قناة النيل الأزرق التي لم تستوعب أبداً أنها في حد ذاتها (أزمة) من أزماتنا الإعلامية والثقافية ، قدمت مساء الأمس عبر برنامجها (السرمدي) الذي لا يتجدَّد ولا يتغيَّر رغم ما طالهُ من نقد لازع ، حلقة تناولت فيها مجموعة من النسوة مفهوم (إستفزازي) عنوانه إيجابيات الأزمة ، وقد بذلت المُستضافات مجهوداً كبيراً وجباراً يشبه محاولة إدخال البغل في عنق الزجاجة من أجل إثبات أن أزمات السودان بما فيها أزمة الغلاء الفاحش وأزمة الوقود فيها من الإيجابيات الكثير ، ومن ضمن تلك الإيجابيات رغم أني لم أشاهد الحلقة كاملة لا أظنهن قد فات عليهن أن يذكرن (تعظيم وتيرة الحيرة والحزن والوجع الأليم) في حياة الناس حتى لا تشوِّهها آفة التنعُم والطيبات والحصول على المُراد بيسرٍ وأمانٍ وكرامة ، وإدارة القناة بالطبع لا تجرؤ أن تناقش أزمات البلاد الماثلة جراء إستحواز آلة الفساد تحت ستار سلطة المؤتمر الوطني لمقاليد الأمور في البلاد لأنها تعلم أن ذلك لن يسير في إتجاه مصالحها كمؤسسة ربحية والتي أقل ما يمكن أن تجنيه من سياستها الإذعانية كونها ستظل باقية في دفء الأمان التام من سوط السلطان المُسلَّط على كل حركة إعلامية حُرَّه ونزيهة وقاصدة لمصالح الشعب والوطن ، ولكن ما يثير الحيرة في نفسي أن مُجرَّد السكوت والصمت عن ما يدور من مآسي وطعنات في حق الوطن والناس برماح أصحاب السلطة كان سيكون كافياً لإثبات هذا الإذعان والخضوع المخجل ، لكن أن يصل الأمر إلى صناعة وإعداد حلقة (تتندر وتستهزأ) بمواجع الناس وآلامهم وهوانهم على الحكومة فذاك يعني أن القناة تم تجنيدها أو إنخرطت طواعية في كتيبة (المستنفعين) ، تلك الفئة التي لا هم لها سوى الحصول على مصالحها غير المُستحقة ولو على رقاب الضعفاء والفقراء من أصحاب الحق الأصيل في موارد وثروات هذا الوطن ، والتي ما زلت تُنهب يوماً بعد يوم بواسطة التماسيح والقطط السمان وغير السِمان والفئران والنمل و هلم جرا ، ليت الأزمة يا هؤلاء كانت جراء القوى الطبيعية القاهرة كالأمطار والزلازل والفيضانات والجفاف ، كنا في ذلك الحين وافقناكم على إستلهام روح الفكر والدين والإنسانية في إ ما يمكن حصدهُ من إيجابيات أقلها أن نكون قادرين في حال تكرارها وحدوثها مرةً أخرى جاهزين بالتجارب والحلول المسبقة ، لكنكم لن تستطيعوا (تدغمسوا) حقيقة الأزمة لأن آفاق عقول الغلابة أصبحت أكثر إتساعاً مما تتوقعون ، ولأن صانعي الأزمة أنفسهم من أصحاب النفوذ والسلطة وتابعيهم قد أصابهم الملل من كثرة التخفي والبحث عن تبريرات كاذبة فأصبحوا لا يبذلون جهداً ليخفوا سوءاتهم وما تدنست به أيديهم ، الأزمة يا هؤلاء لا وجه لها إلا ميزان الحقوق والواجبات ، ولا حكم عليها إلا عبر النزول إلى حكم الدستور والقانون ولا مجال أبداً لإعمال مبدأ عفا الله عن ما سلف أو إفشاء فضيحة (التحلُّل) ، لا وجه إيجابي أبداً للأزمات التي تعانيها البلاد ، ولا بزوغ فيها إلا للوجه السوداوي الذي عم حياة الفقراء والبسطاء ، في البوادي النائية الحوامل يودعن الحياة إذا تعثَّرت ولادتهن في قرية فيها 4 عربات لا توجد بخزاناتها قطرة وقود تسعفهن إلى أقرب مستشفى ، أما أزمة الغلاء الفاحش فمن جرائها يموت المئات أو الآلاف بسبب عدم القدرة على مقابلة الأطباء وعمل الفحوصات وشراء الدواء ، و لا علم لي لكني لا أستبعد أن يكون في بلادنا اليوم من يموتون جوعاً ومسغبة .. قال إيجابيات قال .. اللهم لا إعتراض على أمرك.
04-30-2018, 11:15 AM
Osman Hassan
Osman Hassan
تاريخ التسجيل: 11-26-2016
مجموع المشاركات: 129
عزيزنا الأستاذ/ هيثم الفضل كتاباتك تتسم بالروعة.. و ينطبق عليها قول إيليا أبو ماضي: " إن بعضَ القولِ فنٌّ، فاجعل الاصغاءَ فناً.." نعم، في كلامك الكثير من ابداع و فن الكلام.. لكن يُعاب عليك عدم تجزئة كتاباتك إلى فقرات للتيسير .. و دون الطلوع إلى أعلى ثم إلى أسفل ثم إلى أعلى للربط. بين فكرة و فكرة.. و لك خالص التقدير و الاحترام..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة