|
|
 مفاوضات أبوجا تراوح مكانها (نقلا عن الصحافه)
|
على عكس توقعات متفائلة ذهبت الى امكانية تحقيق سلام شامل في دارفور خلال جولة المفاوضات الحالية بين الحركات المسلحة في دارفور والحكومة قبل التاسع من شهر يوليو القادم، الموعد المضروب لبدء حكومة الوحدة الوطنية فان الجولة التي كان مقررا لها ثلاثة اسابيع اوشكت على الانتهاء واحتمالات التوصل الى اتفاق شامل ونهائي اصبحت ابعد مما كانت عليه قبلا في اعقاب تباعد مواقف الحكومة وحركتي العدل والمساواة وتحريرالسودان حول النسخة المعدلة من اعلان المبادئ الذي طرحه الاتحاد الافريقي على اطراف النزاع ولرفض الحركات المسلحة للوساطة التشادية..
ثمة متغيرات داخلية واقليمية ودولية افضت الى تعقد جهود التسوية في دارفور وجاء رفض حركة العدل والمساواة للوساطة التشادية على رأس هذه المتغيرات كما صنف التصعيد العسكري الذي وقع خلال الاسبوعين بين حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة بوصفه تطورا جديدا في الازمة من شأنه ان يعطل جهود التسوية - بحسب مراقبين -
فاثناء الاعداد لجولة المفاوضات الحالية اندلعت مواجهات مسلحة بين ميليشيات حركة تحريرالسودان وحركة العدل والمساواة اودت بحياة اكثر من سبعة عشر مدنيا بمنطقة قريضة بولاية جنوب دارفور وادت الى مقتل واصابة عدد غير معروف من المقاتلين وفراراكثر من خمسة وعشرين الف شخص من مخيماتهم المؤقته في قريضة الى الغابات الآمنة نسبيا.
وفيما اعرب مراقبون عن اعتقادهم في أن تؤثر تلك المواجهات على موقف الحركتين وتباعد بين مواقفهما التفاوضيةللوحدة في السابق اكد محجوب حسين المتحدث باسم حركة تحرير السودان عودة الامور الى طبيعتها بين الحركتين وبرّر المواجهات المسلحة بان الحركتين كانت تتنافسان على بسط سيطرتهما على الارض في ظل جمود المفاوضات.
ايضا هناك سبب آخر يعتقد عبدالله مسار احد قيادات دارفور ان من شأنه تعقيد جهود التسوية السياسية في دارفور حدده في الانقسامات التي حدثت في صفوف الحركات المسلحة مؤخرا.
وبعودة سريعة الى ملفات حركتي التمرد نجد ان الفترة القصيرة الماضية رشحت خلافات داخل حركتي العدل والمساواة وحركة تحريرالسودان، فعلى صعيد الاخيرة ترددت انباء واسعة عن تصاعد الخلافات بين قيادات الحركة الامرالذي ادى الى تصفية (35) من عناصرها ونسب المركز السوداني للخدمات الصحفية الى قائد ميداني يدعى التجاني عبدالله قوله ان العملية نفذتها عناصرالطابور الخامس داخل الحركة بقصد احداث قلاقل وسط القوات واكد التجاني اعتقال 17 من العناصر التي يعتقد انها شاركت في تنفيذ عمليات التصفية.. لكن محجوب حسين قلل من اهمية ما اثير في هذا الشأن ووصف الامر بأنه مجرد (مكايدات سياسية لااكثر ولا اقل) وان امور حركته (تمام التمام).
وعلى صعيد حركة العدل والمساواة شهدت الحركة مؤخرا انقساما حادا وتباينا حول العديد من السياسات الداخلية وقاد القائد الميداني المهندس محمد صالح حربة (يعد من أبرز العسكريين في الحركة) ومعه عدد من القادةالميدانيين انقلابا على د. خليل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة.. ونصّب نفسه رئيسا لحركة العدل والمساواة. وبسؤال لحربه يتعلق بماهية اسباب ذلك الانقلاب.. عزا حربه انقلابه على خليل الى ما وصفه بارتباط خليل بحزب المؤتمر الشعبي ولانه - أى خليل - سخّر قضية دارفور لتصفية حساب الشعبي مع الحكومة وهو الامر الذي نفته قيادات بارزة بالعدل والمساواة ووصفته بالكذب السياسي..
محمد صالح حربة وصل على رأس وفد الى ابوجا للمشاركة في المفاوضات غير ان الوسطاء الافارقة اعتذروا للوفد ولم يسمحوا له بدخول المفاوضات..
وقال حربه ان اصرار الوسطاء على موقفهم الرافض لاشراكه في المفاوضات سيجعل حركته في حل من اي اتفاق سلام يوقع بين الحكومة والحركات المسلحة.
سألت حربة عن وزنه العسكري فقال انه يسيطر على غالبية الميدان وهدد بان مجموعته ستعمل على نسف أى اتفاق سلام تتوصل له المفاوضات وقال ان تجاهله يعني العودة للمربع الاول من الازمة. داعيا الاتحاد الافريقي للاعتراف به كقيادة ميدانية موقعه على اتفاقيات وقف اطلاق النار السابقة.. بدوره ابراهيم عبدالدائم عضو القيادة الثورية للعدل والمساواة والذي خرج مع خليل ابراهيم اكد سيطرتهم على 70% من القوات في الميدان.
وخلال الجلسة الافتتاحية للمفاوضات قال د. خليل ابراهيم ان تشاد اعتقلت بعض رجاله وانها تسعى كذلك من اجل اشراك محمد صالح حربة في المفاوضات بدلا منه.. واكد رفض حركته للوساطة التشادية ووصف تشاد بالعائق الفعلي الذي يحول دون التوصل لتسوية نزاع دارفور.
كانت التطورات الميدانية في دارفور قد خيمت على اجواء المفاوضات بسبب خلافات رشحت حول تمثيل الحركتين في المحادثات وجدوى انعقاد المفاوضات وسط المعارك الدائرة بين حركتي العدل والمساواة وحركة تحريرالسودان اخيرا.
مصادر دبلوماسية كانت قد تحدثت عن ما وصفته بدهشة الوساطة التشادية لوجود د. خليل ابراهيم على رأس وفد حركة العدل والمساواة بدلا من محمد صالح حربة الذي وقع اتفاقات وقف اطلاق النار في انجمينا العام الماضي باسم حركة العدل والمساواة واكدت ذات المصادر ان مسألة تشكيل وفد العدالة والمساواة كانت موضع خلافات بين تشاد والاتحاد الافريقي.
وتبدو تصريحات المصادر الدبلوماسية هنا منطقية لا سيما اذا ما علمنا ان احمد علامي المتحدث باسم الوساطة التشاديه قد قال ان د. خليل ابراهيم ظل يستخف دوما بالوساطة التشادية ووساطة الاتحاد الافريقي وانه لم يشارك ابدا سواء في انجمينا او اديس ابابا او ابوجا.
نار الملاسنات كانت مشتعلة على الدوام بين حركة العدل والمساواة والوساطة التشادية حتى ان احمد تقد القيادي بحركة العدل والمساواة عضو الوفد المفاوض رهن استمرارهم في التفاوض بانسحاب الوفد التشادي وذهب احمد حسين الناطق باسم الحركة في ذات الاتجاه حينما اوضح ان موقف حركة العدل والمساواة من رفض الوساطة التشادية موقف مبدئي واتهم تشاد بعرقلة المفاوضات..
وتأخذ حركات التمرد في دارفور على تشاد انها اصبحت طرفا في الصراع وذلك بانحيازها للحكومة السودانية.. وفيما تشدد حركة العدل والمساواة على رفض الوساطة التشادية وترفض اي وجود لتشاد كوسيط او حتى مراقب في المفاوضات يبدو موقف حركة تحرير السودان اكثر اعتدالا ومرونة وهي تشير لامكانية مشاركة تشاد كمراقب في المحادثات بدلا من وسيط ... وقال تقدالرئيس النيجيري ابوسانجو طرح خلال لقائه وفدا من حركتي التمرد وتعيين د. سالم احمد سالم وسيطا اوحدا للمفاوضات اضافة لصفته الحالية كمبعوث خاص للاتحاد الافريقي لدارفور.
الثابت ان مواقف حركتي التمرد الرافضه للوساطة التشادية تصاعدت في اعقاب اتهام لتشاد بالوقوف وراء القتال الذي نشب بين مقاتلي حركة تحرير السودان والعدل والمساواة مؤخرا فقد اتهم الطرفان الحكومة السودانية والحكومة التشادية بالوقوف وراء القتال الذي اندلع بين الحركتين خلال الاسبوعين الاخيرين.
وفي وقت أعرب فيه الاتحاد الافريقي عن أمله في ان تكون جولة المفاوضات الحالية هي الاخيرة للتوصل الى اتفاق سلام نهائي وشامل ودعا اطراف النزاع لبذل اقصى جهد للتوصل الى اتفاق نهائي اشار د. صلاح الدومة استاذ العلوم السياسية بجامعة امدرمان الاهلية لما وصفه بـ (الصعوبة) في التوصل لاتفاق نهائي خلال ماتبقى من ايام على نهاية هذه الجولة وذلك لوجود ما اطلق عليه ازمة الثقة ووجود خلافات بين اطراف النزاع اضافة للخلافات بين رؤى الفصائل المسلحة للتسوية السياسية.
حديث الدومة هذا يعيدني - بالضرورة - الى الحديث عن الاسباب التي من شأنها حسبما رأى مراقبون ان تؤدى الى تأخيرالتوقيع على اتفاق نهائي فاضافة الى ماذكر من اسباب جاء في مقدمتها تباعد مواقف اطراف النزاع حول النسخة المعدلة من اعلان المبادئ والتصعيد العسكري بين الحركات المسلحة تأتي من الانقسامات التي إعترت جسد الحركات المسلحة.. فالاسبوع الماضي - مثلا - اعلنت مجموعة من القيادات الميدانية التابعة لحركتي التمرد انشقاقهما عن الحركتين وسمت تنظيما جديدا للعمل تحت لوائه اطلقت عليه (حركة القوى الشعبية السودانية).
ووجهت القيادات الميدانية التي تحاشت في بيانها تسمية حركة دون الاخرى انتقادات حادة لقيادات حركتي التمرد وحملتهما مسؤولية ما وصفته بالتراجع الذي تشهده قضية دارفور واشادت في بيان تأسيس اصدرته -حصلت الصحافة على نسخه منه - الى ما وصفته بالغياب الميداني لقادة الحركات واعتمادهم على قيادات غير مؤهلة في العمل المسلح.
محمد صالح حربة بدا متفقا مع ما جاء في بيان المنشقين وان زاد عليه اتهاما مباشرا وصريحا وجهه لقيادة حركة العدل والمساواة العليا بتنفيذ اجندة حزب المؤتمرالشعبي، في اشارة واضحة منه للدكتورخليل ابراهيم، واستبعد حربة ان يتم توقيع الاتفاق النهائي خلال الجولة الحالية وقال لم يوقع الشعبي في الداخل على اتفاق سلام مع الحكومة وبالتالي لن توقع حركة العدل والمساواة على اتفاق سلام مع الحكومة في ابوجا، وهو الامر الذي يؤكده عبدالله مسار حينما يقول إن الحركات المسلحة تنتظرالاشارة من الخرطوم للتوقيع على اتفاق السلام،، ويمضي للقول بإن حركة العدل والمساواة هي الجناح العسكري لحزب المؤتمر الشعبي.
وفد الحكومة المفاوض في ابوجا دعا الحركات المسلحة للاضطلاع بدورها السياسي والانساني وتغليب المصلحة العليا وانتقد في بيان اصدره امس الاول تباطؤ حركتي التمرد في تقديم مقترحاتهم حول النسخة المعدلة من اعلان المبادئ المطروح من الاتحاد الافريقي على اطراف النزاع..
وقد نص اعلان المبادئ المطروح من الاتحاد الافريقي على الالتزام بالحل السياسي واحترام حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني واكد على وحدة السودان وسلامة اراضيه واعتبرا لمواطنه اساسا للحقوق والواجبات المدنية والسياسية مقترحا اعتماد النظام الفيدرالي والتفويض الفعلي للسلطات وذلك لضمان مشاركة فعلية وإدارة منصفة للسودان عامة ودارفور خاصة بجانب تأكيده على ضمان تمثيل فعلي في كافة المؤسسات ودعا لتوزيع الثروة الوطنية بعدالة وطالب بتحقيق فوري في انتهاكات حقوق الانسان وعدم الافلات من العقاب.
وقالت حركة العدل والمساواة انها لا تعترف باتفاقية نيفاشا مرجعية لاقتسام السلطة والثروة حسب التعداد السكاني ورهنت توقيعها على إتفاق المبادئ بقبول الحكومة لمقترحاتها بينما لا زالت حركة تحرير السودان تتمسك بفصل الدين عن الدولة وتعتبره من (الخطوط الحمراء).
غير ان مصدراً بالاتحاد ا لافريقي قال إن غالبية النقاط التي طرحتها حركتا التمرد استبعدت بصورة كاملة.. واعرب المصدر في ذات الوقت عن اعتقاده في التوصل لاتفاق بشأن اعلان المبادئ محل الخلاف.
|
|
 
|
|
|
|
محمد الامين محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست