ان الانقسام الذي حدث داخل الحركه الشعبية لتحرير السودان شمال والذي قاده نائب رئيسها عبد العزيز الحلو لم تكون ضد قيادات معينة ظل الحلو يعمل معهم طيلة ثلاثون عام مضى وحسب، بل كانت نتيجة اطماع سلطوية تهدف الى اختطاف الحركة لتمكن فئة محددة من السيطرة عليها، ومن ثم تمكن لهم خدمة اجندة معينة عبرها تشبع رغباتهما وتحقق مصالحها الزاتية، وهذا الانقسام لم يتأثر به قيادة الحركة الشعبية وحدها، بل تأثربه الحركة الشعبية وجميع صفوف الرفاق داخلها، كما تاثر به جماهير الشعب السوداني ولا سيما جماهير الهامش، والجميع كانوا مصدومين من هذا السلوك والذي اقل ما يوصف بانه الخيانة الذي اقدم عليه نائب الرئيس الحلو مدمراً العلاقة بينه ورفاقه امتدت لاكثر من ثلاثون عام، ونحن ندرك بانه كان بالامكان ان تتدارك الحركة الشعبية هذا الانقسام خاصة بعد الزيارة التى قام بها قيادتها متمثلة في الرئيس والامين العام ورفقة بعض القيادات الى جبال النوبة واجتماعهم مع قيادات الحركة بالاقليم ومجلس التحريرالاقليمي لجبال النوبة حيث تم في هذا الاجتماعات نقاش العديد من القضايا وتوضيح الملابسات حولها، واتفق الجميع على ضرورة ان يحضر عبدالعزيز الحلو الى جبال النوبة لمنقاشة جميع القضايا الخلافية امام الرفاق بما فيهم مجلس التحرير الاقليمي لجبال النوبة، ولولا تعنت الحلو ومعامرة الشلة الذين من حوله لكان انعقد هذا الاجتماعات ولإلتئم جرح الحركة الشعبية لتحرير السودان، ولكن للاسف الشديد عمل الحلو على تنفيذ اجندة وضعت له مسبقاً من قبل شلة من الرفاق لا يتعدى عددهم ال١٠ شخص استغلوا مجلس التحرير الاقليمي لجبال النوبة يجتمعون معهم ويكتبون الكتابات ويصدرون البيانات بإسمهم وجزء من هاؤلاء الشلة لم يكونوا اساساّ اعضاء في مجلس التحرير الاقليمي لجبال النوبة، ولقد تابع الجميع اعداد هذه المسرحية المليئة بالاباطيل والكذب وتلفيق الاتهام ضد قيادة الحركة الشعبية دون أي سند يثبت ذلك، ولقد شاهدنا الاخراج السيئ للمسرحية فيما يسمى المؤتمر المزعوم والذي اعد قوائم المشاركة والتمثيل فيه واختيار الاعضاء المؤتمرين فيه مسبقاً، وكل هذا تم من اجل شرعنة الانقلاب واختطاف الحركة الشعبية، ويعتبر هذا من امهات القضايا الذي فاخمة المشكلة وعقدت الامور وأضرت بالمحافظة على وحدة الحركة الشعبية، ولم تقف المعامرة على الحركة الشعبية في هذا الحد، حيث عمل مجموعة الانقلاب بقيادة الحلو على ارسال سلاح ورفاق من جبال النوبة الى النيل الازرق لحشد الرفاق في النيل الازرق وتحريضهم على شن حرب ضد رفاقهم الذين رفضوا الانقلاب وانحازوا للقيادة الشرعية للحركة، ولقد تابع الجميع المجازر الذي ارتكبت في اقليم النيل الازرق والذي لم يسلم منها حتى المواطنيين الابرياء والاطفال والنساء، ومع ذلك لقد قدمت القيادة الشرعية للحركة برئاسة الرفيق مالك عقار عدة مبادرات من اجل وحدة الحركة الشعبية بما فيها التنازل عن قيادة الحركة، الا ان جميع هذه المبادرات تم رفضها من قبل الحلو كما رفض من قبل عدة مبادرات قدمت من قبل جهات خارج الحركة الشعبية ولا سيما مبادرة فخامة الرئيس سلفاكير رئيس جمهورية جنوب السودان، وظل الحلو يتحاشي الاجتماع والمواجهة مع رفاق الامس في قيادة الحركة منذ انقلابه حتى تمكن فخامة الرئيس سلفاكير ان يجمعهم في اجتماع استمر زهاء الخمس ساعات من اجل النقاش حول العديد من القضايا محل الخلاف والبحث عن وحدة الحركة الشعبية، حيث تم محاصرة الحلو بالاكاذيب الذي اطلقها ضد رفاقه في الحركة ولم يتمكن ان يبرر او يرد على اي قضية حتى زيارته السرية لدولة اسرائيل لم يستطيع ان يفصح عنها او يرد، وفقط اكتفي بانه يمثل ارادة الجماهير ولا يستطيع ان يتخذ اي قرار دون مشاورتهم وعندما طلبوا منه ان يذهب الجميع الى الجماهير لمناقشة هذا الامر امامهم رفض الحلو ذلك وطلبوا منه ايضا ان تتكفل دولة جنوب السودان بإحضار الجماهير في جوبا ليناقش الجميع معهم هذا الامر ايضا رفض الحلو، ولم يجد الجميع اي مبرر لهذا الرفض، وظلت الامور في حالها حركة شعبية منقسمه، فتهافت الحلو على الاتصال بالنظام البائد عن طريق الوسيط ثامون بيكي، وعقد عدة جلسات تفاوض سرية قبل فيها الحلو بان يبدء التفاوض من اخر نقطة وقف فيه مع وفد الحركة المفاوض السابق، وللعلم ان الحلو كال عدة اتهامات على وفد السابق المفاوض للحركة واتهمهم ببيع الجيش الشعبي، وهاهو يقبل بان يبدء التفاوض من النقطة التى وقف فيه، الا ان جميع تلك الجولات فشلت على الرغم من انها استمرت حتى في ظل قيام الثورة الشعبية وقبيل اسقاط النظام وهذا مالم يتوقعه الحلو بان تستمر وتسقط النظام, واستمر الحال كما هو حتى دخل الجميع في مفاوضات سلام مع الحكومة السودانية الانتقالية في جوبا برعاية كريمة من حكومة جنوب السودان.
وهنالك بعض الحقائق أود اشير اليها حتى توضح للجميع وهي:
１- في اجتماعه مع الرفيق مالك عقار وياسر عرمان والذي تم بواسطة رئيس جمهورية جنوب السودان من اجل البحث حول امكانية توحيد الحركة الشعبية ذكر الحلو عن انه لا يستطيع اخذ قرار دون الرجوع الى اجهزة الحركة وجماهيرها في جبال النوبة، في حين انه كون وفد للتفاوض دون ان تجتمع مؤسسات حركته ولا حتى ان يتشاور مع جماهير الحركة بجبال النوبة كما يزعم.
２- منذ نهاية المؤتمر المزعوم الذي عقده الحلو في جبال النوبة لم يتثني ان تجتمع قيادة حركته ولا مجلس تحريرها ولو لمرة واحدة.
３- رفض الحلو تحالفات الحركة الشعبية السابقة مع الاحزاب والتنظيمات السودانية الاخري وشن هجوما ضد رفاقه في قياة الحركه الشعبية الذين عملوا على بناء تلك التحلفات، والان عمل على تكوين تحالفات مع تنظيمات ليس لها وزن ولا سند جماهيري مثل تنظيم مؤتمر الوطن السوداني المتحد (كوش) برئاسة محمد جلال هاشم ومؤتمر البجا التصحيحي برئاسة زينب كباشي.
４- رفض الحلو الطرح السابق للحركه الشعبية في المفاوضات مع النظام البائد والذي يرتكز على مبدء الحل الشامل لقضايا الحرب في السودان، وقال ان هذا الطرح اطال عمد التفاوض وتمسك بقضية المنطقتين جبال النوبة / جنوب كردفان والنيل الازرق واتهم وفد الحركه المفاوض بحشد احزاب وتنظيمات وشخصيات على حساب قضايا المنطقتين وليس لهم اي قيمة يمكن ان تضاف للتفاوض، وقبيل بدء المفاوضات كون الحلو ما يسمى بتحالف الكتلة التاريخية في ابريل ٢٠١٩م والذي ضم بالاضافة للحركه الشعبية قيادة الحلو مؤتمر الوطن السوداني المتحد برئاسة محمد جلال هاشم ومؤتمر البجا التصحيحي برئاسة زينب كباشي وتجمع قوى تحرير السودان برئاسة الطاهر حجر، وسرعان ما خرج الطاهر حجر رئيس تجمع قوى تحرير السودان عن تحالف الكتلة التاريخية وانضم للجبهة الثورية السودانية، وطرح الحلو الحل الشامل لقضايا الحرب في السودان وهو نفس طرح الحركه السابق والذي رفضه الحلو وشن عليه هجموماً عنيفاً.
５- طرح الحلو تحالف الكتلة التاريخية والذي ضم ثلاثة تنظيمات كما ذكرتها آنفاً، وتعتبر الحركة الشعبية هى الاكبر حجما والاكثر اثرا مقابل تنظيمي محمد جلال هاشم وزينب كباشي اللذان ليس لديها اي قوة ولا سند جماهير بل غالبية جماهير الشعب السوداني لم يسمع بهما اطلاقا، وفي المقابل يرفض الحلو الانضمام الى تحالفات أكبر حجماً وقوة مثل نداء السودان والجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير ولا سيما ان الحلو ينادي بتكوين كتلة تاريخية.
６- توحدت الجبهة الثورية وهي خطوة مهمة تحتاجها قوى الكفاح المسلح وجماهير الهامش السوداني، والحلو رفض الانضمام اليها دون اي مبرر موضوعي.
７- وقعت تنظيمات الجبهة الثورية جمعيها على اتفاق اعلان المبادئ في ١١/٩/٢٠١٩م بجوبا، ووقع الحلو على الاتفاق ممثلا لحركته ولم يستدعي رفاقه في تحالف الكتلة التاريخية للتوقيع.
８- ناشده الحركة الشعبية قيادة مالك عقار الحلو على ضرورة التنثيق معها في القضايا التفاوضية على مستوى المنطقتين جبال النوبة / جنوب كردفان والنيل الازرق لمصلحة شعب المنطقتين حتى يتفادى الاطراف تعقيدات ان تحدث اتفاقيتين في المنطقتين والصعوبة في تنفيذهما، رفض الحلو هذه المناشده غير آبه بما يحدث مستقبلاً.
９- في الوقت الذي تجتمع فيه قوى الكفاح المسلح مع الحكومة السودانية الانتقالية للبحث عن تحقيق سلام شامل برعاية كريمة من الاخوة في جنوب السودان، حرض الحلو مواليين له في اقليم النيل الازرق لشن هجوم على مواقع الحركة الشعبية قيادة عقار، وعندما سأل من قبل الوساطة أنكر الحلو هذا الفعل وقال لا علم له بها، وبعد ان تم محاصرته بالمعلومات قال الحلو ان نائبة جوزيف تكه هو الذي أقدم على هذا الفعل دون ان يعلمه.
１０- في مفاوضات جوبا للسلام قدم الحلو القضايا السياسية على القضايا الانسانية والتى ربما قد تطيل عمد التفاوض، والحلو يعلم بان هنالك مئات الالاف من المواطنين في جبال النوبة محاصرين لنحو أكثر من ثمانية سنوات من قبل النظام البائد الذي منع ايصال الغذاء والدواء لهم، وهاؤلاء الناس في أمس الحاجة لتقديم الاتفاق الانساني حتى يتمكنوا من الحصول على الدعم الانساني من دواء وغذاء ... الخ، اضافة الى اطلاق سراح الاسرى والمحكومين سياسيا في السجون، كل هذه القضايا لم يضع لها الحلو اي اعتبار مفضلاً حجبها وتقديم م يطرحه محمد جلال هاشم من قضايا على حساب قضايا النازحين واللاجئين، وهو يعلم ان محمد جلال هاشم ليس لديه ولا عدد واحد نازح ولاجئي والمدهش في الامر كيف له ان يتم تعينه نائب رئيس الوفد المفاوض؟ في ظل وجود قيادات شجعان لهم نضالاتهم التاريخية مثل القائد جقود مكوار واخرين هم كثر، ولا سيما كان من الممكن ان يجامل الحلو اؤلئك الذين يوالون له في اقليم النيل الازرق ويعين منهم نائب رئيس لوفده المفاوض.
１１- يصرح وفد الحلو المفاوض باسم الحركة الشعبية في حين ان هنالك اخرين يدخلون معهم جولات التفاوض باسم الكتلة التاريخية ولم يسمع لهم احد اي تصريح عن سير التفاوض مثل محمد جلال هاشم وزينب كباشي.
وهذه التناقضات في شخصية الحلو ومواقفه التى تتغير بين الحين والاخر جعلت منه ان يكون شخصية جديرة بالفحص والمتابعة والمراجعة خاصة فيما يخص القضايا التى تمس الشأن السودان، حيث يتحدث عن ضرورة تكوين كتلة تاريخية ويرفض ان تتوحد الحركة الشعبية، ويتحدث عن حل جزور الازمة السودانية ويطرح قضية المنطقتين فقط، ويتحدث عن الوحدة ويشترط المقايطة ما بين العلمانية وحق تقرير المصير، وحيث يتحدث عن ضرورة وحدة شعب الهامش، ويعمل على تقسيم شعب جبال النوبة ما بين قبائل وجبال شرقية وغربية، ويتحدث عن العلمانية وعدم خلط الدين بالسياسة، ويعمل على التبشير بالدين المسيحي في جبال النوبة ... الخ.
ونحن نعلم بان الحلو لم ياتي لهذه المفاوضات قناعة بالسلام وضرورة تحقيقه في ظل هذه المتغيرات التى طرأت على ساحة السياسة السودانية، ولكن هنالك عدة جهات مارست عليه الضغط ولا يملك اي مبرر لإقناعها، لذلك حضر وطالب بمسار يتفاوض عليه وحيداً دون بقية قوى الكفاح المسلح، وكل هذه التناقض في شخصية الحلو سوف يثبته لنا الزمن ووقئذ سوف يعلم الجميع لمصلحة من يعمل الحلو.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد عبدالله ابراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست