حوى العدد رقم 2630 من هذه الصحيفة ، والصادر الثلاثاء السادس من نوفمبر الجاري حوارآ مع والي القضارف المهندس ميرغني صالح سيد أحمد ، أجرته معه بالقضارف الأستاذة رابعة العدوية . ورأيت ضرورة التوقف عند الحوار ؛ للدور الكبير للقضارف ولما لها من ميزات وفرص كبيرة والتي ان تمت حسن إدارتها ، وتوافرت مجموعة عوامل وعناصر ( مفتقدة الآن ) لكان لها شأن آخر ، فيجب أن تكون الأوضاع فيها مثالية لإعتبارات كثيرة ... وأيضآ لتناولي المتكرر لها بهذه الزاوية ، والتي إعتبر دومآ أنها تستحق أوضاع وظروف أفضل من التي تعيشها القضارف الآن ( كمؤسسات ) أو كأوضاع معيشة تنهك تفاصيلها مواطنيها الكرام . للأسف تحدث الوالي حديث يكاد يكون أقرب لحديث غير المطلع على أوضاع ( وأوجاع ) الولاية الحقيقية ؛ وكان ذلك واضحآ من خلال إجابته عن السؤال الأول المتعلق بأوضاع الزراعة بالولاية ، فقد إعتبر الوالي ان أهم مشكلات الزراعة بالقضارف هي التقاوي المحسنة !! ... ونسى أو تناسى أهم نقطتي أساس في العملية الزراعية ( برمتها ) والمتمثلة في التمويل الزراعي ، والوقود ، وخِلته يتحدث عن مجهوداته في موضوع التمويل الزراعي الذي تضاعفت مشكلته هذا المؤسم بحالة شُح السيولة ( الكاش ) أو بما قام به في توفير الوقود وكان المتضرر الأكبر فيه هم صغار المزارعين ، واؤلئك الذي يزرعون مساحات صغيرة تغطى متطلبات المعيشة وتوفير القوت ؛ إذ ارتفعت تكاليف حرث الأرض بصورة كبيرة في بعض المناطق ، فموضوع التقاوي المحسنة هو ثانوي لدرجة أنه قد يكون مجال استثماري يهتم به القطاع الخاص مثل المبيدات والأسمدة ، فالأولى أن يتوقف الوالي عند المشكلة الأساسية ، وقبل فترة قصيرة تناولت هنا هذا الأمر وتحدثت صراحة عن المخاطر والمهددات التي تستمر مع المزارع طيلة فترة المؤسم الزراعي وإلى ما بعد الحصاد ؛ وأعني سعر بيع المحصول ، إضافة الى المشكلة الجديدة المتمثلة في السيولة فبالحوار أيضآ تعليق للوالي على موضوع توفر السيولة بأسواق المحاصيل ، و كان رده بأن لا مشكلة فيها وفي الوقت نفسه تم اعتماد التعامل بالشيكات بأسواق محاصيل القضارف ، وهذا شئ يتضرر منه ( فقط الفقراء وصغار المزراعين ) الذين لديهم إلتزامات مادية عليهم الوفاء بها ( استحقاقات عمال ، أو دفع مبالغ للغير بطرفهم ) وهم للأسف مجبرين على البيع ( نقدآ ) و بأسعار أقل من البورصة ، فالمزارع البسيط قد يكون لم يدخل لبنك طوال حياته ؛ بمعنى أنه ليس لديه حساب مصرفي ، ولم يسبق له أن أمسك بورقة شيك فكيف له أن يستوعب فكرة البيع واستلام شيك مصرفي ؟؟ .. والأمر السيئ سادتي – كما في الحالة العامة بالسودان الآن - و بالرغم من أنه مؤخرآ بدأث ثقافة التعاملات المصرفية والثقة في البنوك آخذة في التزايد ؛ إلا أنه تم نسفها بصورة كبيرة في الفترة الماضية والجميع يعرف الأسباب ، وقد تنبأت بموضوع نسف الثقة هذه هنا أيضآ – فور إتخاذ القرارات التي دعتني لذلك - ومحذرآ من أن أثرها سيدوم طويلآ ، وسيكلف الدولة والبنوك والإقتصاد ( معآ ) ولكن !! . فليت الوالي يقوم ذات نهار بزيارة فجائية ( غير مبرمجة ، ومن غير ضجيج سرينة ) لأسواق محاصيله ويتابع ما يجري . أما حديث الوالي عن إدخال ثقافة التقاوي المحسنة للمزراعين ( كمشكلة تواجهه ) فهو أمر غريب فعلآ ؛ بإعتبار أن بولايته وزارة للزراعة ، وبها إرشاد زراعي ، وإدارات أخرى ، وجهاز اعلامي متنوع ، وحتى الوالي نفسه منوط به التوجيه لوضع خطط وبرامج تثقيفية للمزراع تختص بالتقاوي المحسنة ، يتابعها ويرعاها ، وعندها ؛ سيسود أمر التقاوي المحسنة وفي وقت قصير جدآ ، ومن المؤسف طرح هذا الموضوع ( كمشكلة ) !! أما فيما يتعلق بمشروع الحل الجذري لمياه القضارف ، وبالرغم من انه أسهب في الحديث عنه ؛ إلا أنه حديث يخالف الواقع من ناحية الدقة ( في التخطيط ، والتنفيذ ) وبدليل أن الوالي نفسه قطع وعودآ عديدة لنهايته فضلآ عن تعدد الشركات ... وعلى كلٍ أرى أن المطلوب فيه ( فقط ) الشفافية ، مع تحديد جهةٍ تقدم المعلومات المطلوبة للصحافة عن مشروع الحل الجذري لمياه القضارف ؛ ليتم نشرها للرأي العام ، وقبلآ أحد الصحفيين كتب عن أنه سعي للحصول على معلومات فوجد نفسه متجولآ بين المؤسسات والمكاتب وعند النقطة الأخيرة كان الامتناع عن تقديم معلومات ( للصحفيين ) لسبب غير مقنعٍ البتة ! المطلوب الإعلان عن جهة تقدم المعلومات ( كل المعلومات ) عن هذا المشروع فهو ليس كالمشروعات العسكرية - مثلآ - التي تتطلب السرية لدواعٍ مُقدرة و معلومة ، فهل الإفصاح عن كل ما يُطلب في موضوع المشروع بالأمر الصعب ؟ ولن أتوقف عند حديثه عن موضوع المراجع العام كثيرآ ؛ ولكني سأكتفي بملاحظة عن الوالي عند رده على مثل هذه الجوانب ؛ فهي التقليل من أهمية ( ما تلف وضاع ، أو ما تم إختلاسه !! ) .. فمثلآ العام الماضي كَثُرَ الحديث عن تَلف الذرة التابعة لديوان الزكاة ، والذي هو مال الفقراء والمساكين وبيقة المصارف ، و كان رد الوالي أيضآ يُفهم على أنه ما حصلَ عليه ديوان الزكاة أكثر بكثير من الذي تلف ! .. وهاهو الآن يكررها في الحوار معه عن تقرير المراجع فيما يتعلق بالزكاة بقوله : " حصل تداخل بين التوريد النقدي ، والتوريد العيني والمبلغ محدود جدآ " ... وبرأيكم ما الذي يعنيه الوالي بعبارة " المبلغ محدود جدآ " هذه ؟؟! فهل أن المبلغ لا يتسحق كل هذا الضجيج ، مثل الذرة التي تلفت سابقآ ؟؟ عليه أقول للوالي يجب عليك من موقعك أن تحرص على مال الفقراء ، والمال العام ( بالولاية ) لدرجة تَحِملك على الإعتذار وفتح تحقيق ، حتى إن كان مقدار ( مد ) من الذرة ! . أما الحديث عن أحداث الحمراء المؤسفة فقد كان السؤال واضحآ للوالي ؛ اذا كان هنالك تقصير منه ، او أي من مؤسسات الولاية فنجد ان إبتدر إجابته بقوله :" لم نقصر " وفي الوقت نفسه يتناقض هذا مع ما حدث ؛ فالتقصير والإخفاق ، والفشل وراء كل كارثة ( هذا بطبيعة الحال ) ... فللدولة أجهزة وإمكانيات وسلطة تجعلها تقف أمام أي درجة تحريض ممكنة ؛ وتبطل مفعولها ، فضلآ عن أن ما حدث كان يُنذر بحدوثه فالأمر كان بمناضد وأروقة مؤسسات الولاية المختلفة ،، فالوصول للمنطقة بعد الحدث و وقوفك على ما جرى ، بل وإجتماع اللجنة الأمنية للثانية صباحآ ؛ كله وصول متأخر وبعد " خراب سوبا " كما يقال ، ولن يجبر الكسر أو يعوض الفقد ،،، فتصريف الأمور بحكمة وإهتمام هو المحك ، كما أن أجهزة ( التنبؤ ) لديك تعمل بإعتقادي !! . هنا أذكِر الوالي بما تناوله الأستاذ عثمان ميرغني بالتيار الغراء ، فقد نبه أيضآ الى أن عدم الإستجابة السريعة (..) هو أن الأمر بالحمراء لا يتعلق بهتاف و إحتجاج أو ما يشبه فلو كان كذلك لتوجهت الحشود للمنطقة !! أخيرآ .. قُدِمت للوالي أسئلة أخيرة ( مثل تقييم تجربته حتى الآن ، او اذا كان راضِ عنها ) فقد حمد الله على ما تمْ .. وهنا أريد أن أعرف مالذي قد تَمْ ؟ ونجده أيضآ قد أثنى على صندوق تنمية الشرق ... ونحن أيضآ نثني عليه ، ولكن يبقى الانجاز الذي حققه الصندوق يُحسب له ، فهلا عدد الوالي إنجازاته حتى الآن ؟ كما أنني لم أتوقع قط أن لا يذكر إهتمامه بمعاش النــــاس في ظل هذه الظروف الإقتصادية المعقدة ... فهل مواطن الولاية ومعاشه خارج إهتمامات الوالي لدرجة أنه لا يتوقف عند هذا الموضوع ، وبذكر تفاصيل وإجراءات ومجهودات له تتعلق بالأمر ؟ اما عند سؤاله عن بابه المفتوح ( أو المغلق ) فأفهم الأمر أن الصحفية كانت تعني باب مكتبه وليس باب بيته ، فالعُرف عند كل ولاة الأمر – من باب المسؤولية وقبولها والقضارف لن تكون إستثناء - هو تخصيص وقت أو يوم لمقابلة أصحاب الحاجات التي تستدعي مقابلتهم ( لمختلف الأسباب والأغراض ) وولاة الأمر هم من الناس ، ولأجل الناس ( هذا هو الأصل بإعتقادي ) ، فجمع الطلبات وتقديمها له مثلآ ليعلق عليها أمر يُحدِث عن علاقة ( جافة ) بين الوالي ورعيته ، وبرأيي أن الإجتماعات والعمل المتواصل – كما علل هو - مبرر غير مقنع ... فمواطن الولاية يُعتبر جزء من هذا العمل المتواصل ، و يجب أن يُخصص له وقت ( يومي ، اسبوعي ، شهري ) عبر تنسيق وآلية محددة ... ومع هذا بعض أماكن الخدمة تتطلب زيارة الوالي بصورة مفاجئة كما أسلفت أعلاه ( مثل مكتب الزكاة ، ومكتب زكاة البلدية ، الرعاية الإجتماعية ، المستشفى التعليمي وغيرها من الأماكن والمؤسسات ) ومعرفة دواعي تواجد بعض المواطنين هناك ، والتعرف على تفاصيل حاجتهم وموقف طلباتهم ؛ على الأقل حتى ( يألف)المواطن شخصية الوالي ( الذي يرعى شؤون ولايته وأمورها ) . وسلام يا القضارف .. ألف سلامة ،،، وسلام . الجريدة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أيمن الصادق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست