شاهدت مناظرة الأساتذة عبدالواحد محمد نور، وجدو عشر ، ومي طلحة علي قناة فرانس 24 وموضوعها هل من حل للازمة السودانية دون وساطة خارجية بتاريخ 20/6/2019م ، كان الأستاذ عبد الواحد محمد نور يستحوذ علي معظم الكلام ويقاطع جدو ومي بطريقة توحي بولاية الأمر أكثر من المشاركة في النقاش ، وقد كان جلياً الأدب الجم الذي تحلي به كل من جدو ومي من دون إغفال التزمر من هذا التعالي من عبد الواحد ، وقد إستمرالأستاذ متباهياً بأنه من الذين قدموا الكثير في النضال ضد الحكم البائد وفي إصرار يوحي بتوقف الزمن عند الاستاذ عبد الواحد عند الماضي الذي كان يناضل فيه ويري أن هذه هي المحطة الاخيرة في تاريخ النضال السوداني ولا يحق لنا مبارحتها بل ولا يوجد سبيل لمبارحتها اصلاً ، وقد تباهي كثيراً بأنه الوحيد ذو الرؤيا الثاقبة والوحيد الذي ظل يرفض التفاوض مع اي نظام بسبب إيمانه وقناعاته منذ زمن بعيد بأنه لا سبيل غير الكفاح المسلح وتسليم السلطة من دون مفاوضات ، وقد خانت الأستاذ الذاكرة عندما نسي أو تناسي أن جدو عشر قد شارك معه في ستة لقاءات مع النظام البائد فذكره بها ليجد الأستاذ أن التاريخ لا ينسي بالتقادم ، مما وضعه في موقف ضعيف وصورة لا تليق بمن يدعي البطولات ، وكأنه يريد أن يهمش دور كل الحركات المسلحة الأخري بل ودور هذا الشباب الذي قابل الرصاص بصدور عارية من دون كلاش ولا رصاص ، ولا متاريس ، فماتوا وهم ينادون ( إنتو منو؟ شباب بحري، جايين لي شنو؟ جايين للموت ) ومثلهم شباب بري وأم درمان ومدني والفاشر وبارة والأبيض وعطبره والفاشر وكسلا والدمازين وكل المدن والأرياف السودانية التي إنتفضت بلا هوادة ، مدججين بقوة الإرادة وعزيمة الأبطال من النساء والرجال ، منعهم قادة الحرية والتغيير من الدفاع عن النفس فنادوا (سلمية سلمية ) وهم يتحملون السياط والعصي والبمبان والرصاص في شجاعة الفرسان ومنعتهم الوطنية العالية والكفاح المستميت من الخنوع أوالإنزواء أو التخفي أو حتي الغياب عن الميدان وهم يستبسلون في مقارعة العدو الأجنبي في بطولات أزهلت كل سكان الدنيا فصارت مضرب الأمثال، وحتي في باريس التي يقيم بها الأستاذ عبد الواحد ضرب بهم الرئيس الفرنسي الامثال ، فأستطاعوا أن يقتلعوا النظام ويهزوا أركانه ولم يبقي منه إلا من تخفي من الأنظار وجبن من مقارعة الأبطال في وضح النهار ، فاليتذكر الأستاذ عبد الواحد بأن ( العبرة بالخواتيم ) ولا أحد يستطيع أن يدعي فضل إقتلاع البشير غير هذا الشباب ، من دون إنتقاص من كفاح الأستاذ عبد الواحد ولا كفاح الآخرين . لقد عجبنا أنه لم يهون علي عبدالواحد أن يجرم حميدتي أو المجلس العسكري فصار يحدثنا عن أن مشكلة السودان هي في العقلية التي تحرك حميدتي بدون أن يخبرنا عن صاحب أو مكان هذه العقلية ، ويقول أنها قديمة منذ عهد الإستعمار ، فصار يرددها من دون شرح وهو يريد أن يطوف بالمستمع في عالم المستحيل وينكش في دعاوي الجهوية والعنصرية التي داست عليها ثورة الشباب المؤمن بربه والمتمسك بوطنه ، الشباب الذي صار يصدح وسط صوت الرصاص وينادي في توحد لكل الطيف السوداني النداء القوي ( ياعنصري المغرور كل البلد دار فور) ، وما فتئ الاستاذ يردد لنا هذه العقلية الوهمية التي يقصدها ويدعي أنها تختفي تحتها مشكلة السودان مثل "الغول والعنقاء والخل الوفي" ، فتذكرت قول الشاعر ( لَمَّا رَأَيْتُ بَنِي الزَّمَانِ وَمَا بِهِمْ **خِلٌّ وَفِيٌّ، للشَّدَائِدِ أَصْطَفِي) (أيْقَنْتُ أَنَّ المُسْتَحِيلَ ثَلَاثَةٌ **الغُولُ وَالعَنْقَاءُ وَالْخِلُّ الوَفِي) ، لقد كان من الواضح أن الأستاذ عبد الواحد إما أنه يغازل المجلس العسكري لأمر تحت الطاولة أو أنه يتهرب من العودة للسودان وبدلاً من أن يلتقط قفاز الزعامة التي قتل الراحل "جون قرنق" دونها أراد أن يعيش علي أنغام الفرقة والعنصرية ويتمني أن لا تحل مشكلة السودان أبداً لأن ذلك يعني الكثير بالنسبة له ، وأقلها ضياع الكثير من سبل الراحة والدعم الدولي والأضواء الإعلامية ويعني العودة لبناء السودان ، حيث تكون الأضواء شمس حارقة في الحقول والوديان ، والعودة للسودان حيث يكون النضال الحقيقي ، هناك حيث التجرد من الأنانية وحب الذات ، وهناك تتجلي الوطنية الحقة وتنكشف المرامي ‘ هناك حيث يحل "العراقي" محل البدلة "، وتحل الراكوبة " محل الفندق الممتد وسط حدائق الزهر وأحواض السباحة هناك حيث تحل "الويكة والملوخية" محل البوفيه المفتوح ، هناك في أرض النضال الحقيقي ، في السهول والحقول والجبال وسوف تكون وقتها اللقاءات مع حاج حامد عند " ست الشاي" والأضواء الحقيقية عند حصاد المحصول ، هناك حيث يكون الشيء الوحيد الذي تعلو قيمته هو الوطن ، هناك حيث تبين المعادن وتتمايز الصفوف بين من يريد رفعة الوطن ، ومن يريد رفعة الذات ، هناك حيث يتنسم الوطني عبير الحرية والكرامة وحيث يسطر التاريخ معني النضال الحقيقي في بناء الإنسان الحر الأبي الكريم وحيث ترفع رايات التباهي بالإنجاز المستدام ، ليس كافياً يا أستاذنا عبد الواحد التباعد وإنتظار الدعوات عندما ينادي داعي الوطن ؟ لماذا تنتظر أن تقدم لك قوي الحرية والتغيير الدعودة للحضور والمشاركة بالرأي ؟ وإذا كنت تري أنهم قد قصروا في حقك فلماذا لم تحضر أنت بمبادرتك حتي لوكانت فردية مثلما إقترح الصادق المهدي مبادرة من عنده ؟ لماذا لاتكون أنت من يتقدم الصفوف ؟ من تنتظر أن يفرش لك البساط الأحمر ويهيأ لك المقابلات ؟ ألست انت شريكاً أصيلاً في هذا الوطن ؟ ألم تري أن الكثير من الحركات المسلحة قد إستشعرت المسئولية وأرسلت موفوديها ؟ ثم ماذا أنت فاعل لو إتفق الجميع علي حكومة مدنية تدير البلد لثلاثة سنوات ؟ توطن فيها اللاجئين وترجع فيها الحقوق وتقيم العدل الإجتماعي؟ هل ستحارب الحكومة الإنتقالية؟ أم أنك تراهن علي فشل المفاوضات وتريد أن تحتفظ لنفسك بالمسافة اللازمة لتأمين موقفك؟ علي كل حال كل هذه الخيارات لا تنطبق علي من يدعي الزعامة ولا من يدعي الوطنية فإنها تسطر علي جبينك " نفسي نفسي " ولن يرحمك التاريخ ، لقد وقفت وقفة مسئولة في بادئ الأمر ويبدو أنك قد وجدت الحسبة أقل من المطلوب غير أنها قطعاً ليست حسبة من يدعي البطولات والزعامات وعليك أن تعيد حساباتك فهذه لا تشبه أعمال الزعماء يوسف علي النور حسن
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة