فى 4 مارس 2009 اصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة قبض على الرئيس (المخلوع) عمر حسن احمد البشير، باتهامه بجرائم حرب وجرائم ضد الانساية فى اقليم (ولايات) دارفور، ثم فى 12 يوليو 2010 اصدرت المحكمة ذاتها مذكرة اخرى بالقبض عليه لجرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقى ، وقبل ذلك اصدرت المحكمة ثلاثة مذكرات ضد عبدالرحيم محمد حسين واحمد هارون وعلى كوشيب بنفس التهم. رفضت الحكومة السودانية التعاون مع المحكمة وايٌدها فى ذلك كثير من السودانيين بإسثناء اهالى الضحايا فى معسكرات النزوح فى دارفور وبعض النشطاء الحقوقيين، وكان الرفض بحجة ان تسليم رأس الدولة فيها مزلة لكرامة السودان، رغم ان الحجة كانت واهية، وفى الحقيقة ليس هنالك علاقة بين شرف دولة وتحقيق العدالة بل هى فرية اختلقتها النظام لحماية رئيسهم. اخيراَ سقط النظام وبطلت الحجة التى تقول انه يمثل رأس الدولة لكن يبدوا ان قضية تسليم المجرمين المطلوبين للجنائية الدولية وتحقيق العدالة للملايين من اسر الضحايا لم يحظى باهتمام من القائمين على الامر فى المجلس العسكري كما حظى عندهم قضايا الفساد المالى وقتل المتظاهرين السلميين. موضوع العدالة هذه سوف يضع السودان ودعاة التغيير فى محك يصعب تجاوزها الى مرحلة البناء والتعميير، القتل ليس كغيره من الجرائم لن ينتهى بالتقادم او بالعفو السياسى، وبالتالى لو افترضنا جدلاً ان هؤلاء ينوون محاكمة المطلوبين للجنائية فى السودان، حتى هذه اللحظة ليس هنالك قانون لمحاكمة مرتكبى الابادة الجماعية والتطهير العرقى فى السودان باعتبارها أول سابقة من نوعها وان أجيزت القانون فانه لن يحاكم الجرائم السابقة على اثر رجعى. منذ وقوع المجازر فى دارفور عام 2003-2005 حتى هذه اللحظة تفاعل عامة السودانين مع موضوع الجنائية كانت ضعفية والمبرر للبعض ان الاعلام الحكومى ضللهم عن معرفة الحقيقة! وللبعض الآخر تسليم الرئيس او اي سودانى مزلة للسودان، رغم ان هذه الحجة ليس مقنعاً لقد حمكت المحكمة الدولية على رادوفان كاراديتش (Radovan Karadzic) القائد السابق لصرب البوسنة بالسجن المعبد، ومحاكمة الرئيس اليوغسلافى السابق سلوبودان ميلوسفيك (Slobodan Milosevic) قبل وفاته فى السجن ولم يمس بشرف الصرب كدولة بل العكس صربيا هى التى قبضتهم وسلمتهم للمحكمة ايمانا بان جرائم الابادة لم تكن باسم الدولة بل تصرف اشخاص مجرمين، ولم تفعل السودان رغم أنٌ سقوط النظام رفع القناع تبريرات لا لتسليم راس الدولة. تسليم المطلوبيين للجنائية افضل وسيلة لتحقيق العدالة وارضاء طريفي القضية، اهل الضحايا مؤمنون بالعدالة الدولية بعد ان اصدرت تلك المحكمة بمذكرات قبض ضد رئيس ما زال فى سدة الحكم، واهل الجانى سوف يكونوا راضين بحكم تلك المحكمة التى اقسى احكامها السجن المؤبد فى سجون خمس نجوم فى اوربا، بالاضافة الى ان القضاء محايدون وليس لهم ما يربطهم بكلا الطرفين. على النقيض من ذلك محاكمة الرئيس فى السودان سوف يغضب الطرفين، محاكمة البشير فى قضايا القتل والفساد والتى يتيسر ادلتها فى قتل المتظاهريين السلميين والفساد المالى لن يرضى اهالى ضحايا الحرب ولن تكون نصرة لهم حتى وان أعدِم البشير، والاعدام بالطبع لا يرضى اهل البشير ايضا. يجب علينا كشعب ثائر يسعى الى التغيير ويتطلع الى مستقبل باهر ان نبتدر البناء بوحدة السودان الممزق ليس جغرافياَ فحسب بل اجتماعياً على الوقوف مع ضحايا الحروب العبثية فى تحقيق العدالة وليس التعاطف مع الجناة، اهل السودان طيبون في طبعهم وخاصة اهل دارفور وهم قادرون على تجاوز تلك المرارات بالعفو والسماح لو احسوا ان الدولة تناصرهم فى تحقيق العدالة، والا يكون موضوع الجنائية القشة التى قصمت ظهر السودان. ابوبكر شرف الدين [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ابوبكر شرف الدين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست