|
تمســاح النيل الذى صار حجرا...معروض فى الشرق الاوسط
|
طفولة في الشرق الأوسط ـ بحيرة التماسيح
سمير عطا الله
من القرية في سورية مع حليم بركات الى القرية في شمال السودان مع عوض عبد الرحيم عبد القادر الذي يتذكر طفولة مليئة بالتماسيح في كل مكان: «المعروف ان الاسد هو ملك الغابة لكن التمساح هو ملك النيل. ولا عجب ان ثمة حكايات كثيرة حول التماسيح. بعضها اساطير وبعضها اشاعات لكن بعضها حقيقي. وفي طفولتي لم ار على الوجوه فقط اثار العراك مع التماسيح بل شاهدت ايضاً هجوم تمساح على اثنين من رفاقي. وكان الجليل، الشيخ عبد الله طولكروم مسعد، طيّب الله ثراه، قد اجترح معجزات كثيرة في ايامه واحدى اعظم عجائبه كانت عندما حوّل احد التماسيح الى حجر. ولا شك في صحة هذه الاعجوبة لان الدليل لا يزال قائماً الى اليوم. فالحجر التمساح ملقى في السهل الذي تغمره الفيضانات كل عام. وكان الشيخ عبد الله طولكروم مسعد، طيّب الله ثراه، مدرّساً في الكتّاب. ويقال انه ذات يوم ارسل احد تلاميذه ومعه ابريق لحمل المياه. وعندما تأخر الصبي في العودة نزل الشيخ والتلامذة الى النهر للبحث عنه. ولشدة حزنهم رأوا الابريق على الضفة فأدركوا ان تمساحاً قد خطف الولد. جلس الشيخ على الضفة يدعو ويتوسل الى ان خرجت كل التماسيح من النيل واقتربت منه فسأل من هو التمساح الذي التهم تلميذه. تقدم اكبر التماسيح منه، فطلب من البقية العودة الى المياه. ثم لفظ التمساح جثة الصبي. فركب الشيخ على ظهره وضربه بسبحته فحوّله الى حجر. وبعد ذلك ضرب المياه بسيفه بحيث لا يعبر تمساح الحد الذي رسمه الى مائة عام. لكن يبدو ان المهلة انتهت خلال طفولتي. فقد هاجم تمساح اثنين من رفاقي عند ذلك الحد تماماً. وكان ذلك صباح يوم احد، فيما كانت السوق منعقدة في سوق الساير، وهي قرية عبر النيل قبالة قريتي. كنت ذاهباً الى السوق لكي ابيع بعض الليمون واشتري بالمقابل لحوماً وخضاراً للعائلة. وبعد العودة الى القرية ذهبت الى النيل للسباحة مع بعض الرفاق، برغم ارادة الاهل الذين نبهونا الى ان حماية الشيخ عبد الله لم تعد سارية المفعول. انتهينا من السباحة واعددنا للعودة الى المنازل. لكننا انضممنا الى فريق آخر من السباحين ابعد قليلاً. وفجأة علا الصراخ. ورأينا تمساحاً ضخماً فاتحاً شدقيه يمر بين ولدين ثم يجرهما بعيداً. ورأينا خبطاً شديداً في المياه الموحلة. ووقفت مرتعباً وعاجزاً ارقب ما يجري. وخرج الاولاد من المياه مذعورين في كل اتجاه بينما جلس التمساح فوق طريدتيه يريد خنقهما تحت المياه. وبعد قليل خرج احدهما الى اليابسة مدمى ينزف. وفي هذه الاثناء هرع النسوة من البيوت المجاورة على صوت الصراخ وبينهم ام الولد الآخر، مصطفى، وشقيقته. وعندما وصلن ارتفع التمساح من المياه وهو يحمل جسد مصطفى المرتعش. وجلست بعض النسوة فوق ام مصطفى وشقيقته لكي يمنعهن من القفز الى المياه. ثم انضم الرجال الى عملية الانقاذ في قارب صغير. لكن الاوان كان قد انتهى وغاب التسماح ولم يعثر في الايام التالية على اثر لمصطفى!». الى هنا تنتهي حكاية طفولة من النوبة كتبها عوض عبد الرحيم عبد القادر الذي يعيش الآن في اوستن، تكساس، ويملك «شركة النيل للأعشاب» المتخصصة في بيع منتجات ضفاف النيل، ما عدا التماسيح. الى اللقاء
|
|
|
|
|
|