصحيح وضع القناة المذكورة. وعلى ذكر الحكومات، أليس المطلوب من الحكومة العراقية الضغط في هذا الاتجاه، ضمن سياستها الخارجية، والسعي أيضاً لاسترجاع ثروات العراق من عصابة السرقة والاجرام لمنع تحويلها، اكثر مما فعلوا لحد الآن، الى حربة غدر في الجسم العراقي المثخن بالجراح.
    واختصر أهم الملاحظات على ممارسات هذه القناة كما يلي :
    1- منبر تشويه الاسلام: بثت الجزيرة خطب وتوجيهات أسامة بن لادن بشكل واضح ومنتظم، خلال فترة طويلة من الزمن بحيث تكونت الصورة عن الجزيرة وكأنها قناة في خدمة تنظيم القاعدة الارهابي، حيث أطل منها شيخ الارهاب "الملتحي" بالاسلام المتشدد لكي "يُـوجّه" المسلمين ويُقرع حكامهم ويخاطب الغربيين للدفاع عن وجهات نظره ومواقفه وكذلك ليبرر جرائمه الجبانة بحق المدنيين الابرياء ويلف كل ذلك بستار اسلامي دنّس الشريعة السمحاء. وقد أصبحت الجزيرة مصدراً لتسجيلات بن لادن والظواهري بالنسبة للقنوات والصحف العالمية.
    2- منبر التطرف والارهاب: ركزت الجزيرة في ندواتها الاسبوعية وعلى مدار السنوات الماضية على اجراء مقابلات تحابي الآراء المدافعة عن الارهاب، بحجج ذات صبغة قومية ودينية، وطالما تهجم مقدمو هذه البرامج على من يدافع عن الحلول السلمية والديمقراطية. وفيما يخص العراق مثلاً، شجعت القناة، ومنذ بداية عام 2003، من خلال "اسئلة" صحفييها او صراخ ضيوفها، شجعت على ابتزاز وتخوين أصحاب الرأي الآخر! ونضع أسئلة الجزيرة بين هلالين لأنها غالباً ما تستبطن او توحي باجاباتها، فهي ليست اسئلة حقيقية! بعبارة اخرى، اختارت هذه القناة سياسة الارهاب الفكري باعتبار من يخالفها في الرأي، متخلياً عن مصالح شعبه ومؤيداً للوجود الآمريكي، بما يعنيه ذلك من تهم الخيانة للعروبة والاسلام، وما يثير الاشمئزاز ان تتناسى الجزيرة بشكل كامل أن دولة قطر تقف في مقدمة الدول العربية بالنسبة لعلاقاتها القوية مع الولايات المتحدة ولعلاقاتها السياسية والاقتصادية مع اسرائيل، وأن الحرب الأخيرة ضد نظام صدام تمت أصلاً بقيادة مركز العمليات في القاعدة الامريكية الكبيرة في قطر.
    3- منبر أزلام صدام: لقد فتحت الجزيرة بانتظام ابوابها امام "مثقفي" النظام الصدامي ليتهجموا على الوضع الجديد ويدافعوا عن أعداء الاستقرار السياسي والبناء الديمقراطي في العراق، وكذلك لمتكلمين في الشارع، لا نعرف كيف تواجدوا دائماً أمام عدسة مصوري الجزيرة؟! عبّروا غالباً عن تنديدهم بالسلطة الجديدة ورجالها، وحتى انهم كثيراً ما برروا للنظام السابق، نظام التعذيب والخوف والمقابر الجماعية، في محاولة لتبييض سجله الأسود، بل ورفعوا صور صدام مهللين بها قبل صيف 2003 (أي في عز ايام الفرحة بسقوط الصنم!!) وساهمت الجزيرة بذلك أيضاً في تهيئة الأذهان لتبرير أعمال الجريمة المنظمة من اعتداءات وعمليات خطف، لا سيما عند نشرها بشكل واضح ومنتظم لتسجيلات المجرمين الملثمين ومعهم ضحاياهم من المدنيين، المتهمين بالتعامل مع الأمريكان! وقد شاهد العالم ذبح هؤلاء المدنيين أولاً على شاشة الجزيرة، مع التكبيرات المزيفة، ثم اصبحت مادة اعلامية قذرة تتنقل على بقية القنوات، حيث أصبحت ما يشبه المادة "الدسمة"، اما شاشات التلفزيون الغربية فقد نقلتها مع علامة الجزيرة التي اصبحت مركز تصدير لهذه التسجيلات الى مختلف بقاع العالم.
    4- منبر المعادين للديمقراطية: اصبحت الجزيرة منبرا للناقمين على الأوضاع الجديدة التي نشأت بعد سقوط الصنم الصدامي، ومن أهم هؤلاء هيئة علماء المسلمين التي طالما بررت لأعمال العنف باسم رفض الاحتلال، وتعالت بذلك على الغالبية الساحقة للعراقيين التي اختارت الحل السياسي لبناء الدولة والتخلص من الاحتلال واعادة بناء الاقتصاد والثقافة والشخصية التي دمرها النظام المقبور. فالجزيرة هي اكثر من عَرّف العالم على هذه الهيئة وعلى شيخها حارث الضاري الذي لم يكن معروفاً على الساحة السياسية. اذ طالما استقبلته الجزيرة وفتحت بذلك فضاء "الاعلام" واسعاً ليبث دعايته السياسية، فعلى سبيل المثال، طرحت الجزيرة عليه، ربيع 2003، السؤال المستفز عما سيفعله سنة العراق وهم أقلية وبدون مرجعية شعبية، أمام تحرك جماهير (الأغلبية) الشيعية الملتفة حول علمائها، الخ. فأطلق حارث الضاري قولته بأن السنة هم أغلبية في العراق، وسيثبُت ذلك لو جرى احصاء لا يُحتسب فيه العراقيون العائدون الى الوطن (وسمّاهم "من هبّ ودبّ") ولا المتجنسون بجنسية اخرى فهم ليسوا بعراقيين (استناداً الى قانون الجنسية "العراقية"، كذا!)، واستمر تدفق افكار الضاري والبعض من زملائه في الهيئة المذكورة على هذه الشاكلة، على مدى العامين، وصارت القنوات الاخرى تستضيفه وكانه رقم صعب على الساحة العراقية! ولتقديم مثل على مواقف الهيئة، نذكر بأنها أدانت الهجوم على القائم، في 17 حزيران/مايو، والتي عثرت فيها القوات العراقية والقوات الامريكية، بعد ثلاثة ايام من الهجوم على العديد من مخابئ الاسلحة ومراكز تفخيخ السيارات، وجابهت مقاومة مسلحة عنيفة. ونلاحظ ان موقع (hhtp://news.stcom.net/modules.pjp ?name=News&new_topic=7) "صوت المظلومين"، والناطق بالفرنسية، بخطاب اسلاموي متطرف، باسم من يسميهم "المقاومة الاسلامية العراقية" يضع علامة "هيئة العلماء المسلمين في العراق" على موضوع القائم وعدة مواضيع اخرى. واذا لم يكن هناك اتفاق، فان هذا يدل أن هؤلاء يستفيدون، على أقل تقدير، من الهيئة لتبرير نشاطاتهم المخربة وخطابهم المتطرف..
    وفي الشهور الأخيرة، عندما تقلص تأثير حارث الضاري وجماعته حتى على بعض اعضاء هيئته، لأسباب عديدة منها نجاح الانتخابات وانفضاح بطلان الدعوة الى مقاطعتها. وصار واضحاً للكثيرين ان تخوين الاغلبية الساحقة من المجتمع واعلاء الصوت ضد الاحتلال بهدف إحراج القوى الخيرة يمثل خطراً على الجميع، لا سيما عندما يتم تبرير ممارسات الارهابيين، بحجة "مقاومة" الاحتلال. في هذا السياق ظلت الجزيرة بمثابة قارب النجاة بالنسبة له ولأمثاله، فدعته، بمناسبة وبدون مناسبة، كما حصل ذلك في بداية مايس/مايو 2005، عندما دعى غسان قدو حارث الضاري كشخصية رئيسة، ليدافع عن مواقفه، واذا به ينفضح أكثر بفضل المحاورَين، علي السعدي وعقاب صخر، وبدأ يرفع صوته بالعبارات المتشنجة فظهرت على الملأ تركيبته وافكاره الحقيقية. من جهة اخرى وايضاً في سياق مناهضة نجاح الانتخابات وتشكيل حكومة د. الجعفري، اجرت الجزيرة، اواسط مايس/مايو، مقابلة (المشهد العراقي!) مع الشيخ جواد الخالصي (رجل دين من اتجاه منشق وضئيل الشعبية لدى الشيعة في العراق) و د. شهاب الصراف (باحث تاريخي) وكانت المقابلة اشبه بمونولوج، حيث تباكى ضيفا الجزيرة على النظام المركزي القوي (نظام صدام!) والعراق العربي المستباح! والمغتصب، ونددا بالقوى السياسية المعروفة بنضالها والماسكة الآن بدفة الحكم، ثم بشرا بالبركان الشعبي الذي سيكتسح حكم الخصوصيات الطائفية والأثنية ويفرض حكم العراق كما كان، اي الواحد والموحّد ، طبعاً بالطريقة "اللي هِـيـّه"!! كما يقول المصريون.
    وأخيراً، وليس آخراً، جاء المشهد العراقي ليوم 23 مايس/مايو، حافلاً بمحاولات تضليل المشاهدين وتكريس التفرقة الطائفية التي يدّعون انهم ضدها، حيث سأل صحفي الجزيرة، عبد العظيم، ضيفه عن صحة تشبث الشيعة في العراق بتوجيه تهمة الارهاب الى الجماعات الاسلامية (كذا) الوافدة من الخارج، وتشبث السنة في العراق باتهام ايران بذلك!؟ ثم هل من الصحيح تحميل الأمريكان كل آثام الطائفية المستشرية ام ان المسؤولين العراقيين هم أيضاً يتحملون نصيبهم في ذلك؟! كل هذا لتبرير وشرعنة الاتهامات التي أطلقها حارث الضاري ضد منظمة بدر بتهمة قتل أئمة مساجد (السنة)، وعلى خلفية المطالبة باستقالة وزير الداخلية (الشيعي)، ولم يسأل لماذا لم يطالب أحد باستقالة وزير الداخلية السابق فلح النقيب رغم سقوط الآلاف من ضحايا الارهاب والقتل على الهوية ومنهم العديد من علماء الشيعة ولم نسمع شخصية تتهم ذلك الوزير او اي جهة سنية اخرى بالوقوف وراء ذلك. لأن هذه الجرائم بكل بساطة لا علاقة لها بالانتماء المذهبي او الطائفي، فالقتلة، ومن يساندهم، انما يخططون لقتل العراقيين واثارة التقاتل فيما بينهم...
    5- من التطبيع الى المقاومة! هذه الملاحظات تفرض علينا التذكير بأن الجزيرة عندما انطلقت في بداية التسعينات كانت بمثابة قناة التطبيع بين العرب واسرائيل، فكانت تعرض باستمرار لقاءات وتصريحات الرئيس كلينتون والرئيس ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل "السيد" بنيامين نتانياهو ، وكذلك مقابلات مباشرة مع مسؤولين اسرائيليين، لتدخل التطبيع في ذهنية المشاهد العربي. ولم تكن مقبولة في حينها من قبل الكثيرين، ولكن عند نشوب الانتفاضة الثانية، تحولت الجزيرة فجأة الى مشهد الشعب الفلسطيني واصبحت منبر من لا منبر له!! وكأنها اقتنصت فرصة الحصول على الشعبية وإنجاح القناة، ولكن خفايا العلاقات السياسية قد تفسر ذلك أكثر.
    6- قطر والسعودية، حيث يفرض السؤال نفسه ايضاً عن دولة قطر وما تريده بالضبط من كل هذه الأمور؟ وهل تقف مشكلتها الحدودية مع السعودية، والأراضي التي انتزعتها منها، وراء ارتماء قطر في احضان العراب الامريكي لمواجهة اي تهديد جديد لحكام الرياض. وهل يفسر نفس النزاع اختيار الجزيرة (وليس حكومة قطر!) لسياسة تأجيج الرأي العام العربي ضد اتفاقية أوسلو التي كانت السعودية قد ألقت بثقلها معها ومع تسويتها السلمية؟ وكذلك الامر بالنسبة لاختيار الجزيرة تشجيع السعودي المارق أسامة بن لادن، استناداً الى "حرية الاعلام". أما الحكام السعوديون، فلم يجدوا في مواجهة الجزيرة، في هذا الوضع، إلا تأسيس قناة العربية لتعرض وجهات نظرهم ولتقضّ مضاجع القطريين قدر الامكان.
    وفعلاً أصبحت قناة العربية السبّاقة في تعريف الرأي العام بتفاصيل علاقات قطر باسرائيل، كزيارة المسؤول الاسرائيلي الى قطر استجابة لدعوة الأميرة موزة في نيسان/ابريل 2005. ثم التماس قطر لاسرائيل بدعم ترشيحها لعضوية مجلس الأمن، في اواسط آيار/مايس. في المقابل، ورغم العلاقات الوثيقة بين قطر واسرائيل تظل قناة الجزيرة تلاحق حكام ومسؤولي الدول العربية والاسلامية الذين يصافحون مسؤولين اسرائيليين في المحافل الدولية، كما حصل مؤخراً مع بشار الأسد والسيد خاتمي في حفل تشييع البابا في الفاتيكان ومع هوشيار الزيباري في المنتدى الاقتصادي العالمي في الاردن، في 22 آيار/مايو وظل طاقم الجزيرة يعيد ويكرر معاني هذه المصافحة العراقية مع اشارة حول تغلغل الاصابع الاسرائيلية في العراق ومدى استعداد الطبقة السياسية لاقامة علاقات مع اسرائيل، في محاولة تشهير واضحة المعالم. وكأن تطبيع العلاقات مع اسرائيل محصور على أعضاء نادي التطبيع الحاليين وممنوع على غيرهم!
    و لكن ماذا تعني كل هذه التحركات القطرية أوهذه التحركات والاتصالات على أرض قطر؟ اذا كان الاتصال باسرائيل واقامة العلاقات معها امر طبيعي، فلماذا تلاحق الجزيرة الحكام العرب في هذا الأمر، بينما تستمر الاتصالات والمفاوضات والالتماسات القطرية مع اسرائيل؟ وارجو ان لا يتحفنا أحد بمقولة ان الجزيرة قناة مستقلة عن حكومة قطر، فملاحظة برامجها وتوجهاتها يدل تماماً على انها ملتزمة، من موقعها، بالمصالح القطرية، كما تلتزم العربية، من موقعها، بالمصالح السعودية، رغم عدم ارتباطها المباشر هي أيضاً بالحكومة السعودية.
    لقد وقع المشاهد العربي إذن ضحية الاعلام الأحادي المعبر عن مصالح الحكومات وصراعاتها مع الدول الأخرى الشقيقة/العدوة أو المتحابة/ المتصارعة في آن. فقناة العربية التي اريد لها أن تنافس الجزيرة كان بامكانها ان تلتزم خطاً آخر في المنافسة يقوم على الاستقلال الحقيقي والابتكار في مجال الاعلام الهادف وتقديم البرامج المرتبطة بالواقع العربي وبمحاولة النهوض به وتطويره. ورغم أنها عدّلت خطها قليلاً منذ أواخر العام 2004، الا أنها مع الأسف توجهت
    أساساً الى منافسة الجزيرة من خلال محاكاتها بل وتقليدها في ممارساتها الخاطئة، من بث تسجيلات الارهابيين الى نشر دعايات المجرمين لتبرير قتلهم للمدنيين المتهمين بارتباطهم مع الامريكان. وآخر مثل على ذلك ما نشرته العربية من ادعاءات عصابة الزرقاوي (زعيم! تنظيم القاعدة و...الخ) من أن العراقي نينوس خوشابا الذي اختطفته وأقامت فيه "حدّ الله"! هو طيار شارك مع الأمريكان في قصف مراكز مدنية في الحرب الأخيرة، وبعدها بيومين أجرت نفس العربية، وتُشكر على ذلك طبعاً، مقابلة مباشرة، في 23 مايس/مايو مع شقيق الضحية كذب فيها الاتهامات التي نشرتها العربية عن عصابة الزرقاوي بشكل قاطع، ليظهر الأخير على حقيقته الاجرامية.
    ما العمل إذن؟ كيف يمكن للمجتمعات العربية ان تتخلص من هذه الوسائل الاعلامية التي كرست نفسها في خدمة الحكام والممولين لها وابتعدت عن نبالة مهمتها وساهمت في نشر اليأس لدى المواطن العربي. ونقدم هنا بعض الاقتراحات كمساهمة في هذا النقاش وللدفع الى تعميق الافكار وايجاد الحلول :
    1- تشكيل لجنة مراقبة شعبية عربية تهدف الى التشجيع على التزام الاعلام العربي بدوره في تطوير المجتمع وتأكيد حقوق افراده، وتضع برنامج عمل بالاستناد مبادئ الشفافية المهنية واحترام العقل العربي والى الافكار الانسانية السامية المستمدة من تراثنا العربي الاسلامي ومن ثقافاتنا المحلية وكذلك من المبادئ المكرسة عالمياً. كل ذلك بما يتناسب طبعاً وخطورة الوضع العربي والتدهور السياسي والاقتصادي والثقافي العام الذي نرمي جميعا الى التخلص منه. ويمكن لهذه اللجنة ان تتوسع لتضم اشخاصاً من كل البلدان العربية ومن كل الشرائح المتواجدة فيها.
    2- ينبغي توسيع حملة التواقيع الحالية والمناهضة للجزيرة بتدعيمها وتوثيقها لايصالها قدر الامكان الى العرب في كل مكان، من العراق والخليج الى المغرب وموريتانيا، وكذلك الى الغربيين. فمهما كانت اراء الناس في هذا الأمر او ذاك فهم يرفضون استخدام الاعلام للمساهمة في ترويع الآمنين وذبح المدنيين وتفجير الاسواق،الخ. ومن خلال هذه الحملة، يساهم الجميع في ايصال "صوت من لا صوت له" الى السادة حكام قطر، ليباشروا بتنظيف بيتهم قبل الكلام عن بيوت الآخرين.
    3- القيام بحملات توعية اخرى اوسع، لتشمل جميع وسائل الاعلام العربية واشعارها بان المجتمعات لم تعد تحتمل هذه الأصوات الاحادية والمملة لانها قامت على ترتيب الحقائق ان لم نقل تزييفها، ويمكن التفكير بحملة مقاطعة.
    4- ابتكار وسائل قياس للرأي العام ورغبته بمتابعة هذه البرامج او تلك، واستخدامها كوسيلة هادفة لتوجيه البرامج الاعلامية في مختلف القنوات.
    5- دعوة الحكومات العربية والجامعة العربية التي تدعي جميعها بان الاصلاح الديمقراطي يأتي من الداخل لا من الخارج ان يقدموا على خطوة واحدة بسيطة في هذا الاتجاه، وذلك بتكوين مرصد اعلامي عربي يديره اختصاصيون مستقلون ومن بلدان وجماعات وثقافات مختلفة. ليؤدي هذا المرصد وظيفته في رصد وسائل الاعلام العربية وتقييم عملها وادائها وللمساهمة في توجيهها الوجهة المهنية والوطنية الصحيحة.
    وأخيراً، يريد المواطن العربي اعلاماً مستقلاً عن الحكومات، اعلاماً يقدم الحقائق بنزاهة ويساهم في تطوير المجتمع بالتشجيع على الحوار وتبادل الافكار وشحن الهمم وتجميع الطاقات، لا اعلاماً موجهاً كالعادة لخدمة الحكومات التي ساهمت منذ زمن بعيد في تجهيل المواطنين وشل قدراتهم في مختلف الميادين. ان مثل هذه المبادرات والافكار هي التي ستؤمّن نزول قناة الجزيرة الى حلبة المحاسبة الحقيقية والى تعديل سياستها، فبعد ان مثلت هذه القناة منهاجاً جديداً في بداية التسعينات، اكتشف المواطن العربي مع كل الأسف الخداع الذي مارسته الجزيرة طيلة السنوات الماضية عندما طرحت نفسها عليه كقناة تؤمن بالاعلام المستقل وعلى أنها منبر من لا منبر له.. زوراً وبهتاناً.

                  

06-27-2005, 05:12 PM

Mohamed Elgadi

تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 2861

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤية حول قناة الجزيرة الاسلامية (Re: Sabri Elshareef)

    Thanks, Sabri Elshareef
    I wonder if you could send me this article in a Word File to my address belo, or send me the link
    Thanks
    Mohamed Elgadi
    [email protected]
                  

06-27-2005, 06:02 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤية حول قناة الجزيرة الاسلامية (Re: Sabri Elshareef)

    سلام محمد القاضي

    جدا سارسل لك عبر بريدك سلام لكل من حولك
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de