كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: رواية في طريقها (للمصادرة) يوسف وهيله _مكي علي أدريس (Re: mo)
|
العزيز مو التحية لك وللعزيز مكي الذي عرفته مناضلا شرسا وفنانا رقيقا يعزف على آلة الطنبور والعود لدرجة الادهاش . وصديقي مكي كاتب اصيل وموثق مجيد في تاريخ اهله الرطانة الرائعون قابلته في الرياض قبل فترة وكان عشمي ان اجري معه حوار مطول ولكنه كعادته لا يحب الاضواء ويهرب منها كل املي ان تبحثوا في دواليبه وحقائبه فهي مليئة بكنوز ودرر تجعل منه في مصاف المبدعين العظام في بلادي مكي مفخرة يجب ان نباهي بها واسألوا سعاد ابراهيم احمد عنه فهي خير من يعرفه خالد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رواية في طريقها (للمصادرة) يوسف وهيله _مكي علي أدريس (Re: mo)
|
عزيزي الأخ / مو لك التحية والتقدير انتم رائعون احبتي رائعون روعة الشمندورة وروعة الاسكلي والاروتي وجلست خالاتي وحبوباتي في الرملة (السيو) والحكاوي والاقاويل روعة الكنتين والقامشا وورق الشام روعة سركنمتو سرص سمت ماريا بوود كيكا كجبار اكد روعة صادنقا صاي مشكيله سعد فنتي تنري تبج كرمة السير ارقو دنقلا القولد روعة عبري عمارة ارنتي صواردة نلوتي حميد عبود دلقو عكاشة فركة حلفا (وهل من عودة هل) حلفا ايتها المدينة المسلوبة منا عنوة تعرف يا عزيزي مكي ما هن بنات النهر الحوريات انهن اخواتنا اللاتي كن يقدمن للنيل كعروسة كل سنة في احتفال وكرنفال رهيب تابع يا اخي مو
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رواية في طريقها (للمصادرة) يوسف وهيله _مكي علي أدريس (Re: حمزاوي)
|
أخي شرنوبي جميل أن سمعنا منك وللأخوان عبدالاله حمزاوي منوبيا خالد العبيد ولياب .مكي يستحق ثناؤكم ومتابعتكم وتشجيعكم ..هذا هو الجزء الثاني من الرواية ..
(الجزء الثاني) فانه أهل البلدة يعرفون حبوبة (فانه) كما يعرفون النيل ، يقال أنّها جاءت كما الطيور المهاجرة في موسم لا يتذكره احد ، فهي أكبر عمراً من كل المعمرين في بلدتنا وما يجاورها ، هي كذلك لا تتذكر إلاّ مسخاً ممن تعتقد أنّه كان والدها ، حين حضرا سوياً على ظهر حمار (دراوي) ذات ليلة ماطرة . قالوا أنّ السعال قتل الرجل وأنّ الطفلة الخلاسية اللون وجدت نفسها راعية للبهم في معية (القورتي ) حاكم الناحية . كثيرون من أهل بلدتنا لا يعرفون أصولهم البعيدة وهم لا يحبّون الخوض في هذه المسائل ولهم وسائلهم الذكية في تغيير مجرى الحديث عن هذه السيرة متى شاءوا .. ولكنّهم بطريقة أو بأخرى حريصون على الرجوع بأصولهم إلى قبائل عربية لا تبتعد كثيراً عن قريش ، فالروضة الشريفة حصن حصين لهم في هذه الديار البعيدة عن بلاد العرب والمليئة بأصحاب البشرة الزرقاء والأنوف المفلطحة والغابات المدشّكة (الوعرة) .. أما الفئات من ذوي العيون الزرقاء والبشرة البيضاء المائلة للحمرة فأصولهم ترجع إلى بلاد الترك والعرب وبلاد الروم البعيدة.
أمسكت حبوبة (فانة) علبة التبغ الأخضر (شكيم) بيدها اليمنى ووضعت التبغ في باطن يدها اليسرى ، ولم تنس أن تضع شيئاً من رماد عرجون النخل(هبّوت) فوق طرف لسانها قبل أن تضعها في فمها ، وخيّل إلىّ أنها تمضع تمراً ثمّ أخذت نفساً طويلاً واستدارت ونفضت يديها وهي تغمغم ،قالت : (...عن تلك الايام لا أذكر الكثير، كنت راعية في معية القورتي ، وأنا فتاة صغيرة ، بعينين غائرتين وأطراف شوكية ، كنا نهجع للنوم في رواكيب مهترئة قرب زرائب الابقار، لم أكن قد تجاوزت العاشرة ، غير أن حجمي الصغير وحداثة سني لم يشفعا لي عند بقية الخدم رجالاً ونساءاً ، كنت أتعرّض للضرب المبرّح إذا أخفقت في أبسط الواجبات ، تعلّمت السباحة إلى الجزيرة القريبة من ساقية القورتي الوسطى ، ذات مرة ، العناية وحدها أنقذتني من فكّي تمساح كبير فقد قذفني فوق أشجار الطرفة ويومها كسرت ترقوّتي ويدي اليسرى ....) ومرت لحظة صمت ، كأنها تستدر ذاكرتها قبل أن تستأنفت حديثها (.. القورتي ، كان طويل القامة وله شارب كثّ وعيون جاحظة ، لا يبتسم أبداً ، تخشاه الأنفس والحيوانات ، كان قاسياً ، كان الرجال ينحنون أمامه في انكسار وهو يقذف أوامره في قرف وزمجرة .. لم تكتحل أعيننا ، نحن الخدم ، برؤية حريم القورتي ، كنت أرى من على البعد أطفاله وهم يلعبون في المزرعة ذات السياج الممتدة بين القصر (الدّفي ) والنهر .القورتي وخدمه المقربون كانوا يتجولون في الضياع القريبة .. آه تلك أيام مضت .. لا أعادها الله.) بدا لي أنها لا تريد اجترار ذكريات غير محبّبة إلى نفسها ،ولم أجد وقتاً كافياً لتغيير مجرى الحديث فقد أخذت حاجياتها وانزوت بين سيقان البامياء (الويكة) وهي تهمس ( ويحي لقد جاعت نعاجي وأغنامي ) . حبوبة (فانه) لا تبوح كثيراً ، بتلك الواقعة التي تقول بأنّ (جبارة) الخادم الخاص للقورتي ، داهمها ذات يوم في زريبة الأبقار. لم تكن تدري وهي بنت ثلاث عشر بعد لماذا طرحها الأثيم أرضاً وغرس أسنانه في فمها ، ولكنّها تتذكر كيف أنّ العبد صرخ صرخة منكرة وهو يتركها فجأة ويخرج مهرولاً من الزريبة... وما لبثت أن عرفت السبب فقد رأت عقرباً يزحف بعيداً عنها بين الحشائش .. ولم تقتل عقرباً منذ ذلك اليوم . ولكن العبد عاد فيما بعد وأعاد الكرة بعد الكرة ولم تجد (فانه) ما يكفيها من العقارب. قيل أن ( فانه) لم تتزوّج أبداً ، الذين يحفظون سيرتها ، قالوا أنّها كانت عذبة الثغر هيفاء فارعة الطول جمالها آسر ، تجيد الرقص ، ذات صوت جذاب تعشق الغناء . آخرون لم يتورّعوا في وصفها بعشيقة القورتي ، ولهم أسانيدهم في ذلك ، قالوا أنّ خطّابها الكثرأصيبوا بلعنة القورتي وغضبه. وقد شاع ذات مرة أنّ القورتي ينوي تزويجها لمن زعموا أنّ أسمه (جوهر) ، نُسب هذا القول إلى مأذون القرية الذي أضاف أنّ (فانه) وضعت مولوداً بعد ثلاثة أشهر من انطلاق الشائعة ، وقد سُمّي المولود (جوهراً) تخليداً لذكرى أبيه الذي لم يره احد . أهل البلدة لا يريدون أن يفشوا سر اختفاء جوهر الإبن بعد أن بلغ العشرين من العمر قيل أنّه مات في حرب ببلاد السودان ، على حد تعبيرهم . وقد ظلّت (فانة) تحتفظ بحاجياته وتعاويذه جازمة بعودته يوماً رغم رواج خبر موته. هذه المرأة ظلّت تذكرني بما أسماه القرويون في قريتنا (قبّة النصارى) ، وهو نصب تذكاري قيل أنّ الجنود الإنجليز كانوا يقيمونه في أماكن تواجدهم لدفن موتاهم .. بيد أنّ فانة كانت تحتفظ في دواخلها ببعض الودّ لألئك النصارى ، قالت أنّهم كانوا أقل قسوة من هؤلاء الترك ، كانت تهمس وهي تشير إلى (الدّفي) ، لا أحد من أهل القرية ، يدري كيف أصبح (الدفّي) خالياً ، وأين ذهب ساكنوها ومتى . (فانة) نفسها لا تقول الكثير عن تلك الايام ، الناس في قريتنا لا يميلون إلى السكن في المواقع الآثارية ، وقد شاعت بعض الأساطير والقصص الغريبة عن شياطين وجن يسكنون هذه الأبنية . ولعل أهل القرية كانوا يجدون ثمّة رابط غير مرئي بين تلك الشياطين و(فانه) المرأة العجوز التي تسكن (الدفي) دون خوف أو وجل ، لا يؤنس وحدتها غير قطيع صغير من الأعنام والنعاج . هذه العجوز كانت حاضرة في كل المناسبات الحزينة والمفرحة على حدٍ سواء ، وفي مواسم حصاد التمر والحبوب كانوا يحملون لها العطية (كري) من قمحٍ وذرة وشعير وتمر .. كان الأطفال في الأيام الحالكة يزورون الدفي وهم على وعد بهدايا من التمر وخبز القمج المعطون بالسمن البلدي (شيلد) تتفنّن العجوز في صنعها لتقدمها لأطفال الحي إكراماً لأرواح الأجداد والأولياء من السلف الصالح مع مغيب أيام معروفة. عندما رزت (حبوبه فانه) في بيتها بدت الحجرة ضيقة رغم سعة القصر المهجور، كان المدخل صغيراً ونظيفاً بدرجة عالية ، ولا بد أنّها وضعت تلك الملاءة الجديدة فوق (العنقريب) الوحيد بالحجرة إحتفاءاً لمقدمي في ذلك المساء المتّشح بالبرد النفّاذ (نفّاده) .. الموقد الصغير بوسط الحجرة تلهج نارها تحت القدر النحاسي ، تفوح منه رائحة محبّبة للشاي بالحليب (التقيل) ، تقوم بإعداده بنشاط وخبرة ، تمسك بيدها (التوركوندي) تلاعب بها بقايا الجمرات المتوهجة في الموقد ، وثمّة قنديل زيتي يرسل ضوءاً ناعساً من فجوة منحوتة على الجدار .. قامت أمّ جوهر ، كما يحلو لها أن أسمّيها ، لأداء صلاة العشاء وعادت وهي تستنجد بكل الأولياء والصالحين وبكل مخزونها من الأوراد والتعاويذ ، تلهج بالدعوات كي يحميها الرب ، ويحمي كل المسلمين من الأهل والجيران ، المقيمين والمسافرين من جور السنين والشياطين والأمراض وغلواء أصحاب السلطان والجاه .... قالت (حبوبة فانه) أنّ (كاشبنتود) ابن الكاشف ، حاكم الناحية ، هو القورتي الذي جرت هذه القصّة على عهده ، حين كانت الأيام تركية . والقرية كانت مسرح الأحداث ، وسكانها يعتمدون على أنفسهم ويؤمنون بالله .. حين كانت الأيام زندية والناس يرتعبون لمجرّد رؤية جياد الباشبوزق مغتصبي الضرائب من جنود المصاروة والترك والشايقية كان كاشبنتود الحاكم والناس له تبّع وعبيد ، إليه ينتمون وبه يحتمون ..... (نواصل الجزء الثالث)
____________
| |
|
|
|
|
|
|
|