رغم إيماني التام بفقه التربية و الثقافة و التوعية الجماعية ، و تأثيره في بناء الأوطان و رفعة الأمم ، إلا أن ما يحدث عندنا الآن من تداعيات سلبية في شتى الإتجاهات ، إنهيار إقتصادي لا يخفى على عين حصيف و دونكم عجز منَّظِرونا في مجال الإقتصاد عن إيجاد حل ناجع لمأساة الخزي الذي تعانيه عملتنا المحلية و المتمادي يوماً يوماً ، و إنهيار الصحة و التعليم و الإنتاج العام و المشاريع الكبرى و شبكات النقل الداخلي و الخارجي ، فضلاً عن تأثير كل ذلك على كثير من موروثاتنا الثقافية و قيِّمنا المحلية السمحة ، فإنهارت بدورها منظومة الأعراف الإجتماعية المتفق عليها فأصبح كل ما كان لا يُعقل و لا تصدقه العين سابقاً ، واقعاً حياً معاشاً و ملموس ، .. يؤلمني جداً أن بعض المنظرين و أظنهم لن يخرجو في تصنيفهم عن كونهم ( مطبلين ) أو ( جهلاء و حالمين ) يرفعون في كثير من المنابر الإعلامية الخطابية و المقروءة و المسموعة شعاراً مقدساً و لكنهم أرادوا بها إفشاء الباطل .. يحمِّلون هذا الشعب المسكين المغلوب على أمره مسئولية ما جناه بعض أبنائه من الذين أمسكوا بزمام الأمور فأفرطوا في ( وحدوية الرأي ) و تشريد ( الآخر ) و خُيِّل إليهم أنهم يأتون أمرهم في حق الناس و الوطن من قداسة الدين الإسلامي ، ناسين في لحظة من لحظات الغرور بالدنيا أن يزوِّدوا قناعاتهم بأن ما هم فيه هو بالفعل حقيقة و جوهر الدين الحنيف ، يرددون الآية القرآنية المجيدة ( لا يُغيِّر الله ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم ) .. كلما تحدث الناس عن حقوق لهم لدى ولي الأمر ، و كلما تكشفت أمام الأعين عاهات خطهم السياسي ، و كلما تبدى أمام الأعين عجز الدولة عن رفع المعاناة عن كاهل المواطن البسيط الذي أصبح ( مدهوساً ) تحت رحى الفقر و بين براثن غول الغلاء الذي إستشرى و شرّد الأسر و أغلق البيوت البسيطة الآمنه ، يتهمون الشعب بالعجز و الكسل و يدعونه إلى مزيد من الإنتاج كلما إرتفع سعر الدولار و إرتجفت خزائن عملتنا المحلية ، و عندما يسمعون الناس يجأرون بالشكوى من تكدس النفايات و الأوساخ و وحل الشوارع في الخريف ، يتشدقون بأن ثقافة الإنسان السوداني ( متخلفة ) و تحتاج إلى إستزادة في الوعي في إشارةٍ إلى أن تحوُّل العاصمة إلى ساحة كبرى من النفايات هو من صنع المواطن و من نتائج عدم وعيه الصحي و الإجتماعي و الثقافي ، و كأن إنسان السودان جاء من أرض الغاب بالأمس إلى ساحة حضارتنا الحالية التي أعتبرها ( نتنة ) بغياب قداسة العدل و الحرية و الدولة القادرة على قضاء حوائج الفقراء و أصحاب الحاجات المُلحة ، ما من سبيل لكتابة سجل تاريخنا المعاصر بنزاهة دون إعتراف بائن لكل الأطراف الفاعلة في الحِراك السياسي و الإداري و الإستراتيجي و الثقافي بأخطائها مهما كانت جسيمة ، أما الشعب فهو بريء من جراحات الوطن الغائرة براءة الذئب من دم إبن يعقوب .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة