في حقبة ما بعد دارفور : المأساة والملهاة والجريمة في المسألة السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 01:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-27-2004, 03:49 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في حقبة ما بعد دارفور : المأساة والملهاة والجريمة في المسألة السودانية

    د. عبدالوهاب الافندي

    نقلا عن القدس العربي - لندن / عدد اليوم
    هناك شيء واحد يبغضه المسؤولون السودانيون اكثر من اي شيء آخر، وهو الحوار. وهناك امر ترفضه الحكومة السودانية رفضا تاما، وهو التدخل الاجنبي في شؤون البلاد الداخلية. ولكن هذه الايام نجد المسؤولين السودانيين منهمكين في الحوار في كل مكان، وغالبا تحت رعاية اجنبية. ففي العاصمة التشادية نجامينا، هناك تظاهرة من المسؤولين السودانيين يتحاورون مع سياسيين معارضين، ويحكمون هؤلاء المعارضين والحكومة التشادية في امور هي من صميم اختصاص السيادة الوطنية. وفي منتجع نيفاشا الكيني، الذي تحول الي مقر اقامة شبه دائم للرجل الثاني في الدولة منذ اكثر من ستة اشهر، تستمع الحكومة بصبر الي اشتراطات المتمردين، واملاءات من يتولون رعاية المفاوضات وعلي رأسهم الولايات المحتدة وحليفتها بريطانيا، اللتان تسعيان لتحقيق نفس اهدافهما في العراق علي الساحة السودانية، ولكن في هذه الحالة بدون ارسال جنود او تحمل تكاليف الحرب.
    وكان من الممكن ان نستنتج من هذه التطورات ان تحولا كبيرا قد طرأ علي موقف الحكومة، فأصبحت تقبل بالحوار وتؤمن به، وانها لم تعد تري بأسا بالتدخل الاجنبي في الشأن السوداني. ولكن هناك دلائل اخري تناقض هذا الاستنتاج. فالحكومة السودانية ما تزال ترفض الاستماع لوجهة النظر المخالفة اذا كان صاحبها مسالما كما يتضح من قيامها بحظر حزب المؤتمر الشعبي، وهو الحزب الكبير الوحيد في البلاد الذي يقبل بقانون الاحزاب الذي سنته الحكومة وقد استوفي كل الشروط القانونية بالتسجيل بموجبه، وكما شهدنا من اغلاق مكتب قناة الجزيرة وصحف كثيرة، منها سودان مونيتور و الوان .
    وليس في هذا الامر لغز يستعصي علي الفهم، لان الحكومة السودانية الحالية كانت واضحة في اجندتها منذ البداية، حيث رفضت منذ ايامها الاولي التفاوض مع القوي السياسية الشرعية في البلاد، ولكنها اختارت التفاوض مع المتمردين الجنوبيين الذين كانوا يحملون السلاح. وكانت المفارقة هي ان المتمردين الذين كانوا منذ اندلاع التمرد في عام 1983 يرفضون اي حوار مع الحكومات المعترف بها دوليا في الخرطوم، قبلوا التفاوض مع الحكومة الانقلابية الجديدة عام 1989.
    وليس هذا الموقف بمستغرب ايضا من المتمردين، الذين طالب زعيمهم منذ اسقاط حكومة النميري عام 1985 ضباط الجيش بالاستيلاء علي السلطة والتفاوض معه. ويبدو اذن ان زعماء التمرد في الجنوب، وزعماء الانقلاب في الشمال الذين يمثل كل منهما صورة الآخر في المرآة بأكثر من طريقة، يجمع بينهما اعتقاد بأن القوة هي السبيل الوحيد لتحقيق تطلعاتهم السياسية، وان الكفر بالعملية السياسية وما تستلزمه من اخذ وعطاء هو دينهما المشترك.
    علي ان هذا التقارب العقائدي كان يمكن ان يصبح رصيدا لولا الاجندة المتناقضة للطرفين اللذين يسعي كل منهما الي تحويل السودان رغم انف غالبية اهله الي كيان جديد تماما. ولكن في الاتجاه المعاكس تماما مما ادي الي ان يلغي مجهود كل منهما انجاز الاخر. فالحكومة تجتهد في التعريب والاسلمة، والمتمردون يحاربون ضد الاسلمة والتعريب.
    ويري كل من الطرفين اضطراره للحوار مع الاخر هزيمة لان الحلم عند كل طرف هو الغاء الاخر والاستعاضة عنه بمفاوض اخر، ان لم يكن كحليف ونصير يغني عن التفاوض. وهكذا اجتهدت الحكومة في دعم الفصائل المنشقة عن حركة التمرد في الجنوب، واستقطبت عددا كبيرا من القيادات الجنوبية، في حملة منها لفرض واقع سياسي جديد في الجنوب يغني عن الحاجة للتفاوض، وبالمثل فان متمردي الجنوب عقدوا تحالفات كثيرة ومعقدة مع قوي سياسية شمالية، وبنوا استراتيجيتهم السياسية والعسكرية علي امل اسقاط الحكم في الخرطوم واستبداله بتحالف يهيمن عليه المتمردون يغني عن التفاوض ومتاعبه.
    وهناك اكثر من دليل علي ان الهزيمة التكتيكية التي مني بها الطرفان، وفشل استراتيجيتهما السياسية والعسكرية، مما اجبرهما علي انتهاج طريق التفاوض تحت ضغوط اجنبية مكثفة، لم يؤد الي اي تغيير في النهج الاستراتيجي للاطراف التي ما تزال تناور لكسب الوقت، وتأمل ان تدور الدوائر فتحقق ما تريد بدون كثير عناء.
    من هنا يمكن النظر الي جولات المفاوضات التي ظلت تراوح مكانها منذ عقد ونصف علي انها اشبه بملهاة، قصد بها التمويه واللعب علي العقول، لولا النتائج المأساوية لهذه المناورات، والتي تتحطم بسببها حياة الآلاف، ان لم يكن الملايين.
    انسداد قنوات الحوار، والتمترس وراء مواقف ايديولوجية وسياسية متطرفة، لا يحققان الجمود الذي يطمح اليه القابعون خلف المتاريس. فالامور تتغير رغما عنهم، ولكن دائما الي الأسوأ ففي ظل الاحتقان السائد، تتفاعل مشاعر الغضب والاحباط تحت السطح، وتنشأ تحالفات جديدة تنسج في الغالب علي خطوط عصبيات قديمة من قبلية وعرقية وطائفية وعشائرية، وبالمقابل تتحلل الروابط المدنية من حزبية وغيرها.
    وهكذا شهدنا تصدع حركة التمرد الجنوبية علي اساس قبلي، وتشرذم الحركة الاسلامية وتصدعها ثم انهيارها، في وقت ارتفعت فيه الوية الانتماءات الاقليمية والعرقية بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البلاد.
    ولعل مأساة المآسي في دارفور تعبر اصدق تعبير عن اتجاه الاحداث في ظل الوضع الرافض للحوار. فمن جهة كانت دارفور منذ وقت طويل محط انظار قيادة التمرد في الجنوب، التي كانت تطمح الي فتح جبهة جديدة فيها ضد الحكومة، تؤدي هدفا مزدوجا، هو خلق تصدعات في الشمال السوداني تضعف العدو وبناء تحالفات جديدة تعزز افريقية السودان علي حساب عروبته، من جهة اخري فان الوضع السياسي في دارفور وتداعياته يمثل سجلا لتصدعات الحركات الاسلامية التي اثبتت فشلا كبيرا في فهم خصوصية الوضع في دارفور حتي قبل وصولها الي السلطة، ولكنها شهدت في عهد الانقاذ ما يشبه الانهيار الكامل لهياكلها في الاقليم.
    هذا الانهيار كان نتيجة طبيعية للصمم عن سماع الصوت الاخر الذي ميز القيادات المركزية في عهد الانقاذ، وهو صمم عن سمع الاقرباء كما عن سماع البعداء ـ فالحكومة بطبيعتها كانت تقوم علي هياكل سرية واجندة سرية تجعل كل حوار هو في حقيقته حوار صم، فهناك اجندة سرية يمضي المسؤولون في تنفيذها بغض النظر عن آراء الاخرين، وهناك قيادات سرية لا يصل اليها المتحاورون اصلا. وهكذا علي كثرة مؤتمرات الحوار التي عقدتها الحكومة وكثرة وفود المفاوضات التي بعثت بها، كان الحوار الحقيقي هو ابعد شيء عن اجندة المسؤولين فلكي يكون هناك حوار حقيقي، لا بد من كشف الاجندات السرية لكي تكون هي موضع الحوار، ولا بد من بروز القيادات السرية الي العلن ليتولوا هم الحوار.
    الشق الثاني تحقق الي حد ما بعد ابعاد الشيخ الترابي عن الحكم، وتسلم نائبه علي عثمان منصبا رسميا في قمة الدولة وقيامه شخصيا بتولي عملية التفاوض. ولكن هناك اشكالين ما يزالان يعوقان الوصول الي حوار حقيقي. الاول هو ان جلسات المفاوضات سواء اكانت في العاصمة التشادية او الكينية تحيل في نتائجها الي جلسات حوار اخري، فاتفاق انجامينا احال الامر الي مؤتمر للحوار يعقد حول دارفور، ومفاوضات نيفاشا تحيل بدورها الي جلسات حوار اخري لا نهاية لها، دون ان تحسم شيئا.
    اما العقبة الثانية فهي محاولة الحكومة التداوي بالتي كانت هي الداء، والاتفاق مع متمردي الجنوب علي اجندة سرية جديدة لاقتسام السلطة من دون بقية اهل السودان. ويبدو حاليا ان القبول بصفقة كهذه هو الامل الوحيد في التوصل لسلام وشيك في البلاد، لان البدائل الاخري تعني قبول الحكومة الحالية بتسليم السلطة للمعارضة، وهو امر لا يبدو انه وشيك علي الاطلاق.
    ولكن حتي لو تم الاتفاق علي هذه الاجندة السرية ـ وهو امر مستبعد جدا لتعارض المصالح والمواقف ـ فانها لن تكون حلا، بل ستنقل الصراع الي مستوي اخر، فاعتماد الاجندة السرية والهياكل السرية لن يكون وسيلة لتحقيق اجماع وطني، بل بالعكس، نجد مشكلة الحكومة (والي حد ما حركة التمرد) هي تآكل الدعم حتي في الحلقات الداخلية للمنظمة السرية. فقد ظهرت عزلة قيادات الانقاذ حتي عن قاعدتها الاسلامية حتي قبل انشقاق الحركة الشهير بعام 1999.
    وقد كشفت انتخابات الحركة الاسلامية السودانية (وهي التنظيم الذي ورث الجبهة القومية الاسلامية وخلفها) الذي جرت الاسبوع الماضي هشاشة الدعم الذي تتمتع به الحكومة حتي في داخل الصف الاسلامي الموالي لها (فالحركة الاسلامية استبعدت من صفوفها انصار الترابي وكل غير الموالين). اذ لم يحصل نائب الرئيس علي عثمان محمد طه الذي ترشح لزعامة الحركة ضد الوزير السابق غازي صلاح الدين الا علي فوز ضعيف بفارق حوالي مئة صوت فقط. وهذا يعني ان دعوي طه في انه يمثل اي تيار سياسي في البلاد، بما في ذلك الجناح الاسلامي الموالي للرئيس، تصبح موضع تساؤل كبير.
    هناك اذن خلل في توجهات الحكومة يجعلها في عزلة شبه تامة عن المجتمع. واذا كان هذا الخلل هو المسؤول الي حد كبير عن الازمات الحالية وعن المأساة التي تتابع فصولها في دارفور وغيرها، فان هذا يطرح سؤالا محوريا: اين تقف حدود الغفلة والتقصير وتبدأ الجريمة.








                  

04-27-2004, 05:49 PM

hamid hajer
<ahamid hajer
تاريخ التسجيل: 08-12-2003
مجموع المشاركات: 1508

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في حقبة ما بعد دارفور : المأساة والملهاة والجريمة في المسألة السودانية (Re: خالد عويس)

    الاستاذ .. خالد عويس
    شكرا لانك تنقل الينا ..
    راي من يعرفون الانقاذ اكثر من غيرهم ..
    انها همسات مسموعة ومهمة في اّّّن واحد ..
    ونري ان حدود الجريمة يكمن في القصر
    الجمهوري وبقية العشرة (الكرام) ..
    انه بيت الداء ...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de