الشاعر إرهابياً-----جمال عبدالرحمن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 07:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-29-2005, 09:06 PM

Ibrahim Adlan
<aIbrahim Adlan
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 1200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشاعر إرهابياً-----جمال عبدالرحمن

    اللامعنى. إنكفاء إلى الداخل وإرتدادٌ أشدّ عمقاً، إرتداد إلى داخل الصدَفة لصدّ أحجار الآخرين فلا تصل الرأس ولا تصل القلب.

    القصيدة إعتقالُ عين القاريء برهة وجيزة للنفاذ إلى قلبه وغسل دماغه بمعنى آخر للحياة نحن نحدده، نحن نصوغه، نحن نسمّيه. معنىً مبتدع مرهون بآنيتنا قد نرفضه غداً، قد نناقضه بكتابة آنية أخرى تعيد صياغة منهج الحياة في قلوب الآخرين التي سنعتقلها غداً. الشعراء الجيدون إرهابيون. القصيدة إعتقالٌ دائم وغسل دماغ.



    ( 2 )

    الشاعر لا يقرّ الشاعر. الشعراء إرهابيون لجهات مختلفة تتسابق لاجتياز الآخر و تقليم أظافر كلماته، تحديد فاعلية نصه بنص آخر أحدّ تكنيكياً، أدقّ إصابةً في موطن القلب، تسابقٌ حثيث لصيد الرؤوس. الشعراء عملاء الآتي ومرتزقة ما مضى. عناوين براقة ومطالع مغناطيسية،طعوم لصيد عواطف البشر و الإندساس فيها. إقناعٌ قسريّ بعقيدة القصيدة .. ( هل للشعر عقيدة ؟).


    النقّاد أعداء للشعراء. كاشِفو مصائدهم ومفككو ألغامهم، خبراءٌ لحرب عصابات النصوص، محرضوهم على ابتكار ما هو أغرى من الجبنة و أعقد من الديناميت لقنص القرّاء من أهدابهم، لخلخلة الأرض تحت عقائدهم، مسلّماتهم. القاريء وحده الأعزل أمام سلاح الكلمات.



    ( 3 )

    الكتابة ، كتابة القصيدة، تبدأ بانفصال وجدانيّ كلّي عن الموضوع. لحظةُ قطيعةٍ شاملة مع الموجود. مع ما هو راهن. نقطة وخز القلم الأولى على الورقة هي ثقبٌ في جدار الزمن لتسريب هواء الأبدية و التنفس منه على شكل سطور. خلود القصيدة يتوقف على حجم الثقب في ذلك الجدار، على كمية الهواء المتنفَّس من الأبدية. إذا حدث ونظرتَ في ثقب الورقة، ورقة الزمن، ستبصر طابةً تنطّ بين يدَي طفل يلعب في حدائق الوقت. الطفل هو أنت و الطابة هي العقل .



    ( 4 )

    الأبجدية رموزٌ سرّية. فعاليتها تكمن في دقّة تراصفها، في مزجها الكيميائيّ الخاص لقلب أمزجة الراقصين حول النار، حواليها.

    الشاعر الجيد بدائيّ متحضر، ساحرٌ بمعنىً ما.



    ( 5 )

    الظلمة محكٌ كبير لعين الشاعر، محكُّ مقدار ما يرى في الظلام. الشعراء العاديون شعراء نهارات فقط. يرون ما يرى الجميع ويدونون أنهم رأوها، إلا أنهم عميان عن ظلمات دواخلهم. كلما أغمض الشاعر عينيه عن النور الجماعي الكاذب رأى دواخله بوضوح أفضل. الشاعر الأول هو رائي الظلام الأول، رائي النهارات الأكبر في جنح الليل.

    مِن اللامرئي إلى المرئي. هذه لعبة الشعر. الشاعر قارئ وكاتب في نفس الوقت، يقرأ ما لا يُرى ويكتب لمن لم ير. الشاعرُ الإنسانُ الوحيد الذي له عيون قطط ويرى في الظلام . دعوني أكتب ولا توقدوا المصباح.



    ( 6 )

    الشاعر أمّيّ أمام الأشياء، مدهوش بما لا يُدهِش. مدوّن هيروغليفيّ لأشياءٍ نسيناها. الغريزةُ عنده عقلٌ لا يُفسَّر. ما سيحدث أمامه شيء كان في أعماقه قبل مئات السنين فهو عارفه بلا تعليل.

    الشاعر عرّاف غريزي، الحدس عنده رُبّان العقل.



    ( 7 )

    ... والإرهابي كذلك، الأيديولوجيات عنده إكتشافٌ نثريّ بطيء للأشياء، إستدراجٌ إستسلاميّ نحو تقبّل ما هو عليه، تقنينٌ للغريزة، دُهشة معلّبة. هاجس المباغتة عنده هو الضربة الشعرية التي ستهزّ كل ما تحت مسدسه، تُخلخل كلّ ما هو مقنن ومفروغ منه سلفاً . رؤياه وفعله شرخٌ في قانون الجماعة واستئثار استبداديّ بمشاعرهم طالما هو الذي يملي، طالما كانت عيونهم مشدودة بفوهة الكلمات. القاريء وسيلتنا ورهينتنا لتغيير ما نريده ونرى أنه حق.

    أواه يا خطف الطائرات !



    ( 8 )

    كيف يمكن إكتشاف النور؟

    كيف يمكن التحليق بربّان ضدك؟

    أسئلة الشاعر والإرهابيّ.



    ( 9 )

    اللغة متراسٌ وسلاح في الوقت نفسه. سلاح قد ينفجر عليك، ومتراس قد تجرك أية ثغرة فيه إلى الهزيمة.
    التعامل مع اللغة تعاملُ إستيلاءٍ وسيطرة، كلّ خضوع لها تأخّرٌ في الإنفلات من سلطتها، عبوديةٌ بشكلٍ ما لشكلٍ قديم.

    ما نحن إلا مخربون لهذا الشكل، متمردون على السلطة، كلّ سلطة وإن كانت معنا. كلّ تفاهم مع علاقة آنية سلطوية خيانةٌ لوظيفة الشعر، لثوريته. كلنا مخرِّبون ما دمنا نكتب بشكل جديد.

    سلطةُ اللغة معادِلةٌ لسلطة الدولة. علينا أن نلعب معها لعبة القانون. نسير وفق قوانينها ونضربها بها ومن خلالها. كلّ قانونٌ قمعٌ مُضمَر، متّفق عليه. إستغلالُ كل فسحة مرتخية في كلابة الهيمنة القمعية للإنفلات والكرّ. لعبة حرب البراغيث ذاتها التي تُدمي القلب وتنهكه حتى الموت.

    القتل، قتل الجسد القديم هو الغاية والوسيلة، مع أننا نعيش على دمه طوال وقت حياته، والإنتقال لجسد آخر، لدم آخر جديد.



    ( 10 )

    اللغة ضد الشاعر طالما هو يرى. كلما اتسعت عيناه رآها تبتزه، تقصّ من أجنحة تحليقه. وعيُ اللغة ماهو إلا إدراك لفداحة الاختناق الذي يصيب أصابعه في هواء اللغة / السلطة.

    يتعامل معها كصديق وهي عدو لأنه ما من صديق آخر. كيف يمكن تهذيب هذا الصديق ـ العدو، العبد ـ السيد، و إعادة تحجيمه على مقاس الرؤيا الأفقية، التي هي عمودية في الوقت ذاته؟

    الأمر لا يزيد عن التدريب، الحذق في الإنفلات والإنقضاض، في الزوغان والإرتداد ثانية. المهارة التكنيكية كفيلةٌ بالسيطرة. المعرفة ذاتها وسيلة للسيطرة، والسيطرة هي طريق القوة التي ستغيِّر. إبتكار لغةٍ فوق اللغة تتسع لرؤيا فوق الرؤية، هذا هو الهدف : شذْ اشتطْ اجنحْ قاومْ تفولذْ إخرقْ.



    ( 11 )

    القصائد طرودٌ ملغومة تحمل إنفجار الشاعر. وكلما مُوّهت أصابع الشاعر وأُخفيت بصماته كان الإنفجار أشدّ وأكبر تأثيراً لأنها ستكون أقرب إلى الرأس والقلب. ما اللغة إلا علبة شيكولاته معبأة بقنبلة موقوتة. قوّة إنفجار القصيدة داخل المتلقّي يتوقف على مقدار القِطع التي وضعها بين أسنانه. الأسنان قضبانٌ لإعتقال اللسان. ما الفمّ إلاّ زنزانة.

    علينا بهم، و ليُسمع إنفجارنا بين جماجمهم !



    ( 12 )

    أعترف بأنني مجنون قليلاً، مُولع بالإنقضاض والأخذ بالتلابيب. الطفلُ مُطلق السراح في داخلي، وهذا يجعل الكثيرين يحسدونني ولا يحبوني. أهناك فاصلة بين المجنون والطفل؟

    ما الجنون إلا تذكرةٌ دائمة لإجتياز الأعراف، و الطفولة كذلك.

    الجنون إختيار العقل العنيف للعودة إلى الطفولة. قرارٌ شديد الذكاء لإكتشاف ما هو خارج التقاليد بصورة لا تقليدية، وبلا أية تبعات، الشاعر طفل ونبيّ ومجنون. أو فلنقلْ : رؤيا النبوة التي تضيء طريقَ الجنون ليعود عليه الشاعر طفلاً .

    أعترفُ أنّ الشعراء مجانين.



    ( 13 )

    لا تبحثْ عن الحقيقة ، الحقيقة ستأتي إليك.

    إبحثْ عن الباطل ترَ أن الحقيقة تقترب منك كلما وضعتَ يدك على ما ليس بحق. الحقيقة باطلٌ مموّه. ضوءٌ مُنتحَل مزيَّف مفتتنون به، تماماً كضوء القمر. لا تبحث عن الحق وتنسَ الباطل. الحقّ تحت يدك والباطل فوقها. لا تبحث عنه في الأديان والعقائد والنظريات. فالحقائق في النظريات والأديان والعقائد كلها ناقصة. الحقيقة المطلقة تكمن وحدها في الشعر.



    ( 14 )

    لا : هي تعويذة الشاعر ضد فساد الشعر وارتخاء الروح، قاموسُ النقض والتجديد، سيفان متقاطعان على خوذة الشاعر الإرهابيّ، رتبةٌ في مقام الكتابة .

    لا : كهربةٌ في الأعصاب تمنح توتراً عالياً لكل الأشياء. الشاعر فيها مُستفَزّ دائماً وعيونه المركّبة ترى ما خلفه وما قدّامه. كلّ رضىً عمّا نحن فيه إرتخاءٌ في عَصَب الكتابة، خيانةٌ لنصّ الكينونة، كينونة النصّ .

    ما ( نعم ) إلاّ فضيحة القلب وهزيمة التمرد في ثكنات الروح.

    ما أجملك وهم يشيرون إليك : هذا شاعرٌ قال: لا .



    ( 15 )

    لا تقارنْ نفسك بشاعر ما. قارن بما ستؤول إليه وما يمكن أن تؤوله .

    لستَ، أيها الشاعر، سوى قاريءٍ وجد نفسه مضطراً لكتابة ما لم يستطع كتابته أحد غيره، متحرّك دائمٌ في مستعمرات الروح، طائفٌ أزليّ حول النور و إنْ كان وهماً .



    ( 16 )

    أيها الشعراء!

    كلّ غصن غادر الشجرة صار فأساً. والحرية مع النمور.



    ( 17 )

    دعوني أمرّ ، أنا إعصارٌ متضايَق .





    * * *

    1988


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de