لمحات من.حياة الاديب كافكا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2005, 10:50 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لمحات من.حياة الاديب كافكا

    ترجمة : علاء عزمي



    علي مدار أربعة عشر عاما '1910­1923' داوم كافكا علي تدوين يومياته بشكل منتظم، ولم ينقطع عنها الا في حالات نادرة وقد تعامل كافكا مع يومياته بدفء وحميمية، فلم تكن بالنسبة له مجرد صفحات تحتفظ بذكرياته وأخباره، وإنما صديق وفي يكتم أسراره ويحتوي مشاعره، ومرآة صادقة يتعري امامها بلاخوف أو خجل. وتعد اليوميات مرجعا­ ذاتيا­ فريدا عن حياة كافكا، يتضمن أحداثا وتفاصيل دقيقة عنه وعن أسرته وأصدقائه بالإضافة إلي بعض أعماله الأدبية مثل قصة الحكم التي كتبها كجزء من يومياته ليلة 23 سبتمبر .1912 كما تطلعنا اليوميات علي أحلامه وكوابيسه والعديد من رسائله الخاصة إلي جانب عشرات القطع النثرية القصيرة التي لاتقل جمالا عن أي من أعماله الخالدة، فتمتزج فيها روعة الأسلوب وسلاسة اللغة بغموض­ كافكاوي مميز. وكان كافكا حريصا بشدة علي أن يستأثر­ بمفرده­ بروعة يومياته، فحجبها عن الجميع، ولم يحظ أي مخلوق بالاطلاع عليها أثناء حياته. ولكن في أيامه الأخيرة حين اشتد عليه المرض، ولم يعد قادرا علي مواصلة كتابتها، قام بإهدائها إلي صديقته ميلينا، راجيا إياها ألا يراها أحد غيرها قبل وفاته وكأنه لم يكن ليقوي علي أ ن يشاركه أحد في قراءتها.. لكن اليوميات ساهمت في قلة إنتاج كافكا الأدبي نوعا ما، ففي حين لم يتجاوز حجم قصصه ورواياته مجتمعة 300 صفحة، بلغ حجم المخطوطات الأصلية لليوميات­ والتي يحتفظ بها الآن في مكتبة جامعة اكسفورد­ 15 دفترا كبيرا، الأمر الذي يزيد من أهميتها باعتبارها مستندا هاما لفهم كافكا وتفسيره.
    في هذا البستان نتصفح بعضا من تلك اليوميات والتي تترجم إلي اللغة العربية للمرة الأولي، في محاولة جادة منا لاقتحام عالم كافكا الخاص، والاطلاع عليه بلا حواجز.


    ذلك الوميض الخافت

    16 ديسمبر 1910
    'لن أدع كتاب اليوميات أكثر من ذلك، ففيه أسجل ملاحظاتي وهي ميزة لا أجدها في سواه. أود البوح بشعور الغبطة الذي ينتابني من حين إلي آخر مثلما هو حالي الآن. فكم هو رائع حقا أن يملكني ذلك الوميض الخافت الممتع والذي يوهمني بقدرات أنا علي يقين تام ودائم باستحالة وجودها..'


    تفاهة الكتابة تدرك بعد فوات الأوان

    12 يناير 1911
    'لم أكتب كثيرا عني اليوم، إما كسلا (فكثيرا ما أغط النهار كله في نوم عميق، فضلا عن إحساسي بثقل كبير أثناءه)، واما خوفا من خداع النفس. ولهذا الخوف ما يبرره. إذ لن تغدو الكتابة معرفة صادقة لقدر النفس إلا بأقصي درجات الكمال والإخلاص التام.. ولأن هذا لا يحدث ولأنني لا أمتلك المقدرة عليه بأي حال من الأحوال­ فإن الكتابة تتحول إلي وجهة نظر ويجنح الحرص الشديد إلي مشاعر عامة عارية علي نحو تتلاشي فيه المشاعر الصادقة، في حين أن تفاهة الكتابة تدرك بعد فوات الأوان..'.


    خوفي لا يمنحني غير سعادة منقوصة

    19 يناير 1911
    'انتويت ذات مرة ان أكتب رواية يتصارع فيها أخَّان، رحل أحدهما إلي أمريكا بينما قبع الآخر في سجن أوروبي، كنت أبدأ من حين لآخر في كتابة بضعة سطور قليلة منها ثم سرعان ما أجهد. وحدث في ظهيرة أحد أيام الآحاد حين كنا في زيارة إلي جدينا وقد اعتدنا أن نلتهم لديهما خبزا تقليديا طريا توضع عليه زبدة، حدث أنني دونت شيئا عن سجني، وتمكنت أيضا من خلال طريقة فرد الورق علي مفرش الطاولة والطرق بالقلم الرصاص والنظرأسفل المصباح وخلاله من أن أصنع قدرا كبيرا من لفت الانتباه، رغبة مني في حث أي شخص علي انتزاع ما أكتبه والتدقيق فيه والإشادة بي. وكان مهما جدا وصف ردهة السجن في بضعة سطور، خاصة سكونها وبرودتها. كما كتبت كلمة تعاطف مع الأخ القابع هناك لأنه أخ طيب. وربما اعتدت في السابق أن يتملكني شعور عام بتفاهة وصفي إلا أنني لم أرع اهتماما لتلك المشاعر قبيل هذه الظهيرة، وذلك لأنني بين أقاربي، من أعتادهم (كنت أخشي ألا يمنحني خوفي غير سعادة منقوصة). جلست علي طاولة مستديرة في حجرة ألفها، ولم أنس أن سكوني هذا هو من صنع مني رجلا كبيرا رغم صغري. وأخيرا، أحد أعمامي والذي كان يضحك بشدة أخذ تلك الأوراق التي أمسكتها بشيء من الريبة، ألقي عليها نظرة قصيرة ثم أعادها إليٌ ثانية وقد زال الضحك من وجهه، وجه كلامه لأولئك الذين كانوا يطاردونه بنظراتهم قائلا 'شيء معتاد' بينما لم ينبذ بكلمة معي. ظللت جالسا مكاني، وانحنيت علي أوراقي الفاسدة مثلما كان الأمر في السابق. إلا أنني قد أقصيت من الصحبة المتواجدة بلطمة، وأخذ رأي عمي يتردد داخلي حاملا معني حقيقيا لاجدال فيه، إذ أن تلك المشاعر الأسرية قد أطلعتني علي خواء بارد لعالمنا يجب أن نمنحه الدفء بالحماسة، وهو أمر عنيت به متأخرا'.


    يقرأ إلي جوار زوجته في المقهي

    24 أغسطس 1911
    'جلست بصحبة بعض المعارف علي طاولة مقهي في الخلاء، كنا ننظر إلي امرأة وصلت لتوها وتجلس علي الطاولة المجاورة لنا. كانت تتنفس من تحت نهديها الكبيرين بصعوبة وبدا وجهها المائل إلي السجمرة محموما لامعا. أزاحت رأسها إلي الخلف فلاح في ذقنها أثر لحية خفيفة جدا، ثم حولت نظرها لأعلي وكأنها ترقب زوجها الذي يقرأ بجوارها صحيفة مصورة. آه لو يعلم المرء أنه سيقرأ إلي جوار زوجته في المقهي صحيفة وليس مجلة!! بعد لحظات استعادة وعي جسدها السمين فتزحزحت قليلا عن الطاولة'.


    وكأنها تصيح في حارة باريسية

    5 نوفمبر 1911
    'سوف أكتب وماتزال الرعشة في جبهتي حيث أجلس في حجرتي، أكثر أجزاء الشقة صخبا وضجيجا علي الإطلاق. أسمع طرقا لا ينقطع علي جميع الأبواب، واستشعر خطي العابرين بينها، كما يصلني صوت موقد الغاز في المطبخ. يقتحم أبي حجرتي مرتديا سترة نوم بذيل طويل في حين يخربش رماد الموقد في الحجرة المجاورة. عبر حجرة المكتب تتساءل فالي مستغربة وكأنها تصيح في حارة باريسية.. إذا كان أحدهم قد قام بتلميع قبعة أبي!؟ بعدها تعلو نبرة حذرة مبحوحة بالإيجاب. يبدو صوت أكرة باب الشقة كالتهاب في الزور، باب الشقة لا يصمت أبدا، يفتح فتسمع ترنيمة نسائية قصيرة ويغلق فتشعر بهزة ذكورية عميقة. خرج أبي الآن وبدأ ضجيج رقيق شارد، ضجيج بلا أمل يقوده طائرا كناريا عبرا إلي الشقة من شق صغير بالباب. اخوتي وصديقاتهن لا يتوقفن عن الثرثرة'.


    ماكس العجيب

    14 ديسمبر 1911
    'عنفني أبي ظهرا لأنني لا أولي اهتماما بالمصنع، وقد أوضحت أنه كان بإمكاني المساهمة في ذلك لو أنني أنتظر مكسبا، لكنني لا أستطيع.. وحين واصل أبي تعنيفه وقفت في الشباك ملتزما الصمت. في المساء وجدتني أتفكر في حديث الظهيرة وكنت سعيدا جدا بوضعي الحالي، وشعرت أنه من الضروري أن أحرص علي تخصيص وقتي كله للأدب وحسب. ورغم أنني لم أتعرض لتلك الأفكار من قبل إلا أنها بدت مألوفة، فضلا عن اتفاقها وقدرتي علي تسخير وقتي بأكمله للأدب. وارد أن يكون هذا الاقتناع نابعا من تفكير لحظي لكنه قوي جدا. كذلك فقد اعتدت التفكير في 'ماكس' باعتباره شخصا عجيبا رغم ما يحييه من قراءات أدبية وأمسيات موسيقية في برلين. ويستلفت الانتباه أيضا أنني لا أفكر في ماكس إلا عندما أقترب من مسكن الآنسة 'تاوسيش' أثناء نزهة المساء'.


    فمها الكبير يتحرك

    7 يناير 1912
    'للأسف تلعب السيدة تشيسيك أدوارا لا تبرز غير طبيعتها الحقيقية، فدائما ما تجسد أدوار النساء والفتيات اللاتي تحولن إلي تعيسات ومفضوحات، يصبن بالأمراض ويبخلن علي أنفسهم بالوقت فلا يتطورن علي نحو طبيعي. ويمكن للمرء أن يفطن مسبقا إلي الدور المناسب لتشيسيك وذلك من خلال الطاقة الطبيعية المتفجرة بداخلها والتي تظهر في كافة أدوارها ولا تصل إلي ذروتها إلا أثناء التمثيل بينما يكتفي­ استنادا إلي ثرائها المنشود­ بالإشارة إليها فقط في النص المسرحي المكتوب (إحدي أهم حركاتها علي الإطلاق يبرزها تبختر خاصرتها المهتزة والتي قد تتصلب أحيانا، تمتلك ابنتها الصغيرة خاصرة جامدة لأقصي حد.. عندما يتعانق الممثلون فإن كل منهم يتشبث ببروكة الآخر بعنف!!).
    حين صعدت مؤخرا بصحبة لوفي إلي حجرته ليقرأ عليٌ الرسالة التي كتبها إلي مؤلف من وارسو يدعي نومبورج، قابلنا علي البسطة الزوجين تشيسيك. كانا صاعدين إلي حجرتيهما ومعهما ملابس تنكرية من أجل 'كول نيدري'، وقد غطا الملابس في ورق ناعم كأنها حلوة. توقفنا برهة من الزمن، واستندت إلي درابزين السلم. كان فمها الكبير يتحرك مقتربا بشدة وقد اتخذ أشكالا مدهشة ولكنها طبيعية. وحدث أنني أكسبت الحوار طابعا كئيبا، فرغبتي في الانتهاء بسرعة من عبارات الحب والإطراء دفعتني للتأكيد فقط علي أن الجماهير الغفيرة خرجت من المسرح متكدرة وأن برنامج المسرح منهك للغاية ويعجز معظم الحاضرين عن إكماله وأنه من الأخلق أن تهدأ نبرة النفور من يهود براغ بينهم. يجدر بك­ هكذا خطابتني­ أن تحضر يوم الاثنين (ليلة سايدر) رغم أنني شاهدتها من قبل. بعد قليل سمعتها تردد تلك الأغنية (بوري يزرويل) والتي أيقظت داخلي­ مثلها تماما­ ذكريات قديمة، خاصة الحب'.


    صعد ليستعيد عافيته.. وغرر بفتاة!

    10 مارس 1912
    'لقد غرر بفتاة من قرية صغيرة تقبع في جبال إيزر كان قد نزل بها صيفا كاملا ليستعيد عافية رئته المنهكة. وبلا مبرر­ كحال مريض السل أحيانا­ أوقع الفتاة علي الأرض، وهي ابنة صاحب المسكن الذي ينزل فيه وقد اعتادت علي الخروج معه للتنزه في مساء كل يوم بعد العمل، وبعد محاولة إقناع قصيرة في العشب علي ضفة النهر صارت الفتاة والتي أغشي عليها من الفزع ملك بنانه. بعد قليل أخذ يملأ كفيه بمياه النهر ويفرغها علي وجهها لعلها تعود للحياة مرة أخري. ناداها 'بوشين، بوشين' ثم انحني عليها مرات لا حصر لها. كان علي أتم الاستعداد لتحمل مسئولية هتك عرضها، واجتهد بشدة لكي تسترد وعيها: كان جادا للغاية.. لكن وبلا تفكير تمني لو أنه لم يعرفها مطلقا. أما الفتاة الراقدة أمامه والتي وان عاودت التنفس بانتظام لكنها ظلت مغمضة العينين خوفا وخجلا، فلم تستطع أن تساعده في شيء. ولأنه رجل كبير قوي أزاحها عن طريقه بطرف حذائه. كانت الفتاة ضعيفة ووديعة، فهل احتفظ ما حدث لها بأي معني مؤثر حتي الصباح؟ ألم يكن من الأخلق ألا يسيء إليها مرتين؟.. انطلق النهر بين المروج والحقول حتي شق الجبال البعيدة، وماتزال الشمس المشرقة في المنحدر علي الضفة الأخري، بينما تستعد آخر السحب للانسحاب خلف سماء المساء الصافية.
    لا شيء، لا شيء، انني واهم علي هذا النحو كنت ضعيفا لأقصي حد، خاصة في موضع 'بعد قليل....' وبالذات في 'يفرغها' أما في وصف الطبيعة فقد حاولت أن أري شيئا صحيحا. هكذا، الانسحاب من الذات، من كل شيء. ضجيج في الغرفة المجاورة'.


    أحاول الاطمئنان علي إحساسي بالمسئولية!!

    14 أغسطس 1912
    رسالة إلي روفولت
    'السيد روفولت المحترم!
    أقدم إليكم عملا نثريا قصيرا أرجو من سيادتكم النظر في أمره، فيمكن أن يصبح كتيبا صغيرا. والحق أنني احترت أثناء الإعداد لهذا الغرض بين الانتظار للاطمئنان إلي إحساسي بالمسئولية وبين الرغبة في أن يصبح لي كتاب بين كتبكم الجميلة، وفي الواقع لم أصل إلي رأي صائب للغاية في هذا الشأن، لذا سأغدو سعيدا حتما إذا أعجبكم العمل وقمتم بطباعته، وأخيرا ففي الأعمال التجريبية لا تدرك النواقص من أول نظرة كما أن الفردية المتزايدة للكاتب تستر بطريقتها الخاصة كافة النواقص.
    المخلص'.


    أمتع من السير في شارع باريس

    11 سبتمبر 1912
    'حلم: كنت أتواجد علي ظهر لسان حجري ضيق مربع ممتد بعيدا في البحر. كان حولي نفر من البشر، بدوا لا يعرفونني لذا لم أتحدث إليهم. وأتذكر ركبتي ذلك الرجل الذي كان يجلس بجواري.. لم أكن أعرف في بداية الأمر أين أنا؟ فقط حين نهضت رأيت مصادفة من جهة اليسار، وخلفي من جهة اليمين، البحر الواسع الصافي وقد اصطفت فيه سفن حربية كثيرة راسية. ويمينا شوهدت نيويورك، لقد كنا في مينائها. السماء رمادية وصافية بنفس الدرجة. استدرت في مكاني بحرية، ناحية اليمين وناحية اليسار، معرضا للهواء من كل اتجاه. وألحظ الآن البحر بجواري يموج عاليا، وحركة مرور هائلة لسفن أجنبية. ولا يحضرني الآن غير أننا استخدمنا في الانتقال بالبحر بدلا من قواربنا الصغيرة جذوع شجر طويلة، ربطت بإحكام فكونت حزما دائرية عملاقة أخذت تظهر قليلا أو كثيرة مع مستوي الطفو (الإسقاط) حسب ارتفاع الموج، وقد راحت تتقلب في الماء طوالي. جلست في إحداها ضاما قدميٌ إلي صدري، وكنت أهتز من فرط المتعة، ثم انبطحت أرضا مسرورا، ورددت: إن هذا لأمتع من السير في شارع باريس..'.


    روحي تضيق بمصائب وأفراح أقاربنا


    21 يوليو 1913 '......
    جدول بالمبررات المؤيدة أو المعارضة لزواجي:
    1­ انعدام المقدرة علي تحمل الحياة بمفردي.. ليست المقدرة علي الحياة في حد ذاتها، بل عكس ذلك تماما، فمن غير المحتمل أنني سأتفهم مجرد الحياة مع شخص آخر، ولكن لن أقوي بمفردي علي مواجهة شراسة حياتي الخاصة ومتطلباتي الشخصية وضياع الوقت وفقد العمر والاحتقان الدائم لمزاج الكتابة والأرق ومشارفتي للجنون، لا لن أحتمل كل هذا بمفردي، بالطبع يمكن الإشارة إلي أن الزواج من ف. سيمنحني مقدرة أكبر علي الاحتمال.
    2­ كل شيء يبعث علي التفكير، كل نكتة في جريدة هزلية، ذكرياتي مع فلاوبرت وجريلبارتسير، منظر قمصان النوم علي أسرة والديٌ المعدة للنوم، زواج ماكسين. بالأمس أخبرتني شقيقتي: 'كل المتزوجين (بين معارفنا) سعداء، لكني لا أشعر بهذا' هذه العبارة تدعو إلي التأمل أيضا، لقد عاودني الخوف.
    3­ من الأحري أن أخلو لنفسي أكثر، فكل الذي أنجزته كان توفيقا للانفراد بالنفس وحسب.
    4­ إنني أبغض كل ما لا يمت بصلة إلي الأدب، آمل خوض الأحاديث (حتي وإن كان لها صلة بالأدب) وآمل الزيارات. كذلك تضيق روحي بمصائب وأفراح أقاربنا. إن الأحاديث تلتهم ما أتدبره، الأهمية، الجدية، الحقيقة.
    5­ الخوف من الزواج وما يترتب عليه من نسل فلا أغدو بمفردي أبدا.
    6­ كنت أمام شقيقاتي­ وكان يحدث ذلك في السابق­ شخصا مختلفا غير الذي يراه الآخرون. لا يهاب، مفضوح، مدهش، لا يتأثر­ كعادته­ إلا أثناء الكتابة، فلو تمكنت من إظهار هذا التأثر لزوجتي أمامهم فهل سأعجز عن حرمان الكتابة منه؟! فقط إلا هذا! إلا هذا!
    7­ بمفردي قد أتخلي عن مسئولياتي، لكن هذا الأمر مستحيل وأنا متزوج'.


    أضعف من الصمود أمام رغباتها!

    13 أغسطس 1913
    'ربما انتهي كل شيء بيننا، وتكون رسالة الأمس هي الأخيرة، لكنها الأصلح بلاشك. فما سأعانيه وما ستعانيه لا يقارن بما ينتظرنا من عناء مشترك. سأستجمع قواي الفكرية بينما ستتزوج هي وهو المخرج الوحيد للحبيبين. إنه من الصعب علينا­ نحن الاثنان­ أن نشق طريقا لنا في الصخر. وكفانا سنة بكيناها، وكفانا تعذيبا لأنفسنا. حتما ستدرك هي هذا المعني من رسائلي الأخيرة وإن حدث غير ذلك فسأتزوجها علي الفور، لأنني سأغدو أضعف من أن أصمد أمام رأيها عن سعادتنا المشتركة، وإن كنت سأعجز عن تلبية أي شيء تراه هي ممكنا حتي وإن كان راسخا داخلي'.


    أحبها قدر استطاعتي!

    14 أغسطس 1913
    حدث عكس ما تمنيت، وصلتني ثلاث رسائل، لم أحتمل الأخيرة.. إنني أحبها قدر استطاعتي، إلا أن الحب دفن حيا تحت الخوف وتأنيب الذات'.


    كلكم غرباء!

    15 أغسطس 1913
    'عذاب في السرير قرب الصباح، وخلاص وحيد يلوح في القفز من النافذة. جاءت أمي تسأل إن كنت قد أرسلت الخطاب وإن كان كخطاباتي القديمة، أجبت أن ليته كذلك فمايزال علي نفس تشدده، قالت انها لا تفهمني، وأجبت أنها لا تفهمني في كل الأحوال وليس فقط في هذا الأمر بالذات. بعد قليل سألتني هل سأكتب إلي عمي ألفريد، وهو يستحق ذلك، فتساءلت عن أي شيء يستحق؟ ألأنه اتصل تليفونيا، وأرسل خطابا.. أيعني ذلك أنه يحسن إليٌ؟! وقلت: 'أنه غريب عني، يسيء فهمي علي الدوام ويجهل رغباتي وحاجتي، كما أننا لم نتعامل معا مطلقا'­ 'حسنا لا أحد يفهمك' ردت أمي 'ربما تراني أنا الأخري غريبة عنك وكذلك أبوك، فكلنا ننشد لك الشرور'.. حقا كلكم غرباء عني، بيننا صلة دم لكنها لا تعبر عن نفسها. وإن كنتم لا تنشدون لي الشرور'.



    أسلحة لا تصلح لأجسادنا!

    19 يناير 1915
    اتفقت مع صديقين علي الخروج في نزهة يوم الأحد، وعلي غير انتظار غلبني النوم وتجاوزت ساعة اللقاء. دهش صديقاي لذلك، خاصة مع دقتي المعهودة. لذا حضرا إلي مسكني وانتظرا هناك لفترة ثم صعدا السلم وطرقا الباب. استيقظت مفزوعا ووثبت من فوق السرير، ولم أرع اهتماما لأي شيء غير أن أجهز نفسي في أسرع وقت ممكن. وعندما انتهيت من ارتداء الملابس كاملة وظهرت عبر الأبواب تراجع صديقي للخلف بفزع واضح، وصاحا 'ما هذا الذي خلف رأسك؟'. حقا كنت أشعر منذ أن نهضت من النوم بشيء يعوقني عن إزاحة رأسي إلي الخلف وقد تحسست هذا العائق بالفعل. وبعد أن استجمع صديقاي إدراكهما وفطنت أن هناك قبضة سيف خلف رأسي صرخا فيٌ 'احترس، لا تجرح نفسك!' اقتربا مني وتفحصاني ثم اصطحباني إلي داخل الحجرة عند مرآة الدولاب وخلعوا الملابس عن نصفي العلوي سيف قديم ضخم بمقبض علي هيئة صليب مغموس في كتفي حتي مقبضه، علي نحو جعل النصل يدلف بلا مبرر بين الجلد واللحم فلم يجرحني. كما أنه لا توجد أية جروح بموضع الاختراق عند الرقبة، وأكد صديقي علي عدم وجود أثر دم حول الشق الذي نفذ منه النصل وحوله جاف جدا. وحتي حين صعدا فوق الفوتيه وأخذا يسحبان السيف ببطء مللي، مللي لم يندفع الدم، بل وضمد الشق المفتوح عند الرقبة علي الفور، وبالكاد يلحظ وجود موضع مفتوح هناك.. 'هاهو سيفك' ردد صديقاي ضاحكين ومداه إليٌ، فأمسكته بكلتا يدي كان سلاحا ثمينا من أسلحة فرسان الصليب. ولا يحتمل غير أن بعض الفرسان القدامي كانوا يتسكعون في الأحلام، ويلوحون بسيوفهم باستهتار، ثم أغمدوها في أجساد بريئة نائمة. وربما لهذا السبب بالذات لم تحدث جروح غائرة، وربما أيضا لأن أسلحتهم لا تؤثر في الأجساد الحية، فضلا عن أن هناك أصدقاء حقيقيين ينتظرون خلف الأبواب، ويطرقونها وهم علي استعداد تام للمساعدة'.



    كم هو سهل.. أن نتحدث بصراحة!


    25 ديسمبر 1915
    'تصفح اليوميات للمساعدة علي النوم...... إذا ما نظر المرء إلي ما سجلته أخيرا فيمكن أن يتصور آلاف الموضوعات خلال الثلاث أو الأربع سنوات الأخيرة، تحمل نفس المحتوي. لقد استهلكت نفسي بلا طائل، وكنت سأسعد لو أتيحت لي الكتابة ولم أكتب. ألم في الرأس لا يبرحني، حقا أنهكت نفسي...
    بالأمس تحدثت مع المدير بكل صراحة، خاصة أن قرار الحديث معه وعدم النكوص في النذر قد منحني ليلة أمس الأول ساعتين فقط من النوم غير المستقر. وقد عرضت علي المدير أربعة اختيارات. 1­ ترك كل شيء كما كان في الأسبوع العصيب وبكل حرقة الأعصاب والتعذيب والجنون حتي النهاية. 2­ الحصول علي إجازة، وإن كنت لا أريدها انطلاقا من الإحساس بالمسئولية، فضلا عن عدم جدواها الآن. 3­ التهديد، لن ينفع الآن بسبب والدي والمصنع. 4­ تبقي الخدمة العسكرية.
    أما الإجابة: أسبوع إجازة لعلاج الدم والذي يقوم به المدير أيضا، يبدو أنه يعاني مرضا خطيرا. لو حدث وذهبت سيتيتم القسم من بعدي.
    كم هو سهل أن تتحدث بصراحة، كما أنها المرة الأولي التي يتزعز منها جو المصلحة بكلمة­ تهديد­'.



    الأنانية تتحدث



    21 يوليو 1916
    'تشفق علي نفسك.. أن آثامي تكمن في كل ثنايا جسدي. رغم أن فطرتي لم تكن مزرية لدرجة كبيرة. بل كنت أمتلك بعض القدرات القليلة، لكني ضيعتها كلها. فلدي طبيعة تنفرمن النصيحة، هكذا كنت.. أما الآن فأنا مشرف علي النهاية واقترب من زمن ليتني أقدم فيه شيئا طيبا ينفع النفس. لكني لن أدفع نفسي للفناء. أعرف أن هذا مثيرا للسخرية وأن الأنانية هي التي تتحدث، لكن لو قدر لي الحياة ثانية سأستمسك بأنانيتها، فهي حياة لا تثير السخرية وهو ما ينطبق أيضا علي مظاهرها الضرورية... جدال فقير'.



    غدا سيعبر الامبراطور


    3 أغسطس 1917
    'مرة أخري أخرج من صدري صرخة مدوية. يسدون فمي بمنديل ويقيدون يدي وقدمي ويعصبون عيني، ومع ذلك أتمرغ في التراب هنا وهناك. أجلس معتدلا ثم سرعان ما أرقد ثانية، يحدث هذا مرارا. إذا حدث وحملتني قدماي فإنني أشب من الألم، ولو رقدت هادئا بعض الوقت فإن شيئا مدببا يوخذني فيباغتني هنا وهناك حسب مزاجه...
    أداوم منذ سنوات علي الجلوس عند تقاطع الشارع الكبير، لكني مجبرا غدا علي ترك مكاني هناك لأن الامبراطور الجديد يعبر الطريق. وفيما يتعلق بما يحدث حولي هناك فسيان بالنسبة لي أن أقحم نفسي في الأمر أو أعرض عنه، كما أنني توقفت عن استجداء الناس الذين يمرون بي منذ زمن بعيد ويهبونني الكثير بحكم العادة أو الإخلاص أو الألفة، ويتبع الأفراد الجدد المثال نفسه. لذا أضع بجانبي سلة صغيرة، يلقي فيها كل شخص ما يجود به!.. ولأنني لا أهتم بأي شخص وأحتفظ بنظرتي الهادئة وروحي الصافية وسط ضجيج وعبث الشارع، فإنني أدرك­ من موقعي­ كل ما يمت بصلة بحقوقي الأساسية أكثر من أي شخص آخر. وهي مسألة لا خلاف عليها ولا يسري فيها غير رأيي. فعندما جاءني الشرطي صباح اليوم وكان يعرفني جيدا بينما لم ألحظه من قبل، قال لي 'غدا سيعبر الإمبراطور، لا تغامر بالقدوم مبكرا'، فخطابته متسائلا 'ما عمرك!! '....'.


    أنا ذاكرة حية

    15 أكتوبر 1921

    'أهديت ­ قبل نحو اسبوع ­ كل اليوميات إلي م. 'ميلينا' تحررت بعض الشيء؟ لا.. هل ما تزال لدي القدرة علي انجاز قالب اليوميات؟ علي أي حال سيغدو الامر مختلفا، بل وسيتواري عن الأنظار، ولن يصبح له وجود بالمرة. فمثلا هاردت، والذي شغلت به بشدة، فإنني بالكاد وفقط بعد مجهود عنيف سأتمكن من تدوين شيء عنه، كما لو انني قد كتب عنه كل شيء علي مدار سنوات طويلة، أو تماما كأنني لست علي قيد الحياة. حتما يمكنني الكتابة عن م. 'ميلينا' ولكن دون رغبة حرة مني، كأني قد أصدرت حكما علي نفسي بأنني في غير حاجة إلي صنع هذا الأمر بتكلف زائد. ومثلما حدث ذات مرة، ومن هذا المنطلق، فلن أغدو نسَّاء كحالي في الماضي، فأنا ذاكرة حية، ولهذا أصاب بالأرق'.

    غراب يحوم فوق رؤوسهم

    17 أكتوبر 1921

    'قد يرجع السبب في عدم تعلمي شيئا مفيدا، وما ترتب عليه من تدهور صحتي، إلي وجهة نظر معينة: لقد عزمت أن أبقي غير منشغل، غير منشغل بالبهجة الحياتية لرجل مجد وصحيح معافي. هذا كأن المرض واليأس ­ علي الأقل ­ لا يشغلاني.
    لكم أتمني أن أقلب هذه الأفكار علي نحو مغاير، لذا أنطلق نحو 'نعمي' نحو النهاية. لكني لن أخاطر بشيء، ولا أثق ­ علي الأقل اليوم وأيضا في الغالبية العظمي من الأيام ­ في أي مخرج مناسب لي.

    *****
    انني لا أحسد زوجين فحسب، انني أحسد الازواج كافة. كذلك فحين أحسد زوجين بعينهما، فإنني أعني فقط السعادة الزوجية في جميع أشكالها التي لا نهاية لها. وإن كنت أشك في وجود زواج واحد سعيد الحظ، ولو في أفضل الأحوال.

    *****
    لا أؤمن بوجود أناس تتشابه ظروفهم الداخلية مع ظروفي، وفي كل الاحوال فإنني أتخيل هؤلاء الناس. لكن أن يحوم حول رؤوسهم غراب خفي مثلما يحدث دوما معي، فهذا ما لم أتخيله في أي مرة.

    *****

    بمرور السنوات يبدو التدمير المنتظم لنفسي أمرا مدهشا، ينطلق من وجهة نظر بينما كان في السابق أشبه بتصدع سد يتطور ببطء، إن العقل الذي حقق هذا، كان عليه الآن انتزاع نصر بعد الآخر، فلماذا إذن لا يدعني أشارك في ذلك؟ ربما رأي أنه لم يصل بعد لحد النهاية، لذا فهو قادر علي التفكير في شيء آخر'.

    انتظر.. حتي أقودك

    21 أكتوبر 1921

    'كان مستحيلا بالنسبة له أن يخطو إلي داخل المنزل، اذ سمع صوتا يناديه: 'أنتظر حتي أقودك!' لذا ظل راقدا في الغبار أمام المنزل، مع أن الأمر برمته ميئوس منه 'مثلما ستقول سارة'.
    'كل شيء وهم، الأسرة، المصلحة، الأصدقاء، الشارع، كل شيء وهم، مهما بعد أو قرب، المرأة، لكن الحقيقة الأقرب تتجسد فقط في كونك ستلصق رأسك بجدار زنزانة بلا نوافذ أو أبواب'.


    سطوع الهراء

    25 أكتوبر 1921
    'لعب الوالدان الورق، بينما جلست وحيدا هناك، أشعر بغربة تامة. قال الوالد يجب أن أشترك في اللعب، علي الأقل كمشاهد، لكني اعتذرت علي نحو ما. ماذا يعني ذلك الرفض المتكرر دوما منذ الصغر؟ لقد أتاحت لي الدعوات المفتوحة مشاركة الآخرين، وكنت أنفذ ما يوكل إليٌ من عمل قدر الامكان، وإن لم يكن علي نحو جيد. وربما لم يحدث أن مللت اللعب في أية مرة سابقة، ومع ذلك رفضت وسيحق للآخرين أن يحكموا فيما بعد بعدم أحقيتي في الشكوي من أنني لم ألمس أبدا غمار الحياة، وأنني لم أتخلص من براغ، وأنني لم ألتفت لرياضة ما أو عمل يدوي. وربما أكون قد رفضت عروضها هي الأخري، تماما مثلما رفضت دعوة اللعب. وفقط سطع الهراء: دراسة القانون، المصلحة، ثم كانت أعمال اضافية لا نفع لها كأعمال البستان والنجارة. وقد تفهم تلك الأعمال كسلوك رجل يدفع شحاذ محتاج الي خارج الباب، في حين أنه يتقمص ­ بعد ذلك ­ دور فاعل الخير: بأن يقدم الحسنة بيده اليمني، ثم يأخذها باليسري.
    لكني رفضت علي الدوام، وكان هذا في أغلب الأحيان أمرا عاما، لكنه في أحيان خاصة بدا بسبب ضعف ارادتي والتي شعرت بها في وقت متأخر نسبيا. قديما كنت اعتبر هذا الرفض إشارة طيبة 'أخدعها ذلك الأمل الذي كان يتملكني'، أما اليوم فإن هذا الرفض يظل الجزء الباقي من ذلك التفاهم الودي'.


    أكثر من العزاء.. أنك تملك أسلحة!

    12 يونيو 1923

    'الأوقات الأخيرة العصيبة، لا يمكن حصرها، وبالكاد تم قطعها، الخروج في نزهات، الليالي، الأيام، عجز عن كل شيء، إلا الآلام...
    دوما هذا الرعب المتزايد من الكتابة، شيء مفهوم، كل كلمة تستخدمها يد المفكر ­ اهتزاز اليد هذا بعكس حركتها المميزة ­ تغدو رمحا يصوب نحو المتحدث.. وهكذا إلي ما لا نهاية. ويبقي العزاء: إن هذا يحدث سواء رضيت أو لم ترضي، وإن كل ما تطوق إليه لا يعدو غير مساعدة بسيطة، وأكثر من العزاء: أنك أيضا تملك أسلحة'.
    المصدر: ­ Franz Kafka: Tagebuecher: -
    1910 - 1923, S. Fischer, 1983
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de