نجم الديمقراطية الرابعة .. بقلم الدبلوماسي الأديب/ محمد المكي ابراهيم

Quote: نجم للديموقراطية الرابعة محمد المكي ابراهيم [email protected] يقول اسمه انه من بيت طائفي أو على الأقل من بيت له انحيازاته الطائفية ولكنه أقوى المرشحين لفض الاشتباك بصورة نهائية بين الطائفية والسياسة. ويجمع من يعرفونه ومن لا يعرفونه انه ابن البلد الأصيل في الكرم والخلق ومخافة الله ولكنه مرشح لقيادة السودان الجديد نحو آفاق التقدم والحرية الدينية والقيم الجديدة. ولا تعرف إلا قلة من المقربين انه سدد فاتورة الحرية بالكامل على عكس رجال الطبقة السياسية الذين لم يتعرض معظمهم لبطش الأمن وعنجهيته ولم يعرفوا المصادرة والمعاملة القاسية التي لا تتفق ومقتضيات المقام.. انه ميرغني عبد الرحمن حاج سليمان أسطع النجوم السياسية في مرحلة الديموقراطية الرابعة وشيكة البزوغ. عرفت هذا الرفيع المقام على أيام مغامرتي السياسية في برلمان الجبهة حين كانت الأبواب مسدودة في وجهي لكوني شخصا يقول خطير الكلام في المجلس الانتقالي سيئ الصيت،ولكن باب الميرغني ظل مفتوحا أمامي أقصده للاسترواح وتجديد الروح والائتناس بروح شجاعة لا تهاب لكونها قادرة على استجلاء المستقبل وشهود انهيار الطغيان قبل ان يحل به العار والدمار. وفي أكثر من مرة التقينا في واجب العزاء في المقابر وتخلفنا هناك بعد انصراف المشيعين (ورجال الأمن) ليزودني بآخر الأنباء ويرفع روحي المعنوي مبشرا بانحسار دولة الظلم مهما طال الزمن. كنت أحيانا أقصد تلك الدار الكريمة في الخرطوم اثنين فيقابلني أحد المستظلين بظلها من شباب العائلة مصرا على أن أتفضل بالدخول فيسقيني ويرويني قبل أن يبلغني أن "ناس الأمن" جاءوا في الفجر وأخذوا صاحب الدار. وذلك تقليد من تقاليد الكرم وحسن الضيافة قرره لهم صاحب الدار نفسه.وقد تعلمت من تكرار تلك الاعتقالات لميرغني أن أسال عند الباب:" الأستاذ ميرغني موجود أم معتقل؟" روى الرواة أن الجلاوزة ذهبوا إلى داره ليعتقلوه فأغلظوا له القول وأساءوا الأدب في حضرته بما أحفظ أحد شباب الدار فتصدى لهم وناهرهم مستعدا للمنازلة والعراك فتصنعوا الصبر عليه إلى أن اخذوا أسيرهم وذهبوا به ثم عادوا للفتى الجريء فأخذوه إلى حيث يأخذون أبناء الناس وأشبعوا جسده ضربا يريدون أن يصلوا إلى روحه ويكسروها ولكن هيهات فان من ينشأ في ظل ميرغني حاج سليمان لا يمكن كسر روحه أو تفتيت عزيمته . ميرغني عبد الرحمن كردفاني أصيل درس وعمل وتقلد المناصب في كردفان الغرا وأنا أيضا كردفاني معتق ولكن شاءت ظروفنا أن لا نلتقي ونتعارف في ذلك البلد الطيب رغم معارفي وأصدقائي الكثيرين من عائلته الكريمة وحين التقت دروبنا لم تكن هنالك صعوبة تذكر في اتصال القلوب والأرواح فقد كنا على البعد نعرف الكثير عن بعضنا البعض وكانت أخلاقه الرفيعة اكبر معين لنا في تجاوز الغربة عن بعضنا وتوثيق الإحساس بالصداقة والأهلية. لست مندفعا للإشادة بميرغني لأي من تلك الاعتبارات على ما لها من قوة وتأثير ولكنني مدفوع لذلك بنظر موضوعي متجرد من شخص لا يطيع أهواءه في أمور السياسة محتفظا باستقلاله عن كل الأحزاب فقد أقنعت نفسي منذ زمان بأن ابذل إعجابي للصادق المهدي وإبراهيم نقد ومحمد الأزهري والحاج مضوي وجادين دون أن ادخل في الزمرة السياسية لواحد من أولئك الأعلام وحتى في الحركة الإسلامية كان لي أناس احترمهم وأحبهم بعضهم خيب أملي فيه وبعضهم لا زال بنظري رفيع القدر والمقام ولكن ذلك لم يحفزني إلى الانحياز للأحزاب التي يمثلون .. وبالمثل لا أفكر بالانضمام لحزب ميرغني عبد الرحمن ولكنني أمحضه محبة ناصعة وإعجابا ولا أتردد –من وجهة النظر الفكرية- في مناصرة أطروحاته المقتدرة التي لا أجد أفضل منها في طول الساحة السياسية وعرضها.ولا أنكر إنني منفعل بالكلمات الرائعة التي قالها لشعبه بعد غربة دامت عقدا من الزمان فقد طالب الطبقة السياسية بالاعتذار لذلك الشعب عما لحق به من إهمال وعذاب بسبب إهمالهم وعلى أيدي الإنقاذيين ومن وجهة نظر أخرى كان يمكن مطالبتنا بالاعتذار للقادة الأفذاذ أمثاله ممن تركناهم وحيدين يواجهون عسف السلطة وجنونها. ليس ميرغني وحده ضحية إهمالنا وصمتنا عن كلمة الحق فأمثاله ألوف من الرجال والنساء من أبناء وبنات بلدنا الذين زجهم نظام الإنقاذ الفاسد في السجون والمعتقلات وأسلمهم لعصبة من جلاوزته صغار الأحلام قساة القلوب وهؤلاء هم الذين يستحقون منا الاعتذار كما يستحقون التمجيد والتكريم فان مرأى دماءهم الشريفة هو الذي أدخل الرعب في قلوب الإنقاذيين وجعلهم يندمون على اليوم الذي تصدوا فيه لسرقة السلطة والتصدي عن غير قدرة لمهامها الجسام. سيأتي يوم نعود فيه جميعا إلى الديار ولسوف نقيم لكل واحد من أولئك الأبطال تكريمه الخاص فأولئك هم الملأ إذا اقتبسنا لهم كلمة الرسول الكريم. ويكفيهم فخرا أن تضحياتهم جذبت اهتمام العالم كله إلى فظاعات المتحدثين باسم الإسلام السياسي وجعلت العالم يقف صفا واحدا بمواجهتهم ويطاردهم من كهف إلى كهف إلى أن يتم اقتحام آخر الكهوف ويجري غمرها بالضياء. صحيح أن النهج الدائري الذي تنتهجه السلطة لن يقود إلى الديموقراطية والتعددية الحقيقية ولكنه يطلق قوى أخرى من عقالها وبمزيد من التضحيات ستنهار جدران الباستيل . ولهذه وأمثالها يعود ميرغني سليمان الى بلاده محروسا بالأفئدة والقلوب