سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 10:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-16-2005, 05:32 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights

    Quote: فقط دعوة للتأمل والتدبر
    لي أعجاب خاص بسورة الأعراف من أولهل الى اخرها
    لا أعرف سره
    هذه دعوة للتأمل في أيات هذه السورة
    مع حبي

    Mohamed E. Seliaman
                  

10-16-2005, 05:35 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    أخ محمد

    سلام

    وهل تدري أن لي مثل إعجابك هذا بالسوره نفسها..والقرآن كله جميل لكن هذا قسمي فيماأملك

    سنبدأ بإذن الله بإيراد عدد بسيط من الآيات ونلحقها بالتفسير

    أرجو من الاخوه مدي بموقع به مصادر تفسير ثقه أو القيام بالمهمه ( وضع التفسير للآيات )

    ملحوظه*

    رجاء لو كان هنالك اي موضوع للنقاش خلاف الأيات أو التفسير أو موضوع البوست (تأمل في سورة الأعراف)

    الرجاء فرد بوست خاص لذلك...وشكرا.



    Pls, disable smilies when pasting Qura'anic verses here
    Thanks all

    Saadeldin

    (عدل بواسطة saadeldin abdelrahman on 10-16-2005, 06:01 PM)

                  

10-16-2005, 05:44 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    سورة {الأعراف} 7 (Ala'araf (The Heights

    وهي السابعه في القرآن الكريم Sura 7 Aya 1 to 206


    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


    المص {1}

    [Yusufali 7:1] Alif, Lam, Mim, Sad.

    كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {2}

    [Yusufali 7:2] A Book revealed unto thee,- So let thy heart be oppressed no more by any difficulty on that account,- that with it thou mightest warn (the erring) and teach the Believers).

    اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ {3}

    [Yusufali 7:3] Follow (O men!) the revelation given unto you from your Lord, and follow not, as friends or protectors, other than Him. Little it is ye remember of admonition.

    وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ {4}

    [Yusufali 7:4] How many towns have We destroyed (for their sins)? Our punishment took them on a sudden by night or while they slept for their afternoon rest.

    فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ {5}

    [Yusufali 7:5] When (thus) Our punishment took them, no cry did they utter but this: "Indeed we did wrong."

    ---------------------------------------------------------



    القران بلغات متعدده

    هذه اصدارة يوسف علي *
                  

10-17-2005, 05:55 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    * تفسير تفسير القران الكريم/ ابن كثير مصنف و مدقق

    --------------------------------------------------------------------------------
    { الۤمۤصۤ } * { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }

    قد تقدم الكلام في أول سورة البقرة على ما يتعلق بالحروف وبسطه واختلاف الناس فيه، قال ابن جرير: حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا أبي عن شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس: { الۤمۤصۤ }: أنا الله أفصل، وكذا قال سعيد بن جبير { كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ } أي: هذا كتاب أنزل إليك، أي: من ربك { فَلاَ يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ } قال مجاهد وقتادة والسدي: شك منه. وقيل: لا تتحرج به في إبلاغه والإنذار به،
    { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ }
    [الأحقاف: 35] ولهذا قال: { لِتُنذِرَ بِهِ } أي: أنزلناه إليك لتنذر به الكافرين { وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }. ثم قال تعالى مخاطباً للعالم: { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ } أي: اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كل شيء ومليكه، { وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } أي: لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره، فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره، { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } كقوله:
    { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }
    [يوسف: 103] وقوله: { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الآية، وقوله:
    { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ }
    [يوسف: 106].[B/]
    -------------


    Ibn Katheer

    (عدل بواسطة saadeldin abdelrahman on 10-17-2005, 09:48 PM)

                  

10-17-2005, 09:44 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ {6}
    فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ {7}
                  

10-17-2005, 09:39 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    * تفسير تفسير القران الكريم/ ابن كثير مصنف و مدقق

    --------------------------------------------------------------------------------

    { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } * { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ }

    يقول تعالى: { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا } أي: بمخالفة رسلنا وتكذيبهم، فأعقبهم ذلك خزي الدنيا موصولاً بذل الآخرة؛ كما قال تعالى:
    { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }
    [الأنعام: 10]، وكقوله:
    { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌ فَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ }
    [الحج: 45]، وقال تعالى:
    { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَـٰكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَٰرِثِينَ }
    [القصص: 58]، وقوله: { فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَـٰتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } أي: فكان منهم من جاءه أمر الله وبأسه ونقمته بياتاً، أي: ليلاً، أو هم قائلون؛ من القيلولة، وهي الاستراحة وسط النهار، وكلا الوقتين وقت غفلة ولهو، كما قال:
    { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَـٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ }
    [الأعراف: 97-98] وقال:
    { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }
    [النحل: 45-47].

    وقوله: { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُم بَأْسُنَآ إِلاَ أَن قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } أي: فما كان قولهم عند مجيء العذاب، إلا أن اعترفوا بذنوبهم، وأنهم حقيقون بهذا؛ كقوله تعالى:
    { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَـٰلِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً ءَاخَرِينَ فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَـٰكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَـٰهُمْ حَصِيداً خَـٰمِدِينَ }
    [الأنبياء: 11-15] قال ابن جرير: في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم " ، حدثنا بذلك ابن حميد، حدثنا جرير عن أبي سنان، عن عبد الملك بن ميسرة الزراد، قال: قال عبد الله بن مسعود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم " ، قال: قلت لعبد الملك: كيف يكون ذاك؟ قال: فقرأ هذه الآية: { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُم بَأْسُنَآ إِلاَ أَن قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ }. وقوله: { فَلَنَسْـئَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ } الآية؛ كقوله:
    { وَيَوْمَ يُنَـٰدِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ }
    [القصص: 65] وقوله:
    { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ }
    [المائدة: 109] فيسأل الله الأمم يوم القيامة عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به، ويسأل الرسل أيضاً عن إبلاغ رسالاته، ولهذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: { فَلَنَسْـئَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْـئَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ قال: يسأل الله الناس عما أجابوا المرسلين، ويسأل المرسلين عما بلغوا.
                  

10-18-2005, 01:05 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    السلام عليكم
    جزاك الله خير ا أخ سعد
                  

10-18-2005, 04:27 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: Mohamed E. Seliaman)

    الاخ سعد اواصل ناقلام من تفسير الشيخ السعدي:

    * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ }
    { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ } أي: على الخلق كلهم ما عملوا { بِعِلْمٍ } منه تعالى لأعمالهم { وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ } في وقت من الأوقات، كما قال تعالى: { أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ } وقال تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ }
    { 8 - 9 } { وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ }
    ثم ذكر الجزاء على الأعمال، فقال: { وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ } أي: والوزن يوم القيامة يكون بالعدل والقسط، الذي لا جور فيه ولا ظلم بوجه.
    { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } بأن رجحت كفة حسناته على سيئاته { فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } أي: الناجون من المكروه، المدركون للمحبوب، الذين حصل لهم الربح العظيم، والسعادة الدائمة.
    { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } بأن رجحت سيئاته، وصار الحكم لها، { فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ } إذ فاتهم النعيم المقيم، وحصل لهم العذاب الأليم { بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ } فلم ينقادوا لها كما يجب عليهم ذلك.
                  

10-18-2005, 04:41 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: Mohamed E. Seliaman)

    10 } { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ }
    يقول تعالى ممتنا على عباده بذكر المسكن والمعيشة: { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ } أي: هيأناها لكم، بحيث تتمكنون من البناء عليها وحرثها، ووجوه الانتفاع بها { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ } مما يخرج من الأشجار والنبات، ومعادن الأرض، وأنواع الصنائع والتجارات، فإنه هو الذي هيأها، وسخر أسبابها.
    { قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } اللّه، الذي أنعم عليكم بأصناف النعم، وصرف عنكم النقم.
    { 11 - 15 } { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ }
    يقول تعالى مخاطبا لبني آدم: { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } بخلق أصلكم ومادتكم التي منها خرجتم: أبيكم آدم عليه السلام { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } في أحسن صورة، وأحسن تقويم، وعلمه الله تعالى ما به تكمل صورته الباطنة، أسماء كل شيء.
    ثم أمر الملائكة الكرام أن يسجدوا لآدم، إكراما واحتراما، وإظهارا لفضله، فامتثلوا أمر ربهم، { فَسَجَدُوا } كلهم أجمعون { إِلَّا إِبْلِيسَ } أبى أن يسجد له، تكبرا عليه وإعجابا بنفسه.
    فوبخه اللّه على ذلك وقال: { مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ } لما خلقت بيديَّ، أي: شرفته وفضلته بهذه الفضيلة، التي لم تكن لغيره، فعصيت أمري وتهاونت بي؟
    { قَالَ } إبليس معارضا لربه: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } ثم برهن على هذه الدعوى الباطلة بقوله: { خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }
    وموجب هذا أن المخلوق من نار أفضل من المخلوق من طين لعلو النار على الطين وصعودها، وهذا القياس من أفسد الأقيسة، فإنه باطل من عدة أوجه:
    منها: أنه في مقابلة أمر اللّه له بالسجود، والقياس إذا عارض النص، فإنه قياس باطل، لأن المقصود بالقياس، أن يكون الحكم الذي لم يأت فيه نص، يقارب الأمور المنصوص عليها، ويكون تابعا لها.
    فأما قياس يعارضها، ويلزم من اعتباره إلغاءُ النصوص، فهذا القياس من أشنع الأقيسة.
    ومنها: أن قوله: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } بمجردها كافية لنقص إبليس الخبيث. فإنه برهن على نقصه بإعجابه بنفسه وتكبره، والقول على اللّه بلا علم. وأي نقص أعظم من هذا؟"
    ومنها: أنه كذب في تفضيل مادة النار على مادة الطين والتراب، فإن مادة الطين فيها الخشوع والسكون والرزانة، ومنها تظهر بركات الأرض من الأشجار وأنواع النبات، على اختلاف أجناسه وأنواعه، وأما النار ففيها الخفة والطيش والإحراق.
    ولهذا لما جرى من إبليس ما جرى، انحط من مرتبته العالية إلى أسفل السافلين.
    فقال اللّه له: { فَاهْبِطْ مِنْهَا } أي: من الجنة { فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا } لأنها دار الطيبين الطاهرين، فلا تليق بأخبث خلق اللّه وأشرهم.
    { فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ } أي: المهانين الأذلين، جزاء على كبره وعجبه بالإهانة والذل.
    فلما أعلن عدو اللّه بعداوة اللّه، وعداوة آدم وذريته، سأل اللّهَ النَّظِرَةَ والإمهال إلى يوم البعث، ليتمكن من إغواء ما يقدر عليه من بني آدم.
    ولما كانت حكمة اللّه مقتضية لابتلاء العباد واختبارهم، ليتبين الصادق من الكاذب، ومن يطيعه ومن يطيع عدوه، أجابه لما سأل، فقال: { إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ }
                  

10-18-2005, 06:38 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: Mohamed E. Seliaman)

    { 16 - 17 } { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }
    أي: قال إبليس - لما أبلس وأيس من رحمة اللّه - { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ } أي: للخلق { صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي: لألزمن الصراط ولأسعى غاية جهدي على صد الناس عنه وعدم سلوكهم إياه.
    { ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ } أي: من جميع الجهات والجوانب، ومن كل طريق يتمكن فيه من إدراك بعض مقصوده فيهم.
    ولما علم الخبيث أنهم ضعفاء قد تغلب الغفلة على كثير منهم، وكان جازما ببذل مجهوده على إغوائهم، ظن وصدق ظنه فقال: { وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } فإن القيام بالشكر من سلوك الصراط المستقيم، وهو يريد صدهم عنه، وعدم قيامهم به، قال تعالى: { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }
    وإنما نبهنا اللّه على ما قال وعزم على فعله، لنأخذ منه حذرنا ونستعد لعدونا، ونحترز منه بعلمنا، بالطريق التي يأتي منها، ومداخله التي ينفذ منها، فله تعالى علينا بذلك، أكمل نعمة.
    { 18 } { قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ }
    أي: قال اللّه لإبليس لما قال ما قال: { اخْرُجْ مِنْهَا } خروج صغار واحتقار، لا خروج إكرام بل { مَذْءُومًا } أي: مذموما { مَدْحُورًا } مبعدا عن اللّه وعن رحمته وعن كل خير.
    { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ } منك وممن تبعك منهم { أَجْمَعِينَ } وهذا قسم منه تعالى، أن النار دار العصاة، لا بد أن يملأها من إبليس وأتباعه من الجن والإنس.
    ثم حذر آدم شره وفتنته فقال:
    { 19 - 23 } { وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
    أي: أمر اللّه تعالى آدم وزوجته حواء، التي أنعم اللّه بها عليه ليسكن إليها، أن يأكلا من الجنة حيث شاءا ويتمتعا فيها بما أرادا، إلا أنه عين لهما شجرة، ونهاهما عن أكلها، واللّه أعلم ما هي، وليس في تعيينها فائدة لنا. وحرم عليهما أكلها، بدليل قوله: { فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ }
    فلم يزالا ممتثلين لأمر اللّه، حتى تغلغل إليهما عدوهما إبليس بمكره، فوسوس لهما وسوسة خدعهما بها، وموه عليهما وقال: { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ } أي: من جنس الملائكة { أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ } كما قال في الآية الأخرى: { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى }
    ومع قوله هذا أقسم لهما باللّه { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } أي: من جملة الناصحين حيث قلت لكما ما قلت، فاغترا بذلك، وغلبت الشهوة في تلك الحال على العقل.
    { فَدَلَّاهُمَا } أي: نزَّلهما عن رتبتهما العالية، التي هي البعد عن الذنوب والمعاصي إلى التلوث بأوضارها، فأقدما على أكلها.
    { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا } أي: ظهرت عورة كل منهما بعد ما كانت مستورة، فصار للعري الباطن من التقوى في هذه الحال أثر في اللباس الظاهر، حتى انخلع فظهرت عوراتهما، ولما ظهرت عوراتهما خَجِلا وجَعَلا يخصفان على عوراتهما من أوراق شجر الجنة، ليستترا بذلك.
    { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا } وهما بتلك الحال موبخا ومعاتبا: { أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ } فلم اقترفتما المنهي، وأطعتما عدوَّكُما؟
    فحينئذ، من اللّه عليهما بالتوبة وقبولها، فاعترفا بالذنب، وسألا من اللّه مغفرته فقالا: { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } أي: قد فعلنا الذنب، الذي نهيتنا عنه، وضربنا بأنفسنا باقتراف الذنب، وقد فعلنا سبب الخسار إن لم تغفر لنا، بمحو أثر الذنب وعقوبته، وترحمنا بقبول التوبة والمعافاة من أمثال هذه الخطايا.
    فغفر اللّه لهما ذلك { وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى }
    هذا وإبليس مستمر على طغيانه، غير مقلع عن عصيانه، فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع - إذا صدرت منه الذنوب - اجتباه ربه وهداه.
    ومن أشبه إبليس - إذا صدر منه الذنب، لا يزال يزداد من المعاصي - فإنه لا يزداد من اللّه إلا بعدا.
                  

10-19-2005, 01:13 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: Mohamed E. Seliaman)

    (قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ )(24)

    الجلالان:
    "قَالَ اهْبِطُوا" أَيْ آدَم وَحَوَّاء بِمَا اشْتَمَلْتُمَا عَلَيْهِ مِنْ ذُرِّيَّتكُمَا "بَعْضكُمْ" بَعْض الذُّرِّيَّة "لِبَعْضٍ عَدُوّ" مِنْ ظُلْم بَعْضهمْ بَعْضًا "وَلَكُمْ فِي الْأَرْض مُسْتَقَرّ" أَيْ مَكَان اسْتِقْرَار "وَمَتَاع" تَمَتُّع "إلَى حِين" تَنْقَضِي فِيهِ آجَالكُمْ
                  

10-19-2005, 01:27 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: Mohamed E. Seliaman)

    { 25 - 26 } { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ * يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }
    أي: لما أهبط اللّه آدم وزوجته وذريتهما إلى الأرض، أخبرهما بحال إقامتهم فيها، وأنه جعل لهم فيها حياة يتلوها الموت، مشحونة بالامتحان والابتلاء، وأنهم لا يزالون فيها، يرسل إليهم رسله، وينزل عليهم كتبه، حتى يأتيهم الموت، فيدفنون فيها، ثم إذا استكملوا بعثهم اللّه وأخرجهم منها إلى الدار التي هي الدار حقيقة، التي هي دار المقامة.
    ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري، واللباس الذي المقصود منه الجمال، وهكذا سائر الأشياء، كالطعام والشراب والمراكب، والمناكح ونحوها، قد يسر اللّه للعباد ضروريها، ومكمل ذلك، و[بين لهم] أن هذا ليس مقصودا بالذات، وإنما أنزله اللّه ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته، ولهذا قال: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح.
    وأما اللباس الظاهري، فغايته أن يستر العورة الظاهرة، في وقت من الأوقات، أو يكون جمالا للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع.
    وأيضا، فبتقدير عدم هذا اللباس، تنكشف عورته الظاهرة، التي لا يضره كشفها، مع الضرورة، وأما بتقدير عدم لباس التقوى، فإنها تنكشف عورته الباطنة، وينال الخزي والفضيحة.
    وقوله: { ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } أي: ذلك المذكور لكم من اللباس، مما تذكرون به ما ينفعكم ويضركم وتشبهون باللباس الظاهر على الباطن.
    { 27 } { يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ }
    يقول تعالى، محذرا لبني آدم أن يفعل بهم الشيطان كما فعل بأبيهم: { يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ } بأن يزين لكم العصيان، ويدعوكم إليه، ويرغبكم فيه، فتنقادون له { كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ } وأنزلهما من المحل العالي إلى أنزل منه، فأنتم يريد أن يفعل بكم كذلك، ولا يألو جهده عنكم، حتى يفتنكم، إن استطاع، فعليكم أن تجعلوا الحذر منه في بالكم، وأن تلبسوا لَأْمَةَ الحرب بينكم وبيْنه، وأن لا تغفُلوا عن المواضع التي يدخل منها إليكم.
    فـ { إِنَّهُ } يراقبكم على الدوام، و { يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ } من شياطين الجن { مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } فعدم الإيمان هو الموجب لعقد الولاية بين الإنسان والشيطان.
    { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ }

    { 28 - 30 } { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ }
    يقول تعالى مبينا لقبح حال المشركين الذين يفعلون الذنوب، وينسبون أن الله أمرهم بها. { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً } وهي: كل ما يستفحش ويستقبح، ومن ذلك طوافهم بالبيت عراة { قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا } وصدقوا في هذا. { وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } وكذبوا في هذا، ولهذا رد اللّه عليهم هذه النسبة فقال: { قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ } أي: لا يليق بكماله وحكمته أن يأمر عباده بتعاطي الفواحش لا هذا الذي يفعله المشركون ولا غيره { أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } وأي: افتراء أعظم من هذا"
    ثم ذكر ما يأمر به، فقال: { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ } أي: بالعدل في العبادات والمعاملات، لا بالظلم والجور. { وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } أي: توجهوا للّه، واجتهدوا في تكميل العبادات، خصوصا { الصلاة } أقيموها، ظاهرا وباطنا، ونقوها من كل نقص ومفسد. { وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: قاصدين بذلك وجهه وحده لا شريك له. والدعاء يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة، أي: لا تراءوا ولا تقصدوا من الأغراض في دعائكم سوى عبودية اللّه ورضاه.
    { كَمَا بَدَأَكُمْ } أول مرة { تَعُودُونَ } للبعث، فالقادر على بدء خلقكم، قادر على إعادته، بل الإعادة، أهون من البداءة.
    { فَرِيقًا } منكم { هَدَى } اللّه، أي: وفقهم للهداية، ويسر لهم أسبابها، وصرف عنهم موانعها. { وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ } أي: وجبت عليهم الضلالة بما تسببوا لأنفسهم وعملوا بأسباب الغواية.
    فـ { إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } { وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً } فحين انسلخوا من ولاية الرحمن، واستحبوا ولاية الشيطان، حصل لهم النصيب الوافر من الخذلان، ووكلوا إلى أنفسهم فخسروا أشد الخسران. { وَهم يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } لأنهم انقلبت عليهم الحقائق، فظنوا الباطل حقا والحق باطلا، وفي هذه الآيات دليل على أن الأوامر والنواهي تابعة للحكمة والمصلحة، حيث ذكر تعالى أنه لا يتصور أن يأمر بما تستفحشه وتنكره العقول، وأنه لا يأمر إلا بالعدل والإخلاص، وفيه دليل على أن الهداية بفضل اللّه ومَنِّه، وأن الضلالة بخذلانه للعبد، إذا تولى - بجهله وظلمه - الشيطانَ، وتسبب لنفسه بالضلال، وأن من حسب أنه مهتدٍ وهو ضالٌّ، أنه لا عذر له، لأنه متمكن من الهدى، وإنما أتاه حسبانه من ظلمه بترك الطريق الموصل إلى الهدى.
                  

10-19-2005, 10:34 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    أخ محمد جعلها الله في ميزان حسناتك

    سأعود مكملا بمشيئة الكريم
                  

10-20-2005, 09:27 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    تفسير تفسير القران الكريم/ ابن كثير مصنف و مدقق

    --------------------------------------------------------------------------------


    { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } * { فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }

    قال مجاهد: كان المشركون يطوفون بالبيت عراة يقولون: نطوف كما ولدتنا أمهاتنا، فتضع المرأة على قبلها النسعة أو الشيء، وتقول:اليومَ يَبْدو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ وما بَدا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ
    فأنزل الله: { وَإِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ ءَابَاءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } الآية، قلت: كانت العرب ما عدا قريشاً لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها، يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها، وكانت قريش، وهم الحمس، يطوفون في ثيابهم، ومن أعاره أحمسي ثوباً، طاف فيه، ومن معه ثوب جديد، طاف فيه، ثم يلقيه، فلا يتملكه أحد، ومن لم يجد ثوباً جديداً، ولا أعاره أحمسي ثوباً، طاف عرياناً، وربما كانت امرأة، فتطوف عريانة، فتجعل على فرجها شيئاً ليستره بعض الستر، فتقول:اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُه أَوْ كُلُّهُ وما بَدا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ
    وأكثر ما كان النساء يطفن عراة بالليل، وكان هذا شيئاً قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم، واتبعوا فيه آباءهم، ويعتقدون أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من الله وشرع، فأنكر الله تعالى عليهم ذلك، فقال: { وَإِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ ءَابَاءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } فقال تعالى رداً عليهم: { قُلْ } أي: يا محمد لمن ادعى ذلك: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ } أي: هذا الذي تصنعونه فاحشة منكرة، والله لا يأمر بمثل ذلك، { أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي: أتسندون إلى الله من الأقوال مالا تعلمون صحته، وقوله تعالى: { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ } أي: بالعدل والاستقامة، { وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي: أمركم بالاستقامة في عبادته في محالها، وهي متابعة المرسلين المؤيدين بالمعجزات، فيما أخبروا به عن الله، وما جاؤوا به من الشرائع، وبالإخلاص له في عبادته؛ فإنه تعالى لا يتقبل العمل حتى يجمع هذين الركنين: أن يكون صواباً موافقاً للشريعة، وأن يكون خالصاً من الشرك.

    وقوله تعالى: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } إلى قوله: { ٱلضَّلَـٰلَةَ } اختلف في معنى قوله: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } فقال ابن أبي نجيح: عن مجاهد { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }: يحييكم بعد موتكم، وقال الحسن البصري: كما بدأكم في الدنيا، كذلك تعودون يوم القيامة أحياء، وقال قتادة: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } قال: بدأ فخلقهم، ولم يكونوا شيئاً، ثم ذهبوا، ثم يعيدهم، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كما بدأكم أولاً، كذلك يعيدكم آخراً، واختار هذا القول أبو جعفر بن جرير، وأيده بما رواه من حديث سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج، كلاهما عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة، فقال: " يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعداً علينا إنا كنا فاعلين "
                  

10-22-2005, 01:11 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    { 31 } { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }
    يقول تعالى - بعد ما أنزل على بني آدم لباسا يواري سوءاتهم وريشا: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } أي: استروا عوراتكم عند الصلاة كلها، فرضها ونفلها، فإن سترها زينة للبدن، كما أن كشفها يدع البدن قبيحا مشوها.
    ويحتمل أن المراد بالزينة هنا ما فوق ذلك من اللباس النظيف الحسن، ففي هذا الأمر بستر العورة في الصلاة، وباستعمال التجميل فيها ونظافة السترة من الأدناس والأنجاس.
    ثم قال: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا } أي: مما رزقكم اللّه من الطيبات { وَلَا تُسْرِفُوا } في ذلك، والإسراف إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي والشره في المأكولات الذي يضر بالجسم، وإما أن يكون بزيادة الترفه والتنوق في المآكل والمشارب واللباس، وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام.
    { إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } فإن السرف يبغضه اللّه، ويضر بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات، ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما.
    { 32 - 33 } { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }
    يقول تعالى منكرا على من تعنت، وحرم ما أحل اللّه من الطيبات { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } من أنواع اللباس على اختلاف أصنافه، والطيبات من الرزق، من مأكل ومشرب بجميع أنواعه، أي: مَن هذا الذي يقدم على تحريم ما أنعم اللّه بها على العباد، ومن ذا الذي يضيق عليهم ما وسَّعه اللّه؟".
    وهذا التوسيع من اللّه لعباده بالطيبات، جعله لهم ليستعينوا به على عبادته، فلم يبحه إلا لعباده المؤمنين، ولهذا قال: { قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي: لا تبعة عليهم فيها.
    ومفهوم الآية أن من لم يؤمن باللّه، بل استعان بها على معاصيه، فإنها غير خالصة له ولا مباحة، بل يعاقب عليها وعلى التنعم بها، ويُسأل عن النعيم يوم القيامة.
    { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ } أي: نوضحها ونبينها { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } لأنهم الذين ينتفعون بما فصله اللّه من الآيات، ويعلمون أنها من عند اللّه، فيعقلونها ويفهمونها.
    ثم ذكر المحرمات التي حرمها اللّه في كل شريعة من الشرائع فقال: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ } أي: الذنوب الكبار التي تستفحش وتستقبح لشناعتها وقبحها، وذلك كالزنا واللواط ونحوهما.
    وقوله: { مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } أي: الفواحش التي تتعلق بحركات البدن، والتي تتعلق بحركات القلوب، كالكبر والعجب والرياء والنفاق، ونحو ذلك، { وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ } أي: الذنوب التي تؤثم وتوجب العقوبة في حقوق اللّه، والبغي على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فدخل في هذا الذنوبُ المتعلقةُ بحق اللّه، والمتعلقةُ بحق العباد.
    { وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا } أي: حجة، بل أنزل الحجة والبرهان على التوحيد. والشركُ هو أن يشرك مع اللّه في عبادته أحد من الخلق، وربما دخل في هذا الشرك الأصغر كالرياء والحلف بغير اللّه، ونحو ذلك.
    { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه، فكل هذه قد حرمها اللّه، ونهى العباد عن تعاطيها، لما فيها من المفاسد الخاصة والعامة، ولما فيها من الظلم والتجري على اللّه، والاستطالة على عباد اللّه، وتغيير دين اللّه وشرعه.
                  

10-23-2005, 00:32 AM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: Mohamed E. Seliaman)

    { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } * { يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

    يقول تعالى: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ } أي: قرن وجيل { أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } أي: ميقاتهم المقدر لهم { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } ثم أنذر تعالى بني آدم أنه سيبعث إليهم رسلاً يقصون عليهم آياته، وبشر وحذر، فقال: { فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ } أي: ترك المحرمات، وفعل الطاعات، { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ } أي: كذبت بها قلوبهم، واستكبروا عن العمل بها { أُولَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } أي: ماكثون فيها مكثاً مخلداً.
                  

10-24-2005, 01:22 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    { 37 } { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ }
    أي: لا أحد أظلم { مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ْ} بنسبة الشريك له، أو النقص له، أو التقول عليه ما لم يقل، { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ْ} الواضحة المبينة للحق المبين، الهادية إلى الصراط المستقيم، فهؤلاء وإن تمتعوا بالدنيا، ونالهم نصيبهم مما كان مكتوبا لهم في اللوح المحفوظ، فليس ذلك بمغن عنهم شيئا، يتمتعون قليلا، ثم يعذبون طويلا، { حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ ْ} أي: الملائكة الموكلون بقبض أرواحهم واستيفاء آجالهم.
    { قَالُوا ْ} لهم في تلك الحالة توبيخا وعتابا { أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ْ} من الأصنام والأوثان، فقد جاء وقت الحاجة إن كان فيها منفعة لكم أو دفع مضرة. { قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا ْ} أي: اضمحلوا وبطلوا، وليسوا مغنين عنا من عذاب اللّه من شيء.
    { وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ْ} مستحقين للعذاب المهين الدائم.
    فقالت لهم الملائكة { ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ ْ} أي: في جملة أمم { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ْ} أي: مضوا على ما مضيتم عليه من الكفر والاستكبار، فاستحق الجميع الخزي والبوار، كلما دخلت أمة من الأمم العاتية النار { لَعَنَتْ أُخْتَهَا ْ} كما قال تعالى: { ويَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ْ} { حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا ْ} أي: اجتمع في النار جميع أهلها، من الأولين والآخرين، والقادة والرؤساء والمقلدين الأتباع.
    { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ ْ} أي: متأخروهم، المتبعون للرؤساء { لِأُولَاهُمْ ْ} أي: لرؤسائهم، شاكين إلى اللّه إضلالهم إياهم: { رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ ْ} أي: عذبهم عذابا مضاعفا لأنهم أضلونا، وزينوا لنا الأعمال الخبيثة.
    { قَالَ ْ} اللّه { لِكُلٍّ ْ} منكم { ضِعْفٌ ْ} ونصيب من العذاب.

    { 39 ْ} { وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُم ْ}
    أي: الرؤساء، قالوا لأتباعهم: { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ْ} أي: قد اشتركنا جميعا في الغي والضلال، وفي فعل أسباب العذاب، فأي: فضل لكم علينا؟ { فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ْ} ولكنه من المعلوم أن عذاب الرؤساء وأئمة الضلال أبلغ وأشنع من عذاب الأتباع، كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع، قال تعالى: { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ْ} فهذه الآيات ونحوها، دلت على أن سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه، مخلدون في العذاب، مشتركون فيه وفي أصله، وإن كانوا متفاوتين في مقداره، بحسب أعمالهم وعنادهم وظلمهم وافترائهم، وأن مودتهم التي كانت بينهم في الدنيا تنقلب يوم القيامة عداوة وملاعنة.
                  

10-25-2005, 01:24 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: Mohamed E. Seliaman)

    { 40 - 41 ْ} { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ْ}
    يخبر تعالى عن عقاب من كذب بآياته فلم يؤمن بها، مع أنها آيات بينات، واستكبر عنها فلم يَنْقَد لأحكامها، بل كذب وتولى، أنهم آيسون من كل خير، فلا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا وصعدت تريد العروج إلى اللّه، فتستأذن فلا يؤذن لها، كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان باللّه ومعرفته ومحبته كذلك لا تصعد بعد الموت، فإن الجزاء من جنس العمل.
    ومفهوم الآية أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه المصدقين بآياته، تفتح لها أبواب السماء حتى تعرج إلى اللّه، وتصل إلى حيث أراد اللّه من العالم العلوي، وتبتهج بالقرب من ربها والحظوة برضوانه.
    وقوله عن أهل النار { وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ ْ} وهو البعير المعروف { فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ْ} أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما، في خرق الإبرة، الذي هو من أضيق الأشياء، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال، أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط، فكذلك المكذبون بآيات اللّه محال دخولهم الجنة، قال تعالى: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ْ} وقال هنا { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ْ} أي: الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم.
    { لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ ْ} أي: فراش من تحتهم { وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ْ} أي: ظلل من العذاب، تغشاهم.
    { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ْ} لأنفسهم، جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد.
                  

10-25-2005, 02:22 AM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: Mohamed E. Seliaman)

    { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

    لما ذكر تعالى حال الأشقياء، عطف بذكر حال السعداء، فقال: { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } أي: آمنت قلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم، ضد أولئك الذين كفروا بآيات الله واستكبروا عنها، وينبه تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل؛ لأنه تعالى قال: { لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } أي: من حسد وبغض؛ كما جاء في صحيح البخاري من حديث قتادة عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خلص المؤمنون من النار، حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة، فو الذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا " وقال السدي في قوله: { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَـٰرُ } الآية: إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة، وجدوا عند بابها شجرة، في أصل ساقها عينان، فشربوا من إحداهما، فينزع ما في صدورهم من غل فهو الشراب الطهور، واغتسلوا من الأخرى، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعدها أبداً، وقد روى أبو إسحاق عن عاصم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نحواً من هذا كما سيأتي في قوله تعالى: { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً } إن شاء الله، وبه الثقة، وعليه التكلان.

    وقال قتادة: قال علي رضي الله عنه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } رواه ابن جرير: وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن عيينة عن إسرائيل قال: سمعت الحسن يقول: قال علي: فينا والله أهل بدر نزلت: { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ }. وروى النسائي وابن مردويه واللفظ له من حديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول: لولا أن الله هداني، فيكون له شكراً، وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة، فيقول: لو أن الله هداني، فيكون له حسرة " ولهذا لما أورثوا مقاعد أهل النار من الجنة، نودوا: أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون، أي: بسبب أعمالكم نالتكم الرحمة، فدخلتم الجنة، وتبوأتم منازلكم بحسب أعمالكم. وإنما وجب الحمل على هذا؛ لما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " واعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة " قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ".
                  

10-25-2005, 08:21 PM

saadeldin abdelrahman
<asaadeldin abdelrahman
تاريخ التسجيل: 09-03-2004
مجموع المشاركات: 8857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    { وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ }

    يخبر تعالى بما يخاطب به أهلُ الجنة أهل النار إذا استقروا في منازلهم على وجه التقريع والتوبيخ: { أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا } أن ههنا مفسرة للقول المحذوف، وقد للتحقيق، أي: قالوا لهم: قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ كما أخبر تعالى في سورة الصافات عن الذي كان له قرين من الكفار:
    { فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِى سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّى لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ }
    [الصافات: 55-59] أي: ينكر عليه مقالته التي يقولها في الدنيا، ويقرعه بما صارإليه من العذاب والنكال، وكذلك تقرعهم الملائكة يقولون لهم:
    { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
    [الطور: 14-16] وكذلك قرّع رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلى القليب يوم بدر، فنادى: " يا أبا جهل بن هشام ويا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة وسمى رؤوسهم هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً " وقال عمر: يا رسول الله تخاطب قوماً قد جيفوا؟ فقال: " والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا " وقوله تعالى: { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ } أي: أعلم معلم، ونادى مناد: { أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي: مستقرة عليهم، ثم وصفهم بقوله: { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } أي: يصدون الناس عن اتباع سبيل الله وشرعه، وما جاءت به الأنبياء، ويبغون أن تكون السبيل معوجة غير مستقيمة حتى لا يتبعها أحد، { وَهُم بِٱلأَخِرَةِ كَـٰفِرُونَ } أي: وهم بلقاء الله في الدار الآخرة كافرون، أي: جاحدون، مكذبون بذلك، لا يصدقونه ولا يؤمنون به، فلهذا لا يبالون بما يأتون من منكر من القول والعمل؛ لأنهم لا يخافون حساباً عليه ولا عقاباً، فهم شر الناس أقوالاً وأعمالاً
                  

10-29-2005, 02:52 AM

Yassir7anna
<aYassir7anna
تاريخ التسجيل: 09-08-2002
مجموع المشاركات: 2634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين


Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    Quote:

    الأخ الفاضل سعد الدين عبدالرحمن

    بارك الله فيك أخي وجزاك خيرا على هذا المجهود الرائع واساله تعالى ان يجعله في ميزان حسناتك ان شاء الله

    من اكثر الآيات التي شدت انتباهي في سورة الأعراف هذه الآيات:
    (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار, أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا, فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا, قالوا نعم, فأذن مؤذن بينهم, أن لعنة الله على الظالمين, الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون, وبينهما حجاب, وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون, أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة, أدخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون)

    وكنت افهمها على حسب تفسير السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم حتى عثرت على هذه الدراسة فوددت ان اطلعكم عليها واسال الله ان يكون صاحبها قد وفق في موصل اليه وفي تقديري هو الاقرب للمنطق



     

 













"الأعراف".. وخطأ ألف وأربعمائة عام!!.


"الأعراف".. أشرف المنازل يوم الحشر!!.



{وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم}..


ما هي "الأعراف, ومن هم هؤلاء "الرجال"؟.


 



صلاح الدين ابراهيم أبو عرفة


 


إنها من المسائل العظيمة المشكلة, وليس أدل على إشكالها ما دار حولها, وما كتب فيها, وكم وقف عندها العلماء المؤولون!.


فما هي, وعلى ماذا نحن الآن منها, بعد الأخذ والرد, والبحث والجد, ولم استقر "الجمهور" على ما استقروا عليه, وماذا عندهم من البينة والبرهان؟.


 



وأعزم ما أبدأ فيه, ما نقل في مصنف ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه أن قال: "أعزِم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه, فإنما هلك الناس حيث يتبعون أحاديث علمائهم, ويتركون كتاب ربهم"!.


 



فأجعل قوله رضي الله عليه حجة في الفهم البالغ الأصيل, على كل من يحاججنا بكلام أحد من الناس, فيجعل ما استقر عليه "الناس" حجة علينا, كما حجة الله والرسول سواء بسواء, {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.



إنها بحق من عظيم المشكل, وما في تفاسير "الناس" لا يطمئن إليه القلب!.


 




كيف نعقلها إذا, وما المشكل فيما عليه الجمهور؟.



قبل أن نجيب نقول: إن ما عليه الجمهور أن "الأعراف" هي السور المضروب بين الجنة والنار, وأن "رجال الأعراف" هم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم, فلم تبلغهم هذه الجنة, ولم تبلغهم هذه النار. فيوقفون على "الأعراف" بعدما يقضى بأهل الجنة إلى الجنة, وأهل النار إلى النار, حتى ينظر الله في أمرهم فيقضي فيهم!.


وترك العلماء "أقوالا" آخرى, منها أنهم الملائكة, ومنها أنهم "أبناء الزنى", ومنها أنهم النبيون, فسبحان الله في التفاسير, أيختلط عليها الأمر بين النبيين, وأبناء الزنى؟!.


أما الذين قالوا: هم النبيون, أو هم الملائكة, فإنما كان قولا مجردا من البينة والدليل, ولم يتعد الرجم بالظن والتخريص, ولا يدين المؤمنون لظن ولا لشك.



والحق أن ثمة مسأله يجب الوقوف عندها, وهي ما نتناقله من أن هذا "قول الجمهور", فمتى يكون الرأي رأي الجمهور بحق؟!.



ذلك أن كثيرا مما في التفاسير, هو أخذ رجل عن رجل, ونقل الواحد عن الآخر, فتبدأ بابن عباس رضي الله عنهما مثلا, فيحمل القول نفسه مائة مفسر, فيصلنا نحن على أنه "قول الجمهور", وهذا ليس بعدل ولا بحق, فإنما هذا قول إمام واحد, وألف ناقل, فلن يعدو أن يبقى قول إمام واحد!.



أما قول "الجمهور" بحق, فهو أن ندفع بالمسألة الواحدة لمائة إمام, فينظروا فيها كل على حدة, ثم يقول كل بقوله, فإن قال أغلبهم برأي واحد متفق, دون أن يسمعه من الآخر, فذلك المتفق الغالب, هو "قول الجمهور", فلننظر ولنتحسّب. {قل إنما أعظكم بواحدة, أن تقوموا لله مثنى وفرادى, ثم تتفكروا}.


 



لم يصح في "الأعراف" حديث عن رسول الله


فما في التفاسير اجتهاد وحسب!.



من هنا نبدأ, ومن هنا نجتهد. وما روته التفاسير من أحاديث عن رسول الله في قصة أصحاب الأعراف, لم تٌقبل عند أحد من المحققين الثقات في الحديث.


وأظهر دليل على هذا, أن الأئمة الأعلام اجتهدوا رأيهم منذ العهد الأول, فلو ورد في الأعراف حديث, لما اجتهدوا, ولوقفوا عنده!.


 


قال الشيخ الألباني في مقدمة "الترغيب والترهيب":


«وجملة القول: إننا ننصح إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أن يدعوا العمل بالأحاديث الضعيفة ‏مطلقاً.


فقد قال عليه الصلاة والسلام:


«كفى بالمرء كَذِباً ‏أن يحدّث بكلّ ما سمِع».


 


 



أين الخلل فيما في التفاسير, ولِمَ لا نطمئن إليه؟.



أولا: كل ما عليه المؤمنون جميعا, بسلفهم وخلفهم, مما تواتر عن ربنا ورسوله, أن الآخرة منزلان وحسب, فإما إلى جنة وإما إلى نار {فريق في الجنة وفريق في السعير}.


وأن أهل الآخرة أزواج ثلاثة, لا رابع لهم, أصحاب الميمنة, وأصحاب المشأمة, والسابقون المقربون, فمن أين أتى من أتى بالزوج الرابع فابتدع له منزلة وأوقفهم عليها؟.


 


ثانيا: تواتر عند المؤمنين جميعا, بنص الكتاب القاطع والحديث الصحيح, أن الموازين يوم الحشر على اثنتين, إما أن تثقل وإما أن تخف, {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية, وأما من خفت موازينه فأمه هاوية}, ولم يرد من الصحيح القاطع منزلة ثالثة, من مثل الذي يقول به أهل التأويل الأول, بأن ثَمّة منزلة وسط يوقف عليها من تساوت حسناته وسيئاته, وتلك عندهم هي "الأعراف"!.



بل تواتر من كتاب ربنا وحديث نبيه, ما يرد ذلك كله, من رحمة الله التي تسبق غضبه, وعفوه وتجاوزه الذي يغلب أخذه وعقوبته, وحلمه ومغفرته وجوده وكرمه, هذا كله وهذه الآية الدامغة {إن الله لا يظلم مثقال ذرة, وإن تك حسنة يضاعفها}.


 



هذا, وما صح وتواتر من عفو الله العظيم عن إخراج الله لأقوام من النار لم يعملوا خيرا قط, يضعهم في الجنة, ثم قبوله للشفاعة لأهل الكبائر والموبقات, فمن يتصور بعد هذا كله, وهذه الرحمة كلها, أن الله يوقف عبدا أعوزته حسنة واحدة؟!.



فإن كان لهذا العبد بضع حسنات, فضاعفها "الكريم الجواد الرحيم" له حتى تساوت مع سيئاته, أيتركه من أجل حسنة واحدة, وهو الذي يغفر الذنوب جميعا؟!.



وقد صح من حديث النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلا ممن كان قبلنا حوسب, فلم ير له من الخير شيء قط, غير أنه كان موسرا وكان يخالط الناس, وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن "المعسر", فقال الله: نحن أولى بهذا منه, تجاوزوا عنه!.



فهذا حال الله مع من ليس له حسنة قط, فكيف به مع من "أعسر" عن حسنة واحدة؟.



ثم لو كان الذي قالوه من عند رسول الله لآمنا وتركنا قولنا ورأينا, أما ولم يقل النبي عليه الصلاة والسلام بما قالوا, فما نعلمه عن ربنا خير مما يقولون.


 



فمن أين بدأ اللبس والإشكال؟.



لعل ما يتلوه الناس من سورة الأعراف {وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال}, وما يتلونه من سورة الحديد {فضرب بينهم بسور له باب}, ذلك هو الذي لبس على من قال بالقول الأول فهمه. بيد أن ظاهر النص ليس معهم, فالآية تتحدث عن حجاب وعن أعراف, كل على حدة, وهذا شيء, وذلك شيء, فكيف جعلوه شيئا واحدا؟, وجعلوا الأعراف هو الحجاب وهو السور؟, وإنما يصح ما قالوا لو كانت الآية هكذا "وبينهما حجاب وعليه رجال", أما الآية الحق فتخالف مذهبهم.


 



السورة وسياقها, والآية وتعريفها, أعظم مما يقولون..


فما "الأعراف" إذا؟.



"الأعراف" بلسان العرب, هو المكان العالي المشرف المطل, ومنها عرف الديك, لعلوه وارتفاعه.


وكل مسميات الله في كتابه ذات حكمة وسداد, فإنما سميت "الجنة" لوظيفتها, في الستر والنعيم, فنقول "عليين" لعلوها وشرفها, ونقول "باب الريان" جزاء لمن صام فظمأ وجف عِرقه, ونقول "الحطمة" لما تحطمه وتهدمه مما يجمع الناس ويكنزون, وكذلك اللظى والسعير والجحيم, كل واحدة منها يتفق اسمها مع مسماها, وما خلقت له.


 



فلماذا سميت "الأعراف" بما سميت به؟.


ونحن سميناها أم الله؟.



وإن كانت الجنة لما نعلم عنها, والنار لما نعلم عنها, فكيف تكون "الأعراف" –على اعتبار وجوب اتفاق الاسم مع المسمى لأجله- كيف تكون الأعراف لما يقولون؟.


 



منزل عال مشرف مطل, ما له ولمن تساوت حسناته وسيئاته؟!.


رجل مقصّر في الدنيا, قليل عمل الخير والإحسان, لِمَ يُرفع يوم القيامة على "الأعراف"؟!.


أما الله فلم يقل بهذا, ولم يرفعه على "الأعراف", إنما الناس من قالوا, وإنما الناس من رفعوه.


أليس يُبعث كل عبد على ما مات عليه, كما صح عن رسول الله؟, {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى}, {وآتيناه في الدنيا حسنة, وإنه في الآخرة من الصالحين}. فكما كان هذا المقصر في الدنيا, غير آبه ولا منافس, فكذلك هو في الآخرة, لا يؤبه به ولا يكرم, فكيف يرفع مكانا عليا؟.


وهذا الحديث الصحيح للنبي عليه الصلاة والسلام, يوحي بالكثير من مثل هذا: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة".


فمن أولى بالمعروف في الدنيا من الرسل الكرام؟.


 




فلنقرأ آيات "الأعراف" ولنعقلها عن ربنا كما أنزلها!.



{ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار, أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا, فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا, قالوا نعم, فأذن مؤذن بينهم, أن لعنة الله على الظالمين, الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون, وبينهما حجاب, وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم}.



من هنا بدأ الاشكال, فقد ظن من قال بالقول الأول, أن الواقع في الآيات من المناداة والرد, كان بعد دخول أصحاب الجنة الجنة, وأصحاب النار النار!.



والظاهر والأحاديث يرد هذا الفهم كله. أولها أن {بينهما حجاب} أظهر أن تكون بين المتنادين من الفريقين, لا بين الجنة والنار, فمن ذا الذي يقول أن الجنة والنار على أفق سواء؟, وإذا كانت الجنة درجات بعضها فوق بعض, أثم تكون النار بحدها وجانبها؟.



فهذا الحدث, وهذه المناداة كلها في العرض والحشر, وقبل دخول الجنة والنار, وعلى رأس ما زلّت به كتب العلماء الأولين المرتضين, أن جعلوا المناداة بين الفريقين بعد الدخول!.


 


وهذا دليلنا على ما نقول....


آية سورة هود خير شاهد واصدق دليل, {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا, أولئك يعرضون على ربهم, ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم, ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا, وهو بالآخرة هم كافرون}. فكم تتشابه الكلمات التي سطّرنا تحتها مع كلمات آية الأعراف السابقة, والآية صريحة بأن هذا يوم العرض, وقبل الدخول.


 



ثم حديث النبي في الصحيح من أن الله يدني المؤمن فيقربه حتى يضع عليه كنفه, ويقرره بذنوبه, حتى إذا ظن العبد في نفسه أنه هلك, قال الله: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم –وليقارن القارئ بين هذا النص في المغفرة, وبين من يقول بمن تتساوى حسناتهم وسيئاتهم دون أن تدركهم الرحمة-, ثم قال عليه الصلاة والسلام: "وأما المنافقون والكافرون, فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم إلا لعنة الله على الظالمين".


فهذا حديث النبي الصريح فيما يجري يوم العرض, وهذا استدلاله واستشهاده بآية هود!.


 



لنرجع إلى "الأعراف"!.


الآية بالغة دامغة لا لبس فيها, {وعلى الأعراف رجال يعرفون}, وليس على الأعراف رجال متساوون!. فالأعراف للمعرفة, الأعراف للمعرفة, الأعراف للمعرفة, لا للتساوي.


 



"الأعراف", منزلة مشِرفة مشرَّفة عالية, عليها رجال "يعرفون" كلا بسيماهم, وأفرد الله لها سورة عظيمة طويلة في أول القرآن!..



فنسألكم بالله الذي أنزل الكتاب, إن علمتم هذا, ولم تقرأوا قول أحد من قبل ولم تقرأوا تفسيرا, غير ما تقرأون من كلام الله هذا, كأنما أخذتم الآيات لتوكم من فم النبي الطاهر, فمن منا يقول: إنهم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم؟.


أجزم أن لا يقول بها منصف متدبر!.


 



قبل أن نمضي في التدبر والنظر, لنرجع إلى أول سورة "الأعراف" معتمدين على منهجنا الأول بالاستناد إلى البناء الموحد للسور, وانسجام السياق, فماذا نجد؟.


{فلنسألنّ الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين, فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين, والوزن يومئذ الحق, فمن ثقلت موازينه فؤلئك هم المفلحون, ومن خفت موازينه فؤلئك الذين خسروا أنفسم بما كانوا بآياتنا يظلمون}.


 



{فلنسألنّ الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين}, هذا مرادنا, أن الناس يوم العرض فريقان, مرسَل ومرسَل إليه, والمرسل إليه أنفسهم فريقان, أصحاب الجنة وأصحاب النار.


فمن منا يظن أن الله سيوقف موسى بن عمران بجانب فرعون وهامان, ويوقف محمدا عليه الصلاة والسلام بجانب أبي جهل وأبي بن خلف؟.



بل لن يجمع الله أقل المؤمنين إيمانا, مع أقل الفاجرين فجرا, {وامتازوا اليوم أيها المجرمون}, فها هي الآية صريحة جلية, تمايز عادل بين المؤمنين والكافرين من الفريق المرسل إليه.



وفي المؤمنين درجات, منهم الصديقون, ومنهم الشهداء, ومنهم من دون ذلك, ومنهم, من تداركته رحمة الله من عوام المؤمنين..


 


فأين الفريق الأول, وأين الرسل الكرام؟.


لا جرم أن لهم "الأعراف" وأنهم مكرمون, إنهم هم أهل المنزلة الرفيعة المشرفة العالية لا شك, لا من تساوت حسناتهم وسيئاتهم, ولو أننا لم نسمع بمثل هؤلاء أصلا, إنما هي صنيعة الناس, وإن قال بها الصالحون الأولون, فكلهم جميعا لا يعدلون بمحمد عليه الصلاة والسلام, وإنما الحجة في قوله وحسب!.



{رجال يعرفون كلا بسيماهم}, لعمرو الله, ما الذي رفع المقصرين على "الأعراف", وما الذي جعل الجاهلين "يعرفون كلا بسيماهم"؟, لعمرو الله ذلك قول الناس, لا قول الله ولا رسوله.


 


رفعوا على الأعراف وعرفوا, كلا بسيماهم..


فشهدوا على هؤلاء وهؤلاء..


فمن هم هؤلاء الأشهاد؟.


 


إنهم الذين تلونا ذكرهم من قبل في آية هود {ويقول الأشهاد}, إنها يسيرة إذا رجعنا إلى كتاب الله لنقرأ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد, وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}!. إنهم هم الرسل بلا ريب.



{كلا بسيماهم}, {يُعرف المجرمون بسيماهم}, إنها بلا شك عرصات العرض, يوم تبيض وجوه وتسود وجوه, فيعرف كل بسيماهم, ويعرف النبي أمته بسيماهم, غرّا محجلين, في نواصيهم وأقدامهم, و{يعرف المجرمون بسيماهم فيأخذ بالنواصي والأقدام}.


 



المشكل الثاني


{ونادوا أصحاب الجنة, أن سلام عليكم, لم يدخلوها وهو يطمعون}.



فقد نقلت إلينا التفاسير, أن أصحاب الأعراف ينادون أصحاب الجنة بعدما دخلوا جنتهم, متحسرين على حالهم هم على ما قصّروا, فلم يدخلوها وهم يطمعون!.


وقلنا من قبل, إن الآيات والحديث, تخالفان هذا, فالمناداة كانت في العرض, وقبل الدخول. ولكن لماذا {لم يدخلوها وهم يطمعون}؟, ومن هم الذين لم يدخلوها وهم يطمعون؟.


 



على سياقنا الأول والانسجام الموضوعي, فالذين لم يدخلوها وهم يمطمعون, هم أصحاب الجنة أنفسهم, لا أصحاب الأعراف, فقد اتفق لنا أنه لم يدخل أحد منزله بعد, وها هم أصحاب الأعراف "الأشهاد" يعرفون أصحاب الجنة من بين أهل العرض فيشهدون لهم, ويثبتونهم ويؤمنونهم, وهم لم يدخلوها بعد وهم يطمعون, على ما ظهر لهم من البشارة والتثبيت. فمن ابيض وجهه, وأوتي كتابه بيمينه, طمع بالجنة, {إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين}, فهذا طمع على ما سلف, وطمع على ما ظهر من التبشير.



{وعلى الأعراف رجال}..


أليس هناك نساء تساوت حسناتهم وسيئاتهم؟!


قد يقول قائل: إنها خرجت مخرج الغالب, كون عامتهم من الرجال.


فنقول وما أدراكم, ولم يكونون كذلك, ولم لا يتساوى الرجال والنساء في الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم, فكلاهما أهل معصية وذنب؟.



وقد يستدل من يقول بإنها خرجت على الغالب, بآية سورة النور {يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال}, فيقول: ألا يسبح فيها النساء؟, فيستدل بها على الغالب!.


 


فنقول إن الآية حقا حصرت في الرجال وحسب, ولم يرد بها غيرهم, فقد أتبعها الله بصفة لازمة للحال التي عليها استحقوا الثناء, فكانت {لا تلهيهم تجارة ولا بيع}, فهل هذه للنساء اللواتي يتركن البيوع والصفقات بالاسواق, فيسارعن إلى المساجد؟.


 



ومثل هذا الدليل, حديث النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح, عن صلاة الجماعة, أن قال :"ثم أخالف إلى رجال في بيوتهم فأحرّق عليهم بيوتهم", فهل أراد بالرجال الرجال والنساء, إم الرجال وحسب, إذ الأمر بصلاة الجماعة واقع على الرجال دون النساء!.


 




المشكل الثالث


{وإذا صُرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}.


 


فقد أولها المؤولون الأولون, أنها دلالة تقصيرهم وآية اعترافهم بذنوبهم, فهم يتحاشون النظر إلى "ما يستحقون", فتُصرف أبصارهم جبرا وقسرا حتى يقرّعوا ويذكروا بما فرطوا وأجرموا!.



وهذا أيضا لا يصح, ولا يتفق مع تسلسل السياق والموضوع, فليس كل من يصرف بصره إلى العذاب أهل للعذاب!, ثم من أين أتوا بأنهم يتحاشون النظر, فتصرف أبصارهم قسرا, إليها؟!.


بل هي سنة الله وتأديبه لهذه المواطن والظروف, فاقرؤها في حال النبي العظيم محمد عليه الصلاة والسلام من سورة المؤمنون {قل رب إما تريني ما يوعدون, رب فلا تجعلني في القوم الظالمين}!, فمن يجرؤ أن يقول: إن الله أمر النبي بهذا لأنه مَنََّ عليه ونجاه مما يستحق؟, حاش لله!.


 



ثم إن "صُرفت" لا تجزم أبدا أن صاحبها كان يغالب نفسه ألا يرى فيغلب عليها, بل قد تكون في حال آمن تنظر أمامك, فيصرف بصرك يمنة أو يسرة, فترى ما شاء الله أن ترى.


 



من هم هؤلاء.. حتى يثبتوا هؤلاء, ويبكّتوا هؤلاء


ويقضوا بهؤلاء؟!.


{ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم, قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون, أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة, أدخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}.


ما هذا العلو, وما هذه الرفعة, وما هذه المنزلة المكينة, ومن هم هؤلاء الذين يتكلمون من عال, يوم تخرس الألسن فلا تسمع إلا همسا {لا يملكون منه خطابا, إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا}, فلم يأذن الله لمحمد عليه الصلاة والسلام, واذن للأراذل من الناس, فسكت النبي وقالوا هم صوابا؟!.




{لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}, لم نسمعها من قبل إلا من الله أو ملائكته الكرام, فكيف صارت هنا من قول الأراذل المقصّرين؟!.



بعد هذا العرض, وهذه الشهادات, يدخل الناس منازلهم.


{ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله}.


الآن صار أصحاب الجنة في الجنة وصار أصحاب النار في النار, بعدما شهد "الأشهاد", وقضى أصحاب الأعراف, فهل يكونون هم الأرذلين المقصرين, أم الرسل الكرام؟!.


إنهم هم الرجال بحق, وهم أولى بها {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي أليهم}.


 


إضافة أخيرة


لم يرد جذر "الأعراف" في القرآن كله إلا مرتان, مرة في آخر سورة الأعراف نفسها {خذ العفو وأمر بالعرف}, فكانت هنا متعلقة بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام. فعلى رأس الآمرين بالعرف يكون الرسول.


ثم في سورة "المرسلات" {والمرسلات عرفا}, وعلى اختلاف المفسرين على المراد بالمرسلات, إلا أن تعلقها الظاهر الجلي "بالعرف" أجلى من التبيان, فالعلاقة بالغة بليغة بين الرسالة والعرف!.


 


 


 


 



فأصحاب الأعراف هم الرسل الكرام المقربون, وهم الأشهاد, بما يظهر لنا من كتاب الله, لا من كلام الناس, ولا حجة بيننا وبين ربنا غير رسله!.


{لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.


 



فالله الله بيننا وبينكم, أن نقرأ كتاب الله كأنما نزل لتوه, وكأنما نأخذه غضا من فم المبلغ الأمين محمد عليه الصلاة والسلام, ولو كان ما يقولون ويفسرون حقا ملزما, كلازم الكتاب والحديث, فقد ابتدعوا على الله ورسوله الباطل.


 



ولو كان عبد يسمع هذه الآيات من فم النبي, ولم يكن يومها تفسير ولا تأويل, وكان يتلى يومها في الناس {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}, فبأي التفاسير نلزمه, وعلى أيها نحمله؟!.



فاللهم إني أشهد, ومعي من المؤمنين كثير, أن نبيك محمدا عليه الصلاة والسلام, ترك الدنيا ولم يبْلُغنا أنه قال في الأعراف شيئا, وبلّغ عنك ما أمرت من الكتاب كله, فترك فينا كتابك وحديثه, فجاء رجال من الناس فاجتهدوا من عند أنفسهم, فحمله الناس عنهم, وآمنوا بما قالوا, وألزموا الناس به, وجعلوه دينا مفروضا, كدينك الذي أنزلت, ونبيك الذي أرسلت!.



فاللهم لا رب لي سواك, ولا نبي غير محمد عليه الصلاة والسلام, ولا حجة في قول أحد بعده {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} فالحمد لله وكفى.



فاللهم هذا كتابك, وهذا حديث نبيك, حجتك علينا, وحجتنا عندك, ولا ندين لغير هذا, كائنا من كان, على أن لا إله إلا الله محمد رسول الله, فاقبلها منا وثبتنا عليها, إذا زاغ الناس وبدلوا.



اللهم إني أبرأ إليك من كل كتاب غير كتابك, ومن كل حديث غير حديث نبيك, ومن كل قول للناس لست في أوله وآخره, كائنا من كان.



اللهم إن كان هذا حقا فأجرني عليه, وإن كان باطلا فاعذرني عليه.


{ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.






                  

10-29-2005, 04:02 AM

Yassir7anna
<aYassir7anna
تاريخ التسجيل: 09-08-2002
مجموع المشاركات: 2634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سورة { الأعراف }- 7 - (Ala'araf .. (The Heights (Re: saadeldin abdelrahman)

    الأخ الفاضل سعد الدين عبدالرحمن

    بارك الله فيك أخي وجزاك خيرا على هذا المجهود الرائع واساله تعالى ان يجعله في ميزان حسناتك ان شاء الله

    من اكثر الآيات التي شدت انتباهي في سورة الأعراف هذه الآيات:
    (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار, أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا, فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا, قالوا نعم, فأذن مؤذن بينهم, أن لعنة الله على الظالمين, الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون, وبينهما حجاب, وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون, أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة, أدخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون)

    وكنت افهمها على حسب تفسير السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم حتى عثرت على هذه الدراسة فوددت ان اطلعكم عليها واسال الله ان يكون صاحبها قد وفق في موصل اليه وفي تقديري هو الاقرب للمنطق
    Quote:



    "الأعراف".. وخطأ ألف وأربعمائة عام!!.


    "الأعراف".. أشرف المنازل يوم الحشر!!.



    {وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم}..


    ما هي "الأعراف, ومن هم هؤلاء "الرجال"؟.


     



    صلاح الدين ابراهيم أبو عرفة


     


    إنها من المسائل العظيمة المشكلة, وليس أدل على إشكالها ما دار حولها, وما كتب فيها, وكم وقف عندها العلماء المؤولون!.


    فما هي, وعلى ماذا نحن الآن منها, بعد الأخذ والرد, والبحث والجد, ولم استقر "الجمهور" على ما استقروا عليه, وماذا عندهم من البينة والبرهان؟.


     



    وأعزم ما أبدأ فيه, ما نقل في مصنف ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه أن قال: "أعزِم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه, فإنما هلك الناس حيث يتبعون أحاديث علمائهم, ويتركون كتاب ربهم"!.


     



    فأجعل قوله رضي الله عليه حجة في الفهم البالغ الأصيل, على كل من يحاججنا بكلام أحد من الناس, فيجعل ما استقر عليه "الناس" حجة علينا, كما حجة الله والرسول سواء بسواء, {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.



    إنها بحق من عظيم المشكل, وما في تفاسير "الناس" لا يطمئن إليه القلب!.


     




    كيف نعقلها إذا, وما المشكل فيما عليه الجمهور؟.



    قبل أن نجيب نقول: إن ما عليه الجمهور أن "الأعراف" هي السور المضروب بين الجنة والنار, وأن "رجال الأعراف" هم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم, فلم تبلغهم هذه الجنة, ولم تبلغهم هذه النار. فيوقفون على "الأعراف" بعدما يقضى بأهل الجنة إلى الجنة, وأهل النار إلى النار, حتى ينظر الله في أمرهم فيقضي فيهم!.


    وترك العلماء "أقوالا" آخرى, منها أنهم الملائكة, ومنها أنهم "أبناء الزنى", ومنها أنهم النبيون, فسبحان الله في التفاسير, أيختلط عليها الأمر بين النبيين, وأبناء الزنى؟!.


    أما الذين قالوا: هم النبيون, أو هم الملائكة, فإنما كان قولا مجردا من البينة والدليل, ولم يتعد الرجم بالظن والتخريص, ولا يدين المؤمنون لظن ولا لشك.



    والحق أن ثمة مسأله يجب الوقوف عندها, وهي ما نتناقله من أن هذا "قول الجمهور", فمتى يكون الرأي رأي الجمهور بحق؟!.



    ذلك أن كثيرا مما في التفاسير, هو أخذ رجل عن رجل, ونقل الواحد عن الآخر, فتبدأ بابن عباس رضي الله عنهما مثلا, فيحمل القول نفسه مائة مفسر, فيصلنا نحن على أنه "قول الجمهور", وهذا ليس بعدل ولا بحق, فإنما هذا قول إمام واحد, وألف ناقل, فلن يعدو أن يبقى قول إمام واحد!.



    أما قول "الجمهور" بحق, فهو أن ندفع بالمسألة الواحدة لمائة إمام, فينظروا فيها كل على حدة, ثم يقول كل بقوله, فإن قال أغلبهم برأي واحد متفق, دون أن يسمعه من الآخر, فذلك المتفق الغالب, هو "قول الجمهور", فلننظر ولنتحسّب. {قل إنما أعظكم بواحدة, أن تقوموا لله مثنى وفرادى, ثم تتفكروا}.


     



    لم يصح في "الأعراف" حديث عن رسول الله


    فما في التفاسير اجتهاد وحسب!.



    من هنا نبدأ, ومن هنا نجتهد. وما روته التفاسير من أحاديث عن رسول الله في قصة أصحاب الأعراف, لم تٌقبل عند أحد من المحققين الثقات في الحديث.


    وأظهر دليل على هذا, أن الأئمة الأعلام اجتهدوا رأيهم منذ العهد الأول, فلو ورد في الأعراف حديث, لما اجتهدوا, ولوقفوا عنده!.


     


    قال الشيخ الألباني في مقدمة "الترغيب والترهيب":


    «وجملة القول: إننا ننصح إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أن يدعوا العمل بالأحاديث الضعيفة ‏مطلقاً.


    فقد قال عليه الصلاة والسلام:


    «كفى بالمرء كَذِباً ‏أن يحدّث بكلّ ما سمِع».


     


     



    أين الخلل فيما في التفاسير, ولِمَ لا نطمئن إليه؟.



    أولا: كل ما عليه المؤمنون جميعا, بسلفهم وخلفهم, مما تواتر عن ربنا ورسوله, أن الآخرة منزلان وحسب, فإما إلى جنة وإما إلى نار {فريق في الجنة وفريق في السعير}.


    وأن أهل الآخرة أزواج ثلاثة, لا رابع لهم, أصحاب الميمنة, وأصحاب المشأمة, والسابقون المقربون, فمن أين أتى من أتى بالزوج الرابع فابتدع له منزلة وأوقفهم عليها؟.


     


    ثانيا: تواتر عند المؤمنين جميعا, بنص الكتاب القاطع والحديث الصحيح, أن الموازين يوم الحشر على اثنتين, إما أن تثقل وإما أن تخف, {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية, وأما من خفت موازينه فأمه هاوية}, ولم يرد من الصحيح القاطع منزلة ثالثة, من مثل الذي يقول به أهل التأويل الأول, بأن ثَمّة منزلة وسط يوقف عليها من تساوت حسناته وسيئاته, وتلك عندهم هي "الأعراف"!.



    بل تواتر من كتاب ربنا وحديث نبيه, ما يرد ذلك كله, من رحمة الله التي تسبق غضبه, وعفوه وتجاوزه الذي يغلب أخذه وعقوبته, وحلمه ومغفرته وجوده وكرمه, هذا كله وهذه الآية الدامغة {إن الله لا يظلم مثقال ذرة, وإن تك حسنة يضاعفها}.


     



    هذا, وما صح وتواتر من عفو الله العظيم عن إخراج الله لأقوام من النار لم يعملوا خيرا قط, يضعهم في الجنة, ثم قبوله للشفاعة لأهل الكبائر والموبقات, فمن يتصور بعد هذا كله, وهذه الرحمة كلها, أن الله يوقف عبدا أعوزته حسنة واحدة؟!.



    فإن كان لهذا العبد بضع حسنات, فضاعفها "الكريم الجواد الرحيم" له حتى تساوت مع سيئاته, أيتركه من أجل حسنة واحدة, وهو الذي يغفر الذنوب جميعا؟!.



    وقد صح من حديث النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلا ممن كان قبلنا حوسب, فلم ير له من الخير شيء قط, غير أنه كان موسرا وكان يخالط الناس, وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن "المعسر", فقال الله: نحن أولى بهذا منه, تجاوزوا عنه!.



    فهذا حال الله مع من ليس له حسنة قط, فكيف به مع من "أعسر" عن حسنة واحدة؟.



    ثم لو كان الذي قالوه من عند رسول الله لآمنا وتركنا قولنا ورأينا, أما ولم يقل النبي عليه الصلاة والسلام بما قالوا, فما نعلمه عن ربنا خير مما يقولون.


     



    فمن أين بدأ اللبس والإشكال؟.



    لعل ما يتلوه الناس من سورة الأعراف {وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال}, وما يتلونه من سورة الحديد {فضرب بينهم بسور له باب}, ذلك هو الذي لبس على من قال بالقول الأول فهمه. بيد أن ظاهر النص ليس معهم, فالآية تتحدث عن حجاب وعن أعراف, كل على حدة, وهذا شيء, وذلك شيء, فكيف جعلوه شيئا واحدا؟, وجعلوا الأعراف هو الحجاب وهو السور؟, وإنما يصح ما قالوا لو كانت الآية هكذا "وبينهما حجاب وعليه رجال", أما الآية الحق فتخالف مذهبهم.


     



    السورة وسياقها, والآية وتعريفها, أعظم مما يقولون..


    فما "الأعراف" إذا؟.



    "الأعراف" بلسان العرب, هو المكان العالي المشرف المطل, ومنها عرف الديك, لعلوه وارتفاعه.


    وكل مسميات الله في كتابه ذات حكمة وسداد, فإنما سميت "الجنة" لوظيفتها, في الستر والنعيم, فنقول "عليين" لعلوها وشرفها, ونقول "باب الريان" جزاء لمن صام فظمأ وجف عِرقه, ونقول "الحطمة" لما تحطمه وتهدمه مما يجمع الناس ويكنزون, وكذلك اللظى والسعير والجحيم, كل واحدة منها يتفق اسمها مع مسماها, وما خلقت له.


     



    فلماذا سميت "الأعراف" بما سميت به؟.


    ونحن سميناها أم الله؟.



    وإن كانت الجنة لما نعلم عنها, والنار لما نعلم عنها, فكيف تكون "الأعراف" –على اعتبار وجوب اتفاق الاسم مع المسمى لأجله- كيف تكون الأعراف لما يقولون؟.


     



    منزل عال مشرف مطل, ما له ولمن تساوت حسناته وسيئاته؟!.


    رجل مقصّر في الدنيا, قليل عمل الخير والإحسان, لِمَ يُرفع يوم القيامة على "الأعراف"؟!.


    أما الله فلم يقل بهذا, ولم يرفعه على "الأعراف", إنما الناس من قالوا, وإنما الناس من رفعوه.


    أليس يُبعث كل عبد على ما مات عليه, كما صح عن رسول الله؟, {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى}, {وآتيناه في الدنيا حسنة, وإنه في الآخرة من الصالحين}. فكما كان هذا المقصر في الدنيا, غير آبه ولا منافس, فكذلك هو في الآخرة, لا يؤبه به ولا يكرم, فكيف يرفع مكانا عليا؟.


    وهذا الحديث الصحيح للنبي عليه الصلاة والسلام, يوحي بالكثير من مثل هذا: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة".


    فمن أولى بالمعروف في الدنيا من الرسل الكرام؟.


     




    فلنقرأ آيات "الأعراف" ولنعقلها عن ربنا كما أنزلها!.



    {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار, أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا, فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا, قالوا نعم, فأذن مؤذن بينهم, أن لعنة الله على الظالمين, الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون, وبينهما حجاب, وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم}.



    من هنا بدأ الاشكال, فقد ظن من قال بالقول الأول, أن الواقع في الآيات من المناداة والرد, كان بعد دخول أصحاب الجنة الجنة, وأصحاب النار النار!.



    والظاهر والأحاديث يرد هذا الفهم كله. أولها أن {بينهما حجاب} أظهر أن تكون بين المتنادين من الفريقين, لا بين الجنة والنار, فمن ذا الذي يقول أن الجنة والنار على أفق سواء؟, وإذا كانت الجنة درجات بعضها فوق بعض, أثم تكون النار بحدها وجانبها؟.



    فهذا الحدث, وهذه المناداة كلها في العرض والحشر, وقبل دخول الجنة والنار, وعلى رأس ما زلّت به كتب العلماء الأولين المرتضين, أن جعلوا المناداة بين الفريقين بعد الدخول!.


     


    وهذا دليلنا على ما نقول....


    آية سورة هود خير شاهد واصدق دليل, {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا, أولئك يعرضون على ربهم, ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم, ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا, وهو بالآخرة هم كافرون}. فكم تتشابه الكلمات التي سطّرنا تحتها مع كلمات آية الأعراف السابقة, والآية صريحة بأن هذا يوم العرض, وقبل الدخول.


     



    ثم حديث النبي في الصحيح من أن الله يدني المؤمن فيقربه حتى يضع عليه كنفه, ويقرره بذنوبه, حتى إذا ظن العبد في نفسه أنه هلك, قال الله: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم –وليقارن القارئ بين هذا النص في المغفرة, وبين من يقول بمن تتساوى حسناتهم وسيئاتهم دون أن تدركهم الرحمة-, ثم قال عليه الصلاة والسلام: "وأما المنافقون والكافرون, فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم إلا لعنة الله على الظالمين".


    فهذا حديث النبي الصريح فيما يجري يوم العرض, وهذا استدلاله واستشهاده بآية هود!.


     



    لنرجع إلى "الأعراف"!.


    الآية بالغة دامغة لا لبس فيها, {وعلى الأعراف رجال يعرفون}, وليس على الأعراف رجال متساوون!. فالأعراف للمعرفة, الأعراف للمعرفة, الأعراف للمعرفة, لا للتساوي.


     



    "الأعراف", منزلة مشِرفة مشرَّفة عالية, عليها رجال "يعرفون" كلا بسيماهم, وأفرد الله لها سورة عظيمة طويلة في أول القرآن!..



    فنسألكم بالله الذي أنزل الكتاب, إن علمتم هذا, ولم تقرأوا قول أحد من قبل ولم تقرأوا تفسيرا, غير ما تقرأون من كلام الله هذا, كأنما أخذتم الآيات لتوكم من فم النبي الطاهر, فمن منا يقول: إنهم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم؟.


    أجزم أن لا يقول بها منصف متدبر!.


     



    قبل أن نمضي في التدبر والنظر, لنرجع إلى أول سورة "الأعراف" معتمدين على منهجنا الأول بالاستناد إلى البناء الموحد للسور, وانسجام السياق, فماذا نجد؟.


    {فلنسألنّ الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين, فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين, والوزن يومئذ الحق, فمن ثقلت موازينه فؤلئك هم المفلحون, ومن خفت موازينه فؤلئك الذين خسروا أنفسم بما كانوا بآياتنا يظلمون}.


     



    {فلنسألنّ الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين}, هذا مرادنا, أن الناس يوم العرض فريقان, مرسَل ومرسَل إليه, والمرسل إليه أنفسهم فريقان, أصحاب الجنة وأصحاب النار.


    فمن منا يظن أن الله سيوقف موسى بن عمران بجانب فرعون وهامان, ويوقف محمدا عليه الصلاة والسلام بجانب أبي جهل وأبي بن خلف؟.



    بل لن يجمع الله أقل المؤمنين إيمانا, مع أقل الفاجرين فجرا, {وامتازوا اليوم أيها المجرمون}, فها هي الآية صريحة جلية, تمايز عادل بين المؤمنين والكافرين من الفريق المرسل إليه.



    وفي المؤمنين درجات, منهم الصديقون, ومنهم الشهداء, ومنهم من دون ذلك, ومنهم, من تداركته رحمة الله من عوام المؤمنين..


     


    فأين الفريق الأول, وأين الرسل الكرام؟.


    لا جرم أن لهم "الأعراف" وأنهم مكرمون, إنهم هم أهل المنزلة الرفيعة المشرفة العالية لا شك, لا من تساوت حسناتهم وسيئاتهم, ولو أننا لم نسمع بمثل هؤلاء أصلا, إنما هي صنيعة الناس, وإن قال بها الصالحون الأولون, فكلهم جميعا لا يعدلون بمحمد عليه الصلاة والسلام, وإنما الحجة في قوله وحسب!.



    {رجال يعرفون كلا بسيماهم}, لعمرو الله, ما الذي رفع المقصرين على "الأعراف", وما الذي جعل الجاهلين "يعرفون كلا بسيماهم"؟, لعمرو الله ذلك قول الناس, لا قول الله ولا رسوله.


     


    رفعوا على الأعراف وعرفوا, كلا بسيماهم..


    فشهدوا على هؤلاء وهؤلاء..


    فمن هم هؤلاء الأشهاد؟.


     


    إنهم الذين تلونا ذكرهم من قبل في آية هود {ويقول الأشهاد}, إنها يسيرة إذا رجعنا إلى كتاب الله لنقرأ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد, وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}!. إنهم هم الرسل بلا ريب.



    {كلا بسيماهم}, {يُعرف المجرمون بسيماهم}, إنها بلا شك عرصات العرض, يوم تبيض وجوه وتسود وجوه, فيعرف كل بسيماهم, ويعرف النبي أمته بسيماهم, غرّا محجلين, في نواصيهم وأقدامهم, و{يعرف المجرمون بسيماهم فيأخذ بالنواصي والأقدام}.


     



    المشكل الثاني


    {ونادوا أصحاب الجنة, أن سلام عليكم, لم يدخلوها وهو يطمعون}.



    فقد نقلت إلينا التفاسير, أن أصحاب الأعراف ينادون أصحاب الجنة بعدما دخلوا جنتهم, متحسرين على حالهم هم على ما قصّروا, فلم يدخلوها وهم يطمعون!.


    وقلنا من قبل, إن الآيات والحديث, تخالفان هذا, فالمناداة كانت في العرض, وقبل الدخول. ولكن لماذا {لم يدخلوها وهم يطمعون}؟, ومن هم الذين لم يدخلوها وهم يطمعون؟.


     



    على سياقنا الأول والانسجام الموضوعي, فالذين لم يدخلوها وهم يمطمعون, هم أصحاب الجنة أنفسهم, لا أصحاب الأعراف, فقد اتفق لنا أنه لم يدخل أحد منزله بعد, وها هم أصحاب الأعراف "الأشهاد" يعرفون أصحاب الجنة من بين أهل العرض فيشهدون لهم, ويثبتونهم ويؤمنونهم, وهم لم يدخلوها بعد وهم يطمعون, على ما ظهر لهم من البشارة والتثبيت. فمن ابيض وجهه, وأوتي كتابه بيمينه, طمع بالجنة, {إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين}, فهذا طمع على ما سلف, وطمع على ما ظهر من التبشير.



    {وعلى الأعراف رجال}..


    أليس هناك نساء تساوت حسناتهم وسيئاتهم؟!


    قد يقول قائل: إنها خرجت مخرج الغالب, كون عامتهم من الرجال.


    فنقول وما أدراكم, ولم يكونون كذلك, ولم لا يتساوى الرجال والنساء في الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم, فكلاهما أهل معصية وذنب؟.



    وقد يستدل من يقول بإنها خرجت على الغالب, بآية سورة النور {يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال}, فيقول: ألا يسبح فيها النساء؟, فيستدل بها على الغالب!.


     


    فنقول إن الآية حقا حصرت في الرجال وحسب, ولم يرد بها غيرهم, فقد أتبعها الله بصفة لازمة للحال التي عليها استحقوا الثناء, فكانت {لا تلهيهم تجارة ولا بيع}, فهل هذه للنساء اللواتي يتركن البيوع والصفقات بالاسواق, فيسارعن إلى المساجد؟.


     



    ومثل هذا الدليل, حديث النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح, عن صلاة الجماعة, أن قال :"ثم أخالف إلى رجال في بيوتهم فأحرّق عليهم بيوتهم", فهل أراد بالرجال الرجال والنساء, إم الرجال وحسب, إذ الأمر بصلاة الجماعة واقع على الرجال دون النساء!.


     




    المشكل الثالث


    {وإذا صُرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}.


     


    فقد أولها المؤولون الأولون, أنها دلالة تقصيرهم وآية اعترافهم بذنوبهم, فهم يتحاشون النظر إلى "ما يستحقون", فتُصرف أبصارهم جبرا وقسرا حتى يقرّعوا ويذكروا بما فرطوا وأجرموا!.



    وهذا أيضا لا يصح, ولا يتفق مع تسلسل السياق والموضوع, فليس كل من يصرف بصره إلى العذاب أهل للعذاب!, ثم من أين أتوا بأنهم يتحاشون النظر, فتصرف أبصارهم قسرا, إليها؟!.


    بل هي سنة الله وتأديبه لهذه المواطن والظروف, فاقرؤها في حال النبي العظيم محمد عليه الصلاة والسلام من سورة المؤمنون {قل رب إما تريني ما يوعدون, رب فلا تجعلني في القوم الظالمين}!, فمن يجرؤ أن يقول: إن الله أمر النبي بهذا لأنه مَنََّ عليه ونجاه مما يستحق؟, حاش لله!.


     



    ثم إن "صُرفت" لا تجزم أبدا أن صاحبها كان يغالب نفسه ألا يرى فيغلب عليها, بل قد تكون في حال آمن تنظر أمامك, فيصرف بصرك يمنة أو يسرة, فترى ما شاء الله أن ترى.


     



    من هم هؤلاء.. حتى يثبتوا هؤلاء, ويبكّتوا هؤلاء


    ويقضوا بهؤلاء؟!.


    {ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم, قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون, أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة, أدخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}.


    ما هذا العلو, وما هذه الرفعة, وما هذه المنزلة المكينة, ومن هم هؤلاء الذين يتكلمون من عال, يوم تخرس الألسن فلا تسمع إلا همسا {لا يملكون منه خطابا, إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا}, فلم يأذن الله لمحمد عليه الصلاة والسلام, واذن للأراذل من الناس, فسكت النبي وقالوا هم صوابا؟!.




    {لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}, لم نسمعها من قبل إلا من الله أو ملائكته الكرام, فكيف صارت هنا من قول الأراذل المقصّرين؟!.



    بعد هذا العرض, وهذه الشهادات, يدخل الناس منازلهم.


    {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله}.


    الآن صار أصحاب الجنة في الجنة وصار أصحاب النار في النار, بعدما شهد "الأشهاد", وقضى أصحاب الأعراف, فهل يكونون هم الأرذلين المقصرين, أم الرسل الكرام؟!.


    إنهم هم الرجال بحق, وهم أولى بها {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي أليهم}.


     


    إضافة أخيرة


    لم يرد جذر "الأعراف" في القرآن كله إلا مرتان, مرة في آخر سورة الأعراف نفسها {خذ العفو وأمر بالعرف}, فكانت هنا متعلقة بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام. فعلى رأس الآمرين بالعرف يكون الرسول.


    ثم في سورة "المرسلات" {والمرسلات عرفا}, وعلى اختلاف المفسرين على المراد بالمرسلات, إلا أن تعلقها الظاهر الجلي "بالعرف" أجلى من التبيان, فالعلاقة بالغة بليغة بين الرسالة والعرف!.


     


     


     


     



    فأصحاب الأعراف هم الرسل الكرام المقربون, وهم الأشهاد, بما يظهر لنا من كتاب الله, لا من كلام الناس, ولا حجة بيننا وبين ربنا غير رسله!.


    {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.


     



    فالله الله بيننا وبينكم, أن نقرأ كتاب الله كأنما نزل لتوه, وكأنما نأخذه غضا من فم المبلغ الأمين محمد عليه الصلاة والسلام, ولو كان ما يقولون ويفسرون حقا ملزما, كلازم الكتاب والحديث, فقد ابتدعوا على الله ورسوله الباطل.


     



    ولو كان عبد يسمع هذه الآيات من فم النبي, ولم يكن يومها تفسير ولا تأويل, وكان يتلى يومها في الناس {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}, فبأي التفاسير نلزمه, وعلى أيها نحمله؟!.



    فاللهم إني أشهد, ومعي من المؤمنين كثير, أن نبيك محمدا عليه الصلاة والسلام, ترك الدنيا ولم يبْلُغنا أنه قال في الأعراف شيئا, وبلّغ عنك ما أمرت من الكتاب كله, فترك فينا كتابك وحديثه, فجاء رجال من الناس فاجتهدوا من عند أنفسهم, فحمله الناس عنهم, وآمنوا بما قالوا, وألزموا الناس به, وجعلوه دينا مفروضا, كدينك الذي أنزلت, ونبيك الذي أرسلت!.



    فاللهم لا رب لي سواك, ولا نبي غير محمد عليه الصلاة والسلام, ولا حجة في قول أحد بعده {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} فالحمد لله وكفى.



    فاللهم هذا كتابك, وهذا حديث نبيك, حجتك علينا, وحجتنا عندك, ولا ندين لغير هذا, كائنا من كان, على أن لا إله إلا الله محمد رسول الله, فاقبلها منا وثبتنا عليها, إذا زاغ الناس وبدلوا.



    اللهم إني أبرأ إليك من كل كتاب غير كتابك, ومن كل حديث غير حديث نبيك, ومن كل قول للناس لست في أوله وآخره, كائنا من كان.



    اللهم إن كان هذا حقا فأجرني عليه, وإن كان باطلا فاعذرني عليه.


    {ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.








    الموقع: http://www.alassrar.com/

    (عدل بواسطة Yassir7anna on 10-29-2005, 04:04 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de