بعد أن درست إنجازات الكثيرين من أفراد النخبة السودانية وتدبرت تأثيرهم على المجتمع السوداني ما بقي لدي أدنى شك في أن منصور خالد هو أشد أفراد هذه النخبة إدمانا للفشل وإغراقا فيه. وذلك بالرغم من أنه في كتابه الذي كتبه بهذا المعنى يدمغ بهذه الصفة غيره ويجهد في تبرئة نفسه منها.ومن آيات فشله أنه عاش زهاء ثلث قرن ولا عمل له إلا مناصرة عدوان المتمردين الجنوبيين على الوطن الكريم.وفي هذه الغضون ابتذل نفسه في الدفاع عن المتمردين الجنوبيين في مختلف المنابر الإقليمية والدولية.وبذل أقصى جهده في سبيل إعانتهم بواسطة المنظمات الدولية وأجهزة التخابر العالمي والكيد الصليبي التي عمل في خدمتها وعرفها بأكثر مما عرفونها. وقد ضاق المدعو منصور خالد بكل شأن شمالي ونازعه، واتهم النخبة الشمالية من لدن نخبة مؤتمر الخريجين بأنها ذات نزعة عربية مناوئة للنزعة الإفريقية التي ظل هو يتاجر بها ويسترزق منها.وكان ما دفع به لدمغ أبكار الخريجين بمنازعة النزعة الإفريقية أن الرائد الوطني الذي لم يكذب أهله الأستاذ المجاهد خضر حمد نظم نشيدا جاء فيه:أمةٌ أصلُها للعرَب دينُها خيرُ دينٍ يُحب!وهذا ما أطار صواب منصور خالد لأنه لا يضمر في قلبه أدنى حب للعرب ولا أدنى ولاء للدين.وما زال منصور خالد يتقلب في قِلاه لمقومات الوطن السوداني حتى اندفع بجهد محموم لتأييد حرب الجنوبيين على الشماليين وهي الحرب التي انتهت بتمزيق البلاد.ثم مهدت الجو الجنوبي لحرب طاحنة شنها الرفاق القبليون بعضهم على بعض.وهي حرب ضروس مؤسفة، نقول ذلك لأن معظم ضحاياها من جموع الجنوبيين الأبرياء. وإن كانت قد أفنت هذه الحرب كذلك كثيرا من رؤوس الإجرام بالجيش الشعبي الذي كان يحارب الشمال.وبدلا من أن يعترف منصور خالد بموبقاته ويعترف بفشله ويعبر عن خيبة أمله لاحتراق دويلة جنوب السودان، إذا به يتبجح بكل ما أوتي من صلافة وصلابة وجه، ويهاجم السودانيين قائلا: لماذا تعيبون على الجنوبيين حربهم الأهلية وأنتم تشهدون الحرب الأهلية عندكم بين قبيلتي المعاليا والرزيقات؟وفي تبريره لسماجته هذه اجترح زعما تضليليا مفاده أن كلا الحربين اندلعتا من أجل موارد الأرض، أي الكلأ والسقيا، وقال إن ذلك شأن عادي في الدول المتخلفة.وجانب التضليل الذي انطوى عليه كلامه يبدو في تجاهله لحقيقة أن الحرب الأهلية في دويلة جنوب السودان لا تشبه حرب المعاليا والرزيقات في أي ملمح من ملامحها.فهاتان القبيلتان الشماليتان تتحاربان من أجل الموارد فعلا.أما الجنوبيون فإنهم لا يحتربون من أجل الموارد، وإنما من أجل السلطة السياسية العليا، ولمن تكون: أللدينكا أم للشلك أم للنوير؟ويدرك كل ذو لبٍّ أن حرب القبيلتين الشماليتين إنما هي حرب محدودة؛ زمانا ومكانا وامكانات.وأنها سرعان ما تخبو وتخمد بعد جولة أو جولات قلائل.وأنها حرب بسيطة لا تستخدم فيها الدبابات، ولا المدافع، ولا الطائرات، ولا الجيوش النظامية، ولا تنهار الدولة بسببها، كما هو الحال في حرب دويلة جنوب السودان.وحرب القبيلتين الشماليتين -على علاتها!- أرحم بكثير من حرب الجنوبيين بعضهم على بعض، ففي حرب الجنوبيين فظائع تقشعر لهولها الأبدان إذ لا يرعون لبعضهم بعضا إلَّا ولا ذمة.ومن آيات خيبة منصور خالد أنه يسخر من السودانيين بهذا النهج المرذول، ثم يتخذ بلادهم مقرا لإقامته لما تبقي له من عمر بائس قضى جله في الكيد لهذا الوطن.وقد كان خيرا منه، أو لنقل: كان أقل سوءا منه، زميله عرمان الذي فر إلى دويلة جنوب السودان بعد الانفصال.وقد كان أولى بهذا الآبق منصور خالد أن يستنصر بمن ناصرهم من المتمردين الجنوبيين، وألا يستعصم ويستذري بمن خالفهم وخذلهم من قومه وبني جلدته الشماليين.بل كان الأولى به أن يهرب من السودان، مثلما هرب يوم اختلف مع النميري جزعا يده الباطشة.وكان الأولى به أن يخرج من السودان خلسة، كما فرَّ أيام حكومة الجزولي من محاولة القانونيين من أقطاب التجمع الوطني القبض عليه وتقديمه للمحاكمة، فتسلل لِواذا من دار الإذاعة مباشرة إلى مطار الخرطوم!لقد آثر منصور خالد أن يقيم بالسودان، مستفيدا من تسامح حكومته، ومن تفريطها في حقوق شعبها وأرضها، وبقي متلبثا ينتهز فرصة يهتبلها ليبث سموم حقده وسخائمه على الوطن مجددا. وقد سنحت له هذه الفرصة بإعلان زميله باقان أموم نيته المريبة لزيارة الخرطوم.وهنا جادت قريحة منصور خالد بثناء لا يصدر إلا عن أثيم مثله بحق أثيم لئيم مثل باقان أموم.وعلى هامش ثنائه وتزكيته لباقان أموم حث منصور خالد الحكومة السودانية لكي تتعطف باستقباله، ثم تتكرم فتفسح له مجالا يفترع منه فصلا جديدا من فصول تآمره على البلاد.وكأنما لدغة واحدة لا تكفي لتنبيه حكامنا لخطورة هذا الجُحر الذي يسكنه منصور ويقطنه أموم.وعندما التقى فئة بريئة من طلاب ما يسمى بالمؤتمر الوطني بعثت بهم نخبة من نخبه الفاشلة للقائه كرر منصور خالد حديثه في تزكية زميله مجرم الحرب باقان الذي هاجم كسلا وقتل أهلها وعاث فيها فسادا.ولو بعثت قيادة المؤتمر الوطني طلابها للقاء عفريت مارد من شياطين الجن لكان خيرا لهم وأجدى وأسدى.ولا شك أن منصورا هو الأشد حقدا وخبثا وكيدا من الجميع. ولا ريب عندي أنه أخيب أفراد النخبة السودانية وأبطلهم على الإطلاق.وفي كتابي قيد التحرير (أبرز مائة شخصية سودانية) اتخذت معايير لاختيار هذه المائة من أهمها عنصر التأثير إيجابا أو سلبا.وقد اخترت المجاهد الشيخ عثمان دقنة على رأس القائمة، لأن تأثيره على أمتنا السودانية كان إيجابيا وكان كبيرا، وكان تأثيرا خيِّرا صافيا خالصا، ما شابته شائبة من شوائب الشر أو المكر أو الذاتية أو القصور.وفي المقابل وضعت منصور خالد، وكنت محقا في ذلك، في أدنى ذيل القائمة.لأن تأثيره على الوطن العزيز كان وما يزال من الشَّرِّ والضُرِّ بمكان.وما ثبت عندي أن كائنا من كائنات الجن أو الإنس أضرَّ ببلادنا الكريمة أكثر منه.وما أظن أحدا يستطيع أن يضرَّ بلادنا بأكثر منه ولو أراد.أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة