إلى كل هؤلاء يوم شكركم ما يجي ..!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 12:20 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-21-2004, 00:23 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إلى كل هؤلاء يوم شكركم ما يجي ..!


    إلى كل هؤلاء يوم شكركم ما يجي !!!

    تمر بنا في سيرة الحياة شخصيات مؤثرة و قوية، ليس بنفوذها أو علمها، و إن كان هذا واردا، لكن بتعاملها الرائع و تفردها الكبير، و نكرانها للذات و توظيفها في خدمة الآخرين، خاصة في مجتمعنا السوداني، فهو ذاخر بمثل هؤلاء الذين يصنعون الحياة من حولنا، و يضيفوهن إليها مذاقا خاصا لا نلاحظه إبان وجودنا معهم، لكنهم يبقون منارات مضيئة في ذاكرتنا خاصة عندما تضطرنا الظروف إلى الهجرة ونكتشف أن هؤلاء الناس العاديين الذين كنا نلتقي بهم دون أن نعير وجودهم اهتماما كبيرا، هم أوضح ملامح في ذاكرتنا عن الوطن.

    عبد الحكم، ذلك الرجل الضخم (أو الذي كنت أراه ضخما إبان طفولتي تلك)، شديد السواد، أراه دائما في الزاوية تلك المدينة الليبية المتوسطة، لابسا جلبابه الابيض الناصع، دارعاً العمة فوق كتفيه بدقة شديدة، حيث ان النقش على تلك العمة يتدلي دائما فوق كتفه الأيسر تحت مستوى القلب بقليل، و معتمرا تلك الطاقية البيضاء المشغولة، لا يزورنا كثيرا بل يمكنني ان أجزم أنه كان يأتي فقط في الاعياد في الصباح الباكر مع الوالد بعد صلاة العيد، لكنني اذكره دائما في كل الملمات و الأحزان مشمرا عن ساعديه ينقل الكراسي لتهيئة المكان لاستقبال المعزين إبان فقدنا للعديدين من الأقارب في تلك الغربة المزمنة و التي امتدت من منتصف الستينات إلى الآن. . قد يتبادر أن وجود عبد الحكم كان مرتبطا دائما بأحداث درامية لكن ذلك الإحساس لم يتولد عندي إطلاقا مع ارتباط وجوده دائما في منزلنا بظروف محزنة، لكنه كان يمثل الشخص الأساسي الذي يمكن أن يعتمد عليه في مثل تلك الظروف التي تحتاج إلى اناس من معدن خاص جدا، من ذلك المعدن كان عبد الحكم، و الذي لم اره بعدها مطلقا منذ منتصف الثمانينات و الى الان.

    أمال تلك السيدة الرائعة أتت من شمال الوادي مع زوجها الذي يعتبر في الحسبة خالا لنا لتسكن في بيت متواضع في حي السيد المكي، مع أطفالها الأربعة، بقد توفي خالنا ذاك في غربتنا و لم أره في الحقيقة أبدا على قيد الحياة، نعم كان بيتها قبلتنا في الإجازات إلى السودان فهناك يتجمع الشباب و ندور عشرات الوست، في تلك الطربيزة الحديدية الزرقاء، ذات الأرجل الغير متوازنة و المتكولة دوما بطوبة حمراء متهشمة يبدو حريق الكماين في جوفها الأسود واضحا، نجتهد لتغطية الطربيزة بملاية ناعمة حتى لا نجرح الكشتينة البلاستيكية التي نحصل عليها دائما بشق الأنفس، تلك الملايات التي نخطفها خطفا و لا نهتم إن كانت جزاء من طقم أم لا بل نضع أهل البيت أمام الأمر الواقع، و هاك يا كشتينة، و قص بالدامة، و كشكش الزول بالبلي و هاك يا كواريك، و سيكتو و كتلت ليهو الشايب، و هذه المرأة الرائعة لا تكل و لا تمل، تستقبلك دائما بضحكة ودودة بعد ان تقطع الممر الطويل الفاصل بين باب الشارع الحديدي و السهلة التي يشاهدون فيها المسلسل، نأتي يوميا و نشرب الشاي يوميا و نزعج هذه الأسرة الكريمة دونما خجل كي نرجع أنصاص الليالي بكل ذلك الحبور و البهجة، ليكون ذلك حديثنا في الدافوري في ميدان الهندية الواقع بين المدرسة الهندية و مدرسة الاهلية المتوسطة، و ننتظر المساء ببالغ الصبر كي نعيد الكرة مرة أخرى.

    حبوبتنا كلتوم بت البشير ود العجب، قاربت هذه الأيام عامها الثمانين،ننزل دائما في الإجازات أو إبان عودة مؤقتة قد تمتد إلى سنة أو أكثر، في ذلك البيت العامر الكائن في قلب أمد رمان النابض بالحياة، تخرج رأسك من ذلك البيت و تلتفت يسار كي تجد بيت الزعيم إسماعيل الأزهري و صقر الجديان قابعا على ساريته تلك، إنه منظر عجيب أراه كل سنة أو سنتين في إجازاتي المتقطعة تلك، و هذا الصقر لا بفوت و لا بموت و تلك السارية شامخة كأنها تعبر عن ماضي تليد لهذا البلد العظيم، لم أكن اعي تلك الأشياء في تلك الأزمنة، التفت يمينا لأري و على بعد 300مترا تقريبا لأرى منزل السيد عبد الله خليل و كأني أعيش بين عملاقي السياسة السودانية في ذلك الزمن، أرجع مسرعا لأشرب ذلك الشاي باللبن مع لقيمات ساخنة و هناك على البعد سكرية صيني بيضاء مزخرفة بلون ازرق، اعطن فيه تلك اللقيمات غير آبهاً بالزيت الذي "ينز" منها مخربا باقي السكر، اختار بنهم واضح اكبر كباية شاي في الصينية، حبوبتنا كلتوم زاهدة في الأشياء لا تهتم بالتفاصيل الصينية نيكل و كل كباية من بلد، لكنها حريفة في كب الشاي من البراد حيث لا تتدفق نقطة واحدة في الصينية، إنها ينبوع من الحنان الذي لا ينضب و من العمل الذي لا ينتهي، امراءة فارعة الطول، رشيقة القوام، على الرغم من كبر عمرها، دائما مشغولة بالكثير من الأشياء، ثلاثة شلوخ عمودية رقيقة على كل خد، سمرة عميقة، مع شعر مجعد خطه الشيب منذ أمد بعيد. ترتدي دائما جلابية (بلغتنا الحالية فستان) نص كم، أو لعله تلتين كم إذ يبلغ طوله إلى الكوع، تلك الجلابية داكنة اللون دائما لا استطيع ان استحضر لونا واحدا مميزا كأني بها ترتدي زيا موحدا، قصيرة نوعا ما بحيث تتدلى المفحضة عندما تجلس على طرف عنقريب شاي الصباح ذاك، لا تلبس العديد من الألوان إذ إنها حادة منذ وفاة جدنا عباس عليه الرحمة في متصف السبعينات و الذي أعقبه بعام أو أكثر وفاة خالنا الأستاذ محمد عباس فجأة و هو في بداية الأربعينات من العمر.
    لا نفعل شيئا في تلك الإجازات، و نحن في حمى حبوبتنا كلتوم حيث لا يطالنا العقاب حتى من الوالدين مهما نفعل من أخطاء، إذ أن لها فيتو عالي جدا، و قد كنا نعي ذلك جيدا فنتمادى في استخدام حرياتنا المؤقتة تلك. ما أحلاها من حياة دون أي مسئوليات، أتذكر دائما تحرص على أن تحضر لي السندوتشات حتى و أنا مع أقراني في طربيزة الكشتينة، يا ولد تعال العشاء، و قد كنت اشعر بالإحراج لذلك الاهتمام الزائد آنذاك، أطال الله في عمرها فقد ربت العديد من الأجيال.

    محمد الفاتح شمو، التقيت بهذه الشخصية الرائعة في العالم 1993 في إنجلترا إبان إجازة صيفية، من أبناء أمد رمان العريقين، لم اكن اعرف الرجل من قبل و قد أتيت إلى إنجلترا في زيارة لخالنا في مدينة صغيرة في إنجلترا تسمى " باث" حيث يعلم أستاذا جامعيا هناك، و أعطاني الصديق محمود فقيري الله يطراه بالخير، رسالة صغيرة للأخ عبد الحكيم عمر البدوي الذي كان يقاسم الأخ محمد السكن آنذاك، ذهبت كي اقضي معهم ويكند في عاصمة الضباب و إذ بالويكند يتحول إلى شهرا كاملا و أنا في ضيافة هؤلاء الكرام و الذين كانو عزابة في ذلك الوقت، هو و عبد الحكيم الذي كان يفكها في الإنجليز بدعوى انه أخو زينب البدوي المذيعة المشهورة، و على حد تعبيره اهو أولاد عبد الواحد كلهم واحد، بعد خمس سنوات من الوجود في الشرق الأوربي تكتسب صفات و سلوكيات من ذلك المجتمع و تتغير دون أن تشعر، ووجدت صعوبة في البداية أن امكث مع هؤلاء الشباب الذين لم تجمعني معهم معرفة سابقة، لكنهم السودانيون يدهشونك دائما بأصالتهم المميزة و كرمهم الحاتمي (و في اعتقادي لو كان حاتم الطائي سودانيا لما اشتهر فكيف له أن يبيع المياه في حارة السقايين)، في أيام بسيطة صرت أحد سكان البيت الأساسيين، و الأخ محمد شمو يطراه الله بالخير ويفتح عليه محل ما يقبل يطبخ و يفطر و يعشي و يمشي الشغل دون أن يبدي تذمرا من أي نوع، و البيت يعج بالزوار و الأصدقاء و الزملاء من خريجي جامعة الخرطوم، لقد كانت تلك الفترة القصيرة نقطة تحول حقيقية في حياتي من الناحية الاجتماعية، و لقد أوضحت لي بشدة عمق الشخصية السودانية المتفردة، و أعادتني بقوة من فردية الثقافة الأوروبية الى جماعية المجتمع السوداني، و ق قابلت في تلك الزيارة العديد من السودانيين و منهم الأخ ياسين محيسي سكرتير المنظمة السودانية لحقوق الإنسان في ذلك الوقت و أمدني بالعديد من الوثائق التي ساعدت فيما بعد في تأسيس فرع لهذه المنظمة في بولندا.









                  

02-21-2004, 00:33 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إلى كل هؤلاء يوم شكركم ما يجي ..! (Re: Amjad ibrahim)


    سلام جميعا و عذرا لعدم بدء صدر الموضوع بالسلام كالمعتاد

    الموضوع اعلاه طويل و كتبته كتقدير للكثيرين ممن لم تمنحني الظروف و الغربة المزمنة ان اعبر لهم عن تقديري لذواتهم المتفردة، و قد اتشجع للكتابة عن آخرين اذا اسعفني الوقت لذلك، الموضوع نشر في جريدة الحكمة لسان حال الجمعية العلمية السودانية بهولندا العدد العشرين.
    لكم تحياتي
    امجد

                  

02-21-2004, 00:40 AM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إلى كل هؤلاء يوم شكركم ما يجي ..! (Re: Amjad ibrahim)

    أخي الكريم د.أمجد،
    هذه لمسة وفاء، فيها شفافية عالية. أحييك، أيها الوفي.
    و الله نسأ أن يجمعك بأحبتك هؤلاء جميعاً في أطيب الأوقات.
                  

02-21-2004, 01:20 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48817

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إلى كل هؤلاء يوم شكركم ما يجي ..! (Re: Amjad ibrahim)

    العزيز أمجد
    لقد استمتعت كثيرا بهذه الكتابة الراقية، خاصة ما جاء فيها عن حبوبتنا المشتركة كلتوم بت البشير، الله يديها العافية. ومع أنها خالة لكل من والدي ووالدتي الا انها أصغر سنا من والدي وربما نديدة لوالدتي، رحمة الله عليهما. وكعادة أهل الأم فقد كانت تقول عن والدي الشريف ود زينب وعن والدتي أم الخير بت آمنة.

    وأهو الكلام جاب الكلام يا ود محاسن التي لم أتعود على مناداتها بالخالة فهي لا تكبرني كثيرا. أرجو أن تبلغها تحياتي وتحيات الهام مع كثير السلام للأستاذ ابراهيم.
                  

02-21-2004, 10:09 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إلى كل هؤلاء يوم شكركم ما يجي ..! (Re: Amjad ibrahim)


    سلام جميعا
    سلام دكتور حيدر، و شكرا على الطلة، الموضوع كتبته بعد نقاش سابق قبل عدة سنوات مع بعض الاخوة الافاضل حول اننا لا نذكر محاسن الاخرين الا بعد ان تواتيهم المنية، و لعلني تأخرت قليلا في الكتابة بعد تلك المناقشة، لكن كما يقول اهلنا الهولنديين "افضل أن تتأخر من أن لا تأتي ابدا"، سأحاول ان اكتب مزيدا عن شخصيات تأثرت بهم اذا اسعفني الوقت اذ انني مزنوق في امتحانات هذه الايام.

    العزيز ياسر
    ذكرتني اهلنا الجبلاب و هم يسمون الزول بأسم امه، يا ود فلانه و علانه، لا يعترفون بالزول اذا أبوه ما من عندهم، و ان كانت هناك اصلا صلة قرابة او نسب بين الوالد و بين الحاج أحمد باشا، و لعلك تعلم ان الوالد يقرب ايضا للاخ احمد الحاج عن طريق الام، غايتو حاجة مشبكة خالص.

    سأتصل بك انشاء الله قريبا اما عبر الايميل الداخلي او التلفون عندي اخبار جيدة
    لك الود
    امجد

                  

02-21-2004, 10:24 AM

Alsawi

تاريخ التسجيل: 08-06-2002
مجموع المشاركات: 845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إلى كل هؤلاء يوم شكركم ما يجي ..! (Re: Amjad ibrahim)


    اخي أمجد والاخوة

    هزني هذا الموضوع جدا، كما قال دكتور حيدر، لشفافيته العالية ولمسه لمواطن الاحساس الانساني الرقيق، ومشاعر الوفاء والحب والامتنان للاخرين ممن لهم اثر وفضل علينا، وما اكثرهم.
    وتذكرت انني كنت انوي ان اكتب شيئا كهذا منذ زمن بعيد، ولكني لم افعل بسبب الكسل فقط لا غير. وقد شجعني كلام امجد هنا لأبدأ تلك السلسلة الطويلة، التي ارجو ان تمتد ليس فقط لذكر محاسن موتانا بل ايضا للاحياء منهم كما فعل امجد هنا، وايضا لكي تشمل بعضا من الشخصيات الجديرة بالتوثيق لتفردها واثرها في حياة المنطقة عموما، ولعل في كل مجتمع في السودان، بعضا من الشخصيات المماثلة ذات التميز والاثر ممن يصيرون جزءا من نسيج المنطقة والمجتمع المحلي وتاريخهما.

    فالي المزيد وشكرا يا امجد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de