إذا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ .. ولَمْ تَدْرِ مَا الهَوىَ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-02-2004, 00:35 AM

Nabil Sharaf Aldin


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إذا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ .. ولَمْ تَدْرِ مَا الهَوىَ

    هلّ في ليلنا خيال الندامى
    والنواسي .. عانق الخيّام

    كالنسيم هادئاً يتسلل إلى القلب .. رقراقاً كجدول عذب.. ساحراً يأخذ باللب.. غامراً كالضياء.. نافذاً كالقضاء.. آسراً دونما عناء. إنه الحب.. ذاك الذي عجز عن وصفه ـ على بلاغتهم ـ الشعراء.. واحتار في ادراكه الفلاسفة والحكماء.. وتساوى في الخضوع لسلطانه الصعاليك والامراء
    واجتهد في تعريفه عامة الناس والعلماء.
    وصفته إمرأة من بادية العرب بقولها: (خفي عن أن يُرى, وجلّ عن أن يخفى, فهو كامن ككمون النار في الحجر, إن قدحته أورى, وإن تركته توارى, فهو إن لم يكن شعبة من الجنون, فهو عصارة السحر) .
    وقال عنه فيلسوف الاغريق المعلم الاول أرسطو: (لو لم يكن في المحبة إلاّ أنها تشجع قلب الجبان, وتسخي كف البخيل, وتصفّي ذهن الغبي, وتبعث حزم العاقل, وتخضع لها الملوك, وتفقد لها صولة الشجاع, وينقاد لها كل ممتنع, لكفى بذلك شرفاً).
    لكن امبراطور الفرنسيين نابليون رأى خلاف ذلك، إذ وصفه قائلاً: (الحب شغل الكسلان, وسلوى العامل, ومركب الملك الغارق) , بينما قال الشاعر والروائي الفرنسي الشهير فيكتور هوجو: (إن النفس التي تحب وتشقى لهي في أسمى حالات السعادة في الوجود) .
    ...
    أما الشعراء فلم يعترفوا بعجزهم عن وصف أمر غيره, فها هو البهاء زهير يقول:
    يقولُ أناسٌ لو وصفتَ لنا الهوى وواللهِ ما أدري الهوى كيفَ يُوْصَفُ
    ويجاريه أمير الشعراء أحمد شوقي فيقول:
    يقولُ أناسٌ لو وصفتَ لنا الهوى لعلَّ الذي لا يعرفُ الحبَّ يَعْرِفُ
    فقلتُ لقد ذُقْتُ الهوى ثم ذُقْتُه فواللهِ ما أدري الهوى كيف يُوْصَفُ
    ويشاركهم أبوالعتاهية الرأي فيقول:
    يقولُ أناسٌ لو نعتَّ لنا الهوى وواللهِ ما أدري لهم كيف أنْعَتُ
    سَقَامٌ على جسمي كثيرٌ مُوَسَّعٌ ونومٌ على عيني قليلٌ مُفَوَّتُ
    إذا اشتدَّ ما بي كان أفضل حيلتي له وضعُ كفي فوق خَدِّي وأسْكُتُ



    يتبع








                  

04-02-2004, 00:57 AM

Nabil Sharaf Aldin


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ولعل قائلاً يقول: (Re: Nabil Sharaf Aldin)

    ولعل قائلاً يقول: وما مناسبة الحديث عن الحب الآن وقد انقضى عيده ومضى إلى حال سبيله بعد أن احتفل به العالم شرقاً وغرباً؟ فأقول: ومتى اختار الحب مناسبة كي يطرق أبواب القلوب ويطلب الاذن بالدخول؟ ألا ترى أنه يخطف الابصار كوميض البرق فلا يعرف المرء كيف يأتيه ومن أي جهة يأتي ومتى يأتي؟ ها هو جميل بن معمر يقبل بإبله يوماً على غير موعد سوى ذلك الذي رسمه له القدر, فيوردها وادياً يقال له بغيض, ويشاء القدر أن ترد الماء في تلك اللحظة فتاة صغيرة ذات حسن وجمال يقال لها بثينة, فتمرّ على فصال لجميل باركةَ ـ والفصال هي أولاد الناقة ـ فتنفِّرها فيسبّها جميل وكان لايزال فتى صغير السن فتسبه هي أيضاً.. ويقدح الحب شرارته الأولى فيضيء وميضه سماء قلبه, ويحب جميل سباب بثينة ويعلق بها.. وفي ذلك يقول: وأول ما قادَ المودةَ بيننا بوادي بغيضٍ يا بُثَيْنُ سِبَابُ وقلنا لها قولاً فجاءتْ بمثِلهِ لكلِّ كلامٍ يا بُثَيْنُ جوابُ
    ثم تبدأ ملحمة من ملاحم الحب إذ يجافي النوم عيني جميل, وتظل صورة تلك الصبية الحسناء تطارد خياله وتتسلل إلى مضجعه فتحرمه لذة المنام, ويعرف مكابدة الغرام, حتى إذا ما استطاع أن يحرِّك فيها أثر اللقاء الاول ويفوز منها بوعد بلقاء ثانٍ حالت حراسة أهلها لها دون تحقيقه بعد أن فشا سرها, فيظن أنها قد أخلفت عن قصد موعدها معه فيقول: صادتْ فؤاديَ يا بُثَيْنُ حِبَالُكُمْ يومَ الحَجونِ وأخطأتْكِ حَبَائلي فأطعتِ فيَّ عواذلاً وهجرتِنيِ وعصيتُ فيكِ وقد جهدنَ عواذلي
    لكنّ المحبّ لا يعدم وسيلة لايجاد العذر لمحبوبه, كأني به يبحث عن السلوان لنفسه وبث الامل فيها حتى لا تتقطع به حبال الرجاء فيركن إلى جبال اليأس.. وها هو شاعرنا الغارق في هوى بثينة يقول: وما أنسَ مِ الاشياءِ لا أنسَ قولَها وقد قَرَّبَتْ نِضْوي: أمصرَ تريدُ؟ ولا قولَها: لولا العيونُ التي ترى لزرتُك فاعذُرْني فَدَتْكَ جُدُوْدُ
    وتظل معاناة جميل قائمة إذ كثيراً ما قلّت الحيلة وعزّت الوسيلة إلى لقاء بثينة, وتظل شكواه حاضرة في شعره لكثرة ما حيل بينه وبينها, فليس أذكى للشوق والحنين من الحرمان, إذ لا يزيد انقطاع الوصل نار المحب إلاّ تأججا, فما هو أقصى ما يرجوه جميل من بثينة؟ يقول في غير طمع ظاهر: وإني لأرضى من بثينةَ بالذي لو ابصرهُ الواشي لقرّتْ بلابِلُهْ بلا, وبأنْ لا استطيعُ, وبالمُنَى وبالأملِ المرجِّو قد خابَ آمِلُهْ وبالنظرةِ العَجْلى, وبالحولِ تنقضي أواخِرُهُ لا نلتقي وأوائِلُهْ
    فهل يخطر على بال مخلوق أن يكون ذلك أقصى ما يتمناه عاشق من معشوقه؟ حتى أنه ليروى أن والد بثينة وأخاها كانا يستمعان إليهما في هذه الجلسة ليفاجئاهما بما يباعد بينهما, فلما وصل جميل إلى البيت الاخير التفت الفتى إلى أبيه وقال له: ليلتق بها في كل حين مازال هذا هو حبهما ومازال هذا هو حديث اللقاء. ولكن هل تخفف اللقيا من حرارة الشوق ولوعة الحب؟ يجيب جميل: إذا ما دَنَتْ زِدْتُ اشتياقاً وإنْ نأتْ جزعتُ لنأيِ الدارِ منها وللبُعْدِ
    هذا الحب زانه عفاف لم يُعْرَف له مثيل, يقول عباس بن سهل الساعدي: لقيني رجل من أصحابي فقال: هل لك في جميل فانه يعتلّ, نعوده؟ فدخلنا عليه وهو يجود بنفسه, فنظر إليّ وقال: يا ابن سهل, ما تقول في رجل لم يشرب الخمر قط, ولم يأت بفاحشة, ولم يقتل النفس, ولم يسرق, يشهد أن لا إله إلا الله؟ قلت: أظنه قد نجا وأرجو له الجنة؟ فمن هذا الرجل؟ قال: أنا, قلت: ما أحسبك سلمت وأنت تشبب ببثينة منذ عشرين سنة, قال: لا نالتني شفاعة محمدٍ إنْ كنت وضعت يدي عليها لريبة. فلا غرابة إذن أن نستمع إلى بثينة وقد بلغها خبر جميل تقول: وإنّ سُلُوّي عن جميلٍ لساعةٌ من الدهرِ ما حانت ولا حان حينُها سواءٌ علينا يا جميلُ بنَ مَعْمَرٍ إذا مِتَّ بأساءُ الحياةِ ولينُها
                  

04-02-2004, 01:04 AM

Nabil Sharaf Aldin


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يحدث في عيد العشاق (Re: Nabil Sharaf Aldin)


    تلك قصة من قصص الحب الخالدة استدعتها للذاكرة قصة من عصرنا الحاضر حملتها إلينا الاخبار من بلد المحبة لبنان قبل أيام والعالم يحتفل بعيدالحب.. تقول القصة إن اللبنانية (جمال) احتفلت بهذه المناسبة على طريقتها الخاصة, وزارت قبر حبيبها حاملة اليه وردة حمراء وقلب حب أحمر كتبت عليه (أنا أحبك). جلست عند قبر حبيبها وعاشت معه لحظات الحب الكبيرة التي لاتزال وفية لها رغم مرور ستة عشر عاماً كاملة على رحيله, إذ قررت ألاّ تحب أحداً بعده, وألاّ تعيش عيد عشاق إلاّ بجانب روحه.. وظلت وفية له إلى الابد.. تنتظر عيد العشاق كل سنة لتذهب إليه وقد أضناها الحب فجاءت لتبوح له به من جديد فهو عشقها الدائم الذي لا يموت.. تجثو بجانب القبر قبالة صورة الحبيب تناجيه, تذرف الدموع وتبثه لواعج القلب وشوقاً لم يزده الفراق إلاّ توهجاً واشتعالا. هل نقول إنها قصة وفاء نادر في زمن عزّ فيه الوفاء؟ ربما.. غير أنه ليس أجلى لانسانية البشر سوى رقة المشاعر, وهذا الخفقان المحبّب للنفس, ولله درّ الأحوص إذ يقول:
    إذا أنْتَ لم تعشقْ ولم تَدْرِ ما الهوى
    فكنْ حجراً من يابسِ الصَّخْرِ جَلْمدا
                  

04-02-2004, 01:13 AM

Nabil Sharaf Aldin


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حينَ يغدو الكونُ أقماراً وأزهاراً .. وفراشاتٍ ملونةْ (Re: Nabil Sharaf Aldin)

    ليست للحب صورة فوتوغرافية معروفة.. ليس له عمر محدد.. فهو أحيانا مراهق ينتظر الفتيات على أبواب المدارس الثانوية.. وهو أحيانا شخص وقور يفقد صوابه وهو يشاهد فيلم السهرة أمام التلفزيون.. وليس له ملامح ثابتة.. فهو مرة قرن فلة.. ومرة قنبلة.. وليس له بطاقة تأمين صحي ..
    فهو قد ينافس الزمن في البقاء.. وقد يموت بالأنفلونزا الآسيوية.. وليس له أصل معروف.. ولا شجرة عائلية يمكن الرجوع إليها.. فهو أحيانا مجذوب يجلس على باب السيدة زينب في القاهرة.. وأحيانا خبير في برامج الكمبيوتر في مدينة اسكندنافية باردة.. وليس في ملفات السي آي أيه معلومات أكيدة عن وجوده وديانته وجنسيته وانتماءاته السياسية.. ولكنه في المحاكم يبدو في كثير من قضايا القتل والاختلاس. الرومانسيون يقولون: إنه هبط ليلا على شعاع فضي للقمر.. واشترى ديوان شعر لصلاح عبد الصبور.. وجيتارا.. وأغنية (قارئة الفنجان) لعبد الحليم حافظ.. وعلبة من حليب النجوم لا تنتهي صلاحيتها.. وتسلق أول نافذة صادفته.. وراح يعزف موسيقى أقمارا وأزهارا وفراشات ملونة محشوة بعسل النحل.. وعندما بدأت الشمس في الشروق اختفى. المعمرون يصرون ويقسمون على أنه لا وجود له الآن.. وأنه قد انتحر منذ سنوات في اللحظة التي عرف فيها الناس الشيكات السياحية.. والمضاربة في البورصات العاطفية.. في اللحظة التي تحولت فيها العلاقة بين الرجل والمرأة إلى مزاد.. وعرض وطلب.. ومكياج.. وأقنعة.. وصرافة.. وسوق سوداء.. في اللحظة التي تزاوجت فيها الثروة والسلطة بحثا عن القوة. المعمرون يقولون أيضا: أن كل ما يجري حولنا لا يسمح بعودة الحب إلينا.. فقد أصبحنا نعتبر تحلية البحر أكثر أهمية من حلاوة الشعر.. وأصبح صوت محرك سيارة فارهة أجمل من صوت قلب العشق.. أصبحنا نعشق جسرا من الأسمنت أكثر مما نعشق امرأة ناعمة.. رومانسية.. وأصبح حماسنا لدخان المصانع أكثر من حماسنا لرائحة العطر.. لقد هجرنا الحب وتوارى في مغارة مهجورة في صحراء بعيدة يشكونا إلى الله.. ويدعو لنا بالهداية العاطفية قبل أن تسحقنا البلدوزرات المادية. نساء المدينة يقلن: إنه دخل عليهن عصفورا ربيعيا أخضر.. فنقر الشفاه.. وفك ضفائر الشعر.. ولعب بأصابع اليد.. وحول عواطفهن إلى سيمفونية من الهمسات والارتعاشات.. وعندما رحن يتحدثن عن المهر والشقة وأواني الطهي التي لا يلتصق بها الطعام.. هز جناحيه وطار. التجار يتحمسون.. ويقولون: إنه بضاعة رائجة يموت السوق بدونها ويسوده الكساد.. فهو يباع في مراكز التسوق.. ومحلات العطور.. والزهور.. وعلى أغلفة المجلات.. وفي الروايات.. وأفيشات الأفلام.. أن كلمة الحب عندما تنزل السوق تساوي مليار دولار.. وعندما تبقى في القلب تساوي كنوز الدنيا.

    (عدل بواسطة Nabil Sharaf Aldin on 04-02-2004, 01:20 AM)

                  

04-02-2004, 01:25 AM

Nabil Sharaf Aldin


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الساسة يربطون بين الحب والواقع (Re: Nabil Sharaf Aldin)

    الساسة يربطون بين الحب والواقع.. يقولون: إنه ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكانت القرارات الحكومية ثالثهما.. فالحب يتأثر بالاقتصاد.. وبمعدلات البطالة والتضخم وارتفاع الأسعار.. والحب أصبح خاضعا للضغوط الدولية.. والعمولة.. والصراع العربي الإسرائيلي.. والنظام الدولي الجديد.. فعندما يقدم شاب في جنوب لبنان زهرة فلابد أن تكون حمراء في لون دم الشهداء الذين يتساقطون كل يوم برصاص العدو الإسرائيلي.. وعندما يضع شاب مصري قلبه في علبة من القطيفة ويقدمه (شبكة) لمن يحب فإنها غالبا ما تسأله عن عيار هذه القلب وترفضه بحثا عن عيار من الذهب موقع عليه من مصلحة الموازين والدمغة.. وعندما يتجرأ شاب في الجزائر ويهمس لزميلته في الجامعة بنظرات الحب فإنها غالبا ما تجري خوفا من الذبح على الطريقة الإرهابية.. إن الواقع المؤلم فصل الحب عنه.. فأصبح الشعار السائد هو ما سبق أن كتبه إحسان عبد القدوس في روايته "هذا أحبه وهذا أريده".. فالحب شئ.. والحياة شئ آخر.. في إشارة واضحة منه لانتهاء العواطف وسيادة شرعية المال.. لذلك تكثر حالات الانتحار والخيانة والاكتئاب واليأس.. وتتلاشى المسافة بين بيوت الزوجية ومستشفى الأمراض النفسية والعصبية. المعماريون يقولون: إنه لا يرتاح في الأماكن الضيقة.. فهو بحاجة لسماء كي يطير.. وبحاجة لحديقة كي يختبئ وراء الأشجار.. وبحاجة لبحر كي يلعب مع الأمواج والأسماك.. وأنه في المساكن الضيقة التي نبنيها الآن يرتطم بالزجاج فيكسره.. ويرتطم بالجدار فيتألم.. وعندما يخرج من المستشفى طلبا للعلاج لا يتحمس العودة.
                  

04-02-2004, 01:28 AM

Nabil Sharaf Aldin


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لكن الشعراء ـ كعادتهم ـ لا يوافقون على ذلك (Re: Nabil Sharaf Aldin)

    لكن.. الشعراء لا يوافقون على ذلك.. انهم يرون أن الحب والشعر (لا يرتاحان إلا في الأماكن الضيقة) .. ويقول واحد من سادتهم: (في الأماكن الضيقة تصبح الجدران أكثر اقترابا.. ويصبح خشب المقاعد أكثر شبابا.. وتأخذ الكلمات أشكالا خرافية.. في الأماكن الضيقة تتغير هوية الأشياء.. تصبح يد حبيبتي مكان يدي.. وفمها كتابا أقرأه قبل أن أنام.. ودبوسها المنسي على الطاولة حمامة لا تريد أن تطير. الشعراء يصرون على أن الحب هو ماء الحياة.. بغيره لا يمكن للحياة أن تستمر.. بغيره لا توجد حركة لشئ.. لكائن يتنفس.. لريح تسافر.. لنجوم تبرق.. لخيول تصهل.. لأصابع تجري على الورق.. لعيون تلمع.. لرحم يشتهي طفلا.. لموسيقي تطرب نفسها وتطربنا.. للوحة تنادي ألوانا لا تعرفها.. لزاهد يذوب في الله عشقا.. لفراشة ترتدي أجمل ملابسها وتحوم حول الناس والضوء وتقول (امسكوني) . ولو كان عقلي مع السياسيين والمعماريين والمعمرين فإن قلبي مع الشعراء والعشاق.. فالحب هو المنحة الإلهية التي تجعلنا نحتمل خشونة الحياة.. وقسوتها.. هو المرهم الذي يخفف الحروق والالتهابات التي تحدثها الحروب.. هو الشحم الذي يمنع الصدأ والاحتكاك.. هو الحرية التي نمارسها مع أنفسنا فلا تهاجمنا الكلاب البوليسية او تنهشنا بأسنانها الحادة أو تقبض علينا بتهمة سوء السلوك وقلة الأدب.. بدون الحب لا مجال للطفولة.. وتسيطر الشيخوخة.. وتموت الأحلام.. وتتحول البالونات إلى مفرقعات خطرة.. بدون الحب لا نعيش طفولتنا.. لا نلعب بالطائرات الورقية.. ولا نصنع بيوتا من رمال دون أن نحزن على ذوبانها في الأمواج.. بدون الحب تتقوس ظهور الصغار.. ويسود العالم القبح.. وتتراجع مساحة الرحمة.. ويختفي بيكاسو وبابلو نيرودا ويوسف إدريس ونزار قباني وصلاح عبد الصبور وعدلي رزق الله ونجيب محفوظ وأحمد عبد المعطي حجازي.. ويسيطر على الوجود أودلف هتلر ودراكولا ونيرون وبوكاسا الذي كان يفطر بعيون الأطفال, وبيريا الذي كان يتعشى بجثث المعارضين السوفييت. الحب هو الذي يجعل الإنسان إنسانا.. لا بلاطة.. هو الذي يجعله ينقب عن المشاعر لا عن المعادن.. هو الذي يلغي المساحة بين الحزن والفرح.. بين الخيال واليقين.. بين الضحك والبكاء.. وقد يفرض علينا الحب بعض الحماقات الصغيرة.. والنزوات الصغيرة.. لكن.. هل في الدنيا كلها طفل ليس له حماقاته أو نزواته حتى طفل الأنابيب؟ وليس من السهل أن نعرف ما هو الحب؟.. لكن من السهل أن نعيشه.. ولا نضيع وقتنا في تفسيره.. ولسنا في حاجة لدليل أو مرشد سياحي لنعرف أين يسكن الحب؟.. ولا في أي فندق يقيم؟.. فالحب يقيم بين الضلوع.. وأقرب إلينا من حبل الوريد.. ولسنا في حاجة لمخبر بوليسي ليطارده ويقبض عليه وهو يجلس على المقهى يدخن سيجارة ويشرب (النسكافيه) فالحب لا يأتي بالأمر.. ولا ينفذ أحكام المحاكم .. ولا يلتزم بقوانين الطوارىء.. إنه يأتي إلينا في الوقت الذي يشاء لا في الوقت الذي نشاء.. ويهجرنا عندما لا يستريح.. وليست على ظهر الأرض قوة تجبره على البقاء. وليس من السهل التعامل مع الحب على طريقة التدبير المنزلي وبرنامج الطهي الشهير (صحي ومفيد) .. فلا يمكن أن يشرح لك أحد كيف تحتفظ بالحب.. ولا كيف تحصل عليه.. فهو لا يتكون من ضرب البيض والدقيق والزبدة والمشاعر والآهات وقصائد الشعر.. ووضع العجين في الفرن لمدة عشرين دقيقة للحصول عليه.. وهو لا يحتاج لساحر أو مشعوذ يضعه في حجاب محبة الآخرين فأنت في هذه الحالة ممثل ولست عاشقا. والحب كائن رقيق.. يحتاج لرعاية.. يحتاج لمن يأخذ بيده.. ويطعمه.. ويغير له ثيابه.. ويخرج به للهواء الطلق.. ولو قابلنا هداياه الملونة بالإهمال هرب بجلده.. وفشلنا في العثور عليه.. ولأنه لا يشاهد التلفزيون.. ولا يقرأ أبواب المفقودين في الصحف فإن لن يستسلم لكل نداءات العودة إلينا. الحب يعيش على الحب.. الحب يحتاج إلى حب.. وعندما لا يجد الحب ما يتغذى عليه يموت.. تموت معه أشياء جميلة نحسها ونعرفها.. فعندما نحب.. نرى الحب في كل مكان.. وفي كل الأشياء.. في كلمات الأغاني.. وقصائد الشعر.. وأطباق الطعام.. وألوان الثياب.. وأفلام السينما.. وكراسات الرسم.. وعندما تعود هذه الأشياء لطبيعتها الصماء.. الجافة.. يكون الحب في ذمة التاريخ.. يكون قد دخل (الفريزر) .. أن الانتقال من السخونة إلى البرودة يعني أن الحب يمكن أن يموت.. وعلامات الموت أن نفقد القدرة على الجنون.. ألا نشعر بالحنين.. أن نسترد الوعي.. أن تنفصل الأشياء عن من نحب. لكن.. الحب يعود من جديد.. يدق أبواب القلب.. مانحا لنا فرصة أخرى.. لعلنا نكون قد تعلمنا كيف نعامله ونحافظ عليه.. فنحن في كل سن يمكن أن نحب.. في العشرين.. في الأربعين.. في السبعين.. دائما هناك مناسبة للاشتعال.. للزلزال.. رغبة في تزاوج الحلم والواقع.. المعقول واللامعقول.. في تداخل الفصول والشهور.. فنشعر بالدفء في يناير.. ونرتعش من الوحشة في أغسطس.. وتورق الأشجار في نوفمبر.. فالحب هو الجنون الوحيد الذي يجعلنا نحافظ على عقولنا. على أن نظرتنا للحب تتغير أحيانا بمرور الزمن لمئات التعديلات والتغيرات.. ويرسم نزار قباني الخط البياني للحب.. فيقول: إنه في سن الخامسة عشرة يكون الصبي مستعدا أن يحب حتى قطة البيت الأنثى.. وفي العشرين يحب الفتى أول جارة له يراها وهي تنشر الغسيل.. وفي الخامسة والعشرين عندما يذهب الطالب إلى أوروبا للتخصص يقع في غرام أول جرسونة تقدم له الطعام في مطعم شعبي.. وفي الثلاثين يصبح الحب لدى رجل الأعمال صفقة تجارية محسوبة.. وفي الخمسين.. يبدأ الرجل يراجع حساباته القديمة.. ويتذكر أهم انتصاراته.. وينسى أن يتذكر هزائمه.. وفي الستين يتراجع عقل الرجل 180 درجة مئوية إلى الوراء.. ويبدأ في البحث عن فتاة في عمر حفيداته.. ليؤكد سخفه وانهيار ملكاته ومواهبه العقلية.
                  

04-02-2004, 01:37 AM

Nabil Sharaf Aldin


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هذا هو الخط البياني للحب (Re: Nabil Sharaf Aldin)

    هذا هو الخط البياني للحب.. وهو يبدأ بمراهقة الجسد.. وينتهي بمراهقة العقل.. والذكي عقليا وعاطفيا من يتمسك بالحب المناسب مهما كانت الظروف. لقد تدفقت هذه الخواطر عن الحب عندما وجدت الدنيا تحتفل بعيد الحب.. وعندما وجدت المصريين يتحمسون لهذا العيد وتزايد اهتمامهم به هذا العام.. وقد أسعدني كثيرا.. فالناس عندما تفكر في الحب وتصر عليه مهما كانت الظروف فهذا يعني أن قلب المجتمع لا يزال ينبض بصورة طبيعية.. ولايزال في صحة جيدة. إن مستوى المجتمعات والشعوب يقاس على مد جسور الرحمة والتفاهم بين مواطنيها وأفرادها.. وهناك مجتمعات تعيش بقلب بارد.. بلاستيك.. مجتمعات قطعة جسورها مع الحب.. وبالتالي قطعت جسورها مع الله.. وشعوب أوصدت أبوابها في وجه دفء الحب وأغرقت نفسها في الجليد والزمهرير.. شعوب تخاف الحب وتضطهده وتعتبره مشاغبا.. محزنا.. خطرا على النظام العام والسلوك العام. أننا نعاني من أخلاق الزحام.. وأخلاق الأزمة.. ولا نشعر بالأمان.. ونقاتل في سبيل الرزق قتال الوحوش الضارية.. ولا نقبل النجاح.. ونطارد بعضنا البعض بالنميمة والشائعات.. ونلكم أنفسنا أحيانا في الشوارع.. ولا نثق في غيرنا.. ولا نتردد في ذبح كل من تحت أيدينا حتى لو لم نكسب شيئا.. لذلك.. فنحن في حاجة لأن نحتفل بهذا العيد للحب.. في حاجة أن نتذكره.. ليس يوما واحدا في العام.. إنما كل يوم من أيام العام.. لنخرج الحقد ونزرع الحب.. لننزع الغل وننبت الرحمة.. لنطهر قلوبنا.. ونبيضها.. ونوقظها.. ونحركها.. ولا نتركها تموت بالوحشية إذا لم تمت بالسكتة.. فالكراهية لا تقتل إلا صاحبها.. فماذا ينفع الإنسان لو كسب الدنيا وخسر لحظة حب صادقة.. عن هذا ليس كلام أنبياء أو شعراء فقط.. وإنما هو كلام أطباء القلب والضغط والسكر أيضا. وفي عيد الحب.. زهرة تكفي.. مكالمة تليفونية تكفي.. رسالة على الإنترنت تكفي.. أغنية تكفي.. كلمة واحدة تكفي.. كلمة (أحبك) .
    .....

    قل لمن حولك: (أحبك) .. والبقية بعد ذلك ـ كما يقول نزار قباني ـ تأتي

    تمت،
                  

04-02-2004, 10:12 AM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إذا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ .. ولَمْ تَدْرِ مَا الهَوىَ (Re: Nabil Sharaf Aldin)

    سلام وكتير محبة

    قال الطاهر ود الرواسي
    احد شخصيات الطيب صالح الشهيرة

    "و يوم الحساب ، يوم يقف الخلق بين يدي ذي العزة والجلال ، شايلين صلاتهم وزكاتهم وحجهم وصيامهم ، وهجودهم وسجودهم ، سوف أقول : يا صاحب الجلال والجبروت ، عبدك المسكين ، الطاهر ود بلال ، ولد حواء بنت العريبي ، يقف بين يديك خالي الجراب مقطع الأسباب ، ما عنده شي يضعه في ميزان عدلك سوى المحبة " .
    ويقول صوفية السودان :
    " الماعندو محبة ما عندو الحبة "
                  

04-02-2004, 12:15 PM

انور الطيب
<aانور الطيب
تاريخ التسجيل: 10-11-2003
مجموع المشاركات: 1970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إذا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ .. ولَمْ تَدْرِ مَا الهَوىَ (Re: الجندرية)

    الأخ نبيل محبتي الخالصة لك ولمن معك وأنت تطوف بنا في رحاب الحب وقديما قيل لاعرابي من بني كلاب ما معناه " أتحب ؟" فأوجز هذه الأبيات بديعة اللفظ والمعنى


    فمن يك لم يغرض فأني وناقتي
    بحجر الى أهل الحمى غرضان
    هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى
    واني واياها لمختلفان
    تحن فتبدي ما بها من صبابة
    وأخفي الذي لولا الأسي لقضاني

    ولذلك للحب الانساني معنى ثان غير حب الناقة بالتأكيد.

    ولك خالص حبي
                  

04-21-2004, 02:01 AM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إذا أنْتَ لَمْ تَعْشَقْ .. ولَمْ تَدْرِ مَا الهَوىَ (Re: Nabil Sharaf Aldin)


    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de