كنت متابعا دؤوبا لتطور الحركات المسلحة المستمر منذ اول بيان لها في عام 2003 ومنذ توارد البيانات على مجلة سودانيزاونلاين بشكل شبه يومي ؛ ومن خلال متابعتي يمكنني تلخيص اشكاليات العمل المسلح الذي كان بامكانه ان يحدث تغييرا كبيرا باجتثاث النظام لولا العثرات بل الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها هذه الحركات ، في وقت كان فيه النظام في قمة الضعف والهزال ، وتحت ضغط دولي شديد وحصار خانق من المجتمع الدولي بمافي ذلك الدول العربية والافريقية المجاورة وغير المجاورة . رغم ذلك خاب سعي هذه الحركات وخاب أمل المواطن فيها ؛ وذلك نسبة للآني: 1- لم تكن قيادات الحركات مؤهلة تأهيلا سياسيا كافيا لقيادة الجبهات المسلحة ، وكانت خبرتها السياسية ضعيفة جدا. 2- كانت خطابات الحركات خطابات عدائية جدا لبعض مكونات المجتمع السوداني مما وصمها بالعنصرية وأفقدها كل مباركة أو دعم من جماهير الشعب. 3- لم تطرح الحركات نفسها كقوى وطنية قومية بل انشغلت بأفكار وقضايا اقليمية لا تتفق واشكالية مقاومة الدكتاتورية الشمولية والقبضة الايدولوجية الغاشمة للنظام مما ابعدها عن الطرح القومي الذي قادته القوى السياسية الاخرى في المركز. 4- لم تطرح الحركات أي أرضيات فكرية بحيث تستعرض نفسها كبديل محتمل ومقبول لدى الشعب. كانت الحركات -وربما لا تزال- خالية من أي طرح اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي وقانوني شامل بحيث يشكل برنامجا استقطابيا لكافة مكونات جماهير الشعب السوداني وبكل طبقاته. 5- الحركات انشغلت بصناعة مناصب وصراع داخلها عند توزيع المناصب ، رغم أنها لم تكن مناصب تتمتع برسمية formal بحيث تشكل شرفا لصاحبها ولا خطرا على النظام . 6- أرتفع وتر الصراع حول القيادة ، ونتج عن ذلك انقسامات فتيلية أضعافا مضاعفة بما أظهر الحركات وكأنها مجموعات خاوية من النظام وغارقة في الفوضى ، كما أدى ذلك الى امكانية غوص استخبارات النظام فيها والمعاونة على مزيد من التفكيك. 7- عدم المام القيادات بمبادئ المجتمع الدولي أدى الى تقليل قيمة الحركات في نظر المجتمع الدولي ، وبدأ المجتمع الدولي ينظر للحركات باعتبارها عبث فوضوي . 8- عدم المام قيادات الحركات بالقانون الدولي أدخلها في أزمات حادة فيما يتعلق بانتهاك القانون الدولي الانساني ووضعها على كفة واحدة مع النظام. 9- لم تكن هناك استراتيجية عسكرية واضحة ولا شاملة ولا تستشعر المستقبل للحركات وهي تقوم بمقاومة النظام . وهكذا لم تحقق انتصارات تذكر بل عمليات كر وفر ارهقت هذه الحركات أكثر مما ارهقت النظام. 10- بلغت الفوضى أوجها عند اقتراب نهاية العقد الأول من الألفية الثانية ؛ بحيث خاضت العديد من الحركات ضد بعضها معارك دموية من أجل تحديد النفوذ اضعفتها جميعا وأفقدتها اي توقير من المواطنين . كان بالامكان -تحت درجة كبيرة من الوعي وضبط النفس - لهذه الحركات أن تهدد مصالح النظام تهديدا كبيرا بحيث تفرض عليه شروطها ، بل وربما اهلاك النظام واجتثاثه . الا أن الحركات كانت أقل من المسؤولية الملقاة على عاتقها . ربما الآن استطاعت بعض قيادات الحركات المسلحة أن تعي الدرس ولكن بعد فوات الأوان ، لقد فقدت الدعم الجماهيري ، وفقدت دورها كبديل ، وفقدت قوتها كثيرا ، ولازالت حتى اليوم تراوح مكانها بضعف شديد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة