|
الحكومة والمتظاهرون وافساد الحزن على جون قرنق
|
الحكومة والمتظاهرون وافساد الحزن على د· جون قرنق
محمد عيسى عليو
*لقد افسدت علينا الحكومة والمتظاهرون الغوغاء جو الحزن الذي خيم على معظمنا بوفاة الزعيم د· جون قرنق، كان يمكن ان يكون الرثاء عظيما، تنثر كنانة الشعر فيه سهامها كالشاعر فضيلي جماع الذي عبر من خلال قصيدة عصماء رثاء للدكتور جون، وأن واهل النثر كان يمكنهم ان ينثروا كلماتهم البواكي لرحيله، بل ان البواكي الآخرون رجالا ونساء الذين لا ينطلقون من هاتين النعمتين كان يمكنهم ان يبكونه بدمع سخين· الا ان تصرفات الحكومة وغوغائية ولصوصية (وحرمنة) المتظاهرين افسدت كل ذلك ، اولا ، ا جمع الناس ان الحكومة كانت غائبة تماما وتعرت من آخر ورقة كانت تسترها من الجمهور اذ لا يعقل لحكومة راشدة تترك رعاياها لغوغائيين يسومونهم سوء العذاب، قتل وسرق ونهب وانتهاك للاعراض واستباحة ممنهجة ليوم كامل· ويؤسفني ان اسمع من بعض المسؤولين قولا مستفزا يزيد من آلام المواطنين· فذكرت الصحف ان وزير الدولة بوزارة الداخلية مولانا احمد محمد هارون قال لقد تعاملنا مع ا لمتظاهرين بالقوانين العادية وان هناك خطوطا حمراء نحسم من يتجاوزها ·· اسمعوا هذا الكلام منذ ان قرأت قول السيد الوزير لم اتذكر الا قصة الرجل الذي نُهب (وسُلب) حتى من ملابسه كلها ما عدا الطاقية فقيل له لماذا لم يأخذ اللصوص الطاقية فقال لهم اذا اخذوا طاقيتي فدونها الموت ! اما السيد الدكتور نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني ووزير ديوان الحكم الاتحادي فقال: الحادث الذي راح ضحيته د· قرنق لم يتضح الا في الساعات الاولى من صباح الاثنين مضيفا انه عندما تطاول الزمن بدأت الدولة تحطاط ، واشار نافع الى جهات لم يحددها بأنها حاولت استغلال الموقف وقال ان الدليل هو انها استهدفت بعض المناطق الرسمية ونقلت مجموعات بالسيارات الى مناطق محددة ، إنتهى ·· هل يعقل ان نائب رئيس جمهورية فُقد الاتصال بطائرته منذ يوم السبت الساعة الثامنة مساء ولا تعرف الدولة عنه شيئا إلا صباح الاثنين ؟!! ان كانت تعلم فالجريمة كبيرة وعظيمة وان كانت لا تعلم فالجريمة اعظم وأكبر··· وعندما علمت الدولة ان هناك جهات وراء الحادث ونقلت الناس بالعربات ليرتكبوا هذه الفظائع لماذا لم تقبض عليهم وتحاكمهم على الملأ؟!! لماذا التكتم عليهم؟! الشيء الآخر لماذا اعلنت خبر الوفاة فجأة وقد خرج الناس الى اعمالهم والتلاميذ والتلميذات والطلاب والطالبات الى مدارسهم، ألم تتوقع الدولة البتة ردة الفعل لدى بعض الجنوبيين، اذا كان يا اخي نافع خرب بعض الجنوبيين ممتلكات الناس عندما قدم إليهم جون قرنق حيا ألا تتوقع الدولة التخريب وهي تذيع لهم خبر موته الفجائي ؟!! صحيح لا يُقرأ ما يكتب واذا قُري لا يعمل به·· لقد كتبت مقالا في هذه الصحيفة قبل اربعين يوما بعنوان مرحبا بجون قرنق مع الاحتراز منبها للاضرار الجانبية التي يمكن ان يرتكبها بعض الاخوة الجنوبيين وهم يحتفلون به، بل نبهت الى المجزرة التي ارتكبها الجنوبيون في اعقاب ثورة اكتوبر عندما سرت اشاعة مقتل وزيرهم كلمنت أمبورو·· ماذا تفعل الصحافة والاقلام اكثر من هذا النصح والتنبيه، وهل الدولة لا تعي مثل هذه التوقعات ، اجزم انها تعلم كل هذا ولكن لها فهمها واستراتيجيتها ··· وكثيرون يقولون ان الدولة عملت حسابها لبقائها مقابل ألا تطلق رصاصة على جنوبي ، فالأمم المتحدة ومجلس الأمن بالمرصاد اما الدم الشمالي فلا بواكي له·· وعلى العموم حسنا فعل رئيس الجمهورية باصدار قرار بتعويض المتضررين· والمتضررون وان عوضوا فهم سيعوضون من حساب هذا الشعب وليس من الخارج ولكن حتى يأخذوا حقوقهم لابد من اصدار قرار آخر بتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ القرار ولا يترك لأضابير الإدراج التي حفظت من القرارات ما تنوء بحملها الجبال ولكن الادارج كانت امينة لحفظها وحملها· وأخيرا اتعشم في السيد رئيس الجمهورية باصدار قرار عادل بمحاسبة المسؤولين الكبار الذين تسببوا في هذه الكارثة التي كان يمكن العمل لتفاديها لولا الاستهانة والاحتقار لهذا الشعب الابي الذي انجبك سيدي الرئيس، كما اتعشم بظهورك في الاعلام علنا لتعتذر لهذا الشعب بعد ما عرفت ورأيت الظلم والحيف والخسارة التي وقعت على هذا الشعب لتؤسس مبدأ الاعتذار من الرؤساء لشعوبهم في هذا البلد المعطاء فهو ادب رباني (يعتذرون إليكم اذا رجعتم إليهم) وهو ادب حضاري وهو ما فعله وزير الخارجية لوزيرة خارجية امريكا اخيرا··
*كان مقررا لهذا المقال الذي كتبه محمد عيسي عليو ان ينشر في صحيفة الصحافة قبل يومين لكنه لم ينشر
|
|
|
|
|
|