منديل الازهري فجر أزمة بين مصر والسودان في بادونغ

الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-15-2025, 03:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-11-2004, 11:55 AM

sympatico

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
منديل الازهري فجر أزمة بين مصر والسودان في بادونغ


    أوراق جديدة..محمد اسماعيل نجل أول رئيس وزراء سوداني يقلب اوراق «الزعيم»:
    منديل الازهري فجر أزمة بين مصر والسودان في بادونغ



    بقلم :إيان بوروما



    صادف الأول من يناير من هذا العام مرور «48» عاماً على استقلال السودان. ويعد الرئيس اسماعيل الازهري أول رئيس لوزراء السودان المستقل أحد ابرز القادة السودانيين الذين قادوا النضال حتى تحقق الاستقلال.



    وفي اليوم الاول من عام 1956م رفع «الزعيم الازهري» (اسم الشهرة) علم البلاد على سارية قصر الرئاسة أو قصر الحكم فيما بعد ليسدل ستاراً على مرحلة مظلمة من تاريخ البلاد لتبدأ مرحلة جديدة لهذا البلد الذي حقق الاستقلال كأول قطر افريقي. ولد اسماعيل الازهري بمدينة ام درمان في الخامس من شهر رجب في عام 1318هـ الموافق 30/10/1900م وارسله اهله الى خلوة جده السيد المكي ليتعلم القرآن واستمر فيها الى ان بلغ العاشرة ونيف من عمره.


    وكان والده قد ذهب لمصر ونال الشهادة العالمية في الأزهر وظل يّدرس في الازهر لفترة من الزمان وعندما عاد رأى ان يغير مسيرة ابنه الى التعليم النظامي وارسله الى المدرسة حيث بدأ في تلقي العلم النظامي واشتهر بتفوقه الدراسي حيث لقبه أقرانه ب(البرنجي) وهي كلمة تركية وتعني الأول. وبعد ذلك قضى فترة من حياته مع جده من ناحية الاب الشيخ إسماعيل الأزهري مفتي الديار السودانية آنذاك بمدينة ود مدني بوسط السودان.


    وفي عام 1916م عندما انضمت دارفور للسودان عين جده قاضياً عاماً على دارفور فعاد الصبي إسماعيل الأزهري لامدرمان والتحق بمدرسة ام درمان الأميرية والتي منها التحق بكلية غردون (جامعة الخرطوم لاحقا) حيث كان الأول على دفعته. وفي كلية غردون اختار قسم المعلمين وكانت رغبة والده ان يدرس بقسم الشريعة ليتخرج قاضياً شرعياً ولكن قسم الشريعة كان يقبل الطلاب كل عامين وصادف ان العام الذي التحق به بالكلية لم يفتح فيه باب القبول لدراسة الشريعة.


    وتخرج الازهري من كلية غردون في عام 1921م ولتفوقه الدراسي اعفى قبل انتهائه من العام الاخير من استكمال ذلك العام الدراسي وتم تعيينه موظفاً بمصلحة المعارف وانتدب للتدريس بمدينة عطبرة وظل فيها لثلاث سنوات. وهذه المرحلة شهدت العديد من اختلاط الرؤى بين الانجليز والمصريين ونتيجة لما نشأ بين الطرفين عهد اليه بتدريس مادة الحساب - الرياضيات -


    وكان أول سوداني يقوم بتدريس هذه المادة التي كان تدريسها قصراً على الانجليز والمصريين وعاد بعد ذلك لمدرسة ام درمان الاميرية وظل مدرساً فيها وفي عام 1927م ابتعث للجامعة الاميركية ببيروت لتلقي دراسات عليا وتخرج منها في عام 1930م وكان من اوائل السودانيين الذين تلقوا تعليماً عالياً جامعياً


    وقبل ابتعاثه للجامعة لاحظ اثناء تدريسه للرياضيات أن احد الامتحانات التي تأتي انذاك من مصلحة المعارف فيها مسألة تقوم على القسمة على الصفر فكتب تقريراً عن هذه المسألة لمصلحة المعارف ومعلوم أن القسمة على الصفر حاصلها لا نهائي وكان الطلاب في تلك المرحلة الباكرة من سنين الدراسة لم يتلقوا تأهيلاً رياضياً لحل هذه المسألة.


    ويبدو ان هذا التقرير كان سبباً لابتعاثه للجامعة الاميركية لتلقي التعليم العالى في مادة الرياضيات.


    وبعد عودته من بيروت عمل معلماً بكلية غردون ويروي طلابه ومعاصروه ان حصصه كانت مزيجاَ من الرياضيات والوطنية. و«للزعيم» ازهري كما يفضل انصاره ان يلقبوه ابن واحد هو محمد الذي سار على درب والده في العمل السياسي ويشغل موقعاً قيادياً الآن في الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي اعطاه والده عمره وهو اكثر الأشخاص الذين يمكنهم التحدث عن هذا الزعيم الذي اشتهر بطهارة اليد وعفة اللسان والديمقراطية في التعامل.


    ـ ما حقيقة رواية ان الزعيم الازهري سافر ضمن وفد زعماء السودان لتهنئة ملك بريطانيا بالانتصار في الحرب العالمية الاولى وهو ما زال في صباه الباكر؟


    ـ قرر الانجليز في كافة مستعمراتهم في عام 1919م بعد الحرب العالمية أن يبعثوا وفداً لتهنئة مليكهم جورج بالانتصار وفي السودان رأت الإدارة الاستعمارية أن يكون هناك وفد من ثلاث طبقات طبقة الزعماء الدينيين وطبقة العلماء وطبقة النظار وزعماء العشائر واتيح لكل عضو من هذا الوفد الذي تكون من (9) اشخاص ان يصطحب معه مرافقاً.


    وكان الزعيم الازهري مرافقاً لجده الذي كان من طبقة العلماء بوصفه سكرتيراً له وصار فيما بعد سكرتيراً لكل الوفد لالمامه باللغة الانجليزية وكان الوفد مكوناً بصورة من الترتيب يضفي عليه المسحة التي يفكر بها الانجليز عن السودان وكان في مقدمة الوفد سيادة علي الميرغني (زعيم الختمية) الذي كان يعتبره الانجليز آنذاك كبير السودان ويعقبه عبد الرحمن المهدي (امام الانصار) ثم الشريف الهندي وكما يروي الزعيم الازهري نفسه فإن الترتيب كان متبعاً حتى في القطار والباخرة


    وقد اختلف المؤرخون حول زيارة هذا الوفد فبعضهم اسماه وفد الولاء وبعضهم اسماه وفد التهنئة والسودان في تلك المرحلة كان محكوماً بالحديد والنار وكانت هذه الصورة التي تم بها دحر الارادة السودانية المادية وقد مكث الوفد قرابة الشهر وكانت هذه اولى المحطات الخارجية التي احتك بها الزعيم اسماعيل الازهري وكانت هي المرة الأولى التي يلتقي فيها بالسادة الميرغني والمهدي.


    ـ كيف كان مدخله للعمل السياسي ومؤتمر الخريجين الذي بدأ النضال ضد الاستعمار؟


    ـ في أعقاب عمله بالتدريس بكلية غردون كان أول ما صادفه اضراب الكلية الشهير احتجاجاً على تخفيض الرواتب وذلك في عام 1931 وكان له اسهامه الايجابي في هذا الاضراب.


    واستمر في عمله بالكلية وكان يبشر الطلاب ويبذر فيهم روح الوطنية ولعل هذه البذور قد اثمرت عندما تداعى المثقفون لفكرة مؤتمر الخريجين واصبح الزعيم الازهري اول سكرتير عام للمؤتمر في حين تم الاتفاق ان تكون رئاسة المؤتمر دورية بين كبار الخريجين سناً وكان عمره انذاك 37 عاماً وبدأ مع رفاقه حملة واسعة لنشر التعليم وبلغ جملة ما اسسه الخريجون من مدارس في فترة (5) سنوات جملة ما افتتحته الإدارة الاستعمارية منذ احتلالها السودان ولعل هذا مرده ان الزعيم كان من المؤمنين بان العلم هو سلاح الشعوب.


    واستنبط الخريجون انذاك اهدافهم السياسية التي برزت بصورة واضحة في عام 1942م عندما قاموا برفع مذكرتهم المشهورة للإدارة البريطانية وصاغها الزعيم الازهري ضمن اربعة اشخاص ورأس المؤتمر في تلك الدورة ابراهيم احمد وحين تسلم السكرتير الاداري دوقلس ثيوبولد هذه المذكرة


    والتي طالبت بتحديد قانون للجنسية السودانية والغاء قانون المناطق المقفولة والتي بموجبها يحظر على مواطني شمال السودان دخول الجنوب بدون اذن مسبق وبحق تقرير المصير، رد السكرتير الاداري المذكرة ومعها خطاب لئيم اوضح فيه انه يرفض المذكرة لان المؤتمر لا شرعية له وان مطالبه خارج القانون، وقال ان المؤتمر لا يملك صلاحية تمثيل اهل السودان وأن الرسالة غير مقبولة وهو لا يعترف بالمطالب ولا بمؤتمر الخريجين نفسه.


    وعلى اثر وصول هذه الرسالة المهينة للخريجين انقسموا لفريقين فريق رأي ان لا يعادي الحكومة بل تمادى وطالب بمهادنة الحكام وقيل ان اصحاب الوظائف منهم آثروا السلامة اما الفريق الاخر فثار لكرامته الوطنية واعلن عدم قبوله رسالة السكرتير الاداري واعتبر ان الرد كان مهيناً وقرر السير في هذا الاتجاه الى نهايته ولم تكن هناك احزاب في السودان في ذلك الوقت.


    ولكن هذا الانقسام داخل المؤتمر افضى لبروز الاحزاب وكان اول حزب هو حزب الاشقاء في عام 1943م اسسه مجموعة من الخريجين كانوا يعرفون باسم الاشقاء كانت بينهم صلات عائلية وكان الناس يصفونهم بالاشقاء فسار عليهم الاسم ومنهم اسماعيل الازهري وعلى الازهري ويحيى الفضلي ومحمود الفضلي.. والى آخر القائمة.


    وجاء حزب الاشقاء ليتولى التعبئة ضد الاستعمار ولعل اغلب الناس لا يعلمون ان الاشقاء كانت تربطهم في البداية صلات اجتماعية وليست تنظيمية سياسية مع الخليفة محمد شريف ورجال آخرين حول عبد الرحمن المهدي امام الانصار وعبر هذه الصلات كانوا يلتقون بـ عبد الرحمن المهدي ولعل بعضهم كان ينظر اليه باعتباره ابن البطل الذي حرر السودان.


    وصادف عام تشكيل هذا الحزب زيارة مسئول مصري كبير للسودان وهو علي ماهر باشا وكان المصريون في ذلك الزمان ينظرون لمؤتمر الخريجين بعين الريبة ويعتقدون بأنه صنيعة استعمارية فاقام الخريجون احتفالات حاولوا من خلالها ان يعكسوا طبيعة توجههم ولاحقاً بعد أن تداول المؤتمر حول نظرة المصريين قرر ارسال رئيسه الى مصر ليوضح موقف الخريجين ورؤاهم في كافة القضايا


    وخصوصاً تلك المتعلقة بكفاح الشعبين في قضايا التحرر الوطني ورأت مجموعة الاشقاء ان تبلغ عبد الرحمن المهدي بهذا القرار واتفقوا ان يذهب اليه الزعيم الازهري لاخباره بنبأ سفر رئيس المؤتمر لمصر..


    وبالفعل عكس الازهري للمهدي الاسباب التي أدت بمؤتمر الخريجين لايفاد رئيسه للقاهرة وكان رد عبد الرحمن «ان الله قد خلق للانسان لساناً واحداً واذنين اثنين ليسمع اكثر مما يتكلم» وهذه المقولة ارخت لنهاية التعاون غير المعلن بين الاشقاء والمهدي الذي عبر عن تحفظه على سفر رئيس المؤتمر لمصر. وبعد ذلك سافر الزعيم الازهري باعتباره رئيساً للمؤتمر لمصر والتقي جملة من المسئولين المصريين مما أدى لتغيير نظرتهم ازاء المؤتمر.


    وفي عام 1944م اثبت مؤتمر الخريجين موقفه المعادي للاستعمار وبدا ذلك واضحاً في الحملة الشهيرة التي قادها الزعيم اسماعيل الازهري ضد مجلس شمال السودان الذي ابتدعته العقلية الاستعمارية في محاولة منها لايقاف المد الوطني الذي بدأ في التنامي واقترحت الادارة البريطانية في السودان ان يكون هناك مجلس استشاري يكون للشمال وقال الخريجون ان هذا المجلس استشاري لا يملك صلاحيات تؤهله لكي ينفذ ما يراه اعضاؤه وثانياً هو لشمال السودان فقط بما يشي عن نوايا مبطنة لفصل جنوب السودان عن شماله.


    ولذلك كان رأيهم ان الاشتراك فيه يعد نوعاً من العبث فقاطعوه بل اتخذ المؤتمر قراراً بفصل أي عضو من اعضائه يشارك في المجلس وكان هذا القرار رادعاً للكثير من الاعضاء الذين راودتهم الحكومة عن انفسهم الوطنية للدخول فيه وفي عام 1945م استمر المؤتمر بقيادة الاشقاء في التعبئة ضد الاستعمار وشهد هذا العام بداية النظر في الاتفاقية البريطانية المصرية بشأن السودان


    والتي كان مقرراً لها عام 1946م وقاد الازهري ورفاقه في المؤتمر حملة ادت لتكوين وفد من الاحزاب السودانية سُمي «وفد السودان» يطالب بالمشاركة في هذه المفاوضات التي تختص بالسودان قبل غيره وودعت الجماهير وفد السودان من الخرطوم في طريقه بالقطار لمصر


    وكان يلقي الاستقبال في كل المدن السودانية التي مر بها القطار الى ان وصل القاهرة ولكن لم يسمح له بالاشتراك في المفاوضات التي كانت قاصرة على مصر وبريطانيا ونشط وفد الاحزاب في عكس قضية السودان وكان لوجودهم في مكان الحدث دلالات سياسية واعلامية كبيرة. وعادوا بعد ذلك للسودان ليلاقوا مخططاً آخر من مخططات الادارة البريطانية في السودان وهو ما عرف بمشروع الجمعية التشريعية في عام 1948 حيث رفض مؤتمر الخريجين هذه الفكرة.


    ـ ولكن في هذه القضية حدث تقارب بين الاشقاء مع علي الميرغني فكيف تم هذا التقارب بين الاشقاء وطائفة الختمية؟


    ـ بعد تحفظ عبد الرحمن المهدي على سفر وفد من مؤتمر الخريجين الى القاهرة جاءت مبادرة من السيد على الميرغني للتقارب مع الخريجين وذلك بتقديمه كاساً للدورة الرياضية التي ينظمها الخريجون وذلك عندما لاحظ تباعداً بين المهدي ومجموعة الأشقاء وكانت هذه بداية العلاقة بين الأشقاء والميرغني.


    وعما يختص بالجمعية التشريعية فقد قاطع الخريجون هذه الجمعية وقال فيها الزعيم الازهري قولته المشهورة «سنقاطعها ولو جاءت سليمة ومبرأة من كل عيب طالما كانت تقوم في ظل عهد اجمع السودانيون على انهائه وزواله» ورددت جماهير الشعب السوداني هذه المقولة وتجاوبت معها فخرجت المظاهرات ضد الجمعية التشريعية وسقط فيها شهداء اذ قابلتها القوات الاستعمارية بقسوة


    وكان المد الوطني في تنامٍ مستمر بقيادة الزعيم الازهري وحزب الأشقاء وتطورت الأوضاع في مصر في عام 1952م عندما اندلعت ثورة يوليو والتي شكلت علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث وحمل إنهاء عهد الملكية مفاهيم جديدة كان من ضمنها ان تبدلت النظرة عن السودان لدى المسئولين المصريين الذي كانوا لا يقبلون فيما سبق الا السيادة على السودان ويعتبرونه جزءاً تابعاً لمصر ولكن حمل رجال الثورة المصرية نظرة جديدة أقرت بحق تقرير المصير للسودان


    وزالت بالتالى تلك الصخرة التي كانت تتحطم عندها المفاوضات ما بين مصر وبريطانيا وبدأت تحولات كبيرة في اتجاه تقرير المصير في السودان واجتمعت أحزاب الجبهة الاتحادية وبدأت تفكر في تحويل هذه الأهداف المتضاربة الى منظومة تنظيمية واحدة وكان قائد مصر انذاك اللواء محمد نجيب من الذين عاشوا في السودان وخبروه وكان السودانيون يعتبرونه سودانياً


    وكانت لديه أفكار مقاربة لهذا قام بدعوة زعماء الحركة الاتحادية في أحزابها المختلفة للقاهرة ليتحدث معهم حول الموقف المصري الجديد وكان ان توصل الاتحاديون في القاهرة بمساعدة اللواء محمد نجيب الى اتفاقهم الذي نتج عنه الحزب الوطني الاتحادي.


    كما استدعى اللواء نجيب قادة الجبهة الاستقلالية وعلى رأسها حزب الامة وتفاكر معهم في القضية السودانية ووصل معهم الى صورة جيدة من الاتفاق فيما يتعلق بتقرير المصير في السودان.وبدأ التفكير في توقيع اتفاقية بين بريطانيا ومصر حول السودان والتي أقرت ان تكون هناك فترة انتقالية في السودان لثلاث سنوات ينشأ فيها برلمان منتخب وحكومة منتخبة تقوم بتهيئة السودان لتقرير المصير واتفقت كافة الأحزاب السياسية على هذه الاتفاقية ما عدا الحزب الشيوعي الذي كان له ملاحظات على الاتفاقية وكان يسمى آنذاك بالحركة السودانية للتحرر الوطني.


    وبدأ بعد ذلك حزب الامة والاتحادي حملتهما الانتخابية واسفرت الانتخابات عن فوز الاتحادي ب(51) مقعداً من اصل (99) وحاز حزب الأمة على (22) مقعداً وتوزعت بقية المقاعد بين القوى السياسية الأخرى والمستقلين وأحزاب من جنوب السودان وبناء على هذا الفوز الكاسح للحزب الاتحادي الذي انتخب الزعيم الأزهري رئيساً له شكل الحزب اول حكومة وطنية في السودان وهي الحكومة الانتقالية في بداية عام 1954م


    وكان الاتفاق ان تكون الفترة الانتقالية من 54- 1957م وصار الزعيم الأزهري رئيساً لهذه الحكومة وقام بتهيئة الأجواء لتقرير المصير


    وكان على رأس مهامها بندان مهمان وهما إجلاء القوات الاستعمارية عن ارض السودان والبند الاخر هو سودنة الوظائف التي كان يشغلها الأجانب بحيث لا يكون لهم تأثير على اجواء تقرير المصير وقامت الحكومة الوطنية بهذه المهام بسرعة واقتدار وصحيح ان بعض النقاد يأخذون على الحكومة الوطنية الأولى بعض المآخذ فيما يتعلق بعملية السودنة اذا انها كما يقول النقاد قد أغفلت عن إشراك جهات في السودان ولعل هذه النظرة تستنبط الجهوية


    وعموماً ما حدث هو قيام اداة لخدمة المدنية بصورة موضوعية بعيداً عن الغرض وعملية السودنة تحولت لملحمة وطنية اخرى فقد طالب الأجانب الذين لهم عقودات عمل مع حكومة السودان ابان العهد الاستعماري بمبالغ ضخمة تعويضاً عن انهاء خدمتهم قبل ميعادها المحدد فقام الاتحاديون بملحمة وطنية أسموها «مال الفداء»


    ودفعه الشعب السوداني للأجنبي حتى لا تكون هناك ذريعة يتسبب فيها من يريد إجهاض الاتفاقية ومضت خطوات إجلاء القوات الأجنبية حسبما هو مخطط لها وفي نوفمبر عام 1956م اكتملت عملية الجلاء وخرج آخر جندي بريطاني عن السودان وصادف تلك الأيام ان رزق الزعيم بصغرى بناته فأسماها جلاء.


    ـ وماهي قصة رفض الزعيم الأزهري ان يتبع السودان في مؤتمر باندونغ للجانب المصري وجعل منديله علماً للسودان؟


    ـ كانت هذه الفترة التاريخية محتشدة بالأحداث وخاض الحزب الاتحادي الانتخابات تحت شعار الوحدة مع مصر وان تكون هناك حكومة ديمقراطية مستقلة في السودان في اتحاد مع حكومة ديمقراطية في مصر ونال الحزب ثقة الجماهير بينما شهدت مصر أحداثاً باعدت بين الطرفين إذ اقيل اللواء نجيب


    وكان لابعاده مضاعفات في نفوس اهل السودان وكذلك تواترت أحداث عديدة منها اشتراك الزعيم إسماعيل الأزهري كرئيس لحكومة السودان في اول مؤتمر لدول عدم الانحياز في باندونغ وفي ذلك المؤتمر حدث أشكال في كيفية تمثيل السودان الذي لم يكن دولة مستقلة ولكن كانت هناك حكومة ديمقراطية منتخبة


    ولان الموقف المصري يرى ان يجلس السودانيون تحت العلم المصري باعتبار ان السودان لم يكن دولة ذات سيادة ولا علم له رأي الزعيم إسماعيل الأزهري وأعضاء وفده ان الأسلم ان يكون للسودان مقعده الخاص به طالما ان به حكومة منتخبة ديمقراطية ووافق المؤتمرون ان يمثل السودان فكان ان جلس الزعيم الأزهري في المقعد المخصص للسودان


    وقام بوضع منديله الأبيض فوق القلم ليكون رمزاً للسودان الذي لم يكن له علم حتى ذلك الوقت وتسبب هذا الموقف في نشوب أزمة بين حكومتي السودان ومصر ولكن نجح العقلاء في الطرفين في تجاوز هذه الأزمة الطارئة بينهما.


    وبعد العودة من باندونغ قام الزعيم الأزهري بجولة في أرجاء السودان استفتى فيها جماهير الحزب الاتحادي والشعب السوداني عامة حول آرائهم حول ما إذا كانوا يريدون الاتحاد مع مصر او الاستقلال وكانت هذه الجولات بمثابة استبانة لمواقف الشعب السوداني وكانت مرجعية للقرار التاريخي الذي اعتقد الناس ان الزعيم الأزهري فاجأ به العالم بعدم الوحدة مع مصر


    بعد ذلك بدأت تنشأ اشكاليات داخل الحزب الوطني الاتحادي ومع اقتراب عملية الجلاء التي دشنت باقتراب عملية تقرير المصير بعد عام من الجلاء بدأت كثير من التحركات فكان ان سقطت ميزانية حكومة الازهري وهو يودع آخر جندي بريطاني من السودان واعتبر الازهري ان سقوط بند من الميزانية يعني سقوط حكومة بأكملها وهي بمثابة سحب ثقة عنهما فقدم استقالته فوراً..


    واثر استقالة الازهري نشأت حالة من الغضب العارم لدى الشعب السوداني في كافة انحاء السودان وخرجت المظاهرات مطالبة بعودة حكومته واحاطت المظاهرات بدار اربعة نواب علم عنهم وقوفهم ضد الميزانية وكانوا نواباً في الحزب الوطني الاتحادي واثر هذا الضغط الشعبي عادت حكومة الزعيم الازهري للحكم بعد (4) ايام،


    واجيزت الميزانية بأغلبية النواب من جديد بتصويت الأربعة نواب لصالح الميزانية وشهدت هذه المرحلة لقاء عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني بعد فرقة دامت (50) عاماً ونجم عن لقاء مطالبتهما بقيام حكومة قومية تمثل جميع الأحزاب وكانت الحكومة آنذاك حكومة الحزب الوطني الاتحادي ولعل تلك الحكومة التي ترأسها الأزهري كانت اول وآخر حكومة ديمقراطية يشكلها حزب واحد.


    واحدث البيان الذي اصدراه بعد لقائهما الشهير حراكاً سياسياً كبيراً ونشأت ضغوط داخل الحزب الاتحادي والبرلمان ترمي لقيام الحكومة القومية وفي هذه الاثناء وفي جلسة البرلمان في 15ديسمبر1955م اعلن ان اعلان الاستقلال سيكون من داخل البرلمان في 19 ديسمبر من ذات العام وكانت مفاجأة من العيار الثقيل لان الفترة الانتقالية كان قد تبقى لها اكثر من عام وفعلاً في يوم الاثنين المواقف 19ديسمبر اجتمع البرلمان السوداني ليعلن استقلال السودان بإجماع تام من النواب


    وفي الاول من يناير 1956 تقدم الزعيم الأزهري من دار البرلمان الى القصر الجمهوري الذي كان يرفرف عليه أعلام الاستعمار وقام هو وزعيم المعارضة محمد احمد المحجوب بإنزال علم الاستعمار ورفع العلم السوداني وبعد تحقيق الاستقلال اعتبرت بعض الجهات ان الوقت بات مناسباً لتأخذ نصيبها من كعكة السلطة وكانت المناورات السياسية واستمرت الدعوة لانشاء حكومة قومية وتحقق ذلك بعد ثلاثة اشهر من اعلان الاستقلال.


    وفي يونيو 1956م تم إسقاط حكومة الأزهري وجلس في مقاعد المعارضة وتولي رئاسة الوزراء عبد الله خليل سكرتير عام حزب الأمة في حكومة عرفت بحكومة السيدين.


    وتذهب الروايات انه قبل اسقاط حكومة الازهري جاءه عدد من ضباط الجيش واخبروه ان لديهم معلومات ان حكومته سيتم اسقاطها من قبل البرلمان وعرضوا عليه ان يقوموا بانقلاب عسكري لصالحه ولكنه رفض ذلك بشكل قاطع وقال لهم لولا اني اعلم وطنيتكم لامرت بالقائكم في السجن «فوراً» وهذا يعكس تمسكه بالديمقراطية.


    وبعد ذلك سلمت حكومة السيدين الحكم للقوات المسلحة في17نوفمبر 1958م. بعد قيام انقلاب الفريق ابراهيم عبود وقاد الازهري المعارضة وساهم عبر الحزب الاتحادي مع حزب الامة في قيام الجبهة الوطنية المناهضة للحكومة العسكرية وتم ايداعه السجن ونفيه لسجن نواكشوط وبعد ثورة اكتوبر الشعبية في عام 1964م انتخب نائباً برلمانياً وانتخب بعد ذلك من داخل البرلمان رئيساً لمجلس السيادة «رأس الدولة».


    وفي عام 1968م طرحت فكرة الجمهورية الرئاسية كصيغة لحكم السودان ونالت هذه الفكرة التي ابتدرها الحزب الاتحادي القبول وكان يفترض ان تكون اول انتخابات رئاسية في عام 1970م وقدم الحزب الاتحادي الزعيم اسماعيل الازهري مرشحاً عنه لرئاسة الجمهورية وقدم حزب الامام الهادي المهدي وقدم اليساريون بابكر عوض الله وظلت الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية قائمة الى ان قطعها انقلاب مايو 1969م حيث تم من جديد اقتياد الازهري للسجن


    وبعد ثلاثة اشهر من الانقلاب قضاها الازهري بسجن كوبر توفي شقيقه الأوحد على الازهري في 19 اغسطس سمحت السلطات للازهري بالمشاركة في تشييع اخيه وفعلاً شارك في مراسم التشييع وفي ذات اليوم تعرض لنوبة قلبية نقل على اثرها لمستشفى الخرطوم ومكث فيها اسبوعاً الى ان وافاه بها الاجل المحتوم في 26 أغسطس 1969م وانطوت بذلك صفحة مشرقة من تاريخ السودان.


    الخرطوم

    =====
    http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?pagename=Bayan%...ge&cid=1051779903173

    (عدل بواسطة sympatico on 02-11-2004, 11:56 AM)









                  

02-12-2004, 02:44 AM

ahmed babikir

تاريخ التسجيل: 08-22-2003
مجموع المشاركات: 1183

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منديل الازهري فجر أزمة بين مصر والسودان في بادونغ (Re: sympatico)

    لا تحضرني الا كلمات الشقيق صلاح سطيح
    منذ رحيلك ابتاه ولازلنا نقاتل......
    مدد يا ازهري مدد......
                  

02-12-2004, 06:17 PM

Hani Abuelgasim
<aHani Abuelgasim
تاريخ التسجيل: 10-26-2003
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منديل الازهري فجر أزمة بين مصر والسودان في بادونغ (Re: sympatico)

    حررت الناس يا إسماعيل

    الكانوا عبيد يا إسماعيل

    و الكل بقى سيد يا إسماعيل

    و الناس ما بتعبد يا إسماعيل

    شي غير خلاقا يا إسماعيل

    و أعلامنا ترفرف يا إسماعيل

    فلنرجع تاني يا إسماعيل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de