لم يكن أحد يتوقع أن تصبح مجرد مباراة في كرة القدم (مانشيتاً) لصحيفة سياسية.. لكن الأكثر إدهاشاً أن تكون اللعبة بين قبيلتين في السودان.. أوردت الزميلة الانتباهة في عدد الأمس أن مدينة أبوكارنكا شهدت مبارأة رياضية بين قبيلتي المعاليا والرزيقات .. وأن مباراة الإياب ستكون في الضعين حاضرة الرزيقات.. لم أكن أتوقع أن بلدنا وصل إلى هذا الدرك من القبلية.. ومن قبل تنبأ وزير نافذ من يوم سيتم توزيع الفريق القومي لكرة القدم على أساس قبلي بعد أن شهد بأم عينيه صراع الأجندة القبلية حاضراً في مفاصل الدولة ودواوينها. أمس الأول شهد فاصلاً جديداً في تصاعد العنف في دارفور.. حيث تمكنت قوات الدعم السريع من أسر المقدم علي رزق الله قائد إحدى المجموعات المتمردة في الإقليم الجريح.. لكن في البداية علينا إلقاء الضوء على الشاب الشهير بالسافنا صاحب الشعر المسدل على طريقة الفنان الراحل بوب مارلي.. ربما يكون سافنا أصغر من يتقلد رتبة المقدم باعتباره من مواليد العام ١٩٩٠.. كان سافنا ضمن قوات علي كاربينو المتمردة، ثم صالح الحكومة ولكنه عاد وتمرد.. في الفاصل قبل الأخير استجاب لنداء الحوار الوطني وحضر للخرطوم .. توزيع مغانم الحوار وفّر للشاب الطموح منصب نائب بأحد المجالس التشريعية .. الحصاد البائس جعل الشاب يعود مرة أخرى لسفح الجبل، إلى أن وقع في براثن قوات الدعم السريع. تصاعدت الأحداث بعد إعلان خبر أسر سافنا المقرّب من قوات الصحوة التي يقودها الشيخ موسى هلال.. حيث أعلنت هذه القوات خبر اعتقال الشاب في بيان يطغى عليه بعض الحماس.. وقبل ذلك كان موسى هلال الغاضب يدفع بعلي مجوك المؤمن ليفتح باباً للتواصل مع الحركات المسلحة.. لكن موسى هلال كان دائماً يحتفظ بشعرة معاوية مع الحكومة لأنه يدرك أنه ربما يدفع ثمناً باهظاً لشق عصا الطاعة لا يقل عن مصير سافنا.. لكن الذين يعرفون الشيخ هلال يعلمون أنه قابل للاستفزاز وسريع الانفعال وربما يتصرف بشكل غير متوقع .. وقد حدث منه مثل هذا السيناريو مع قوات حكومية كان قد استضافها قبل سنوات في مقر إقامته في مستريحة. البعض يعتقد أن سياسة وضع المتفلتين في (العلب) والتي عبر عنها الفريق حميدتي قائد قوات الدعم السريع باتت تؤتي أكلها عبر سياسة الحسم التي واكبت نزع السلاح من أيدي المواطنين المدنيين.. أغلب الظن أن الحكومة ستسير في طريق المواجهة حتى ولو فقدت حليفاً سابقاً في قوة موسى هلال.. الاقتراب من حمى هلال يحمل رسالة واضحة أن لا كبير عند الحكومة ولا ما ضٍ يشفع لحاضر.. مثل هذه السياسة يمكن أن تفرض الأمن أو تقود إلى صراع جديد وجولة أولى من الحروب الأهلية. في تقديري أن على الحكومة أن تتذكر أن سيناريو حرب دارفور ربما اتخذ طريقا ًمغايراً لو أن أجندة الحكمة كانت حاضرة تلك الأيام.. بعيد تمرد مني مناوي أرسل الحزب الحاكم لجنة لتفقد الأوضاع في جبل مرة من بين أعضائها الدكتور فرح مصطفى وزير التربية الحالي بالخرطوم .. كادت اللجنة أن تقنع مناوي ورفاقه بوضع سلاحهم والهبوط من سطح الجبل.. بل إن الجانبين الحكومي والمتمرد شرعا في تفاصيل ترتيبات إنهاء الصراع قبل انطلاق الطلقة الأولى .. لكن جهات في المركز ذات حماس طاغ رأت استخدام الطلقة في مقام الحكمة .. عند ذاك المقام حدث الانفجار الكبير والمفاجئ ووصلت النيران إلى محيط مطار الفاشر.. ثم اندلع الحريق بكثافة جعلت العالم يرسل لنا قوات أممية لتفصل بيننا وبين أهلينا في دارفور. بصراحة.. على القيادة أن تدرك أن إشعال حرب جديدة في دارفور ربما يحدث عبر رسالة ملغومة أو سوء تقدير سياسي.. في مثل هذه الأحوال يجب أن تكون الحكمة حاضرة في سياق معقد من الأحداث.. إذا ما وضعت الحكومة قدمها على ذيل القط ولو من باب الخطأ ستكون النتائج وخيمة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالباقي الظافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست