المكبوت والمقموع من الكلام.. السفاح اللغوي نموذجا !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 04:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-09-2005, 07:10 AM

Elmuez

تاريخ التسجيل: 06-18-2005
مجموع المشاركات: 3488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المكبوت والمقموع من الكلام.. السفاح اللغوي نموذجا !

    العنف المتبادل بين البشر ولغاتهم

    كتاب يدرس المكبوت والمقموع من الكلام

    بيروت: بلال عبد الهادي

    ليس من السهل تحديد وتعريف اللغة، حتى علماء اللغة أنفسهم يقرون، وإنْ بشكل خفي أحيانا، بعجزهم عن تحديد جامع مانع للغة. هذا ما أدركه قديما الكاتب الفذ أبو حيّان التوحيدي حين قال: «إنّ الكلام على الكلام صعب»، وهذا ما يقوله أيضا، بأسلوب مختلف إلى حدّ ما، الكاتب جان جاك لوسركل، في كتابه «عنف اللغة» الذي نقله إلى العربية محمد بدوي، وصدر عن «مركز دراسات الوحدة العربيّة»، في بيروت، إذ يرى الكاتب ان الكلام عن اللغة لا يخلو من صعوبة، لأنها «السلاح وحامل السلاح وأرض المعركة».

    اختيار الدكتور محمد بدوي ترجمة كتاب «عنف اللغة» لجان جاك لوسركل، اختيار موفّق لافتقار المكتبة العربية إلى دراسات تتناول هذا الموضوع الطريف والعنيف، كما أن المترجم قام بكتابة مقدمة ضافية وجميلة، رابطا فحوى الكتاب بالمجالات اللغوية المهملة في تراثنا العربي، مع ما في ذلك من خسارة للناطقين بالعربيّة. وتكفي الإشارة إلى ما يمكن أنْ تقدّمه مقامات الحريري على سبيل المثال من خدمات جلَّى على صعيد الإعلانات والشعارات مثلا بدلا من حبسها في قالبها القصصي، أو اعتبارها من الكتب التي تمثّل حقبة الانحطاط اللغوي والعبث المتهافت الذي يدنو من اللغو. عنف اللغة، عنوان ملتبس لأنّه يتكلّم عن شيئين وليس عن شيء واحد، فهو لا يتكلّم فقط عن العنف الكامن في طبيعة اللغة، وإنما أيضا على العنف الذي يمارسه المستعمل على اللغة، والعنف الذي تمارسه اللغة على الناطقين بها، فالإنسان يخاف من اللغة، ويخاف من الكلمات، والتفاتة بسيطة إلى التوريات التي تزدحم بها كلّ اللغات، أو المحظورات اللغوية، تظهر أنّ جزءا من هذه التوريات وهذه المحظورات ليس أكثر من محاولة قصّ لمخالب الكلمات المسنونة.

    أصفاد الكلام

    * ينطلق الكاتب من ملحوظة تعاني منها كلّ اللغات وكلّ الأنظمة اللغوية. انّ الإنسان خشن، وفظّ، مع لغته، خشونة وفظاظة مصدرهما الحبّ القاتل، وفي الكتاب تفاصيل غنيّة عن هذا الحبّ، غريب الأطوار، لعشّاق أو مجانين اللغة. إنّ علاقة الإنسان بلغته أشبه بلعبة الهرّ والفأر، ولكن بخلاف في النتائج وهو أن لا أحد له الغلبة في هذه اللعبة. فالعنف متبادل. الإنسان يمارس القمع مع لغته، يقمع مفردات وتعابير وتراكيب باعتبارها إمّا من مظاهر الفساد وإمّا من الكلام الذي لا يجوز قوله والتلفظ به، فيفرض عليه صنوفا من القيود المعيارية الصارمة، إلاّ أنّ هذا الكلام يتمرّد على أغلاله وقيوده، وينتفض في شكل طرفة ساخرة من الانظمة اللغوية أو نكتة بذيئة أو في شكل هذيان، والكاتب يدرس دراسة طريفة مجموعة من حالات «مجانين الكلام». ومن مظاهر القمع التي يتوارى خلفها حرّاس اللغة مفهوم الفساد، وهو مفهوم يلازم كلّ اللغات، ويكون بالمرصاد لكل الناطقين، ولا ينجو منه حتى من لا يرى العالم إلا تجليّات لغويّة. والكاتب أراد أن يدرس المقموع في اللغة، وهو ما سمّاه بـ«المتبقي»، أي بالمتروك والمهمل والمنبوذ أو المطرود من جنّة الاستعمال، وحرم المعاجم. كما يشير إلى ان المتبقي هو الناحية التي لا يعترف بها حرّاس اللغة، معتبرا ان هذا المقموع أو المهمل لا يسكت على ضيم فيثأر لنفسه باقتحامه حرم اللغة من باب المجاز والاستعارة واللعب على الكلام، والكاتب يعترف أن الصراعات اللغوية ما هي إلا ضرب من العنف ساحته المجتمعات البشرية والطبقات الاجتماعية. ويشير المؤلف إلى الطاقات التي تحتضنها المناطق المهملة في ميادين مختلفة.

    اللعب اللغوي

    والاستغلال السياسي

    قارىء الكتاب يدرك إلى أيّ حدّ يمكن أنْ تستثمر المواضيع التي يعالجها باقتدار في ميادين كثيرة، منها الإعلان، والفنون الدعائية والكاريكاتير، والفنّ اللغويّ والنقد السياسي، وهو يقدم أمثلة كثيرة من قدرات «المتبقي»، تمتاز بالطرافة والغرابة ومستقاة من الفرنسية والإنكليزية، في فترات الاحتدام السياسي والحملات الانتخابية التي تستغل إلى أقصى حدّ مجالات اللعب اللغوي. كما يتناول الكاتب كتّاباً كثيرين كانوا مهووسين باللغة إلى درجة مرضية، كما يشير إلى آخرين لم يشفهم من هلوساتهم إلا كتابة وتفكيك جنونهم على الورق، أي باستخدام السرد كوسيلة علاجية لأزماتهم النفسية. ويتجلى هذا الجنون في شكل الكلمات وطريقة تراصفها وأسلوب تفتيتها، وغير ذلك من الألاعيب وهي ألاعيب لا تتعدى احتمالات اللغة نفسها، ويشير المؤلف إلى دور السرد في شفاء هؤلاء من أزماتهم النفسية.

    أنظمة نحوية وليدة القمع

    وحين يتكلم عن الأنظمة اللغوية، أو ما يعرف بالنحو، فإنّه يقول إنّ النحو المكتوب ما هو إلا نظام بشريّ يصطفي من الاحتمالات الكثيرة التي تحتضنها اللغة جزءا يسيرا يسمح لها بتأسيس وتشييد النحو، والأنظمة النحوية لا يمكن لها أنْ تولد أو تتكّون إلا عبر الإقصاء والإلغاء والقمع لعناصر لغوية كثيرة منها الصوتي والتركيبي والدلالي، كما لو أنّ تشييد النحو لا يقوم إلا على جثث الكلمات ورفات التراكيب، لأنّ اللغة كائن حيّ متحرّك أشبه ما تكون بعقرب الثواني في الساعات، لا يتوقف على الإطلاق، بينما النحو هو على نقيض اللغة لأنّه يقوم بعمليّة تجميد للغة في لحظة ما. من هنا ينشأ صراع عارم وصارم بين حرّاس اللغة والناطقين بها، وحتى يحافظ النحو على صرحه لا يعترف بالتغييرات التي تطرأ على اللغة، بل بدلاً من أنْ يعالجها معالجة موضوعية يقوم بشنّ حملات مسعورة على التعابير الجديدة والتراكيب الغريبة الطارئة باعتبارها لحناً أو خطأ نحويّاً أو فساداً أو تدنيساً يعتور جسد اللغة، وهو يرى أنّ اللحن ليس لحناً بقدر ما هو إشارة صادقة ومنبئة بالاتجاه الذي تتبعه اللغة في مسارها التطوري.

    الإثم اللغوي

    ويرى الكاتب أنّ الإنسان يستمتع بارتكاب «الإثم اللغوي» أو «السفاح اللغوي»، على حدّ قوله، لأنّ هذا العنف الذي يمارسه ضدّ تراكيبها هو الذي يضفي ويضيف إليها الحيويّة. كما أنّ الانحراف ليس انحرافاً بالمعنى الحرفيّ بقدر ما هو توقّع بالمصير الذي ستؤول إليه حال اللغة. ومن جملة القضايا الشيقة التي يتناولها لوسركل، صراع الكتّاب مع لغتهم، أو بالأحرى مع أساليبهم، والأسلوب نمط مميّز من أنماط التعامل مع اللغة. فالكاتب، كأيّ إنسان عاديّ، يولد وتكون اللغة بانتظاره، جاهزة، صالحة للاستعمال، إلاّ أنّه يشعر أنّ هذه اللغة ليست لغته، لأنّها ملوّثة بأفواه الآخرين وأياديهم. إنّ البحث عن لغة خاصة يسبّب للكاتب كآبة وألماً حادّين، هذا ما شعر به الروائيّ الفرنسيّ فلوبير حين اعتبر الكتابة وجعاً جسدياً، بل هذا ما شعر به الشاعر العربي القديم الفرزدق حين قال: قول بيت شعر أصعب عليّ من قلع ضرس. ويعتبر المؤلف أنّ علاقة الكاتب مع لغته تقوم على انتزاعها من بصمات الآخرين أو تخليصها من النظام الصارم الذي يشبه القيود باللجوء إلى المجازات والكنايات والاستعارات الجديدة، لأنّها المجالات الوحيدة التي يمكن ان يلعب بها من دون أن يثير غضب حرّاس اللغة وسدنتها، وكذلك اللجوء إلى تحفيز التعابير التي فقدت صلتها بماضيها، أي إعادة الدلالات إلى عهد سابق ميت، كاستعمال معنى مجازيّ ناصل الصلة بحقيقته بمعناه الحقيقي.

    الأحلام ودلالاتها

    ويعتمد الكاتب في أماكن كثيرة على تشبيه المتبقي من الكلام باللاوعي، ويقول إن أدوات درس اللاوعي يمكن ان تستخدم في دراسة المتبقي من الكلام أو المنبوذ من اللغة معتمداً في ذلك على علماء نفس كثيرين أمثال فرويد في كتابه عن النكات أو لاكان في دراساته النفس لغوية، إذ بحسب ما يقول عالم اللغة المتأثر يلاكان جان كلود ميلنر «إن آليات نظام اللغة تكرار لآليات اللاوعي عند الإنسان والعكس صحيح». ولا ريب في أنّ ميدان الكلام والمنام من الأمور التي تضيء على أماكن لغوية كثيرة معتمة، خصوصاً أنّ «اللاوعي مركّب على صورة اللغة»، كما يقول المؤلف. وينظر إلى الاشتقاقات الشعبية نظرة مختلفة عن نظرة اللغويين الذين نبذوها، معتبرا أنّ نبذها خسارة جسيمة لأنه يطمس جزءا سخيّا من علاقة الإنسان بلغته.


    لا تشهر سيفك

    على الكلمات

    ويسلط الكاتب الضوء على بعض الأمراض اللغوية وبعض أنواع العنف الذي تمارسه اللغة على الناس، خصوصا الذين يعانون من الذهان، ويحكي لنا الكاتب عن الصعوبات والمشقّات التي يعيشها من لا يستطيع أن يميّز في اللغة بين التعابير المجازية والحقيقية ويتعامل مع كل التعابير على أنها حقائق. ويظهر كيف أنّ هؤلاء المرضى يذهبون ضحايا هذا المرض الفتاك. ويقول الكاتب إنّ هذا المرض مسألة نفسية لكنّه لا يتجلّى إلا عبر اللغة. وهو يربط اللغة بالجسد، ويظهر أثر الكلمة على الجسد من حيث التغييرات التي تتركها الكلمات على الجسد، كالكلمات التي تخرج من فم ساحر في مناطق من العالم لا يزال للسحر فيها مفعوله، أو الكلمات التي «تخدش» الحياء أو «تجرح» مشاعر الناس، هذا الخدش أو الجرح ليس مجرد تعبير مجازي، أو تعبير عن واقع اجتماعي منقرض، إذ نلحظ تبدّلات لون الوجه إلى الاحمرار لدى سماع بعض الكلمات التي تثير الخجل، وهذا الاحمرار ليس بالتأكيد مجازا من عالم الألوان. إن الكاتب خلال رحلته في عالم المهمل من الكلام والتراكيب لفت النظر إلى ضرورة التعامل بصدر رحب مع كل التجليّات اللغويّة، كما أظهر الغنى الذي تمتاز به هذه البقايا المكبوتة أو المقموعة، معتبراً أنّ دارس «المتبقي» يُجيل النظر في اللغة ككلّ، ولا يسقط منها شيئا، إذ ليس من وظيفة عالم اللغة أن يدخل إلى رحابها الشاسعة شاهراً سيفه على الكلمات والتعابير ليمارس ساديّة لن يكون، في الأخير، إلا واحدا من ضحاياها
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de