عرض كتاب الوجود بين الإسلام والحضارة الغربية للأستاذ خالد الحاج عبدالمحمود الحلقة السادسة عشر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-27-2018, 06:24 AM

محمد الفاتح عبدالرزاق
<aمحمد الفاتح عبدالرزاق
تاريخ التسجيل: 09-14-2018
مجموع المشاركات: 59

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عرض كتاب الوجود بين الإسلام والحضارة الغربية للأستاذ خالد الحاج عبدالمحمود الحلقة السادسة عشر

    06:24 AM October, 27 2018

    سودانيز اون لاين
    محمد الفاتح عبدالرزاق-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
    الوجود في الإسلام
    الفصل السادس
    الخير والشر
    لقد رأينا، أن بعض فلاسفة الغرب، يبررون إلحادهم، بوجود الشر.. وهذا يعني عندهم، أن وجود الله، لا يستقيم، في نظر العقل مع وجود الشر.. فالله بحكم تعريفه، لابد أن يكون خيراً محضاً.. وقد خرج الملحدون، من المشكلة، بأهون الحلول، بأن رفضوا وجود الله، ولذلك لم يحاولوا فهم طبيعة الشر، حتى يتسنى لهم الإدراك الصحيح، الذي يوفق، بين الطبيعة الخيرة لوجود الله، مع وجود الشر، فلا مجال لهذه النظرة، مع الإلحاد.. فالإلحاد هو على عكس الفهم الصحيح لطبيعة الوجود، فهو قمة الجهل، لأنه جهل بالوجود الأساسي، بل الوحيد.. لذلك التصور الذي يقوم على الإلحاد، لا يملك أي إمكانية، لحل مشكلة الخير والشر، فهو العقبة الأساسية أمام هذا الحل.. ولا حل للمشكلة إلا في التوحيد، وما يقوم عليه من نظرة للوجود.
    فحسب التوحيد، وجود الشر، ليس وجود حقيقة.. ولقد سبق لنا أن ميزنا، بين وجود الحقيقة، وصور الوجود الأخرى.. ولقد ذكرنا مراراً، أن الوجود في حقيقته واحد، هو وجود المطلق _الذات الإلهية.. والذات الإلهية، خير مطلق، لا مكان فيها للشر.. ولكن الشر، حسب إدراكنا، نحن البشر، موجود، ولا مجال للاختلاف حول وجوده.. ولقد سبق لنا أن تحدثنا عن صور من الوجود، عندنا، لا وجود لها في الحقيقة.. كما تحدثنا عن خداع الحواس وخداع العقول.. ومن أوضح الأمثلة التي ضربناها، لوجود أشياء، حسب إدراكنا نحن للوجود، وهي في الواقع، ليس لها وجود في الحقيقة، وجود الماضي والمستقبل بالنسبة للزمان.. وقلنا، أنه لا وجود في الحقيقة بالنسبة للزمان إلا الحاضر وحده، ووجود الماضي والمستقبل، ليس وجود حقيقة، وإنما هو وجود حكمة.. وكذلك الحال بالنسبة للشر، وجوده ليس وجود حقيقة، وإنما هو وجود حكمة، وفي الحقيقة لا يوجد إلا الخير..
    الشر غير موجود، إلا في منطقة الثنائية، والثنائية ليست أصل الوجود، وإنما هي مظهره.. أما أصل الوجود، فهو الوحدة، حيث الخير وحده.
    الحكمة، من وجود الشر، هي الحكمة من خلق الأزواج كلها. يقول تعالى: (ومن كل شيء خلقنا زوجين، لعلكم تذكرون).. فالحكمة من خلق الأزواج هي أن نتذكر _أن نعلم_ فالعقل، يعرف الأشياء بأضدادها.. ولما كان اختلاف النوع، في التوحيد، يمتنع، امتناعاً تاماً، فإنه لا اختلاف بين الأضداد، إلا اختلاف درجة. فالأصل، في الأضداد، واحد، والفرع وجه من وجوه هذا الأصل الواحد.. فالخير أصل، والشر وجه من وجوه الخير، ووسيلة إليه، فهو ليس مغايراً له، ولا هو بديلاً عنه.. وقد تحدثنا عن موضوع الأصول، والفروع، في كتاب (الإسلام ديمقراطي اشتراكي)، ومن الأفضل أن ننقل طرفاً منه هنا، لمناسبته لموضوعنا فقد جاء فيه: (أصل الأصول، في الوجود، هو الذات الإلهية المطلقة.. وكل ما عداها، هو تجلي ومظهر لها.. وبين الذات وتجلياتها تقع كل الأصول والفروع والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
    الأصل في الوجود هو المطلق.. وما المحدود إلا مظهر للمطلق.
    المطلق هو الثابت الوجودي الوحيد.. وكل من عداه، وما عداه، لا يقوم بذاته، وإنما يقوم بالمطلق، ولذلك حاجته للمطلق حاجة تامة لا مجال فيها للاستغناء، وحاجة دائمة، وهذا هو جوهر العلاقة بين الخالق والمخلوق.. الخالق في حالة استغناء تامة.. والمخلوق في حالة حاجة للخالق تامة، مطلقة وسرمدية.
    الأصل في الوجود الوحدة، وما التعدد، وفي قمته الثنائية إلا مظهر لهذه الوحدة.
    الوجود الحادث، متحرك، حركة حسية ومعنوية، ولن ينفك.. وهو في حركته، يطلب غاية واحدة، أساسية، هي المطلق.. ولذلك الحركة، هي حركة من النقص إلى الكمال.. ومن الجهل إلى العلم، ومن القيد إلى الحرية، ومن الباطل إلى الحق.. ومن الحق إلى الحقيقة.
    الأصل في الوجود، هو الخير، والخير المطلق.. وما الشر إلا فرع من الأصل، ومظهر له، متنزل عنه لحكمة سوق المحدود إلى المطلق.. فالشر، وجنود الشر جميعاً، موظفون لخدمة الخير، الذي هم طرف منه.
    القانون الذي يحكم الحركة في جميع مستوياتها، وفي مختلف أشكالها، هو القانون الطبيعي الذي تحدثنا عنه _الإرادة الإلهية_ وهو الأصل وما عدا ذلك من قوانين هو فرع.
    البيئة في جميع مستوياتها، هي بيئة روحية ذات مظهر مادي.. فالروح هي الأصل، والمادة هي الفرع، والمظهر.. والاختلاف بين المادة والروح اختلاف درجة.. اختلاف في درجة اللطافة.. فالمادة هي الروح في حالة من الذبذبة تتأثر بها حواسنا.. والروح هي مادة في حالة من الذبذبة لا تتأثر بها حواسنا.. فالروح هي الطرف اللطيف من كل شيء، والمادة هي الطرف الكثيف.. والحركة كلها هي حركة من الكثافة إلى اللطافة..
    الحياة هي الأصل، والموت فرع ومظهر لها، وهو لا يختلف عنها اختلاف نوع، وإنما اختلاف درجة.. والأصل في الحياة هو حياة الله، في ذاته المطلقة.. وكل حياة أخرى، هي مظهر لهذه الحياة، ومستمدة منها، وتقوم عليها.. وأدنى مستويات الحياة، هي حياة المادة غير العضوية _تلك التي نسميها ميتة_ لأن حياتها كامنة فيها..أما البداية بالنسبة للحياة التي نصطلح على تسميتها حياة فهي حياة حيوان الخلية الواحدة.. وكل حياة، في أي مستوى من المستويات هي نامية، ومتطورة، تطلب أصلها.
    عن طريق قانون المعاوضة في مستوى الحقيقة، برزت المادة العضوية من المادة غير العضوية.. وأصبح عندنا ما أسميناه (إرادة الحياة).. وقانونها طلب اللذة بكل سبيل، والفرار من الألم بكل سبيل، ثم بفضل الله، وبفضل صراع الحياة، الذي يقوم على قانون المعاوضة في مستوى الحقيقة، برز الإنسان، وبرز العقل المكلف.. وظهرت إلى جانب (إرادة الحياة) (إرادة الحرية)، وهي مستوى جديد من الحياة.. ولتوجيه هذا المستوى جاء قانون المعاوضة في مستوى الشريعة _قانون الروح_ وهو يقوم على الحرام والحلال.. ويتوجه بخطابه إلى العقل (إرادة الحرية) ليقيده بقانون يحاول أن يصاقب قانون المعاوضة في الحقيقة.. وقد ظل هذا القانون يتطور، بتطور الفرد البشري، والمجتمع البشري.. مستنداً في تطوره على التعلم من خلال التجربة في الخطأ والصواب.
    10- الإرادة الإلهية هي الأصل، والإرادة البشرية مظهر وفرع.. والفعل الإلهي هو الأصل، في حين أن الفعل البشري هو مظهر وفرع.. والله تعالى هو الفاعل الحقيقي في الوجود، وكل فاعل عداه هو فاعل مباشر، وفعله محاط به من قبل فعل الفاعل الحقيقي.
    11- النعيم هو الأصل، والعذاب فرع ومظهر.. واللذة هي الأصل، والألم فرع ومظهر.. والخير هو الأصل، والشر فرع ومظهر، ووسيلة إلى الخير.
    12- الحق هو الأصل، والباطل فرع ومظهر.
    وعلى ذلك قس، كل الأضداد في الوجود.. فالأصول هي الحق، والفروع هي أوهام وأباطيل.. والأصل دائماً مهيمن على الفرع، وأكثر منه بقاءاً واستمرارية.. والفروع جميعها فانية.. ومعنى فانية هو أنها متحولة، وصائرة إلى الأصل.. والأصل نفسه متحرك وصائر أو سائر إلى مركز دائرة الوجود (الله).. ولذلك دون مستوى الإطلاق، الأصل نسبي، والفرع نسبي.. والقانون هو الذي يسير الفروع إلى الأصول، فيحكم هذا السير، ويوجهه .. ومع أن السير كله في اتجاه واحد، اتجاه الأصل، إلا أن حركة السير ليست خطية، ولا هي دائرية، وإنما هي لولبية، تشبه النهاية فيها البداية ولا تشبهها.. فالتكرار في هذا السير يمتنع).
    الرحمة أصل:
    الوجود كله يقوم، في أساسه، على الرحمة، فكل مخلوق مرحوم.. يقول تعالى: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلْ لِلَّهِ ۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)..(الأنعام 12).. ويقول: (عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ).. (الأعراف 156).. الرحمة التي وسعت كل شيء، هي الرحمة الرحمانية، وهي تشمل العذاب.. أما الرحمة الرحيمية، فهي خالية من العذاب، وهذه حظ المتقين، واليها الإشارة بقوله تعالى: (فسأكتبها للذين يتقون).. والتقوى التي بها الرحمة الرحيمية، مكتوبة لكل الخلائق، في نهاية الأمر، يقول تعالى: (إن علينا للهدي، وإن لنا للآخرة والأولى).. فالهداية، أمر حتمي للجميع، فمن لم يهتد في الدنيا، اهتدى في الآخرة، وآل أمره إلى الرحمة الرحيمية.. يقول الأستاذ محمود: (والذي يجب أن يتقرر، في ختام هذا الفصل، هو أن سعة الرحمة الإلهية: (ورحمتي وسعت كل شئ)، إنما تعني: أن كل مخلوق مرحوم.. وأن كل من دخل النار، بما في ذلك إبليس، لا يعذب انتقاما، تعالى الله عن ذلك، وإنما يعذب رحمة، وحكمة.. والحكمة تتجه إلى أن تجعل العذاب فرصة للتعلم.. والعلم، ههنا، هو معرفة الله، ومعرفة الله تطفئ النار الحسية، والنار المعنوية، وتتداعى بصاحبها إلى الجنة.. والخلق، في الخروج من النار، يتفاوتون في الميقات، حتى إذا خرج آخر من يخرج، وهو إبليس، أكلت النار بعضها، وفنيت، وانتهت، وصار الأمر كله إلى الجنة).. ويقول: (ثم إن الجنة تنتهي أيضا.. فإذا ما انتهت النار في الأبد، فإن الجنة تنتهي فيما بعد الأبد، وذلك لمكان قربها من الأصل، إذا ما قورنت بالنار.. وذلك الأصل هو الخير المطلق _هو الله.. فإن الحكمة من النار هي سوق العباد إلى الإذعان للربوبية، بعد أن تعييهم الحيلة في دركاتها.. فإذا عجزوا عن النهوض بأمر أنفسهم، ففروا من حولهم، وقوتهم، إلى حول الله، وقوته، فقد عرفوا ربهم، فصار حقا على الله أن يكشف عنهم العذاب.. وأهل النار يخرجون من النار حسب إنابتهم إلى ربهم.. فمنهم من ينيب من قريب، ومنهم من ينيب من بعيد.. وأبعدهم إنابة إبليس.. ولكنه لا بد منيب، ما في ذلك أدنى ريب.. ولا تكون إنابته إلا في الأبد.. والله تعالى يقول في ذلك: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا* لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا* وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا).. وإتيان العباد الله لا يكون بقطع المسافات، وإنما بتقريب الصفات من الصفات.. وأقرب صفات المخلوق من صفات الخالق إنما هي صفات العبودية.. والعبودية خاصة، وعامة..
    فأما العبودية الخاصة فلا يدخلها إلا العارفون بالله.. وأما العبودية العامة فلا يخرج عنها مخلوق.. وإنما تستخرج العبودية الخاصة، من العبودية العامة، كما يستخرج الحديد النقي من خام الحديد.. وإنما ههنا مكان النار.. والنار منتهية، لأنها فرع، وليست أصلا.. فإن الأصل الخير المطلق، وليس الشر إلا طارئا على الوجود، وسببه جهلنا نحن.. ذلك بأننا نختار أنفسنا عن الله، وذلك لادعائنا الكفاية، وتوهمنا المقدرة على القيام بأمر أنفسنا.. (كلا إن الإنسان ليطغى* أن رآه استغنى) والطغيان جهل بقدر النفس، يجعلنا نتجاوز الحد، في ادعاء القدرة.. فإذا ما باشرتنا الشدة في النار، وقلت حيلتنا فيها، نوشك أن نعرف حقيقة أنفسنا، ومن ثم نعرف ربنا.. فقد قال المعصوم: (من عرف نفسه فقد عرف ربه)، يعني: من عرف نفسه بما هو عليه من العجز، عرف ربه بما هو عليه من القدرة.. وههنا تتوقف النار في حقنا.. وآخر من يصل إلى هذه المعرفة إبليس، ولا يصلها إلا في الأبد، فيخرج من النار إلى الجنة، وتنتهي النار بانتهاء الحاجة إليها)..


    المحبة هي الأصل:
    قلنا أن الرحمة أصل، والرحمة فوق العدل، وهي أقرب للمحبة، فالمحبة هي الأصل.. هي الرابط، الذي يربط الوجود كله.. وكل صفات الجلال، هي ليست أصلاً، وتأخذ دلالتها من التوحيد.. وكون المحبة هي الأصل، هذا ما تقتضيه وحدة الوجود.. فالخلق، ليسوا أغيارا، وإنما هم تجلي الذات، كما ذكرنا، عديد المرات.. فالله تعالى، خلق الوجود بالمحبة، وهو يحب الوجود كله.. وكما هنالك عبودية عامة، وعبودية خاصة، فكذلك، هنالك محبة عامة، ومحبة خاصة.. والمحبة العامة لا يخرج عنها شيء، أما المحبة الخاصة، فلا ينالها إلا من تحققوا بالعبودية الخاصة.. يقول الأستاذ محمود عن المحبة العامة: (إن الإنسان هو ثمرة الكون، وصفوته، وهو فيه ملك في مملكته، مكانه منها مكان السياسة الحكيمة، والإدارة القديرة والعدل الموزون. وقد تأذن رب الكون أن يجعل الإنسان خليفته عليه، فهو يعده لهذه الخلافة بالتربية والتعليم والإرشاد الحكيم. وقد خيل الجهل للإنسان أنه مقصود بالعداوة، في غير رحمة ولا هوادة، فأصبح يحارب في غير محترب، ويعادي في غير موجب للعداوة، وهو لن يبلغ مبلغ الخلافة إلا إذا شب عن العداوات، وعلم أنه أكبر من أن يعادي، ولم يصبح في قلبه مكان إلا للمحبة.. فإن الله يحب جميع الخلائق.. غازها، وسائلها، وحجرها، ومدرها، ونباتها، وحيوانها، وإنسانها، وملكها، وإبليسها.. فانه تبارك وتعالى إنما خلق الخلائق بالإرادة.. والإرادة (ريدة) وهي المحبة.. ولن يكون الإنسان خليفة الله على خليقته إلا إذا اتسع قلبه للحب المطلق لكل صورها وألوانها، وكان تصرفه فيها تصرف الحكيم، الذي يصلح ولا يفسد)..
    هكذا، بما أن الأصل في الوجود هو الخير المطلق، والمحبة الخالصة، وبما أن الوجود الإنساني، هو من وجود الله، وليس للإنسان وجود من ذاته، فكذلك الوجود الإنساني أيضاً، هو في حقيقته، يقوم على الخير المطلق، والمحبة الخالصة.. وما الفروع إلا وسائل لتحقيق هذه الأصول، وهي طرف منها، وليست مغايرة لها، فالخير في الشر موجود.. وأكبر الشرور هو الموت.. وهو في حقيقته حياة، كما سبق عن ذلك الحديث.
    العقاب ثمن الحرية:
    الذي يميز الوجود الإنساني عن بقية خلق الله هو (حق الخطأ) حق أن يعمل الإنسان، ويخطيء، ويتعلم من خطئه، وبذلك توفرت للإنسان حرية لم تتوفر للملائكة من أعلى، ولا للأبالسة من أسفل، وتميزت حياته عليهم جميعاً بالحرية، وبإمكانية التطور غير المحدود، من خلال التجربة، بين الخطأ والصواب.. هذه الميزة الأساسية، اقتضت أن تكون هنالك عقوبة على الخطأ، معاوضة له، حتى يستعيد الإنسان حريته، في المنطقة التي أخطأ فيها، ليتعلم من الخطأ، ويسير إلى الصواب.. فالعقوبة ثمن الحرية، ووسيلة هامة من وسائل انتصارها، والترقي في مراقيها.. فالشر، المتمثل في العقوبة، في مختلف صورها، هو ليس أصلاً، كما أنه إلى زوال، فسببه أوهام العقل القاصر، وسيزول باكتمال العقل، وإحاطته بحقائق الوجود، إحاطة يقين.
    لقد وجِّه للأستاذ محمود سؤال: هو: أليس في الإمكان استنباط عالم خال من الشر؟! وكانت الإجابة: (بلى!! ولكنه عالم غير كامل، لأنه لم يكتسب معرفته بالتجارب، وإنما هو قد ضربت عليه الهداية، ضربة لازب، وبذلك فقد الحرية، ومن ثم جاءه النقص.. ذلك بأنك لا تبلغ الكمال إلا ببلوغ الحرية الفردية المطلقة.. وأنت لا تبلغ الحرية الفردية المطلقة إلا بممارستها، وتحمل المسئولية عنها.. ولا يستقيم لك هذا إلا باضطرابك في محيط الثواب: (الخير)، والعقاب: (الشر)، حتى تنتصر، بترويض عقلك، على موجبات العقاب، فتنتصر بذلك على الشر.. وتعيش في عالم الخير المطلق، الذي ليس للشر إليه من سبيل).. وهذا هو معنى السير إلى الله، والتخلق بأخلاقه، فهو عملية خروج من الشر، وتجاوز له، كحافز للخير، والدخول في عالم الخير الخالي من الشر، والمستغني عنه بالمعرفة، وبالطاعة.

    27/10/18م























                  

10-27-2018, 07:25 AM

ATIF OMER


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض كتاب الوجود بين الإسلام والحضارة الغر (Re: محمد الفاتح عبدالرزاق)

    Quote: إنما تعني: أن كل مخلوق مرحوم.. وأن كل من دخل النار، بما في ذلك إبليس، لا يعذب انتقاما


    صدق الله وكذب الطاهويووون:


    فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٥٥ الزخرف﴾

    لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴿٤ آل عمران﴾


    وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴿٩٥ المائدة﴾

    فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ﴿١٣٦ الأعراف﴾


    فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴿٤٧ ابراهيم﴾

    فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ﴿٧٩ الحجر﴾

    فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧ الروم﴾

    إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴿٢٢ السجدة﴾

    وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ﴿٣٧ الزمر﴾

    فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿٢٥ الزخرف﴾

    فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ﴿٤١ الزخرف﴾

    يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ﴿١٦ الدخان﴾

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de