]عندما تدفن أمة راسها في "الخرسانة" /الدكتور رياض الامير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 03:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-17-2005, 12:45 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30716

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
]عندما تدفن أمة راسها في "الخرسانة" /الدكتور رياض الامير

    Quote: عندما تدفن أمة راسها في "الخرسانة"

    الدكتور رياض الامير





    هناك ثمة مثل مشهور لدي الكثير من الشعوب والامم عن النعامة التي تدفن رأسها في الرمل لكي لا يراها الناس وانا استعير المثل في ان الامة العربية تدفن رأسها في "الخرسانة المسلحة" ليس مجازا ٬ وانما في الحقيقة والواقع . هل يمكن ربط العمارة بالسياسة؟ المعروف ان العمارة هي العلم الذي يربط الهندسة بالفنون المختلفة وفي حالة " خير امة أخرجت للناس" تتحول إلى اداة سياسية. يثير الفخر ان تقرأ وتسمع بان "البدو" اصبحوا يبنون ما يضاهي ما عند الآخرين من عمائر . ويتباهى البعض عندما يقرأ او يسمع بان في بلاد العرب اكبر ساحة للغولف ، او تبنى اعلى بناية في العالم او يردم البحر لتنشأ عليه مدينة على شكل نخلة واخرى تعيد شكل خارطة العالم والتالية خريطة الجزيرة العربية وغيرها الكثير ٬ ولا يهم من سوف يملك قطعة منها ولاي غرض. كما تسمع وتقرأ ايضا بان العرب حملة الاحزمة المفتجرة ٬ قائدي السيارات المفخخة والطائرات المخطوفة وقتلة الاطفال والنساء والشيوخ في المدن العربية منها وغير العربية سيان. وتقرأ وتسمع فتاوى شيوخ الامة بتحليل دم الآخر . كما تقرأ وتسمع انشغال رجال الدين في تحليل اكل الجراد او تحديد مكان التغوط في الصحراء لكي لا تكشف العورة ٬ كما لا يهز الاكثرية ظهور رجال الفتاوي وهم يتحولون إلى انبياء يكلمهم الله عز وجل كما فعل القرضاوي عندما قال في قناة الجزيرة :" ربنا كلفني ان ادافع عن هذه الامة" اي انه مبعوث العناية الربانية دون ان يقدم شهادة من رب العزة ٬ كما يقول الدكتور سيد محمود القمني . وعلى الرغم من نفى رجل الدين السعودي سفر الحوالي، أنه دعا السعوديين إلى المشاركة في الحرب ضد خيارات الشعب العراقي ٬ في تصريح لصحيفة عكاظ السعودية "إنه لا توجد شرعية لذلك" لكن وقد وقع في فخ فتاويه وفتاو غيره حوالي 2500 شاب سعودي تنتظر عوائلهم اخبار نعيهم عبر الهاتف (صحيفة الحياة اللندنية) ٬ ذهبوا إلى العراق منذ آذار 2003 للموت فيه بحجة محاربة القوات الأمريكية استنادا إلى فتواه : "إن الجهاد في العراق مقاومة مشروعة". وكان سفر الحوالي وزعماء دينيون سعوديون آخرون قد أصدروا بيانا في تشرين ثاني الماضي دعوا فيه العراقيين إلى الوحدة وطرد "التحالف الاستعماري" من البلاد قائلين إن الجهاد ضد الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة فرض. ورغم أن البيان لم يتضمن دعوة المسلمين من خارج العراق للانضمام إليهم إلى أنه حثهم على الوقوف إلى جانب "إخوتهم العراقيين" وبالتالي دعوة صريحة للذهاب إلى هناك لفتجير انفسهم وقيادة السيارات المفخخة التي يذهب ضحيتها كل يوم اكثر من ثلاثين عراقيا . وإذا عرجنا على فتاوي فقيه الإرهاب "النهضوي" السيد الغنوشي٬ كما سماه استاذنا العفيف الاخضر٬ ففتاوية انطلاقاً من شعار "الولاء والبراء" أي تكفير وتحريم الولاء للكفار وتقليدهم في أزيائهم ومؤسساتهم وعلومهم وقيمهم، أو عقد السلم معهم، الذي يعتبره أيمن الظواهري في كتابه "فرسان تحت راية النبي" لب مشروع القاعدة. كتب راشد الغنوشي :" إن الخطر الأكبر الذي ينبغي أن تتجه له كل طاقاتنا الموجهة اليوم هو التحدي للزحف الأمريكي الإمبريالي على القلب من أمتنا وإدانة كل تعاون أو تعاطف أو ولاء فكل ذلك موبقات دينية عظمى وخيانات وطنية لا تغتفر٬ وإننا سنقاتلهم فتكون معركة الكفر كله مع الإيمان كله فنجهز على الشر كله ويولد عالم جديد وتنطلق دورة جديدة لحضارة الإسلام" (مجلة الإسلام، فلسطين 6 شباط 1991) ويضيف :" ليس أمام أمتنا إزاء المصير الرهيب غير الجهاد بكل معانيه ومستلزماته . الجهاد ضد أنظمة الكفر والاستبداد والعشائرية والتجزئة والولاء للأجنبي وتكاد أنظمة العالم الإسلامي لا تخرج عن هذه الأوصاف" . ان تفريخ شيوخ يدعون لذبح الانسان وشباب يقتل الآخرين ويفجر نفسه دون ان يتعلم حب الحياة عن طريق التعايش من الآخر على الرغم من الاختلاف معه وحب الدنيا والعمل على خلق افضل الصور لها بدلا من التحضير للاخرة عبر اجساد مفخخه وعقول لا تعي متطلبات الحياة الدنيا وشيوخ الارهاب يبنون عروشهم على فتاوي تخدم السلطان وتقف حجرة عثرة امام اي حركة نهضوية٬ تحتاجها الشعوب العربية. فالامة العربية ترزح تحت حمل التخلف والعيش في الماضي دون الحاضر والمستقبل٬ جاء نتيجة اسباب عديدة ولربما في مقدمتها قصور في النظم التربوية والمناهج المدرسية والكتب التعليمية والبنى التحتية لمجمل العملية التربوية. قام احد كتاب "إيلاف" في رحلة ذهنية في عقل ما يسمى بالارهابي ، الذي يقود سيارة مفخخة على سبيل المثال لينفجر بحشد من الناس في سوق أو شارع مزدحم ٬و العقل كلمة كبيرة لوصف تلك الرؤوس كما يقول الكاتب . فالسؤال كيف يرى هذا الشخص العالم والحياة بكل الوانها، و هل يرى اصلا ؟ وما علاقته بالزمان و المكان، و كيف يتخذ قراراته، أهو الأيمان ؟ و هل يبرر الأيمان القتل الجماعي؟ وهل كل مؤمن مشروع قاتل بالجملة. هذا الشخص لا قرار له، فهو نصف انسان، قد يأكل و يتكاثر، و لكن لا قرار له فالقرار لصاحب الفتوى الذي يرسله الى الجنة اينما وكيفما شاء، و في التوقيت الذي يحدده. و هذا يسرى بدرجات متفاوتة على كل متبعي الفتاوى بمختلف درجاتهم. ان الاستسلام الجماعي، لفرد مهما كان وزنه الديني و الاجتماعي و السياسي، ظاهرة خطيرة و مثيرة للتأمل في القرن الحادي و العشرين حيث يقف العالم على اعتاب ثورة علمية جديدة. و الواقع ان الذهن العربي الاسلامي لم يتجاوز بعد مرحلة الثنائيات و بالتالي التفكير الثنائي الابعاد. فالدنيا لديه بياض وسواد، الله والشيطان، دار الحرب ودار السلام، مسلمون وكفار( سعد صلاح خالص) ٬ فالعلة اذا ليست فقط بمن افتى، بل كذلك بمن استجاب للفتوى. لان الامة وقادتها واغنيائها ومفكريها استثمروا في الخرسانة قبل الاستثمار في عقول ابنائهم.فقد بنيت ثقافة الشعوب العربية استنادا على تجميد الفكر عن طريق الايمان بالغيب والركض وراء مؤلفات تجتر قوانين القرن السابع _ العاشر الميلادي او شيخ في جامع لا زال يعيش في تفكيره في القرون الوسطى وهو يعتقد بانه العالم بالدنيا و الآخرة، وما الاخرين إلا جهلة ٬ وخاصة اولئك الذين يسمون انفسهم باللبرالين العرب ٬ رغم المنزلة العلمية والفكرية لجمعهم. وتاتي تصريحات الزرقاوي متوجة لنمط الفكر السلفي المسيطر على التفكير الاسلامي الحالي لتوضح ذلك وتجيز قتل المسلمين الأبرياء بالحق المشروع في سبيل "الجهاد" . لأن العديد من الفقهاء أجازوا قتل الكفار بشتى الوسائل المتاحة. واستشهد الزرقاوي بالعديد من المراجع الإسلامية التي تحلل "الجهاد" ٬ حتى وإن راح ضحيته مسلمين. وتشعر بالألم وعيون رجال الامن تلاحق العربي في مطارات العالم لانه يحمل جواز سفر من دولة عربية او حتى من دولة اخرى لان شكله واسمه يشيران إلى انه مصدر للخطر من ان يكون حاملا لحزام ناسف او سلاحا لاختطاف طائرة . ويشعر المرء بالغثيان عندما تصرخ اصوات الاعلام العربي وفي مقدمتها "قناة الجزيرة " القطرية إلى ان ما يجري في العراق من أعمال إرهابية أنها "جهاد" تحت راية العروبة والإسلام .

    فهذه الامة التي تسجل ارقاما قياسية في مجال البناء الترفيهي وغير الانتاجي وفي كمية استخدام الخرسانة وليس في عدد الاصدرات العلمية ولا بقدر الاكتشافات الجديدة ولا هي تبني العقول التي تحترم الانسان وحقه في العيش واختيار نمط حياته " ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " في مرحلة موت سريري. اعتبرت الفترة العثمانية في حياة الشعوب العربية بانها الفترة المظلمة في تاريخها ولكن يمكن الجزم بان الفترة الحالية هي اكثرها انحطاطا إذا ما قورنت بما وصلت اليه البشرية من تقدم في مجالات حقوق الانسان وعلاقة الدولة بالدين والتقدم العلمي والمعرفي . فمثلا يقول الشيخ ابن باز في فتاويه ردا على التعايش السلمي بين الاديان : " وهذا الكلام يخالف صريح الكتاب العزيز والسنة المطهرة. ويخالف العقيدة الاسلامية٬ فقد دل الكتاب والسنة واجماع المسلمين انه يجب على المسلمين ان يعادوا الكافرين من اليهود والنصارى وسائر المشركين٬ وان يحذروا مودتهم واتخاذهم اولياء. والآيات في هذا المعنى كثيرة وتدل دلالة صريحة على وجوب بغض الكفار من اليهود والنصارى وسائر المشركين. وعلى وجوب معاداتهم وتدل ايضا على تحريم مودتهم "( مجموع فتاوي سماحة الشيخ بن باز 2/17 . ولسوء حظ الامة ان تصرف من مداخيل الطفرة الاولى في ارتفاع اسعار البترول في سبعينات القرن الماضي وبما يقدر بسبعين مليار دولار لنشر الوهابية الى أصقاع العالم ومنها افكار الشيخ الباز وغيره من الشيوخ الذين يكفرون من يعتبر ان الارض كروية . جاء في مقال للدكتور احمد بشارة : ببساطة، السلفيون بشتى تصنيفاتهم يريدون الحاكمية، واحتكار الحق والحقيقة، وفرض التفسير الجامد للإسلام وفق الرؤية الوهابية التي اتت في ظروف مختلفة، واقامة دولة الخلافة على انقاض النظم الحالية. والسبيل عند السلفيين الجدد هو العنف بشتى اشكاله. والحركة الوهابية نشأت في بيئة صعبة في محيط الصحراء والجفاف، الامر الذي يتجلى في نظرتها المتزمتة الى الحياة. فالشيخ محمد بن عبدالوهاب وفكره نشأ في بطون صحارى الجزيرة العربية وبعيدا عن حركة العالم في القرن الثامن عشر. وظلت المملكة العربية السعودية الحاضنة الوحيدة له ولأتباعه بفعل السيف. ولم ينجح الفكر الوهابي في الوصول حتى الى اصغر الدول والتجمعات البشرية المحيطة بالسعودية، فظلت هذه المجتمعات في مأمن من تأثيره. حدثان تاريخيان مهمان وفرا الفرصة لعبور هذا الفكر الى العالم. الحدث الاول سياسي عسكري، والثاني مالي دعوي. فالاول جاء على هيئة سوء تقدير القوميين والناصريين حينما ناصبوا العداء للنظام السعودي في الخمسينات وحتى هزيمة حزيران عام 1967. وارتفعت حدة التحرش بالسعودية التي قادها نظام عبدالناصر من اطارها الاعلامي عبر ابواق احمد سعيد وكتابات هيكل. ثم جاءت قوات مصرية قوامها اكثر من خمسين الف جندي الى اليمن عام 1962 منتصرة للانقلاب الجمهوري الجديد والمتأثر بالناصرية وعلى انقاض حكم الاماميين المحافظ حيث وصلت شظايا الحرب الى الحدود السعودية، فانتصرت الاخيرة للإماميين ضد الجمهوريين، وصارت طرفا في تلك الحرب المجنونة. شعرت السعودية بأن الاخطار حقيقية، فقررت خوض معركة الوجود مع عبدالناصر، خاصة بعد هزيمة حزيران وقمة الخرطوم بعبد الناصر صاغرا ومهزوما. وفي حربها ضد مخاطر عبدالناصر والفكر القومي شهرت السعودية سلاح الدعوة الوهابية لمواجهة نفوذ الازهر ودعاته الشافعيين حول العالم بعد ان اطبق عبدالناصر على الازهر لأغراضه السياسية. وهنا سخرت السعودية قدراتها المالية البترولية الهائلة لنشر الفكر الوهابي. فاحد التقديرات بان حوالي سبعين مليار دولار من عوائد النفط الضخمة، انفقت على هذا المشروع. فبُنيت مئات الجامعات والمعاهد والمدارس الاسلامية، ليس في السعودية فقط ولكن حول العالم أيضا. (الدكتور احمد بشارة٬ من هم السلفيون الجدد ؟ وماذا يريدون؟ ٬ صحيفة القبس الكويتية في 15 نيسان 2005) . وجاء احتلال افغانستان من قبل الاتحاد السوفياتي السابق لكي يستقطب المال والفكر السلفي في الحرب ضد "الشيوعية الكافرة" الذي كانت نتيجته خلق تيار جديد ليس فقط تكفري وانما مؤمن بالقتل من اجل بسط افكاره على العالم . ومن مدرسة الشيخ ابن باز عالم آخر يدعو البغض للاخر في عصر اختلطت فيه الشعوب والاقوام وقدم "النصارى" المساعدة للمسلمين اكثر مما قدمه المسلمون لاخوتهم وحضنت بلاد الغرب المسيحي الهاربيين من الدول العربية والاسلامية وقدمت لهم العيش الكريم والامان ولم تقدم دولة عربية او اسلامية واحدة معشار ما قدمته لهم . فيقول الشيخ ابن العثيمين في فتاويه :فالإقامة في بلاد الكفر لا بد فيها من شرطين اساسين : الاول آمن المقيم على دينه وان يكون مضمرا العداوة للكافرين وبغضهم ومبتعدا عن موالاتهم ومحبتهم٬ لان مولاتهم ومحبتهم مما ينافى الايمان. ومحبة اعداء الله من اعظم ما يكون خطرا على المسلم. والشرط الثاني ان يتمكن من اظهار دينه" (المجموع الثمين من فتاوي ابن العثيمين٬1/05:55) . وهكذا كان من نتيجة هذا وغيره تفجيرات قطار مدريد من قبل مسلمين عرب عاشوا في كنف السخاء الاسباني٬ او قتل برلماني هولندي على يد مسلم او قتل السياح الاجانب في الاقصر وتفجيرات بالي وطائرات الحادي عشر من سبتمبر قبلها وغيره الكثير.

    فلامة العربية تضع جل مالها في السلاح والخرسانة ٬في جيوب اصحاب مصانع الاسلحة ومواد البناء ٬ ولا تضع بعضه ولو بنسبة الواحد بالمائة في معاهد البحوث والعلوم في نشر المعارف والمدارس في تحسين البنى التحية للعامة وغيرها. تسجل مفاخر في استخدام اكبر كمية من الخرسانة ولا تسجل مفاخر في انها في طليعة الامم التي تقرأ ومن اكثرها التي تنشر من اصدرات في مجالات المعرفة المختلفة. وبعد ان بدا العالم يشير باصابعه العشرة إلى ان التطرف الديني الاسلامي والسلفية في التفكير لدي شيوخه هي سبب مصائب العرب والمسلمين اخذ بعض الاشياخ تلميع صورته وصورة الاسلام السلفي . كتب الدكتور سيد محمود القمني في احد مقالاته المعنونة البحث عن الاصلاح:" يقومون بعمل إنتاج مشترك ومشروع مدمج، فيضيفون للدين من الحداثة ما لم يكن فيه، فيحدثوننا عن صندوق الاقتراع وعن محاسبة ولي الأمر وعزله، وعن المجلس التشريعي، وكل شؤون لم يعرفها أي دين قبل أن يصنعها البشر بدمائهم وعظامهم عبر التاريخ، لتتفتح اليوم وما كان لها أن تتفتح قبل ذلك. يضيفون للدين كلاماً لا يعرفه٬ كالمساواة، بينما الفقه الإسلامي يقسم الناس منازل كما قسمهم الخليفة عمر في توزيع الفيء. يلبسون الدين مفاهيم معاصرة لم يكن لأي دين أن يعرفها، فيخلطون خلطاً هجيناً لا يلتئم، لأنه من المستحيل مزج المنتج البشري بالمنتج الإلهي. وتستغرقنا مهمة عبثية طوال الوقت لإثبات سبق الإسلام إلى معرفة هذه الحقوق الإنسانية الرفيعة، حتى لا نقول إن ذلك غزواً أجنبياً وهو مشكلتنا مع الحداثة".

    فدول الاتحاد الاوربي تتنافس فيما بينها وبين الدول الاخرى بما تقدمه لمواطنيها من خدمات وما تقدمه من نسبة من دخلها القومي لمعاهد البحوث والجامعات. لبناء البنى التحتية لمجمل الحياة العامة . لايجاد مشاريع تساعد على انهاء البطالة او تقليلها وهي لم تعش طفرات في مداخيلها من النفط كما حدث للكثير من الدول العربية في الطفرة الاولى في سبعينات القرن الماضي كما ذكر سابقا وصرفت منها 70 مليار دولار على نشر الفكر الوهابي . اما الطفرة الحالية التي ابتدأت منذ عامين حيث وصل سعر البرميل الواحد من النفط إلى حدود 50 دولار بعد ان كان 17 دولارا وكان السعر المستهدف للدول المنتجة في اعلى درجاته 28 دولارا . واستطاعت الدول العربية عدا العراق من تغطية كل ديونها وارتفاع معدل مدخولاتها هذا العام بنسب كبيرة. ولكن كيف صرفت فلوس الطفرة الاولى وكيف تصرف مداخيل الطفرة الجديدة؟ فالاولى صرفت النسبة الكبيرة منها في الخرسانة المسلحة والحالية في زيادة كمية الخرسانة المستخدمة٬ في الوقت الذي لا زالت نسبة الامية لدي النساء العربيات تصل إلى 60 % والبطالة في اكثر من دولة تتعدى 17% ولا زالت نسبة اكثر من 25% من اطفال العرب محرومين من التعليم ولا زالت آلاف القرى العربية بدون كهرباء ولا ماء صالح للشرب ولا زال مشروع التكامل الاقتصادي العربي مشروعا طوباويا كما هو حال الوحدة العربية والتضامن العربي . في نفس الوقت هناك تتنافس بين الدول العربية الغنية بشكل محموم في بناء الاكبر والاضخم والابهى والاغلى من العمائر . ففي امارة دبي بني فندق يحمل اسم برج العرب ٬ ولكن السؤال : كم عدد العرب الذين يستطيعون الاقامة في اجنحته 202 التي يصل سعر الليلة الوحدة بحدود 10 الاف دولار ٬ كل واحد منها يمتد على مساحة طابقين استخدمت فيها مواد تم إحضارها من مختلف أرجاء المعمورة. فعلى سبيل المثال أحضر جرانيت "أزول باهيا" من البرازيل، ورخام "ستايكاريو" الذي يغطي الجدران والأرضيات من كارارا، وهو نفس الحجر الذي استخدمه النحات الشهير مايكل أنجيلو في أعماله الإبداعية، بالإضافة إلى بلاط الموزاييك المستخدم لإعطاء أشكال متناسقة في كافة أرجاء الفندق، ويحتوي على زجاج "سيسيس" النادر الذي يتوفر فقط في بقعة واحدة من العالم وهي شمال إيطاليا. وبالطبع هناك أرقى أنواع أغطية الأسرة الايرلندية. ففي جانب العمارة ان الفندق بني على شكل شراع سفينة مرتفعا 321 مترا عن سطح مياه الخليج العربي وبرر وعاظ السلاطين ذلك بانه تعبير حقيقي عن التراث البحري "العظيم" لهذه المنطقة لانه يمزج بين أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية وسمعة راسخة للضيافة العربية الحقيقية. يقع المبنى على بعد 280 مترا عن الشاطئ ومبني على جزيرة صناعية. وقد تطلب بنائه جهودا وإمكانيات ، باستعمال 360 ألف طن من الأسمنت وأكثر من 9000 طن من الفولاذ، بينما تم صب 250 أساس على عمق 40 مترا تحت قاع البحر. ولم يكتفي بذلك وانما في الطريق "برج دبي" الذي كلفت اساساته فقط 15 مليون دولار وستصل الكلفة الكلية له 20 مليار دولار اي 79 مليار درهم اماراتي . ولعلم القارئ الفطن ان كلفة مدرسة لاكثر من الف طالب لا تتعدى ثلاثة ملايين دولار في دول الخليج وفي اوربا ثلاثة مرات اغلى . وفي عملية حسابية فان كلفه برج دبي يمكن ان ينشر في ارجاء الوطن العربي حوالي 70٠000 مدرسة حديثة وعلى اعلى الموصفات العالمية . وتاتي "أعجوبة الدنيا الثامنة" مدينة النخلة التي تتكون من ثلاثة جزر ضمن مشروع النخلة في الجميرا (فيرمونت بالم ريزيدنس ) الذي صمم لكي يوفر أرقى مستويات السكن وأفخم الشقق وسكن التاون هاوس وشقق البنتهاوس. ولا زال السؤوال مطروحا كم عدد العرب الذين اشتروا فيه وحدة سكنية؟ واين موقع العرب الذين لا يملكون سطح يغطي رؤوسهم في مدن وقرى العالم العربي والكثير منهم في منطقة الخليج ايضا في تفكير مخططي المشروع والذين يمولونه ؟ وتاتي المنافسه بين دبي وابو ظبي فتنشأ ابو ظبي قصر الامارات (Emirate Palace) او ما سمي ب "قصر فرساي العرب" لكي ينافس برج العرب في الكلفة والفخامة . وقد وصلت كلفته إلى ثلاثة ونصف مليار دولار اي ما يمكن صرفه على انشاء 10٠000 مدرسة اخرى في ارجاء العالم العربي . طليت جدران "قصر الفرساي العربي " وغطت تيجان اعمدته بصفائح الذهب واريد منه ان يضاهي قصر فرساي قرب باريس الذي بناه لويس الرابع عشر وقصة لويس معروفة عندما ثارت جموع الباريسيين تطالب بالخبز وردت زوجته النمساوية الاصل ماري انطوانيت اعطائهم الكيك بدلا منه. كما تدخل حلبة المنافسة دوله قطر٬ ليس فقط في مجال الاعلام عن طريق قناة جزيرتها كصوت للارهاب والقتل في العالم العربي وانما في مشروع لؤلؤة قطر (بورتو أرابيا ) أضخم المشاريع السياحية والسكنية والترفيهية. ولم تتخلف المملكة العربية السعودية عن المنافسة في استخدام الشكل في مشروع ( جزر البندقية ) . الذي سيقام في جنوب جدة على البحر الأحمر الذي تقيمه المملكة للاستثمارات الفندقية و«إيفا» اللتان تستثمران 200 مليون دولار فقط في فندق «فيرمونت» ثان في دبي . ومن بين المشاريع مثلا التي تضمها محفظة الأمير الوليد بن طلال الاستثمارية ديزني لاند، باريس، شركة والت ديزني، ساكس فيفث أفنيو. وهكذا الاعلام العربي يبكي وابواق دعايته تصرخ كقناة الجزيرة العربية وغيرها على حال الامة العربية التي انتهكت حرمتها في " احتلال" بغداد اي تحرير العراق من ربق العبودية٬ ناسين ان العربي يحلم بشقة متواضعة وليس السكن في مقابر القاهرة. يحلم في الامن والعيش الكريم في دار فور الامان في مدن العراق وليس تقديم الدعم المالي والمعنوي لقتلة الابرياء من ابنائه ، مساعدة المغرب على القضاء على بطالة ابنائه وغيره الكثير .

    نعم يحتاج العرب ان يستثمر في عقول ابنائه وليس فقط في الخرسانة٬ نعم يحتاجون إلى تغير الانظمة التعليمية٬ إلى تغير المناهج والكتب المدرسية وإعادة صياغتها لكي تتماشى مع متطلبات العصر قبل ان تفرض عليهم٬ وتحسين البنى التحتية لمجمل العملية التربوية في العالم العربي . إعطاء الإنسان حقه في خياراته السياسية والعقدية والدينية. ان تعطى الحرية لمن يدعو إلى اصلاح حالها وليس نعته "صليبيا" او " عميلا امريكيا او اسرائيليا" او لا دينيا. وفي الحقيقة والواقع فان اكثر الناس تدينا هم من يدعون إلى اصلاح حال هذه الامة من داخلها وفي طليعتهم اللبراليون العرب وليس عن طريق جزمات الاخرين .

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de