|
حتى يصبح منبرنا نموذجا للديمقراطية المؤطرة بحقوق الإنسان
|
صحيح أن المنبر يجب أن يكون حرا ، وصحيح أنه يجب علينا كلنا أن ندافع عن الفرد لنجعله يقول رأيه ، لكن ما معنى حرية المنبر إذا كان ما يرد فيه يلقي بظلال سالبة على مجتمعنا ، وما معنى أحقية الفرد في قول رأيه إذا كان رأيه هذا مشوها وهداما ولا يخدم احتياجات مجتمعنا ،، سيقول بعضكم فورا : من صاحب الحق في تقييم آراء الناس وتصنيفها والبت في إيجابيتها أو سلبيتها على المجتمع ؟ وهذه بالطبع مغالطة تاريخية يحاول البعض أن يعطل بها حركة الحياة التي يجب أن تسير إلى الأمام لا غير ،، وبعض هؤلاء يحاولون أن يوقفوا عجلة الحياة هذه بحجج مختلفة ، منها العادات ، القيم الاجتماعية ، الدين ،، وينسون كليا أن كل هذه إنما هي وليدة البيئة الاقتصادية / الاجتماعية التي تسود في فترة معينة ،، وأنها ليست ثوابت أزلية إنما هي متغيرة بتغير الحال الاقتصادي / الاجتماعي ، وإلا لكان الحال هو الحال منذ أبينا آدم وأمنا حواء وحتى زماننا هذا ،، وإذا كان الأمر كما يراه هؤلاء الذين يصرخون في وجه التطور ويعترضون عليه باسم العادات والتقاليد والدين ، فإذن لماذا تختلف عادات الناس من بلد إلى آخر ، ومن بيئة إلى أخرى ، ومن عصر إلى آخر ، ومن حضارة إلى أخرى ، ، بل لماذا لم يأتينا دين واحد وبتشريع واحد ولكل البشر على مر العصور ،، أيضا سيقول البعض أن الإسلام هو الدين الذي جاء ليكون دينا لكل البشر وعلى مر الزمان ،، لكن هذا موضوع قد قتله المنبر بحثا وحوارا ، وبالرغم من أن المسلمين متفقين حول هذا الأمر إلا أن غيرهم يعارضه ، كما أن المسلمين أنفسهم غير متفقين في تفسيرهم وفهمهم للنصوص الإسلامية لذا تجدهم متفرقين بين مذاهب ورؤى عديدة ،، وفي كثير من الأحيان تكون الخلافات حادة وجوهرية .. وقد جاء الإسلام السياسي كارثة كونية جرت الويلات لكل بني البشر . الذين يريدون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء لابد أن يفهموا أن ذلك غير ممكن ، وغير مسموح به ، وحين يتساءل متسائل ، من هذا الذي لن يسمح ؟ نقول أن الإنسانية كلها ترفض الرجوع إلى الوراء ، وأنها ستهزم كل محاولة لذلك . والذين يرون أنهم في إمكانهم تمرير أجندة لا تتناسب مع معطيات هذا العصر ومع تطلعات إنسان اليوم ، هؤلاء واهمون يظنون أن سباحتهم عكس التيار ممكنة ،، لكن هيهات ، فكل العالم ارتضى الديمقراطية المؤطرة بحقوق الإنسان والمراقبة من المجتمع الدولي . وللأسف هناك ظواهر عديدة تكشف تراجعا في بعض الرؤى ومحاولة للإبقاء على سوء الحال إن لم يكن هناك سعي لإرجاعنا للوراء ،، فدعاة الدولة الدينية ، ومضيّعي حقوق المرأة ، ودعاة العنصرية ، ودعاة الانغلاق ، والمبررين لهدر حقوق الإنسان ، ومحاربي حملة الفكر المنفتح ، كل هؤلاء يسرحن ويمرحون بحجة أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ،، لكن نقول لهم أن هذا لا يعتبر مستوى من مستويات اختلاف الرأي ، هذه معاول هدم تقف ضد مساعي البناء ، وهذه أدوات جذب إلى الوراء تقف ضد أدوات التطور . وإذا أردنا للمنبر أن يكون حرا فإن حريته تعني هذه الحرية التي تحرسها حقوق الإنسان ، وبالطبع فإن هذا لن يكون ممكنا إن لم يرتق الكثير من أعضاء المنبر إلى هذا المستوى الإنساني من التعامل والفهم العصري للحرية والديمقراطية ، وإن لم يلتزم المنبر بهذا المستوى من الحرية والممارسة الديمقراطية فإنه يكون مساندا لقوى الجهل والتخلف والانحباس داخل الأطر التي تعيق كل تطور ..
|
|
|
|
|
|