|
|
 سيدي الرئيس مفاجأتكم المفاجئة اسعدتنا../ مهندس/ الأمين موسى البشاري
|
اطل علينا السيد رئيس جمهورية السودان وقد اشرأبت الاعناق وتوقفت حركة الحياة اليومية وحبست الانفاس لمتابعة خطاب الرئيس الذي سبق أن روّج له هو بنفسه في احدى لقاءاته الجماهيرية ، ومع هذا التبشير من السيد البشير ارتفع سقف آمال وتطلعات الشعب السوداني فأطلق العنان لخياله بأن سيادة الرئيس قد مل من الحكم وأصابه الزهد والورع والخشية من الله فقرر ترك كرسي الحكم الى غير رجعه وأنه سيسلم الكرسي الى نائبه بكري حسن صالح، ومثلنا السوداني يقول (حلم الجيعان عيش) والعيش الذي يريده الشعب السوداني هو شوقه الى الحرية والديمقراطية والعيش بكرامه بعد أن وقف حمار الانقاذ عن انقاذنا من أي شــئ فالإنقاذ لم تنقذنا من شئ بل قادتنا الى ما هو اسوأ مما كنا عليه في 30/يونيو 1989م .
يحكى أن مديراً لإحدى الشركات التي تملك عدة فروع في عدد من الولايات قد أســر الى سكرتيرته الخاصة ومديرة مكتبه بأنه بصدد زيارة الفرع الفلاني وأمرها أن ترتب أمر هذه الزيارة المفاجئة وإنها ستكون زيارة فجائية للإطلاع والوقوف على مسيرة الفرع وادائه بعيداً عن نفاق مدير الفرع وموظفيه وبدون أن يرتبوا انفسهم لهذه الزيارة فتكون نتائجها معروفة سلفاً ، ولكن الاخت السكرتيرة لم تتحمل أن تكتم هذا السر فأسرت به الى احدى الزملاء في الفرع المقصود بالزيارة المفاجئة وطالما السر قد اطلع عليه أكثر من أثنين فإن احتمالية بقائه سراً تبقى ضعيفة وبعد لحظات قليلة علم كل الفرع بأن مدير الشركة ينوي زيارتهم في يوم كذا الساعة كذا ، وقد بدأ المدير وموظفيه في اعداد انفسهم استعدادا لهذه الزيارة فرتبوا أمرهم ، وفي اليوم المعلوم للزيارة وبينما المدير في طريقه الى مقر الشركة في المدينة التي يقع بها الفرع المقصود بالزيارة وبمجرد وصوله الى باب الشركة وجدت لافته كبيرة من قماش الدبلان الفاخر وكان مكتوباً فيها : سيدي المدير زيارتكم المفاجئة اسعدتنا ..
حينها أيقن المدير العام بفشل زيارته المفاجئة لهذا الفرع وعلم أن سكرتيرته قد سربت خبر الزيارة فاستعد الفرع لهذه الزيارة كما ينبغي ، وقطعا لم تسعد العاملين في الفرع زيارة المدير العام بل اسعدهم علمهم بمواعيد الزيارة ، وبالتالي فإن مفاجأة الرئيس التي كنا نمني النفس بأن تسعدنا لم تزدنا إلا احباطاً ولم يكن في خطاب الرئيس شيئاً يدعونا للدهشة او المفاجأة غير تلك الركاكة والتلعثم وعدم القدرة على نطق بعض الكلمات التي استعصت على الريس ويبدو أن سيادته هو من تفاجأ بالخطاب وليس الشعب السوداني.
نعود لموضوع الخطاب المفاجأة بعد أن تم حشد قيادات الاحزاب الذين بالغوا في تأنقهم لحضور خطاب الرئيس ظناً منهم بأن الرئيس سيعبر بهم وبأمانيهم الى سدة الحكم وكانوا قد نسوا أو تناسوا بأنهم هم من فرطوا في الديمقراطية وانخرطوا في صراعات حزبيه ضيقة لا تفيد السودان مما سهل من مهمة لصوص الانقاذ في الانقضاض على الحكم بواسطة المشير الذي بشرهم بالمفاجأة التي جاءت دون مستوى طموحاتهم.
حينما بدأ الترويج لمفاجأة الرئيس كتبت في سودانيزاونلاين بأن الرئيس البشير باق في الحكم وسوف لن يتنحى وقد ظن البعض بأنني أهذي أو قد اصابتني بعض الهلوسه وقد ذكرت في ذلك البوست أن من يبتدئ سنوات حكمه بإراقة الدماء (ضباط رمضان ال 28) وجرجس ثم يستمر خلال مسيرة حكمه في سفك دماء اهل السودان في الشمال والجنوب والشرق والغرب بدم بارد لا يمكنه ان يتنازل عن الحكم طواعية وقلت ايضاً أن بأن هؤلاء قد وصلوا الى مرحلة القذافي وفرعون في انهم إما أن يحكموا أو يموتوا.
وإذا كان قادة الاحزاب القابعين في ظل العاصمة الخرطوم قد انخدعوا بأن البشير يمكنه التوبة وتسليم الحكم فإن قوى اليسار بقيادة الحزب الشيوعي والبعث وقادة الجبهة الثورية لم تهز فيهم مفاجأة البشير شعره ولم تراودهم أنفسهم بالحضور ليشهدوا هذيان البشير بكلمات ووعود جوفاء لا يسندها أي التزام أو عمل ملموس.
جاء الخطاب واهنا وهذيلاً لا يلبي طموحات شعبنا الابي في الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية واذا كانت اللغة هي احدى ادوات التواصل بين البشر فإن البشير قد عجز عن توفير الوعاء الذي يحمل رسالته التي يريد توصليها لجموع الشعب السوداني، فصار اضحوكة العالم وتندر السودانيين عليه، السيد الرئيس فخ اللغة العربية تفجيخاً حتى تململ سيبويه في قبره لما آل اليه حال اللغة العربية فللمرة الأولى يسمع الشعب السوداني بكلمات جديدة ادخلها سيادته الى قاموس اللغة ككلمة اندغام واحابيل وقد ارتكب البشير أكثر من مائة خطأ اثناء قراءة الخطاب فأرهق نفسه وحملها فوق ما تحتمل وشنف آذاننا بالعديد من المصلحات الجديدة التي لم يسمع بها الاوائل ولا الأواخر.
بالرغم من كل السخرية والتندر وفشل البشير في توصيل ما يريد إلا أن خطاب البشير حمل الكثير من النقاط التي استطعت أن احصر بعضها وهي:
-اعتراف علني وصريح بعجز المؤتمر الوطني على الاستمرار في الحكم منفردا.
- فشل المؤتمر الوطني في ايجاد حلول اقتصادية للازمة الراهنة التي تمر بها البلاد.
- فشل المؤتمر الوطني في تحقيق السلام والعدالة الاجتماعية بين السودانيين وقد اظهرها تكرار البشير الممل لعبارة (الناس كل الناس).
- استعداد المؤتمر الوطني لتقديم أية تنازلات يطلبها المعارضون لتخليصه من مأزقه الذي وضع فيه نفسه.
- الخطاب اعطى اشارات دون ضمانات أو التزامات اكيدة بأنه سينفذ ما قاله .
- المؤتمر الوطنى في اقصى مراحل ضعفه وقد اصبحت مسألة زواله مسألة وقت فقط وبالتالي هو في مرحلة الاحتضار.
- المؤتمر الوطني حماره غلب ويقول للقوى الاخرى تعالوا استلموا جنازتكم دي فلم يعد بمقدوري الاستمرار.
خطاب البشير المهزلة لم يحمل بين طياته أي مفاجأة ولم يلبي 1% م تطلعات الشعب السوداني وقد كنت اتوقع أن يقول البشير في ايجاز بسيط ما يلي:
1 .حل حزب المؤتمر الوطني.
.2 تعطيل العمل بالدستور وحل البرلمان.
.3 تشكيل حكومة قومية بقيادة أحد التكنوقراط.
4 . ارجاع المفصولين للصالح العام.
5 . حل قوات الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية.
6 .تشكيل لجنة لاعداد الدستور وتهيئة الاجواء للانتخابات القادمة.
7. اعلان عدم ترشحه في الانتخابات القادمة.
8 . دعوة حاملي السلاح للانضمام الى العملية السياسية مع تقديم ضمانات حقيقية بصدق نواياه.
9. تكوين مؤسسة للرئاسة بمشاركة كل القوى السياسية .
.10 اعفاء كل الولاة والمعتمدين والوزراء ووكلاء الوزارات وتترك مهمة تعيينهم للحكومة الجديدة.
.11 اعلان فترة انتقالية مدتها سنتين يتم فيها وضع الدستور وإجراء انتخابات تشريعية
.12تشكيل محاكم فورية لرد المظالم وإقرار مبدأ المحاسبة دون حصانة لأحد.
هذه هي المفاجأة التي كانت ستسعدنا سيدي الرئيس فليس هناك أجمل من ترجلك من صهوة جوادك بعد عقدين من الفشل التام في ادارة السودان الذي استلمته مليون ميل مربع وسوف تتركه منقوصا من مساحته تلك بمقدار الثلث سوف تتركه وتترك في كل بيت سوداني اثراً سيئا او حزينا اما شهيد او جريح او معتقل او عاطل عن العمل او مفصول للصالح العام أو مريضا لم تستطع الدولة علاجه.
إن اردته سيدي الرئيس ان تسعد قلب كل سوداني معنى عليك بالرحيل اليوم قبل الغد وفي يومين ظهرت نتائج الاستفتاء الذي قمته بعمله للترويج لمفاجأتك الموعودة فلربما يشفع لك هذا القرار ويحفظ بعض ماء وجهك المدلوق الي سكبته بيدك.
مهندس/ الأمين موسى البشاري
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست