الصحافة والانقلابات العسكرية (15) بقلم حسين سعد

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 11:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-26-2019, 06:47 PM

حسين سعد
<aحسين سعد
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 599

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصحافة والانقلابات العسكرية (15) بقلم حسين سعد

    06:47 PM June, 26 2019

    سودانيز اون لاين
    حسين سعد-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر




    الخرطوم:
    شهدت أوضاع الاعلام المسموع ،والمقروء، والمشاهد بالسودان حلقات متتالية من الانفتاح والتضييق، خلال فترات الحكم العسكري التي تجاوزت نصف قرن من الزمان ،بينما تنسمت الصحافة عبير الحريات في ظل الانظمة الديمقراطية لكن تلك النسمات لم تدوم طويلا بسبب الاطاحة بالنظام الديمقراطي المنتخب بواسطة انقلاب عسكري ،حيث يضع ذلك الانقلاب الصحافة في خانة العدو الاول ،هذه الوضعية بجانب الاوضاع الاقتصادية الحرجة بالبلاد أدت الي ممارسات لحقت بالصحافة أقل ما تصف بالقمعية ،والتسلطية لانها في كثير من حالاتها تتجاوز القانون،وهي أوضاع متقلبة وخفيّة، واليوم وعلي ارض الواقع لا تواجه الصحافة السودانية انعدام الحريات فقط من ناحية السلطة السياسية ،وأجهزتها التنفيذية، والامنية، فهي كذلك تواجه تضييقا في مربعات أخرى لا تقل أهمية عن الرقابة القبلية أو البعدية، وتشكل هذه النواحي مجتمعة عنصرا في غاية التأثير على حرية الصحافة، وإن كانت هذه العناصر في احيان كثيرة غير مباشرة، تأخذ أساليب الرقابة المتعددة على الصحف من قبل السلطة السياسية ،وأجهزتها التنفيذية، وآخرها محاولة النظام البائد، وأجهزته وأذرعه المختلفة السيطرة على النصيب الأكبر في أسهم المؤسسات الصحفية في خطوات شبيهة بالتأميم، فضلا عن تكبيل الصحفيين عبر توجيه التحذيرات لقياداتها التحريرية ، ومنع الصحافة من نشر معلومات محددة، أو منع صحفيين من مزاولة عملهم بحرية كافية؟ ولاهمية دور الاعلام في الانتقال الديمقراطي سوف نفكفك في عدد من الحلقات الاعلام بقطاعاته المختلفة ،وذلك لملامسة خلفيات كل قطاع ومعرفة أدواره التاريخية، وانحيازه للجماهير ؟ومعرفة تأثيرات السلطة وتدخلاتها غير الحميدة؟ وستغطي الحلقات واقع الصحافة السودانية تحت الحكم الثنائي؟ وماهي القوانين والمواد التي كان يعاقب بها الصحفيين ؟وماهي الاشراقات الواعدة للصحافة في تلك الفترة؟وكيف اجهضت؟و تتناول الحلقات خلال فترة الاربعينات،والخمسينات المواجهات الحادة بين الصحف وبين القوي السياسية؟وماهي أسبابها ؟ كما تحاول السلسلة إجراء مقارنة بسيطة لاوضاع الاعلام في ظل الحكم الديمقراطي، والأنظمة الشمولية؟ وترصد الحلقات كيف تم تقويض الديمقراطية الاولي؟ وتظهر المقالات كيف ان قوانين النشر والبث تحتوى على العديد من البنود المقيدة للحريات، والتى تنعكس فى الرقابة القبلية والبعدية ،وفى الصلاحيات الممنوحة لجهات مخول لها مصادرة الصحف، وتعليق البث قبل الرجوع للقضاء بجانب منح جهات ادارية صلاحيات توقيع العقوبات ،اما من الناحية الاقتصادية فقد اتضح من خلال الدراسة ان الاعلام يواجه اعباء اقتصادية كبيرة تتمثل فى رسوم الترخيص ،والغرامات والضرائب ،واحتكار الاعلان، وربط منحه بالولاء السياسى بجانب الازمة الاقتصادية التى يمر بها السودان والزيادة غير المسبوقة فى سعر الصرف للدولار الذي زاد من تكلفة الورق، واجهزة البث والارسال ، وسوف تسلط الحلقات الاضواء علي جانب غير مرئي للعديد من المراقبين، والمهتمين بحرية الصحافة في السودان، وهو اقتصاديات الاعلام ،وأوضاع الصحفيين السودانيين المالية؟اما بالنسبة لخارطة القوي الفاعلة فى قطاع الاعلام فقد كشفت الحلقات عن الفاعليين في قطاع الاعلام ،والذين بيدهم السلطة والقرار ؟وماهي الجهات التي لها القوة الظاهرة ،والخفية ،والمصالح ،والتحالفات التي تربط بينهم ؟وماهي القوى الظاهرة التي تمارس سلطتها على القطاع بشكل واضح،اما القوة الغير ظاهرة فهي تتمثل فى التمويل، والدعم غير المعلن والخفى من قبل النظام البائد لبعض وسائل الاعلام واثرها فى القطاع،ونجد ان هذا الدعم الخفى اتاح لها التفوق والسيطرة على القطاع؟ كما يجاوب ذات المدخل الذكي علي من هو الذي يمنح حق إصدار الصحف والاذاعات والقنوات الخاصة في السودان؟ وماهي الشروط القانونية للترخيص ؟وهل هي شروط تحفيزية ام تعجيزية؟وهل تلك الشروط مرنة وتطراء عليها تعديلات لصالح الشعب ام ان التطورات السياسية الملتهبة تفرض المزيد من القيود؟فهمنا الصحيح لتلك المؤسسات يدفع لنا بمؤشرات قوية حول مستقبل الاعلام وحاضره ؟ ومحاولة رسم صورة واضحة لواقع الاعلام والجهات الرقابية وتدخلاتها بما في ذلك وزارة الاعلام التي ظلت طوال فترة عمر النظام البائد ملعبا شاغرا للمحاصصات ،والتسويات السياسية؟ كما نتابع عبر هذه السلسلة دور الاعلام بشقيه المقروء والمسموع والمشاهد والتفاعلي في الانتقال الديمقراطي والصعوبات التي تعرقله فضلا عن المهام العاجلة للاعلام ؟وماهي الدروس المستفادة لدور الاعلام السالب في تجارب الانتقال السابقة ؟وماهي التحولات التي طرأت علي قطاع الاعلام ،وفقدانه لثقة الجماهير ؟ونقدم في الحلقات إحصائيات دقيقة وشاملة لفترات الحكم العسكري؟وعدد الصحف الصادرة في تلك الفترات ؟وكيف ساهمت بعض الصحف في تقويض الديمقراطية؟ وماهي التدخلات الممكنة بقطاع الاعلام حتي يقوم بدوره؟
    الانظمة المستبدة:
    عاني الاعلام في السودان من الانظمة الانقلابية طوال 53 عاما التي كانت تنتهج وتؤمن بوجود الإعلام الشمولي الذي كرس جل عمله خلال عقود سابقة لمهاجمة المعارضين للحاكم المستبد وحزبه؟ عقب ثورة ابريل 2019م توقع الكثيرين زوال اعلام الانقاذ لكن الحقيقة القاسية هي بقاء ذلك الاعلام الذي وصف اعتصام القيادة بخفافيش الظلام أخلاقيات الإعلام الشمولي ما تزال تفرض نفسها على هذه العملية لسببين: الأول، أن جزءًا مهمًا من القيادات الإعلامية الراهنة كانت في السابق جزءًا من عهد الإعلام الشمولي، وبالتالي ستحتاج هذه القيادات إلى مرحلة انتقالية أسوة بالقيادات السياسية لكي تنتقل بشكل سلس، وفعال إلى العملية الإعلامية الكاملة، أما السبب الثاني، فيتعلق بعدم قناعة كثيرين من القائمين على العملية الإعلامية التعددية،ومازالت الاعتبارات الذاتية والسياسية والإيديولوجية وكل أنواع المواقف المتعصبة ما تزال حاضرة ولها نفوذ قوي،وعقب الاطاحة برأس النظام البائد يتابع القارئ الحصيف كيف تحول الإعلام الشمولي بين ليلة وضحاها ضد النظام البائد ثم سرعان ما تنكر ذلك الاعلام للثورة ،وقد إستثمر هذا الإعلام، المناخ السياسي لكي يستمد منه المزيد من أسباب الحياة والاستمرارية دون أن يدرك أصحاب هذا الإعلام الشمولي أن المرحلة الجديدة تتطلب عملية إعلامية جديدة غير السابقة  لكنهم – أي أصحاب الإعلام الشمولي – واصلوا عملهم بذات الفكر الشمولي الذي يرتكز على مهاجمة الآخر، والتشكيك بوطنيته وتخوينه والسخرية منه، وتجريده من المواطنة، بينما لجاء البعض الي الاساءة الي الشهداء الذين مهروا الثورة بدمائهم،ولفتح الطريق للانتقال الديمقراطي السلس ولتفادي اخطاء تجارب الانتقال الماضية نري انه لابد من أن يتم سن قوانين إعلامية حرة واضحة وصارمة في التعامل مع نهج الإعلام الشمولي لدحره كما دحر النظام السياسي الشمولي البائد ،وتقويض الإعلام الذي يدار بعقلية الإعلام الشمولي لأن هذا الأخير هو احد الأسلحة الفتاكة وأحد الرهانات الحاسمة لتنفيذ الثورة المضادة ضد ثورة الظافرة، فهذا الإعلام هدفه المنهجي التشكيك بجدوى الانتقال إلى النظام الديمقراطي، عمليا نجد ان الاعلام الرسمي مارس إجراءات عقابية بحق الاعلاميين الذين إنحازوا للثورة ، فالدولة العميقة التي تحتكر المال الذي يعتمد عليه الاعلام بجانب امتلاكها –إي-الدولة العميقة للمعلومة التي يتم تزويدها بمؤسسات إعلامية بعينها - دون غيرها - بالمعلومة إما بشكل مباشر أو في شكل تسريبات عبر أفراد أو مجموعات،و لعل من بين أسباب تفوق الإعلام المضاد للثورة في هذا المجال هو خبرة بعض الإعلاميين الذين كانوا مكلفين في عهد الاستبداد بالتصرف في المعلومة لصالح النظام البائد بعد زرعهم في مفاصل الدولة. ولمتابعة هذه القضية المهمة كان علينا الرجوع للماضي لمعرفة الادوار التي لعبتها الصحافة.
    نصف قرن:
    وفي كتابه الصحافة السودانية نصف قرن الصادر من دار مدارك للنشر حديثا كتب عميد الصحفيين الاستاذ محجوب محمد صالح كان عام 1953 عاما فارقاً في تاريخ السودان، إذ شهد شهر فبراير من ذلك العام التوقيع على الإتفاقية المصرية البريطانية التي قضت بتصفية الحكم الثنائي الإستعماري في السودان خلال ثلاثة أعوام تنتهي بأن يقرر السودانيون مصيرهم بعد تلك الفترة الإنتقالية اما بإختيارهم (الإتحاد) مع مصر، وتحديد أسس ذلك الإتحاد أو اختيارهم الإستقلال التام وإنشاء دولتهم المستقلة وهكذا جاء تحرير السودان عبر عملية تفاوضية بين الدولتين اللتين استعمرتا السودان منذ نهاية القرن التاسع عشر – عندما سقطت راية دولة المهدية عند سفوح جبال كرري بعد حكم المهدية الذي دام ثلاثة عشر سنة –كانت المفاوضات ثنائية بين مصر وبريطانيا ولم يكن السودانيون مشاركين فيها مشاركة مباشرة لكن تأثير مواقف القوي السياسية المختلفة كان حاضرا في محادثات الشريكين، كانت في الساحة الصحفية السودانية يومذاك ست صحف يومية : النيل لسان حال طائفة الانصار وصوت السودان الناطقة باسم طائفة الختمية والأمة صحفية حزب الأمة والأشقاء والرأي العام اليومية المستقلة والسودان الجديد الأسبوعية التي تحولت الي يومية عام 1946م – في الثالث من اكتوبر من ذلك العام (1953م) صدرت صحيفة مستقلة جديدة هي صحيفة ( الأيام ).الأيام ولدت في ظروف جد مختلفة لأنها جاءت مع بدايات العمل علي تصفية الحكم الثنائي بموجب الإتفاقية الانجليزية المصرية التي لم يشارك السودانيون في مفاوضاتها بطريقة مباشرة إلا أنهم أثروا على مخرجاتها بطريقة غير مباشرة وفي اللحظات الحرجة كان انحيازهم للرؤية المصرية في مواجهة ماطرحته بريطانيا من مقترحات عاملاً حاسما ً في تنازل الجانب البريطاني عن بعض تحفظاته والتوقيع على الإتفاقية بالتعديلات التي اقترحتها مصر مدعومة بمساندة أحزاب السودان .
    فرسان الايام:
    أسس صحيفة الأيام ثلاثة من شباب الصحفيين آنذاك يتقدمهم الأستاذ الراحل بشير محمد سعيد صاحب الفكرة التي وجدت قبولاً من زميليه الراحل محجوب عثمان ومحجوب محمد صالح – كانو شباباً في مقتبل العمر دخلو الساحة الصحفية فى أوقات متقاربة يدعمهم الحماس للسعي، والاسهام في مواكبة مهنة الصحافة السودانية للتطورات العالمية في دنيا الصحافة كما رأوا أن تلك المرحلة التاريخية الهامة ستشكل مستقبل السودان، وأن الصحافة رغم محدودية توزيعها بسب إتساع رقعة الأمية وصعوبة التواصل بسب محدودية وسائل النقل بين أقاليم السودان المختلفة فإنها المؤسسة التي تسهم إسهاماً كبيراً في صناعة الرأي العام وتعبئة المواطنين لما ينتظرهم من تحديات وفي نفس الوقت فإن مهنة الصحافة مطالبة بأن تواكب التطورات في المجالات المهنية، وان الوقت المناسب لظهور صحيفة جديدة تتبنى وسائل مهنية أكثر تطوراً، وأكثر مواكبة للمتغيرات في عالم الصحافة، وتتخذ موقفا إعلامياً يتسم بالجرأة في مواجهة التحديات المقبلة دون أن يعقبها إنتماء حزبي أو فئوي ضيق،لذلك إهتمت (الأيام) بأمرين منذ أول صدورها – اهتمت (بالشكل )و(المضمون) وسعت لأن تصدر يوم ذاك رغم إدراكها أن التسهيلات الطباعية المتاحة في السودان متخلفة وبدائية إلي حد كبير وكان أملها أن تسهم مستقبلا في نهضة الطباعة في السودان ولكنها مرحليا ً عليها أن تبدأ بما هو موجود علي أن تخطط لمستقبل أفضل للطباعة الصحفية – وفي هذا الإطار رأت ان تصدر في الحجم الصغير (حجم التابلويد) الذي يتيح لها فرصة أفضل في الإخراج الصحفي تحت تلك الظروف، وإتخذت هذا القرار رغم أن كل الصحف آنذاك كانت تصدر في أربع صفحات من الحجم الكبير – فصدرت الأيام في ثماني صفحات من الحجم الصغير – وكانت الصحف السودانية قاطبة تصدر مسائية يتناولها القراء وهم يغادرون آماكن عملهم فرأت ان تخالفها فتصدر صباحية يتلقفها الناس صباحا ليبدأوا يومهم بها بدلا من ان يحصلو عليها وهم مغادرون اماكن عملهم – لقد حاولت جريدة النيل مطلع عهدها في عام 1935م ان تصدر صباحية لكنها واجهت صعوبات عملية فلم تواصل ذلك وعادت لتصدر مسائية ولذلك كان الصدور الصباحي والحجم الصغير هو الأمر الذي انفردت به الايام، وما لبثت كل الصحف انذاك ان جارتها في ذلك الايام أصبحت تصدر صباحا في حجم ( التابلويد) وسعت في حدود ماتسمح به الامكانات الطباعية القاصرة أن تجدد في تصميم الصفحات بحيث تصبح أكثر إغراء للقارئ ،أما من ناحية المضمون فقد التزمت الأيام بقواعد أساسية أولها دقة، ومصداقية أخبارها، وتنوع مصادرها، والبحث الجاد عن السبق الصحفي، وتقوية صلتها مع مصادر الأخبار، وتنوعها، وخلق شبكة من المراسلين في الولايات يسهمون في نقل أنباء الأقاليم، وقضاياها حتي تقترب كثيراً منها،وحرصت ( الايام ) على ان تكون منبراً مفتوحاً للحوار تفتح صفحاتها للجميع دون قيود فتحتفل بالرأي والرأي الآخر في وقت كانت شهية المجتمع قد تفتحت إلى حد كبير لمناقشة قضايا كثيرة وهامة مرتبطة بمستقبل السودان ووحدته مع مصر وإستقلاله عنها وهو أمر عاجل لأن السودانين سيستفون حوله عما قريب فأصبحت الأيام منبراً حراً للأراء المختلفة حول هذه القضايا وتحتفي بالرأي والرأي الآخر وترحب بالحوار حوله.
    الاستقلال:
    يوضح صاحب جائزة القلم الذهبي في كتابه الصادر عن دار مدارك لم تفهم ( الأيام ) إستقلال الصحيفة بمعنى (الحياد السلبي) تجاه الأحداث فالاستقلال لا يمنع الصحيفة أن تتبنى رأياً محدداً تجاه أي قضية وتبشر بذلك الرأى العام وتدافع عنه ولكن صفحاتها تنفتح أمام كل الأراء الأخرى أملاً في ان يقود الحوار المستنير إلى تغليب الرأي الأكثر رشداً – ولذلك حددت لنفسها قواعد إذ أن مؤسسيها ياتون من خلفيات سياسية مختلفة ويختلفون حول موقفهم من بعض القضايا فآثروا أن يتيحوا لكل واحد من مؤسسيها الحرية الكاملة في التعبير عن رآيه في أي قضية في ( عمود ) يكتبه بإسمه لكن رأي الصحيفة هو الذي يتوافقون عليه في لقائهم التحريري اليومي وينشر في إفتتاحية الصحيفة ويصبح ملزماً للصحيفة وكل مؤسسيها وظلت الصحيفة محافظة على هذا التقليد الذي مكنها من أن تعمل دون أن تواجه أي صعوبات داخلية تعصف بوحدة مؤسسيها رغم كل الصعوبات وفي وقت باكر إتفق ثلاثتهم إتفاقاً كاملاً علي أن تتبنى الصحيفة الدعوة لتفضيل خيار (الإستقلال ) عند تقرير المصير وأن تعبئ الرأي العام في هذا الإتجاه دون ان تغمط دعاة الوحدة حقهم في طرح رؤاهم عبر صفحتها وأن تؤكد على أن السودان المستقل يستطيع أن ينشئ أقوى العلاقات مع مصر في تعاون يتسم بالندية وأن شعب السودان من حقه التعبير عن ذاتيته في دولته المستقلة دون أن يؤثر ذلك على قدرته على خلق أوثق العلاقات مع مصر وكانت الصحيفة تدرك – قبل إجراء أي انتخابات في السودان – أن الأحزاب التي تدعو للوحدة مع مصر هي الأعلى صوتاً لأنها التي تتبنى سياسات المقاومة المباشرة للإستعمار مما يؤهلها للحصول على الأغلبية في انتخابات تعددية حرة في السودان بعد صدور الأيام ببضعة أسابيع في نوفمبر عام 1953م إذ حاز الحزب الوطني الإتحادي – الذي تأسس في القاهرة بمبادرة مصرية دمجت كل الأحزاب الإتحادية في حزب واحد – حصل ذلك الحزب على الأغلبية المطلقة في البرلمان وانفراد بتشكيل أول حكومة بعد أن خاض الانتخابات تحت شعار وحدة وادي النيل فكان التحدي الأول الذي واجه ( الايام ) هو:كيف يمكن التأثير على هذا الحزب ليغير موقفه من (الاتحاد ) الى ( الإستقلال) كان قرار مساندة الإستقلال ومحاولة تغيير موقف الحزب الحاكم من الوحدة للإستقلال من أكبرالتحديات التي واجهت صحيفة ( الأيام ) وهي تقود الدعوة لإستقلال السودان وهو موقف جر عليها هجوماً شرساً ومتواصلاً من الصحف الداعية للوحدة ومن أجهزة الإعلام المصرية ولكنها ظلت تدافع عن الإستقلال في جرأة وبلا هوادة وقليلاً قليلاً بدأ شعار الإستقلال يجذب المذيد من المؤيدين حتى بين قواعد الحزب الحاكم إلى أن أصبح الشعار الأوحد فى الساحة ومازال يحسب لصحيفة الأيام دورها الرائد في هذا المجال بعد أن تخلى الحزب الوطني الإتحادي عن شعار وحدة وادي النيل،الانخراط في الدعوة للاستقلال رغم ذلك الهجوم المتصل من دعاة الوحدة روج كثيرا لصحيفة الأيام وأسهم في زيادة الإقبال عليها حتى تصدرت توزيع الصحف في وقت قصير من بدايتها وقد أسهم ذلك الرواج في بناء قدرتها على تحقيق تقدم على صعيدين الأول زيادة قدرتها المهنية باستيعاب محررين جدد من الشباب الواعد وتدريبهم داخل وخارج السودان من ناحية واحراز تقدم في قدرتها الطباعية من ناحية أخرى فكانت أول صحيفة تشتري مطبعتها ماكينات تصفيف الحروف آلياً (مكينات اللينوتيب) ثم – في مرحلة لاحقة – شراء ماكينات طباعة حديثة إنتهت بإدخال الأيام طباعة ( الأوفست) في مجال طباعة الصحف السودانية للمرة الأولى فى ستينيات القرن الماضي،وقد ظلت الصحافة السودانية خلال معركة الإستقلال ومابعده تواصل جهودها خاصة بعد أن احتدمت الصراعات السياسية وظهرت في ذلك الإطار صحف تناصر هذا التيار أو ذاك كما صدرت صحف فئوية مثل صحفية العامل التي يصدرها نادي العمال في الخرطوم ويرأس تحريرها إتحاد عمال السودان وقد تولى الأستاذ محجوب عثمان رئاسة تحريرها لفترة وصحيفة صوت المرأة التي أصدرها الإتحاد النسائي وترأست تحريرها الاستاذة فاطمة أحمد إبراهيم وصحيفة المنار التي أصدرها التيار الإسلامي وترأست تحريرها الأستاذة سعاد الفاتح،وعلى الرغم من أن كل قادة الاحزاب كانوا وثيقي الصلة بالصحف بل بعضهم يكتب فيها أو يملك صحفاً إلا ان كل مجهودات إتحاد الصحافة السودانية خلال أيام الديموقراطية الأولى لتعديل قوانين الصحافة والمواد الواردة في قانون العقوبات السودانية التى تحاصر العمل الصحفي قد فشلت في حمل البرلمان على تعديلها إلى أن سقطت الديموقراطية الاولى بانقلاب نوفمبر عام 1958م قبل أن يكمل استقلال السودان عامه الثالث لتدخل البلاد في دوامة الإنقلابات اللاحقة عقب كل عهد ديموقراطي قصير المدى مثقل بالمشاكل .
    قوانين جائرة:
    لقد عانت الصحافة السودانية تحت الحكم الثنائي كثير من القوانين الجائرة التي تضمنها قانون العقوبات السوداني آنذاك وخاصة المواد المتعلقة باثارة الكراهية ضد الحكومة أو تلك التى تتحدث عن تهديد الأمن العام وكلها مواد قانونية مصممة لحماية الإدارة البريطانية من النقد أو تعبئة الرأي العام ضد الحكم الإستعماري وقد أثقلت كاهل الصحافة بالغرامات كما دخل بموجبها صحفيون كثر السجون لفترات متفاوتة – كانت القوانين سيئة ولكن كان مبدأ حكم القانون كان مستقراً فلم تكن هنالك إعتقالات خارج سيطرة القضاء وما كان هناك تعذيب وماكانت هنالك تفلتات غير مشروعة تمارسها السلطة الحاكمة فكل هذه ادواء عانت منها الصحافة السودانية تحت الانظمة الشمولية الحاكمة بعد الاستقلال، لقد كانت الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي هي أخصب سنوات النشاط الصحفي في السودان وقد شهدت الفترة كثيراً من الاشراقات الواعدة التي اجهضت لاحقاً لكن بالمقابل شهدت الاربعينات والخمسينات مواجهات حادة بين الصحف وبين القوي السياسية بعد أن انقسمت القوي السياسية الى مؤيدين للاتحاد مع مصر، وداعين لإستقلال السودان عبر التعاون مع الإدارة البريطانية، وقد بلغت تلك المواجهات ذروتها في الخرطوم في الأحداث، والمواجهة الدموية التي وقعت أول مارس عام 1954م عندما التحمت الشرطة مع موكب سيره الأنصار يوم الإفتتاح الرسمي لأول برلمان للحكم الذاتي في السودان بحضور اللواء محمد نجيب أول رئيس جمهورية مصري والمستر سلوين يويو وزير خارجية بريطانيا وكان موكب الأنصار إحتجاجاً مااعتبروه دعماً مصرياً للحزب الإتحادي مكنه الحصول على الأغلبية في تلك الانتخابات والسيطرة على البرلمان، وقد انقسمت الصحافة السودانية بصورة جادة في موقفها من هذه الاحداث،هذا الواقع وما جاء بعدها من مواجهات دامية في جنوب السودان عقب تمرد الفرقة الإستوائية في مدينة توريت والانفجار الذي عم سائر ارجاء جنوب السودان بعدها وموقف الصحافة السودانية خلال الفترة الإنتقالية حتى رفع علم الاستقلال(يتبع)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de