هل هذا يا إسحق، يا فضلَ اللهِ على العباد، أوان الحديث عما جرى في بلد عربي، وقد قلت (والقصة وما فيها أن الزوج بعد جلسة مع خطيب ابنته يدخل على أم الفتاة مذهولاً ليقول إنَّ الخطيب يطلب رؤية البنت دون ملابس على الإطلاق وموجة العنوسة العنيفة تجعل الجميع يوافقون)؟ أولاً، لغويا أظنك تقصد أن تقول الأب لا الزوج! لكن، ألم يكن من الأولى أن تكتب عن قصة الشباب الذين يتظاهرون سلمياً من أجل التغيير لكنهم يقابلون بالغاز المسيل للدموع، بالضرب، بالرصاص الحي وبالاعتقال والتعذيب؟ أوَ هذا أوان الكتابة عن العنوسة؟ إنْ كانت عنوسة بنات السودان أو بنات العرب؟ يا إسحق، هل يتجادل السودانيون اليوم حول شيء عدا التغيير؟ لكن ها أنتَ ذا قد خططت بمدادك (وفي السياسة يتجادل الناس حول البدلة التي ترقص بها بلادنا للعالم ... مفتوحة أم مقفولة؟) أي بلاد تلك؟ وأي عالم ذاك؟ ما هذه اللغة؟ وما هذا الانصراف؟ تتحدث عن الكباريهات! أين هي الكباريهات في السودان؟ ...، ثمَّ هل رأيت الخرطوم يا إسحق أيام كان فيها ال GMH – صالة غردون للموسيقى؟ أوَ لم تكن العاصمة يومها أكثر عفافاً وحياء؟ هل رأيت مسجد أمدرمان العتيق أيام كان بار الأرمني واليوناني لا يبعد عنه سوى خطوات؟ هل رأيت الصدق يومها والتدين المخلص الذي لا يركض وراء مال أو وظيفة أو إرضاء؟ قلت يا إسحق إنَّ ابن خلدون قد قال (إنَّ العرب لا يصلحون إلا بالدين)، أفلم تأخذوا باسم الإصلاح بالدين ثلاثين عاما من أعمارنا لم تفعلوا فيها سوى أن مزقتم النسيج السوداني العفيف ليحل بدلا عنه ما يعرفه الجميع؟ ثمَّ هل من الإصلاح دخول الحاويات المحملة بالمخدرات لأول مرة في تاريخ البلاد؟ هل الإصلاح بالدين يعني مد اليد للمال العام؟ وقد أحصى في ذلك وعدَّد المراجع العام -لذات نظام الإصلاح بالدين- أحصى وعدَّد قبل غيره؟ خططتَ بمدادك يا إسحق (...، والمهزوم يريد إرضاء المنتصر) إنْ كان ذلك كذلك! ألم ينهزم الإسلاميون عندما بدلوا لباس المرأة في السودان بلباس أهل الحجاز والخليج وإيران؟ ألم تنهزم النساء عندما بدلن الثوب الأبيض بالعباءة السوداء؟ تالله لم نرَ لا الأم لا الجدة في عباءة سوداء، حتى في حدادهن كن يلبسن البياض. كتبت يا إسحق (والسودان يعيد قصة أضخم هزيمة لأنه يعيد قصة أضخم جهل) أليست الهزيمة التي لحقت بالبلاد هي الهزيمة التي جلبها لها الإسلاميون؟ أليست قصة الجهل هي your legacy ؟ ألم تشارك يا إسحق بمقالاتك وبرامجك في تقسيم السودان؟ وإني أسألك: أفلم تؤذِ الأقلام غير المسؤولة، ومنها قلمك، السودان؟ أفلم تحتكروا يا إسحق يا فضلَ اللهِ البلد من بعدما احتكرتم الدين فرفعتموه سيفاَ على رقاب كل من جهر برأي مخالف من عموم العباد؟ وإنْ كان يشهد الشهادة ويؤدي الصلاة ويصوم ويؤدي الزكاة، لا مرة في كل عام، بل هي فرض عليه مع كل معاملة حكومية، وفي كل ديوان؟ وإنْ لم يحل الحول ولم يتم النصاب؟ وإن كان هذا الذي يحول عليه الحول ويبلغ النصاب من النقدين، من الزروع أو بنت لبون؟ أخيراَ، هل تعلم يا إسحق، أن المحكمة في إسرائيل طلبت اليوم الخميس الموافق 28 فبراير 2019 مثول نتنياهو أمامها بعد أن وجهت إليه تهمة بالفساد؟ تلك بضعة أسئلة أطرحها عليك بعدما اطلعت على ما قد نشرتَ دون تروٍ ودون استبصار، تريد أن توهمنا مجدَّدا أننا نخوض قضية فحواها الإسلام والغرب. لعمري ليست تلك بقضية السودان، قضية السودان تتمثل اليوم في التغيير، في العدل، في الحداثة، في الحريات وفي احترام حقوق الإنسان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة