أدونيس...أهناك مَسرحٌ للسياسة, اسمه: مَسرح اللاّشيء؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 00:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-20-2004, 03:10 PM

مراويد

تاريخ التسجيل: 09-08-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أدونيس...أهناك مَسرحٌ للسياسة, اسمه: مَسرح اللاّشيء؟

    أدونيس الحياة 2004/02/19

    - 1 -

    "الدولة هي البرودة الأكثر وحشيّةً. وهي تكذب ببرودة. وإليكم الكذب الذي يزحف من فمها: أنا الدّولة - الشعبُ هو أنا": هذا كلامٌ لنيتشه ينطبق على جميع الدول. وفي هذا الإطار تُحقّق الدّولة العربيّة, على نحوٍ مفارِقٍ, خاصيّتين أساسيتين تتصف بهما الدّولة الغَربيّة: البرودة وهدوء الأعصاب. فهي لا تكاد تُحِسّ بأيّ شيءٍ أو تَرى أيّ شيء من كلّ ما تواجهه, أو يُحيط بها, أو يُُهددها من خارج, ومن كل ما يمزّقها, أو ينخرُها, أو ينحرُها من داخل. وتأتي صورُ القادة التي تنقلُ وسائل الإعلام لتؤكّد هذه المسألة بشكلٍ لا يُدحَض.

    إنّها "واقعيّة" يرفعها أصحابها الى مستوىً تتحوّل فيه الى "عِلْمٍ" في السياسة, أو إلى "فنٍّ" في الرؤية السياسية. وهي واقعيّة تسخر من جميع أولئك المعارضين, "الحالمين", الطوباويين, سجناءِ أفكارهم المثاليّة السّاذجة.

    - 2 -

    غيرَ أنّ "البرودة" و"هدوء الأعصاب" مِمّا يُوصَفُ عادةً, بالعقلانيّة, وهما في كثيرٍ من الدّول دليلٌ على بُعدِ النّظر, ودقّة التخطيط, والإحكام الاستراتيجيّ. من المؤسف أنّنا لا نجد شيئاً من هذا كلّه لدى الدّولة العربيّة. نجد, على العكس, أنّ برودتَها وهدوءَ أعصابها يتحرّكان على مَسرحٍ يمكن أن نطلق عليه هذا الاسم: "مَسرح اللاّشيء". والمسرحيّة التي تُمثَّل فوقه يمكن أن تكون أطول مسرحيّة في تاريخ الشعوب. فهي تتكرّر, بتنويعاتِها الدامية, الفاجعة, الساخرة, المضحكة, المبكية, المحيّرة, منذ أكثرَ من نصف قرن. وبعض ممثليها الذين بدأوها, لا يزالون أحياءً, ومنهم من لا يزال قابِضاً على الدِّفة.

    - 3 -

    مسرح اللاّشيء!

    ولكَ, مع ذلك, أن تُشاهد هذا المسرح مليئاً بالأشلاء, والشظايا, والجنازات, والقبور, والأنقاض... إلخ, لكن يجب أن تبدو كأنّك فاقدٌ حسَّك إزاءَ ما تنظر اليه, خوفاً عليك من أن تفقدَ البرودة وهدوء الأعصاب, أعني خوفاً عليك من أن تصفك الدّولة بالجنون.

    والأفضل أن تكونَ أعمى. لكن, إيّاكَ أن تُخيِّلَ لأحدٍ أنّك تسمع ما يدور في بعض الكواليس: "موت الآخر ضروريٌّ لبقائي - أنا الدّولة. ولا فَرْق غالباً بين أن يكون هذا الآخر صديقاً أو عدوّاً" - أعني: إيّاك أن تقول إنّك اكتشفتَ كيف أنّ "هدوءَ الأعصاب", كمثل "البرودة", لا يجيء من كثرة العقل, وحدها, وإنما يجيء كذلك من قلّة العقل.

    - 4 -

    مَسرح اللاّشيء - والبطل الكليّ الشامل, في هذا المسرح, هو الموت, - الموت قتلاً أو انتحاراً, استشهاداً أو تَضحيةً. الموت الذي يكون حيناً وجهاً, وحيناً قناعاً. الموت الذي يختار صوره وتجلّياته. ومنذ أن يتجسّدَ في صورةٍ يُصبح عَصِيّاً: لا يُغلب, ولا يُردّ.

    يصبح في آنِ مَدِينةً لا مدينةً, بلاداً لا بلاداً, جيشاً لا جيشاً, جبهةً لا جبهةً. مبثوثاً في الهواء, لا يُرى وإن رؤيت آثاره, ولا يُلْتقطُ إلاّ "رماداً".

    أَمّا الشخص الذي يختاره الموت صورةً له, فإنه يصبح هو نفسُه مَوْتاً. وقد لا ينتصر هو, بوصفه فَرداً: شخصاً - موتاً. بل إن المسألة ليست في انتصاره على الخارج, بقدر ما هي في انتصاره من داخلٍ وعلى الدّاخل, فهذا الثاني يتضمّن بالضرورة جزءاً من الأوّل, إن فَاتَهُ أن يتضمّن الكلّ. تصبح المسألة في الفِعل, في العمل نفسه. العمل, وليس النّتيجة: تلك هي أولى الدّرجات في السُّلَّم الذي يصعد عليه هذا البَطل إلى هذا المسرح.

    - 5 -

    في هذه الصّورة, إذاً, ما يتخطّاها - ما يتخطّى الفردَ, مَجْلاها الظاهر. فمَا وراءها, ما وراء الفرد هو مدار الأهميّة والمعنى: الدّولة التي هي "جسم" الأمّة, الدّولة التي لا قيام للأمّة إِلاّ بها. عمل الفرد الحقيقيّ هو عمله للموت من أجل ما يتخطّى فَرديَّته في الدّنيا - الدّولة, وفي الآخرة - الخلود. وليست الحياةُ إلا جسراً بين هذه الدّنيا وتلك الآخرة.

    غير أنّ هذا "الجسر" ليس في المعيار العمليّ, إلاّ خطّاً مرسوماً بحبر "الفكرة", أَي بِحبرِ اللاشيء, عملياً. هكذا تكون "الفكرة" أكثرَ أهميّةً من حامِلها - الإنسان. لا "الفكرة" هي التي يجب أن "تموتَ" من أجل الإنسان, بل, على العكس: الإنسانُ هو الذي يجب أن يموت من أجل الفكرة.

    الشّيء نفسه, تبعاً لهذا المنطق, يصبح هو نفسه كمثل اللاّشيء. وانظروا إلى "الموت العربي", بدءاً من بغداد وانتهاءً بالجزائر, وقوفاً عند السُّرَّة - نقطة الدائرة: "الموت الفلسطيني" - أفلا يعلّمنا هذا المسرح الهائل أَنّنا لا نكاد نميّز بين الشّيء واللاّشيء, وأنّ اللاّشيءَ هو نفسه كلّ شيء؟

    أليس غريباً, مع هذا كلّه, أنّ "الموت الفلسطينيّ" يبدو كأنّه يدفع العربَ جميعاً الى مزيدٍ من الهجوم على الحياة, وإلى مزيدٍ من عِبادة اللّغة! الكنز الأكبر "كنزُ الكنوز" مخبّأٌ في اللّغة وفي الموت.

    - 6 -

    مسرح اللاَّشيء؟

    لكن, انظروا: على المسرح مرآةّ ضخمة تُمسكُ بها الدّولة العربيّة, عمرها نصف قرنٍ, على الأقلّ. تمرأوا فيها, ألا ترون كيف كنّا نَرقصُ, فُرادَى وجماعاتٍ, على أكتافٍ عِملاقة, وكيف كانت تقود رقصنا عصا بهلوانٍ ساحر؟ أَلا ترون ذلك الشّريط الكتابيّ الذي يذكّرنا بأننا لم نكن نعيش حاضرنا إلاّ بوصفه جزءاً حيّاً من التّاريخ ومن الماضي؟ وبأنّ الماضي كان يتداخل مع الحاضر إلى درجة التّماهي, أحياناً؟ وبأنَّ إفراطنا في التعلّق بالماضي, لم يقدنا إلا إلى الإفراط في التعلّق بالموت, أي إلى الإفراط في الطغيان وفي تمجيد الطغيان؟

    الماضي - أيّتها المرآة.

    قل لي, يا من يتمرأى, كيف تنظر الى الماضي, أقلْ لكَ من أنتَ ومن ستكون.

    - 7 -

    مسرح اللاّشيء؟

    - لم أعد أراكَ, يا شهريار. تحوّلت بين شفتيَّ إلى لغة.

    - الآن, يا شهرزادُ, بَدأَت حياتي.








                  

02-20-2004, 09:57 PM

omar ali
<aomar ali
تاريخ التسجيل: 09-05-2003
مجموع المشاركات: 6733

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أدونيس...أهناك مَسرحٌ للسياسة, اسمه: مَسرح اللاّشيء؟ (Re: مراويد)

    Quote: مسرح اللاَّشيء؟

    لكن, انظروا: على المسرح مرآةّ ضخمة تُمسكُ بها الدّولة العربيّة, عمرها نصف قرنٍ, على الأقلّ. تمرأوا فيها, ألا ترون كيف كنّا نَرقصُ, فُرادَى وجماعاتٍ, على أكتافٍ عِملاقة, وكيف كانت تقود رقصنا عصا بهلوانٍ ساحر؟ أَلا ترون ذلك الشّريط الكتابيّ الذي يذكّرنا بأننا لم نكن نعيش حاضرنا إلاّ بوصفه جزءاً حيّاً من التّاريخ ومن الماضي؟ وبأنّ الماضي كان يتداخل مع الحاضر إلى درجة التّماهي, أحياناً؟ وبأنَّ إفراطنا في التعلّق بالماضي, لم يقدنا إلا إلى الإفراط في التعلّق بالموت, أي إلى الإفراط في الطغيان وفي تمجيد الطغيان؟

    الماضي - أيّتها المرآة.

    قل لي, يا من يتمرأى, كيف تنظر الى الماضي, أقلْ لكَ من أنتَ ومن ستكون
    .


    شكرا للاخ مراويد علي ايراد هذا النص لاحد رموز التنوير والحداثة في هذه المنطقة المنكوبة الملحقون نحن بعربتها
    -
                  

02-20-2004, 10:11 PM

Alia awadelkareem

تاريخ التسجيل: 01-25-2004
مجموع المشاركات: 2099

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أدونيس...أهناك مَسرحٌ للسياسة, اسمه: مَسرح اللاّشيء؟ (Re: omar ali)

    شكرا مراويد علي الاشراقة
    فداخل الزمن خارج في هذة البقعة من الارض وكانها منذورة للاسي والطغيان
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de