رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 08:06 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2004, 12:12 PM

خالد الحاج

تاريخ التسجيل: 12-21-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني





    رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني

    شجرة مباركة تستحق السِقاية بماء العيون! ‹ *›




    *- مبتدئاً بالتعريف: هذه رسالة وصية !. ولأن طابعها مفتوح، فهي تسعى ما وسعها السعي، إلىكل ذي فكرٍ ونظرٍِ داخل الحزب الشيوعي السوداني وخارجه على حدٍ سواء.

    *- الحافز المُحَرك: قلقٌٌٌ وجودي حميم، إلتزام مُتحرر من قيود ومثالب نمط التفطير الوثوقي وعبادة " أصنام المعرفة "، إنشغال مهموم بقضايا المُعدَمين والمُهمشين والمُجردينَ من كافة اسباب السلطة والجاه وعلو المكانة لا شفيع ولا وجيع ولا صوت ، هجسْ مستديم بمآل أحوال الحزب الذي أمضيتُ شطراً من حياتي عاملاً فى صفوفه قبل ان أغادره فى التسعينات من القرن الماضي

    *- شِعبَة الإرتكاز: قناعة لَم يُكفنها غبار الزمن و"تَلبُك" الأحداث، لَم تزعزعها شماتة المغرضين وهزء الساخرين وهمز الجاهلين وقذف المرجفين وكيد الخصوم السياسيين، لم تنل منها كذلك مرارة الإحباط وسوس القنوط وخذلان المشاريع الطوباوية وبوار أحلام اليقظة النهارية وكساد النظرية فى سوق السياسة السودانية، ولم يجرفها من "القيف" إلى بطن "الدوامة" الهدارة "هدام" التصدعات الكبرى والإنهيارات الكونية، التي اصابت قِسماً غير هين من حركة اليسار السوداني بالذهول والخرس ودوار الرأس وفقدان الإتجاه وسوداوية المزاج وعشى البصيرة والبصر وتَعْشم الفكر والإحساس الخانق بإنسداد الدروب وإنغلاق الأفق، الأمر الذي قد يدفع دفعاً لتسليم الرقاب –فى خنوع- لسطوة حكم القدر او لمشية المُتنفذين فى شئون البشرْ [ إنها حقاً أعراض ومظاهر حالة نموذجية تصلح لمناهج التحليل النفسي فى منسخته السودانية ]

    *- دافع إضافي: تنامي ظاهرة بعينها داخل "صَريف" الحزب الشيوعي السوداني وخارج نطاقه التنظيمي أيضاً، يُعبرُ عنها تعالي نبرة أصوات يكسوها طابع الأسف والحسرة والتفجُع على سنوات العمر المسروقة وعبث الجهد المبذول ولا مردودية العرق المسكوب والوقت المهدر فى تأدية وتنفيذ واجباب ومهام العمل الحزبي ! وكأني بأصحابها تلك الأصوات تفصلهم خطوة واحدة – مجرد خطوة لا غير- عن المطالبة جهراً وعلناً بتعويضٍ مناسبٍ ومجزٍ يعادل "فاقد" العمر والشباب الذي ولى دون رجعةٍ، زائداً ربا الفائدة !!. وكأني باصحاب تلك الأصوات كانوا يغطون فى سبات دهري عميق تحرروا من أسر سلطانه بعد لأي ومشقة، وإستفاقوا يتحسس كل إمرء منهم "أناه" التى كانت ولأمدٍ طويلٍ نسياً منسياً، فى تلك السنين الخوالي، عندما كان الجميع فى تسابق محموم – يحملُ فيه الضريرُ المُقعد- يسترخصون فيه الغالي والنفيس، مُضحين بالأنا – التى صارت الآنإن اصحاب تلك الأصوات ينسون أو يتناسون أو لا يدركون [ جميع هذه الإفتراضات عندي بنفس القدر من السوء ] أن المُوَاطنة الحقة ليست حزمة من الحقوق والطيبات والمُتع فحسب، بل هي أيضاً مجموعة من الواجبات المستلزم تنفيذها والتضحيات الواجب تقديمها والضرائب الإجتماعية التي لا مفر ولا مهرب من سداد فواتيرها كفرد عين لا كفاية، إن أراد المرء الإحتفاظ والتمتع بحق الإنتساب ودفء الإنتماء للكيان الإجتماعي/السياسي المُعين.

    *- الشجرة المباركة: إن الشتلة التى أودع ساقَها الغضه طين السودان نفر من الشباب المتميز فىأربعينات القرن الماضي، وناطحوا لأجلها سحائب السماء، وإجترحوا المآثر – الواحدة تلو الأخرى- دفاعاً عن حقها ونصيبها فى الضوء والماء وذادوا عن حياضها بجسارةٍ ونُبل أسطوري لا يُبارى، وزكوا عُودها النامي بطهارة اليد والقلب واللسان، وإقتدوها بمهجهم فى ساعة الإمتحان العسير، عند الخط الفاصل بين الموت والحياة، حين زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الجبال أثقالها وعصف الخوف وإصطكت الركبُ وتراخت العزائم وجحظت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتعالت فى الجو صيحات الهزيمة: ياليتني كنت ترابا !، تلك الشتلة الطيبة التى تكرم شعب السودان مانحاً اياها خير الأسماء وأجَلَها وأكثرها مصدقية فى التعبير الدقيق والمُحْكم عن نزوعه وتطلعه لمجتمع تسوده روح العادلة والمساواة والكفاية، لهي فى أمس الحاجة إلى من يتولها بالسِقاية ويغمرها بالعناية ويتعهدها

    ان الحزب الشيوعي السوداني بخيره وشره، بغضه وقضيضه، بغثه وثمينه، بإنتصاراته المقيمة وإنكساراته الأليمة، ما يزال نماء شجرته ضرورياً وحيوياً في بيئةٍ جافةٍ مثل عتمور السودان، احالها "مَحْل" التقليدية والتأخر الإقتصادي والإستبداد السياسي وفساد الحكام وتنازع الهويات وإنطفاء فبس التنوير والمعرفة العقلانية وغياب العدل وسلطة القانون وإنعدام المساواة وإختناق مؤسسات المجتمع المدني الراسف فى أغلال الدولة الشمولية القاهرة – أحالها إلى صحراء بلقع لا يتسَيدُها سوى صوت الريح وعبثها فى الفراغ !





    عثمان محمد صالح / هولندا

    عضو سابق بالحزب الشيوعي السوداني

    Email: osmanmsalih @hotmail.com









                  

01-26-2004, 02:28 PM

esam gabralla

تاريخ التسجيل: 05-03-2003
مجموع المشاركات: 6116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: خالد الحاج)

    الاخ عثمان والاخ خالد
    تحيه و تقدير
    شكرآ على فتح باب جديد على احدى المواجع القديمه المتجدده,اعتقد ان الكثيرين/ات من ابناء وبنات الشعب السودانى تطحن اذهانهم اسئله مماثله واخرى تذهب فى هذا الاتجاه او ذاك....انا منهم وحولى ومعى مجموعه من الاصدقاء والصديقات نتحاور كلما وجدنا الى ذلك سبيلا,منهم اعضاء/عضوات نشطين/ات سابقين/ات او.. او,المدهش ان هذه التصنيفات من تجربتى الخاصه ما عادت تمثل المعيار الرئيسي لموقع الشخص المعين فى تيار التغيير والتحديث والاستناره فى السودان (اعود مره اخرى بتفصيل لهذه النقطه)
    اشد على يدك لفتح حوار ناقد جاد موضوعى يخرج من ثنائيه نحن/انتم,والمحاكمات جاهزة الاحكام...لانى اعتقد ان القضيه اكبر من حاضر ومستقبل الحزب الشيوعى ويتجاز هذا لمستقبل مشروع الديمقراطيه ...العداله الاجتماعيه المساواه والتنوير

    كل الاحترام
                  

01-26-2004, 09:54 PM

esam gabralla

تاريخ التسجيل: 05-03-2003
مجموع المشاركات: 6116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: خالد الحاج)

    اعتقد ان هذا الموضوع مهم,و لا اكون موهوم براي
    ولا...


    "مافيش فايده..غطينى وصوتى يا صفيه" زى ما قال سعد زغلول لزوجتو
                  

01-26-2004, 10:23 PM

بهاء بكري
<aبهاء بكري
تاريخ التسجيل: 08-26-2003
مجموع المشاركات: 3519

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: خالد الحاج)

    عثمان محمد صالح
    خالد الحاج
    عصام جبر الله
    لكم التحيه وانتم تنتفون شعيرات الوجع

    لفتح هذا الحوار والخروج منه بنتائج لابد من العمل لاشراك الافيال التي ساهمت في هذا الركوض وهذا النفور والكل اصبح يتحدث باسم الماضي وبهذا الشكل لا اعتقد ان هنالك من يتحدث بالآن ،
    عصام وخالد
    اعتقد ان لكم القدره في استنطاق الافيال التي التزمت الصمت وغادرت الساحات التي تدافع فيها عن حياة ذاك الكيان المؤسسي والذي مازال يدفع بكثير من الرفاق والزملاء في معارك لن تنتهي ابدا
    وعاش نضال الحزب الشيوعي السوداني ضد ابناءه الذين يعملون على موته،،،،،،
    وعينك في الفيل ما ضله كلا ندريه مانضلا،،
    لاتخفو جراحكم فالجراح اوسمه

    شكرا جميلا لكم ولابد من المواصله ان جاز السفر
    فيصل عباس
                  

01-26-2004, 11:29 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: بهاء بكري)

    للصديق العزيز عثمان محمد صالح ؛
    معزة خاصة في نفسي؛ وهو قد اثر في ؛
    بقدر ما يحتمل ان اكون قد اثرت فيه؛ او يزيد ...

    لهذا فان دعوته لا يمكن ان تمر من دون صدي ؛
    من طرفي ..

    سارجع برد مفصل ....

    عادل
                  

01-27-2004, 00:58 AM

خالد الحاج

تاريخ التسجيل: 12-21-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)

    الأعزاء الأفاضل..
    جاءتني المشاركة الثرة أعلاه من الأخ عثمان بواسطة الصديق علي العوض
    ورأيت نشرها دون تقديم لكسر الجمود ولإثراء الحوار وما خيبتم ظني..
    ومرحب بيكم..ولي عودة.
                  

01-27-2004, 08:27 AM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: خالد الحاج)

    وصلتني الرسالة من الصديق الهميم علي عوض ، وحسنآ فعلت بتعميمها عبر البورد، وهي تستحق حوار جاد حولها ، وهو أيضآ يستحق ( عنزنا العرجه) الذي ما زلت أغني له ( الما من شعبنا ما منك ، عشقآ قدامنا أتارنك ،، للشمس بتمشي مبارنك ، فخرآ للشعب السوداني والطبقة العاملة الثورية) وما زلت أرتجيه وأتطلع لأن يكون مؤئلآ لمشروع حداثي وطني ديمقراطي ، وأن يسعى بتجربته وتاريخه وإمكانات كثيرة كامنة وعضوية تواقة للتغيير ، أن يلم شتات الفكرة وتبعثر قواها وتوزعها بين التنظيمات ، وأن يكتشف صيغة جديدة ،ووسائل جديدة ، ومواعين و أدوات ومبادرات ، تلبي طموحنا في حزب جماهيري ذي وزن.
    وفي أذن عثمان محمد صالح أهمس ، إذا كان ( مايزال نماء شجرته ضروريآ وحيويآ ) لماذا لا تسحب الإستقالة! وتشارك من موقع العضو الناقد والمبادر في نماء شجرته.
                  

01-27-2004, 09:42 AM

Abuobaida Elmahi
<aAbuobaida Elmahi
تاريخ التسجيل: 08-15-2003
مجموع المشاركات: 693

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: خالد الحاج)

    العزيز خالد
    وعثمان
    أرجعتني هذه الرسالة الوصية ، بالغة الحكمة ، والتي من
    كمال الرأي السديد لزمن ندر بحركة كان فيها أختلاف
    المختلفين مع حزبهم الشيوعي في كامل وسامته ـ أقصد تحقق
    أختلافهم كفعل منتج ومفيد ، قدم معرفة وافرة ـ وان لم
    يتبينها كثيرون ـ لهم ولحزبهم السابق ولشعبهم كذلك .
    وهؤلاء المختلفين الذين فارقوا حزبهم لم يفارقوا مسيرته ولا
    غادرتهم كل تلك الآمال العظام في ضرورة نجاة شعبهم من
    كل الويلات التي جرعها لهم اليمين المخصي ، وهم ليسوا شخوصا نقرأ أسمائهم في كتب التاريخ ، ليسوا رجال يحكي
    لنا عنهم بل أحياء يرزقون قدموا لحزبنا كل شئ وقاسمونا
    نحن الذين ما زلنا بحزبنا الليالي البهيمة في بيوت
    الأشباح وحملوا معنا ببطولة نادرة هم هو همهم ولم ينتظروا جزاء ولا شكورا ..
    أن مأثرة الذين كعثمان يا خالد هو أنهم لم يأسروا أرواحهم الكبيرة في قالوا وقلنا وشغل المشاطات ، الشكل
    والنبايش علي طريقة مصريات حواري القاهرة الفقيرة
    فسموا بأختلافهم وأجبروا الشيوعيين لأرتقاء ذات السلمة.
    فالتحية لك ولعثمان الذي رأي فينا رأيا حسنا ولعلي
    بالرغم من اختلافي مع معظم ما ساهم به في المناقشة العامة أختلافا كبيرا تحية وأحترام .
    أبوعبيدة الماحي
    أمريكا ـ كلفورنيا
                  

01-27-2004, 11:03 AM

Khalid Eltayeb
<aKhalid Eltayeb
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 1065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: خالد الحاج)

    عصام جبرالله

    سنشارك في هذا الحوار و سندلو بدلونا و شهادتنا دفاعا و اتهاما. أدينا فرصة نكتب اولا off-line ثم نعود.
                  

01-27-2004, 02:43 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: Khalid Eltayeb)

    رسالة إلى عثمان محمد صالح:
    الحزب الشيوعي أم وجه الشعب والحقيقة؟*

    (إلى عبد العظيم محي الدين؛
    حيا كان أم ميتا؛ وأينما حل وحيثما كان..)

    (1)
    ظللت أتابع باهتمام وحرص؛ ما يكتبه شقيق روحي وصديقي القريب – البعيد؛ والذي فرقتني وإياه ا الأيام؛ وان لم تفرق بنا المودة؛ عثمان محمد صالح؛ عن صيرورة الحزب الشيوعي السوداني. وقد علمت من كتاباته؛ انه قد استقال من عضوية الحزب الشيوعي في التسعينات. ورغم أني لا اعرف حيثيات استقالته؛ فلا شك عندي مطلقا؛ إنها قد انطلقت من مواقع نبيلة؛ لا هزيلة؛ ومن موقع الحريص علي شعب السودان؛ لا المتهرب من الميدان؛ ومن موقع الثوري المخلص لثوريته؛ لا المنكسر أو المتساقط؛ كما تعودنا أن نقول عن الخارجين من الحزب الشيوعي؛ يوم كنا أعضاءا فيه؛ وكما يقول الكثيرين من أعضاءه الحاليين؛ حول رفاق الأمس القريب.
    (2)
    وعثمان محمد صالح لمن لا يعرفه؛ إنسان بكل معني الكلمة؛ وأديب مرهف؛ ومناضل ثوري. اخذ عن أهله النوبيين؛ الصراحة والوضوح وقول الحق؛ الذي يصل أحيانا إلى درجة الجلافة والإحراج. كما اخذ عن مدينته عطبرة؛ روحها الشعبية؛ ونفسها الكادح الذي يبقي في الإنسان؛ مهما ابتعد به الزمان عن ورشها وكتاحتها وبيوتها الطينية؛ وأخذ ثوريته وتوتره المبدع؛ عن نهر عطبرة الجارف المتمرد غريب الأطوار؛ الذي يجف لشهور؛ ليفيض في شهور اخري؛ وكانه ثوري فوضوي تتحكم فيه روح غريبة من الكسل والهيجان؛ ورغبة متناقضة في إعطاء الحياة والتدمير؛ تحلق به وتعشعش فيه وتعذبه وتدفعه؛ من منابعه العالية؛ في تلال اكسوم الشامخة؛ حتى يصل إلى منتهاه في مدينة الحديد والنار.
    (3)
    فليكن ما يكن؛ وليكن أن بعضا من افضل بنات و أبناء شعبنا؛ ممن اتجهوا بوجدانهم وقلوبهم يسارا ذات حين؛ وولجوا صفوف الحزب الشيوعي ذات يوم؛ وقدموا له من الجهد والحب والعرق والإخلاص والدم والمحبة والدموع والعمل؛ ما لم يقدموه حتى لأهليهم؛ أو لانفسهم؛ حين تهيأ لهم انه الأمير الجديد؛ وانهم في نضالهم عبره؛ إنما يرتقوا بإنسانيتهم؛ ويخدموا الشعب؛ ثم البشرية جمعاء. ليكن أن بعضا من هذا البعض؛ قد خرج من تلك الصفوف التي ولجوها ذات يوم؛ وتغرب في ذاته أو في بلده أو في الخارج؛ واهتدي بعضهم إلى منابر جديدة؛ بينما ظل البعض الآخر ممزقا ما بين حلاوة وذكريات الانتماء القديم؛ ومرارة الواقع الحاضر؛ وانسداد الطرق أمامهم؛ فمن يا تري هو المسؤول؛ عن هذا الانهيار العظيم؛ في وسط صفوف كان يمكن بها اقتحام السماء؛ وإطفاء الشمس وإشعالها من جديد؟
    (4)
    عن ماذا يعبر مثال علي العوض؛ هذا الغريب في حزبه؛ ومثال عثمان محمد صالح؛ هذا الذي ترك الحزب رسميا؛ ليبقي فيه قلبا وشعورا وطموحات؟ أي قوة خرافية تجعل من شخص يري في تنظيما شجرة مباركة؛ تستحق أن تسقي بماء العيون؛ بعد أن خرج منه؛ والخروج من الحزب الشيوعي؛ والتنظيمات العقائدية كافة؛ أشبه بقطع القلب اجزاءا؛ بسكين غير حاد ؟ أي معني يمكن أن يكون لنداءات عثمان محمد صالح؛ ولصرخات علي العوض؛ والحال فيما يصرخون فيه وعنه وله؛ يسير من سيئ إلى اسؤأ ؟ لماذا خرج عثمان من الحزب الشيوعي؛ ولماذا استقال منه علي العوض ورجع إليه ثلاثة مرات؟ كيف يدعو عثمان محمد صالح لسقاية هذه الشجرة بماء العيون؛ وهو قد تركها واعيا مختارا؟
    (5)
    ينطلق عثمان في كتابته الآنية؛ وفي كتاباته السابقة؛ من روح الأديب الشاعر؛ ويبدو هذا جليا في لغته و أدواته المستعملة. يكتب عثمان كتابة تخاطب القلب؛ وتخاطب الشعور؛ وتزدهي بالكلمات؛ ولكنها تخلو من الوقائع؛ أو تتناولها بعمومية. ما معني أن يقول عثمان: "إن الحزب الشيوعي السوداني بخيره وشره، بغضه وقضيضه، بغثه وثمينه، بانتصاراته المقيمة وإنكساراته الأليمة، ما يزال نماء شجرته ضرورياً وحيوياً في بيئةٍ جافةٍ مثل عتمور السودان." ؛ دون أن يحدد لنا ما خيره وشره؛ وكم هي نسبتهما إلى بعضهما؛ وما الذي يسود الآن في هذا الحزب من أحد هذين المتناقضين؛ وغيرها من المتضادات؟ لم يقل عثمان لنا؛ ما الذي اجدب بحياة السودان؛ وجعلها عتمورا؛ وما دور الحزب الشيوعي في ذلك؟ لم يشرح لنا عثمان؛ كيف يريد لشجرة قد جف ساقها ؛ وماتت جذورها؛ وسقطت أوراقها؛ وعزت ثمارها؛ ولم تعد إلا هيكلا خشبيا ينتظر السقوط؛ أن تينع وتنمو من جديد ؟
    (6)
    تجربة الحزب الشيوعي؛ تستحق فوق الانفعال الأدبي؛ جهدا علميا صارما؛ يناقش المنطلقات الفكرية لهذا الكيان؛ ثم يناقش البنية التنظيمية له؛ والمسلكيات القيادية؛ وطرق تربية العضوية؛ والمواقف السياسية والمصيرية ... ثم يعالج كل هذا في إطار البنية الاجتماعية السودانية؛ وفي إطار حراك القرن العشرين الهائل؛ الذي انداحت موجاته ووصلت السودان؛ وانفعلت بها حياة المئات والآلاف من البشر المشاركين في الفعل السياسي؛ والملايين من بسطاء الناس؛ ممن مارسوا حياتهم البسيطة؛ ولكن وقعت عليهم الأحداث؛ كما تقع عليهم الأمطار والسيول والجفاف والحروب والصواعق ؛ فدفعوا ثمنها فقرا وعوزا وموتا وقتلا ونفي وتشريد. إن دور عثمان وغير عثمان؛ أن يقوموا بهذا الجهد النقدي التحليلي الكببير؛ ليكشفوا من أين أتى خير الحزب الشيوعي؛ ومن أين نبع شره؛ وأين نري سمينه؛ وأين هو غثه؛ الخ الخ من مكونات هذ الجهد التاريخي النقدي؛ ممن لا تحله الكلمات الرشيقة؛ ومخاطبة المشاعر وحدها.
    (7)
    ثم إن هذا الجهد النقدي العظيم؛ ليس غاية في ذاته؛ و إنما هو مدخل لتحديد موقف. فإذا وصلنا إلى أن الشر اكبر من الخير؛ والغث اكثر من السمين؛ والانكسارات اعمق من الانتصارات؛ كان من واجبنا أن نحارب هذا التنظيم ؛ وان نطلق عليه رصاصة الرحمة؛ وان نحرق ما تبقي من هيكله الخشبي. أما إذا تبين لنا العكس؛ فما علينا إلا الدفاع عنه دفاع المستميت؛ والعض عليه بالنواجذ؛ وسقاية شجرته بماء العيون؛ وريها بالدمع والعرق والدم؛ عساها تورق وتزهر من جديد‍ . إن أي موقف وسطي هنا؛ لا يجدي؛ ولا يليق؛ وليس هو من شيم عثمان؛ ولا رفاق عثمان.
    (
    إن موقف عثمان محمد صالح بالاستقالة من الحزب الشيوعي؛ يوضح كيف كان تقييمه النهائي؛ وأنا اعرف عثمان جيدا؛ لادرك أن ما دفعه للخروج من الحزب هو الشديد القوي؛ وليس هو تعب وانكسار وإحباط الخ ؛ مما يدمغ به المهووسون الآخرين. من هنا فأنا لا افهم دعوات عثمان الحالية؛ إذ هل يريد للآخرين؛ أن يواصلوا ما تركه هو عن قناعة؟ وهل لو كان مقتنعا بما يقول؛ أليس من الأجدى والأكثر مصداقية؛ أن يرجع لصفوف الحزب الشيوعي؟ وما موقع كل هذه الكلمات الحارة؛ والانفعال الإيجابي بالحزب الشيوعي؛ من واقعة استقالته التي يكرر الإخبار عنها؛ في كل رسالة بهذا الصدد ؟ وما سر هذا التناقض الغريب؛ أن لم يكن هو تناقض العقل الذي يعرف؛ والقلب الذي يرفض الاعتراف؟
    (9)
    كما لم تعجبني إطلاقا؛ نبرة عثمان الأبوية والأستاذية؛ المليئة بالتقريع واللوم؛ تجاه " تعالي نبرة أصوات يكسوها طابع الأسف والحسرة والتفجُع على سنوات العمر المسروقة وعبث الجهد المبذول ولا مردودية العرق المسكوب والوقت المهدر في تأدية وتنفيذ واجباب ومهام العمل الحزبي !". وليوضح عثمان لنا هنا؛ هل كل هذه المشاعر؛ لها سندها من حيثيات الواقع؛ وهل لم يبذل هؤلاء المناضلين؛ الغالي والرخيص؛ ليقبضوا السراب؟ ؛ وإذا كانت إجابته بالتأكيد؛ كما يري أصحاب الأصوات هؤلاء؛ فليوضح لنا إذن؛ من المسؤول عن هذا؛ وليقدم لنا منهجه لمعالجة هذه الجراح الحقيقية ؛ والمشاعر الأليمة؛ بدلا من السخرية من اصحابها؛ في الوقت الذي يجلس فيه المسؤولون الحقيقيون عن ضياع الجهد والعمل والوقت وسنين وحياة الشباب الغض؛ علي قمة الهرم الحزبي؛ منتشين بكهانتهم ؛ معاقرين لفشلهم التاريخي؛ ومعطلين لطاقات المناضلين؛ يطلق البعض ما يزال حولهم البخور؛ بينما تضم اتباعهم المنافي والسجون والمستشفيات والقبور.
    (10)
    إن الإنسان هو القيمة الأولى والمطلقة؛ لا يتم بدونه شي؛ ولا قيمة لشي خارجه . ومن هذا المنطلق؛ فليست "المُوَاطنة الحقة هي فقط مجموعة من الواجبات المستلزم تنفيذها والتضحيات الواجب تقديمها والضرائب الاجتماعية التي لا مفر ولا مهرب من سداد فواتيرها كفرد عين لا كفاية"، و إنما هي أيضا "حزمة من الحقوق" ؛ لا نحسبها في دائرة "الطيبات والمُتع" ؛ ولا نقيمها من باب "التمتع بحق الانتساب ودفء الانتماء للكيان الإجماعي/السياسي المُعين"؛ و إنما ننظر لها كحقوق طبيعية وإنسانية واجبة التنفيذ؛ يشكل انتزاعها وحجبها جريمة في حق الإنسان؛ سواء أتت من نظام حاكم؛ أو قيادة حزب معارض. وقد قام هؤلاء الشرفاء من أعضاء الحزب الشيوعي بواجباتهم كاملة؛ والتي بلغت في حدها الأقصى تقديم الحياة قربانا ؛ فماذا اكتسبوا من حقوق في المقابل؛ وهل كانت هناك حقوق للعضو أصلا ؛ في هذا الكيان المتسلط علي الفرد؛ الممتص لرحيق حياته دون مقابل يلقاه؛ إلا الهزء والاستخفاف والجحود؛ بعد سنين طويلة من التضحيات والواجبات والجهود؟
    (11)
    إن عثمان رغم خروجه عن صفوف الحزب الشيوعي؛ لا يزال يتطلب من أعضائه أن يقدموا التضحيات دون مقابل؛ وان يقوموا بواجباتهم دون حقوق؛ وان يسقوا بماء العيون؛ شجرة لم تقدم لهم إلا الشوك؛ ويطالب بهذا كذلك من هم خارج الحزب الشيوعي. إننا نعرف بعضا ممن تحدث عنهم عثمان؛ ونعرف انهم إنما كانوا يطالبوا بالحقوق لكل الشعب؛ وانهم ما كانوا ليطلبوا تعويضا؛ أو يشعروا بالحسرة؛ لو أتى جهدهم اكله في المجال العام. ولكنهم راؤا أحلامهم تتبدد هباء؛ والوطن يسير القهقرى؛ فحق لهم أن يسألوا عن عائد جهدهم؛ وكيف ولماذا وأين قد ضاع.. ولا تستيقظ مثل هذه المشاعر المريرة؛ في اناس غيريين؛ إلا في زمن الهزيمة والانكسارات. فليسأل عثمان إذن المسؤولين عن الهزيمة؛ ممن لا يزالوا يتمتعوا بثمار جهد الآخرين؛ عن كيف أهدروا جهد المناضلين؛ وكيف غيبوا حقوقهم؛ وسحقوا آمالهم؛ واورثوها الحسرة والآلام؛ بدلا من أن يحاسب الضحايا؛ كونهم يتحسروا علي الجهد المضاع؛ وسنين الشباب المهدرة التي لن تعود.
    (12)
    لقد سرت تقريبا في نفس طريق عثمان؛ وارتبطت بالحزب الشيوعي ارتباطا؛ ما كنت احسب له من فكاك؛ وما أظنه سيتحقق لي مع أي من الأشياء أو الأحياء؛ إلا أني عندما آتى الوقت؛ قد ضغطت علي فلبي ومزقته نتفا؛ من اجل وجه الحقيقة؛ ومن اجل الحلم الأولى. إننا يا عثمان لا نعبد ولا يجوز لنا أن نعبد الهياكل والأشجار؛ خاوية كانت علي عروشها أم يانعة ؛ و إنما نقيم ونحترم كرامة وحقوق الانسان؛ ونتوجه نحو الحقيقة ؛ ونبتغي وجه الشعب. وكل ما دون ذلك إلى زوال. ولهذا نضغط علي أنفسنا ونسير ألي الإمام؛ بحثا عن كل ما يفيد الإنسان والحقيقة والشعب. وفي هذا الدرب قد سار الكثيرون؛ ممن لا يريدوا سجن أنفسهم في الماضي أو الخيال؛ ولا يرغبوا في أن يغلقوا أعينهم عن الوقائع ؛ ودخلوا في معمدانية الألم والقطع والنار ؛ لكيما تطهرهم من الأوهام؛ وتدفعهم إلى الأمام.
    (13)
    هل يكف عثمان محمد صالح؛ عن البكاء علي الأطلال أذن؛ وينخرط في أي مشروع سياسي أو مدني أو إبداعي؛ عام او شخصي؛ يستجيب للحلم الأول؛ أم سيظل يراوح في مكانه؛ مرددا الأهازيج عن القديم الذي كان؛ متجاهلا الواقع المر المتكون؛ وبراعم الجديد الذي يمكن أن يكون ؛ وتاركا ما كان نجمته الهادية وحلمه الأول ذات يوم؛ يضيع في ثنايا إعادة الروح إلى هياكل خاوية؛ لم يعد عقله مقتنعا بها؛ وان كان قلبه لا يزال يحن إليها؛ وهل يقدم جهده وعرقه وصوته قربانا لصنم ليس فيه من خير الآن ؛ إلا لكهنته وحواريهم ؛ أم يرجع إلى صفوف الشعب؛ سر بداية الأشياء؛ ويشاور ذاته ويسمع لها؛ ويبحث عن ما ينفع الناس؛ دون أن يضرهم ولو بالقليل ؟

    عادل عبد العاطي
    27 يناير 2004

    *ردا علي رسالة عثمان محمد صالح: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني شجرة مباركة تستحق السِقاية بماء العيون!

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 01-28-2004, 00:49 AM)
    (عدل بواسطة Abdel Aati on 02-01-2004, 03:31 PM)

                  

02-01-2004, 01:15 PM

Al-Masafaa
<aAl-Masafaa
تاريخ التسجيل: 04-25-2002
مجموع المشاركات: 1586

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى من يهمه الأمر: الحزب الشيوعي السوداني (Re: Abdel Aati)

    كل عام و انتم بخير
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de