ما وراء نزول السودانيين إلى الشوارع غاضبين بقلم د.عمار علي حسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 03:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-27-2018, 09:08 PM

مقالات سودانيزاونلاين
<aمقالات سودانيزاونلاين
تاريخ التسجيل: 09-12-2013
مجموع المشاركات: 2045

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ما وراء نزول السودانيين إلى الشوارع غاضبين بقلم د.عمار علي حسن

    08:08 PM December, 27 2018

    سودانيز اون لاين
    مقالات سودانيزاونلاين-phoenix Arizona USA
    مكتبتى
    رابط مختصر



    الأغلبية الكاسحة لأهل السودان من أطيب وأنبل وأوعى العرب، يحبون الحياة، وتنطوي جوانحهم على تسامح، وينصرف سلوكهم دوما إلى تعاون وتراحم بينهم، عاشرتهم في الغربة حيث منافيهم، وخالطتهم في بلدهم، وسمعت شكواهم من سلطات فاسدة مستبدة تعاقبت عليهم، وحرمتهم من خيرات بلدهم المنهوبة والمنسية.

    في هذه الأيام، يكافح السودانيون في عزلة واكتفاء واستغناء عن العالمين، يواجهون، كشعراء حالمين، آلة قمع رهيبة بنيت على أكتاف التحالف الذي كان بين التيار الديني والعسكرييين هناك، وانتهى بتصارعهم لكنه لم ينه عند السلطة الحاكمة الشعور الزائف بالاستعلاء، والنهم الدائم إلى التوحش والاستئثار بكل شيء، والبقاء في السلطة إلى الأبد.

    فبعد ما يقرب من ثلاثين سنة في الحكم أوعز البشير لحزبه بأن يبدأ مسار تعديل الدستور ليرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى في انتخابات 2020، فانطلقت دعوة إلى جمع مليون توقيع لمنع هذه الخطوة، فصنعت نواة للثورة الحالية، التي كان رفع الأسعار شرارتها، لكن حطبها تراكم في سنوات الاستبداد والفساد الطويلة.



    ( 2 )



    مع نزول أهلنا فى السودان الشقيق محتجين على نظام البشير، مطالبين بإسقاط النظام تحت لافتة "الثورة خيار الشعب" رحت أستعيد صور النساء المتراصات على شاطئ النيل فى الخرطوم، وكل منهن قد جلست أمام "نصبة شاى" بسيطة، وحولها مقاعد بلاستيكية ذات ألوان متنوعة، تغرف من المياه المنسابة فى وداعة، وتحبس ما غرفت فى براد كبير يتأرجح فوق وشيش "وابور الجاز" ثم ترمى ملاعق الشاى فى جوف الأكواب وتصب الماء المغلى على مهل حتى يمور ويحمر ويسود ويروق، فتعطيه للجالسين، ظهورهم إليها ووجوههم إلى نهر بكر ينساب فى وداعة نحو الشمال.

    كل واحدة من هؤلاء النسوة تحمل فى السودان اسم "ست الشاى"، وهن أرامل الرجال الذين أرسلهم البشير إلى الحرب فى الجنوب فعادوا جثثا هامدة، ووزع النظام فجيعتهم على نسائهم الباكيات، فسمح لهن ببيع الشاى للعابرين والمتنزهين من فتية وفتيات هاربين من حياة مقبضة وقوانين مقهرة ومزاعم فارغة، إلى براح النهر.

    كل شىء فى زمن البشير جالس مثل تلك النسوة، لكنه يفتقد وداعتهن وطيبتهن ورضاهن بالقليل، كما يفتقد صراحتهن ووضوحهن واستقامتهن وكدحهن بشرف واقتدار، وإن كان لا يخلو من تحايل مثل ذلك الذى تنسجه أمامك "ست الشاى" وهى تحاول أن ترضى زبائنها. فالنظام يرفع فى العلن شعارات "إسلامية"، تجلت بوضوح في خطاب البشير الأخير، وفى السر يمارس كل ما يجافى الشريعة، من ظلم وقهر وبطش وتقييد وتدخل سافر فى حياة الناس واستعمال من لا جدارة لهم، وتفريغ البلد من مثقفيه وكُتابه ومن كل وميض لنور المعرفة والفن، يصقل العقل، ويشبع الوجدان.

    فعقل السودان الجميل حوصر من سنين فانفرط عقده فى بلاد الناس وجعا وغربة، فالبشير ورجاله كانوا حريصين على التخلص من كل الذين ينبهون الناس، ويرفعون الالتباس، ويقولون غير ما تطلقه أبواق النظام. وقلب السودان، حيث التدين الوسطى المعتدل الذى يمزج الفقه بالتصوف والرواية بالدراية ومقتضى الشرع بالموروث الشعبى المفعم بالقيم الإنسانية والأخلاقية، تم الاعتداء عليه من خلال خطاب زاعق ناعق يجنح إلى التطرف، وتغشيه قطع الليل المظلمة، والرغبة الجامحة فى إيقاف عجلة التاريخ، واصطياد أفئدة الناس وحبسها فى صندوق عبأته السلطة بكل أصناف التجارة بالدين. وساعِد السودان انكسر فى حرب أهلية ونزاعات جهوية معلنة وصراعات طبقية مكتومة وإخفاق اقتصادى واجتماعى جارح وعسس يعد على الناس أنفاسهم، فلم يعد قادرا على أن يهش عن جسد البلاد العريض تلك الأيدى التى تتخطف لحمه، فانفصل جزء وتصدعت أجزاء، ولا تنشغل السلطة إلا بما جمعته من ثروات وقيود، ولا يشغل الأرض التى تنحسر من تحت عجيزتها، فالمهم أن يبقى رجالها فوق الكراسى أطول فترة من الزمن.

    كل هذا يدور بين المنازل وينزلق إلى الحارات والشوارع ثم يندفع إلى شاطئ النيل، وراءه البيوت الخفيضة الهادئة وأمامه المدى الأخضر الرائق، ليقف هنا عند أطراف أصابع "ستات الشاى"، الساكنات الجالسات على قارعة الزمن، يتابعن المسيرات الحاشدة التى تمر فى صخب وتهتف: "الشعب يريد إسقاط النظام". وقد يجد بعض المتظاهرين فرصة سانحة ليجلسوا قليلا، يرتشفون الشاى الساخن، ثم ينهضون من جديد لينضموا إلى الحشود الزاحفة نحو الحرية والعدل، وكل منهم يساوره سؤال حائر عن مصيره، فمن يدرى أن يستشهد بعد قليل برصاص غادر لتأتى أرملته وتصبح "ست شاى" هنا، على الضفة اليسرى للنهر العظيم؟



    ( 3 )



    ما يلفت الانتباه أن جماعة الإخوان سارعت إلى غسل يدها من البشير، رغم أن أحد أجنحتها الذي كان يقوده حسن الترابي، هو من أتى به إلى السلطة وتحالف معه وساعده على تشكيل ميليشيات هي التي تضرب السودانيين العزل السلميين الآن. ويتنادى الآن الإخوان وأتباعهم لإدارة حراك الشارع في ظل ضعف الأحزاب، وانطلاق الناس إلى الشوارع غاضبين بلا قيادة، ليصبحوا أحد المآلات التي قد ينتهي إليها ما يجري، ومنها أن يزيح الجيش البشير ويقدم أحد قادته، أو يسانده إلى النهاية في قمع لن يجدي فيذهبان سويا عن السياسة، أو تستعيد الأحزاب المدنية زمام الأمر بعد طول تراخ وإهمال، أو يثأر التيار الديني ويسترد السلطة الحقيقية من البشير الذي صعد على أكتافه ثم أزاحه، والأفضل من كل هذا أن تصنع الثورة قياداتها ولا تنفك حتى تسند الأمور إليهم. في كل الأحوال عودتنا أحداث السودان أن نتريث وندقق ولا نستبق الأمور.























                  

12-27-2018, 11:40 PM

ثورة حتى النصر


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما وراء نزول السودانيين إلى الشوارع غاضبي (Re: مقالات سودانيزاونلاين)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de