ا لطريق إلى «الحضارة».. هل يمر لزاما عبر «الإصلاح الديني»؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 01:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2004, 02:57 AM

Adil Isaac
<aAdil Isaac
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 4105

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ا لطريق إلى «الحضارة».. هل يمر لزاما عبر «الإصلاح الديني»؟

    عن الشرق الاوسط
    نواف القديمي

    يبدو أن دعوات «الإصلاح الديني» باتت «شعار المرحلة» الذي تتبناه غالبية النخب الثقافية والفكرية في العالم العربي بمختلف أيديولوجياتها. حتى أن أحد أشهر وأقدم الماركسيين العرب ركز ـ في حوار لي معه ـ على وجوب إصلاح الخطاب الديني و«تنقيته!!» من تفسيرات وتحريفات حركات الإسلام السياسي.
    وبعد أحداث سبتمبر (ايلول) شغل «الإسلام» كدين وفكر وحركات سياسية كثيراً من دوائر الثقافة العالمية، وغدا المبحث الأهم في أجندة كثير من الدوائر البحثية ومراكز الدراسات الاستراتيجية في الغرب والعالم العربي.
    يرتكز الحديث في قضايا «الإصلاح الديني» و«تجديد الخطاب الإسلامي» على أن الإسلام كدين وكنصوص مقدسة باتت اليوم رهينة لقراءات وتفسيرات نتجت ضمن سياقات تاريخية محددة كانت مشبعة بالصراع السياسي والاحتقان في التعامل مع المختلف الفكري والمذهبي والديني، الأمر الذي أنتج قراءة متشددة وجدية للنص. باتت اليوم ـ هذه القراءة ـ هي المرجعية السائدة للتنظير الفكري والسياسي الإسلامي الحديث، وهو ما يغيب روح الإسلام العالمية المتسامحة، ويحد من قابلية النص للتعاطي مع متغيرات الزمان والمكان، وذلك بقصره على تفسيرات بشرية معينة هي في حقيقتها نتاج المحيط والبيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية السائدة في تلك العصور.
    ولكون المجتمعات العربية والإسلامية هي مجتمعات متدنية. يغدو الحديث عن التقدم والنهضة والحضارة بغير استحضار الدافعية الدينية وعن طريق ممارسة قطيعة مع الإرث الثقافي والفكري والاجتماعي للمجتمعات العربية المرتبط بالدين، أمراً طوباوياً غير قابل للتطبيق. الأمر الذي يستدعي قراءة حضارية للنص تُخرج ما غيبه التاريخ، وتطرح قيم التواصل مع العالم المفتوح وقيم الحرية والتسامح والنهضة والتقدم الإنساني، وتعيد مساحة المشتركات الإنسانية الواسعة، وتدفع باتجاه المدنية والتطور وعمارة الأرض وإقامة الحضارة البشرية. لكن هذه الدعوة للإصلاح الديني لم تلق قبولاً عند قطاع من المجتمع العربي يرى أنها محاطة بكثير من علامات الاستفهام تجعلها «غير بريئة» وغير ناتجة عن رغبة في تطوير الرؤية الإسلامية بقدر ما هي اتفاقُُ مع السياق الغربي الداعي لتفكيك وتجاوز كل الثقافات الرافضة للمنظومة الثقافية الأوروبية. وامتداد للهيمنة القيمية والسياسية للمشروع الأميركي، وطلائع ثقافية ترويجية للزحف السياسي والعسكري الغربي.
    فيما يرى البعض الآخر وجوب فك الارتباط بين «الحضارة المادية» والمنظومة الثقافية التقليدية السائدة في المجتمعات العربية، لكون «الحضارة» هي في حقيقتها معطى بشريا غير مرتبط بدين أو ثقافة أو انتماء. ولا يمكن إقامة مجتمعات حضارية نهضوية متقدمة في العالم العربي ونحن محملون بركام وإرث تاريخي يتطلب منا بذل جهود ضخمة واستثنائية في إصلاحه وتطويره، مما يستلزم تأخير مشروعات النهضة لعقود وربما لقرون حتى تتم عملية الإصلاح الديني والثقافي. وهو ما سيترتب عليه الدخول في معارك مع الاتجاهات المحافظة تستهلك كل لياقتنا وطاقاتنا. إضافة إلى أن نتائجها غير مضمونة.
    ثم لماذا يُطلب منا ألا نتقدم إلى الأمام إلا ونحن مثقلون بعبء إصلاح قرون من التنظير الفقهي والفكري والسياسي هي تشكل اليوم عائقاً ضخماً أمام عجلة التطور والنهوض للمجتمعات العربية.
    أليست الأمم التي بلا تاريخ كالمجتمع الأميركي هي أقدر على النهوض السريع من الأمم المطالبة بإصلاح وإعادة قراءة كل تاريخها وتراثها قبل بناء مشروعها النهضوي كالمجتمعات الأوروبية على سبيل المثال.
    ويبقى السؤال..
    هل الطريق إلى «الحضارة» في المجتمعات العربية والإسلامية يمر لزاماً عبر بوابة «الإصلاح الديني»؟



    تصل المجتمعات العربية لـ«الحضارة» حين تؤمن بالمشتركات الإنسانية وتمارس القطيعة مع البنية المعرفية التاريخية
    عادل الطريفي

    دعونا أولاً، وقبل كل شيء نطرح على أنفسنا سؤالين ضروريين ـ كما يقول المؤرخ الياباني دايساكو إكيدا ـ عن «الحضارة»:
    1- ما هي الحيوية التي تسبب الحضارة؟
    2- ما مصدر هذه الحيوية في الشعوب التي تنتج الحضارات؟
    تتنوع الاجابات على هذين السؤالين، فشرط «الفائض» في الطعام والسلع المادية الأخرى والفراغ يخلق أعمالاً غير اقتصادية كتلك التي يقوم بها الفنانون واللاهوتيون والشعراء. هذه إجابة وهناك إجابات أخرى كثيرة ولكنها لا ترتبط بما يمكن تسميته «الدافعية الحيوية»، التي تخلق للانسان مسببات العيش وتجيبه على أسئلته الوجودية. الدين على سبيل المثال يمكن له أن يجسد هذه «الدافعية الحيوية» فإيمان الناس بشتى المعتقدات الدينية يكسبهم الطمأنينة الروحية في تحمل آلام الحياة، وربما يقودهم إلى الإنتاج والإتقان بحسب «السيسيولوجا الفيبرية». «إن أسلوب الحضارة انما هو تعبير عن دياناتها» حسبما يقول مؤرخ كبير كـ توينبي. ولذلك تضعف الحضارات حين يضعف الدين لأن الخلل في الأخلاق الاجتماعية حينها يعّجل في تدهور الحضارة عندما تواجه خطر البرابرة الجدد. ولكن إذا كنّا نقول بأن الأديان هي مصدر حيوية الحضارات فهذا لا يعني أنها ليست مصدر شقائها أيضاً، فالحروب الدينية التي خاضتها الديانات في تاريخ العالم وحتى اليوم كثيرة وضحاياها هم الأبرياء في الغالب. كما أن الأديان لم تكن في خطوطها العريضة مؤثراً في خلق الرقي الحضاري المتمثل في أنماط الحكم وروائع الفن، بقدر ما كانت عائقاً مستمراً أمام العلوم والفنون الانسانية. إن شعوب إندونيسيا على سبيل المثال حالما تبنّت الهندوسية والبوذية كانت قادرة على إبداع حضارة عظيمة تمثلها روائع أطلال «بوروبدور»، ولكن الشعوب نفسها لم يتح لها أن تنتج أي شيء يقارن بانجازاتها الماضية عندما اعتنقت الاسلام. هل يعني ذلك أن بعض الأديان أقدر من بعضها على خلق روح إبداعية في نفوس معتنقيها؟.. لا أظن ذلك صحيحاً. إن حاجة كثير من البشر للإيمان بالدين هي في إعطائهم معنى روحياً لحياتهم، ولكن بعد ذلك تصبح الأديان غير قادرة على التدخل في تحديد النظم الحياتية للبشر، إنها تفيد في قيادة أخلاق الناس وتوجيههم الوجهة الروحية المطمئنة، ولكنها تخرج عن دورها المطلوب إذا فرضت شروطها على مواضعات البشر السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ونحن هنا عندما نقول دين لا نعني الدين بمعنى الديانات السماوية فقط. فعلى سبيل المثال نشأت ديانات جديدة بعد تراجع المسيحية في الغرب كـ«القومية والشيوعية والحتمية العلمية»، صحيح أنها ليست ديانات تأليهية عبادية ولكنها صور مشابهة للدين من وجوه عديدة، يفصلها بالطبع تطور مفهونا لـ«الأيديولوجيا». ولذلك تغدو المشكلة اليوم حول ماهية الدين الذي نتحدث عنه وطبيعته، وكذلك ماهية الحضارة التي نتحدث عنها. الإسلام على سبيل المثال انتهت حضارته كحلقة في سلسلة طويلة من الدورات الحضارية المصرية والآشورية واليهودية والكونفوشيوسية والمسيحية القديمة، ولكن ما زال الإسلام ديناً راسخاً في قلوب الملايين من معتنقيه حول العالم. هذا تفريق مهم لبداية وصف الإشكالية، أي التفريق بين الدين كـ«نصوص مقدسة وشريعة الجانب النصوصي»، وبين الدين في جانبه التاريخي «الحضارة». دعونا نحاول الإجابة على السؤال المطروح بتساؤل وتفكر أكثر من إدعاء الوثوقية الزائفة التي يفرضها المنطق الأيديولوجي الديني والقومي: الطريق إلى الحضارة هل يمر لزاماً عبر الإصلاح الديني؟.. دعونا نجعل السؤال أكثر خصوصية: هل الإسلام اليوم بحاجة للإصلاح الديني لكي تكتسب الشعوب الإسلامية الحضارة الغربية الحديثة؟ نقول، الحضارة الغربية طبعاً، لأن الحضارة اليوم هي حضارة غربية فـ«الغرب هو من اخترع الديمقراطية وحقوق الانسان والأمم المتحدة والصناعة والتكنولوجيا، هناك مساهمات من دول وأفراد من خارج الحضارة الغربية»، ولكن ما يجمع بينهم أنهم أخذوا بأسباب التمدن الأوروبي. الداعون اليوم إلى استعادة الإسلام للحضارة لا يدركون ما يعنون. إنهم يتصورون الحضارة بمعنى القوة العسكرية في اجتياح العالم، لأنهم لو كانوا يقصدون بالحضارة نظم الحكم والسياسية والعيش فهم يعنون تلك التي شاهدوا آثارها في العالم الغربي. هناك مأزق اليوم في العالم الإسلامي والعربي في تصور مفهوم «الحضارة» أي ما يجعل هذه الشعوب تحقق معنى النهضة المعطلة لأكثر من مائتي عام منذ الاحتكاك بالحضارة الغربية الحديثة. ففي حين يتحدث المصلحون والسياسيون والمثقفون عن ضرورة النهضة واستعادة الدور الحضاري تختلط التصورات عن أطر ثقافية رجعية مشحونة بدلالات الاعتزاز الديني والقومي لا تفلح في نهاية المطاف إلا في زرع نظم ثيوقراطية إسلامية يحكمها رجال دين، أو شمولية استبدادية يفرضها منطق «القبيلة والغنيمة». وهو شيء متكرر في التاريخ الإسلامي، حيث تكون نتيجة الثورات الدينية هي في إعادة إنتاج هذين الشكلين من نظم الحكم. أي أن الإصلاح الديني أو التجديد الديني عبر التاريخ الإسلامي كان هدفه على الدوام استعادة العصر الأول، ولم يكن هناك تجديد بمعنى تجاوز الفهم النصوصي لإحداث «القطيعة التيولوجية» المنتظرة من ثورات الإصلاح. أو كما يصف ذلك عالم الاجتماع إرنست غلتر: «الإصلاح من داخل النص المسلم دون الخروج عليه». ولهذا السبب لم يكن للعقلانية أن تتبيأ موضعها في التاريخ الإسلامي لسيادة البيان والعرفان. هل يمثل الإصلاح الديني الحل؟ الإجابة لا يمكن أن تكون بنعم أو لا في هذه الحالة. فالعالم الإسلامي والعربي بحاجة إلى إصلاح ديني بالمعنى اللوثري البروتستانتي، الذي يمهد للانتقال من المفهوم «الأرثوذوكسي ـ السلفي» لفهم الإسلام إلى فضاء التأويل النصوصي والنقدي للكتب والآثار الدينية. إن إصلاحاً دينياً يهدف فقط إلى معنى من التقريب بين المذاهب الإسلامية وإشاعة التسامح لا يمكن له النجاح في ظل الفهم «الأرثوذكسي ـ السلفي» للدين. وستجد مشروعات من هذا النوع نفسها موؤدة تحت حراب الإصوليين الإسلاميين الذين تتميز إيدلوجيتهم الدينية بأنها «آيديولوجيا اختزالية». ترى الأيدلوجيا الاختزالية أن النزاعات المهمة من وجهة نظر التغير التاريخي تتعلق بهذا النمط الخاص من الرهانات أو ذاك الذي يقضي بحتمية زمانية نسميها في حالتنا هذه بـ«الحتمية الإسلامية»: مؤداها أنه يتحتم في نهاية الزمن الأيديولوجي تحول المجتمع بأسره إلى مجتمع ديني خالص مع سيادة الشرعية الدينية. إن الإصلاح الديني يعني الانتقال إلى «القطيعة التيولوجية»، والتي تقضي فصلاً للسياسية عن الدين. ولكن علينا القول إن الإصلاح الديني لا يقود بالضرورة إلى الحضارة، إذا أخذنا الإصلاح الديني في أوروبا كنموذج فإنه لا يبلغ أهمية أكبر من قطيعة القرن السابع عشر. لأن الإصلاح الديني المسيحي انتهى إلى شطر الكنيسة إلى معسكر بروتستانتي وكاثوليكي، وانبعاث سطحي لتراث الحضارة اليونانية، ولكن ذلك لم يقد إلى زعزعة الأسس الحضارية للقرون الوسطي. بينما يمكن اعتبار قطيعة القرن السابع عشر التي انتهت إلى رفض استخدام السلطة السياسية للمسائل التي تتعلق بالدين هي التحول الحقيقي باتجاه العلمنة المدنية للمجتمع المفتوح. ولهذا يمكن القول أن النواقص التي تعاني منها الشعوب الإسلامية والعربية كـ«العلمانية، العقلانية،الديمقراطية، الحرية، حقوق النساء» لا يمكن بلوغها اليوم لأسباب متعددة وجوهرية قابعة في الداخل وليست مفروضة من الخارج. هناك سؤالان يبقيان أخيرا فيما يتعلق بـ«الحضارة في الفكر الإسلامي العربي»، أحدهما أعيد طرحه من جديد في السنتين الأخيرتين على يد المستشرق الكبير برنارد لويس، والذي طرحه في كتابه الذي يحمل عنوانه نفس السؤال: ما الذي ذهب خطأً؟ أي ما الذي أدى إلى تدهور الحضارة الإسلامية وهي المتمسكة بأهداب الدين والأخلاق؟.. أما السؤال الآخر فيتعلق بالإشكالية التي تواجه هذه الدول القادمة من حضارات غير منافسة اليوم: هل ينبغي علينا الاقتداء بتلك الدول التي نرغب بمساواتها في القوة (وبالتالي نرفض بازدراء تراثنا التقليدي). أم يتوجب علينا على العكس من ذلك تأكيد قيمنا التراثية التقليدية، حتى ولو كان الثمن هو الضعف المادي؟ مثل هذا السؤال الثاني تردد بحماس بالغ في الأدب الروسي خلال القرن التاسع عشر على شكل مناظرة سجالية بين الغربنة والسلافية. كما طرح بحماس بالغ في بواكير النهضة العربية الحديثة حسب عبارات «لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟».. بحسب قراءتي أجد أن من المناسب القول إن هناك خطأً في طرح السؤال بهذه الطريقة: أي ربط التقدم الحضاري أو التأخر بالدين. لأن الإجابة حينها ستكون دينية، وهذا يعني أن النتيجة ستكون عقبى في الدار الآخرة وليست واقعاً دنيويا يصنعه الانسان بنفسه. السؤال الذي أجده أكثر قرباً للإشكالية والمأزق الذي تعانيه هذه المجتمعات هو: كيفية التحول نحو الديمقراطية الليبرالية في العالم العربي؟
    إذا تجاوزنا الاستبداد والفساد السياسي الذي تعانيه الأنظمة العربية التي دخلت زمن شيخوختها بسبب تبدلات النظام الدولي الحديث، فإن الأيديولوجيا الدينية الأصولية التي نشطت في غالبية المذاهب الإسلامية قد أفلحت في نقل المجتمعات من مرحلة الإسلام الشعبي إلى مرحلة الإسلام الأصولي، وهي قد استفادت من التأثير اليساري الذي قاد إلى انفتاح وتفعيل برولتاريا الشعب في الحراك السياسي والثقافي في العالم العربي. ولذلك تبدو العلمانية غير قادرة أبداً على التموضع داخل روح الجماهير المسلمة في هذا المناخ الأصولي. ولذلك ما زال أمام الأصولية الإسلامية نجاحات تحققها في بلدان عديدة ما دامت أنها تمثل روح المعارضة السياسية والثقافية للغرب وللأنظمة العربية. ولكن إذا كنا نقول بأن الحضارة الأممية الآخذة في التشكل اليوم بتأثيرات العولمة الاقتصادية والثقافية وتزايد مساحات المشترك الانساني بين الشعوب، وكذلك زوال الفوارق بين البشر وانتشار ثقافة حقوق الانسان فإن ذلك يعني أن مكتسبات الحضارة الغربية الحديثة ستذوب داخل مشترك إنساني أكثر رحابة منها في المستقبل. أي أن القيم الانسانية التي يتم التحدث عنها ستصبح قيما إنسانية أكثر من كونها قيماً غربية، وهو ماسيشجع اعتناق هذه القيم حول العالم. وبالنسبة للعالم العربي فإنه لا بد في ناهية المطاف أن يتخلص من الأصولية الدينية بعد أن يكون اكتوى بنارها، وعندها قد تتجه أنظاره نحو القيم الانسانية الحديثة متطلباً منافعها العديدة تماماً كما حدث له عندما لمس منافع «الصناعة والتكنولوجيا»، التي جادت بها حضارة الغرب نهاية القرن التاسع عشر. إن التقدم الحضاري لا يعتمد على حيوية الأديان، ولكن الأديان قد تكون عائقاً أمام هذا التقدم.



    أي مشروع حضاري يستبعد الدين محكوم عليه بالفشل و«الإصلاح الديني» قد يوظف لتفريغ الدين من مضامينه
    د. عبد الوهاب الطريري

    وتبقى عبارة الإصلاح الديني حمالة وجوه، ولفظة مجملة يمكن تفسيرها بأكثر من معنى بحسب من يستخدمها، فإذا أردنا الإصلاح الديني بمعناه العام وهو إعادة الناس إلى الدين الصحيح منزهاً عما لحقه من انحراف في الفهم، وما تراكم من أخطاء في حياة المسلمين خلال عصور الركود والانحطاط فسنجد مجالات الإصلاح الديني في الإصلاح العقدي لتطهر العقائد من المظاهر الوثنية والعبادات من غنوصية الغلو الصوفي، وإصلاح علمي يبث الحياة في فقه الأمة وفكرها بحيث يستوعب التلاحق السريع لإيقاع الحياة المعاصرة، وإصلاح الوعي والفكر بحيث نفتح الآفاق للتألق والإبداع.
    والإصلاح بهذا المعنى عملية واسعة ضخمة، ومنجز كبير وهدفه أكبر من العبور إلى الحضارة بل استصلاح عام لواقع المسلمين، وهذا معنى تجديد الدين وحقيقة عمل المجددين في تاريخ الأمة، وسيكون المنجز الحضاري إحدى نتائجه، فإن الإسلام دين حضارة وبالتالي لم ولن يقع في صدام مع الحضارات، وهو بالنسبة لحضارة الغير مهذب أخلاقي، وهذا السر في أن المسلمين في فجر إسلامهم استوعبوا أعظم حضارتين في وقتهم بصورة مذهلة، وكانت بوابة الإسلام أوسع بكثير من الحضارات التي مرت عبرها، ولم يكن بين الإسلام والحضارة جدلية ممانعة بل علاقة صحيحة ممكنة لصناعة الإسلام داخل الحضارة أو صناعة الحضارة داخل الإسلام، ودعنا نكن عمليين، فلو أن قطراً إسلامياً ممثلاً في قيادته الفكرية والسياسية أراد العبور إلى طريق الحضارة فهل سيجد في فهمه لدينه ما يمنعه من إصلاح سياسي يعطي الناس حرية التعبير والمشاركة في الحكم والالتزام بحكم القانون، ومن الأخذ بما هو لازم للدولة الحديثة من مؤسسات اقتصادية وإعلامية وتربوية وإدارية، وهل سيجد ما يمنعه من إقامة علاقات مع دول إسلامية وغير إسلامية يرى من مصلحته إقامة العلاقة معها، ومن الإفادة من كل أنواع العلوم التقنية وتوطينها في قطرهم، هل سيجد ما يمنعه من الاجتهاد لإيجاد حلول لمشكلات عصره لا تتنافى مع الكتاب والسنة بحسب الفهم المجمع عليه (أما ما لا إجماع عليه فلا إلزام فيه).
    إن الإجابة عن ذلك ستكون بالنفي وستكتشف أن الصدام لن يقع في منجز الحضارة العلمي ولا التقني ونحوه، ولكن سيقع الصدام بين الدين وما هو من أهواء الحضارة الغريبة التي صاحبت نهضة الغرب مجرد مصاحبة ولم تكن من أسبابها ولا شرطاً لنهضتها، ولا هي مما يُلزم البشرية به عقل ولا خلق وإن رآها البعض من شروط التقدم والمعاصرة.
    إن الأخذ بكل أسباب الحضارة ممكن إسلامياً وذلك أن العقل جزء لا يتجزأ من الدين، وأن هذا الدين بهدفه الأسمى يحقق (تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها)، وهو دين لا يلزم الناس إلا بما هم قادرون عليه في ظروفهم الزمانية والمكانية «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» ولأنه دين إنساني لا يأمر ولا ينهى إلا بما هو متعلق بالإنسان بما هو به إنسان لا بكونه ابن هذا الزمان أو ذاك المكان أو تلك الثقافة.
    أما ما نراه من مصادمات في أرض الواقع لا يمكن تجاهلها، فإن هذه المصادمات راجعة إلى أمور منها:
    1 ـ الخلل في البنية الحضارية.
    2 ـ الخلل في طريقة عرض الحضارة كالطرق الاستبدادية.
    3 ـ التخلف في المتلقي الإسلامي ـ وهنا يجب أن نفرق بين الإسلامي والإسلام.
    وهناك نوع من التخلف ناتج عن سوء فهم لماضي الحضارة الإسلامية يتمثل في الاكتفاء بالتغني بأمجاد الماضي مما يسبب حالات انفعال ضد الحضارة اليوم.
    أما حين نقرأ الإسلام كهدي سماوي من خلال التطبيقات النبوية فسنجده سبب الحياة ودافعها، الحياة بمعناها الحقيقي الفاعل المتفاعل المؤثر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ). تأمل إنها دعوة للحياة.
    فإذا عدت إلى سؤالك مرة أخرى من خلال الفهم السابق للإصلاح الديني (تصحيح التدين وتجديد الدين) فإن الجواب سيكون نعم، فإن الدين مكون أساسي للشعوب المسلمة لا يمكن سلخها منه والانطلاق بها خارجه، وأي مشروع حضاري أو نهضوي في العالم الإسلامي محكوم بالفشل ما لم يعتمد البعد الديني الذي يحشد الناس ويجيشهم لصالح دعم هذا المشروع، والانطلاق الحضاري لا بد أن يكون مستصحباً لمنظومة القيم والأخلاق والعلوم والمعارف، والإسلام جاء آمراً أمر وجوب أو استحباب بذلك، فلا بد للحضارات من الإسلام بهذا المفهوم وهذه التركيبة، وإذا كانت الشواهد دليل النجاح فالتاريخ فيه شواهد رائعة.
    وليس صحيحاً أن الأمم تنطلق حضارياً بعيداً عن منظومة قيمها وتراثها ولا علاقة لها بالمعتقدات إلا إذا كان المقصود به الإنجاز المادي فقط، لكن الواقع أن كل إنجاز حضاري يصطبغ بصبغة ثقافة الأمة التي أنجزته، حتى المثال الأمريكي الذي ذكرته دليلاً لا يصلح مثالاً فأمريكا هي امتداد لأوربا لغة وديناً وفلسفة، وإن لم يكن لها تاريخ خاص في المنطقة التي تحتلها الآن، لكن تاريخها الفكري يقع خارج هذه الحدود ويمتد إلى الفكر اليوناني.
    بقي القول بأن عبارة الإصلاح الديني قد تطلق ويراد بها غير معناها الحقيقي، وهو ما ينتهي إلى تفريغ النصوص من معناها الذي دلت عليه، وتجاوز ما تتابع علماء المسلمين على فهمه من هذه النصوص وفق الضوابط العامة لفهم دلالتها، وتوليد معان أخرى مخالفة لذلك، وافتراض أن فهم النصوص مرتبط ضرورة بزمان القارئ لها ومكانه منطلقاً من فهم خاطئ لنسبية الحقيقة، وهو زعم باطل فما قام الدليل الصادق على أنه حق لا يمكن أن يقوم دليل آخر على أنه باطل، ولو صدق هذا على الحقائق الدينية والعلمية لما بقي دين ولا علم. والحقائق الدينية والعلمية لا تقاس صحتها بمدى موافقتها أو مخالفتها لما يشيع في عصر من عصور المجتمع من ثقافات، وإنما تقاس بمدى قوة الدليل الدال على صدقها.
    إن نهاية هذه الطريقة وإن سميت إصلاحاً دينياً تفريغ النصوص من محتواها الدلالي وتحويلها إلى مادة هلامية يمكن تشكيلها وفق القوالب الفكرية، وتفسيرها تفسيراً يتنوع بتنوع الأزمنة والأمكنة والثقافات، وبذلك سنخرج بدلاً من المذاهب الإسلامية بإسلامات مذهبية فهذا إسلام ليبرالي وإسلام يساري وربما إسلام الحداثة وإسلام ما بعد الحداثة، ويتحول النص الشرعي المحكم إلى نص أدبي ذوقي له معان بعدد قرائه.
    وهل يمكن أن يكون هذا تعاملاً محترماً مع نص نؤمن أنه وحي من الله على رسول اصطفاه برسالاته، ثم ماذا لو طبقنا ذلك على القوانين والدساتير العالمية بحيث تكون معانيها قابلة لهذه التعددية في القراءة والتفسير فماذا سيبقى منها ليحكم الحياة وينظم السلوك.
    إن هناك كثيرين لا يستطيعون الانفكاك عن مشكلتهم تجاه الإسلام، ربما بسبب تجربة الإصلاح الأوربي المتمرد على الكنيسة، أو بسبب واقع إسلامي مغلق يفكر في الصدام أكثر مما يفكر في البناء والتعمير. ولا يجوز تفسير الإصلاح الديني من طرف ممانع ضد الإسلام أو التاريخ الإسلامي، بل ثمة حاجة ماسة لريادة إسلامية علمية واقعية تنطلق من الرؤية الشرعية وليس من الواقع، ولا من التاريخ فحسب.



    «الإصلاح الديني» طريق لتنقية الدين من الفهم التاريخي المأزوم ومدخل قسري للحضارة البشرية
    منصور الهجلة

    قبل أن نعرف الإجابة على السؤال المطروح لا بد أن نعرف المقصود من هذا المصطلح (الحضارة)، إذ نجد أن هذا المصطلح في تراثنا العربي يختلف عن ما هو مستعمل في لغتنا الحالية كما يختلف بالتأكيد عن ما هو مستعمل في الثقافة الغربية، فالحضارة في اللغة العربية مأخوذة من الحاضرة وهي ضد البادية، وفي الإنجليزية (civilization) تعود إلى الجذر اللاتيني (civites) تعني المدينة، فالمعنيان متقاربان في اللغتين من حيث الجذر، إلا أن ابن خلدون وهو من أوائل من استخدم هذا المصطلح جعل معنى الحضارة «هي نهاية العمران وخروجه إلى الفساد ونهاية الشر والبعد عن الخير»، فالحضارة عند ابن خلدون تعني غاية المبالغة في التحضر والترف المادي، وهذا المعنى يختلف مع المعنى الذي يقصده المعاصرون يقول ديورانت: «الحضارة نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وتتألف من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، ومتابعة العلوم والفنون، وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق»، فمعنى الحضارة عند ديورانت هو كونها حضارة حاثة على الإنتاجية بصرف النظر عن مستواها، وهو تعريف جيد، أما تايلور فنجده لا يحد مستوى الحضارة بحد سوى التقدم اللامتناهي حيث يقول في تعريفها: «هي درجة من التقدم الثقافي تكون فيها الفنون والعلوم والحياة السياسية في درجة متقدمة»، وفي الانثربولوجيا: «يشير مفهوم الحضارة إلى الأنشطة الكلية الخاصة بفترة ما وبجماعة إنسانية معينة، والتي تتضمن ما تقوم به من زراعة وحرف صناعية واقتصاد وموسيقى وفن ومعتقدات دينية وتقاليد ولغة»، وغيرها من التعريفات التي تتفاوت حسب الخلفيات المعرفية والتاريخية والأيديولوجية، وبالنسبة لبعض التعريفات أجدها تشير إلى قضية التقدم كقضية محورية لمفهوم الحضارة، وهنا تكمن المشكلة التي يشار إليها في الثقافة الغربية بعدم التناهي، ألا وهي مشكلة التقدم المادي الذي لا تحده قيم ولا أخلاق حتى يكون الإنسان في نهاية المطاف سلعة مادية يصير بها ذئباً لأخيه الإنسان، كما يقول هيغل، مما أدى ذلك إلى ظهور مشاكل بيئية وصحية وأمنية وأوبئة اجتماعية، أفرزت العنف والإرهاب على المستوى الاجتماعي وما التسابق في التسليح الفتاك بالبشرية إلا أكبر دليل، وعلى المستوى البيئي أفرزت التلوثات الإشعاعية، وتسببت في حصول اتساع ثقب طبقة الأوزون، وزيادة الاحتباس الحراري، وانتشار أوبئة مثل الإيدز وجنون البقر والسارز وانفلوانزا الطيور وغيرها من الأمور التي ما زالت تفرزها الحضارات المتقدمة المحمومة بثقافة الاستهلاك المادي. فدور الحضارة الحقيقي هو عمل التوازن الفطري الذي جبل عليه الإنسان وجبلت عليه الطبيعة بين الاستهلاك المادي والأهداف القيمية والأخلاقية التي تحافظ على مصلحة الإنسان وبيئته دون أنانية أو تحكم.
    الإصلاح الديني يأخذ دوره في القيام بدفع الحضارة ودعم أسسها من جهة، إنه يملك مكانة مركزية في غالبية الثقافات وفي الثقافة العربية والإسلامية على وجه الخصوص، لكن قد تدعي الفلسفات البراجماتية سواء تلك التي تعتمد على المثالية مثل بيرس، أو التي تعتمد على المنفعة مثل جيمس أو التي تقوم على الذرائع مثل ديوي وغيرها من الفلسفات المادية بعدم صلة الحضارة بالدين كمدخل لدخول العالم المتحضر والمتقدم، وذلك باعتبار أن الفعل المنتج والمشبع للرغبة هو الغاية وهو بوابة التقدم والتحضر لا الأديان الموغلة في الميتافيزيقا النظرية، وهذا معروف في سياقات البحث في جدلية(النظر والعمل) والواقع أن الدين يحمل في طياته الشق النظري العلمي والشق العملي الفعلي، فليس هو نظر مجرد عن العمل ولا هو عمل مجرد عن النظر (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليه ولا الضالين) فالمغضوب عليهم علموا ولم يعملوا والضالون عملوا ولم يعلموا، والتوازن يكون بين العلم والعمل لأنه رمز الاعتدال والوسطية الذي هو الصراط المستقيم، لأن ميزان نفعية العمل هو النظر العلمي الذي هو وسيلة للفعل الدنيوي الذي ليس بغاية في حد ذاته.
    كما أن الدين قد يكون داعماً للحضارة وقد يكون عائقاً لها، وهذا نجده واضحاً وجلياً في الحضارة الأوروبية في عصرها الوسيط والحديث، كيف كان معيقاً للتحضر وكيف أصبح داعماً للحضارة بفعل حركة الإصلاح الديني التي قام بها مارتن لوثر وبعده جان كالفن وغيرهما من رجال الكنيسة الذين أحدثوا انشقاقاً كبيراً في الكنيسة الكاثوليكية ممثلة هذه الانشقاقات في البروتستانتية.
    الدين الإسلامي باعتبار جوهره هو في الحقيقة إصلاح وتصحيح لما اعترى الأديان السماوية من تحريف وتعطيل أفضى إلى أنواع من الفساد كالظلم العقدي ـ الذي تمثل في إلزام الناس التوسط برجال الدين في عباداتهم وإشعارهم بالخطيئة الأزلية التي ليس لهم فيها ناقة ولا جمل ـ والظلم الاجتماعي والسياسي، فالإسلام هو في حقيقته حركة ـ إن صح التعبير ـ إصلاحية وتصحيحية تفوق حركة لوثر وكالفن بمراحل. قد يطرح سؤال: إذا كان الإسلام هكذا فلم هذا التخلف الموجود عند المسلمين؟ الجواب لهذا السؤال ـ الذي سبق أن طرحه شكيب أرسلان منذ أكثر من قرن ـ يحتاج إلى مؤلفات عديدة ورؤى متعددة يكشف كل منها حسب تخصصها جوانب من أسباب الخلل المزمن الذي تعاني منه شعوب البلاد الإسلامية، لكن ما يخصنا هنا هو الأسباب المرتبطة بالدين،وما شكله ويشكله من دور إيجابي أو سلبي في الموضوع، إن الدين نسبت إليه أمور هي في الحقيقة ليست منه في شيء على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي، لذا كانت الدعوة من علماء هذه الأمة ومفكريها إلى الإصلاح الديني أو تجديد الخطاب الديني، ويقصد بذلك أمران: الإصلاح في الدين، والإصلاح بالدين.
    فالإصلاح في الدين يتناول إعادة قراءة الدين الإسلامي قراءة معرفية وموضوعية تستفيد من الأدوات التراثية الصالحة للقراءة كما تستفيد من الأدوات الحديثة النافعة، فتخرج النص المقدس مخلصاً من التاريخ غير المقدس والذي اختلط به كثيراً لدرجة التناقض وعدم الانسجام بين روح ومقاصد الإسلام وبين الصورة التاريخية التي تصر السلفية التقليدية على استعادتها كجزء لا يتجزأ من الدين في حدود قول الإمام مالك (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)، وهذا القول المأثور وإن كان صادراً عن غير معصوم إلا أنه حُمّل من الدلالات ما يفوق ما قصده الإمام مالك، وذلك لجهالة (ما) الموصولة التي للجميع أن يفسرها كما يشاء ويحلو له. ويدخل في مجالات الإصلاح هذه: إعادة استكشاف علماء التراث الذين ساروا بخطوات تجديدية هائلة في المجال التشريعي ابتداءً بعلماء الصحابة مثل: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابن عباس رضي الله عنهما، وانتهاءً بعلماء العراق والشام والحجاز وغيرهم من التابعين وتابعيهم، مثل الجويني، وابن عقيل، وابن عبد السلام، وابن تيمية، والطوفي، وغيرهم ممن برزوا في مجال تقرير عقلانية الشريعة ومركزية تحقيقها للمصالح ودرئها للمفاسد.
    كما يدخل في ذلك: إعادة صياغة مقاصد الشريعة بعد استقراء نصوص القرآن والسنة والاستفادة من الذين نقدوا نظرية المقاصد مثل الجويني والرازي وابن تيمية والطوفي والطاهر بن عاشور وطه عبد الرحمن وغيرهم، وذلك بإجلاء بعض المقاصد التي جاء الإسلام بتأكيدها كالعدل، وإكرام الإنسان، والإحسان، والحرية، وغيرها من القيم التي تحتاج إلى إعادة ترتيب وتصنيف بين القيم الجمعية والقيم الفردية. أما الإصلاح بالدين فهو واضح جداً وذلك لأن الإسلام رسالة توحيد للخالق (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، ورسالة رحمة للمخلوق (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين)، فمتى ما امتثلت هذه الأمة بقيم العدالة نالت القوة وامتلكت زمام الحضارة، مستفيدة من الأمم المتحضرة تجاربها السياسية والاجتماعية وذلك في حدود المشترك الإنساني التي جاءت الشريعة بالتأكيد عليه، وجاء العلماء باستنتاجه من نصوص الوحيين وكلام السلف مثل كلامهم في التحسين والتقبيح العقليين الذي ذهب إليه المعتزلة وبعض المحققين مثل السجزي والعز بن عبد السلام وابن تيمية وابن القيم مخالفين في ذلك المنهج التعبدي الابتلائي (لا معقولية التشريع) المتمثل في الاتجاه الأشعري والذي أثر بدوره في قطاعات واسعة من علماء الشريعة.


    (عدل بواسطة Adil Isaac on 04-11-2004, 02:59 AM)









                  

04-11-2004, 03:31 AM

theNile
<atheNile
تاريخ التسجيل: 02-10-2002
مجموع المشاركات: 365

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ا لطريق إلى «الحضارة».. هل يمر لزاما عبر «الإصلاح الديني»؟ (Re: Adil Isaac)

    ياخوي بصراحه كده الكلام دى لو نظريات وفلسفه عوراء والحقيقه الواضحه اول ماتدخل الدين في حاجه ضرب الواطه بغض النظر اى دين اعنى هنا الامثله كتيره لقد بنيت دوله اسرائيل علي خلفيه دنيه مافي غير القتل والدم والحرب والخراب وايران نفس الى مافى حدث غير تدمير الاقتصاد وكبح الحريات وتقيد المراه ونظام الطلبان مامحتاج كلام والحدث السوادن اكبر دليك علي ذالك ثم اسال نفسك انظر الي كل الحروب في العالم والقتل والدم من ايرلندا الشماليه الى كشمير وثلاثه حروب بين باكستان والهند والشيشان والحرب الهندوس والسيخ والحرب الهندوس والمسلمين وحتى الحرب الاهليه في امريكا وحروب القرن العشرين والواحد عشرين كلها او اغلبها سببها الدين فكيف تكون هناك حضاره مع الحروب
                  

04-21-2004, 01:23 AM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ا لطريق إلى «الحضارة».. هل يمر لزاما عبر «الإصلاح الديني»؟ (Re: Adil Isaac)


    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de