تواجه البلاد ظروف صعبة على المستوى القومي والولائي ، مشكلات معقدة وصعبة تمثل تحديات لحكومة الثورة (حكومة الفترة الانتقالية) وحكومات الولايات ولكن الامر يزداد صعوبة في اقاليم السودان المختلفة والتي تعيش اوضاع صعبة وبصورة وأصعب مناطق النزعات المتأثرة بالحروب. لم تحظ الاقاليم بالاهتمام الكافي حتى بالوثيقة الدستورية حيث ورد الجزء الخاص بالأقاليم (الولايات) بصورة مختصر ومخلة فيما يتعلق بالتكوين والمهام رغم اهمية ادارة الاقاليم وان نجاحها يمثل نجاح الفترة والانتقالية والعكس وتم الاكتفاء فقط بتحديد الجهة التي ستقوم بالتعيين على ان يحدد لاحقاً العلاقة بين هياكل الحكم والأقاليم. كما هو معلوم ان النظام السابق قسم الاقاليم الي ولايات لأسباب يزعم انها اسباب ادارية (تقصير الظل الاداري) ولكن في الواقع كان التقسيم بغرض التمكين السياسي على أسس قبلية لإحكام السيطرة عليها، ووظيفيا تم تسييس الخدمة المدنية وتحويل الكثير من الموظفين الي مواليين بعضهم مجبرين من اجل لقمة العيش البلد (ضيقة) فغاب الإنتاج كما تبوأ العديد من ابناء الولايات الوظيفة السياسية فمنهم المعتمدين والوزراء الولائيين وأعضاء المجالس التشريعية معظمهم كان من صغار الموظفين والمعلمين فأصبح من الصعب عليهم الرجوع الي حياتهم الطبيعية الي (الافندية) او الزراعة فأصبحوا متعطلين عن العمل غير منتجين فضاقت الحياة بالأرياف والنتيجة كانت الفقر وضيق المعيشة وانعدام الموارد وزادت الاسعار وتدنت الخدمات الصحية والتعليمية مما جعل الغالبية العظمى من سكان الولايات هاجروا الي العاصمة القومية وبعضهم هاجر الي خارج البلاد للبحث عن حياة الافضل بسب المعاناة. فكانت النتيجة الترهل الاداري والصرف المالي سياسياً مما اثر على مجمل الاوضاع الاقتصادية بالبلاد وبسبب غياب الموارد ووجدت الولايات نفسها في حالة انعدام الموارد فلجأت اليى الاستثمار في بيع الاراضي فبِيعت كل اطراف المدن الرئيسية خاصة عواصم الولايات. بجانب مشاكل الفيضانات والسيول والأمطار هذا العام يضاعف تحديات حكومة الفترة الانتقالية، اما الولايات التي تأثرت بالحروب بالإضافة للمشكلات المذكورة ترزح تحت وطأة الفوضى وانتشار السلاح والمخدرات وانعدام الامن كما حدث بولايات دارفور (جنوب دار فور) الايام الماضية بمنطقة قريضة وبعض الولايات، وموسم الحصاد على الابواب من المحتمل حدوث احتكاكات بين الرعاة حاملي السلاح والمزارعين اما سياسياً مازالت الامور تسير كما هي قبل الثورة فالولايات متأخرة خطوة عن الفترة الانتقالية ليس هنالك جديد على الصعيد الاداري حيث تتم ادارة الولايات بحكام الولايات العسكريين بأمر الواقع يسيرون دولاب العمل امنينا ما امكن وإدارة الفصل الاول بصرف المرتبات، ولكن هنالك خبايا وأمور كثيرة وتفاصيل بتلك الولايات من الصعب عليهم ادراكها وفهمها وبالتالي قد يؤثر ذلك على حسن ادارتهم بالشكل المطلوب. والمقلق ترك امر ادارة الولايات الي ما بعد توقيع اتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة كما ان الوثيقة الدستورية لم تفصل مواقيت وإجراءات تعيين الولاة (حكام الاقاليم) الامر الذي سيفاقم من المشكلات . الامر الملح الذي يواجه حكومة الفترة الانتقالية الاهتمام بالولايات بشكل اكبر نحو تحقيق السلام ودعم الولايات سياسياً واقتصادياً وإداريا بعناصر تتمتع بالكفاءة وفرض الامن وهيبة الدولة والسيطرة على انتشار السلاح والتفلتات الامنية خاصة بألاماكن المتأثرة بالنزعات والحروب، وإعادة الثقة المواطنين في الدولة حتى تعود الاوضاع الي سابق عهدها في ظل ظروف سياسية واقتصادية صعبة جداً قلة الموارد بالولايات ، فاذا نجحت حكومة في ادارة الولايات ستنجح في ادارة الفترة الانتقالية والعكس. هنالك الكثيرين ضمن منظومة النظام السابق اما بصورة واقعية او بسبب ظروف الحياة فالبعض كان مجبراً لإظهار تأييده ومولاة النظام السابق ولو ظاهرياً ، اما البعض الاخر فكان بانتماء حقيقي سيكونون غير مؤيدين وداعمين للأوضاع الجديدة فمنهم من فقد وظيفته السياسية امثال المعتمدين والوزراء السابقين الذين لا يستطيعون العودة الي حياتهم الطبيعية مثل صغار الموظفين والمعلمين او منسوبي الحركات وكل من تذوق طعم السلطة سيشكون معارضة بمجالس المدنية ويحتاجون الي العودة الي دولاب العمل والإنتاج وحثهم على المصلحة الوطنية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة