نص قصصي " الغزلان الشاردة" : بقادي الحاج أحمد الغزلان الشاردة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 05:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-09-2014, 10:05 AM

بقادى الحاج أحمد
<aبقادى الحاج أحمد
تاريخ التسجيل: 04-09-2014
مجموع المشاركات: 9

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نص قصصي " الغزلان الشاردة" : بقادي الحاج أحمد الغزلان الشاردة

    اليوم المطير
    لم تشرق الشمس في ذلك اليوم، حجبت السحب أشعتها من مداعبة أديم الأرض. هطلت الأمطار الغزيرة ليلاً، مازلت السحب حبلي بالمزيد، خلفت الأمطار برك المياة الكثيرة على الأرض المنبسطة، تلك التي تفصل بين ضاحية أمبدة - أم درمان الجديدة والمنطقة الصناعية.
    كنا أنا وشقيقي وأبن عمي بصحبة الوالد في صباح اليوم المطير. مبكرين قاصدين أحد الشركات، حيث نعمل ثلاثتنا خلال اجازة المدارس. المسافة عادة نقطعها بالباصات، وعندما تتعذر نقطعها سيراً على الأقدام، اليوم بسبب الأمطار التي بدأت تعاود الهطول سوف نقطعها جرياً.
    " يلا يا أولاد نجري قبل ما تصب المطرة ". كنا ننتظر هذا التشجيع من الوالد. كل شىء حولنا: الأرض المبللة، مياة البرك المتناثرة على الأرض المنبسطة كأنها ملاءات بيضاء موزعة في مساحات وأشكال غير منتظمة في هذا الفضاء الواسع، السحب فوقنا، رذاذ المطر المتزايد، رائحة الخريف، كل شىء، كل شىء يدعو ويحرض على الجري والانطلاق في عنفوان الشباب.
    " يلا نجرى.. الجري دا ما حقنا.." نجري خلف الكرة، كلما منحتنا الشمس عصر يوم جديد، نواصل اللعب والجري حتي تنحسر الرؤية وتتقدم العتمة معلنة عن وصول الليل. جاءت دعوة الوالد في وقتها، لو تأخرت كنا دعوناه نحن الثلاثة تلبية لنداء الطبيعة والشباب في ذلك اليوم المطير، ولأننا لم نكن نرغب أن نترك الوالد خلفنا وهو في منتصف العمر يعاني ويكابد مشقة الجري ويتعثر في برك المياه، لم ندعوه للجري، الآن وقد اضاء لنا الضوء الأخضر، سوف نريه كيف يكون الجري والانطلاق والشباب.
    انطلقنا ثلاثتنا في سباق. نجري ونقفز فوق برك المياه الصغيرة بحيوية ورشاقة الغزلان. تركنا الوالد خلفنا يجري على مهل. قطعنا نصف المسافة، تقدمنا أبن عمي أو شقيقي لا أذكر، ولكن ما أذكره، لم أكن أنا المتقدم، وما أذكره أيضاً أن ثلاثتنا تعبنا ووقفنا لنرتاح ونحن نلهث ونضحك من متعتة الجري ونتيجة السباق. لم يطول وقت استراحتنا لحق بنا الوالد وهو يجري بنفس الايقاع الذي بدأ به على مهل كعداء المسافات الطويلة. يلا يا شباب واصلوا، كانت هذه "اليلا" غير الأولي التي طرنا بها فرحاً وبدأنا السباق. كانت يلا أخرى لم نكن نتوقعها، فارقت البهجه وذهبت في اتجاه غير ما نحب ونشتهي، اتجاه غير مبهج. تركنا الوالد ننظر لبعضنا البعض وتقدم هو. أصبح الوالد هو القائد ونحن نلهس خلفه، المسافة بيينا في اتساع مستمر، هو يتقدم ونحن نتأخر. راينا برك المياه البيضاء سوداء اللون، اختلطت علينا الألون: لون الأرض، لون المياه، والبقع السوداء الجديدة، انخفضت طاقة القفز إلى ما تحت الصفر، أصبحنا ثلاثتنا نتخبط في المياة، في حالة أقرب إلى السقوط وأبعد من الجري المنتظم، عندما وصلنا وجدنا الوالد في نفس حالته التي بدأ بها الجري، يتنفس بشكل طبيعي، صدره لا يعلو ويهبط، ورئتيه لا تقذف الكحة والبلغم، كما كنا نفعل نحن الثلاثة.
    في ذلك اليوم المطير كنا ثلاثتنا على موعد مع سباق من نوع غير عادي، قدم لنا الوالد درس مبلل بماء المطر، درس تطبيقي: في اللهو، في الجري في التنظيم.
    أمطار تغسل الأحزان.
    في كردفان في غرب السودان، عندما تهطل الامطار بغزارة في الخريف تعود الأبقار من البحر- النهر إلى مناطق الزراعة، وكذلك يقترب الصيد البري من المناطق المأهولة بالسكان، ويبتعد عن المياه الكثيرة والذباب، يصبح الصيد في متناول الوالد ورفاق صباه. يخرجون عند الفجر في رحلة صيد بصحبة كلاب الصيد المدربة يستفيدون من حاسة شمها القوية وسرعتها في الجري. لا يحملون زاد ولا ماء، في البرالماء هنالك في البرك، في بحيرات أمطار الخريف، الطعام أيضاً في الغابة، اللحم المشوي على الطبيعة من ما يصطادون من طرائد، فقط يحملون معهم اسلحتهم وكبريت لوقود النار وشطة وملح للطعام.
    عند العثور على الطريدة تطلق الكلاب في أثرها لكي تحاصرها وتمنعها من التقدم ليلحق بها المنطلقون في أثر الطريدة والكلاب. أول من يصل ويعالج الطريدة له جائزة السبق، الجلد والراس أضافة إلى نصيبه من اللحم كباقي أفراد المجموعة. كان الوالد حاصد للجوائز باستمرار.
    اليوم المطير كان بمثابة المحرك الذي جعل الوالد يستدعي ذكريات الأيام الخوالي في كردفان، أيام الصيد والجري في البر، في الأرض المبللة وسط برك المياه، التي خلفتها امطار الخريف.
    في مرة عندما اطلقوا الكلاب خلف الطريدة الصمت كان عالياً، عدا أصوات الغابة لم يسمعوا شىء، تصنتوا لسماع صوت نباح الكلاب، خاصة ال######ة النباحة، التي تنبح على مستويات مختلفة محفوظه لديهم، إذا كان النباح متقطع يعني أن المطاردة مازالت مستمرة مع الطريدة، عندما يكون النباح متواصل يعني ان الطريدة حوصرت ووقفت لتقاتل، إذا تقطع النباح مرة أخرى يعني أن الطريدة فلتت منهم مره أخرى ومجموعة كلاب في أثرها منطلقه، وإذا انقطع النباح لمدة طويلة يعني أن الطريدة فلت منهم إلى الأبد، سوف يعثرون على مجموعة الكلاب في حالة يرثي لها من التعب والحزن لتذوق طعم الفشل المر وعدم تذوق لحم الطريدة الذي يقدم لهم طازجاً بعد السلخ.
    في الطريق وجد ال######ة النباحة مطعونة ترقد مضرجة في دمائها، واصل الوالد تقدمه بعد أن عرف سبب الصمت. بعد ذلك وجد مجموعة الكلاب تحاصر الطريدة، التي جعلت ماء البحيرة يحمي ظهرها وقفت بقرونها المشرعة كما الحراب في انتظار أي مغامر.
    كأول الواصلين اكتشف أن الطريدة ثور وحشي كبير، وليس بقرة او غزالة صغيرة كما ظنوا. أعمل التفكير قبل ان يتعامل مع الثور، الذي حمي ظهره بماء البحيرة، خاض ودخل في اليم حتي جاءه في مستوى قريب من البطن، استدار واستقبل القادمون مستعداً للنزال. وصل الرفاق. أشار عليهم الوالد بأن الثور يجب ان يخرج من الماء أولاً لتسهل معالجته، التعامل معه هو داخل الماء ستكون نتائجها خطره عليهم، خاصة أنهم يمكن يخسروا أكثر من ال######ة النباحه. اتفقوا على سحب الكلاب وأن يكمنوا متفريقين في الجهات الثلاثة بعيداً عن أنظار وحاسة شم وسمع الثور الهائج. بعد فترة عندما بدى للثور انهم رحلوا خرج من الماء، عندها تعاملوا معه عادوا محملين بالكثير من اللحم والاحزان، بعد أن واروا ال######ة النباحة خلف الشجيرات في طريق العودة.
    خيموا ليمضوا الليل، في الصباح يرسلوا من يحضر الحمير لحمل اللحم الكثير. هطلت الأمطار لتغسل التعب، لتغسل الأحزان.

    بقادي الحاج أحمد
    مدينة الخبر أبريل 2014م























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de