|
|
 ندوة لندن حول كتاب: السودان : اقتصاد الانقاذ والافقار الشامل
|
السودان : اقتصاد الانقاذ والافقار الشامل
عبد العزيز حسين الصاوي
تتلخص المساهمة في ثلاث محاور علي الوجه التالي :
( 1 ) ايحابيات الكتاب :
رغم ان المؤلف ليس اقتصاديا متخصصا بل انه لم يكمل تعليمه الجامعي ( اختار التفرغ للعمل السياسي وهو في السنة الثانية من كلية الهندسه بجامعة الخرطوم في زمن كان فيه المهندس يساوي وزنه ذهبا ) الا ان كتابه يعكس معرفة حيدة بهذا المجال.
بصورة خاصه تلفت النظر في الكتاب الدقة الاحصائية ومصداقية المصادر بأعتبارها مصادر رسميه .. ثانيا :الفصل بين ميول المؤلف السياسية والفكريه وتقييمه لسياسات النظام الاقتصاديه اذ يورد الايجابيات اينما وجدت( قطاعي البترول والنسيج ).. موضوعية في التناول.
من اهم احزاء الكتاب الفصل الخاص بأثر السياسيات الاقتصادية فيما يتعلق بعملية الافقار الشامل ( ص 69 ) فهو فصل مدروس بعناية كبيره وتحليل سليم يورد الظاهرة في ابعادها المحلية والدوليه وفي هذا السياق يبدو وكأنه يتنبأ بما يجدث الان في دارفور. اهمية الفصل في تقديري تتجاوز ذلك الي كونه يصلح كقاعدة متينه للاطلال علي الظاهرة المتحكمة في تدحرج السودان المضطرد نحو التدهور خلال العشرين عاما الماضيه وهي ظاهرة ترييف المدن ويمكن شرحها بأقتضاب علي النحو التالي: الهجرة العشوائية والكثيفة نتيحة عملية الافقار من جنوب السودان وغربه بالذات الي مناطق الوعي الحديث في المدن التي تدهور فيها النظام التعليمي خاصة وبقية مقومات الحياة من الصحه والسكن الخ بحيث عجزت عن استيعاب هذه المجموعات البشرية بشكل سليم يعيد تشكيل عقليتها. ادي هذا الي فقدان هذه المناطق لمقومات الاستنارة التي تتميز بها القوي الحديثه واهم مظاهر ذلك هيمنة التدين الخام وغير المستنير علي العقلية السودانية المدينية واختلال التوازن لمصلحة التراجع والتقليديه لاول مره في تاريخ السودان منذ العشرينيات.
( 2 ) نواحي الضعف في الكتاب
المعلومات والتحليلات حول الصرف غير المنتج في الامن والدفاع بأرتفاعهما المستمر كنسبة من الدخل القومي علي سلامتها واهميتها ينقصها اضافة الصرف غلي الاعلام. الانظمة الشمولية تعتبر الاعلام سلاحها الرئيسي ضد المقاومة الداخلية لسياساتها لذلك تهتم بتضخيمها وتتحول الاجهزة علي يديها الي وسيلة دعايه وتعبئه مجردة اياها من اي دور تنويري واعلامي حقيقي يساهم في تجفيز المواطنين علي الابداع وتعميق الحس بالمسئولية العامه مما يساعد علي الانتاج بشكل مباشر وغيرمباشر. في الانظمة الديموقراطيه الاعلام له مردود انتاجي غير مباشر.
الحزء الخاص بالصناعه اضعف نسبيا بالمقارنة للزراعه.. بعض مصادره الاحصائية غير رسميه او غير مدعومه بمصادر رسميه. كما انه يركز علي الصناعات الكبيره نسبيا وهي السكر والنسيح والبترول مع ان قطاع الصناعات الاستهلاكيه وغيرها له اهميته لانه كاشف اساسي للعلاقة بين السياسات الصناعية للانظمة الشمولية وطبيعتها حيث يكون الدخول في بعضها مرتبطا بالتمهيد لانشاء صناعات عسكريه لااولوية لها في بلد فقير وانما هي اولوية للنظام كدعايه وتعبير عن ميله للحلول العسكريه. كذلك يكشف التركيز علي الصناعات الاستهلاكية عن عحز النظام في معالجة مشكلة الطاقه وتخبط سياسات النقد الاجنبي لديه.
من ناحية اخري تضمنت المساهمة افكارا متصلة بما يطرحه الكتاب بشكل غير مباشر وهي :
( 1 ) ألشفاهيه : كجهد توثيقي مركز يخرق الكتاب عادة الشفاهية المتمكنه في العقلية السودانيه وارجعت المساهمة ذلك الي اسلوب الحياة السودانيه LIFE STYLE ضاربة المثل بتغلغل هذه العاده في العقلية البريطانيه لان كتابة المذكرات الشخصيه عادة ينشأ عليه الطفل منذ صغره يساعد عليها انتظام مواعيد الذهاب للنوم وانتظام حياة البريطاني عموما و
تعامله المنتج مع الوقت.
( 2 ) معيار كفاءة الاداء الاقتصادي لاي نظام : اثبت تفوق النظام الرأسمالي علي الاشتراكي في المباراة الاقتصادية ان مستوي انتاجية الفرد هو العامل الحاسم في هذا الخصوص. هذا مرتبط من جهه بتطور التكنولوجيا وعنصر المنافسه. في الحدود الضيقة التي يتعرض فيها الكتاب للقضية الاوسع في هذا الخصوص وهي المفاضلة بين النظامين فانه يبدو مترددا في القبول بحقيقة ثبوت ميزات النمط التنموي الرأسمالي. تدعو المساهمة الصادرة عن موقع صاحبها في الجناح القومي العربي لليسار الي هذا القبول مرجعة المصدر الاهم لتفوق التنظيم الراسمالي للاقتصاد الي ارتباطه بالديموقراطيه حيث يلعب المجتمع المدني دورا رئيسيا في حماية الثروة القومية من التغول البيروقراطي والفساد وفي تحفيز الفرد لزيادة الانتاج والتاثير علي السياسات الاقتصادية للحكومات بما يحعلها في خدمة المصلحةالعامة كأفراد وجماعات. وفق المساهمه، فأن تعديل النظام الرأسمالي ليتناسب مع ظروف العالم الثالث ممكن ومطلوب ولكنه يبقي محتفظا بسمته الرأسماليه التي تسمح ايضا بأدغام بعض العناصر الاشتراكية فيه لحماية الطبقات الشعبيه من خلال صلته الوثيقة بالديموقراطيه( فسح المجال لقوتها الضاغطه ) وقدرته علي تعظيم الدخل القومي.
تختتم المساهمة بالاشارة لحقيقة لامفر منها علي مراراتها وهي ان المستوي المريع لتدهور الثروة القومية في السودان يجعل الاولوية هي لخلق هذه الثروه وليبس توزيعها والادل من غيره علي التدهور انه حتي الثروة الزراعية التي تعتبر مصدرا غير ناضب بعكس البترول لم تعد كذلك في السودان حيث اثبتت دراسات المانية تفصيليه أن الاراضي القابلة للزراعه اصبحت اقل من 200 مليون فدان نتيحة سوء الاستخدام المزمن في مشاريع الزراعة الاليه . العدل الاجتماعي الحقيقي رهين بتأسيس نظم للعلاج الاولي والتعليم العام المجانيين والي جانبه نظام للضمان الاحتماعي وهذا كله غير وارد دون اقتصاد نام له موارد حقيقيه يمكن تخصيصها لهذه النظم. المعضلة الكبري التي ستواجه اي حكومه مستقبليه رشيده في السودان امينه لتفويضها الديموقراطي هي مواحهة الشعب بحقيقه وجود هذا التناقض المؤقت بين اعادة الحياة للاقتصاد السوداني وتأمين الحد الادني من عدالة التوزيع. وقبل ذلك فأن هذه بالطبع ايضا مسئولية الحياة السياسية والفكرية في السودان تجاه البلاد وتجاه جمهورها.
|
|
 
|
|
|
|
Amin Elsayed
Tumadir
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست