من يتكلم أخيراً.. كان ذاك السؤال البسيط صعباً للغاية.. المناسبة كانت زيارة وفد صيني لأحد المشافي الصغيرة بجنوب الخرطوم.. حضر وقتها وزير الصحة ومن قبله كان الدكتور عوض الجاز رئيس لجنة التعاون مع الصين موجوداً.. الجاز يشغل ذاك المنصب بمخصصات مساعد رئيس جمهورية.. لكن خبرة الرجل وقوة شخصيته أضافت ابعاداً أكبر للمنصب، ولكن البروتوكول أكثر دقة في تحديد من يتكلم أخيراً.. ذات الازدواج حدث في زيارة الدكتور الجاز لدولة روسياً.. مع من يتباحث الجاز.. هو في التوصيف المراسمي أكبر من وزير الخارجية وأقل من رئيس وزراء.. في النهاية تم التعامل مع الأحوط والتقى الجاز بوزير الخارجية الروسي. قبل أيام أصدر رئيس الجمهورية قراراً يحظر استخدام الألقاب الدستورية في غير مواضعها.. لم يكن الجاز وحده من يستمع باللقب الرئاسي.. عدد آخر من المعينين في وظائف تعادل في مخصصاتها الوزير أو وزير الدولة أفرطوا في استخدام لقب الوزير.. من يشغل ملف الإسكان القومي أو من يدير التفاوض حول انضمام السودان لمنظمة التجارة الدولية أو غيرهم من الممسكين بملفات محددة كلهم يعاملون كوزراء في المخصصات.. ذلك التصنيف الفاخر يتمتعون به في حلهم وترحالهم.. لكن استخدامهم اللقب يثير كثيراً من الضبابية والإرباك.. لهذا تم الترحيب بقرار الرئيس على نطاق واسع. لكن قبل أن يجف مداد الخبر الأول تحركت جهات وضغطت على الرئاسة لاستثناء عوض الجاز.. بالفعل صدر أول أمس مرسوماً رئاسياً يسمح للجاز أن يستخدم لقب مساعد الرئيس.. لن نسأل عن مسببات الاستثناء لكن كان بالإمكان أن يحدث ذلك مع صدور القرار.. لكن الاستدراك السريع هنا يوحي بخلل في مؤسسة صنع القرار في رئاسة الجمهورية.. أو أن ذات المؤسسة تستجيب للضغط السريع من بعض مراكز القوة كما في حالة الجاز الذي كان من المفترض أن يتم تسريحه مع قدامى المحاربين أو في فئات الحرس القديم كما في المصطلح الإعلامي المتداول على نطاق واسع. لا يجد المرؤ كثير عناء في استيلاد الاستغراب في حالة الجاز التي توحي بعقم حواء السودانية.. الجاز ظهر على الساحة في الفوج الأول من الإسلاميين الذي ظهر مع بواكير انقلاب الانقاذ.. شغل عدد اًمن الوزارات وكان النجاح حليفه حينما أوكلت اليه مهمة استخراج النفط السوداني.. بعد استراحة محارب عاد الجاز كنائب لرئيس لجنة التعاون مع الصين التي يرأسها رئيس الجمهورية شخصياً.. رغم التباطؤ الذي لازم العلاقة مع الصين بعيد انفصال الجنوب، ونضوب بعض آبار النفط، تمت مكافأة الجاز بإسناد مهمة الإشراف على العلاقة مع الهند، ثم مع البرازيل.. لا أدري ان كان فيضان الجاز توقف أم اجتاح عدداً من الدول الجديدة.. حدث ذلك وفي وزارة الخارجية ثلاثة وزراء وعدد من الوزراء السفراء مثل مصطفى عثمان إسماعيل، وكمال اسماعيل.. لدينا في رئاسة الجمهورية عدد خمسة مساعدين لرئيس الجمهورية.. من قلة المهام باتت قاعة الصداقة ملفاً يتأبطه مساعد أول الرئيس . في تقديري أن كان عوض الجاز يتمتع بتلك الصفات الخارقة التي تجعل رئاسة الجمهورية تتراجع عن قرارها فلماذا الحديث عن أزمة بديل تجعل وزير الإعلام يطالب بدورة ثالثة لرئيس الجمهورية.. إن كان الجاز بهذه المهارة لماذا لا يعين وزير خارجية ونوفر على الميزانية نفقات ثلاثة وزراء.. بل أين الحصاد وما هي الاختراقات التي قام بها الجاز وقد مكث في المنصب السيادي فوق الحولين.. لم تتجاوز العلاقة مع الصين غير تبادل تدريب الكوادر الإسلامية في محاضن الشيوعية.. ماذا حدث في ملف العلاقة مع الهند.. لا شيء فوق الاعتيادي. بصراحة.. تحتاج المراسيم الجمهورية لمزيد من الصرامة.. مثل هذه الاستثناءات تضعف من هيبة مؤسسة الرئاسة.. هل تذكرون التوجيه الرئاسي الذي منع الوزراء من رئاسة مجالس الإدارات.. الآن عبدالرحمن ضرار وزير الدولة بالمالية يرأس ثلاثة مجالس إدارة.. وغيره من الوزراء يفعل ذلك مثنى وثلاث ورباع.. أين توجهيات الرئيس التي تم تجاوزها بمثل تلك الاستثناءات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة