مارسنا خداع انفسنا حتي صدقنا فصرنا كاذبين علينا

في تقديري يا أخ أساسي أن سؤالك مشروع و مطلوب .. بل هو عين ما يجب أن نواجهه الآن .. أفرادا و جماعات

رغم أن نقدك في محله .. و ينطبق على الكثير .. و الواضح ما فاضح .. إلا أن المعيار عندي يختلف .. و فيم يختلف المعيار ؟ .. يختلف عندي حيث أنني لا أرى الغربة هي غربة الأجساد .. و فهناك مغتربون قدامى موجودون في قلب العاصمة و قلب الأحداث و لم يفارقوها إلا للقليل من الوقت .. و ربما لم يفارقوها البتة

الوطن مكانه في الصدور قبل الآفاق .. و بالتالي فإن الغربة الحقيقية تبدأ بالصدور قبل الآفاق .. هناك في السودان أناس يكتوون بالويلات يوميا .. ليس لأنهم هائمون في حب الوطن .. بل لأنهم مقهورون بعامل الظرف .. و ليس لهم حيلة إلا أن يمروا و يعيشوا يومهم من صبحه إلى مسائه .. و هم تجدهم يلعنون البلاد( و ربما أهل البلاد) سرا و علانية .. و يقسمون بالله جهد أيمانهم لو سنحت لهم الفرصة لهجرة الوطن بالأجساد .. لما فكروا بالعودة إليه أو حتى التفكير فيه أبد الدهر .. و هؤلاء تجدهم أكثر العناصر سلبية في داخل الوطن .. فأين تصنف هؤلاء ؟

القابضون على الجمر حقا هم القابضون عليه بملئ إرادتهم .. لا بقهر الظرف.. و من هنا نجد أن من المغتربين خارج حدود السودان الجغرافية من يتوسد هموم الوطن مساءا .. و يسبح في ربوعه نهارا .. و الجسد هنا .. و القلب هناك .. و القلب هو الإنسان .. كما قال إيليا أبو ماضي (و العندليب صداحه .. لا ظفره و جناحه) .. لهذا يا عزيزي فإن القابضين على جمر الوطن تجدهم داخل جغرافية السودان و خارجها .. و كذلك المغتربين عنه تجدهم داخله و خارجه.. و ليعش سوداننا فينا عالما بين الأمم

و لك التحايا .. و للجميع