دراسة : محاولات لفهم النص الجديد،...... للمهتمين

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 00:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-03-2004, 03:11 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دراسة : محاولات لفهم النص الجديد،...... للمهتمين


    دراسة - محاولات لفهم النص الجديد

    أولاً : جاذبية النص

    كيف يستطيع نص ما أن يكتسب جاذبيته‚ ويتفاعل معه المُتلقي بلهث دون توقف؟ عادة ما يتفاعل المتلقي مع كل نص يتقاطع مع همومه الذاتية‚ يجد فيه مرآة لما يبحث عنه‚ بناء دراميا لأحلامه المتهشمة‚ وإعادة تركيب لما ضاع منه‚ وما سيفقده في عالم لا يعرف الحياء‚ لكن هذه القاعدة لا تحيط بكل جوانب الصورة‚ فالهم الإنساني ليس واحدا‚ وأحلام المتلقين قد لا تتقاطع مع ما يعكسه النص‚ هذا يعني ان هناك من سيتقبلون النص الجديد‚ ومن سيرفضونه‚ وهذا طبيعي‚ لكن توجد نصوص لها القدرة على معايشة كل زمان‚ والتقاطع مع كل هم انساني‚ بقدرتها الشفــــــافة والخفية على استــــــقطاب الحاسة المجهولة في الإنسان‚ تلك التي لا يمسها فعليا‚ إلا من امتلك ناصية الابداع‚ وآلياته التي لا تتأتى لأي فرد‚ الفــــــعل الابداعي‚ اشارة لما نحسه وما نعيشه‚ ما نكونه‚ وما نرغب ان نكونه‚ هو صــــــــــورة مطـــــــلقة لرغبة الوجود الإنساني‚ ونزوعــــــــه المبدع نحو فضاء يجد فيه المتــــــــقي عالما مفقـــــــــــــــــودا‚ كان يؤدى ذات يوم‚ يقول كونراد: الفن محاولة لاضفاء ارفع نوع من العدالة على الواقع‚ إذ ان الواقع يظل بلا عدالة‚ وما ينشده الإنسان‚ ويعجز عن تحقيقه في حيز الوجود‚ يستطيع ان يقترب منه بالمحاولة‚ في حيز الفن‚ فالنص محاولة لكتابة ما عجزنا عنه في مسيرة وجودنا‚ هو رؤية تستلهم حياتنا‚ وتعيد تجديدها ورسمها في محيط وليد‚ غير مألوف‚ يشبه واقعنا‚لكنه لا يشبهه ابدا‚ ومن هذه البؤرة يولد الابداع‚ فالابداع خلق من العدم ان توجد ما لا شبيه له من قبل‚ ما لم يكن‚ ليس مجرد محاكاة‚ او تقليد‚ او اقتفاء للأثر‚ وهو نهر لا تنقضي محركاته‚ ومستفزاته‚ اذا ما توافرت شروط ميلاده في ذات المبدع‚ الذي لا يظل مجرد مرآة لمجتمعه‚ هو أبعد من ذلك‚ هو يبني مجتمعا لم يكن‚ وليس بالضرورة ان يكون مجتمعا فاضلا‚ هو مجتمع "أسطوري"‚ والأسطورة فيه مقامها الغرابة والحداثة‚ وتناصف ما بين الواقع والخيال‚ وفي حركة الابداع‚ وبحثا عن كل غير مسبوق‚ تتولد حركات التجريب الباحثة عن اشكال وقوالب جديدة تُسكب فيها العدالة الوهمية المنتجة من خلال النصوص الأدبية‚ وتكون أحيانا القوالب بوصلة تقود الكاتب‚ في حين يغفل المضمون‚ والقالب لا يعني مجرد الفراغ الشكلي الذي يُصب فيه ماء الذاكرة‚ فقد يتخذ أشكالا أخرى‚ فهنالك كُتّاب يكون قالبهم عنوان النص‚ او جملة المبتدأ‚ أو الحبكة الدرامية‚ او جملة المنتهى‚ أو ‚‚ هي قوالب شتى ينام فيها المضمون‚ ومن الصعب على المتلقي ان لم يكن متخصصا ان يفرز ما بين مُركب المضمون ومُركب القالب‚ لأن كيمياء النص عسيرة‚ لا تصلح معها قواعد الملاحظة الأولية‚ تحتاج الى عيون أخرى للرؤية‚ وقد تفشل‚ حتى لو أنها ارتدت ثوب التخصصية احيانا‚ يدور جدل في أحيان كثيرة عن تغليب النص في نجاحه على القوالب‚ او المضامين‚ لكنه جدل غير سليم‚ يحاول ان يفصل خيطا واحدا ممتدا‚ يصعب قطعه‚ وهو ليس خيطا ماديا‚ هو أشبه بخيط يأتي على صورة ما تنتجه الطبيعة في تقلباتها ما بين النهار والليل‚ وفصولها المتباينة‚ يظل دائما‚ وأبدا‚ هناك نزوع نحو انتاج الجديد‚ لكن الجديد محفوف بالمخاطر التي تعوقه‚ لتقول: هو مرفوض‚ إذا لم يتقاطع مع متطلبات الحاسة المجهولة‚ تـــــــلك التي بإمكانها ان تشير الى ان نصا ما قادر على اختراق الحاجة الإنسانية‚ وسبر أغوارها في سبيل ان يكون هناك ما هو أفضل وأبقى‚ النصوص الكونية‚ وحدها‚ تختزن مفردات البقاء‚ والتحايل لصالحها من أجل وجود أبدي‚ يجعلها فاعلة لا تموت‚ لها سطوتها‚ وقدرتها في بناء الإنسان الجديد‚ بما يُستلهم منها من معانٍ‚ وشروط صالحة لقيادة فكرة العدالة‚ وستبقى "العدالة" هي جوهر ما يتطلع اليه كل نص فاعل‚ مبدع‚ يقوم على مسارات الحوار المدهش مع الغد‚ ان الغد هنا‚ ليس مجرد ما نفهمه في ادراكنا لمعنى الزمان الفلكي‚ لكنه الغد‚ الذي يشير الى ان هناك امكانية‚ وحقيقة حاضرة‚ لتحقق المستقبل‚ وتصالح الظروف القائمة‚ مع فضاء رحب جديد‚ يقول بمــــــــــيلاد الأمل‚ ذلك الــذي تحـــــــمله النصوص الخلاقة.

    ثانيا : واقع لا يعرف السحر

    إذا كانت التيارات الجديدة في الرواية في أميركا اللاتينية، قد حكمت على أسلوب الواقعية السحرية بالموت، وأعلنت بديلا له، أسلوب المواجهة مع الواقع الجديد بكل ما يتضمنه من وقاحة، وقصف للذات، فهل يعني ذلك أن التيار الذي ظل بأذهان النقاد الغربيين بوجه خاص، قد حمل نعشه، ورحل إلى الأبد؟ وكيف يستطيع النقد قراءة روايات انغرست في المتشكل الأدبي العالمي برؤية جديدة، أم أنه سيقوم باسقاطها من الحسابات، مركزا القراءات على الأساليب الوليدة. مهما كانت النتائج المترتبة على انقلاب أميركا اللاتينية، فإن الواقعية السحرية لن تموت بشكل عاجل، لكنها ستعيد تشكيل ذاتها وفق مناهج مستحدثة في الكتابة، تخترق جدران الواقع الجديد، لتعمل على بناء هذا الواقع بمنظور ساخر، يستبطن داخله نوعا من الدهشة، التي هي مواز فاعل لمفهوم السحر في الأدب. ففي روايات كتبت قبل فترة التحولات في التسعينيات من القرن الماضي، نجد نزوعا مبكرا نحو استنطاق فضاءات جديدة للواقع السحري، عبر السخرية اللاذعة، كما في رواية من قتل بالمينو موليرو لماريو فارغاسيا، الذي استعمل فيها المباشرة، والأسلوب القصصي البوليسي، دون أن يفقد النص قدرته على عكس مرايا الحياة الضحلة في طرقات مدن تعالج الموت بمزيد من الدمار الذاتي، الذي يحكم على إنسانها بالتشرد، ويشظي أناه مغربلاً إياها لأنا مفتعلة مارقة. ويبدو أن خطى الأدب الروائي في أميركا اللاتينية ستسير نحو انتاج روح المدن الملعونة بإنسانها المعذب القذر، لكن رؤية هذا الأدب من الخارج ستحتفظ بمكانة لن تزاح عنها، وهي قدرة الكتاب هناك على إحداث المزيد من الدهشة. ومجازا، سيتم استعاضة كلمة سحر بكلمة جديدة، لا تهمنا كثيرا، في إطار وجود مناخ عام، يقول لنا بفاعلية هذا الأدب في تحريك هوامش الاضطهاد البشري، وانكسار الإنسان أمام ثقل واقعه الاجتماعي، والسياسي، وتحت مسغبة الحياة التي لا تنتهي، بل تتبدل بلون جديد، في واقع لا يعرف السكون، حتى لو كان سكونا محظيا. لقد نجح الأدب الروائي في القارة الجنوبية على مد العديد من الكتاب في العالم، خلال القرن العشرين بإيماءات هيأت لهم أن يكتبوا بروح تعايش وتقترب من هموم الطبقات التحتية في المجتمعات، وتسخر من ثقافة جنرالات الحروب، الذين دمروا شفافية الإنسان. وكان ذلك يتقاطع في ذات الآن، مع نقد قوي ومؤسس للإنسان الغريب، بمعنى أن ذلك الأدب لم يتعاطف مع الفوقي والتحتي، واعتبر أن هناك أزمة مركبة قوسها الإنسان. لم تكن مائة عام من العزلة مجرد قراءة في واقع أميركا اللاتينية اتخذ الواقعية السحرية ملاذا له، يغلف من ورائها عالما من الدهشة، أو كما سخر منها الكتاب الجدد، في كونها لم تلتحم مباشرة مع هواجس الإنسان الجديد، بل كانت رؤية استقرائية أرادت أن تقول بأن زمن الكتابة لم يحن بعد، وأن على الإنسان أن يجرب، فالتجربة هي التي ستخلق مساحات الوعي المستبعد عن أبجديات الاقتراب من وجودنا، ونحن نبحث عن المغزى. دائما، ستظل هناك ثورات، وصرعات، واستبدالات للقديم بالجديد، لكن ما سيبقى هو كل أدب فاعل له القدرة على الديمومة، وملامسة عاطفة الإنسان الغريب عن واقعه، متى كان، واستطاع أن يفهم أن وراء كل إشارة رمزا، وأن رموز العالم لا تؤطرها رحلة الإنسان القاسية

    ثالثا : لا..!

    اذا كانت مساحات ما بعد الحداثة في الادب العربي قد حاولت ان تعيد رد الاعتبار للذات العربية في ظل انكسارها واستقصائها عن منظومة الابداع القادر على بناء وتشكيل مجتمعاته فان هذه المساحات لم تفلح بشكل مؤثر في رد الاعتبار والخروج بالذات المبدعة عن عزلتها دعك من ان يكون لها تأثير فعال على مستوى انتاج حركة جديدة في المجتمعات تساهم في استنطاق حركتها نحو المستقبل. ودائما ظلت هناك فراغات عميقة ما بين سلطة المثقف المفقود وقدرته على التأثير الى الدرجة التي اصبح فيها المثقف العربي محاصرا من كل الاتجاهات لا يقدر على امره ولا يساهم في انتاج معرفة جديدة ذات ابعاد استراتيجية في البناء الثقافي المنهجي الذي يعمق لذاته بتفاعل كبير يتم معه من جانب المستقبل والمنتج بعد ان يعيد تشكيل النص في مفاهيم حديثة لم تتولد عند الولادة الاولى وقد تبدو مثل هذه الرؤى مغلفة بشيء من الاحباط الذاتي وعدم اليقين الكافي بقدرة المثقف على ابداع ماهو فعال لكن من مبدأ جوهري يؤمن بطاقة الابداع في حركة المجتمعات فان هناك حاجة قصوى للتفكير في ثقل المهمة التي يجب ان يأخذ بها المثقف العربي وهو يلتزم طريقه في ان تكون له فاعلية تحدث نقاط انقلاب وتحولات جذرية في المجتمع يكون لها سطوتها على الابعاد الاقتصادية والسياسية دون ان تفقد هذه التحولات قدرة مجتمعنا على التمازج مع التراث بشكل مستحدث يرد الاعتبار له ويجعله قوة هائلة خلاقة تعمل على بناء الامة بنحو جديد. لهنالك على كافة المستويات نوع من الارادة الجديدة المستبطنة التي لم تناقش بشكل جاد وربما كانت محاولات الاقتراب منها تقترب وتبتعد في ظل مثلث "التحريم" بيد ان هذه الارادة اذا ما تم تحريكها بدرجة فوقية وبوعي ذكي اظن انه سيكون لها دور في "قولبة" العديد من القيم وفق منظور كوني، يؤمن بأن الإنسان العربي الجديد لا شك هو قادم، من وراء غيظ الانكسار، واستهزاءات الواقع المرير. لكننا في ذات الآن، نحن في أشد الرغبة لأن نعيد التفكير في مفهوم "المبدع" بشكل جديد يماشي مفاهيم الثورة الرقمية ولا يعني هذا أن نصبح مجرد ناقلين ولكن ذوات لها القدرة على المساهمة في الحضارة الإنسانية بوعي خلاق، تستمده من المزج الدقيق بين مفاهيم التراث والمعاصرة. اعادة رد الاعتبار لمفهوم "المبدع" تعني انفتاحا نحو فضاءات لم تكن تخطر على البال العربي من ذي قبل، تتجاوز حدود المتشكل في الذهن، بما يجعل الأدب أو الثقافة أو الابداع يخضع فقط لحصانة اللغة، وقيد عصا، في ظل عدم قدرة لغتنا على التطور بسبب العديد من القيود الذاتية التي ساهم للأسف بعض من نسميهم بـ "الرواد" في ترسيخها. المبدع الجديد هو انسان ملتزم تجاه مجتمعه، ولكن برؤى غير مسبوقة، نساهم جميعا في كتابة بيانها الأول، إذا ما توافرت لدينا الطريقة في تأسيس وعي جديد لإنسان عربي جديد، يتجاوز حدود "المقولب" التقليدي، دون أن يكون ذلك التجاوز مناسبة سعيدة لإحداث نوع من الصدام، الذي نحن في غنى عنه، مع أي تيارات ذات رؤية غير كونية، بمعنى مباشر رؤية تؤسس ذاتها على تجسيم العالم، وإعادة فكرة الوثنية. نحتاج لرد الاعتبار للمبدع ولتجريد مفاهيم وعينا وأنظمة الحراك الاجتماعي والاقتصادي بحيث نتجاوز عصر "التجارة البكماء" الى "التجارة الناطقة" و"الثقافة الخرساء" إلى "الثقافة الواعدة" بكل ما نملك من سلطة هي في دواخلنا، نعجز عن الخروج بها، بقيد حاصرنا به ذواتنا به ونعرفه حق المعرفة، لكننا لا نحاول أن نكسِّره، ونقول له: "لا

    رابعا: النص الجديد في التفاصيل الصغيرة

    التفاصيل الصغيرة التي تحاصر حياتك تقترب بك من فكرة الموت‚ بقدر ما تحمله من شحنة ودافعيات قوية تجاه الحياة‚‚‚ دائما‚ نحاول أن نفسر ألغازنا بتجريدها من فكرة اللغز بمنطق العقل‚ لكن عقولنا لا تنفك تقع في دائرة اللغز‚ وهي نتيجة حتمية وطبيعية لواقع نعيشه يحاصرنا بالاسئلة المتكررة‚ تحاول الرواية في عالم اليوم ان تكون ملحمة تفسر اسئلتنا عن الوجود من حولنا‚ لكنها في خلاصة مخاضها‚ تحركنا بمزيد من ثمرة اللغز‚ والتنحي جانبا لصالح هواجسنا‚ واقترابنا من ذاتيتنا المزورة‚ عندما نكون اشياء تعيش بفكرة الحلم‚ وأن نكون مجرد حلم ملفق لا يعرف مدارك تكونه الحقيقية‚ أو يقترب من تفسير اللغز‚ الرواية الجديدة والتي ما نزال نحبو في طريقها‚ ربما تفسر لنا كثيرا من معتركات السؤال عن الذات والموضوع‚ والعلاقة مع الكون‚ بما يجعل الاقتراب من محيط المعاش اكثر جدارة ‚ لكن اشكاليتها في تكوينها المستغرب الذي لا يتقاطع الا مع الوعي الجديد بمركباته الاكثر تعقيدا‚ في ظل صراع الانسان نحو مبتغاه ووجوده‚ في حركته الدائرية في عالم لا يعرف الخطوط المستقيمة‚ إن التزام النص الابداعي الجديد بحركية دائرية‚ تتقاطع عندها الرؤى مع عالم الاسطورة الذاتية للكاتب او المستقبل‚ تجعل ذلك النص ممهورا وبشكل مخيف للاستقصاء‚ بحيث يصير مهمشا لدى محاورته أو تناوله‚ ولا يحدث هذا الاستقصاء كرغبة من محاور النص‚ ناقدا كان أم مستقبلا‚ وإنما يحدث بدرجة من اقتراب المحاور من «أسطرة» النص في حيزه الجديد‚ في ظل واقع يتهمنا بأننا لا ندرك ملابساته‚ قد تكون كثير حقائق الرواية الجديدة مهمشة حتى الآن في عالمنا العربي‚ بسبب الاستفزاز اللامرئي الذي يمارس ضدنا‚ في غربتنا الجائعة ونهر حياتنا المنسد بلوثة الإنكسار‚ لكن هذا لا يمنع من أن نجدد مدى علاقتنا بهذا النوع الجديد من الكتابة اللامتوقعة‚ اذا كانت الرواية الجديدة هي رواية تفاصيل محملة وهامشية فهي نص مبدع يقترب من فكرة موته بشحناته القوية تجاه الجذور اللامرئية لواقعنا البربري ولا يكتفي النص الجديد بغايته او سبيله في صناعة حلم الواقع لكنه ينكسر بنا نحو افق بعيد‚ واحيانا نحو فضاء غير مشاهد لكنه معايش بدواخلنا في مساحات نفكر فيها عندما تلامسها العواطف المعطلة‚ ستظل هناك فضاءات مستبعدة عن النص الجديد في واقع القراءة المباشرة لكنها محفوظة بالخوف في دواخلنا وهي موجودة في النص عندما ندخله من غير بوابته التي يحاول الكاتب ان يحددها لأن سلطة الكاتب وحتى النص الجديد تظل قائمة في ظل عدم التحرر والأنا التي تحاول ان تقترب من مطلقها الذاتي فتعجز‚ هناك اسئلة جديدة لا بد من طرحها اذن‚‚ ولكن قبل ان تطرح لا بد من التفكير في منتج المبدع الجديد

    خامسا :الكتابة وهذيان الدماغ

    اشعر احيانا وكأنني افقد السيطرة على حركة اناملي‚‚ إني اتساءل عن سر هذا الوفاق الغريب والسريع بين حركة اليد وهذيان الدماغ بمثل هذه الكلمات عبر جورج اورويل عن علاقته مع الكتابة وهو يعاني المرض منتظرا رحيله عن العالم بعد ان انتهى من كتابة روايته الساخطة ضد الاشتراكية واستعباد الانسان‚ الرواية التي حملت رقما اسما لها 1984م ووجدت صدى واسعا عندما نشرت في عام 1949م بعد روايتيه الرائعتين مزرعة الحيوان 1944 وايام بورمية 1934‚ دائما هناك منابع مجهولة للابداع والكتابة عند العباقرة من الذين غيروا انظمة العالم المشاهد لنا عبر ما قدموه من ابداعات عندما تكون الكتابة اكتشافا جديدا للعالم بقدر ما تحكي عن المعاش في حياتنا ‚ محاولة قراءة هذه المنابع واستكشافها مهمة صعبة شغلت المشتغلين في حقول المعرفة بسائر انواعها من الفلاسفة الى المفكرين الى علماء النفس والاجتماع وغيرهم‚ وبالطبع كانت هناك محصلات لهذه المحاولات من الاستكشاف لكن ليس ثمة نتائج نهائية تجزم لنا بالأمر وتكشف اين يقع ذلك النهر المجهول‚ ما الذي يحرك دافع الكتابة عند المبدع؟ هل هي مجرد الرغبة في البحث عن نوع جديد من العدالة لعالم يفتقد لهذه العدالة اي البحث عن ارفع عدالة يمكن ان تصنع بها الانسانية وجودها وترسم مسارها نحو الافق البعيد ‚‚ العدالة في حد ذاتها لا تبدو مبررا كافيا لتحريك دافعية الكاتبة لان هناك ما وراء هذه الدافعية المباشرة من حركات خفية كالتي تحدث عن جورج اورويل مسميا اياها في تجربته الخاصة بـ الوفاق الغريب بين حركة اليد وهذيان الدماغ اذن الدماغ وفي منظور اورويل يهذي لينتج ابداعه‚ هل تكون الكتابة نوعا من الهذيان اللاارادي لاعادة اكتشاف الحياة؟ الهذيان مفردة تجر وراءها مفردات اخرى عديدة منها الجنون‚ السحر‚ اللاوعي ‚‚ الخ‚ جملة هذه المفردات تحيل مشروع الكتابة الانساني الى عمل مرتبط بعوالم مجهولة قد يكون مصدرها الدماغ البشري او خارج الدماغ‚ في حالة الدماغ البشري مصدرها للهذيان - الكتابة فان الاشتغال هنا يكون مرتبطا بالجوانب المتعلقة بعلوم النفس والتشريح وفي الحالة الثانية فان الاشتغال يرتبط بعلوم الروح والمايتا فيزيقيا الما ورائيات‚ تظل علاقة المبدع مع الكتابة مجنونة خفية لها طريقها من مبدع لآخر ولها انفعالاتها وهذيانها بطرق مختلفة ومهما كان شكل هذه العلاقة فان الكتابة الجميلة التي تدغدغ الروح الانسانية لها مذاقها الخاص وسحرها وكيمياء وجودها الذاتي‚ تذهب توني مورسيون الى ان علاقتها مع الكتابة نشأت من فكرة بسيطة تقول: متى تكتب انت تكتب عندما تحس بأن هناك كتابا تريد انت تقرأه ولم يكتب ‚‚ انت الذي سوف يكتب هذا الكتاب الغائب‚ لكن كيف تكتبه‚ وهل تنجح في مهمة هذيانك؟








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de