أعادنى تقليبى لأوراقى القديمة وأنا أراجع مخطوطتى عن شعر قادة التحرر فى الدول النامية فى الستينات والسبعينات وترجماتها إلى قصيدة كنت كتبتها فى واحد من تلك الأيام العصيبات والغدر يلف كل شئ والديمقراطية تُصرع كل يوم فى واحد من بلدان العالم الذى كنا نسمية "الأول" ويسميه أعداؤه بــ"الثالث". فبعد جلسة فى مقهى قريب من لجنة التحرر الإفريقى التابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية يومها، دار فيها نقاش حاد مع المناضل المثقف قورا إبراهيم المتحدث الرسمى بإسم البان آفريكان كونقرس (مؤتمر التوحد الإفريقى) المنظمة المنافسة للأفريكان ناشونال كونقرس (الموتمر الوطنى الإفريقى) تنظيم مانديلا، وكان الماديبا يومها فى السجن والصراع الدامى والإقتتال بين المنظمتين يستعر أواره بلا رحمة ولا هوادة. وكنت قد قدمت إلى دار السلام من نيروبى بعيد إنتخابى كمقرر لحركات التحرر الإفريقية ممثلا للمنظمات الطلابية والشبابية للأمم المتحدة عام 1973. وبعد عودتى إلى الشقة فى مساكن إيلالا كنت أستمع إلى شريط كاسيت كنت قد جمعت فيه عددا من تلك الأغنيات التى تدغدغ العقل بلذة الأمل. فقد كان جمع عصبتنا يضم لفيفا من شباب إفريقيا والعالم العربى وآسيا وأميركا اللاتينية وأجتمع شملنا فى نيروبى خلال ذلك المؤتمر العاصف، نحلم لشعوبنا بمراقى عالية فى الحرية والتقدم والتطور وإسعاد المحرومين الذين لا صوت لهم ولا وجود، منسيين مغمورين فى أودية العدم الإجتماعى.
وقد رأيت الآن، وثورة شبابنا فى السودان ترفع هاماتنا إلى عنان السماء، أن أنشرها كما هى بلا تعديل ولا إضافة، لأنها تعبر عن مرحلة حملَنا فيها الفن الشعرى والغنائى إلى سماوات من التحلق والأمنيات ما حسبنا أن ننزل منها حتى ترتقى إليها شعوبنا. فطوبى للحالميين بغد مشرق بلا يأس ولا تردد ولا ################....وما أشبه الليلة بالبارحة؛ فها هم أبناؤنا وبناتنا يحققون لنا حلما بإسترداد الكرامة ظنناه بعيد المنال. وفوق ذلك فقد أبدعوا لنا تعابير وأشعارا وقصائد وأهزوجات وأغانى وهتافات ورسوم وملصقات وأفلام تنضح كلها بفن يفوح منه عبق التشوق إلى الإبداع وجسارة التعبير فيسمون بذلك فوق جراحات الروح وعناء الجسد ومشقة الحزن لفقد صحاب المسيرة من الشهداء. فإذا بنا نعيش فى حلم جميل يهدهده دعاش الأمل الذى فقدناه من عقود طالت. وإذا بى أرى بعينى قلبى وعقلى ما كنا نحلم به منذ ما يقارب نصف القرن. فلكم أن تتصوروا سماوات فرحى ونبضات بهجتى لأنى عشت حتى أرى الحلم يتحقق بأبدع مما حلمنا به من مراقى:
الــفـــن وآمــال الــثــورة قـــدرى مـاقــدرى؟ مـاقـدر يـســــوع قــدرى لـــكــن نفـسـى يـا أحــبـاب ولــغـت فـى نـبــع الـوجــد الـدرى خـشـــعـت فـى عـشــق دافـئ فـى نـغــم الـواله هـارى1 فى ســـر الـمـحـبـوب الأزلــى الـشــعـب الـمـكـســور الـخــاطــر الـمـنـصـور بـإذن الله وعـزم بـنـيـه وتــغـنـى مــيـلـيـنـا2...وتـردد ســوســا3 نـفـس الإحـســاس وصـدق الـقــلـب ويـظـل اللـحـن يــنـاديـنـى بــبــوح الــســر الـمـســتـور بـــأمــل الـشــعـب المـقـهـور والثائـر دومـا مـنـصــور هــل يـســمـع غــيـرى صــوتــا مــزدوج الأبـعـاد؟ فـيـروز4 تنـادى فـى أذن ٍ وبـايـيـز5 تـردد فـى أذن ٍ تدنـدن رجــع صـدى مـارلـى6 وتـغنينا ماكيبا7 عن قهر الجور فيمتشـق الحق حسـام النـور وتضئ الشـمس دروب العـميان وجحـافل أبناء المقــهورين تقـاوم جند السـلـطان تهـز صـروح الطـغيان تجـود دمـاءا من أجـل الأوطـان فـيـنتصر الشـعب الإنسـان ---------------- 1-هارى بيلافونتى مغنى وناشط إجتماعى وسياسى كاريبى أميركى وداعم لحركات التحرر فنا وعطاءا 2-ميلينا ميركورى فنانة وممثلة ومغنية يونانية إتصفت بالثورية وصارت وزيرة للثقافة فى اليونان 3- مرسيديس سوسا فنانة أرجنتينية مناضلة كانت صوتا للحرية فى كل أمريكا اللاتينية 4- فيروز مغنية لبنانية تغنى للحرية وناشطة سياسية 5- جون باييز مغنية شعبية أمريكية ثورية وناشطة إجتماعية وسياسية 6- بوب مارلى مغنى كاريبى قدم الكثير لقضايا الحرية والتحرر 7- ميريام ماكيبا مغنية جنوب إفريقية حملت راية الحرية لكل إفريقيا فى كل موقع حتى داخل الأمم المتحدة فسميت ماما أفريكا عبدالرحمن إبراهيم محمد – دار السلام ، تنزانيا 1973
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة