|
|
 الرحيل المر ... الشيخ محمد نور ابو هاشم في رحاب الله ... بقلم / عثمان همد واد ابيب
|
الرحيل المر ... الشيخ محمد نور ابو هاشم في رحاب الله ...
بقلم / عثمان همد واد ابيب.....
سبحان الله القائل ...(كل نفس ذائقة الموت )...وجل جلاله القائل..(إنك ميت وانهم ميتون)..صدق الله العظيم ..كل ابن ادم وان طالت سلامته يوماً علي آلة حدباء محمولو...والموت هادم اللذات ومفرق الجماعات ..وان قيامة الشخص الميت تبدأ بموته وانتقاله من العالم الفاني الزائل ، الي عالم البقاء والخلود الباقي... وكل يوم ينشر اشرعته علينا بالصباح ..وكل ليل يسدل استرته علينا بالظلام ، نودع عزيز لنا ، وننعي صديقا لنا ، ونفقد قريناً لنا ..ونحزن علي جار لنا ..هكذا حال الدنيا ..أمة تولد ، واخري ترحل وتفني وتضمحل ....والبقاء لله وحده لا شريك له ..ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام...فيا غافل انته وارجع الله ..ويا مقصر في حق الله ، أرجع وقوي صلة بالله ، واجتهد في طاعة الله ..ويأيها المجد المجتهد في طاعة الله استمر في اخلاصك ..واستعد للسفر الطويل ، وعدة العدة وشد الصلة بربك القوي ..وان ساعة الرحيل غير معلومة ، ودقات ثوانيها غير محددة .ولكنها لا تتقدم ، ولا تتأخر في علم الله المكتوب ، في لوحه المحفوظ...اذاً كن مستعداً علي الدوم .. ولا تغرنك دواعي الغفلة ، ومتعة الحياة الفانية، ولا تهزك نوازع الشيطان ، ومزالق الهوي والفتنة ..وذكر نفسك بأنك مرتحل ، وفي حالة سفر دائم في أي لحظة ..واجعل الدنيا مزرعة ، تحصد محصولها في الأخرة.....أخوتي وأصدقائي الكرام اردت من هذه المقدمة ان اذكر نفسي واياكم بذكر هادم اللذات ..لمزيد من التوقف والمراجعة لمسيرة حياتنا...وكيف تسير...وهل تسير فيما يرضي الله ورسوله ..؟..وين مواطن الخلل والتقصير فينا ، التي يجب اصلاح اعوجاجها ..وكل يوم نودع فيه عزيراً لنا ، يجب ان يكون مدعاة للمراجعة الدائمة ودرساً بليغاً للعظة والاعتبار ..فلربما انت الذي ترحل في المرة القادمة...فماذا أعددت لذلك الرحيل المحتوم !..... وفي الأسبوع الماضي ودعت البحر الأحمر ، وحاضرتها مدنية الثعر بورتسودان .. وكل لايات الشرق قاطبة ... والسودان اجمع .. الشيخ الجليل الراحل المقيم محمد نور عثمان قرقيس (ابو اهاشم ) . في فجيعة عظيمة ، ورحيل مر، وفقد أليم ، الي رحاب الله ، وجواره ، ومستقر رحمته ..فقد رحل ابو هاشم عن الدنيا الفانية ، بعد حياة مليئة بالعطاء ، والجهد والاجتهاد ، وفعل الخيرات ، والمثابرة في خدمة المجتمع .. والسعي بين الناس بالخير والإحسان واصلاح ذات البين ... لا أدري من اين أبدأ في ذكر مآثر الراحل المقيم أبو هاشم ...نعم انه الرجل الزاهد العابد الورع التقي النقي ..حمامة المسجد ، تجده يسعي الي الصلاة عند كل منادي ينادي .. ان حي علي الصلاة .. ويترك كل شيء بين يديه من متعلقات الدنيا وزخرفها ..رحل ابو هاشم الذي عرف بكثرة السعي والسفر الي أرض الحجاز ، حيث البيت الحرام ، حاجاً تارة ، ومعتمراً أخري... وزائراً لقبر المصطفي صلي الله عليه وسلم ، ومدينة الرسول ..ومدافن الصحابة في أرض البقيع الطاهرة ..رحل بو هاشم الرجل الكريم ، الصوام القوام ، الوفي صاحب الابتسامة العريضة ، الهاش الباش. الذي يستقبلك عند ابواب منزله بكل ترحاب ،وعناق ، ويخدمك بنفسه ، ويخجلك بتواضعه الجم ، وانسانيته الرقيقة ..وفكاهته التلقائية ، وبداهته الحاضرة وأدبه الرصين . ومعرفته العميقة بمشارب الناس وانسابهم ، واحسابهم ..رحل ابو هاشم خبير التدريب الإداري في مجال الموارد البشرية ، والمتخصص في الإشراف والتدريب الفني والتقني في مجال النفط ، وعمليات تكرير البترول ..حيث يعتبر الراحل ابو هاشم واحدة من خمسة خبراء في مجال التدريب النفطي في السودان .. حيث عمل في مصفاة بورتسودان لأكثر من ثلاثون عاماً... وتخرج علي يديه الكثير من الفنيين والتقنيين والمتخصصين في مجال صناعة البترول في السودان ..وبعد تقاعده للمعاش من مصفاة بورتسودات. اختاره مركز التدريب النفطي ، كخبير معتمد للتدريب النفطي، واشرف علي تدريب العاملين في مجال البترول ، متنقلاً ما بين الخرطوم مقر المركز ، ومناطق حقول انتاج البترول في هجليج والمجلد ، وابيي وغيرها...فقد أعطي الراحل ابو هاشم من علمه وخبراته وتجاربه الثرة لوطنه ، وابناء وطنه الكثير المفيد ..في اندر مجال حيوي ومهم .. وفي تخصص دقيق ، وصناعة تقنية عاليه الحساسية كالبترول ..نسأل الله ان يثقل ذلك ميزان حسناته ...رحل ابو هاشم السياسي المخضرم ، والنقابي العمالي العتيق ، والمناضل الثوري المغوار ..والمثقف الحصيف ، والمفكر العميق ، والخطيب المفوه الذي لا يشق له غبار في المحافل والملتقيات والمؤتمرات ..يجذبك لتستمع اليه ، ونبرات صوته المتميزة تداعب أذنيك . وعباراته القوية تنزل علي ظهر قلبك برداً وسلاماً...وحججه القوية تعطيك خارطة بارزة المعالم ، معززة بالبرهان الساطع ، والدليل القاطع...رحل شيخ العرب ابو هاشم ، وعمدة العمد ، وزين رؤساء مجالس شوري القبائل ..جمع فأوعي في طيات صحائفه الناصعة ، كل خصال النبل والكرم والشهامة والرونق والنجدة واغاثة الملهوف ..مارس العمل العام فأجاده ، وقاد التغيير المجتمعي فأنجزه ، وعمل في جهاز الخدمة المدنية عالماً وخبيراً ومدرباً ومتخصصاً فتفوق فيه بإمتياز ... وفي المقابل كان عمدة في عشرته عد ادريس ود ناود فأستحق احترامهم ... وشغل رئيساً لمجلس شوري الحباب كأول مؤسسة مدنية أهلية اجتماعية خدمية ففاز بتقدير وامتنان الجميع ...وهكذا الراحل ابو هاشم ..هو...هو.. كالمطر اينما وقع نفع ..واينما هطل نبت الزرع ، وامتلأ الضرع ..وحسبه من ذلك مرضات الله ، وخدمة البلاد والعباد ورضاء المجتمع .الراحل ابو هاشم داخله كخارجه في البياض ..لم يحمل حقداً ، ولا ضغينة ، ولا حسداً لأحد...ولم يمتلك من حطام الدنيا شيئاً ، رغم انها سعت اليه بخيلها وخيلاءها ، وجاءته المناصب ، والمغريات والترقيات هرولة ..الا انها لم تملك قلبه الزاهق ، وعقله الورع ..وها هو اليوم الراحل بوا هاشم يخرج من الدنيا ، كما ولدته امه.. زاهداً ، متواضعاً في كل شيء ...وهكذا حال الأتقياء الأنقياء الصالحين في الحياة ما قبل الرحيل .. وبعد الرحيل تبقي ذكراهم الطيبة ، ومآثرهم الخيرة ، وصفاتهم النيرة ، تتري ذكراً للأخرين الي يوم يبعثون...سيدي الراحل ابو هاشم طبت حياً ، وطبت ميتاً ، وتبوأت من الجنة منزلاً.. ففقدك كبير ، ومصابك أليم ، وجرح غيابك عميق ، ومساحة الفراغ التي خلفتها واسعة ، من الصعب سدها في هذه الظروف الحرجة ...لكن لا نقول الا من يرضي ربنا ..حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم ..وانا لله وانا اليه راجعون...وأن القلب ليحزن ، وان العين لتدمع وان بفراقك يا ابو هاشم المحزونون ...وتعازينا القلبية لأسرة ابو هاشم الصغيرة ممثلة في ابنه البار الدكتور هاشم ..ولأهلنا الكرام آل كنتيباي ادريس ود ناود ...وعموم أهلنا الحباب ممثلين في زعيمهم وكبيرهم السيد الناظر كنتيباي محمود بن كنتيباي حسين ..وعموم اهلنا البني عامر ، وكافة أهلنا البجا في شرق السودان ممثلين في نظاراتهم وعمودياتهم ومشايخهم .. والعزاء موصول ايضاً لكل بناء الشعبين الشقيقين السوداني والإرتري...فالراحل المقيم محمد نور ابو هاشم عطاءه وعمله وخيره وجهده واجتهاده ونضاله وثورته وإنسانيته ، تعدت الحدود وكسرت القيود...وانداحت وتوسعت ، وامتده بامتداد الجغرافية والديمغرافية التي تشمل اليوم السودان وارتريا ...ومن هنا نرسل التعازي الحارة في الفقيد الراحل ابوهاشم لأهلنا وأشقاءنا في كل عموم ارتريا...ولكل اصدقاء ورفقاء درب الراحل ..وشركاء الثورة ، واخوة النضال ، وامناء القضية ..وزملاء البندقية...ولأن رحل ابو هاشم جسداً ، وارتفعت روحه الي اعالي الجنان .. الا سيرته باقية ، وشجرت ثماره يانعة ، وبحر عطاءه زاخر ، وبذرة تلاميذ هنا وهناك منتشرة خيراً وبركة وعطاءً وتواصلاً..وجذوة فكره ، وعصارة جهده ، وذكري مآثره متقدة تزداد لمعاناً وتوهجاً...وان الأجساد تبلي ، والاعمار تفني ..والحياة تزول ..ولكن الأفكار تبقي ، وترسل جذورها الي اعماق الأرض الطيبة ، والمشاريع تزدهر ..والأجيال تتوارث هذا الإرث الذي لا ينضب معينه. في سلسلة غير منقطة لتواصل الأجيال...نعم ماذا عساي ان افعل .. وليس عندي ما اقول في امام هذا الرحيل الفاجع ، والفراق المر ، والحزن الأليم ..غير قول رحم الله ابو هاشم بقدر ما أعطي ، وقدم الخير للناس...واسكنه فسيح الجنان ..اللهم لا ترحمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله...اللهم انه عبدك وابن عبد وابن امتك ، ناصيته بيدك ، ماض فيه حكمك ، نافذ فيه قضائك ..اجعله يا ربي في صدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة ...اللهم انزل علي قبره شآبيب الرحمة ، وظلال الغفران ، وثبته يا ربي عن السؤال...وفتح له ابواب الجنان ..واغلق عنه ابواب النيران.......أمين يا رب العالمين.........
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست