تداعيات يمنية:صاحب القلب المكسور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 02:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-26-2004, 04:17 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37029

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تداعيات يمنية:صاحب القلب المكسور

    جلس كريم* الأستاذ والشاعر العراقي على صخرته المعهودة عند الساحل، يشهد مصرع الشمس وانتحارها بالسقوط المدوي على بحر القلزم..

    اليوم هو حزين جداً، جاءته بالبريد رسالة كئيبة من زوجته وأطفاله العالقين في بغداد.. أيضاً تصفح الصباح صحيفة (القدس العربي)، ورأى صور الأطفال الذين يموتون كالذباب..

    إن له قلب شاعر، قلب من زجاج ينوء باحزان بلده، قرأ أن (أمريكا) المجنونة تزمع استئناف قصفها للمدن الحزينة المتشحة بالسواد.. كل هذه الأشياء تكثفت في خاطره المجهد.. مر به جنود الدورية الطيبين مرورهم المعتاد بسيارتهم المعهودة.. حيوه من بعيد، فقد اعتادوا جلوسه المزمن منذ سنين على الصخرة، صخرة (كريم) كما كان يسميها.. اليوم يحمل كراسة الشعر خاصته، كراسة مدرسية عادية على غلافها طفل يقبل طفلة في وهج طفولي، جعلته يختار هذه الكراسة بالذات من ضمن الكراسات التي عرضها عليه البائع في مكتبة 26 سبتمبر* وذلك من فرط حنينه لأطفاله الذين كلمه البعد عنهم، اليوم سيكمل ديوان بآخر قصيدة ينزف فيها مشاعره الجياشة.. ماذا يسميها يا ترى؟! هل يسميها (البحر).. كان دائماً يقرأ قصائده للبحر ..

    الشمس قد غرقت الآن.. حدق (كريم) في الأفق الدامي بعينين دامعتين وردد مخاطباً صديقه البحر وقد طافت بمخيلته قصيدة (الطلاسم)* لإيليا أبو ماضي.

    قد سألت البحر يوماً ..
    هل أنا يا بحر منك ؟! ..
    أم صحيح ما رواه ..
    بعضهم عني وعنك..
    أم ترى ما زعموه..
    كذب وبهتان وإفك..

    اصطخبت الأمواج وجاءه صوتها المشحون بالغواية:

    - نعم أنت مني أيها الحبيب تعال إلى كي أضمك.. تعال إلي، إن في أعماقي مدينتك الفاضلة (اتلانتس) التي كنت تبحث عنها طويلاً، مدينة الفرح المقيم والحزن العابر وليس كما تظن أنت في أشعارك الجميلة التي تكتبها ولا يقرأها أحد سوى صديقك السوداني المخبول.

    ترددت هذه الأصوات برنين مغناطيسي جعله يترك كراسته جانباً والقلم، خلع نعليه واندفع نحو الأمواج، شعر بمداعبة الموج لقدميه العاريتين، كانت لها لذة عجيبة اجتاحت كيانه وظل يوغل في التقدم والماء الحاني يتلمس جسده في وداعة حميمة، وهو يواصل زحفه داخلاً والأمواج تتصايح خوله في غنجها العجيب:

    - أووه.. يا (كريم)، كم انتظرتك سنين وأنت تجلس على تلك الصخرة اللعينة التي لم تفلح كل محاولاتي لتفتيتها أو تدميرها .. تقدم تقدم يا حبيب، إن حورية البحر* تنتظرك، إنها الحرية المطلقة التي انتظرتها طويلاً.

    غاب (كريم) في الماء وطوته زرقة البحر وعم الهدوء المكان الذي نغصته صيحات نائحة لنوارس عابرة جنوباً، وعاد البحر إلى صمته المريب بعد أن ارتكب فعلته الشنعاء، وكفت الأمواج، عرائس البحر الغواني عن ثرثرتها العجيبة، والمدينة الحالمة نائمة مثل طفلة صغيرة في احضان أمها الرؤوم..

    جاءت نسمات الليل العليلة وحملت الكراسة ودفعت بها إلى الطريق الإسفلتي الممتد بحذاء الساحل في مدينة الحديدة، وأخذت الرياح الخفيفة تقلب صفحات الديوان وانحنت مصابيح الطريق إجلالاً وشخصت بعيونها المتوهجة في صفحات الديوان وكلمات الشاعر المسكونة بالحزن والضياع..

    تداعيات مريرة من الماضي المثقل بالأحزان..

    الأقرباء والأصدقاء الذين طواهم الموت في حروب ليس لها معنى …

    الزوجة والأطفال خلف الأفق البعيد …

    النفس الأمارة بالسوء …

    مكابدات شركاء الهم والغربة السودانيون…

    وأشياء أخرى !! ..

    وعسعس الليل، وحزنت السماء وذرفت دموعها الغزيرة لرحيل (كريم)... طمست الأمطار الكلمات والمداد ودفن الديوان تحت الأوحال والطين…والمدينة ما زالت نائمة تغط في سباتها العميق.. يا للأسف الشديد..

    عندما يمر جنود الدورية غداً، لن يجدوا صديقهم الشاعر (كريم) ليلقوا عليه تحية المساء المعتادة ..

    لقد رحل صاحب القلب المكسور..

    رحل إلى أتلانتس ..

    مدينة الحقيقة والجمال .

    مدينة الفرح المقيم والحزن العابر..

    الهوامش :
    شاعر ومعلم عراقي يعيش في اليمن.
    مكتبة في مدينة الحديدة في شارع صنعاء.
    شاعر لبناني من كبار شعراء المهجر في (أمريكا) له دواوين كثيرة منها (الجداول والخمائل).
    كائن اسطوري نصفه الأسفل سمكه والعلوي امرأة.








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de