|
|
 كيف تتعامل الاحزاب السياسية مع منسوبيها المخالفين .. ملف بالرأي العام
|
السبت25يونيو2005
المحاسبة والعقاب
كيـف تتعامل الاحـزاب والتنظيمات السـياسية مع منسـوبيها المخالفين ؟
تحقيق : لبابة جفون
مدخل :
تقول الطرفة الشعبية التي راجت يومها أن نميري وقف يلقي خطابه امام البرلمان ليعلن تطبيق الشريعة وعندها إرتجت القاعة بالتصفيق الحاد. فأضاف نميري متهكماً : «والله لو طبقنا الحدود بالجد كل واحد فيكم إلا يصفق مع جارو» !!
وإن كانت الحدود هي بعض منهج الدين في المحاسبة لحفظ النسيج المسلم فإن لوائح المحاسبة والعقوبات هي السور الشائك الذي يسيج عضوية التنظيمات السياسية من أن تحيد عن مسار الحزب وخطه المرسوم . لكن هذه اللوائح تظل كغيرها من شؤون الاحزاب الداخلية التي «لا يحبذون» الحديث عنها مما يترك مساحة واسعة لما يتردد في الشارع العام عن العقاب داخل الاحزاب والتي يختلط فيها الوهم بالواقع والشائعة بالحقيقة وفي أحيان أخرى بما تكيد به التنظيمات لبعضها البعض بمفهوم الدعاية السوداء لإثارة الغبار حول بعضها بقصد تقليل إقبال غير المسُيسين أو (الفلوتر) كما يحلو لطلاب التنظيمات تسميتهم
--------------------------------------------------------------------------------
تصفيات
الخط الأوفر في خيارات العقاب هو ما يتناوله العامة عن الاحزاب العقائدية على وجه العموم والتي تصل فيها العقوبة على ما يشاع لحد التصفية الجسدية لمن يخرج عن خط الحزب ويهدد بإفشاء أسراره. لذلك بدأنا دخول هذه الدهاليز من بابها الخلفي في التنظيمات اليسارية . حيث تقول الرواية (شائعة - أو حادثة حقيقية) أن مدينة الابيض في حوالي العام 1986م شهدت تصفية أحد كوادر الحزب الذي اشتهر بصرامة قوانينه العسكرية . وذلك الكادر القيادي الذي خرج عن تنظيمه محملاً بالاسرار والمعلومات والتي لم يكن معها بد سوى حادث السير الذي دبره الحزب لضمان صمته إلى الابد وقد كان!
لكن لأهل الحزب المعني رواية أخرى غير ذلك ومحدثنا القيادي بحزب البعث والذي فضل عدم ذكر اسمه يرى أن العقوبة داخل الحزب طابعها تربوي وأقصى عقوبة تنص عليها اللوائح الداخلية هي الفصل وهذه تطال العضو الذي يخرج بإصرار عن مباديء الحزب الداخلية وهو يكف عن أن يكون عضواً في الحزب لكن يمكن أن يعود للحزب في وقت لاحق وفي ظروف أخرى يلتزم فيها بالتخلي عن الممارسات التي قادت الى خروجه منه.
لفت نظر
هناك بالطبع عقوبات أخرى ذات ذات طبيعة معنوية مثلاً توجيه صوت لوم أو تخفيض الدرجة الحزبية أو درجة العضوية في الحزب أو تجريده من المسؤولية. ويضيف محدثنا : لكن ما يروج له عن التصفية وغيرها فهذا ما يروج له خصوم الحزب من الاسلاميين !
ولأننا ندرك إن دبلوماسية التصريح فن يتقنه متمرسو السياسة حملنا أوراقنا صوب الجامعات حيث لحماسة الطلاب قوة دفعها والتي ربما منحتنا المزيد عن هذا الجانب فيرد على تساؤلاتنا طالب منظمة البعث والذي تحفظ على ذكر إسمه قائلاً: نحن في البعث ما عندنا زول نقفلو في حراسة أو نجلدو في الطابور»! وأول المحاسبة عندنا تبدأ بلفت نظر وهو أن يناديك المسؤول ويحدثك في شأن الخطأ المرتكب ويتدرج الأمر الى تنزيل الدرجة الحزبية أو عقوبات مالية تقديرية وقد يصل الامر الى الفصل . ونحن في البعث لدينا كتاب (شائعات ضد الحزب) . أوردنا فيه كل ما يردده الخصوم من شائعات عن الحزب.
نقد ذاتي
يبدو أن معظم عضوية التنظيمات اليسارية يشتركون في تحفظهم على مسألة ذكر الاسم في تصريحاتهم . فكادر الحزب الشيوعي الذي إستطلعناه إمتنع عن الاجابة بلباقة وأحالنا لزميله الآخر والذي تفضل بإجابتنا مع عدم ذكر اسمه بالطبع قائلاً : -
هناك لائحة موحدة تحكم جميع أعضاء الحزب فيها تفصيل عن المحاسبة إذا تعارض فيها نشاط العضو مع خط الحزب العام أو لم يلتزم بتنفيذ مهام الحزب ولدينا أسلوب النقد الذاتي حيث يكتب العضو نقداً لموقفه . أو تجلس معه لجنة داخل القنوات التنظيمية التي ينتمي إليها. وفي رده على سؤالنا عن التصفيات والتشهير وغيرها مما يدور عن الحزب خارجه أجابنا: - تاريخ السودان هو الشاهد في هذه الادعاءات هناك نماذج لأعضاء أفشوا أسرار الحزب مثل احمد سليمان ولم يتعرض لهم الحزب بسوء أبداً . ويضيف كادر الحزب الشيوعي : ولدينا نموذج قريب آخر هناك شخص يدعي عادل عبد العاطي ينتقد الحزب بعد خروجه بشكل غير لائق وردت عليه مجموعة من عضوية الحزب بطريقة موضوعية جداً.
حلق الصلع
وهنالك أيضاً تجربة المرحوم الاستاذ / الخاتم عدلان. عندما حضر الجثمان كان الحزب في إستقباله وسافر العديد من القيادات مع الجثمان حتى مكان الدفن في أم دكت.
وأثناء بحثنا في جامعة الخرطوم عن شيوعي جريء يكشف لنا بعضاً آخر مما إستتر . قابلنا الطالب محمد المعتصم (رابعة هندسة) جبهة ديمقراطية فشرح لنا وجهة نظره عن العقاب :-
التنظيم كمفهوم هو مجموعة من الطلاب إتفقت على برنامج محدد لتنفيذه ولابد من وجود لائحة تنظم عمل هذه المجموعة وحتى يتم تنفيذ البرامج لابد من الاتفاق على اللائحة وهي بدورها تحدد واجبات وحقوق الاعضاء. وأي عضو من أعضاء التنظيم إذا أخل بماجاء في هذه اللائحة يتعرض لعقوبات تبدأ من التوجيه ، صوت اللوم النقد الذاتي ، الانذار بالفصل ثم الفصل. وهذه العقوبات لاتأتي من فرد وانما من هيئات تنظيمية مختلفة .. مثلاً عقوبة الفصل يشترك فيها كل الاعضاء (الزملاء) بالتصويت أو بإستطلاعهم . والعقوبات تشكل حسب سمة التنظيم ومدى ديمقراطيته لأن العقوبات أداة من ادوات تطوير الاداء العام في التنظيم.
أما التنظيمات (والحديث لا يزال لمحمد معتصم) الشمولية واللا ديمقراطية تأخذ العقوبات فيها سمة العسكرية وهذا مشاهد في بعض التنظيمات السياسية مثل (حلق الصلع ، حبس وأحياناً الضرب) كما حدث في العام 1999م (حرق الكتاب المقدس) بالجامعة.
وننتقل من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين باحثين عن شكل العقوبة لدي الجماعات والتيارات السلفية . فيخبرنا الطالب أبوبكر السنجك (رابعة هندسة) والذي ينتمى إلى جماعة أنصار السنة المحمدية : العقوبة في (الجماعة) لا تتعدى النصح وأحياناً إذا أخفق أحد الاعضاء في أدائه الاداري يتم تكليفه بعمل آخر يتناسب مع مقدراته أما إذا إنحرف أحد الاعضاء في سلوكه فتلقائياً يفارق الجماعة. ويضيف سليمان النور سليمان (بكلية القانون) والذي ينتمي للجماعة أيضاً:-
في البداية نقوم بتقديم النصح لهذا الفرد واذا لم يقبل النصح يتم هجره والغرض من هذا الهجر أن يعود لصوابه ورشده .
ويضيف الاستاذ / علاء الدين الزاكي موضحاً رؤيته بأن الحدود والعقوبات يتولاها السلطان وأي جماعة لها أمير يشرف عليها من حقه أن يوقع العقوبة على من يخالف الجماعة وخطها.
الشعبية لا تفعل
أما الحركة الشعبية فرغماً عما يقال هنا وهناك عن طريقة العقاب الصارمة ذات الطبيعة العسكرية داخل الحركة لكنها هي أيضاً تتحفظ على نشر نماذج العقوبات داخلها على لسان الاستاذ / نيال دينق نيال الذي يخبرنا بأنهم في الحركة لا يملكون لائحة مفصلة للعقوبات لكنها متضمنة في قانون الحركة وبها درجة كبيرة من المرونة وأن مبدأ المحاسبة يتوقف على الشخص ونوعية الخطأ . وإذا ثبت الخطأ يحول لعمل آخر يوقف من اللجنة لكننا لا نلجأ للفصل لان عملنا تطوعي لا يتم بمقابل.
وإن كانت الحركة الشعبية لا تلجأ للفصل فإنه على العكس منها أحزاب الأمة والاتحادي والتي تتبني منهجاً في العقاب يتمثل في الفصل والفصل المقابل !!!
لكن للعقاب عند الاسلاميين (قبل وبعد الانفصال) قصص وروايات.
وفن وإبتكار العقوبات عندهم يتسع ليشمل الكثير المثير الخطر! لذلك كانت وقفتنا معهم أولاً مع أحد الطلاب والذي لم يعجبه ذكر إسمه كذلك: - قطاع الطلاب يعتبر مورداً رئيساً لتدريب الكوادر لذلك ندقق جداً في مستوى الانضباط وبالتالي العقوبات والتي تبدأ من حفظ آيات من القرآن أو غرامات مالية أو حلق صلعة أو يبيت العضو المعاقب في المقابر وحتى الجلد أحياناً يكون ضمن العقوبات. لكن في السنوات الأخيرة قل الاهتمام بالعقاب بصورة كبيرة .
وبسؤالنا للاستاذ عبد الله دينق نيال أحد قادة تنظيم الشعبي أجاب :-
أصلاً النظام الاساسي للحزب يشمل كيف يحاسب العضو وكيف ينتخب والمدة القانونية لبقائه في منصبه. وماذا يحدث عند الخروج على مباديء الحزب وعندما يخطيء عضو على مستوى القيادة فإنه يجنب ويبعد من المواقع الحساسة ولا يكلف بأعباء ومهام. وعندما سألناه عن الجلد أجاب : عقوبة الجلد موجودة في تنظيماتنا الطلابية وبعض نجوم المجتمع الآن جلدوا في هياكلهم السابقة ولا أريد أن أذكر أسماء.
أما عن الفصل فلا أذكر منذ العام 1989م أن الحركة الاسلامية فصلت أحداً من عضويتها!!!
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست