الثورة الشعبية السودانية السِلمية مشتعلة وتزداد توهُّجاً كل يوم وإصراراً، والشعبُ يقدِّمُ خِيرَة فلذات أكباده ثمناً لسقوطِ النظام المُتسلِّط الذى جثمَ على صدرِ البلد ثلاثين سنة، ويُرِيدُ المزِيد. نظام إتَّسم حُكمه بالقتلِ والخرابِ والظُلمِ والفسَاد، نظام يخاطبه ثورةُ الشعب الظافرة: تَسْقُط تَسْقُط تَسْقُط بَسْ.. فيجِيبُ: التغيير فى "انتخابات" 2020م!. وحُجَّة البشير وحزبه بأنَّ التغيير بالأنتخابات ردَّ عليها الشعب بالسؤال: هل جِئْتَم أنتُم إلى حُكمِ السودان فى 30 يونيو 1989م بالإنتخابات؟ فإجَابُوا بلا، فليذْهبُوا فحُجَّتهم مردُودَة عليهم. وحتَّى لو فرضنا أنَّ المؤتمرَ الوطنى جاءَ إلى سُدَّةِ الحُكمِ بإنتخابات حُرَّة ونزيه فإنَّ رئيسه عمر البشير قد إعْتَرَاهُ عيْبٌ قانونى يمْنَعه خوض الإنتخابات القادمة لأنَّه فقدَ الأهلية القانونية للترشُحِ لرئاسة الجمهورية أو أى منصب عام فى الدولة، لأنَّ البشير مُتَهم بقتلِ وإبادَةِ شعبِ السودان فى دارفور، وفى جبال النوبة والنيل الأزرق لذلك فهو غير مؤهّل قانونياً لتقديمِ نفسه مُرَشَّحَاً لرئاسة السودان. ومعلوم أنَّ فقدان الأهلية القانونية لا تؤهِل الشخص لتولِّى المَهَامِ العَاَّمة. والبشير متهم مطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية فى هولندا منذ 2009- 2010م، وليس مُؤهَّلا للترَشُّحِ لفُقدَانِه الأهْلِيَّةِ القانُونِيَّة. والشعبُ قالَ كلمته: تسقطُ الحكومة الآن، اليوم وليس 2020م، والشعبُ أسقطَ النظام فِعلا فى 19- 20 ديسمبر 2018م وواصَل ثورته، وسيسْتمِر حتى يُسلِّم النظام أو يسْتسلِم أمام طوفان الثورة الجَارِف، أو أن يجعَلَ اللهُ أمرَاً. ولكن لا حِوار ولا تفاوض مع النظام وإسْقَاطِه مسألة وقت، و2020م تزوير ليست انتخابات نزيهة. الحكومة سرقت موارد البلد، والإيرادات لا تُوَرَّد للخِزَانة العَامَّة بل يَشتَرِى بها الكيزان الذهب والدولار ويهرِّبُونه عَيَاناً بطائراتِ مُستأجَرَة Charter يذهبون بها للخارج. والحكومة سحبت حُرّ مال الشعب المُودع فى المصَارِف وحوَّلَها لمَنفعَتِها الشخصِيَّةِ فى قرْصَنةٍ واضِحَة! فكيف يضمن الشعبُ أن يعيشَ ويحْيَا حتَّى موعد التزْوِير فى أبريل 2020م؟ والشعب ليسوا ملائكة، إنَّهم بشر يأكلُون ويشرَبُون. المؤتمر الوطنى مرَّرَ قانون تزوير انتخابات 2020م بإرادة منفردة، إستخْدم أغلبِيَّته الميكانيكية فى البرلمان الذى يشاركه فيه أحزاب الحوار الوطنى بمقاعد صُوَرِيَّة "ترْمِيز تضليل"، وإحتجُّوا ذلك التمرير وقالوا أنَّ أهمَّ مُخْرَجَاتِ الحوار الوطنى هو أن يتِمَّ التوافُقَ على قانونِ الانتخابات القادَمِة ولكن صوْتَهم ذهَبَ "سَمْبَلة" مع الرِيح. ومارَسَ المؤتمر الوطنى عادته القديمة فى الغشِّ ونقْضِ العهُود وابتِزَازِ الشركاء، ومرَّر قانون تزْوِير 2020م. وعندما يدفع الرئيس البشير بأن التغيير يكون بالانتخابات هو يقصد أن التزوير سيُغطَّى بإنتخابات صورية، وهذا الدفع اليتيم كلمة حقّ أريد بها باطل لأنَّ القانون الذى مرَّره حزبه هو أداة للتزوير وإعادة إنتاج الأزمة. وشخص الرئيس البشير هو مشكلة السودان، لأنه وحده الذى إرتكب كل الأخطاء التى أقعدت بالسودان، فصل الجنوب، ومُجرِم هَارِب من العدالة الدولية، ورعى الفساد فدمَّرَ الإقتصاد وأدخل السودان فى كارِثة، فجَاعَ الشعب وخرجَ فى ثورَتِه تُطالِبُه بالرَحِيلِ الفوْرِى: تَسْقُط تَسْقُط تَسْقُط بَسْ! شِعَار لا مَجَال فيه للحِوارِ. فيكونُ حُجَّة البشير وحزبه بأنَّ التغيير فى 2020م مردُودَة عليهم بأنَّ البشير فَاقِد للأهْلِية القانونية لخوضِ الإنتخابات، وأن قانون الانتخابات الأخير باطِل لمُخالفته مُخرَجَاتِ الحوار الوطنى وصدَرَ بإرادة مُنفَرِدَة لأحدِ الشُركَاءِ، ولا توَافُقَ حوله. قانون الانتخابات قانون باطِل Null and Voidلأنَّه صدرَ بالمخالفة لقصدِ المُشَّرِع. والشعبَ السودانى هو صاحب الحق الأصيل فى التشريع وليس نُوَّاب البرلمان المُعَيَّن وقد خرجَ فى ثورته الظافرة وقالَها دَاوِية: كِدَا بالوَاضِح ما بالدَسْ، تَسْقُط تَسْقُط تَسْقُط بَسْ. أيُّها الثُوَّار الأحرَار نحيِّيكم على الوَعِىِ الكبير الذى تعَاملتُم به مع فَرْد جهاز الأمْن الذى تسَلَّلَ فى صُفوفِ مسِيرَةِ تشْيِّيع الطبيب الشهيد أبوبكر عبد الحميد وتعرَّفَ عليه الشباب لأنه كانَ يحملُ مُسَدَّسَاً، وبهذا المستوى من الوَعِّىِ والحيطةِ يتمُّ تأمِينِ الثورة الشعبية السِلْمِيَّة، وهذا بفضلِ نهُوضِ بعض المُتظَاهِرِين بالمُرَاقبَة أثناء التظَاهُر. أيُّها الثُوَّارُ الكِرام، فَكِّرُوا فى الآتِى: أبناء الكيزان وقادة المؤتمر الوطنى ليسوا جميعاً مع الحكومة، ومن المؤكَّد أنَّ اللهَ قد اخرَجَ من أصلابِ هؤلاء الأشرار بعضُ الأخْيَار الذين لا يتَّبِعُون نهج أبَاءهم، وشبابُ الثورة أدْرَى بشِعَابِ أبناء الكيزان والمؤتمر الوطنى، فلا تضَيِّقُوا على من تأكّد لكم أنَّه مواطِنٌ صَالِح ويرغبُ فى الإنضمام للثورةِ، أدْعُوهم وسهِلُوا لهم الإنضِمَامِ لصفوفِ الثوَّار، ولا تزِرُ وازِرَةً وِزْرَ أُخْرَى. إنَّ تفرُّدَ الشعبِ السودانى سيأتِ أكُلَه لو أنَّ شبابَ الثورَةِ إستقطبُوا ثلَّة مقدَّرَة وصادِقة من أبناءِ الكيزان لينحَازُوا لصُفوفِ المُتظَاهِرِين رَافِعِين رُؤُوسِهم غير آبِهين بما جنَى آباءُهم وأمَّهَاتهم، فلا تأخذُوهم بجَرِيرَةِ أهْلِهم بل أفسَحُوا لهم الطريق إلى الثوْرَةِ. إن فعلتم يزدادُ فخر بلدكم بكم، والسودانيون لم يرضعوا الإنتقام من أمَّهاتِهم بل يتعَجَّلُون منح العفو والصفح، وينَامُون وصُدُورهم خالِية من الغِلِّ. ونفس الرسالة نوجِّهُها لأباءِ الثورة الشبعية الظَافِرَة: من الكيزانِ وقادة المؤتمر الوطنى من انْحَازِ باكِرَاً لصُفوفِ الشعبِ السودانى وتبَرَّأ من شُرُورِ النظام وحكومتِه، فأفتحوا لهم الأبواب مُشرعة لينْحَازُوا لثوْرَةِ الشعب، وعفَا اللهُ عَمَّا سَلَف. وعندما ترسُو سفينةُ الثورة على جُوْدِى النصْرِ ويأتِ ساعة المراجعة والحِسَاب فلا تسَاهُل مع من سَرَق المَال العام أو أفسَدَ وقتلَ وأهْلَكَ الحرْثَ والنَسْل، وكل نفس بما كسَبَت رَهِين، والجُرُوحُ قِصَاص. أمَّا الأن فدَعُوهم يشاركوا فى عُرسِ الشَعب، دعوهم يحرِقُوا ذنُوبهم بدُخَّانِ البمبان، ويغسِلوا حنَاجِرِهم بهُتَافِ الثُوَّارِ الأحرار، دعوهم يتصَبَّبُوا عَرَقَاً لأجلِ الحرية، دعوهم يجرِّبُوا الرُعُبَ من دّوِىُّ رصَّاص حكومَتهم القَاتِلة. دعوهم يخرجوا معكم، فالأعمَالُ بالنيِّات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد العزيز عثمان سام
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست