هل طرح موضوع للنقاش أولوية في هذا الوقت؟ الإجابة ببساطة لا ، لأن البلاد تواجه تحديات اقتصادية و سياسية و أمنية ضخمة تجعل الانشغال بهذه المواضيع في هذا التوقيت ( فخ ) ربما كان برئياً او ربما بقصد إلهاء الناس عن القضايا الملحة و المهمة.
لماذا إذن أكتب عن المثلية الآن! تداول الناس مقطع فيديو يتحدث فيه الدكتور بلدو عن المثلية و يدعو الي تشريع قوانين تحفظ حقوق المثليين و يذكر ان المثلية غير واردة كإضطراب نفسي في مراجع الطب و تصنيفات الطب النفسي المعروفة للاضطرابات النفسية.
هل حقاً المثلية ليست إضطراباً نفسياً؟ إستند الدكتور بلدو في حديثه علي حقيقة خلو تصنيفات الطب النفسي الحالية للاضطرابات النفسية من تصنيف المثلية ، و هذه حقيقة و لكن الاحق انها كانت الي و قت قريب تصنف كإضطراب نفسي و أنها ازيلت من دليلي التصنيف النفسي بضغط هائل من جمعيات المثليين الي الدرجة التي ربما جعلت القرار قراراً سياسياً أكثر منه قراراً علمياً يستند علي الأدلة و البراهين و قد تغير تصنيف المثلية الجنسية في الدليل التشخيصي والإحصائي المنشور عن الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين كمثال عدة مرات في إصداراته المختلفة، بداية من تصنيف المثلية بأنها اضطرابا عقليا ضمن اضطرابات الشذوذ الجنسي، ثم صنفت علي أنها اضطراب توجه جنسي (في الاصدار الثاني)، تلي ذلك إدراجها في تصنيف خاص "المثلية الغير منسجمة مع الأنا" (في الاصدار الثالث) إلي أن تم اسقاطها تماما (مراجعة الاصدار الثالث) باعتبارها تنوع جنسي طبيعي ، أما التصنيف الأهم و هو التصنيف العالمي فقد كانت المثلية تصنف فيه كإضطراب نفسي حتي طبعته قبل الأخيرة !!. من المهم الإشارة الي ان مجموعة كبيرة من المختصين و المرجعيين في مجال الطب النفسي لا زالوا يعدونها إضطراباً نفسياً يتطلب التدخل العلاجي و المساعدة الطبية. من المهم ايضاً التنويه بأن التصنيف الامريكي و تصنيف الامم المتحدة للاضطرابات النفسية تبقي تصنيفات غير ملزمة و لديها ارتباط كبير بالمحمول القيمي و الثقافي كما تشير هي نفسها الي ذلك في مقدمتها ! ، و هذه الحقيقة جعلت الكثير من الامم كالهند و اليابان تعتمد تصنيفاتها الخاصة للاضطرابات النفسية .
هل تصنيف المثلية كاضطراب نفسي يعفيها من المسئولية القانونية؟ الاجابة الحاسمة هي لا ، فسقوط المسئولية القانونية لا يشمل جميع الإضطرابات النفسية و أنصع مثال لذلك هو إضطرابات الشخصية كاضطراب السايكوباثية ( الشخصية المستهينة بالمجتمع ) و هو اضطراب يرتبط بنسبة عالية من ارتكاب الجرائم و لا تعفي الاصابة به من المسئولية القانونية بحجة المرض النفسي
كيف يمكن التعامل طبياً مع المثلية اذن؟ تصنيف المثلية كاضطراب نفسي من عدمه أمر خلافي ، و تحيط به مجموعات ضغط ضخمة تتمثل في جمعيات المثليين و مؤسساتهم و هذا الضغط يعيق البحث العلمي الحر و النظرة الأكاديمية الصارمة للموضوع و لكن سواء كانت المثلية اضطراباً نفسياً أو لم تكن ، فالمؤكد انها ضد الطبيعة و لا يقرها دين و لا عرف ولا ذوق سليم ، وهذا لا يمنع اي طبيب من تقديم المساعدة الطبية اللازمة للمثلي الذي يطلب المساعدة بدون ان يحكم عليه او يشمئز منه او ينتقص من كرامته او يفشي سره وان يتعامل معه وفقاً للاعراف الطبية و القسم الطبي ، هذا طبعاً اذا كان الطبيب يؤمن بأن المثلية اضطرابا نفسياً أو اذا حضر المثلي لطلب المساعدة للعلاج من الاكتئاب و القلق الذين يترفقان كثيراً مع ضغط المجتمع علي المثلي ، اما اذا كان الطبيب ينتمي للمدرسة التي تؤمن بأن المثلية ليست اضطرابا نفسياً فعليه أن يشرح ذلك بكل احترام لطالب المساعدة و ان يوجهه للقنوات المجتمعية و الدينية التي يمكن ان توفر المساعدة المطلوبة
آخر القول قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ علَى المُشْرِكِينَ قالَ: إنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وإنَّما بُعِثْتُ رَحْمَةً (صحيح مسلم )
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة