عرض كتاب الحياة بين الإسلام والحضارة الغربية للأستاﺫ الحلقة العاشرة بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 00:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-10-2019, 11:34 PM

خالد الحاج عبدالمحمود
<aخالد الحاج عبدالمحمود
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 158

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عرض كتاب الحياة بين الإسلام والحضارة الغربية للأستاﺫ الحلقة العاشرة بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

    11:34 PM October, 10 2019

    سودانيز اون لاين
    خالد الحاج عبدالمحمود-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    للأستاﺫ / خالد الحاج عبدالمحمود
    بسم الله الرحمن الرحيم
    "أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"

    الجزء الثاني
    الحياة في الإسلام
    الفصل الثالث
    غايات الحياة وحاجاتها
    لا بد أن يكون هنالك فهم واضح لحاجات الحي، أو حاجات الحياة، بالصورة التي تعين على إشباع هذه الحاجات، وبالصورة التي تؤمن الحياة وتجعل استمراريتها ممكنة.. فما هو الأساس الذي تنبني عليه هذه الحاجات؟
    الأمر الواضح هو أن حاجات الحياة تنبع من طبيعتها، ومن غاياتها.. فتصورنا الأساسي لطبيعة الحياة، ولغاياتها، هو الذي يحدد لنا حاجاتنا.. وكما رأينا، هذا التصور ينبني بصورةٍ كلية، على تصور طبيعة الوجود، والطبيعة الإنسانية.. فقضية التصور لهذين الأمرين ينبني عليها كل شيء، يتعلق بالإنسان.. وقد رأينا أن الحضارة الغربية، في جوهرها حضارة مادية، وأن إطارها المرجعي - العلمانية، لا يعطي غير الحياة الدنيا.. ففي إطار هذا التصور حاجات الحياة، بسيطة وواضحة، هي الحاجات البيولوجية!! وقد ثبت بالتجربة الطويلة، أن إشباع الحاجات البيولوجية وحده، عاجز تماماً عن إشباع حاجات الإنسان!! والسبب أن الإنسان ليس مجرد ظاهرة بيولوجية، كما صورته الحضارة الغربية وفق معارفها.. الإنسان مادة وروح، جسد وعقل، ولابد من إشباع الجانبين معاً، وهذا ما عجزت عنه الحضارة الغربية، وهي إنما عجزت لخطأ أساسي فيها، هو أنها ذات بعد واحد – البعد المادي- وتهمل البعد الروحي تماماً، ولذلك ما كان لها إلا أن تعجز عن إشباع حاجات الإنسان.. وعجز الحضارة الغربية هذا مردّه أنها لا تعرف الإنسان حتى تعرف حاجاته – راجع كتاب (الإنسان بين الإسلام والحضارة الغربية).
    لقد ورد في النقاط التي ذكرناها، ونحن نتحدث عن الإصول والفروع، أن "الوجود الحادث متحرك، حركة حسية ومعنوية، ولن ينفك.. وفي حركته، يطلب غاية واحدة، أساسية، هي المطلق.. ولذلك الحركة، هي حركة من النقص إلى الكمال.. ومن الجهل إلى العلم، ومن القيد إلى الحرية، ومن الباطل إلى الحق.. ومن الحق إلى الحقيقة..".. وعلى ذلك فإن غاية الحياة، كبقية الوجود الحادث، هي السيرورة والصيرورة إلى المطلق، حيث أصلها.. غاية الحياة هي الرجوع إلى أصلها، وهو حالة الكمال التي عنه صدرت.. ولقد سبق أن قررنا أن أصل الحياة واحد، هو حياة الله تعالى في ذاته، وما حياة كل حي إلا تجلي لهذه الحياة، حسب استعداد المحل، عند كل حي للتلقي.
    الحياة بين الحقيقة والشريعة:
    من أهم مثاني القرآن: الحقيقة والشريعة، وكما نقول دائماً، استخدام الكلمتين استخدام اصطلاحي.. فالشريعة تعني ما يتمشى مع ظواهر الأشياء، أو مع الإرادة البشرية، والعقل البشري.. والحقيقة هي ما يقوم عليه أصل التوحيد، ويرتبط بالذات الإلهية.
    حاجة الحياة في الحقيقة حاجة واحدة أساسية، هي حاجتها إلى الله!! فالحياة تقوم بالله بصورة كلية.. في قوله تعالى: "اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ".. (القيوم) تعني الذي يقوم به كل شيء في الوجود، ولا يمكن لأي شيء أن يقوم من دونه ولو للحظة واحدة.. (الحي القيوم) تفيد ضمن ما تفيد، أنه تعالى هو الحي الذي يهب كل حي حياته، وأسباب حياته.. فقيومية كل حي إنما هي بـ (الحي)، الذي منه تُستَمد الحياة.. فحاجة كل حي، في كل صورها، وكل مجالاتها، هي لله، فهو وحده، في الحقيقة، الذي يشبع الحاجات.. في قوله تعالى: "يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ".. قوله (يسأله) يعني يطلبه بالحاجة إليه.. هذا الطلب يكون بلسان الحال.. فالجائع يطلب الله بلسان حاله أن يشبع جوعه، والظمآن يطلب الله اشباع حاجته للري.. والخائف يطلبه الله تعالى لاشباع حاجته للأمن.. وهكذا!! وهذا يحدث من المؤمن ومن الكافر، ومن الإنسان وممن هم دونه من الأحياء.. والله تعالى من جانبه – جانب الحقيقة - يشبع حاجات جميع الأحياء.. ولكن الأحياء دون الإنسان المؤمن، لا يدركون ذلك، ويردون اشباع حاجات حياتهم إلى الأسباب الظاهرة فقط، ويعمون عن رؤية مسبب الأسباب.. هذا في مستوى الإسلام العام.. أما في مستوى الإسلام الخاص، إسلام البشر، الذي يقوم على العقل ويطلب الرضا بالله، فعلى المؤمن أن يعلم أن جميع حاجات حياته لا يشبعها إلا الله.. ومن ثمّ وجب أن يعمل في شريعته على طلب هذه الحاجات منه تعالى، مع الأخذ بالأسباب.. فهو يكدح في سبيل رزقه، ويجود الأسباب في ذلك، ويعلم أنه إذا لم يأذن الله بأن يرزق عن طريق هذه الأسباب فلن يرزق.. فالأسباب لا تعمل من ذاتها، وإنما هي تعمل مع الإذن الإلهي، وإذا لم يصدر هذا الإذن، فلن تعمل الأسباب.. فالماء لا يروي من ذاته، وإنما هو يروي بإذن الله.. وإذا لم يصدر الإذن فهو لا يروي.. وكذلك الطعام هو لا يشبع من ذاته، وإنما يُشبع بإذن الله، فإذا لم يصدر هذا الإذن فهو لا يُشبع.. وهكذا بالنسبة لكل شيء.
    فالحياة كما ذكرنا تقع في مستويين: حياة الحيوان، وتشمل البشر، وفيها تُرد حاجات الحياة للأسباب الظاهرية فقط، وتطلب الحياة من هذه الأسباب، وتغفل عن مسبب الأسباب.. وهذه هي الحياة في مرحلة الجهل.. أما الحياة العالمة، حياة الإنسان، فهي تطلب الحياة من مسبب الأسباب، وترد كل شيء فيها إليه تعالى، ومع ذلك تأخذ بالأسباب وبتجويد، مع العلم بأن الأسباب لا تفعل إلا إذا أذن لها مسبب الأسباب أن تفعل، ولذلك يكون الأخذ بالشريعة، بمعنى الأخذ بالأسباب، والنظر للحقيقة والاعتماد عليها، بمعنى انتظار المطلوب من الله، وليس من الأسباب.. هذه هي الحياة في الله، وبالله، وهي وحدها الحياة.. هي وحدها حياة الإنسان، التي تقوم على الفطرة.. وهذه الحياة هي الغاية.. أما الحياة الأولى، حياة الحيوان، فهي وسيلة لهذه الحياة.. علماً بأن الفكر والحرية هما الفيصل بين الحياتين.. فالحياة العالمة تقوم على الفكر، وتعمل على اشباع حاجات الفكر – حاجات الروح - ولا تهمل العمل على اشباع حاجات الجسد – الحاجات البيولوجية.. فهي تعمل عن علم على اشباع حاجات الجسد وحاجات الروح معاً، وفي نفس الوقت.. أما حياة الحيوان، فهي تعمل على اشباع الحاجات المادية، حاجات الجسد، وتغفل تماماً عن العمل على اشباع حاجات الروح.. ولما كانت حاجات الروح هي الأساس، فإهمالها يجعل هذه الحياة، ليست حياة، وإنما هي مجرد )عيش(.
    ما ذكرناه هو الأصل، أما في التنزل، فإنه مجرد ما برزت الحياة، ببروز المادة العضوية من المادة غير العضوية، أصبحت للحي حاجة واحدة أساسية، تتفرع منها جميع الحاجات الأخرى، هذه الحاجة هي الحاجة للأمن.. كل حي في أي مستوى من مستويات الحياة، مطلبه الأول والأساسي هو أن يأمن على حياته.. فحيوان الخلية الواحدة، يتحرك بدافع الحفاظ على حياته، فهو إنما يفر مما يؤلمه إلى ما يلذه.. وهكذا الحال بالنسبة لجميع الأحياء.. فالحي أولاً، يحتاج إلى مقومات حياته.. هو يحتاج إلى الغذاء، مع اختلاف نوع الغذاء، بالنسبة للأحياء المختلفة.. فإذا كان الغذاء هو الضوء، فإن الحي يطلبه، ويسعى إليه بما يؤمن حياته.. وعندما تعقدت الحياة، أصبحت للحي مقومات حياة أكثر تعقيداً، مثل الطعام بأشكاله المختلفة، والهواء، والماء، والمأوى ...إلخ.. وظل الأحياء يتصارعون فيما بينهم، حول مقومات الحياة.. فالطبيعة لم تكن توفر كل ما يحتاجه الأحياء.. كما لم يكن هؤلاء الأحياء دائماً، يعرفون طرق استخراج حاجاتهم من الطبيعة.. وحاجات الحياة تختلف اختلافاً هائلاً بين الأحياء، حسب مستوى حياتهم وتعقيداتها.. فحيوان الخلية الواحدة حاجات حياته بسيطة وتتناسب مع مستوى حياته.. وحاجات النبات تختلف عن حاجات الحيوان.. وحاجات البشر تختلف عن حاجات الحيوان.. ولكن جميع هذه الحاجات، تنطلق من مطلب واحد أساسي، هو الحاجة للأمن – او حب البقاء- وكل حي سلوكه كله يدور حول تأمين حياته، والزيادة من هذه الحياة.. وبالطبع نحن تعنينا حياة الإنسان، والإنسان المعاصر بالذات.. وبقليل من التأمل، نستطيع أن نتصور الاختلاف الهائل جداً، بين حاجات حياة الإنسان المعاصر، وأقرب الأقدمين له.. فحاجات الحياة تكثر وتتنوع حسب مستوى تعقيدات الحياة.
    هنالك نقطة تحول أساسية ظهرت في الحياة، بظهور العقل.. فالأحياء دون البشر حاجاتهم حاجات غريزية، وتحركهم الغريزة لإشباعها.. وعندما ظهرت الأنثى والذكر المنمازان عن بعضهما.. أصبح تكاثر الأحياء عن طريق العلاقة بين الذكر والأنثى، هذه العلاقة التي أصبحت تعرف بالعلاقة الجنسية.. وأصبح الحي يحفظ نوعه عن طريق هذه العلاقة، وما ينتج عنها من ذرية.. ولكن العلاقة الجنسية ليست مجرد حفظ للنوع، وإنما هي مظهر أساسي من مظاهر تعبير الحياة عن نفسها، فالحياة لذة، والعلاقة الجنسية أعمق اللذات، ففي العلاقة بين الذكر والأنثى، يحقق كل منهما قدراً من الأمن، وهذا المعنى أوكد عند البشر، أكثر مما هو عند من هم دونهم.
    وقد نشأ عن العلاقة الزوجية عند البشر المجتمع.. فالأسرة هي بداية المجتمع وأصله.. وقد كان المجتمع موجوداً عند الأحياء دون البشر.. وأصبحت الحاجة للمجتمع حاجة أساسية جداً.. ففيه يجد الفرد الأمن، والحماية من الأعداء، من نفس الجنس ومن الأجناس الأخرى.. كما أن الحياة المادية نفسها، أصبحت تعتمد على المجتمع بصورةٍ كلية.. وقد ظهر هذا منذ مجتمع الصيد ومجتمع الزراعة، لكن زاد زيادة هائلة مع المجتمع الصناعي.. فلولا التخصص في العمل، وتبادل السلع، لما تطورت الحياة بالصورة التي تطورت بها.. فالإنسان بعد التخصص في العمل، لم يعد ينتج جميع حاجاته بنفسه.. وإنما تخصص في انتاج سلعة واحدة، ويتبادل مع المنتجين الآخرين.. فظهر الاقتصاد بصورته المنظمة، إلى أن وصل إلى مرحلة الرأسمالية الحالية، وفيها أصبح العالم كله، تقوم الحياة فيه على التعاون والتكافل.. وفي المجتمع إبتداءً من الأسرة يجد الأفراد الأمن، ويطمئنون على حياتهم من الأعداء.. وقد كان للتطور الهائل في سبل المواصلات، ووسائل الاتصال، الدور الهائل جداً، في ترابط المجتمع البشري، حتى إننا أصبحنا وكأننا نعيش في قرية واحدة، وهذه بيئة جديدة لها مطالبها التي تناسبها.
    لقد هدت الحيلة الفرد البشري لاختراع المجتمع، لتأمين نفسه ضد الأعداء، الذين يقعون في إطار قدرته.. لكن هنالك في الطبيعة أعداء فوق قدرته.. ولمواجهة خطر هؤلاء الأعداء، اهتدى الفرد البشري للدين.. فأخذ يطلب مودة هؤلاء الأعداء عن طريق عبادتهم، والتقرب إليهم.. وهكذا نشأ الدين كحاجة ضرورية للأمن ضد عداوة الأعداء، الذين لا تطولهم قدرته، فالدين والعلم نشآ من أجل تحقيق الأمن واخصاب الحياة، والانتصار على كل ما يهددها، ومن يهددها.. والموت هو أكبر خطر يهدد الحياة.. هذا أمر يدركه المرء بالتجربة، وكل الحيل التي تسعى إلى أمن الحي، إنما هي حيل لتأمينه ضد الموت بالذات!! وحتى الآن لم يتم ما يُؤَمِن الإنسان من خطر الموت.. وما لم يتم الانتصار على الموت، تصبح كل الانتصارات الأخرى، على أعداء الحياة، قليلة الفائدة، فهي لا تستطيع أن تؤمن الحي من الخطر الأساسي - الموت!! والسبب في قلة فائدتها، هو أنها فشلت في أن تحقق الأمن النهائي.. وهذا ما يجعلنا نقرر بكل تأكيد، ووضوح، أنه ما لم يتم الانتصار على الموت، يكون الإنسان قد فشل في تحقيق حاجته الأساسية، وهي الحاجة للأمن واستمرار الحياة.
    البيئة:
    كل محاولات الإنسان في جميع مراحل تطوره، الطويلة والشاقة، هي أن يؤمن حياته، عن طريق التواؤم مع بيئته.. فالتواؤم مع البيئة هو عمل جميع الأحياء.. وهو وحده الذي يكون به الأمن.. والتواؤم مع البيئة يقتضي قبل كل شيء، معرفة البيئة، فأنت لا يمكن أن تتواءم مع بيئة لا تعرفها!! وقد ظل الإنسان في جميع مراحل تطوره، يعمل على معرفة بيئته، ليتواءم معها.. ومع تطور العلم الحديث، ومعرفة الإنسان الكثير جداً عن البيئة الطبيعية، وقوانينها، إلا أنه لا يزال بعيداً جداً عن معرفة البيئة، والقوانين التي تسيرها، وهذا هو السبب الأساسي، في أن الإنسان المعاصر، فشل في تحقيق حاجة حياته للأمن.. وسيظل هذا الفشل قائماً، ما لم يعرف الإنسان حقيقة البيئة.
    أن التحول الأساسي في الحياة، هو ظهور العقل عند ظهور البشر.. وظهور العقل هو أخطر تحول تم في الحياة، وأهمه.. وبظهور العقل اختلفت الحياة اختلافاً جذرياً، مما كانت عليه، قبل ظهور العقل.. ولم يكن العقل في الحيوات السابقة، غائباً تماماً، وإنما كان في مستوى من الضعف، والقصور، يجعلنا نحكم عليه بأنه كأنما كان في حكم الغائب.. لم يكن العقل هو الذي يسير الحياة، وإنما الغريزة هي التي تسير الحياة، والغريزة تقوم على مستوى من العقل يناسبها.. وإلى اليوم حياة البشر، لا تقوم على العقل بقدر ما هي تقوم على الغريزة، والمستوى الذي يناسبها من العقل – عقل المعاش.
    العقل الذي هو فيصل بين مستويين من الحياة، هو العقل المكلف، العقل الذي يقوم على التمييز، بين قيم الأشياء، حسب قانون الحلال والحرام.. وبظهور هذا العقل، كانت البداية الحقيقية لحياة الفكر والشعور _حياة الإنسان.. وحتى الآن نحن لم نصل لحياة الإنسان هذه.. ونحن لن نصلها، إلا بعد تجاوز طبائع الحيوان، التي لا تزال تحول دون نزولنا أول منازل إنسانيتنا، التي بها نحقق الحياة الحقيقية، والتي هي الغاية، وما حياة الحيوان التي نعيش الآن، في خواتيم عهدها، إن شاء الله، إلا مقدمة لها.
    وللأهمية الكبيرة جداً، لدخول العقل المكلف في الحياة، ولأن به أصبحت الحياة – حياة الإنسان - ممكنة، من الأفضل أن نخصص له فصلاً خاصاً به.


    ۱0/۱0/20۱9م























                  

10-11-2019, 08:26 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض كتاب الحياة بين الإسلام والحضارة الغر (Re: خالد الحاج عبدالمحمود)

    القول الضامر

    الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود
    تحية واحترماً

    قرأت لك كثيراً، كما قرأت للأستاذ محمود ،وظني أن تلامذة الأستاذ سوف يسلكون النهج، ويطورون الفهم لقضايا ظل الكثير من أحبائنا الجمهوريين يرددون حديث وكتابات الأستاذ محمود محمد طه، كأن القضية تقف عنده، وتنتهي به، وتلتحف لباس الظن والتقديس ، كأن الأستاذ قد وصل غاية ليس بعدها إدراك.

    (1)

    إن ما قام به الأستاذ محمود، يعد خطوة في مسيرة الفكر الديني، وهي قضية لازمت الفكر زماناً، ولن تنتهي. على سبيل المثال: إن مصادر الحديث النبوي مشكوك في سبتها وفي نسبتها، والتاريخ يوضح أن رواة الأحاديث كانوا يجيدون صناعته في العصر الأموي والعصر العباسي لخدمة السلطة. وهي أحاديث تُعد بالآلاف، ولا يكفي أن نعرضها على الأنوار القرآنية لنتأكد من صحتها.
    *
    إن القرآن الذي بين أيدينا الآن، تغير كثيراً عما هو في زمن النبي. المصحف العثماني الذي كُتب بالخط الحجازي غير موجود، والموجود هو في آخر القرن الهجري الأول. وهو كتاب منقول ومطور من مصحف الصحابي عثمان بن عفان، الذي اختار ترتيب القرآن، و اختار السور الطوال ووضعها مع السور الطوال وكذلك القصار مع القصار. ومصدره من المحفوظ لدى واحدة من زوجات النبي. تناول النسخ الأخرى وأمر بحرقها، وقام بإرسال نسخ من مصحفه للأمصار الإسلامية في زمنه.

    (2)

    لم يكن القرآن أول أمره إلا كتاباً منسوباً للآرامية والسريانية والعبرانية، لأن اللغة العربية كانت شفهية، وأول كتاب مقروء هو القرآن. لم يكن المصحف إلا كتاباً سطرته أيادٍ بشرية. وقد كان أول أمره غير منقوط، وليس فيه علامات وقف، وغير منون ولا مشكّل، وتطور التدوين إلى أن صار الأمر كما هو الآن.
    *
    من المهم أن يتعرف من يقرأ الذكر الحكيم، على كلمات وأحرف سريانية و آرامية وعبرانية ،فالحروف العربية مأخوذة منهم. والأحرف المقطعة أول السور كلها ذات أصول سريانية أو عبرانية. فمثلاً:

    (طه): تعني أيها الرجل. و(ألم ): صمتاً. ( ألر): تبصّر. ( كهيعص ): هكذا يعظ. إن عرفتَ اللغة السريانية والآرامية تكشفت لك الدروب التي كانت من قبل مجهولة، فبان لك الطريق سالكاً، فسلكت دروب العرفان. والقرآن هو الكتاب الأول باللغة العربية، كانت قبلها اللغة العربية شفهية. ولكننا نجد أن المفسرين والفقهاء الذين لا يعرفون اللغة السريانية ، ينزلون من التفاسير، وأفضلهم من قال أنه لا يعلم تفسيرها إلا الله.

    (3)

    وهنا قد يتساءل المرء، أي القراءات أصح وأصوب؟ وهذا السؤال خطأ. ولعل الأصح قولاً: أيهن الأقوى تواتراً؟ فأقواهن تواتراً هي قراءة نافع المدني، ثم تليها قراءة ابن عامر الشامي وقراءة ابن كثير المكي. وهناك قراءات فيها خلاف، أعني أن بعض الناس ذمها وبخاصة قراءة حمزة وما تفرع عنها. وأما ما زعمه البعض من أن انتشار رواية حفص عن عاصم هذه الأيام دليل على أنها أصح، فليس في هذا القول جانب من علم. ولو كان صادقاً، لكانت انتشرت قبل العثمانيين بعصور طويلة. لكن الحقيقة معروفة.
    *
    فرواية حفص عن عاصم كانت رواية نادرة لم تنتشر ولا حتى بالكوفة، وإنما أخذ أهلها رواية عاصم عن أبي بكر. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، وما التفتوا لرواية حفص. ثم لو نظرنا في العالم الإسلامي لوجدنا أنه خلال مدة من الزمن سادت قراءتي أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي. ولم يكن لرواية حفص عن عاصم ذكر. ثم مع قدوم الدولة العثمانية اعتُمِدت رواية حفص.

    (4)

    هناك سيل له زبد من القراءات منها:
    *
    رواية حفص عن عاصم، رواية أبي الحارث عن الكسائي، رواية إدريس عن خلف البزار، رواية إسحاق الوراق عن خلف البزار، رواية ابن جماز عن أبي جعفر، رواية ابن ذكوان عن ابن عامر، رواية ابن وردان عن أبي جعفر، رواية البزي عن ابن كثير، رواية الدوري عن أبي عمرو، رواية الدوري عن الكسائي، رواية السوسي عن أبي عمرو، رواية خلاد عن حمزة، رواية خلف عن حمزة، رواية روح عن يعقوب الحضرمي، رواية رويس عن يعقوب الحضرمي، رواية شعبة عن عاصم، رواية قالون عن نافع، رواية قنبل عن ابن كثير، رواية هشام عن ابن عامر، رواية ورش عن نافع.
    *
    والقراءات ليس معناها أن نصاً واحداً متفق عليه، ولكنها اختلاف تدوين وقراءة. وعلى سبيل المثال: قراءة ورش عن نافع ، فيها حرف الفاء مثل ما نعرفه في العربية الحديثة، ولكن نقطة الفاء تحت الحرف. حرف القاف مثل ما نعرفه في العربية الحديثة، ولكن نقطة القاف واحدة فوق الحرف.
    *
    نخلص من أن العقيدة ، لها دروب شتى ، ويستحيل أن يكون لها صوت واحد. وإننا في حاجة لنفض لفافة القداسة عن النصوص ، لإعادة معرفتها من جديد.

    عبدالله الشقليني
    11 أكتوبر 2019
    *
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de