|
عاد الجنيه اكثر قوة ...واختفى الدينار الذى ارتبط بالدمار
|
هيئة التحرير | كتاب مشاركون |مجموعة الوسائط |
الصفحة الرئيسة اخبار مع الاحداث الإرشيف البحث
مناظير حزام السلام النارى !!
زهير السراج
* مبروك عودة الجنيه الى الحياة مرة اخرى ، بعد ان قُتِلَ بدون وجه حق ، واستبدل بمسيخ الطعم واللون والرائحة المأسوف على شبابه «الدينار» .. حيث نصت اتفاقية اقتسام الثروة بين الحكومة والحركة الشعبية على تغيير العملة ، وقال الدكتور أمين حسن عمر عضو الوفد الحكومي المفاوض فى مقاله الاسبوعى بصحيفتنا يوم السبت الماضى ، ان الطرفين اتفقا على ان يكون الجنيه السودانى هو العملة الرسمية للدولة خلال الفترة الانتقالية ، وبرغم ان الدكتور صابر محمد حسن محافظ البنك المركزى ، حاول فى مؤتمر صحافى مشترك صباح امس مع السيد وزير المالية د. الزبير احمد حسن ، ان يغلف حديثه عن العملة المرتقبة بغلاف دبلوماسى ، ولم يفصح بوضوح عن اسم العملة التى ستحل محل الدينار، الا انه رجح ان يكون «الجنيه» الذى يحبه السودانيون ومن بينهم محافظ البنك المركزى - هو العملة المرتقبة . وقد سألته عن القيمة المتوقعة للجنيه ، هل ستكون هى قيمته الحالية ، أم سيأخذ قيمة الدينار ، أم ستكون له قيمة ثالثة؟ ، فأجاب بأنه سيأخذ قيمة الدينار الحالية - اى ان الدولار الامريكى ( وهذا التوضيح من عندى ) ستكون قيمته ما يعادل مائتين وسبعين جنيه سودانى فقط .. أنعِم واكرم ! * وفى الفرصة التى اتيحت لى فى المؤتمر الصحافى، سألت السيد وزير المالية عن خططهم لسد الفجوة الكبيرة في الايرادات التى ستنشأ باقتسام عائدات البترول مع الاخوة في جنوب السودان .. فقد خططت الحكومة في ميزانيتها هذا العام ان الايرادات المتوقعة للبترول والمقدرة بحوالى مليار واربعمائة مليون دولار امريكى، ستكون ملكاً حراً لها ، ووضعت على هذا الاساس برامجها وخططها ، ولكن ربما يتوصل الطرفان المتفاوضان الى اتفاق سلام فى أى وقت هذا العام ، والمرجح ان يحدث ذلك قبل منتصف الشهر القادم ، فكيف ستتصرف الحكومة ازاء هذا الوضع الجديد ، الذى سيعطى نصف ايرادات البترول للجنوب اعتباراً من بداية مرحلة ما قبل الانتقال ، أى بعد توقيع الاتفاق مباشرة ، الشئ الذى سيربك البرامج والخطط الحكومية ، خاصة وان ستين فى المائة من نصيب الحكومة في ايرادات البترول تذهب في العادة لتسديد قروض وخدمة قروض اجنبية ، وان عائدات البترول تسهم في تمويل الموازنة العامة للدولة بأكثر من ستين فى المائة ؟! * اجاب السيد وزير المالية بأن قسمة البترول لا تشمل كل العائدات ، وانما صافى العائدات بعد خصم مصروفات الترحيل ونسبة الـ 2% من العائدات التى ستذهب للولايات ( أو ما اسمته اتفاقية الثروة - حساب موازنة عائد النفط والولايات .. والتوضيح من عندى ) ، بما سيخفف من الآثار السالبة على الموازنة .. الناجمة عن قسمة العائدات بين الجنوب والشمال .. الا انه اعترف بان الحكومة لابد ان تبحث عن بدائل تسد بها الفجوة المرتقبة ، مثل تقليل الانفاق الحكومى ، وتأجيل بعض بنود الميزانية الى العام او الاعوام القادمة .. وغيرهما من البدائل الاخرى ، التى لم يعط تفاصيل واضحة عنها ، ويبدو ان وزارة المالية لم تكن تتوقع « أو لا تتوقع» ان يتم التوقيع على اتفاق السلام .. هذا العام ، فوضعت ميزانيتها للعام الحالى على هذا الأساس ، وها هى الآن فى موضع لا تحسد عليه ، ومطلوب منها ان توفر ما لا يقل عن ستمائة مليون دولار على الاقل للصرف على الميزانية ومواجهة الديون الخارجية - تحت ظل شح شديد في الايرادات المالية .. وتوقف جميع الصادرات الاخرى ، ما عدا البترول الذى صار فيه للحكومة شريك وفريك * واذا كانت الحكومة تستطيع ان تؤجل بعض بنود ميزانية هذا العام للأعوام القادمة .. فهل تستطيع ان تؤجل او تمتنع عن الايفاء بالتزاماتها الخارجية المبرمجة سلفاً ؟! * كل هذا يدل على ان السلام ، بمثل ما ستكون له فضائل ونِعم ، ستكون له تبعات قاسية ، خاصة في الفترة الاولى ، قبل ان تُرفع العقوبات المفروضة على البلاد ، وتنهمر المعونات والقروض الاجنبية ، وينصلح الحال .. وأول هذه التبعات ارتفاع حاد فى الاسعار ، وتضخم لا قبل لنا به !! * وعلينا جميعاً ان نتنبه لذلك ، ولا نغرق فى الاحلام .. حتى لا تصيبنا الكوابيس ، وتفسد متعتنا بالسلام القادم ! * ويجب ان نستعد جميعاً لربط حزام السلام على البطون الخاوية واولنا حكومة جمهورية السودان .. الى ان يأتى الفرج .
|
|
|
|
|
|