اللهم أدِم علينا نعمة المقدرة على البوح بأنات الوجع ، بالأمس إرتوت الأرواح العطشى لتنسُم عِطر الحرية بالآمال من جديد ، بعد أن راهن الطاغوت وأذياله من النفعيين بأن هذا الشعب يحيا في جسد ميِّت ، و قد تم تدجينه لصالح اللهث وراء مصاعب الحياة ، فقد كان التقتير في العيش وعدم الإلتفات إلى جراحاته ومعاناته المادية والنفسية على الدوام أهم معاولهم السلطوية في تغييبه عن واقعه المؤلم ، ثم خططَّوا لجعله في خانة المُتفرِّج على واقعه المرير ، ثم ألبسوه صفة (ضيف) في بلاده لا يتسنى له إلا الشكر والحمد على أن سمحوا له بالبقاء ولو قدموا له ما يسُد الرمق علقماً في طبقٍ من نار ، ثم ظن نظام المؤتمر الوطني أن الأفواه قد أُلجمت وتدربَّت على آفة الكبت والصمت بالتهديد والوعيد والتجويع والإفقار وفتح أبواب المرض والعجز وعدم القدرة على التداوي والإستشفاء ، فما عاد للناس بعد حينٍ من الدهر قُدرة على قولة لا ، ولكن هاهو شعبنا الأبي يخرج في مسيرته الغراء ضد الغلاء والفساد والصلف والقهر الإقتصادي والفكري والثقافي والسياسي ، ما يُناهز الثلاثون عاماً وهذه البلاد تُنحر بأيديهم في إنسانها ومواردها وتاريخها وثقافتها وآمالها وطموحاتها المُستحقة ، وهُم يغيبون أجيال من شبابها في دائرة نسخ التاريخ وتزويره لصالح مخططات بقاءهم على رقاب السلطة ، حتى ظننا أنا قد فقدنا آمالنا في غدٍ مُشرق تصنعه أيدي الشباب ، ولكن هام شبابنا يثبتون أنهم كانوا يقرأون التاريخ الحقيقي لأمجاد هذه البلاد خِلسة ومن خلف ظهر المُرجفين من سدنة الطاغوت ، وهم في ذلك في غفلةٍ لإنشغالهم بالتكالب على مصالحهم التنظيمية والسياسية ، هذه الأخيرة التي سلَّط عليها رب العباد بعنايته آفة إنشغالهم ببناء مصالحهم الذاتية من قوت الشعب وعرق جبينه الذي لا ينضب من العطاء والوفاء ، دمروا في خضم (مُتعة) التمكين السياسي الخدمة المدنية فأصبحت عالةً على رقاب الشعب قبل أن تقصم ظهر ميزانياتهم المهترئة ، ثم دلفوا كجرادٍ مفجوع على مؤسسات الإقتصاد الوطني التي كانت سنداً لهذا الوطن في أزماته فإنهار مشروع الجزيرة و سودانير والنقل النهري والبحرية السودانية وشركة الصمغ العربي وشركة الأقطان ومحالج مارنجان ومصانع النسيج والسكة حديد والنقل الميكانيكي وما خفي كان أعظم ، وذلك بفضل غفلتهم عن قِبلة الحق والعدل والمساواة والإعتراف بالآخر إنفصل الجنوب وإحترقت دارفور وهامت النيل الأزرق في غياهب ضلالة الإنتماء ، وإستغاثت ضيماً وقهراً حلايب وشلاتين ، ومن هداياهم للعام 2018 بعد ميزانية الخراب والإفقار الشعبي فتح مزاد علني لتأجير وإدارة ميناء بورسودان ، دعونا من رغيف الخبز والمرضى الذين يستسلمون بقلة الحيلة للموت من أجل أن يحيا آخرون يحبونهم ويوادونهم ، ولننتفض من أجل العِزة والكرامة وأرضنا وعِرضنا الذي أُهدر في غفلة من الزمان والرجال والنساء المخلصين .. عاش نضال الشعب السوداني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة