صاحب الخبزالحافي :مومسات الأمس كُنَّ أَحَنَّ، ومثقفات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 02:23 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-21-2004, 10:17 AM

musadim
<amusadim
تاريخ التسجيل: 03-11-2002
مجموع المشاركات: 1055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صاحب الخبزالحافي :مومسات الأمس كُنَّ أَحَنَّ، ومثقفات

    حوار مع الكاتب محمد شكري

    جريدة البايس الاسبانية 5 أكتوبر 2002 Entrevista al escritor Mohamed Chukri
    EL PAIS SÁBADO, 5 OCTUBRE 2002

    طنجة :

    في مقابلة معه بطنجة، يتكلم الكاتب اللعين في الأدب العربي المعاصر وصاحب الرواية المُعَرِّية الخبز الحافي عن الحياة الحميمة لهذه المدينة المغربية عبر سلسلة من القصص البيوغرافية التي ميَّزتْ الجزء الأخير من ثلاثية مذكراته: وجوه، غراميات، لعنات. إنه الكاتب الذي أحلَّ الأصوليون هدر دمه. أدبُه يرشح قوَّةً وعاطفة.
    محمد شكري كاتب مهدَّدٌ بالقتل من طرف الأصوليين، وهو الكاتب اللعين في الأدب العربي المعاصر، إنه البوكوفسكي المغربي؛ أمِّيٌّ تَعَلَّمَ الكتابة كي يهدي العالم لَكْمَةَ الخبز الحافي ، هو الآن ينشر في إسبانيا: وجوه، غراميات، لعنات، الجزء الأخير من ثلاثيته البيوغرافية.
    طلب محمد شكري من النادل أن يأتِيَه بقنينة أفضل خمرة لديه . فَهِمَ النادلُ جيدا طلب محمد شكري، بالرغم من أن الأخير قد تكلم معه بالإسبانية، فجاء بميداييون M‚dallonشراب يصنع بمنطقة أولاد الطالب في بنسليمان، جرَّب شكري الشرابَ ووافق عليها. أهي الكأس الأولي في اليوم؟ ـ سألَ الصحافيُ بابتسامة تنِمُّ عن أن السؤالَ غبيٌّ وأن الجواب سلبي ـ لا ردَّ شكري هذه فودكا قال مبرزا كأسا ذات سائل أبيضَ كان يشربها قبل مجيء الصحافي. هنا، شربت ثلاث كؤوس، وفي منزلي شربت كأس ويسكي شيفاس كي أفطر ، ثم مال شكري بنظرته إلي صحن شرائح موز سابحة في سائل آخر وأضاف: وهذا يحتوي علي بعض من بَايْلَيْزَ Baileys .


    أنت دائما كنت تشرب كثيرا، أليس كذلك؟
    آه! براميل! خمارات برمتها، أقبية بكاملها، حانات كبيرة، حانات صغيرة، مطاعم، مواخير، فنادق... لقد شربت دون توقف.
    وما زلت تشرب باستمرار ?.
    طبعا! فجسدي مازال يحتمله حتي اللحظة. وأنا في سني ليس لدي ما أخسره، ليس هنالك ما أخسر، أتسمع.
    ولد شكري في قرية من سلسلة جبال الريف سنة 1935، إبان مرحلة الحماية الإسباني في شمال المغرب، ويعيش منذ صباه في طنجة. إنه في 67 من عمره، شخص ذو شعر داكن أشيب جبين واسع تعبره ثَلَمٌ، وشارب تتدلي شعره أسفل أنف صقري وعينان صغيرتان ملؤهما الذكاء والحزن وهو أيضا، أسطورة الأدب المغربي والعربي. كتب سنة 1972 الخبز الحافي القصة الحانقة والمؤلمة لطفولته ومراهقته في الريف البئيس المحتل آنذاك من طرف الإسبان، وفي طنجة الكوسموبوليتانية في مرحلتها الدَّوْلِيَّةِ، فكانت رسما لمكان وزمان بعيون ماسحي الأحذية وبائعي التقسيط للسجائر المهربة والكيف، ومرتكبي بعض الاختلاسات الصغيرة والمُتَدَاعَرِينَ مع الأجانب. وبعدها، سيقص شكري في زمن الأخطاء جهده الخارق كي يتحول إلي كاتب انطلاقا من وضع شاطر أمِّيٍّ الذي كان عليه. والآن، هو يقص جملةً من الحكايات الطَّنْجِيَّةِ، إنها قصص بيوغرافية مرة أخري، تُصيب الصميمَ منك في وجوه، غراميات، لعنات.
    تنطلق وجوه بشخصيات حانة غرناطة؛ مع مومسات تسمين للا شفيقة، مليكة، فَاطِي... لقد ضاجعتَ المومسات كثيرا؟ أحقيقة هذا؟
    كثيرا! كنت في السابق أمارس الجنس مرتين أو ثلاث مرات في اليوم مع نساء مختلفات، وكان يصل الأمر بي إلي الاستمناء قبل النوم. حدث وأنا عمري 19 سنة أن ضاجعت تسع نساء في يوم واحد. وبالطبع، أنا الآن أكتفي بمرة أو مرتين في الشهر، إذ لست في حالة تسمح بذلك. لكن مومسات الأمس كُنَّ أَحَنَّ، وكانت لديهن ثقافة، أقصد ثقافة شفهية،. كن يعرفن حكي القصص، مثل فَاطِي، فاطمة المغربية الخالصة المنتمية إلي مدينة العرائش، إنها لا تزال علي قيد الحياة في الدنمارك. كان لمومسات الأمس وقت، أما مومسات اليوم فيشغلن الساعة، ويخادعن: مرَّتْ خمس عشرة دقيقة .
    أهنالك حب فاشل في حياتك؟
    كانت لي بعض الغراميات الصغيرة. لكنني تزوجت بقراءاتي وكتاباتي وأصدقائي، وإن تزوجت بامرأة يوما ما، فلا أريد أن يكون لي ولد. أخشي أن أتصرف مثلما تصرف والدي معي، دائما عشت حاملا هذه العقدة.
    كان أب شكري جنديا فَرَّ من الجيش الإسباني، وكان يقيد ابنه عند شجرة، ويضربه بحزام جلدي، وفي يوم أخذته نوبة غضب، فخنق أخا لشكري حتي تسبب في قتله. لقد قص شكري في الخبز الحافي هذه الحكاية وما كان يكنه في نفسه من حقد علي أبيه، وفعل الشيء ذاته بصيغة مباشرة ومُعرِّيَّةٍ مع من يتحدث عنهم في وجوه من مومسات غرناطة علال؛ الابن الذي تآمر علي أبيه المسن كي يمنعه من الزواج مجددا وألا يتقاسم إرثه مع أحد غيره. هكذا، حولته مواضيعه وأسلوبه إلي كاتب لعين، إلي كاتب يُقارَنُ بالأمريكي بوكوفسكي وبالكوبي بيدرو خوان غوتييرث، لكن وضع اللعين هو أصْخَب في العالم العربي والإسلامي، في 1990 منعت أعماله في مصر بضغط من الفقهاء.
    حينما صدرت الترجمة الإسبانية لـ الخبز الحافي كتب خوان غويتيسولو عنك بأنك قد كتبت أول سيرة بيوغرافية عربية عفيفة، وصريحة، وحقيقية. أنادرا ما يُعْلن المرءُ علي الملإ جوانب ضعفه ورذائله؟ من أين تأتيك هذه الشجاعة؟
    إن البيوغرافيات العربية التي تحكي بأصابع اليد الواحد تُكْتَبُ باعترافات أقل. أنا لكي أكتب ثلاثيتي البيوغرافية اعتمدت أساسا نماذج غربية؛ مثل اعترافات القديس أغوستين San Agustn، جون جاك روسو Jean ـ Jac Rousseau، سومريست موغان Somereset Maughan، كولن ولسون Colin Wilson، كلمات سارتر Sartre، خوان غويتيسولو Juan Gytisolo في الأراضي المُسَيَّجَة... هذه الكتابة منحتني الشجاعة كي أعبر عن ذاتي، ونحن نعلم أن الأدب العربي القديم كان أكثر حرية من أدبنا الحالي، كثيرةٌ هي المحرَّمات الآن، لكن في العصر الجاهلي وفي بداية الإسلام كان هنالك أدب مثل ألف ليلة وليلة والروض العاطر، كان يُتَوَافَرُ علي حرية تعبير كبيرة. لقد حدث انحطاط في الثقافة العربية، خصوصا عندما خرج العرب من إسبانيا منذ خمسة قرون، لقد ضاعت حرية التعبير، وهيمن التشدد والتعصب الديني. لقد اغتال الدين كل شيء، أتفهم؟ إن المحرَّمات تقتل الحرية والإبداع.
    يريد التعصب أن يقتل أيضا سلمان رشدي ونجيب محفوظ وأنت.
    نعم، إننا ننزل إلي الحضيض، ليس الأمر مرتبطا هنا بحائط برلين، أو بسور الصين. وهذا لا يمنعني من مواصلة كتابة ما أكتب. إ ن هاجمني أحمق في الشارع وطعنني فالأمر لن يهمني، لأن الإنسان يمضي وتبقي الفكرة. أنا لا أبحث عن الشهادة، لكن إن أصابني سوء الحظ، فليصبني. لست أخشي مواصلةَ الكتابة بنفس الحماس الذي كتبت به الكتاب الأول. أنا أيضا أحمل معي سكينا من الحجم الكبير، ولا أرغب في الذهاب وحيدا إلي المقبرة، ليذهب معي واحد أو اثنان، أتسمع. يمكنني أن أستصحب معي واحدا أو اثنين من هؤلاء الحمقي. لن أذهب وحيدا.
    حينما حكيت لبعض الأصدقاء من برجوازية طنجة أني جئت إلي المدينة كي أستجوبك قالوا لي: آه، لا، إن شكري يقدم صورة جد سيئة عن المدينة! .
    طبعا، فَبَلَدِِيُّوكَ يكونون أحيانا... طيب، سأطرح عليك سؤالا: هؤلاء الناس الذين يقولون لك إن شكري يقدم صورة سيئة عن المدينة من يكون هؤلاء الناس؟ إنهم معتوهون، معتوهون اجتماعيون، يَدْعُونَكَ إلي طَجِينٍ، أو كسكس أو حريرة في بيتهم، وهم لم يقرؤوا ولو نصف دستة كتب. أنا قرأت أربعة آلاف كتاب، ويمكنك أن تثق بي أكثر منهم. أنتَ يدعونك إلي طجين، وإلي أن تقضي وقتا ممتعا، وإلي تدخين لفائف كيف أو حشيش: لكن، اسمع، إنهم لن يقنعوك بهذا، أليس كذلك؟ ما تقنعك أكثر هي الكلمة، ففي البدء كانت الكلمة، هؤلاء متغوِّطُون، لم ينجزوا أي شيء ذا بال في حياتهم.
    حسنا، لنتكلم عن طنجة. كانت هنالك ثلاث مدن كوسموبوليتانية في البحر الأبيض المتوسط، هي: الإسكندرية، بيروت وطنجة. لقد قضت النزعة الوطنية والأصولية الإسلامية علي الإسكندرية، لكن بيروت وطنجة لم يُقْضَ بعدُ عليهما، بالرغم من أنهما قد تُرِكتا واهنتين. طنجة لا تزال مختلفة، حرة ووغدة، كيف تعرِّفُ طنجة؟
    طنجة مدينة أسطورية، والأسطورة لا تُفَسَّرُ، إنْ فسرتها تتخلي عن أن تكون أسطورة، إن لها أسرارها.
    كان الحوار يدور بطنجة في فندق ريتز Ritz الذي لا علاقة له بترف فنادق ريتز بباريس ومدريد، هناك المكتب الإداري لشكري، وهناك يستقبل صباحا. وبينما كان الكاتب والصحافي يتغذيان ويتحدثان، كانت قنينة الخمر تنقص حجما بوتيرة سريعة. كان الحديث باللغة الإسبانية التي يتكلمها شكري بطلاقة وظرافة شأن الكثير من الطنجيين.
    يُلاحَظُ عليك إعجابك بإسبانيا.
    صحيح، صحيح! لقد كان لدي هنا أصدقاء إسبانيون كبار، ابتداء من الغجر والأندلسيين الذين كانوا شبيهين بنا، مهمشين، وأيضا كان لدي أصدقاء معلمون وأساتذة وكُتَّاب إسبان كانوا أصدقاء لي ولا يزالون كذلك. لكن، لم يكن لي أبدا صديق فرنسي، للصراحة، ومع الإنكليز والأمريكيين كان الأمر شيئا آخر، فقد كان لكي أنكحهم ولينكحوني؛ ليس فيزيائيا، وإنما فكريا.
    أتقرأ للكُتَّاب الإسبان؟
    طبعا! وأيضا تَرْجَمْتُ لشعراء إسبان؛ ترجمت قصائد لِـ: بِيكِرْ، الأخَوَيْنِ مَاشَادُو، فِثِنْطِ أَلِكْسَنْدْرِي، وغَابْرِييِلْ سِيلَايَا، لوركا، لَابُرْدِيطَ، سُوسَازَنْ مارْشْ... ترجمتهم إلي العربية.
    من هو الكاتب الإسباني المفضل لديك؟
    لدي انطباع الآن بأن أمريكا اللاتينية قد تجاوزت إسبانيا بأسماء مثل خوان رولفو، وكورطثار، وغارسيا ماركيز، وفارغاس جوسا... هذه الأسماء ليس لديها نظير في السرد الإسباني المعاصر. لكني أقْدُرُ خوان غويتيسولو و طُورِّنْطِ بايِّسْطِرْ، ومن الكلاسيين أنا ممن يقدر سرفانتِسْ.
    أتقرأ هؤلاء بالإسبانية؟
    إن لم تكن الإسبانية! فبأية لغة كنت سأقرأهم؟
    الآن، وقنينة الخمر فارغة، والمعدة ساكنة، يتوجه شكري والصحافي إلي بيت الكاتب، إنه المنزل الأعلي والأخير في عمارة قريبة من فندق ريتز. صعد شكري الطوابق الخمسة راجلا ـ إذ لا مصعد بالعمارة ـ ودون أن يتخلي عن التدخين. البيت قلعة من ملابس، وأوان، وأجهزة إلكترونية قديمة، وكتب، وأوراق، وصور لشكري رفقة كُتَّابٍ مثل: بول بولز، ألبرتو مورافيا، جون جونيت، غويتيسولو، الطاهر بن جلون... وهناك لوحة جد مرئية للزعيم الريفي عبد الكريم. يطلع شكري مدعوِّيهِ علي كتبه الشخصية، بما في ذلك 48 ترجمة إلي اللغات الأخري للخبز الحافي، ومجموعة الدمي المعوَّقة ـ هكذا يسميها ـ ؛ دمي تنقصها أعين، أذرع، أرجل أو أرؤس.
    لقد أحضر الصحافي لشكري قنينتي شراب من مالقة، واحدة من طرف المستعرب برناب لوبي غارسيا الذي عاش سنوات طويلة في طنجة، وأخري هدية شخصية. فتح شكري واحدة، قدم كأسين كريمتين، ووضع في الفيديو شريطا. إنه برنامج Apostrophes، البرنامج التلفزي لبرنارد بيفو الذي مرَّت عليه عشرون سنة، وكان لا يزال بالأبيض والأسود، وكان فيه شكري ضيفا ـ كانت المرة الأولي التي أخرج فيها من المغرب لكي أتكلم عن كراهية الأب بمناسبة صدور الترجمة الفرنسية للخبز الحافي بفرنسا، الآن ، يقول أتفهم جيدا سلوك أبي. لقد كان عنفه صادرا عن العنف والبؤس الذي كان يعيشه المغرب تحت وطأة الاستعمار. حينما هربت من المنزل كنت أعيش في المقابر كي لا أُغْتَصبَ من الكبار .
    لكن الأشياء لم تتحسن كثيرا بعد أكثر من أربعين سنة من الاستقلال، فالمدن المغربية مكتظة بالأطفال والمراهقين والشباب الذين يعيشون في الأكواخ، يقدمون أنفسهم مرشدين سياحيين، يبيعون الحشيش، يمارسون الدعارة أو يحترفون القوادة، يحلمون بالسفر إلي أوروبا علي متن القارب.
    اسمع، الآن ربما كان الأمر أسوأ. وأنا ما أزال أتكلم عن هذه الأشياء. أنا أُعْتَبَرُ في العالم العربي كاتبا بورنوغرافيا، لأنني أتكلم عن الجنس، لكنني أسعي إلي أن أقدم بعض القيم في كتبي.
    أية قيمٍ؟
    أنا ملتزم اجتماعيا: وأميل إلي الدفاع عن الطبقات المهمشة والمنسية والمسحوقة. أنا لست إسبارتاكوس، لكني أعتقد أن الناس جميعا لديهم كرامة يلزم احترامها، بالرغم من عدم حصولهم علي فرص في الحياة.
    لقد عاش في طنجة الأربعينيات والخمسينيات والستينيات أشخاص أمثال: بول وجان بولز، وترومان كابُّوتِ، وسيسيل بيتون، وتينيسي ويليامس، وغور فيدال، وويليامز بوروز، وألن غينسبرغ، وجون جونيت، وألبرتو مورافيا، وجاك كيرواك... كانت مرحلة طنجة البوهيمية، طنجة jet ـ set، وطنجة beatnik، وطنجة globe ـ trotters. ومع ذلك فقد قلت عن هؤلاء الأجانب؛ إنهم يأتون إلي طنجة مثل الذي يجيء ليري قردا يقفز من شجرة إلي أخري ، أتظن أن ذلك يصدق علي صديقيك جونيت وبولز؟
    لا أظنه يصدق علي جونيت الذي كان أصْلِيًّا، لكن عن بولز يكون الأمر صحيحا، لقد جاء إلي هنا باحثا عن مغرب ساذج. كان الأمر سيروقه لو استمرَّ المغرب علي ما كان عليه في الثلاثينيات، فقد كان يحب مغربه الخاص. تقريبا كلُّ أجانب المرحلة الذهبية لطنجة قدموا إلي هنا باحثين عن الغرابة والملذات؛ كي يدخنوا الكيف والحشيش، ويكون لديهم فتيات أو فتيان... أنا لست ضد هؤلاء الناس، لكنهم لم يمنحوني الفرصة لأعيش مثلهم. كان الأسوأ أن تعيش في الجانب الآخر، كان الأسوأ هو أن نشعر بالاحتقار نحن الذين نعيش في الجانب الآخر، أنا أيضا، كان سيروقني لو أني عشت تلك الحياة الناعمة، لكن حياة أولئك الأشخاص كان ثمنُها سحقَ الآخرين. وسحق الآخرين عملٌ بدائيٌّ، أتفهمني؟
    لكن بولز قدَّمَ لك الهدية، فقد ترجم الخبز الحافي إلي الإنكليزية.
    يا لها من هدية كبيرة!
    كيف اشتغلت مع بولز علي الترجمة الإنكليزية للخبز الحافي ؟
    كنت أترجمها ذهنيا من العربية إلي الإسبانية التي أتحدثها، وأمليها عليه. وبولز الذي كان يتكلم إسبانية راقية أفضل من إسبانيتي كان يكتبها بإسبانيته، وبعد ذلك كان يترجمها إلي الإنكليزية. انتبه! مغربي وأمريكي يتفاهمان في طنجة باللغة الإسبانية.
    أتكتبُ شيئا جديدا الآن؟
    لا، أنا أصحح أشياء قديمة، اسمعْ، سأعترف لك بشيء: أنا أريد قتلَ الشهرةَ التي مَنَحَتْنِي إياها الخبز الحافي . لقد كتبت زمن الأخطاء ولم تمتْ، كتبت وجوه ولم تمتْ. إن الخبز الحافي لا تريد أن تموت، وهي تسحقني. أشعر أنني مثل أولئك الكتاب الذين سحقتهم شهرة كتاب واحد شأن سرفانتيس مع دون كِيخُوتِ، أو فلوبير مع مدام بوفاري، أو د.ه. لورنس مع عشيق الليدي شاترلي . فالخبز الحافي لا تزال حية رافضة أن تموت، ابنة عاهرة. الأطفال في الشوارع لا ينادونني شكري، بل ينادونني الخبز الحافي . هذا الكتاب يقول لي يوميا ها أنا، هنا، حي .
    وإذن، فستستمرُّ محاولا قتلَ الخبز الحافي .
    طبعا! أنا عنيد، أنا من برج التيس، إذ تعلم أن الذئب سيأكلك لا محالة، لكنك تنطحه. وجوه ليس توديعا للكتابة، فالكاتب لا يُوَدِّعُ الكتابةَ حتي يُودِعُوهُ قبرَهُ.
    وأنت، أليست لك نية في الذهاب قريبا إلي القبر.
    لا، لا، لا!

    أجري الحوار: خافيير فلانزويلا
    ترجمة: مزوار الإدريسي
    جريدة الباييس الملحق الثقافي بَابِلْيَا السبت 5 أكتوبر 2002

    الموت يغيب الروائي المغربي محمد شكري


    محمد شكري
    توفي أمس السبت 15/11/2003 بالرباط الروائي المغربي محمد شكري الذي يعد رائد فن السيرة الذاتية في المغرب وواحدا من أشهر الروائيين في العالم العربي بعد صراع طويل مع مرض السرطان .
    واشتهر شكري بسيرته الذاتية "الخبز الحافي" التي صدرت في مطلع الثمانينات ودفعته إلى عالم الشهرة العالمية حيث ترجمت إلى أكثر من 20 لغة عالمية.
    وفي هذا العمل السردي فضح شكري التابوهات والمكبوتات والإكراهات الخلقية ومختلف أشكال الفقر والبؤس والمعاناة لمغرب الخمسينيات والستينيات.
    وقد أثار الكتاب عند صدوره زوبعة في الأوساط الأدبية والسياسية بين مؤيد ومعارض ومنبهر ومتردد.
    وقد تعرض الكتاب للحظر في المغرب ولم يتم السماح بنشره وتوزيعه رسميا إلا في أواخر التسعينيات كما منع في عدة دول عربية أخرى تحت طائلة تناوله لمحظورات اجتماعية.
    كما ارتبط اسم الكاتب شكري -الذي ولد عام 1935 في إحدى القرى بضواحي مدينة الناظور الواقعة شمال شرق المغرب- بمدينة طنجة الواقعة شمال المغرب التي تعتبر نقطة تلاق وتلاقح لثقافات متعددة ونقطة عبور بين شبه الجزيرة الأيبيرية والمغرب.
    وقبل أن يكتب الخبز الحافي، نشر شكري أعمالا أخري ومحاولات وتجريب في مجال السرد. وبعد الخبز الحافي أصدر شكري عدة نصوص سردية منها "السوق الداخلي" "الخيمة" "زمن الأخطاء" و"مجنون الورد".
    كما أفرد شكري مؤلفات لكتاب وفنانين عالميين ارتبطت حياتهم الشخصية وأعمالهم الفنية بالمغرب عامة وبمدينة طنجة خاصة ومنها "بول بولز وعزلة طنجة وجان جيني في طنجة، تيني وليامز في طنجة
    شكري بوكوفسكي المغرب.. هل غرد خارج السرب؟



    محمد شكري (ارشيف)
    سيدي محمد
    رحل الروائي المغربي محمد شكري والنقاش بشأن أعماله الأدبية مازال مثار اهتمام من النقاد والأدباء والقراء وحتى المتخصصين بالتاريخ والاجتماع. رحل الكاتب لكن طنجة الكوسموبوليتية عشيقته التي تغنى بها وغدر بها في كتاباته، باقية تشهد على عظمة من خلدها بجرأته في "الخبز الحافي" و"زمن الأخطاء" و"وجوه" و"السوق الداخلي" و"عزلة طنجة" و"جان جينيه في طنجة".
    لم تكن قصته المشهورة التي رحل عنها حافيا وهي "الخبز الحافي" رجما من شيطان شكري الروائي ولا القصصي، ولكنها كانت وحيا من مرارة الواقع وبؤسه الذي عاشه في فترة ضياع أخرى عاشتها مدينة طنجة وبلده المغرب ومجتمعه.
    إن البيوغرافيات العربية تُكتب باعترافات أقل، لكن شكري حينما كتب ثلاثيته البيوغرافية اعتمد أساسا نماذج غربية مثل: اعترافات القديس أغوستين وجان جاك روسو وسومريست موغان وكولن ولسون وكلمات سارتر وخوان غويتيسولو في "الأراضي المُسَيَّجة".
    وفي مشهد من هذه الرواية نرى جرأة شكري وتعريته لذاته وجلده لأسرته، في محاولة أقل ما يقال إنها احترام للقارئ العربي والإنساني لوضعه أمام مأساة قلم وكاتب. ويروي الكاتب في هذه اللقطة كيف كان أبوه يقيده عند شجرة ويضربه بحزام جلدي، وذات يوم أخذته نوبة غضب فخنق أخا لشكري حتى تسبب في قتله.
    لقد قص شكري هذه الحكاية وما كان يكنه في نفسه من حقد لأبيه الذي جسد لديه عنجهية وسلطة الرجل الأب في تلك الفترة. وفعل الشيء ذاته بصيغة مباشرة ومعرِّية مع من يتحدث عنهم في وجوه من مومسات غرناطة علال الابن الذي تآمر على أبيه المسن كي يمنعه من الزواج مجددا حتى لا يتقاسم إرثه مع أحد غيره. هكذا حولته مواضيعه وأسلوبه إلى كاتب مغضوب عليه أحيانا، إلى كاتب يُقارَن بالأميركي بوكوفسكي وبالكوبي بيدرو خوان غوتييرث، حتى منعت بعض أعماله في مصر وبعض الدول العربية.
    كان شكري يرى أن الأدب العربي القديم أكثر حرية من أدبنا الحالي بسبب كثرة المحرمات الآن التي تقتل الحرية والإبداع بحسب رأيه، حيث يقول إنه في العصر الجاهلي وفي بداية الإسلام كان هناك أدب مثل ألف ليلة وليلة والروض العاطر بحرية تعبير كبيرة، مشيرا إلى الانحطاط الكبير الذي حدث في الثقافة العربية، خصوصا عندما خرج العرب من إسبانيا منذ خمسة قرون.. لقد ضاعت حرية التعبير في نظره وهيمن التشدد والتعصب الديني.
    يحكي الكاتب الراحل شكري مرة في مقابلة معه أن روايته "الخبز الحافي" تأبى أن تموت بعد أن حاول قتلها بروايات أخرى، وهي في نظره تلاحقه لأنها ماضيه وماضي مغربيته وعروبته التي فضحها واستلذت صراحته.
    لقد كان شكري ملتزما اجتماعيا –في نظره- يدافع عن الطبقات المهمشة والمنسية والمسحوقة، وهو في هذا قريب من إسبارتاكوس باحترامه ككاتب لكرامة الإنسان. كما أنه لم يهدف في كتاباته إلى كشف الممنوع فقط وإنما كان يدافع عنه.. يقول شكري "ليس كل من يكتب عن المرأة الداعرة هو عدوها.. الجنس الداعر أوظفه توظيفا اجتماعيا للكشف عن أسبابه الاستغلالية في أبشع صوره.. هناك كثير من المباءات الاجتماعية يساهم الجنس العاهر في الكشف عنها".
    ورغم رأي البعض في الروائي الراحل فإنه بقي ظاهرة يحترمها القارئ في المشرق والمغرب، إلا أنها لم تلق حقها واحترامها على الصعيد المادي. ويكفي هنا أن نعرف أن بعض رواياته تعرضت للقرصنة مرتين وطبعتها دور عربية بدون أن تدفع له أي مقابل، بل وبدون علمه أحيانا ومنها مجموعته القصصية "مجنون الورد"، وهو ما حدا بشكري إلى أن يشترط مقابلا ماديا لقاء أي حوار أو تصريح بعد ذلك لوسائل الإعلام كإعادة اعتبار لما سرق منه.
    __________
    ذاكـرة الأدب (في الشعر والرواية والمسرح) لـ: محمد أسليمدار سندي للطباعة والنشرللإشارة فقد صدر سابقا للكاتب والقاص محمد أسليم العديد من المؤلفات والدراسات أبرزها:
    - - الفرنكفونية والتعريب وتدريس اللغات الأجنبية في المغرب (ترجمة) 1994.
    - - أبحاث في السحر (ترجمة) 1995.
    - - اللغة والسلطة والمجتمع في المغرب العربي (ترجمة) 1995.
    - - لغة العلاج والنسيان: دراسات في ألف ليلة وليلة وقضية "الآيات الشيطانية" (ترجمة) 1996.
    - - حديث الجثة 1996.
    - - كتاب الفقدان، مذكرات شيزوفيرني 1997.
    - - سفـر المأثورات 1997.
    - - الكتابة والموت: دراسات في "حديث الجثة" (بالاشتراك) 1998.

    الرواية والدين



    زهير الجزائري


    توقفت وأنا أكتب فصل الختام في روايتي عن المواجهة بين السلطة المستبدة والشبان الملتحين الذين يلاحقونها بالمتفجرات. توقفت لأن الحياة نفسها فتحت فصلا جديدا حين انفجرت الضجة الكبيرة حول رواية حيدر حيدر "وليمه لأعشاب البحر".
    ـ فقد أعادت وزارة الثقافة في مصر طبع الرواية بعد خمسة عشر عاما من نشرها في لبنان وقبرص.
    ـ روائي مهمل وسياسي تنقل من الماركسية المتطرفة الى الناصرية ثم لإسلام المتطرف قرأ الرواية بدقة ولؤم الرقيب الباحث عن فريسة للتحريم، ومن مجموع كلمات الرواية البالغ حوالي المائة ألف كلمة استل بضع جمل لا تزيد كلماتها عن المائة، متناثرة هنا وهناك، وجمعها خارج سياقها وفتح مسلسل التكفير في كلمة نشرتها جريدة (العمل) التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون داعيا لتكفير الكاتب والوزارة التي طبعتها، وفتح سجلا للتحريم يمتد من الماضي الى الحاضر شاملا رموز الحداثة والتنوير على امتداد التاريخ (المتنبي، المعري، ابن رشد، بشار ابن برد، محي الدين ابن عربي، أبي نواس، الحلاج، طه حسين، عرار، نجيب محفوظ، محمد الماغوط، أدونيس، محمود درويش، أدوار خراط....).
    الدين السياسي الذي يتهيأ للانتخابات بحاجة لضجة كبيرة تضعف موقف السلطة والعلمانيين استغل الفرصة. وجمهور الأصولية الدينية على خلاف أول كلمة في القرآن (إقرأ!) لا يحتاج لقراءة الرواية لكي ينفجر، فهناك في حياته ألف سبب للانفجار، اولها الفقر الذي يوشك ان يصير كفرا على حد تعبير الإمام علي. وهو جمهور تعود على السماع من الموجهين الدينيين عبر المنبر ويعتمد في ثقافته على المشافهة والتلقين والحصول على المعرفة عبر الإذن في مجتمع تسوده قرون من الأمية. لا يحتاج هذا الجمهور ولا موجهوه لقراءة الرواية، إنما تكفيه الجمل المبتسرة التي انتزعت من سياق الرواية للاستجابة لنداءات المحرضين لينزل الى الشارع في مظاهرات احتجاج ضد الرواية ومن طبعها. وبذلك يتحقق للأصولية الدمج بين المقدس والسياسي وجعل الناس صاحبة الفعل السياسي في مواجهة الثقافة العلمانية. مقابل ذلك تردّ السلطة الخائفة من أي تعبير علني جماعي خارج المقرات بإطلاق النار على المتظاهرين فيسقط قتلى وجرحى.
    -موقف الدين السياسي في الشارع انعكس على مؤسسات السلطة فانتقلت عملية التكفير الثقافي هذه الى أجهزتها ومنها لجنة الدين والأوقاف داخل البرلمان، بل ان الأزهر الذي عرف تاريخيا بموالاة السلطات ضد التطرف الديني تبنى موقف الدين السياسي خارج السلطة وبدا وكأن المؤسستين الدينيتين الرسمية والسياسية اتحدتا في مواجهة السلطة المدنية والعلمانيين في المجتمع، وخرج الأزهر عن مهمته الأساسية (التعليم والدعوة) مطالبا بسلطة الرقابة على االنشر الثقافي الذي يمس الدين وبذلك يأخذ بعضا من مهمات الدولة.
    المثقفون العلمانيون وقد راودهم الخوف من حملة التكفير التي توسعت ومن تهييج الشارع ضدهم تحشدوا موقعين مذكرات احتجاج مطالبين بمحاكمتهم هم ايضا إذا جرت محاكمة الناشر.
    الأزمة حركت معها تاريخا من المواجهات المشابهة بين الدين السياسي والثقافة العلمانية:
    ففي عام 1925 سحب الأزهر الشهادة العالية من أحد علمائه، علي عبد الرازق، وطرده من هيئة كبار العلماء بسبب كتابه "الإسلام وأصول الحكم".
    وفي العام التالي أصدر حكمه على كتاب طه حسين "الشعر الجاهلي" معتبرا أن الكتاب "مملوء بروح الإلحاد والكفر ومعول للأديان" فأصدرت النيابة العامة أمرا بمنع الكتاب ومصادرته.
    وفي عام 1946 نجح الأزهر في منع كتاب "الفن القصصي للقرآن" لمحمد عبد الله خلف.
    وحتى بعد ثورة يوليو نجح الأزهر في إجبار الدولة على منع رواية نجيب محفوظ "أولاد حارتنا"، وكانت هناك مصلحة مشتركة. فقد احتاج عبد الناصر للأزهر لتكفير أعدائه الأخوان المسلمين. لذلك بدت التضحية برواية ثمنا بسيطا لكسب تأييد الأزهر. والأهم من ذلك هو وجود مصلحة مشتركة في منع الرواية التي أرادت تصوير استبداد الدولة من خلال محلة صغيرة واعتمادا على كنايات دينية. وبهذه الخطوة لم تعد سلطة الدين معتمدة على وجود طبقة منظمة من رجال الدين، إنما قامت الدولة نفسها بهذا الدور. وسيتطور الأمر فيما بعد بتحول الدولة الى أداة لتطبيق الشريعة والامتناع عن الإبداع وترك المجتمع نفسه للقيام بهذه المهمة، وبذلك فتحت الباب للمشروع الإسلامي الذي يرمي الى إقامة سلطة دينية ذات كلمة عليا ونهائية من خلال مجالس الفقهاء في إيران والأزهر في مصر. مقابل ذلك سيعمل المثقفون العلمانيون على فصل الأيمان عن الدين السياسي لرفع الحجاب عن رجال الدين الذين يمارسون سلطة دينية من خلال احتكار تفسير العقيدة، ولذلك سيشمل التكفير متدينين وباحثين تجرأوا على كسر هذا الاحتكار بإعطاء تفسير مختلف للعقيدة كما حدث لعلي عبد الرازق ونصر حامد أبو زيد.

    الأفندي والمعمم
    "الوليمة" حركت تأريخا من الصراع بين المثقف الديني والمثقف العلماني في مجتمع تنقصه الكفاءة للتوفيق بين النظامين التعليميين ,الديني والمعاصر، مما افرز مثقفين هامّين، كلاهما يعتقد انه صاحب رسالة اجتماعية وكلاهما يتجه لجمهور واحد وبواسطة واحدة هي الكلمة مستخدما سلطة المعرفة، ولكنهما متعارضان نوعيا في في مناهج التفكير، ودونـما تفاعل عضوي وتراكمي بينهما. لذلك راحا يتجاذبان المجتمع باتجاهين متعاكسين، وأخذت العلاقة بينهما طابع الصراع بين المعممين والمطربشين في مصر، والملائية والأفندية في العراق:
    - المثقف الديني يعتبر نفسه داعية الى الفضيلة والإيمان في مجتمع جاهلي فاسد. بينما يعتبر المثقف العلماني نفسه مصلحا اجتماعيا في مجتمع مستلب غارق في التخلف.
    - تعلم المثقف الديني في المدارس الدينية مواضيع الدين والتراث معتمدا آليات الحفظ والاستظهار.بينما تعلم المثقف العلماني في المدارس الحديثة العلم والتكنولوجيا معتمدا آليات النقد والتحليل والتجديد.
    - المثقف الديني يعتبر نفسه داعية "الأصالة" لمواجهة "التغريب" الذي يقوده المثقف العلماني. بينما يتهمه المثقف العلماني بالانكفاء على الماضي والانغلاق امام تغيرات العصر.
    - المثقف الديني يتجه الى الجمهور عبر الجامع ومن المنبر. والمثقف العلماني يخاطب جمهوره عبر الصحيفة والكتاب، وإذا خاطبه مباشرة فمن المقهى او النادي.
    - المثقف الديني يخاطب روح جمهور ضعيف ومستلب داعيا إلى الإيمان بخالقه ليرضيه ويستعين به، وخطابه إسلامي بحت حول الإمامة والتكفير والإيمان والجبر والاختيار والعلم القرآني. مقابل ذلك يخاطب المثقف العلماني عقل الجمهور طالبا اعتماد إرادته الخاصة كفرد أو جماعة والوعي لأسباب البؤس الحالي.
    لكن الأمر ليس بهذا التقسيم القاطع فهناك تداخل واستعارات من الطرفين. فآليات التعليم الديني القائمة على الحفظ والاستظهار ستترك أثرها على أساليب دراسة العلوم الحديثة فتفقد طابعها المعاصر والمتجدد، بينما لن يكتفي المتدينون بالجامع مركزا وحيدا للتوجيه، إنما يستخدمون وسائل العلمانيين الجديدة، مثل الكاسيت والفيديو والقنوات الفضائية، وسيجدون تقاربا بين الشورى والديمقراطية التي أصبحت مطلبا شعبيا، بل يقبلون حتى علمانية الدولة (كما حدث في تركيا) كي لا يكونوا ضد الدستور. وهناك ماركسيون على الجانب الآخر سيحولون ماركسيتهم من منهج الى عقيدة دينية كاملة المعرفة غير قابلة للاجتهاد ويعتمدون الإيمان الديني بالنظرية بدلا من الجدل لمواجهة الاجتهاد.
    المثقفون العلمانيون والمتدينون ضحية استبداد الحاكم، ويحتاجهما الحاكم معا او على التوالي. فالحاكم بحاجة للمثقف المتدين مستشارا أو إماما في جامع الدولة ليصلي أمامه داعيا بطول عمره ودوام صحته ومفتيا بان طاعة الله من طاعة "القائد المؤمن".
    وسيجد الحاكم مثقفين علمانيين يبررون تحالف المثقف مع الحاكم، على فساده، من اجل مواجهة ما هو أدهى، الظلامية، حتى ولو بالعنف، وسيعطي هذا المثقف المشروعية لعنف الدولة، حتى لو تمدد واتسع، لفهم هيمنة الدولة في مواجهة الأصولية.
    وقد كشفت أزمة الوليمة في مصر حجم الخوف الكامن في المجتمع، فالاستبداد السياسي والتخويف النازل من فوق لن يفصل بين الحاكمين والمحكومين فقط، إنما يولد طبقات وخلايا اجتماعية تفرخ استبدادا تحتيا. كأن مجتمعا كاملا كان بحاجة لبضع جمل في رواية ليكشف حجم الخوف الكامن فيه. فالكل خائف من الكل والكل يهدد الكل. وعلى حد تعبير د. نصر حامد ابو زيد (الزمان 26- 6 - 2000م) "لأننا جميعا نعيش في ذعر من خطر ماحق: عند البعض خطر الإسلاميين، وعند البعض من خطر العلمانية الكافرة الملحدة، وعند الجميع خطر العولمة على ثقافتنا وهويتنا المهددة، وعند الدولة في قمة بنيتها تهديد الإستقرار". وكلما اشتد الصراع بين المثقفين المتدينين والعلمانيين لجأ الطرفان الى السطة باعتبارها الحكم والحاكم. فالمثقفون المتدينون يتوجهون بخطابهم الى السلطة بالتهديد او النشدان مطالبين بمنع الرواية وحرقها ومحاسبة الناشر والمثقفين الذين ساندوا الرواية، والمثقفون العلمانيون يناشدون السلطة حمايتهم من حملة التكفير واستباحة الدم وطالبوا السلطة المدنية مواجهة المتدينين الذين يريدون اقامة سلطة فوق السلطة، بل ان بعض المثقفين ضحى ببعضه حين ركز على حماية الإبداع (الشعر والقصة والرواية) وأحال للأزهر، ضمنا او صراحة) حق الرقابة على جزء من الثقافة، هو البحوث ذات الطابع الإسلامي. ولذلك حذر المفكر أبو زيد بقوله: "في محاولة درء الخطر الماثل ضد الإبداع والمبدعين يبدو المدافعون عن الإبداع كمن يحاول ان يطفئ حريقا شب فجأة في أحد أركان البيت فيهدم البيت كله دون ان يعني ذلك أو يقصده".

    القراءة المضادة
    توقفت عن كتابة روايتي وقد شملني القلق النابع من صدام الرواية مع الدين. وبدأت بقراءة الوليمة بعد اكثر من عشر سنوات من قراءتها الأولى. كنت قد قرأت رواية حيدر حيدر بعد صدورها بأشهر، ولا أتذكر إني قرأت في وقتها نقدا مضادا او مساندا للرواية، لكن الرواية لاقت اهتماما بين العراقيين لأنها تتناول واحدة من مآسيهم المنسية: تجربة كفاح مسلح خاضها فصيل شيوعي في أهوار الجنوب. لم يرسخ في ذاكرتي من الرواية إلا كونها مرثية مبكرة للثورات وأولها ثورة المليون شهيد الجزائرية ولليسار العربي ممثلا بواحد من فصائله. أعدت قراءة الرواية بعد الضجة، ولكن بعين الرقيب المعمم باحثا عما يستحق التكفير والضجة التي أثيرت حولها فوجدت العكس تماما، فالفقرات التي تناصر الدين تخترق الرواية من أولها حتى نهايتها:
    أنظري يا فله الى هؤلاء الجياع والمقملين كيف يقدمون كل شيء، كل شيء، الطعام واللباس والمأوى والدم. هؤلاء البحر ونحن السمك، الآن نحن بينهم كما كان رسولنا محمد مع المهاجرين بين الأنصار في يثرب. ص 49
    - من هذه التأريخية كان يرى الحلقات والحقب العربية الثورية، ثورة الرسول محمد، والحركات السرية المضادة بعد تدجين الإسلام. وصوابا كيف يتشكل العربي الجديد في العصر الراهن !ذلك القديم كان مبلورا ومحصنا ومنيعا بالإسلام. ص 50
    - ما ينقصنا في هذا الوقت الرخو المسيب هو إيمان وبسالة الصحابة الأوائل. بمثل أولئك يقدح الزناد في الحجر البارد وتسطع الشمس من جديد. ص 51
    - ومن تلك الأهوار النائية يأخذون موتاهم بالزوارق ثم بالقطارات او السيارات ليدفنوهم في مقابر الأرض المقدسة بالنجف الأشرف. يقطعون مئات الأميال باتجاه تلك الأرض الطاهرة المروية بدماء الشهداء. وهم يحملون نعوش موتاهم بين دوي التراتيل والآيات الفاجعة والبكاء ليحققوا شرف القربى من دائرة ارض أحفاد الرسول الذين قضوا غدرا وغيلة. ص 142
    - هذا ما سيقوله مهيار عن ابو صبا، العراقي الأصيل، الذي لا يخشى في الحق لومة لائم، والمعجب من كل دعوة الرسول بعبارته الشهيرة التي قالها لعمه أبو طالب: والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الأمر لما تركنه. ص 145
    - فيما بعد سيتحدث الباهلي عن أهمية هذه المرحلة الحميمة الى قلبه فيشبهها بلحظة لقاء أبي ذر الغفاري بالرسول يوم انخرط في الدعوة مسحورا بألق تلك اللحظات النشوى التي ستقلب التاريخ رأسا على عقب. ص 147
    - عندما هبط ثوار حرب التحرير من الجبال المصبوغة بالدم، كانوا يهللون بتكبيرات عصور الفتح الأولى. كل مجاهد يحمل على صدره قرآنا عربيا كان بمثابة الرقية ضد رصاص المستعمر الصليبي. ص 276

    لقد اخذ الكاتب على عاتقه همّين أساسيين إضافة لهم الروائي: همّ المؤرخ لمرحلة سميت بـ"الزمن الرديء" الذي شهد إفساد المثل والثورات والأفكار والدين والحب وأصبح الثوري المهزوم بطلا ثابتا في الروايات العربية. والى جانب المعاناة المؤلمة للأبطال الذين يهربون من ماضيهم المأساوي الى الجنس فان السخط يحكم مشاعر الأبطال على الزمان النذل الذي هم فيه، الثورات التي خذلتهم، القادة الذين سرقوا الثورات وأصبحوا حكاما مستبدين، الناس الصامتين على الإذلال المبرمج، الله الذي كان لهم قدرا قاسيا، وقبل كل ذلك أنفسهم الهاربة الى المنفى. الهم الثاني الذي يحكم هذه الرواية هو هم المؤدلج لحلم ثوري أقرب إلى اشتراكية الحروب الإسلامية منه الى الماركسية، ولذلك تدعو الرواية الى طهرانية ثورية تتجه نحو الاستشهاد أكثر مما تتجه نحو النصر، اقرب الى التصوف الديني منه الى مفهوم الثورات المعاصرة.
    لماذا إذن هذه الضجة؟ هل يبدأ الصدام حين تمس الرواية الدين؟


    المقدس والإبداع
    الأمر ليس جديدا كما نعرف، فمنذ منع رواية اولاد حارتنا لنجيب محفوظ، مرورا بضجة "الآيات الشيطانية" لسلمان رشدي، ترافقت الضجة الحالية حول وليمة حيدر حيدر مع أكثر من صدام بين الرواية والدين. ففي لبنان تظاهر طلاب متدينون في الجامعة الأمريكية ضد تدريس رواية المغربي محمد شكري "الخبز الحافي". وفي اليمن أثار الإسلاميون المسيسون ضجة أخرى بسبب قيام جريدة (الجمهورية) اليمنية بإعادة نشر رواية "صنعاء مدينة مفتوحة" للروائي اليمني محمد عبد الولي الذي توفي قبل ثلاثين عاما. فطلب الرئيس علي عبد صالح من وزارة الإعلام التحقيق مع صحفي يشرف على الملحق الثقافي الذي نشر الرواية ضمن حلقات لتكريم رواد الثقافة اليمنية.
    من ذاك التاريخ ومن هذا الحاضر يبدو الصدام بين الرواية والدين السياسي حتميا لكون الرواية ابنة الحداثة التي نشأت مع الأصولية الدينية في وقت واحد مثل الفعل ورد الفعل. ولذلك قاومت الأوساط الظلامية نشوء الرواية والشعر الجديد. فكل فكر استبدادي يقوم على الوحدانية، وعلى القول الذي لا يسمح إلا بتفسير واحد للواقع سيحارب كل الأشكال التي تعطي دلالتها على عدة مستويات، والتي تسمح للقارئ بحرية القراءة والخيال والتخيل والعثور على الجواب لوحده. ويريد الرقيب دينيا كان او رسميا الدمج بين شخصيات الرواية والراوي المختفي وراء الأبطال والحوادث. فمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر أصدر حكمه على الروائي والرواية بناء على حوارات شخصيات في الرواية بأن "رواية وليمة لأعشاب البحر تشكل خروجا عما هو معلوم من الدين وإن الرواية مليئة بالألفاظ والعبارات التي تحقر الدين وجميع المقدسات الدينية بما في ذلك الله سبحانه وتعالى والرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم واليوم الآخر والقيم الدينية".
    ومما يزيد الأمر تعقيدا طبيعة الرواية التي تنطوي على تنوع من الاستعارات والرموز الواقعية والمتخيلة القابلة للتأويل، ولذلك فهي تعطي للرقيب، المشحون بالمحرمات الاجتماعية والسياسية والدينية، كل ما يضعه فيها من شكوك، خاصة وإن الرقيب مجبول على البحث عن الأجزاء المختفية خلف معانيها الظاهرة ولذلك لن يأخذ العمل بكليته إنما بأجزائه التي تغذي ريبته.. ويزداد الصدام بسبب نزوع الرواية الى التجديد والتحرر من كل القيود المفروضة على الفكر كونها ميالة الى البوح وكشف الذات على الضد من كل اشكال الرقابة الذاتية والرسمية والإجتماعية. ويريد الكتاب الإسلاميون تسفيه نزعة الرواية للتحرر من ديكتاتورية الروائي المالك لكل المعرفة ومحتكر الحقيقة ومحرك الشخصيات وفق آيديولوجيته الفوقية بأن يحيلوا إليه كلما صدر عن ابطال الرواية. "الروايات بإعتبارها اعمالا متخيله، وقد يعرض فيها شيء من الواقع، تقع مسؤولية خلق شخوصها وما يجري على ألسنتهم وما يدعون إليه على مؤلفها لا على شخوصها المتخيلة او الواقعية، فالروائي يقدم فكره وما يؤمن به من خلالهم تحاشيا ان ينسب إليه ما اشتط وتطرف الرأي بسببه إلى تلك الشخوص" (عبد الله فراج الشريف، كاتب سعودي، الحياة 30 أيار 2000). وتكشف هذه النظرة عن إسترابة مسبقة بالعمل الروائي عموما وبالروائي بالمطلق حتى قبل أن يكتب روايته لأنها ترى جانب التدليس والمواراة كامن في الروائي باعتباره صاحب آيات شيطانيه يستخدم شخصياته كأقنعة للتعبير عن سوء ذاته. وتختفي وراء هذه النظرة روح تحريم مستترة للرواية بالمطلق باعتبارها عملية خلق شخصيات ووقائع (من العدم) وهي عملية إشراك بالله باعتباره الخالق الوحيد لمعجزات القرآن القصصية، وهنا يقارب الإبداع "البدعة" التي تعتبر خروجا عن نصوص وأصول الدين، ولهذا السبب تكاد تنعدم الرواية وسط النتاج الثقافي الديني. وتنطوي عملية الدمج بين الروائي وروايته على وحدة ايديولوجية قسرية في حين ان من طبيعة العمل الروائي هو ان يفلت من آيديولوجية الروائي كما يفلت الواقع الحياتي من الفكرة المسبقة ويشاكسها أو يقلبها من مأساة الى مهزلة. حتى حين يكون القصد قد سبق القص فإنه سيظهر محايثاً وباطنياً ينبع من بنية العمل الداخلية. وقد لا يتحقق القصد حين يأخذ العمل الروائي انسيابيته مبتعدا عن الفكرة المسبقة باتجاه الحياة نفسها. والروائي مهما اشتطت مخيلته ليس خلاقا من العدم، إنما هو في النهاية معبر عن واقع. حقا ان منطق الرواية سيزاحم أو يزيل وربما يعاكس منطق الحياة المعاشة لكن الأمر في النهاية هو إعادة إنتاج الحياة المعاشة وتجربة الروائي فيها. والرواية، التي هي ملحمة البرجوازية ووليدة مناخ التعددية الديمقراطية، ميالة بطبيعتها للخروج من احادية الفكر الى التعدد والجدل، ولذلك اصطدمت بالظلامية وبالستالينية التي حولت الماركسية الى نوع من اللاهوت حامل للحقيقة المطلقة. وخطر الرواية على الدين السياسي يكمن في تنوع وتعارض الشخصيات، بل والتعارض داخل الشخصية الواحدة. فعلى خلاف التقسيم القطعي الذي يفصل الشخصيات الى إيجابية وسلبية بالمطلق أو فضيلة ورذيلة بالمطلق، فإن الرواية مثل الحياة ترينا هذه المتناقضات متداخلة بل وتميل الرواية الى تلمس الظلال الواقعة بينهما، ففي داخل المؤمن جانب الضعف الإنساني الذي تراوده امرأة او مال فقير او متعة دنيوية، قد يضعف امامها، ثم يستغفر ربه. ويرينا القص داخل القرآن هذا التداخل، فقد جمع الخير والشر في عائلة واحدة (يوسف وإخوته) وآخا بين براءة يوسف وغدر اخوته، ولا ينجو نبي كيوسف من الضعف الإنساني امام إغراء جمال المرأة المحرمة حين تعرض نفسها عليه فهم بها كما همت به. وفي داخل العلماني، حتى إن كان ملحدا، "توجد لحظة تتكالب فيها المصائب قبل ان يتمكن من التحليل فيستذكر ربه ويستعين به. وترينا رواية دوستويفسكي "الإخوة كرامازوف" كيف يراود الشك شخصية المؤمن في الرواية (إليوشا) حين تتحلل جثة أمثولته (الأب زوسيما) بسبب حرارة الجو. وفي الجزء الذي لم يكتمل من الرواية سيصبح الملحد (إيفان كارمازوف) مؤمنا بينما يصبح المؤمن إليوشا ملحدا. على عكس الحياة والرواية، تريد الأصولية الدينية إبقاء المتعارضات في تعارضها المطلق، فذلك يتيح لها إصدار احكام التكفير دون تردد، ويتيح لها أمام مريديها وضع الأمر في قطبيته الحادة لسهولة التأثير ويعطي للعقيدة مهابة خارقة لا ينقص منها ضعف إنساني.. ومن هنا هذا التعارض بين الإبداع والمقدس والذي سماه كاتب إسلامي (فهمي هويدي): (الإبداع كنقيض للإيمان: الشرق الأوسط 22-5- 2000).
    هل تستطيع الرواية لكي تتجنب المحذور ان تتجاوز الدين؟
    لا يبدو هدوء الضجة بداية هدنة طويلة، ففي أي وقت يحتاج الدين السياسي إلى ذريعة للتظاهر سيجد في الرواية كمّاً غزيرا من الآيات الشيطانية، لأن الدين بالنسبة للروائي ليس موضوعا من المواضيع، مثل الحب أو الحرب أو السياسة، إنما هو مبثوث في كل شأن من شؤون الحياة، من التكوين الفكري للشخصيات. ولاوعيها الفردي والجمعي، علمانية كانت أم متدينة، موجود في كل تفاصيل الحياة اليومية، في حوار الناس اليومي، في هندسة المكان الذي تجري فيه الأحداث (الجامع والمرقد والقبور) وفي أكثر الأفعال الإنسانية خصوصية. وكلما زاد حضور الدين في الحياة العامة من خلال نشاط الدين السياسي، او النـزوع الشامل الى الإيمان كمقابل لفشل مشاريع التنوير العلمانية ورد فعل على التغريب القسري الفوقي، أصبح الدين الموضوع الأساسي للأعمال الروائية، ولن تعود الثقافة الدينية ملكا وقفا لرجال الدين، إنما جزءا عضويا من ثقافة الروائي وتجربته الحياتية. فيشكل تأريخ الدين وبطولات الرسل والصحابة، ودين الناس البسطاء ذوي الإيمان الفطري، ونذالات الحاكمين باسمه والمتاجرين به مادة أساسية، وأصبحت صور الملاحم الدينية كالجنة والجحيم والقيامة والمعجزات الدينية جزءا لازما من مخيلة الروائي لا يستطيع ان يتخلى عنها لرجال الدين المحترفين كما لا يستطيع ان يتخلى عن السياسة للحاكمين وحدهم.








                  

04-21-2004, 03:21 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صاحب الخبزالحافي :مومسات الأمس كُنَّ أَحَنَّ، ومثقفات (Re: musadim)

    الأخ العزيز مصادم
    لا تكفي ربما الحروف للتعبير عن الامتنان العميق جراء المتعة الأدبية الباذخة التي تحققت بقراءة حوار شكري
                  

04-21-2004, 03:40 PM

musadim
<amusadim
تاريخ التسجيل: 03-11-2002
مجموع المشاركات: 1055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صاحب الخبزالحافي :مومسات الأمس كُنَّ أَحَنَّ، ومثقفات (Re: خالد عويس)

    شكرا عزيزي عويس


    والوعد ان تتواصل الحوارات
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de